مجلة الفنون المسرحية
وداعا أحمد الصــــــــعري
لحسن ملواني ـ المغرب
كما ترحل الطيور نحو عوالم أخرى بعد أن تتحف أسماعنا بأغاريدها الجميلة وتمتع أعيننا بأشكالها البهية وحركاتها الفريدة، يغادرنا مبدع آخر...مبدع سخر مواهبه من أجل الإفادة والإمتاع لجماهير أكثر من جيل ...
فجأة يرحل عنا أحمد الصعري الذي جسد كثيرا من المواقف عبر الركح وعبر السينما والتلفزة المغربية ..مواقف ترَبِّي فينا مبادئ المروءة الشهامة والإخلاص ، ومواقف ترينا كيف تكون الخيانة والظلم مصدرا للدمار والعنف وفساد العلاقات...
مبدع ولج ساحة المسرح في عمر الزهور لتشرق موهبته فتعطيه الانطلاقة القوية في مجال ليس بالهين ولا بالسهل، مجال يتطلب ملكات متنوعة متكاملة قلما تتوفر مجتمعة في فرد واحد (التحكم في الجسد ، التلوين الصوتي ،تجسيد الانفعالت ...)، عاش وتفاعل مع مبدعين كبار ومشاهير في المسرح المغربي أمثال المرحوم الطيب الصديقي وعبد الصمد الكنفاوي،والطيب العلج ،ومحمد الحبشي ومحمد عفيفي وغيرهم ، وبذلك تمكن من إبراز شخصيته الفنية الفريدة عبر فرقة المعمورة وفرقة الطيب الصديقي فمثل في الكوميديا وفي التراجيديا فأجاد وعبر بعمق..
عاش مبدعا شبيها بالمرحوم عزيز موهوب " فنان مقتدر احترم نفسه واحترم إبداعاته حين أداها بإحكام وإتقان بعيدا عن الأدوار الخادشة للحياء ونبل الأخلاق المتعارف عليها في المجتمع المغربي والعربي …ممثل مربي للكبار والصغار عبر تشخيصاته الدرامية المتنوعة الحاملة لهاجس الإصلاح الأخلاقي ضمن مواقف عميقة الوقع على وجدان الجمهور المغربي وغيره".
عاش المرحوم ممثلا مسرحيا ولم يتجاوز عمره السادسة عشر عاما ، ومكنه تفوقه الفني من تبوء منزلة الأستاذ بالمعهد البلدي للرقص والمسرح والموسيقى وكان له الفضل في تكوين وتخريج ممثلات وممثلين صارت لهم قدم راسخة في مجال التمثيل والتنشيط.
عرف الفقيد بعمله الإبداعي والنضالي الذي يقتضي الصبر والإخلاص والتفاني في أداء رسالة الفن والإبداع وفي مقدمتها التنوير والتوجيه إلى سبل اكتساب القيم النبيلة.
خَلَّف الراحل أعمالا ماتعة منها مشاركته مسرحيا وتلفزيا في "رسالة الغفران " و "مقامات بديع الزمان الهمداني " و"مدينة النحاس " وبنت الخراز" و "مي تاجة " و "الرسالة"....
اليوم تغادرنا يا أحمد إلى دار البقاء كما رحل من قبلك مبدعون حملوا رسائل النبل من أجل إفادتنا وإمتاعنا ...فتقبل الله منك خالص الأعمال وأسكنك فسيح جنانه ورزق أهلك الصبر والسلوان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق