مجلة الفنون المسرحية
المؤلف حيدر حسين |
المكان بيت بسيط في وسط المسرح كرسي وإلى يمين المسرح خزانة للملابس وإلى يسار المسرح مرآة عمودية الشكل.
الأستهلال
اصوات شجار وصرخات تتعالى والإضاءة تشتعل و تنطفئ بسرعة، الإضاءة تختفي شيئا فشيء، وتبدأ بالظهور بقعة صغيرة على الشخصية وهي تتمركز في وسط المسرح.
الشخصيات:
الأب_رجل في الخمسين من عمره.
الأم_ مرأة ثرثارة للحد الذي لا يطاق.
الإبن_ شاب في العشرين من عمره.
الأب: يا سلام....... يا سلام ..... يا سلام ما أجمل تلك السنون التي انقضت من حياتي وما اصعبها وأنا أعمل من الصباح حتى المساء من أجل أن يكون لدي بيت، بيت لي وحدي، بيت منعزل خالي من الغرباء، بيت يكون الأمان لي ولزوجتي، ولأبني اااااااه بني...... اااااااه ابني الكلب ابن الكلب الذي سوف يرث هذا البيت على الحاضر، كم هو محظوظ هذا ابن ال.......... .
الأم: ( وهي واقفة أمام المرآة) كفاك شتماً ولعناً على فلذة كبدي وقرة عيني الذي خرجتُ به من هذه الحياة.
الأب: أنتم جميعا لا تدركون ماذا فعلت وعملت وأنا أحافظ على هذا البيت، الذي أشم فيه ريحة أمي وأبي وجدي وجد جدي وجدي وجدي السابع عشر.
الأم: (مُتعجبة) لماذا الكذب ها، وأنا اتذكر بأنني حامل بفلذة كبدي وأكملنا بناء هذا البيت؟
الأب: أنا اقصد هذه الأرض التي بُنيت عليها هذا البيت.
الأم: حتى هذه الأرض اشتريناها من رجل أراد أن يهرب من هذه البلد، عندما كُتب على داره مطلوب حياً او ميتاً، ما دخل اجدادكَ العظماء بالأمر.
الأب: قطع الله هذا اللسان، أنا أقصد بأنني انتمي إلى هذه الأرض شيء في الجينات، انتمي إلى كل شبر من هذا البيت وأرى شبابي الذي أخذته الأيام وأنا أفكر في البيت، ااااااااه، على هذا الحائط بكيت للمرة الألفين عندما فارقتني أمي وهي تقول (يمه الما عنده بيت ما عنده وطن) وانا أبكي و أصرخ أماه أنا لا أملك الأثنين.
يدخل الأبن( يرتدي قبعة رأس وحامل بيده حقيبة وفي اذنية سماعة هاتف، والهاتف في يده الأخرى)
الإبن: نعم، نعم كيف سوف تكون الخطة هذه المرة؟ أنا أفضل أن ندافع
الأب: نعم، ندافع فأنا دافعت طوال عمري عن هذا البيت في جميع صراعاته مع الجيران وغير الجيران.
الإبن( بعصبية) خطرت على بالي فكرة عظيمة، ما هو رأيك أن نتحول من الدفاع إلى الهجوم، ونُهاجم بالرمان.
الأب: ماذا الرمان؟ سوف أقصد يديك إذا وصلت إلى شجرة الرمان التي في الحديقة.
الإبن: كفى يا أبي أرجوك أريد أن أركز.
الأب: تركز وأنت تهدر ثروة هذا البيت، لا والف لا، ماذا أقول لأبي وجدي وجدي جدي السابع عشر الذي كان يحب الرمان.
الإبن: (يفصل سماعة الأذن) أبي لمَ تشوش علي وأنا أتصل؟
الأب: ماذا تتصل؟ لكنك لم تستخدم هاتفك الخلوي.
الإبن :لا يا أبي كنت أتصل عن طريق سماعة الأذن هذه، أنها أختراع جديد.
الأم: بني أبيك لا زال يعيش في العصور القديمة.
الأب: نعم، قد أكون متخلف في هذه الأشياء، لكن العصور القديمة كانت جميلة بحكاياتِها وجلساتِها الرائعة، وأتذكر حكاية قصها لي والدي عن جدي السابع عشر وهو يقول...... .
الأم: أترك أجدادك العظماء في قبورهم وعش حياتك هذه، وإلا أنزلت عليهم وأبل من الشتائم القديمة والمستحدثة.
الإبن: عندما أرى وأسمع معاركم أنتِ وأبي أقول في نفسي كيف أتفقتم على الزواج؟ وكل هذه المشاكل وأنتم لازلتُهم مرتبطين.
الأب: يا بني هذه أمك رمز للصبر والتحمل والحب، عندما كنت انشغل بالدفاع عن البيت كنت أعلم بانني تركت خلفي امرأة بألف رجل، ورغم ذلك أنت تعرف بأني هنا أنا المسيطر والأمر الناهي.
الأم: يا بني أبوك هذا درعي الأول و ملاذي الذي احتمي به، والآن أصبح يُخرف ويقول هو المسيطر على البيت، أنا المسيطرة هنا والكل يعلم.
الأب: أنا المسيطر.
الأم: بل أنا .
الأب قلت لكِ أنا .
الأم: بل أنا.
الإبن: بل هم المُسيطرون على كل شيء، وأنتم تقولون نحن.. نحن ... نحن، وأنتم مجرد دمى فقط، صدقوني.
الأم: ماذا دمى ومن قال لك، ها، هيا قل.
الأب: هذا إتهام خطير لسيادة البيت وأمنه الداخلي.
الإبن: العالم كلهُ يعرف أننا بلا سيادة.
الأب: من هذا الذي خرب قواعد عقلك؟
الإبن: أبي.... أرجوك.
الأب: هيا قل من هذا.
الإبن: أنه جارنا المجاور، يتحدث بعلو صوته، أنا اتحكم ببيت سيد وطن.
الأم: ما هذه المصيبة كيف لو سَمعن أخواتي ونساء المنطقة.
الأب: ماذا، هذا الجار الذي لطالما كان جدي السابع عشر يعطف عليه، وجدي الذي جعل له حساب ومكانة في هذه المنطقة.
الإبن: يجب أن نرد على هذا الجار.
الأب: نعم، ومن خلال الحروب السابقة والمعارك الطاحنة التي خضتها، علينا ان نُحلل هذا الجار تحليلاً مُستفضاً، حتى يتسنى لنا الإنتصار على هذا الجار، بني قل لي ما هي أهم الأشياء التي يرتكز عليها هذا الجار؟ وبالتفصيل رجاءٍ.
الإبن: الجيش، يمتلك اثنان من الأولاد.
الأم: دائما كنتُ أقول لك تحمل قليلاً ودعنا ننجب طفلاً أخر، وأنت قضيت عُمرك، ظهري يؤلمني، شجرة الرمان تحتاج إلى الماء، وحتى ذات ليلة أراد أن يسقي الشجرة والسماء تمطر، لكنني ارغمته على البقاء وتكللت هذه الليلة بالنجاح، وحملت بكَ بني.
الأب:( بفخر) نعم، أتذكر تلك كنت شامخا صلبا واقفاً.
الأم: هارباً، متخاذل، تبحث عن الأعذار في ثقب أبرة.
الأب: أنا مُتخاذل ، وأنتِ تُسربين معلومات البيت عن أي تخاذل تتكلمين؟
الإبن: أرجوكم هم يريدون أن نصل إلى هذه المرحلة ونتقاتل بيننا.
الأب: نعم، نعم أنا آسف، ما هو رأيك يا بني ماذا نفعل.
الإبن: يجب أن تكون لنا فلسفة جديدة ورؤيا مختلفة عن تلك التي يستخدمها هذا الجار.
الأب: نعم، يجب إيجاد فلسفة جديدة.
الإبن: بالله عليك أتعرف ما معنى الفلسفة؟
الأب: ااااااااااي.....ااااااااااي ، لا لا أعرف.
الإبن: وهذه هي الكارثة أنت بقيت عايش بأيامك القديمة وانتصاراتك المزعومة، ونسيت أن العالم قد تغيير وأصبحت الحروب بلغة جديدة كالجيوش الإلكترونية والدعايات والإعلام.
الأب: كلامك هذا المملوء بالمصطلحات الغربية عليّ اجهله بالفعل، لكن لا تنسى بأنني رجل المعارك الحقيقة.
الابن: زمن الحروب قد ولى وذهب، الذكي الآن من يحاول أن يبعد كلّ شيء مضر عن بيتيه واهله.
الأب: هههههههههه، نعم أنا الذكي وقد خطرت في بالي خطة.
الأم: أنا أعرف عقلك حتى حين يشتغل نذهب بأفكارك إلى الهلاك.
الإبن: أمي أرجوكِ، قد تكون فكرة رائعة، تفضل أبي ما هي الخطة ؟
الأب: الخطة هي الهجوم، أنا وأنت سوف نهجم.
الإبن: ماذا نهجم لكنهم أكثر منا في العدة والعدد، وأعتقد بأنني قلت لك هنالك طرق لتفادي الحرب وأنت تزج بنا في وسط النار.
الأب: اذا كنت بحق ولدي، هيا لندافع عن هذا البيت.
الأم: حقا أنت قد جننت.
الإبن: الزمان قد تغيير وهذه حرب خاسرة قبل أن تبدأ، أرجوك أبي أتوسل إليك.
الأب: هذا قراري الأخير واذا لم تنفذه لست ابني ولا أنا أباك.
الإبن: حسناً، يا أبي حسناً هيا لنذهب.
الأم: أنفطر فؤادي من الآن وذبلت كل اوراقي وأنا أراكم تذهبان بلى رجعة.
الإبن: لا تخافي يا أمي سوف نرجع قريباً.
(يخرج الأب والإبن من المسرح بصورة عسكرية)
(لحظات حتى رجع الأب وحيداً يحاول أن يمشي، ينظر إلى زوجته ويبدأ بالضحك.)
الأب: نعم، نعم كنت أعلم بأننا سوف ننتصر.
الأم: أين ابني؟
الأب: بكل الحروب التي خضتها نذهب عشرة آلاف ويرجع من المجموع الكلّ اثنان لكن المهم أننا أنتصرنا.
الأم: أيها المجنون تقول أنتصرت وفقدت ولدي!!!
الأب: نعم أنتصرنا كما أنتصر بالأمس أبي وجدي وجدي السابع عشر تذكرين.
الأم: كل حروبكم هي خسارات أيها المجنون اي أنتصار؟ والأمهات تثكل والنساء ترمل والأطفال تيتم تبا لكم ولحروبكم وقاداتكم أيها العائد المخبول.
الأب: أنتصرنا.... أنتصرنا
الأم: أيها المجنون ليتني لم أخرجك من مستشفى المجانين تلك التي كانت تجمعكم أيها الهاربين، انهزمتم وكسرتم و وخسرتم عقولكم.
ستار
* للتواصل مع الكاتب
haiderrrrrrrhussein1994@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق