مجلة الفنون المسرحية
نصوص مسرحية مجهولة فى «البرنسيسة ومسرحيات أخرى» تقديم وتحقيق محمد السيد عيد
ماهر حسن
يعد كتاب «البرنسيسة ومسرحيات أخرى» من الكتب المهمة في التوثيق لتاريخ المسرح العربى والمصرى ورموزهما، وهو صادر عن الهيئة العامة للكتاب ويقع في 282 صفحة من القطع المتوسك ويوثق لسيرة ومسيرة عطاء واحد من رواد المسرح العربى وهو أمين عطا الله كما يكشف عن نصوص مسرحية مجهولة له ويضم بعض أغلفة المخطوطات وصورا لبعض الصفحات المخطوطة ومحمد السيد عيد، ناقد وكاتب إذاعى وتليفزيونى، وله أكثر من ثلاثين كتابا في مجال المسرح والنقد الأدبى والتراث المسرحى ومنها «التراث في مسرح عبدالرحمن الشرقاوى» والتراث في مسرح صلاح عبدالصبور «والتراث في مسرح نجيب سرور الشعرى» ودراسات في المسرح المصرى المعاصر«وحقق في عدد من المسرحيات النادرة.
كما أن له أعمال درامية تليفزيونية ومنها «الزينى بركات» و«قاسم أمين» و«مشرفة رجل من هذا الزمان» و«الإمام الغزالى» ومن مؤلفاته «فى مواجهة التكفير» و«مصر أرض الأنبياء» و«كتابة السيناريو بين النظرية والتطبيق». وقد شغل موقع نائب رئيس هيئة قصور الثقافة ونائب رئيس اتحاد كتاب مصر في ظل رئاسة فاروق خورشيد ومحمد سلماوى.
وعن كتابه هذا «البرنسيسة ومسرحيات أخرى» وعن الرائد المسرحى أمين عطاالله قال محمد السيد عيد لـ«المصرى اليوم»: «أمين عطا الله رجل مسرح من الطراز الأول، فهو كاتب مسرحى، وممثل، ومخرج، وصاحب فرقة، لكنه رغم هذا لم يلق الاهتمام الكافى من النقاد والدارسين ومؤرخى المسرح، ربما لأن لأعماله كانت موزعة بين مصر وبلاد الشام، وحتى نشاطه في مصر كان يتركز غالباً في الإسكندرية، وليس القاهرة. وينتمى أمين عطا الله لجيل الريحانى وسيد درويش وعزيز عيد وغيرهم من رواد المسرح المصرى، ولعل الكثيرون لا يعرفون أنه هو الذي اكتشف سيد درويش، فقد استمع إليه وهو يغنى لعمال البناء فاستدعاه، وعرض عليه أن يسافر معه إلى الشام ليغنى في فرقته، ومن هنا كانت بداية علاقة سيد درويش بالمسرح كما كان من أوائل من اكتشفوا موهبة الريحانى، وأعطاه بعض الأدوار في مسرحياته، في بداية مسيرة الريحانى.
المهم أن مسرحيات أمين عطا الله فقدت كلها، ولم تطبع له أي مسرحية، ومن ثم فقد وجب إعادة التوثيق لسيرة ومسيرة وعطاء ودور هذا الرائد المسرحى. وقد وجد الناقد محمد السيد عيد هذه النصوص، وكثير منها، بخط المؤلف، وعليها ختم الرقابة بلبنان، وتحمل تواريخ قديمة، يرجع أقدمها لبدايات القرن العشرين وأحدثها لعام 1951 وليس لدى الدارسين لتاريخ المسرح في مصرأو لبنان أي نصوص لهذا المؤلف سوى النصوص التي يضمها هذا الكتاب، وهى: على المشنقة، دكتور خروع، خالتى زليخة، زوجة قرموط، بانسيون فلورا، البرنسيسة.
وأخيراً مسرحية: الدكتور أكوا بو أو الأعمى، ولم يتوقف دور محمد السيد عيد عند حد اكتشاف وتقديم وتحقيق هذه النصوص بل قام أيضاً بدراسة يمكن اعتبارها أول دراسة وافية عن هذا الكاتب، ودقق فيها تاريخ ميلاده ووفاته اللذين يخطئ فيهما الكثيرون، وناقش فيها علاقته بالمسرح المصرى في بداية القرن العشرين، وعلاقته بالريحانى والذى كان البطل في معظم نصوص أمين عطا الله هو كشكش بيه، الشخصية التي كان يقدمها الريحانى وحقق بها نجاحا كبيراً لفت إليه الأنظار، وقد كان أمين يقوم بتقديم الشخصية بنفسه على المسرح اللبنانى، فأحبه الشوام هو وشخصيته، لحد أنه حين ذهب نجيب الريحانى إلى الشام لتقديم كشكش بيه لم يهتم به الشوام، واعتبروه مقلداً أو ناقلاً لأمين عطا الله.
أما الموضوعات فرغم أن معظمها يدور حول الخيانة الزوجية، إلا أن بعضها يحمل أفكاراً سياسية تدل على متابعة الكاتب لأحداث عصره، مثلما نرى في مسرحية»ع المشنقه«التي يناقش فيها موضوع الشيوعية التي ظهرت في بدايات القرن بعد نجاح الثورة البلشفية في روسيا ويرصد عيد أهم سمات مسرح أمين عطا الله الكوميدى كما تتضح من هذه النصوص، وهى:يعتمد كاتبنا على كوميديا الموقف بصورة واضحةوأن أعمال أمين عطا الله أكثرها قصيرة، وتحتوى غالباً على موقف واحد، مما يجعلها أقرب للاسكتشات. ولم يقتصر مسرح أمين عطا الله على الكوميديا، بل كان يضم الميلودراما أيضاً. ولدينا نص ميلودرامى واحد لهذا الكاتب، كتب عليه الكاتب كلمة»اقتباس».
وأغلب الظن أنه مترجم عن الفرنسية بتصرف وهو نص مسرحية: الأعمى. وقد كان للميلودراما في بداية القرن شأن كبير، واشتهر يوسف وهبى بالتحديد بتقديم الأعمال الميلودرامية الفاقعة، لذلك فليس غريباً أن يهتم عطا الله بتقديم مسرحيات ميلودرامية هذه المسرحية من خمسة فصول، ومكتوبة باللغة الفصحى السهلة، بحيث يستطيع المتفرج أن يستوعبها. وهى مسرحية محكمة الصنع، تلعب الصدفة دوراً بارزاً في أحداثها، كما تتوالى المصائب على رأس البطل حتى يفكر في الانتحار، والشخصيات فيها إما أبيض أو أسود، وفيها نرى تضحية المحبين، وانتصار الخير على الشر في النهاية. وفيها مشهد شهير أخذته السينما المصرية عنها، وهو مشهد من يفقد بصره، ويظن أن أحداً أطفأ النور، أو أغلق الشبابيك فإن هذه النصوص تلقى الضوء على فترة مهمة من تاريخ المسرح المصرى، واللبنانى، وهى إضافة حقيقية للمهتمين بتاريخ المسرح. ويستحق محمد السيد عيد التحية والتقدير على هذا الكتاب القيم.
------------------------------------------
المصدر : المصري اليوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق