تصنيفات مسرحية

السبت، 4 يناير 2020

رهين بين حبين

مجلة الفنون المسرحية


رهين بين حبين

         علاوة وهبي

يقول رولان بارت( ركح المسرح عبارة عن الة جهنمية ما ان يفتح الستار حتي تبدأ في ارسال رسائل عديدة نحو المتلقي في القاعة. )
وما ان تبدا هذه الرسائل حتي تبدا مراكز الاستقبال عند المتلقي. المتفرج في تحليل شيفرتها  والقبض علي دلالتها .تلك لعبة المسرح  .والمخرج الذكي من يعرف كيفية توظيف ذلك في العرض.ليشد المتفرج وايصال ما اراده اليه.او دفعه الي طرح الاسئلة حول ما يشاهده علي الركح.
رهين العرض الذي انتجه مسرك باتنة الجهوي واخرجه بوزيد شوقي 
تخليدا لروح الممثل الراحل محي الدين بوزيد الذي ابدع بشكل خاص في اداء دور هولاكو في مسرحية سلطان  القاسمي بنفس العنوان واخراج لطفي بن السبع .رهين جسد شخصياتها الممثل القدير محمد الطاهر زاوب والممثلة المبدعة نوال مسعودي الي جانب عناصر اخري .وكتب نصه الكاتب محمد بويش الذي اعلن ما مرة انه يشتغل علي المدهش في المسرح .اي انه يعمل علي خلق  الدهشة عند المتفرج  مما يشاهده علي الركح.
رهين اذن يمكن تصنيفه في هذه الخانة الادهاشية. و والاندهاش فيه ربما ياتي من عدم تحديد انتمائه.
فقد اراده الكاتب نصا يمكن ان تكون احداثه قد وقعت في اي دولة .دون تسميتها علي وقع خلفية اصوات متظاهرين في الشوارع طالبين تغيير سلطة الحكم القمعية.
ورهين كما تم عرضها يمكن القول انها قصة حب. ولكنه حب مزدوج. وهي اقرب الي المونودرام منها الي النص متعدد الشخصيات او ان شئنا قلنا انها ثريو درام علي اعتبار شخصيتين اخريتين الي جانب الشخصية الرئيسية.

وتبدا بمناجاة بين البطل . والحبيبة التي لا نشاهدها انما نسمع صوتها فقط ورهين الذي يوجد محبوسا في قبو بناية لا نعرف جريمة حبسه ولكننا نحضر تعرضه لعنف السلطة الممثلة في حراسه في القبو وفي استنطاقه .ثم الطلب الغريب الذي يطلب منه وهو وضع لفافتين من التبغ امامه والطلب منه تدخين واحدة منهما اللفافة الاولي هي لفافة الحبيبة واللفافة الثانية هي لفافة الوطن وعليه ان اراد حريته تدخين واحدة منهما  .عليه ان يضحي اما بالحبيبة او بالوطن .انه الاختيار الصعب بالنسبة له هو الذي يعيش حبين لا حب واحد .حب الحبيبة حورية وحب الوطن واي ما كانت التضحية فهي صعبة اذ تعني التضحية بالواحد تضحية بالاثنين معا..هل يضحي بالمرأة وهي تعني فيما تعنيه الوطن ام يضحي بالوطن وهو يعني فيما يعنيه المراة الحبيبة اي انه في كلتا الحالتين مضحي بالاثنين .وتلعب العصابة  علي الاعصاب معه محاولة ارغامه علي القيام بما تطلبه منه ومغرية اياه بالحرية التي سيحصل عليها ان هو نفذ طلبها ودن واحدة من تللفافتين ولكن اليس الحرية حي الحبيبة والتي تحمل اسم حورية. وان هو ضحي بالوطن الا يعني انه ضحي بالحبيبة فالعاشق حبيبته المراة والمناضل حبيبته الوطن .معادلة صعبة والاختيار اصعب منها  لكن مثلما يلعب السجان علي اعصاب السجين يلعب السجين كذلك علي اعصاب السجان والايهام بانه قد اختار التضحية باحدي الحبيبتين كما طلب منه ولكنه لا يفعل في نهاية الامر بل يدفع بالسجان الي الانهيار مسجلا انتصار العاشق والمناضل علي الطاغية المتسلط.
علي مستوي الخراج لجا شوقي الي اللعب علي الاسود وعلي ركح عاري تقريبا مع استخدام صور الممثلين بالحجم الطبيعي في الخلفية واعتماد الاسقاطات الضوئية مع حجب وجه الممثل في اغلب الاحيان وكاني به لا يريد من المتفرج معرفة هوية الشخصيات.الي جانب استخدامه الاشكال الهندسية في تقسيم الركح  باجساد الممثلين الذين تجدهم وقوفا احيانا في شكل مثلث واحيان اخري في خط مستقيم او في شكل نصف دائري يوحي بالتطويق للشخصية الرئيسية .الي جانب استخدم قطع متنقلة لتكون احيانا باب القبو واحيان اخري نافذة للقبو منها تطل رأس الحارس
ان اعتماد تلانارة العمودية له مدلوله في العرض الفوقية .اي نظرة الطاغية الي الشعب وانكسارها في نهاية الامر يعني انكسار شوكة وسلطة الطاغية.

ليصرخ البطل في نهاية العرض 
ايها الطن اننا نحتاجك فينا وتحتاجنا فيك لتنتصر.

رهين اذن الذي لا نعرف عنه اي شيئ هو رهين حبين حب الحبيبة حورية وحب الوطن الذي هو رهين في يد طغمة متسلطة..وقد تمكن شوقي بهذا الاسلوب مع الكاتب محمد بويش الي دفعنا فعلا الي طرح الكثير من الاسئلة حول ما يقصده الكاتب بنصه الذي كتب بلغة شاعرية جميلة وكذا عن مقاصد المخرج من استخدام ما استخدمه من التشكيل الهندسي في تقسيم ركح المسرح  واعتماده التجريد في لوحاته المشكلة علي الركح من اجساد الممثلين .والظاهر ان بوزيد الذي يحب التجريب والظهور في كل عرض له بما لم يظهر به من قبل يسعي في كل مرة الي خلق هالة من الانبهار عند المتفرج هو اختيار حاز به بوزيد الاعجاب واظهر قدرته علي استخدامه في جل اخراجاته السابقة
.تجدر الاشارة ان هذا العرض سيكون حاضرا في مهرجان المسرح العربي في الاردن.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق