مجلة الفنون المسرحية
حوار في المسرح مع الكاتب المسرحي جاسم المنصوري
- الطرق المفروشة بالورد لا تنتج مبدعين و المخرج هو الكاتب الثاني للنص
حاوره – عدي المختار
الى جنوب القلب حيث السياب والبريكان ومحمود ابو العباس في بصرة العراق وثغره الباسم الذي انجب فحول الادباء والمبدعين في المجالات شتى , وعلى انغام البلام في العشار وحرارة القلوب في الفاو ولد كاتب مسرحي وهو يدندن شعراً ليتحول الشعر الى جنون مسرحي ذلك هو الكاتب المسرحي العراقي جاسم المنصوري الذي جلسنا نتجاذب فيه اطراف الحدث عن الكتابة والمسرح والوجع العراقي .
· لو طلبنا منك بطاقة تعريفية كيف تعرف جاسم المنصوري ؟
- جاسم المنصوري ، شاعر وكاتب مسرحي ، اعلامي وعضو نقابة الصحيفين العراقيين ، من فاو البصرة .
· هل ثمة شيء لازال عالق في ذاكرة طفولتك؟
- تمتد من وجع الـــ 67 19 الميلادية حتى تنسحب راكضة ببطء فوق سكاكين الحرب وعوز الحصار المر وتداعيات القلق والحزن ، ويكبر العمر اغنية ارددها دائما ( عد وآنه عد ونشوف يا هو اكثر هموم)
· -حدثنا عن القراءات الاولى لمن كانت ؟
- فتحت عيني على شيئين مهمين جداً ، تشكلت قراءاتي عليهما فيما بعد ( انشودة المطر للسياب ، وخمارة القط الاسود لنجيب محفوظ ) فكانت البداية القلقة والموزعة بين الدراما والصورة الشعرية ، فكنت اذوب وانا لم ينبت شارب لي بعد بقصيدة غريب على الخليج والمخبر وعرس في القرية وغيرها
· كيف كانت بداياتك في هذا المجال ؟
- عشقت المسرح ، وانبهرت كثيرا لمشاهداتي الاولى في الدراسة الابتدائية والثانوية ، وكنت اتعجب كثيرا لتلقائية الممثلين وعدم خوفهم ورهبتهم من الجمهور ، وهم يتنقلون على خشبة بلا ستارة ولا اضاءة ولا مؤثرات صوتية تذكر ، فننبهر بالجرأة التي يمتلكونها زملائنا الطلبة ، فقررت ان اقرأ بما يتوفر من نصوص مسرحية للأطفال أو الفتيان ، فقرأت محاولات الفنان الكبير قاسم محمد وسعدون العبيدي في هذا المجال ، بعدها قررت ان اكتب نصاً مسرحياً ، فكان نصاً مشوهاً بلا ملامح بلا آلية حقيقية ، اي بلا حدث درامي مهم ، ثم قرأت من الادب الانكليزي مسرحيات شكسبير فكنت اشرد في خيالي كثيرا وانا اتطلع لتلك الشخصيات المبهرة التي يحركها شكسبير بدقة متناهية وحبكة درامية مذهلة ، فكتبت نصوصا للأطفال بمشهدين تم تنفيذ بعض منها
· هل كان الطريق مفروش بالورود ام ثمة عقبات؟
- الطرق المفروشة بالورد لا تنتج مبدعين ، المعاناة وحدها جديرة بخلق الانسان الكاتب المتميز ، فواجهتني ومثلي الكثير ، عقبات البداية الصعبة منها (من يقبل ) ان ينفذ عملا لكاتب مبتدأ مغمور ؟ فكان التحدي ونفذ لي عمل مسرحي بثلاث فصول داخل مدرستي الثانوية ، لمهرجان المسرح المدرسي في ذلك الوقت .
· ابرز محطاتك داخل العراق وخارجه ؟
- ابرز ما افتخر به هو حصولي على جائزة افضل نص مسرحي في مهرجان مسرح الاقضية والنواحي بمحافظة البصرة بنسخته الأولى ، فضلا عن الجائزة الأولى بمهرجان السفير الدولي ولسنتين متتاليتين لأفضل نص مسرحي فضلا عن حصولي على الجائزة الثاني في مهرجان الحسيني الصغير لمسرح الطفل للنصوص . وهو اول مهرجان خاص بالعروض المسرحية الحسينية للطفل يقام في جمهورية العراق وهو احد نشاطات قسم رعاية وتنمية الطفول في العتبة الحسينية المقدسة .
· تجاربك خارج خشبة المسرح ؟
- اعمل مديرا لقسم الاعلام والعلاقات العامة في الجامعة التقنية الجنوبية .
· هل تؤمن بالنقد ؟ وهل اثر في تجربتك؟
- النقد هو تشخيص واعطاء حياة جديدة للنص اي تحليله والغوص فيه لاكتشاف ما لم يكتشف للقارئ وبالتالي فأن النقد هو مرآة حقيقية للعمل خصوصا اذا كان الناقد واعياً ومدركاً للعمل أو النص ، وأنا الى الان لم انشر مجموعتي المسرحية لذلك ما تشرفت بأي دراسة نقدية حول ما كتبت ، لكن للأعمال التي نفذت لي حظيت بنقد مهم لكتاب ومخرجين وناقدين متميزين مثل الدكتور حميد صابر ودكتور حيدر دشر والفنان فايز الكنعاني وغيرهم .
· الكتابة فطرة ابداعية ام خبرة مكتسبة ؟
- تشبه ولادتك واسمك معك ، تجدها ضمن تفاصيل حياتك ، وتنميها وبعدها تأتي صقل الموهبة بالقراءة وتأشير الملاحظات على كل ما تراه .
· هل انت تطرب في مدينتك ام لازلت مطربة الحي لا تطرب ؟
- وانا كبقية الاخرين لا أطرب الا البعض منهم ، وهذا من سوء حظهم .
· هل اخذت نصيبك من الاعلام ؟
- الاعلام يسلط اضوائه على المنجز المهم ، ويبدو انني الى الان لم اقدم المهم .
· ابرز ما نجزت ؟ ولماذا تعده الابرز؟
- اعمال مسرحية للأطفال ، نفذ البعض منها ، واعمال مسرحية للكبار تنتظر من يمد لها بصره كي يلقيها شموع في ليلة مظلمة ، سيناريوهات افلام لمواضيع مهمة تحاكي الواقع وتغوص في همومه وتداعياته
· هل تؤمن بشراكة الكاتب والمخرج في انجاز العرض ؟
- المخرج هو الكاتب الثاني للنص ، هو قراءة اخرى بشرط ان لا يخرج من عباءة الفكرة والثيمة .
· من اي الامراض يعاني مسرحنا العراقي ؟
- من العروض الفقيرة والتي تقتصر على جمهور – النوع – بمعنى المختصين ، وهذا قتل مبرمج للمسرح ، على المسرح ان يكون مفتوحا ومباحا للآخرين مثل الهواء والماء ، ومتى ما خرج المسرح للشارع بغير ثوبه التجاري البائس ، اصبح مسرح ايجابي.
· المسرح العربي كيف تراه ؟
- يقول الناقد المسرحي المصري د. محمد الخطيب أستاذ التمثيل والإخراج بأكاديمية الفنون المصرية: "المسرح العربي يعاني من ضغوط كثيرة تجعله يخرج عن مساراته، وأعنى هنا تنوير المتفرج وجعله قريباً من واقعه ومشاكله، فالمسرح يحمل بين طياته أبعاداً سياسية مهمة لأنه اجتماع حر بين من يقدمه ومن يتلقاه لمناقشة قضايا ما، ومن هنا، تنبع خطورته"، لذا فأن المسرح العربي بحاجة ماسة مثلما كرة القدم العربية الان بحاجة ان يكون عالمياً ، وهي مهمة صعبة وعلينا جميعا قبول التحدي .
· كيف ترى موضوعه المركز والهامش ؟
- التهميش لا يقتصر على العاصمة حسب بل تعدى ذلك الى المحافظة والاقضية والنواحي ، لكن الكاتب الجيد هو من يتخطى بكتاباته ذلك النهر المقيت .
· هل انت راضٍ عن عمل وزارة الثقافة ؟
- انا اعتقد لو توفرت الامكانيات المادية لأي مؤسسة ومنها وزارة الثقافة بالتأكيد سيكون لها دور مميز .
· كيف ترى موقعنا كمسرحيين ( كتاب ومخرجين ) ضمن الخارطة العربية ؟
- الكتاب المسرحين العراقيين لهم بصمة واضحة في خارطة الوطن العربي بدليل حصولهم على جوائز مهمة في مهرجانات مهمة وانا هنا اسجل انحنائي لتأريخهم ومنجزهم الابداعي الثر، واتعذر عن ذكر الاسماء لأن القائمة تطول .
· كيف ترى غياب الجمهور عن المسرح وما هو الحل ؟
- اتمنى ان لا نصل الى مسرح بلا جمهور ، وانا اخشى هذه العبارة ، الى الان لدينا بعض منهم علينا ان نحافظ على ها البعض ونطور انفسنا كي نضم آخرين ، اما الحل فهو ان لا نكتب بالغة التي لا يفهمها حتى من هم داخل الوسط كي لا نورط الجمهور بعقدنا النفسية علينا ان نكتب لهم ومنهم واليهم ، علينا ان نكون بمسافة واحدة مع الجمهور لا ان نطلب منهم الصعود الينا ، وهنا المشكلة .
· الموضوعات في المسرح العراقي كيف تراها ؟
- اغلب المواضيع في المسرح العراقي هي لوجع عربي مشترك ، القليل منها يحاكي الوجع الداخلي المحلي .
· هل المهرجانات تصنع اسماء ؟
- المفروض على المهرجانات ان تعيد صياغة الاسماء بمعنى ان تجدد حيوية الكتاب والمخرجين والممثلين لا أن تقتصر على العلاقات المتبادلة ، لذا دائما نرى نفس الاسماء بنفس الوجوه ، علينا ان نصنع اسماؤنا دون ان تتدخل المصلحة في ذلك .
· ماهي خارطة طريقك المستقبلية من مشاريع ؟
- انجزت سيناريو فلما روائيا طويلا سأكون في غاية السعادة ان تم تنفيذه ، كونه يحمل قصة انسانية معبرة ، فضلا عن العمل على طبع مجموعتي المسرحية والتي يعكف على تنقيحها اساتذة ومختصين سترى النور قريباً
· كلمة اخيرة
- تعلمت من الكتابة ان الحياة جميلة جدا ان كان القلم يسجل تفاصيلها المرة والحلوة بمسافة واحدة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق