تصنيفات مسرحية

الأربعاء، 11 سبتمبر 2019

مسرحية " ثورة الاطفال " توليف : حيدر علي الاسدي عن قصة: حيدر المحمداوي

مجلة الفنون المسرحية
الكاتب حيدر علي الأسدي


((هذه المسرحية مهداة للأطفال الذين توفوا بمرض السرطان في العراق))


الشخصيات : 
طفل 1 
طفل 2
طفل 3
الطبيب
الام 

                                            المشهد الاول
((داخل مستشفى للأطفال ، يبدو بعض الاطفال في الانتظار واخرين على سرير المرض ، بينما في منتصف المسرح طبيب بهيئة مكفهرة يتناول الطعام بشراهة ويتجاهل صرخات الاطفال))
الطبيب : اصمتوا ايها الاطفال المشاكسون ، اصمتوا والا .....اصمتوا لاتناول طعامي....ايها المزعجون... 
طفل 1 : اني اتألم....اه ...اه ...اه ...بطني...راسي ...ظهري....
الام : ارجوك يا دكتور ....ابني يموت ...انقذه ...انقذه....(تتوسل به وهو غير ابه بتوسلها)
الطبيب : انتظري يا امراة ...انا لا استطيع العمل دون ان اكل...
الام : الا يمكن ان تؤجل الطعام قليلا ...
الطبيب : لا طبعا (يستمر بالأكل)
طفل 2 : امي بطني تؤلمني ، تؤلمني جداً....
(يبدو دخول بعض الاطفال ولا يجدون لهم سرير فينامون ارضاً)
طفل 3 : طابور طويل ، والاسرة ممتلئة ....ما العمل يا امي؟ ( المراة هنا تؤدي شخصية ام لجميع الاولاد)
المراة : هدأ من روعك ....سينتهي كل شيء بعد قليل ...
الطبيب ( بشيء من الضجر) – لما لا يأخذوا مكاننا هؤلاء الاطفال الاغبياء ليروا حجم التعب والجهد الذي نبذله ..نحن لا ننام لحظة بسبب امراضكم..!
طفل 2 (بشيء من الذكاء) – نأخذ مكانه...
(طفل 1 و2 و3)
- نأخذ مكانه ....فكرة جميلة ...
(اصوات صرخات طفل تختلط بأصوات فوضى)

                                       (المشهد الثاني)
(تنجلي الاصوات بعد لحظات يبدو خلالها الاطفال جميعهم يرتدون زي الاطباء : الصدرية البيضاء)
طفل 1 : انا طبيب جراح
طفل 2 : وانا طبيب عيون 
طفل 3 : وانا طبيب اسنان 
طفل 1 (للاثنين) – هي انتم .....اننا اسقطنا عرش ذلك الطبيب صاحب الكرش والمتضجور والمبتئس والذي يخيف الاطفال بوجهه المرعب ، اخرجناه حتى نكون مكانه لمساعدة الناس ، وليس ارتداء هذه الملابس وحسب .
طفل 2 : منذ يومان ولم يزرنا احد...ما العمل
طفل 3 : هل يعقل ان هذه المدينة لا يمرض سكانها؟
طفل 1: هل انت ابله ....المرض متفشي في كل مكان ...
طفل 3: اذن ما العمل ...ننشر اعلانا..
طفل 2: اعلان ؟؟!!
طفل 3: نعم وندعو الناس لزيارة المشفى
طفل 2: هل انت احمق : وهل المشفى حديقة حيوانات ؟
طفل 3 : بل ندخل الرعب لقلوبهم ...
طفل 2: كيف
طفل 3 : نقول لهم ان الوباء قد تفشى في المدينة ...
طفل 1 : وماذا بعد ؟
طفل 3 : سيأتون مسرعين لنا ، وسنتعلم حينها من خلالهم كيفية معالجة المرضى ...
طفل 2: حيلة.....نجعلهم حقل تجارب.
طفل 3: لخدمة الناس والمرضى 
طفل 1: ولكننا لا نجيد حتى استخدام سماعة الطبيب...
طفل 3: انت ايها الابلة اصمت وسيكون كل شيء على ما يرام...
(يكمل طفل 3) – خذ اذهب وانشر هذا الاعلان في ارجاء المدينة ..

                               (المشهد الثالث)
(يدخل رجل مصاب بجرح خطير يبدو انها عضات كلب)
الطبيب : اسعفوني ....عضني كلب مسعور...اين الاطباء انجدوني..
طفل 1 : ويلي هذا الطبيب نفسه ...
طفل 2 : دعه ينتظر..
طفل 1 (بسخرية) –عجزنا ونحن نوصي الاطفال بالابتعاد عن الكلاب السائبة...
طفل 1 : انه مصاب الم نؤدي القسم على ان نحفظ كرامة وحياة الانسان وان نساعد الجميع بعدالة وانصاف؟
طفل 3 : غبي هل صدقت بانك طبيب...عن أي قسم تتحدث!!
طفل 1 :الناس يطلقون علينا ملائكة رحمة وسلام ...يؤمنون حياتهم ورقابهم بين ايدينا...
طفل 2: (بتعجرف) - دعه ينتظر (الطبيب يأن من الوجع والالم)
طفل 1: الهذا السبب فجرنا ثورتنا على ذلك المدير ...ما الفرق بيننا الان؟
طفل 3 ( باستغراب) – ثورة! هل نحن في حلم ام علم؟
طفل 2 : اصمتا والا زرقتكما ابرة تجعلكما تنامان اسبوعاً كاملاً!
طفل1: ابرة انا اخاف الابرة ..طيب افعل ما يحلو لك ...في النهاية انت المذنب...!
(الطبيب يتوسل بالأطفال)
-ارجوكم عالجوني ، انا بعمر اباؤكم بل بعمر اجدادكم !
طفل 3 : ونحن كنا بعمر اولادك
طفل 2: عليك ان تتعود الانتظار يا دكتور...
طفل 3 : عشرة اطفال توفوا قبل سنوات وهم ينتظرونك....
الطبيب (بتأمل وبهدوء) – عشرة اطفال ، قبل عشرة اعوام!
طفل 3 : كانوا يأنون ، يتوجعون من الانتظار....لم تسعفهم قط ...لم توفر لهم أي دواء...ماتوا بسرطان الدم ، لم توفر لهم لا انت ولا مشفاك العلاج اللازم...
طفل 2: كانوا اصدقائي...نعم اصدقائنا كلنا ...زملائي في الدراسة ....احدهم كان يجلس معي في ذات الكرسي...
طفل 1 : واحمد كان مليئاً بالسعادة والفرح ، طفلُ مرح ، مرح جداً ، انطفات ضحكته...
طفل 3 : الويلات تجمعت علينا ، فالنفط يحرقنا ، وانتم تذبحونا ...نموت ببطيء في هذه الامبراطورية...!
الطبيب : نذبحكم ( باستغراب)
(يكمل الطبيب )
-لم اقتل يوما أي مريض ..انا طبيب ناجح ، طبيب ماهر ، لم يمت احداً على يدي قط...
طفل 3 : ماتوا من الانتظار غير المجدي ، ومن عدم توفر الدواء، ماتوا بحسرة اعمارهم ، بعمر الورد والربيع قطفهم القدر دون رحمة وبمساعدتكم ...!
الطبيب : بابا ...بابا (برأفة) انتم اطفال ، من علمكم كل هذا الكلام ، انه كلام غير دقيق غير صائب ...لا يمكن ان تتركوا مريضاً يعاني هكذا ..ساموت يا اولادي...
الاطفال جميعا: وماذا تريد الان؟
الطبيب : العلاج ...!
الاطفال جميعا : ومن يعالجك ؟
الطبيب (بهسترية يجلب لهم المعدات الطبيبة)
-انتم ..انتم من تعالجوني ، هيا ، الم تؤدوا القسم بالحفاظ على حياة الناس...
(الاطفال يضحكون بسخرية)
الطبيب : ساموت عالجوني ارجوكم اسرعوا...
طفل 3 : ومن الذي يعالجك يا دكتور..نحن مجرد اطفال صغار...
طبيب : بل انتم اطباء..تكذبون ..عار عليكم الكذب..الاطباء لا يكذبون..
طفل 2 : ولكنك كنت تفعل ذلك....اذكر ذات مرة اجبرت ابي ان يشتري الدواء من الصيدلية المقابلة لعيادتك...كنت تكذب علينا فابي اكتشف ان هذا الدواء يباع بصيدلية اخرى باقل من نصف سعره...
الطبيب: انسوا...انسوا الماضي....وهيا عالجوني..عالجوني وسامنحكم الف دولار..
طفل 1 (بانبهار) الف دولار ! كم قطعة ميلودي في الالف دولار يا اصدقاء
طفل 3: همك بطنك ....الشوكلاته تسبب الامراض...الم تسمع ذلك من المعلمة!
طفل 1 : ولكنها لذيذة..
طفل 2 : انظر لاسنانك ياكلها التسوس...
(يقاطعهم الطبيب) 
-اتركوا عنكم هذا ساجلب لكم كل شيء ، حلوى ، والعاب ...عالجوني فقط...انا متوعك ..الالم ياكل جسدي ، يقطع اوصالي...
طفل 1 : هل انت ابله ...من الذي يعالجني
الطبيب : انتم ؟
الاطفال : نحن اموات يا ابله....قُتلنا بمشرط جشعك...نحن مجرد ارواح ...ارواح محلقة تنشد السلام لبقية الاطفال، جئنا لهذا المشفى لنحافظ على ما تبقى من ارواح اصدقائنا...
الطبيب : مستحيل...اني اراكم ...انتم حقيقة ...
طفل 3: بل مجرد وهم يقض مضجعك...
طفل 2 : اللعنة التي تلاحقك...
طفل 1 : ذاكرتك...في بقايا العمر....
الطبيب : سأموت....ساعدوني...!
طفل 3: كان يصرخ هكذا العشرات....
الطبيب : اين الطبيب ..اريد الطبيب ، الا يوجد طبيب في هذا المشفى....
طفل 1 : مجرد مكان مهجور...الجميع قد غادر...
الطبيب : مستحيل...كان معي العديد من الموظفين والاطباء..
طفل 3 : الجميع قد غادر 
طفل 2 : لم يتبق سواك...
الطيب : وانتم؟
الاطفال : مجرد ارواح ...جمل تدور في مخيلتك ....مفردات تقبع في ذاكرتك...
الطبيب : (بسهتيرية) مستحيل ....مستحيل ...اني نادم ...لا تتركوني...ارجوكم ...انا نادم...انا اسف.....اعتذر لكم ..اعتذر...
((الاضاءة تتحرك بصورة تثير الرعب داخل خشبة المسرح مع صرخات الطبيب والاطفال يلقون جمل بصورة حزينة وهم يخرجون... وبصورة جماعية وهم يدورون حول المسرح وكأنهم يغادرون)) : 
-هذا العالم دونما اطفال ، كالسفن بلا اشرعة ، اهتموا بنا...نحن زينة الارض وشراع سفنكم في هذه الحياة.....لا تتركونا على اسرة المرض دون دواء ..لا تبتئسوا في وجوهنا...لا نقوى ان نرى الخراب في عيونكم ...ولا نقوى ان نستفيق على كوابيس الغربان وصرخات الجشع المقيت.....لا تقتلوا البراءة..لا تقتلوا براءتنا...

                           ((المشهد الرابع)) 
((ظلام المسرح كاملا ...صوت جرس ...اضاءة كاملة ...يظهر طبيب يجلس على كرسيه وبجانبه سرير العلاج ، وينادي على الطفل التالي من اجل فحصه ....)
الطبيب: هيا يا بني ، ايها الطفل الجميل ، لن اؤذيك انا ساعالجك وستكون بصحة جيدة وتعود للعب مع اصدقائك...هيا يا حبيبي ايها البطل...ستكون بخير صدقني ستكون على ما يرام...
((ضحكة جميلة لطفل صغير جدا من خلف الكواليس .....وظلام تام))

                                                              ستار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق