مسرحية «أرشيفيس» لسنية السعيدي ضمن «قيروان المسرح»: المسرح نقد للسلطة والمجتمع / مفيدة خليل

مجلة الفنون المسرحية

مسرحية «أرشيفيس» لسنية السعيدي ضمن «قيروان المسرح»: المسرح نقد للسلطة والمجتمع / مفيدة خليل

المسرح فعل نقدي ومحاولة لنقد المجتمع والسلطة والدولة بطريقة غير مباشرة. عن مشاكل الوطن والعلاقات الاسرية وثنائيتي الوفاء والخيانة و المال

والسلطة تدور احداث مسرحية ارشيفيس اخراج سنية السعيدي.

«ارشيفيس» مسرحية عن نص لهاجر عمار وتمثيل هاجر عمار وسنية السعيدي وصادق القيزاني وعرضت ضمن فعاليات «قيروان المسرح» بمسرح الجهات بمدينة الثقافة الشادلي القليبي مساء الثلاثاء16فيفري 2021.توظيب يسر عياد والتقنيين غسان جاء وحده وشعيب بشير ونبيل المجبري.

عالم الارشيف عالم الغموض

مكتب صغير يتوسط الرّكح و اوراق متناثرة وعلب الارشيف المرمية تغطي كامل الفضاء منذ الديكور تحمل المخرجة الجمهور الى عوالم الأرشيف بطل الحكاية محام وكاتبته، طيلة العمل يبحث عن ورقة تائهة، الورقة المتروكة او المسروقة هي دليل براءة او إدانة أحدهم، بطل الحكاية محام بمكتبه ملفات وقضايا العديد من الشخصيات النافذة محام له القدرة على كسب القضايا ببراعة، محام متورط في السياسة و ينتهج سياسة خاصة جدا في عمله، يرفض رقمنة ملفّاته، يريدها اوراق متناثرة ومخفية في مكتبه الخاص بمنزله وحدها كاتبته مرجانة لها حق الدخول الى المكتب والإطلاع على الوثائق.

في «ارشيفيس» يسلط الضوء على الأرشيف كشف لأهمية الارشيف في القضايا والاغتيالات، وفيه تساؤل عن ملف شكري بلعيد وملف البراهمي؟ سؤال عن الوثائق وعن الملفات؟ وسؤال ايضا عن كل القضايا ذات الطابع السياسي التي وضعت بإدراج المحامين و مكاتب القضاة حدّ ان نسيانها السؤال الموجّه الى السلطة يعود بالذاكرة الى احداث سياسية قديمة مثل احداث الخبز و التعذيبات التي تعرض لها كل معارضي النظامين البورقيبي وبن علي؟ في المسرحية نداء لنفض الغبار عن وثائق الارشيف وإخراج القضايا المنسية والبحث فيها عن الحقائق شبه المطمورة، فالأرشيف جزء من الذاكرة الجماعية وجب الحفاظ عليه وحفظه لا اهماله وتركه كما تقول المسرحية.

الاضاءة والموسيقى تكشف عن دواخل الشخصيات

المسرح سؤال ونقد هكذا رسالة «ارشيفيس» الى المتفرج، سؤال عن الارشيف السري للمحامين والسياسيين و نقد للسلطة والمجتمع ايضا، في المسرحية تطرح العديد من المواضيع المتشابكة والمترابطة منها القانون 52المرتبط باستهلاك القنب الهندي وكذلك القوانين المتعلقة بفعل الاغتصاب وزواج المغتصبة من مغتصبها وطرح لموضوع الخيانة الزوجية و التخلي عن القيم والمبادئ لاجل المال، صراع الذات امام مرأتها بين الحق والواجب كلها تطرح في عمل واحد من خلال الموسيقى والضوء واداء الممثلين.

في المسرحية تماهت الموسيقى مع الاضاءة لتقديم عمل مسرحي مقنع، الموسيقى اصبحت بمثابة الشخصية الخامسة في الاحداث معها تتصاعد الاحداث حينا وتصبح رتيبة احيانا اخرى، الموسيقى في ارشيفيس صوت الانا الداخلي صوت الضمير الخائف من وجع الخيانة حينا وصوت اخر يدعو الشخصيات للتمرد وافتكاك الحق، هي تنقل صوت الحلم المكتوب والمخبئ داخل قلب مرجانة، وصوت الثورة الذي يسكن المحامي، الموسيقى عنصر اساسي في اللعبة الدرامية اتقنت المخرج استعمالها في عرضها المسرحي.

أما الاضاءة فوسيلة ليكتشف المتفرج دواخل المرأة، هي وسيلة للتعبير عن خوف سكنها، بالإضاءة الصفراء وتدرّجاتها يعايش المتفرج الم اليتم الذي تعيشه مرجانة بسبب سجن والدها ظلما، الاضاءة الخافتة تغوص في دواخلها لتنقل وجع امرأة عانت الفشل في تحقيق حلمها لتصبح محامية والخوف الذي يرافقها منذ طفولتها خوف من متبنيها وخوف من المستقبل وخوف من الظلم والخيانة كلها تفاصيل الم تساهم في تكوين شخصية مركبة اتقنتها جيدا هاجر عمار، كلما تغيرت الاضاءة تتغير الشخصية لتصبح حمراء كما الدماء، دماء فعل الاغتصاب ووجعه الذي تخفيه انثى أخرى دماء قلب انفطر وجعا بسبب خيانة الحبيب وفعل الاغتصاب الذي تحاول الشخصية نسيانه يلازمها كما ظلها فتعيش الخوف والالم، ومشاعر مضطربة تنقل على الرّكح من خلال الاضاءة الحمراء حينا والصفراء الخانقة أحيانا تلك الاضاءة التي تنعكس على المتفرج فيشارك الشخصية وجعها وخوفها وأتقنت سنية السعيدي اداء تفاصيل الشخصية وتقمصتها حدّ التماهي معها.

قيروان المسرح: اكتشاف انتاجات مسرح القيروان وتاريخه

في اطار التشجيع على مشاهدة المسرح والتعريف بإنتاجاته يقدم مركز الفنون الركحية والدرامية الذي يشرف على ادارته حمادي الوهايبي ومنذ 14فيفري 2021 تظاهرة بعنوان «قيروان المسرح» قدم فيها انتاجات المركز في مسرح الجهات بمدينة الثقافة، تقديم انتاجات المركز فرصة للتعريف بها و للتعريف بالحركة المسرحية في القيروان، هي فرصة ليعرف جمهور العاصمة مميزات الفعل المسرحي بعاصمة الأغالبة وبالإضافة الى الانتاجات المسرحية هناك معرض لتوثيق الحركة المسرحية في بهو المدينة بالإضافة الى معرض انتاجات المركز من كتب ومنشورات عنوانها ينابيع المسرحة.