تصنيفات مسرحية

الاثنين، 26 أبريل 2021

مسرحية "هل آنَ لهُ أنْ يَنتهيَ" * أعداد بتصرف :: د. موفق ساوا

مجلة الفنون المسرحية


الشخصيات :
سيزيف
 زوجة سيزيف
الصحفي
نركال  إله الموت
 إله الحرب 

ألأعـيـان 
العين الاول
العين الثاني


                                                المشهد الأول
 (على يسار خشبة المسرح، سيزيف نائم على سرير مُغطّى بشرْشفٍ أبيض ... على يمين خشبة المسرح  زوجة سيزيف كذلك نائمة على سرير مغطى بشرشف أبيض ... في اعلى وسط خشبة المسرح آله الموت نائم على سرير مغطى بشرشف أسود ... 
نسمع اصواتُ الرياح والعواصفِ الشديدةِ... وعلى إثرها تتطاير بعض الاوراق ثم ينهض سيزيف ويكشف شرشفا خلف السرير فتظهر مكتبة فيها بعضة كتبٍ، ثم تنهض زوجتُه أيضا فتتساقط بعضُ الكتبِ و الأوراقِ من المكتبة… يتملّكُهما الذعرُ والخوفُ فيخرجان). 
الصحفي   : (يدخل فرحًا) آوه ما هذا!! ... ما هذه الفوضى؟! ...(يلتقط بعض الصور 
                بكاميرته وينادي) مَنْ هنا ..!! (صمت ويلتقط صور اخرى) ألا يُوجَد هنا 
                أحدٌ؟ (يأخذ بعض الاوراق من الارضِ بدهشة، يطَّلع عليها ثم يرميها.. 
                يتراجع بعض الخطواط .. يتعثر بسرير إله الموت.. يحاول التقاط صورةٍ).
الزوجه    : (تدخل) ماذا تفعلُ هنا؟!.
الصحفي   : (مرتبكـًا) أسف سيدتي .... آسِفٌ جدًا 
الزوجه    : هل تبحثُ عن شيءٍ؟! ولِـمَ انتَ واقفٌ امامَ هذا التابوتِ!! 
الصحفي   : (يتمالكة الخوف وإرباك) تابوت!!!!!! 
الزوجة    : أَفْصِحْ…عمَّ تبحث أيّها الغريبُ؟
الصحفي   : اااااااانا جئتُ أبحثُ عن شخصٍ…هل هنا يُقيم سيزيف؟
الزوجه    : (وهي منشغلة بلملمة الكتب والاوراق) أجل، هنا يقيمُ 
الصحفي   : آوه ... ربـمَّـا أنتِ .... 
الزوجه    : (مقاطعته) زوجته ... نعم ... بالضبط 
الصحفي   : (وهو ينحني لها) سيدتي .. هل استطيع توجيه بعض الاسئلة اليكِ ..؟!
الزوجه    : قلْ لي هل أنتَ .....؟
الصحفي   : (مقاطعًا) صحفيٌّ.. أجلْ صحفيٌّ
الزوجه    : أَرِني بطاقتَكَ من فضلك
الصحفي   : (يناولها البطاقة) ها هي بطاقتي…تفضّلي 
الزوجـه   : (تستلمها وتتفحّصها): تمام…وهل يمكن أن أرى الكاميرا، لطفا
الصحفي  :  تفضَّلي سيدتي الفاضلة ..
الزوجـه   : هذه البطاقةُ 
الصحفي  :  ماذا بها!!
الزوجه    :  (ترميها أرضا)  إنها مزوَّرة…و هذا الشريط (تسحبه من الكاميرا)
الصحفي  : رجاءً سيّدتي…على  مهلِكِ مع الشريطِ (يحاول أن  يسحبَ الشريطَ منها إلا 
              أنّها تُطَوِّقُ عنُقَه به) ما هذا…أنا صحفيّ …لا يجوز الاعتداءُ على صحفيٍّ 
الزوجه    : قلْ لي، في أيّةِ صحيفةٍ تعملُ ؟!
الصحفي  : في صحيفة "صوت الحقيقة" 
الزوجه    : (تتركة ياخذ الشريط) حسنـًا ... ماذا تريد من سيزيف؟!
الصحفي   : انا في ... في الحقيقة، هل هو...
الزوجه    : (مقاطعة) الذي لا يرغبُ في الرحيلِ.
الصحفي   : إذنْ  ما الذي يتداولُه الناسُ منْ أنّ سيزيفَ قد كُبِّلَ بالقيودِ؟
الزوجه     : (بدهشة):  كُبِّلَ بالقيودِ؟! مَن قَصّ عليكَ هذه الخرافةَ؟. إنّه مثلي ومثلُك حُرٌّ 
                طليقٌ
الصحفي   : (مستغربًا) حرٌ طليق.!!!!!.
الزوجه    : بالتأكيد بالتأكيد، ما دمتُ قد قلتُ لك إنّه هو الذي لا يرغب في الرحيل
الصحفي   : هذا أعجب العجائبِ! لكنّ الإلهَ …
الزوجه    : (مقاطِعةً)  آنو!!!! الإله آنو …عاد يأسف دون شكٍّ 
الصحفي  : لماذا؟!
الزوجه    : بسبب (تهمس في إذنه)
الصحفي   : اااااااوه كيف ولماذا..!!!!!!.
الزوجه    : وكيف لا تعرف قصّتَها؟
الصحفي   : هذا ما حدا بي للمجيئ هنا.
الزوجه    : إذنْ ، أَصْغِ إليَّ … لكن قبل ذلك ينبغي أنْ أعرفَ رأيَكَ في الإله آنو 
الصحفي   :  (في حذر شديد)  هذا يا سيّدتي  سؤالٌ مُحرِجٌ جدا (ثم في نفسه) هاي تريد 
                تورّطنا 
الزوجه    :  إني أفهمُ الارتباكَ الذي تولاّك …إنّ آنو  إلهٌ بل إلهُ الآلهةِ، وأبُ الآلهةِ الكل 
               يُجِلُّه ويخافه  لذا يحترموه،  خوفًا وربما الى أبد الآبدين.
الصحفي   : آمين ثم امين ثم ... 
الزوجه    : كفى! (ثم وهي تقلّده) آمين…آآآآآميييين…أنت لا تعرف غيرَ آمين…ماذا 
             يمكن أن يكونَ الرأيُ في إلهٍ يستغِلُّ سُلطانَه القاهرَ لإغراء البكارَى اللاّئي
             يُصادِفُهُنّ وعندما أقول لإغراءِ البكارى إنّما أقصد أنّه يستعمل القوّةَ معهنّ.
الصحفي   : وبشرفي، إنّ هذا لَمُؤسِف
الزوجه    : مُؤسفٌ للغاية وهو ما جرى لننليل، ففيما كانت تعبُر أحدَ المُرُوج، رآها آنو 
              فراقت في عينيه فاُختطفها...
الصحفي   : أويلاخ يابا !…لكن ما دخلُ سيزيف؟  
الزوجه    : لأنَهُ كان الشاهدَ الوحيدَ الذي راح  فرَوَى كلَّ شيء لزوجها أنْليل 
الصحفي  : آوه…أنْليل، إلهُ الهواء والعواصفِ…هذا إذا ضغط على الزرِّ يْطيِّرنا 
               لَغِيرْ كوكب
الزوجه    : إنْ كنتَ تعرفه فأنت تعرِفُ فيه وداعَةَ المظهرِ، لكنْ لا يَخْدَعنَّكَ مظهرُه فهو 
               في أعماقِه بالغُ العُنفِ كجميعِ الآلهةِ 
الصحفي   : (بلهفة) نعم نعم …وماذا حدَثَ بعد ذلك؟
الزوجه    : ما إنْ بلغه ما حدثَ حتّى هاجَ و ماجَ و أقسَمَ على إرْسالِ عاصفةٍ هوجاءَ إلى 
               الكوْنِ 
الصحفي   : بشرَفي بعَرضي هذا يسوِّيها ... والإله آنو!! ماذا فعلَ؟!
الزوجه    : بذَلَ أقْصى الجُهدِ حتّى هدّأ من ثورَتِه 
الصحفي  : إتفاق تحت العباءةِ ... فعادت المياهُ إلى مجاريها.
الزوجه    : لقد غالى آنو في تَصَرُّفِه حسب رأيي… لقد أخْضَعَ الزوْجَ واحتفظ بالزوجةِ  
              وبدَلَ  أن يكتفيَ بذلك ويعتبِرَ نفسَه سعيدا أراد أن ينتقِمَ من سيزيف لأنّه فضَحَ 
             أمرَه ..
الصحفي  : (يُسمَع صوتُه وهو يكتب على دفتره) انكشفَ الغطاء عن الرأس فبانت 
               صلعةُ ... (للزوجة) وحينئذٍ؟
الزوجه    : أرسل نركال الى سيزيف
الصحفي  : اااووووووه ... إله الموت!!
الزوجه    : أجل، إله الموت! لكن اطمئنَّ فسيزيف في أكملِ صحّةٍ لم يمسَّه ضُرٌّ 
الصحفي   : هذا منتَهى العجبِ!  وماذا صنعَ؟
الزوجه    : اسألْه بنفسِك …
الصحفي  : (باستغراب) أسألُ سيزيف!!
الزوجه    : كلاّ … إلهَ الموتِ نركال
الصحفي   : (بخوف شديد)  أااااااانا أسألُ إاااااااااااالهَ اااااااموتِ نركااااااال؟
الزوجه    : نعم… أمّا أنا فكلُّ ما أستطيعُ قولَه لكَ هو أنّ إلهَ الموتِ قد جاءَ إلى هنا منذ 
             شهرٍ تقريبا، ويبدو أنّه لا   يُفكِّرُ في الرحيلِ عنّا بالمرّة.
الصحفي   : (وهو يلتهب فضولا) لا يرحل!!!  ووو وكيف هو؟
الزوجه    : شخصٌ كثيرُ التدقيقِ. ولكنّه أصبحَ هادئ معنا 
الصحفي   : أعني كيف هو شكلُه؟
الزوجه    : شكله!! مثلُنا. مع عباءةٍ سوداء وكتابٍ كبيرٍأسود اللون على شكل تابوت. 
              كيف تتصوّرُ الموتَ أنت؟
الصحفي   : أنا في الحقيقة والواقع…
الزوجه    : (مقاطعة) لا تُجْهِدْ نفسَك فلن تصلَ إلى شيءٍ…إنّه مُخْتَلفٌ عن كلّ ما 
               تتصوّر عليك أن تحكُمَ بنفسِكَ عندما تراه وشيكـا …
الصحفي   : (بخوف) أراه !!… وشيكا !! يَـمعـوَّد كولي غيرها 
الزوجة    : سأناديه 
الصحفي   : (خائفا) تُنادين مَن؟
الزوجة    : الموت؟ 
الصحفي   : يا سيّدتي أيَجولُ ذلك بخاطرِكِ فعلا؟
الزوجه    : لا تخَفْ، إنّه لم يُصِبْ سيزيف بسوء، فما الداعي لأنْ يمسَّكَ أنتَ بضُرٍّ؟
الصحفي   : مَن يدري؟  قد تطرأُ عليه نزوَةٌ
الزوجه    : (ضاحكة) نزوة!! ستفهم، عندما تراه، أنّه ليس ذا نزواتٍ .. (تناديه) 
                نركاااال يا  إله الموت (لا يجيب  فتكرّر النداء وترفع صوتها أكثر)
نركال      :  أوووووووووه …ماذا تريدون منّي؟
الصحفي  :  لكن لكن هذا صوت إنسان!!!
الزوجة    :  وهل سمعتَ في حياتِكَ صوْتَ الإلهِ؟
الصحفي   : كلاّ
الزوجه    : كأنّي بظنِّكَ قد خابَ. ماذا كنتَ تنتظرُ؟ (منادية) نركاااال! يا نركال يوجَدُ هنا 
               شابٌّ  يريد أن يراك. 
الصحفي   : انا لا أُريد ان اراه أوه!!! يـَمعـَوَّد فكِّي عني ياخه.. هاي شلون ورطة
الزوجه    : (منادية) نركاااال! ألم تشبع نوما ...هنا شخص 
 نركال     : ها.. ها..ها انا آتٍ (موسيقى.. فيها ترقب، يتوارى الصحفي وراء المكتبة، 
               يرمي إلـهُ الموت غطاءه وينهض من سريره حاملا كتابة الاسود وهو على 
              هيئة تابوت مصغَّـر، ويرتدي عباءة سوداءَ وبإصبعه محبس ضخم وبيده قلم 
              اسود كبير معكوف نوعا ما.. تظهر مكتبة  خلف سريره فيها بعض الكتب) 
             مَن يطلُبُني؟؟؟  
الزوجه    : هذا هو (تشير للصحفي)
نركال      : أنت؟ 
الصحفي   : (متراجعا في خوف وفزع) لا مو اني...
نركال      : أنتَ لو مو إنتَ؟!
الصحفي   : مو أني.. أني أني…هو بعينه إإني أشعرُ ببالشرف العظيمِ الذي تُوليني
              إيّاهُ يا مولاي لكنْ أرجو أنْ تفهمَ أنّي أرغبُ في مُحادَثَتِك لا في خَدَماتِك  
نركال      : (وهو يجلس) اطمئنَّ يا فتى، حتّى لوْ طلبتَ خدماتي (في لهجة مريرة) 
                فإنّي عاجزٌ عن تلبيَتِها للأسف.
الصحفي  :  بشرفك!!! اقصد... لماذا يا مولاي!!
نركال      : (يسحب الصحفي الى مقدمة خشبة المسرح تحت إضاءة دائرية
              تعال هنا لأحكي لك بعيدًا عن...
الزوجه    : (مقاطعة) سأتركُكُما  فعندي ما أفعلُه …
الصحفي   :  (وقد ساوره الجزعُ) أتترُكينني؟…انتظري قليلا
الزوجه    : (وهي تخرج) لا تخفْ فانتَ بين أيدٍ أمينة! 
الصحفي : (بصوت خافت كأنّه يحدّث نفسَه) بين أيدٍ أمينة! رمتْني في حلك 
              الأسد (يتدارك) طبعا طبعا، بين أيْدٍ أمينةٍ !!
نركال      : اسمعْ أيّها الفتى …
الصحفي  : مولاي، هلْ لي أنْ أسألَكَ إن كانَ هذا الكتابُ سِجِلللللّـ… 
نركال      : (مقاطعا) الهالكين! 
الصحفي  : جميع الهالكين!! 
نركال     : (يشيرُ برأسِهِ أنْ نعم) 
الصحفي  : إذن فأنا أيضا موجوووووووود فيهِ.
نركال      : أأنتَ من بين البشر؟!
الصحفي  : وهل انا اشبه الحيوانات!!
نركال      : (بحدّه) اجبني ... هل أنتَ مِن البشر؟!
الصحفي   : لالالالا  .... أجل اجل 
نركال      : ابنُ رجُلٍ وامرأةٍ
الصحفي  : (ضاحكا) طبعا…بدون شكٍّ …وهل أنا نَغْـلٌ؟
نركال      : (وهو يُقلّبُ صفحاتِ دفترِه) إنْ كنتَ كذلك فإنّكَ تدخلُ حسب البَنْدِ السادسِ 
                من حرف الباء مِنَ الهالكينَ ...
الصحفي   : (يلطم على رأسه) أويلاخ يابا.. أشكرُك أيّها الموْلى.. كنتُ أعرفُ أنّني من 
              الهالكين، لكنّني كنتُ أجهلُ أنّي مُلْحَقٌ بالبنْدِ السادسِ من حرْفِ الباء بالذات.
نركال      :  لا تنْسَ ذلك بعد اليومِ …ليس الأمْرُ فوْضى كما يتوهّمُ الناسُ…هناك  نظامٌ
              هناك قوانينُ، نعم! قوانينُ عديدةٌ (يفرُك يديه)، وفي كلِّ يوْمٍ نسُنُّ قوانينَ 
              جديدةً 
الصحفي   : (في تردَدٍ) وهلْ أستطيعُ أن أسْألَكَ أيّها الموْلى إنْ كان سِجِلُّكَ يحملُ أيضا 
               (يخْفُتُ صوتُه) تأ…تاريييييخَ…مو٠موْ…ممممممموْ
نركال      : (مقاطعا) مَـوْتِـكَ؟ !!! 
الصحفي   : أجل لعد جدي؟!
نركال      : كلاّ  وأستطيعُ أن أقُولَ لكَ إنّني لا أعرِفُ في هذا الصّدَدِ أكثَرَ منكَ 
الصحفي   : لا تعرف..!!!!!!!!
  نركال     : كلاّ أيّها الفتى…أيُدهِشُكَ ذلك؟. فكِّرْ مليّا… إنّما أنا نركال إلهُ الموْتِ ولسْتُ 
               إلهَ القَدَرِ، فلا تخْلِطْ بيننا…القَدَرُ قِسْمٌ آخرُ وهذا ما لا يفهمُه النّاسُ 
الصحفي  : يعني، جميعُكم مرْبوطون بسِلسِلةٍ واحدةٍ…بِيَدِ كبيرِ الآلهةِ  
نركال      : نعم ! فأنا لستُ مَن يُصْدِرُ القراراتِ ... أنا أنفِّذُ فقط 
الصحفي   : آآآآآآه انت تنفذ فقط ... ثم تناقش!!!! 
نركال      : كلا ... لا اناقش... فقط أنفّذُ 
الصحفي  : وكيف تُنفّذُ؟ 
نركال      : الأمرُ بسيطٌ جدا… أتلقّى أمرًا مكتوباً فيه مثلا مثلا اسمك...
الصحفي   : هسه ما لكيت غير اسمي ...
نركال      : لا تخف مجرد مثال .. وعندما يأتي الامر أتمَعّنُه جيّدا ثمّ أتوجّه 
               نحو الشخصِ الذي يهمُّه الأمرُ 
الصحفي   : آآآآه! الذي يهمُّه الأمرُ .. يعني مو أني!! 
نركال      : لعلّني أسأْتُ التعبيرَ، فلْنَقُـلْ المحكومُ عليه إنْ كنت تُؤثِرُ ذلك 
الصحفي   : انا لا أوَثـر ذلك
نركال       : وبعد أن أتحقَّقَ من شخصيته… 
الصحفي   : تتحقّق!!!!!!
نركال      :  وبناءً على البندِ السادس أقيِّدُه في سِجِلّي … 
الصحفي   : إإإإإييييييي
نركال      :  فيموووووووووووت.
الصحفي  : ها ها ها ها هاااااااااه… يمممموووووت (يُغمى عليه ويسقط أرضا)
نركال      : انْهَضْ ! ماذا جرى لك!  
الصحفي  : (ينهض) أني وينْ ؟ بالجنّة  ولاّ بالنار  
نركال      : انتَ هنا يم إله الموت
الصحفي   : يعني بعْدني ما متِتْ ؟ 
نركال      : لا لا لا بعدك…سجّلْ  أيّها الصحفيُّ ... هكذا كان الأمرُ فيما مضى
الصحفي   : (يسجّل ويرفع صوته وهو يقول)  هكذا كان الأمرُ فيما مضى…
نركال      : أمّا الآن… 
الصحفي   : (يستمرّ بالكتابة) أمّا الآن… بلا بُنودٍ ولا قوانينَ وبلا دفنٍ سنموت …
نركال      : كلا ... سيزيف هو ....
الصحفي   : (مقاطعا) سيموت !!!!!
 نركال      :  كيف يموت  وهو الذي جرّدني من سلُطاتي.
الصحفي   : (بفرح وهو يحدّث نفسه) خـيْرًا فعَـلَ …حييييل بيييك… (لنركال) هذا شيءٌ 
               لا يُصَدَّق، كيف. كيف تمكّن من ذلك؟
نركال      : لم يكنْ الأمرُ مُعَقّدا، فمنذُ شهرٍ - وإنْ توخّيْنا الدِقّةَ- منذ شهرٍ إلاّ يومًا سيبقى 
              هذا التاريخُ محْفورا في  ذاكرتي وذاكرَةِ اللِّي خلّفْوني إلى الأبد
الصحفي  :  يعني، محفورا تسعةً وعشرينَ كيلومترا تحت الأرض. 
 مولانا ... انا متشوقٌ ان اسمع هذه القصة او هذه الرواية!!!. 
(اظلام) 


                                              مشهد الثاني
نركال      : (نشاهد ظلَّه عبر سلويت،Silhouette ، وهو يسير ويُسْمَعُ صوتُه مع 
               خلفيةِ موسيقية) أيها الصحفي، سأرْوي لك القصّةَ .. فمنذ اليومِ الأوّلِ 
                لوُصولي، أخذتُ أبحثُ عن دار سيزيف شارعًا شارعًا  ودارًا دارًا…
                تسعةٌ وعشرون يومًا وأنا أبحثُ حتّى وصلت ... ودخلتُ بيتَه ....
 
(اظلام)
 
                                          المشهد الثالث
(فتح الإضاءة على دار سيزيف...)
نركال      : (يدخل دارَ سيزيف حاملا كتابه الكبير مناديا) مَن هنا؟ ألا يسمعني أحدٌ؟  ألا 
               يُوجَد أحدٌ في الدار؟  (يصفق) مَن هنا رجاءً؟ هل الدارُ  مهجورةٌ؟
سيزيف    : (يدخل حاملا دفتره الابيض) نعم (ينظر إلى نركال مستغربا) مَن أنتَ؟ 
نركال      : كما ترى…أنا الذي يخافُه الناسُ …جميعُ الناسِ بدون استثناءٍ
سيزيف    : هل أنتَ متأكّدٌ من كلامِكَ؟
نركال      : يبدو أنّكَ لا تخاف…(بصوتٍ عالٍ) قلْ لي هل أنت… 
سيزيف    : سيزيف.... (بشموخٍ) نعم سيزيف
نركال      : إذن فأنتَ الشّخصُ المطلوبُ ولكن أريدُ أن أدقِّقَ وأتأكّدَ من هويّتِك 
سيزيف    : هويّتي !!! هل أنا كذّابٌ 
نركال      : كلا  
سيزيف    : مجرمٌ؟
نركال      : كلا
سيزيف    : جلاّد؟
نركال      : كلا
سيزيف    : كافر؟
نركال      : كلا
سيزيف    : إرهابيّ؟
نركال      : كلا
سيزيف    : لصٌّ مثلَ البقيّة؟
نركال      : كلاّ كلا كلا ... قلت لك كلا  .. هل لي بهُوِيّتِك؟
سيزيف    : هي بَـقَـتْ على الهُويّة … تفضّلّ ولكن لا تُصَنّفْني في طائفةٍ أو قوْمٍ أو دينٍ 
نركال      : كلاّ، هذه ليست مهمّتي،هناك قسم خاص بهذه الامور، اذن إنّك الشخصُ 
               المطلوبُ 
سيزيف    : للإعدامِ فورا بلا سـينٍ ولا جـيـمٍ؟!
نركال      : (بفخر وتعالٍ) أنا نركال، إلـهُ الموتِ …لا تسترْسِلْ معي كثيرا فأنا   
             ظـمآنُ ولم أشربْ قطرةَ ماءٍ واحدةً منذ تسعةٍ وعشرين يوما حتّى 
               وصلتُ  دارَكَ 
سيزيف    :  (محدّثـًا نفسَه) راحْ اخلّيك تشربْ أفضل شراب
نركال      :  ماذا تقول؟
سيزيف    : قلـت يا مولاي… أنت الآن ضيفي فأهلا وسهلا بك، هـذا أوّلا، أمّا ثانيـًـا  
              فيُمكنُكَ أن تستريحَ حتّى أجلبَ لك شرابا يليقُ بمقامِك احترامـًا لشخصك 
               الكريمِ جدّا جِدّا..!!
نركال      : (وهو يجلس) شكرا لكَ، إنّي شديدُ الظّمَإ فِعْلا وهذا اخر فعل خير لكَ. 
سيزيف    : (وهو يخرج) كل ايامي كانت خيرا .. حسنا لحظاتٍ ويأتيك الشرابُ 
نركال      : (يتصفّح سجلّه) أين البنْدُ السّادسُ …أينَ …أين…ها… ها هو … 
              وأين حرفُ الباء…(يستمرّ بالتصفّحِ مكرّرا كلامَه حتى دخول سيزيف)
سيزيف    : (يدخل) تفضّلْ مولاي…نبيذٌ مُعتَّقٌ جدا.. ما أظنُّكَ شرِبتَ مثلَه أبدًا 
  نركال    : (يضع قلَمَه الأسودَ وسجِلّه جانبا ويأخذ في الشرب جرعةً فجرعةً)  
               اأوووووووووف !! كمْ هو لذيذٌ! فِعْلاً ما شربتُ مثلَه أبَدا ..
سيزيف   :  (يصبّ لنركال فيشربُ في لهفةٍ) ولن تشرَبَ مثلَه أبدًا
نركال      : (يصرخ شبهَ سكران) مممممممااااااااذاااااااا ففففعلتَ يااااااااهههههذااا 
             انيييييي اااااارى عشرة اشخاص... (يسقط أرضا فيأخذ سيزيف القلمَ الأسودَ)  
 
(اطفاء الإضاءة)
 

                                        المشهد الرابع
  (فتح الاضاءة والعودة الى المشهد /الأول - لإكمال الحديث بين نركال والصحفي). 
صحفي    : لكن يا مولايَ ألمْ يكنْ في مَقدورِك أن تُدَوِّنَ اسمَه بقلمٍ آخرَ؟
نركال      : مستحيل مستحيل...
الصحفي  : لماذا مستحيل؟!  لماذا وكلُّ شيءٍ بيدِكم ؟
نركال      : ليس بيدنا حيلةٌ فالقلمُ الأسوَدُ فريدٌ من نوعِه كما هو وارِدٌ في البندِ الخامسِ 
                والعشرينَ ولا يُمكنُ إحلالُ قلمٍ آخرَبديلاً عنه 
الصحفي  :  ألا تستطيعُ أن تسْتَرِدَّه بالقوّةِ ؟
نركال      : كلاّ
الصحفي  :  لماذا؟!
نركال      : لأن لا يُمكنُ لأحَدٍ أن يمُدَّ يدَه نحو أحَدٍ من الهالكينَ، إلاّ …
الصحفي  : حسنا، اِبحَثْ عن أحدٍ لا يكونُ من الهالكين
نركال      : كلاّ ، لا يُمكنُ أبدًا  إلاّ…  
سيزيف   : (يدخل) إلا ماذا!
 نركال     :  إلاّ إذا تفضّلْتَ أنت و ردَدْتَ لي قلمي. 
سيزيف    : (ضاحكا) لا لا  لا تعتمِدْ عليّ في ذلك (مُلتفتا إلى الصحفي) أهذا أنت؟ 
             الصحفيّ الذي…
نركال      : (مقاطعا) الذي يدّوَّنَ كل شيء... (لسيزيف) هل لك أن تُعيدَ لي قلمي؟
سيزيف    : (محركا سبابته بابتسامة) كلللللا.
نركال      : أرجوك، ا ِفعَلْ شيئا من وحْيِ قلبِك …قُمْ بفعلٍ طيّبٍ.  
سيزيف    : أصْغِ إليّ؛ إنّني رجلٌ طيِّبُ القلبِ …لا أحبُّ أن أدفعَ الناسَ إلى 
              مواقفَ حرِجَةٍ  ولا أرجو أكثرَ من أن أقومَ بعمَلٍ طيّبٍ ولكنْ عندما أفكّرُ أنّ 
              هذا الفعلَ الطيّبَ قد يكونُ الأخيرَ فأنا مُضطَرٌّ إلى التأنّي والتفكيرِ 
نركال      : لِمَ هذه المُكابرَةُ؟ أنت تعرفُ جيّدا أنّ الكلمةَ الأخيرةَ ستكونُ حتما للقوّةِ أي 
               للإلهِ آنو 
سيزيف    :  ليس هذا مُؤكَّدا 
نركال      : بل هو مُؤَكَّدٌ تمامًا…لا يحتملُ آنو لحظةً واحدةً أن يتحوّلَ أحدُ الهالكين 
               بمَحْضِ إرادتِه من الفئةِ (ب) إلى الفئةِ (أ)، ففي ذلك نـقْـضٌ صريحٌ 
              للمادةِ السادسةِ ولن يُفيدَك ذلك أو ينفعَك سِوى في مدِّ أجلِك بضعةَ أيّامٍ هذا 
              في أحْسَنِ الأحوالِ 
سيزيف    : وهذا احسنُ من لا شيءَ. 
نركال      : يا لَلْعجَبِ !! أتَجِدُ الحياةَ ثمينةً إلى هذا الحدِّ!!
سيزيف    : إنْ أردْتَ الحقَّ، فإنّي أشمئِزُّ منها أحيانا، ورغم ذلك أتمسّكُ بها لعدّةِ أسبابٍ
               من ضمنِها جُلوسي هنا في المكتبةِ بعد الغداء لأنتهي من تـأليف كتابي 
              المُفضّلِ هذا، لذا أرجوك أن تَلتَزِمَ الصمتَ و تَدَعَني وشأني…
نركال      : يا سيّد سيزيف
سيزيف    : اِسمَعْ، أنا لستُ من الخالدين مثلك…وحتّى لو شئتُ أن أكونَ خالدا فلن أجدَ 
               لديّ الوقتَ الكافي…أنا أمثّلُ بكل تواضُعٍ تلك الفئةَ (ب) المعدودةَ أيّامُها 
               بدقّةٍ، لذلك أنتهزُ هذه الفُرصةَ السانِحَةَ لكي أستمتِعَ بالحياةِ او نجد حياة 
              افضل منها ... أرجو أن تتركني وحالي.. (للصحفي) ماذا تصنعُ أنت؟!
صحفي    : أدوِّنُ بعضَ الملاحظاتِ لجريدتي
سيزيف    : طيّبٍ…اِستمِرَّ 
نركال      : لكن يا سيّد سيزيف، هل قدّرتَ المُضاعفاتِ الخطيرةَ والتي لا تُحصى لعمَلِك 
               هذا؟
سيزيف    : مضاعفات!!! أيّةُ مضاعفاتٍ؟!
نركال      : (بتوتّر) منذ ذلك اليومِ الذي شلَلْتَ فيه حرَكتي والعالَمُ يشهدُ فضيحةً لا 
              مثيلَ  لها…الناسُ ما عادوا يموتونَ…المُغَرَّقون لا يَغرقون…الأشقياءُ 
              الذين يُلقى بهم في النار لا يحترقون…السمُّ فقَدَ حُمّتَه…الخنجرُ ضلّ 
              طريقَه  إلى الصدورِ  المشانقُ لم تعدْ تحمل المشنوقين…الناسُ ما عادوا 
              يخشَوْن الإلهَ … الجيشُ والشرطةُ أصبحوا مَدْعاةً للسخريةِ والازدراءِ، 
              وأتنبّأ بل حتما سيثورُ العبدُ على سيّدِهِ و الفقيرُ  على الغنيِّ..أمّا أنا…أنا قد 
              هبطتْ إحصائيّاتي إلى الصفر.. أنا الان عاطلٌ بطّال.. كلُّ هذا…
سيزيف     : (مقاطعًا) بسببي !!!!
نركال       : أجلْ، عملُك الجريءُ الطائشُ… فقد قلبت نظامَ العالَمِ رأسا على عَقِبٍ …
سيزيف    : اِجلِسْ يا سيّدي فقد أدركك التعبُ و دعْني أقُلْ لك بأنّ تنظيمَكُم لهذا العالَمِ لا  
               يُعجبُني أبدًا…إنّه نظامٌ قائمٌ على الموتِ وعلى الخوفِ والقتلِ والإرهابِ كما 
              ذكرت َ أنتَ…إنّي أرفضُ هذا النظامَ وأكونُ سعيدا لوْ أمكنَني إنقاذُ الناسِ منه
نركال      : لكنّ أغلبَ الناسِ يقبلونَه منذ الأزلِ.  
سيزيف    : لأنّهم أغبياءُ جهَلَة ٌ ويخافون بطشَكُم وقسوَتَكم …لِنسألْ هذا الشابَّ (يتوجّه 
               للصحفي) قلْ لي…
الصحفي   : نعم سيّدي
سيزيف    : ما هو رأيـُك؟!
الصحفي  : فـيـمَ!!!
سيزيف    : في ما نقول
الصحفي   : (في أدب وثبات) إن شئتَ الصراحةَ فرأيي أنّ صاحبَ العظمةِ على…  
                                       (يصمت)
سيزيف    : على ... ماذا ؟؟!!!. 
الصحفي   : (يقترب من سيزيف) على باطلٍ ...
نركال       : ماذا قلتَ؟ لم أسمعْ صوتَك 
الصحفي   :  قلتُ علىىىىىىىى حححححقّ!
سيزيف    : أيّها الغبيُّ! هل تعتقدُ أنّ خير الأمورِ أوسطُها؟
نركال       : (بفرح لسيزيف) أرأيتَ أنّنا على حقٍّ؟ 
سيزيف    : (مخاطبا الصحفي) أهذا هو رأيُك أيّها الانتهازيُّ؟ أتقبَلُ الموتَ؟
الصحفي   : ما دام الموتُ حتْمًا 
سيزيف    : محتومٌ وليس ضمن هذا النظام القاتل للبشرية؟ ثم ألا َ تَراني ما زلتُ 
               حيًّا...؟؟!!.
الصحفي   : لا أريدُ أن أحزِنَك يا سيّد سيزيف ولكنّي لا أراكَ ستُعـمِّرُ طويلا.
سيزيف    : نعمر او لا نعمر على ألا تكون بإرادة حفنة من الدجالين الذين يقررون 
               موتنا متى ما يشاؤن!
الصحفي   : لكنهم هم الاقوى
سيزيف    : ليْس كما تَفْهَم …أُحِبّ أن أعرِفَ إنْ كان بِوُسعِنا الانتصارُ عليهم  أم لا!.
الصحفي   : لن تنجحَ 
سيزيف    : ولِمَ لا !!
الصحفي   : لأنّ قافلةَ الأمواتِ مِن البشَرِ في تضخُّمٍ مستمِرٍّ 
سيزيف    : لكنّ ذلك بإرادةِ مَن نصّبُوا أنفُسَهم أسيادًا علينا …(صمت) 
                قُلْ لي أتُواصلُ كتابَةَ ملاحظاتِك ؟
الصحفي   : أجلْ سيّدي 
سيزيف    : اُكتُبْ إذن …أنا فتًى أحمقُ وعنيدٌ بنظر المتسلطين على رقابنا!!
إله الحرب : (يدخل مرتديًا ملابسَ الحرب، مُسَلّحا بسيفٍ وخنجرٍ وقنبلةٍ وقوس نشّاب) 
                أقدّمُ نفسي. أنا إلهُ الحربِ (يضرب كعبين أحدَهما بالآخر- تحية عسكرية)
نركال       : (يهرع إليه) آه، إلهُ الحربِ! أين أنت يا صديقي؟
إله الحرب : آه يا زميلي العزيز، يا رفيقي القديمَ المخلِصَ، يا إلهَ الموتِ … ما 
                أسعدني  برُؤياكَ 
نركال       : (بصوت خافت) أمُتَأكّدٌ أنت !! وأنا كذلك يا صديقي الوفيَّ… أوْحشتَني جدا
إله الحرب : وشوْقي إليكَ فظيعٌ تعالَ بالأحضان (يتعانقان ويشير، من خلف كتف نركال، 
               الى الصحفي الذي يتراجع خوفا) أهذا هو سيزيف ؟
نركال      : (مشيرا إلى الصحفي) مَنْ؟ هذا ؟
إله الحرب :  (مشيرا الى الصحفي) أجل، هذا 
نركال       : كلا هذا صحفيٌّ 
إلهُ الحرب : آه! أنت صحفيّ
الصحفي   : أجل ، سيّدي الجنرال
إله الحرب : حسنا…إنّ رسالتَك نبيلةٌ وهي إنارةُ الرأيِ العامِّ 
الصحفي   : نعم سيّدي 
إله الحرب : سأعلّمُك ثلاثَ كلماتٍ… ثلاثَ كلماتٍ مُختَصَرَةٍ ومُضيئةٍ…ثلاثَ كلماتٍ 
               تُعاوِنُك على أداءِ واجِبِك ...
الصحفي   : أمرُك سيّدي الجنرال 
إله الحرب : أنت لا تعرِفُ غيرَ "أمرك سيّدي" …هل عرفتَها؟
الصحفي   : ها … كلاّ
إله الحرب : اِسمَعْ وافتَحْ أذنيك وعينيك وأنفك ايضًا، هذه الكلماتُ هي : 
                الجيشُ،  الوطَنُ،  الحربُ  وآنو  (تحية عسكرية)
سيزيف    : أصبح عددُهم أربعةٌ  
إله الحرب : (ينتبه للصوت، ملتفتًا الى نركال ومؤشرا على سيزيف) من هذ؟!.
نركال       : هذا هو أبو البلاوي
إله الحرب : (مخاطبا نركال) مَن يكونُ هذا المخلوقُ ؟!!.  
نركال       : إنَّهُ سيزيف
إله الحرب : آه هذا أنتَ أيّها القذِرُ!؟ ألا فاعْلَمْ أيّها الصبيُّ أنّ الوطيسَ سيَحْمَى هنا بعد 
                قليلٍ ...واسـ...
سيزيف    : (مقاطعا) اِسمَعْ، أنتَ هُنا في مكتَبي وداري، أمنَعُك مِن إهانتي، لستُ  صبيًّا  
               ولا قذِرا. إنْ كان عندَك ما تُريدُ أن تقولَه لي فافْعَـلْ.. ولكنْ في حدودِ الأدبِ! 
إله الحرب : (لنركال): أتسْمَعُ ما يقولُ! في حُدودِ الأدبِ!
نركال       : مِن حقّه 
إله الحرب : (بتعجّب شديد) من حقِّه!!!!. هل أنتَ جادٌّ فيما تقولُ؟! 
نركال       : نعم جادٌّ ومن حقِّه حسَب البندِ السادسَ عشَرَ 
إله الحرب : حسنًا! إنّ الرئيسَ الأعلى آنو (تحية عسكرية) قد كلّفني بمهمّةِ إيقافِ هذه 
               المؤامَرَةِ أو قلْ هذه الفضيحةِ التي أثرتَها أنتَ (لسيزيف) هذه المهمّةُ سأقومُ 
               بها حتّى النهاية.
سيزيف    : (بسخرية مقلّدا إيّاه) هذه المُهمّة ُسأقومُ بها حتّى النّهاية…
إله الحرب : لذلك آمُرُكَ أن تتبعَني إلى جهنّمَ  
سيزيف    : وإنْ رفضتُ، ما هو جزائي؟!.
إله الحرب :  إنّ آنو (تحية عسكرية) قد توقَّعَ أن تركبَ رأسَك… فاعلَمْ يا أنتَ.. أنّك  إنْ 
                 رفضتَ يَنتظِرُكَ عِقابٌ هائلٌ…ستُجرُّ بالقوّةِ جرًّا إلى جهنّمَ ويُحكَمُ عليك إلى 
                الأبدِ برفعِ صخرةٍ عظيمةٍ إلى قمّةِ الجبلِ حيثُ ستتَدَحْرَجُ منها إلى أعماقِ 
                الوادي، وعليك أن تُعاوِدَ رفعَها في اليومِ الثاني فالثالثِ وهكذا دواليك
سيزيف    : (للصحفي) سجل كلامه ... (لإله الحرب) أهذا كلُّ شيءٍ في جعبتكم؟!
إله الحرب : اجل، وهل تريدُ أقسى من هذا العقابِ؟
سيزيف    : ليس هذا بالعقابِ الهائلِ كما تزعُمُ … ودعني أعْترِفْ ذلك بأنّ هذا الفعلَ 
                ليس جديدًا عليّ فما أصنعُه كلَّ يومٍ على هذه الأرضِ لا يختلفُ كثيرا عمّا 
                تتوعّـدُني به. 
إله الحرب : وَحقِّ الآلهةِ (تحيّة عسكريّة) ما فهمتُ حرفًا واحدا ممّا قلتَ  
سيزيف    : (للصحفي) هذا شلون إله غبيّ (يعود إلى كتابه) ممكن تغلق الباب وراءك!
إله الحرب : كلا  لن اخرج مالم تكن معي …فقد أمرتُك…فهل تتبعُني؟
سيزيف    : كلا طلا طلا طلا (وهو  مستمر في كتابة في كتابه)
إله الحرب : في هذه الحالِ أعرِفُ ما بقِيَ عليّ فعلُهُ
سيزيف    : اِفعَلْ ما تُريدُ وانطَحْ راسكَ في أربعةِ حيطان. وبعد فإنَّ"المُبلّلَ
              ما يخاف من المطر"
إله الحرب :  اذن حان وقتك ...
سيزيف    : "إيد الحمار لا تحك ولا تصك"
اله الحرب : (يشهر مسدسه ويندفع الى سيزيف... يقف سيزيف شامخا)
نركال      : (يندفع بسرعة نحوإله الحرب) ماذا تفعلُ يا صديقي؟ هذا مُخالِفٌ للقانونِ كلّ 
               المُخالَفةِ بل لا فائدةَ منه.
إله الحرب : (متعجبا) لا فائدة منهُ..!!! سوف نرى (يصوبُ المسدسَ نحو سيزيف 
               ليرميَه برصاصةٍ  فيَخرُج ماءٌ فيرمي مسدسه)
سيزيف    : (مصفقاً وضاحكًا) هاتِ ما عندك   
إله الحرب : أتضحك أيّها القذرُ؟ (يسحب سيفَه فإذا هو مبتور فيرميه…وسيزيف يضحك 
               دائما بصوت مرتفع ثمّ يسحب خنجره فإذا هو معقوف فيرميه أيضا  
               ويستعمل قوس النشاب فاذا هو مكسور).
سيزيف    : (لا ينقطع  عن  الضحك) انظروا ... ينطبق عليه هذا المثل : طوله طول 
              النخله وعقله عقل الصخله.
إله الحرب : انا عقلي عقل الصخله ...!!!!! اذن خذ هذه (يرمي قنبلة على سيزيف الذي 
                يمسكها بيده فتتحوّل إلى زمزمية ماءٍ فيغسل وجهه ثمّ يرميها على إلهِ 
                الحرب الذي يُسارع إلى الفرار خارج خشبة المسرح…
               يُسمَع صوت انفجار فينبطح الجميع بينما يقهقه سيزيف ساخرا منهم) 
نركال      : (ينهض ويتّجه نحو المكان الذي هرب إليه إله الحرب يصيح قائلا) ألُمْ أقُلْ 
               لك إنّ هذا مُخالِفٌ للقانونِ .. ألمْ أقلْ لك لا فائدةَ من التهوّرِ.. هل أنتَ بخيرٍ 
              (لا جواب فييعود لمكانه) أنا لم أقرأْ أو أشاهدْ إلهَ حربٍ يفرُّ من ساحةِ 
              المعركة
سيزيف    : انه جبان
نركال      : ماذا؟؟!!
سيزيف    : انه جبان
الصحفي   : (يُسمَع صوتُه وهو يكتب) إنّه جبان
نركال      : (للصحفي) ماذا كتبتَ؟
 

                                    المشهد الخامس
(نرى ظل شخصيتين، من خلال سلويت Silhouette، مع سماع أصواتهم )
الاعيان   :  سيزيف! سيزيف سيزيف اين انت يا سيزيف؟! أهذا هو دار سيزيف.
صوت    : انه الدار الاول الى اليسار. 
الاعيان  : شكرا لك.
إظلام
 

                                        المشهد السادس 

(العودة للمشهد الرابع في دار سيزيف)

العين/ 1  : (يدخل) إننا وافدون من قبل ...
العين/ 2  : (يدخل) مجلس أعيان البلاد العظيمة.
             (الصحفي يبدأ بالتقاط الصور لهم اين ما ذهبوا)
سيزيف  : (بغضب) ألا يمكن أن أخلد الى الهدوءِ لحظةً واحدة.
الاعيان  : اسفين على الازعاج
سيزيف  : ماذا تريدون منِّي؟!.
العين/ 1 : نحمل اليك رسالة ...
سيزيف  : رسالة!!!!... أيّةَ رسالةٍ ؟!!!!
العين/ 2 : هذه هي يا سيّد سيزيف، ولكن عِدْنا ألاّ تغضبَ 
سيزيف  : كلا، لن أغضَبَ، هاتِ ما عندَك (يأخذ الرسالة يقرأها ثم يمزقها ويرميها)
العين/ 1 : إذنْ فاسمَعْ يا سيّد سيزيف
العين/ 2  : هذه الحالةُ لا يُمكنُ أن تدومَ
سيزيف   : أيّةً حالةٍ 
العين/ 1  : الحالةُ التي أوجدْتَها أنتَ.
العين/ 2  : لا يُمكننا العيشُ هكذا يا سيّد سيزيف
سيزيف   : لا يُمكنُكم أن تعيشوا؟! ومنُّو لازمكم؟
العين 1   : نعم الرعاع سيطالبون بتوزيع الأراضي... هل تسمع!
العين1،2 : بتوزيع الأراضي
سيزيف   : (ضاحكا) وبعد
العين1    : كيف وبعد؟!
 العين2   :  (للجميع) ياااااااالِلْهوْلِ !!! إنّه يقولُ : وبعد؟
العين1    : بله مو واحد هسه يلطم
العين2    : هل هذا ما يثيرُه في نفسك كلّ هذا العملِ الشنيعِ ؟
سيزيف   : هل لكم أن تُفصِحوا؟ 
العين1    :  إنّ الشرطةَ قد أصبحت عاجزةً
العين2    : و الجيشَ كذلك 
العين1    : والحرسَ الوطنيَّ المحمِيَّ بالآلهةِ 
العين2    : وأصبحت كلُّ الآلهةِ عاجزةً
العين1    : ومجلسُ الأعيانِ أيضًا لا يحُلُّ ولا يربطُ 
العين2    : والجلّادُ تمزّق سوْطُهُ  
العين1    : وتعطّلتْ عمَليّاتُ الشنقِ وتمزيقِ الأجسامِ 
العين2    : والضّربِ بالسيوفِ والمطارِقِ 
العين1    : وعمليّاتُ الحرقِ وقطعِ الرّؤوسِ في الشوارعِ والطرقاتِ 
العين2    : والخطفِ في الظلامِ  !!
العين1    : وإغتصابِ النساءِ تحتَ الأنظارِ 
سيزيف    : وَلِـمَ كلُّ هذه الأفعالِ الشرّيرةِ؟ وَلـِمَ وَلـِمَ وَلِمَ. أمَا يكفيكم حرقُ الأخضرِ 
                واليابسِ
العين2    : لا أحدَ يتطاولُ على آلهتنا المبجّلَةِ 
العين1    : هي تأمرُ ونحن ننفّذُ 
الصحفي  : (نسمع صوته) هي تأمرُ ونحن ننفّذُ ... خرفان.
سيزيف    : ثم ماذا؟
العين2     : (للجميع) ثم ماذا ؟! يقول ثم ماذا … إنّ تعابيرَه لَمضحِكةٌ حقّا 
العين1     : ومبكية
العين2     : لذلك جئنا إليكَ بأسم مجلس الاعيان 
العين1     : وباسْمِ جميعِ الآلهة 
العين2     : وباسمِ الدولةِ والشريعةِ الخُلُقيّةِ 
العين1     : وباسْمِ الدياناتِ المقدّسَّةِ 
كلاهما      : جدّا جدّا جدًا 
العين2     : جئناكَ يا سيّد سيزيف لمصلحةِ بلادِنا العظيمةِ 
العين1     : ومُحافظَةً على الطبقاتِ الراقيةِ من الأمّةِ العريقةِ الجذورِ 
العين2     : وأيضا من أجلِ رخاءِ الوطنِ وإسعادِ الشعبِ  
 العين1     : كِلاَنا جئنا نرجوكَ بحرارةٍ 
العين2     : (موبخًا العين 1) لا لا، هذا مو خوش تعبير، قلْ بعبارةٍ أوْضحَ جئنا نتوسّلُ  
               إليك (صمت)
سيزيف    : (يُطبق كتابَه ويطوف حولهم) حسنًا! وماذا تريدون أن أفعَل؟
العين1     : نريدكَ أن تُعيدَ القلم 
سيزيف    : الى منَ ؟؟؟!!!
كلاهما     : (بصوت عالي) إلى إلهِ الموتِ 
نركال      : (يصحو من قيلولته) بشرفي بعرضي! هذا أفضلُ حلٍّ …وحقِّ الإلهِ طلعت 
               روحي …شنّي هاي …صرتُ عطّال بطّال ... (يعود لقيلولته)
صحفي    : (وهو يكتب) صار عطال بطال ... 
سيزيف   :  (للصحفي) اكتب مثل العربانه الخربانه ... لا نفع ولا دفع
                  (الصحفي يعيد الكلام وهو يكتب)
العين2     : إذنْ …أعِـدْ إليه القلمَ حتى يشتغل ...
العين/ 1   : ويشوف دربه خطيّه
الصحفي   : خَطيّه بالقويّه
العين2     : رجاء أعِـدْ إليه القلمَ 
سيزيف    : (صارخا بغضب). ماااااذااااا؟ (يتراجع الأعيانُ وقد تملّكهم الرعبُ) 
نركال      : (يقع من مكانه) ماذا جرى....!!!!
العين 2    : قلنا له : أعِدْ إليه القلمَ  
نركال       : (ينهض ويعود لمكانه) أرأيتَ ؟ كنتُ واثقا أنّهم لن يُؤيّدوك في نظريتك 
               (يذهب الى الاعيان) يا لكم من مواطنين شرفاءَ وما أعظمَ سروري بكم أيّها 
               الهالكونَ الطيّبون … إنّكم لَأهلُ الفضلِ والواجبِ …أيّها الهالكون ما أحبَّ 
               وجوهَكم إلى نفسي  وما أشبَهَ أرواحَكم بروحي!!
سيزيف    : (للصحفي) و أنتَ ؟ ألا تقولُ شيئًا ؟…ما رأيُك؟
الصحفي   : رأيي أنّي كتبتُ وسأكتُبُ عن كلِّ هذا مقالةً رائعةً
سيزيف    : (بمرارة) مقالةً رائعةً!! .... (الى الاعيان) هكذا إذن! أنتم تُؤثِرون الموتَ 
               على أن تفقِدوا ممْتلَكاتِكم. 
               (أثناء جميع المداخلاتِ ،يواصل الصحفيُّ الكتابةَ والتصويرَ بالكاميرا)
العين2    :  وماذا نفعلُ، سيّد سيزيف؟ 
سيزيف   : ماذا تفعلون؟!! الأمرُ بسيطٌ جدا ...أعْطُوا  كلّ َما ليس لكم 
العين1    : وبِمَ نعيشُ؟  
سيزيف   : والفقراءُ !؟ بماذا يعيشون ؟!!!!.
العين2    : ألأمرُ مختلفٌ جدًا. 
العين1    :  أتُقارِنُ الرَّعاعَ بنا؟؟!
العين2    : الرّعَاعُ يجهلون وضعَنا و مفهومَنا و فكرَنا و مصالحَنا العميقةَ 
سيزيف   : بل إنّكم أنتم تجهلون حتّى أنفُسَكم لتبعـيّتِـكم للآخرين مثل الذيول… ألا 
              تفهمون أنّ معركتي هي معركَتُكم، وأنّي بإنقاذي لنفسي إنّما أحاولُ إنقاذَكم؟ 
              أتَتَمنُّون الموتَ ؟ (يعود إلى كتابِه يقرأ فيه غيرَ مُبالٍ بهم)
العين1    : كلاّ ، طبعًا 
 العين2   : (بتملّق وبخبث) يابا! بشرفي، بعِرضي، وبلا شكٍّ! إنّ محاوَلَتك لنبيلةٌ
العين1    : نبيلةٌ جدا وجميلةٌ جدا وبشرفِ جميعِ الألهة! 
العين2    : ونحن نصفّقُ لها من القلبِ (يصفّقان) 
العين1    : ولكنّها مشكلةٌ عويصةٌ جدا، بل هي الطامةُ الكبرى 
العين2    : لأنّها محاولَةٌ جنونيةٌ - حسب رأينا.. لالالا حسب رأيهم…جنونيّةٌ وخياليةٌ 
               وجديدةٌ عليهم وعلينا. 
العين1    : أو لِنقُلْ على الأقلّ إنّها سابقةٌ لأوانها
العين2    : وهي حتما محاولةٌ محكومٌ عليها، ربما، بالفشلِ الذريعِ
العين1    :  نعم نعم ، إنَّها ربما ربما محاولةٌ فاشلةٌ  
العين2    : طبعًا فاشلةٌ لأنّ أبا الآلهةِ قويٌّ جدا يا سيّد سيزيف
العين1    : وهو ذو سلطانٍ عظيمٍ 
العين2    : وينتصرُ دائما  
العين1    : في كلِّ زمانٍ و مكانٍ 
سيزيف   : (يقف صارخا) كفى ى ىى ى !! (يتراجع الأعيان ونركال يقفز من نومه ثم 
                يعود لنومه) هل تسمعون؟  كفى إنّي أشمئزُّ منكم … هل تسمعون؟!    
                                              (صمت)
العين2    : وووووولكن…لابدَّ لنا من سماعِ رأيِك يا سيّد سيزيف
سيزيف   : (بعزم ويتوجه نحوهم)  رَدّي؟  هو… لا وألفُ لا ...(يذهب لإتمام كتابـِه)               
العين1    : (بصوت عالٍ لسيزيف) لماذا لا.. يا مولاي
نركال      : (يُفيق من نومه) نعم، مَن يناديني؟ 
العين2     : (للمعين 1) هو مِنو ناداه؟ 
العين1     : مولاي عُدْ  إلى نوْمِك من فضلك 
نركال      : أتعلَمون أنّ ذلك القلمَ الأسوَدَ الذي أدَّتْ سرقتُه منّي إلى العجزِ…هذا العَجْزُ
العين2     : مولاي  نعلَمُ عِلمَ اليقينِ…
العين1     : أنّكَ الآن لا تحُـلُّ ولا تربِطُ 
العين2     : وهذا مُؤسِفٌ 
نركال       : المُؤسفُ للغايةِ …ماذا كنتُ أقولُ لكم قبل قليلٍ ؟
العين1     : (للمعين 2) هذا مْضيِّعْ جْعابه
العين2     : ما يعرفْ راسَه من رِجليه 
نركال      : (صارخا) ماذا كنتُ أقولُ منذ قليلٍ ؟
ألأعيان    : (بصوت واحد) وإحْنَه شْـمْـدرِّينا
 نركال      : أنتم … لماذا جِئتم إلى هنا؟ .!!.
العين1     : ها .... تقصد .....
العين2     : (مُقاطعا)  القلمَ الأسودَ !!   
نركال      : نعم نعم نعم  القلم (يقترب منهم فيتراجع الأعيان خائفين…يُطمئنهم) لا 
               تخافوا منّي فأنا لا أستطيعُ أن أفعلَ لكم شيئًا 
العين/ 1   :  كلاّ يا موْلانا … وكيف نخافُ منك؟ 
العين/ 2   : وخاصة ليس معك القلَمُ 
نركال       : اجل ليس معي ، بل هو الان في جيبِ سترة سيزيف (بصوت خافت) 
                 (العين 1 ينظر الى العين2) 
العين/ 1   : مولاي…ألا يُمكنُك (يستعمل يده في حركةٍ عنيفةٍ تعني خطفَ القلمِ)
نركال      : كلاّ، لا أستطيع، مع الأسف الشديد 
العين1/    :  وحتى إله الـــ…
نركال       : (مُقاطعا)  لا يستطيع ... وحتّى أبُ الآلهةِ  لا يستطيع
العين2     : طيّب يا مولانا... هل نستطيع نحن ...
نركال      : ها ... ليس تمامًا... بل هو ممنوعٌ فالقانونُ هو القانونُ : ليس من حقِّ أحَدِ 
               الهالكين أن يستوْلِيَ بالقوّةِ على ما في يدِ هالِكٍ آخرَ …
العين 1   : لكن نحن لسنا من الهالكين!!
نركال      : (ضاحكا) بل جميعكم من هالكين حسب القانون والدستور العميق ...
العين 2   : اذن لا نستطيع اخذ القلم منه
نركال      : ممكن إلاّ…
الاعيان    : (يُقاطِعونَه في نفسِ الوقت) إلاّ ماذا؟ !!!.  
نركال       : إلاّ إذا كان ذلك مِن بابِ المُزاحِ واللعبِ … دُعابَةٌ ظريفةٌ بين الأصدقاءِ  (في 
                لهجةٍ جادّةٍ) وأستطيعُ أن أؤَكِّدَ لكم… (يصمت)
العين1     : تُؤكّدُ ماذا يا مولاي؟
نركال      : أنّكم ستُثابُون على هذا العملِ 
الاعيان    : (في صوتٍ واحدٍ): ما راحْ نْموتْ أبدًا؟
نركال      : أجلْ، في العالَمِ الآخَـرِ   
الأعيان    : (ينظرون إلى بعضهم البعضِ في استغرابٍ) في العالَمِ الآخَر!!!!!!
نركال      : هناك اكو كولشي وكلاشي 
العين/ 1   : بِشَرَفِكَ، يعني؟ …
العين/2    :  كولشي مجانا
العين/ 1   : مولانا، ليش ما تروح انت اولا واحنه نجي وراك بعدين؟!
نركال      : انا الآنَ مثلكم ما باليد حيلة … اِبْدَؤوا اللعبةَ معه الان انها فرصة ثمينة 
الاعيان    : (للتمويه مبتعدين من نركال باتجاه سيزيف) لا لا لا نحن لسنا معك.
العين2     :  سيّد سيزيف، نحن قرّرْنا …
العين1     : ان نكون معك وندعمك في كل خطواتِـكَ
العين2     : ونُريدُ أن نلعَبَ معك لُعبةً المحبة والوئام 
العين1     : حتّى تَتَوطَّدَ علاقتُنا ونتوحد وتنتصر عليهم
العين2     : و تزدادَ ثِقتُنا ونبقى جدارا منيعا وشوكا في عيون الاعداء 
العين1     : ونصير كتلة واحدة موحدة 
سيزيف    : هل أنتم جادّون 
العين2     : أجل
العين1     : بالتأكيد
سيزيف    : لا مانعَ لديّ … على أن يشتَرِكَ معنا إلهُ الموتِ 
نركال      : كلاّ، دعُوني خارِجَ اللعبةِ ... ألا يكفي ما جرى لي!
العين2     : موْلانا، رغم اننا لسنا معك وانت لست معنا تعالَ الْعبْ.
العين1     : لاسيما وانت ليس لك ما تخسره
العين2     :  وخاصًة، أنتَ أعلنتَ الإفلاسَ 
العين1     : وبعد ما وقع الفأس على الراس
نركال      : حسنا حسنا، وكيف نلعبُ؟!  
سيزيف    : طالما  أنّ الإخوةَ الأعيانَ قد اقترحوا اللعِبَ فأنا مَن يختارُ اللعبةَ 
العين2     : موافقون (يغمز صاحبَه و إلهَ الموت)
العين1     : أنا عندي إقتراح قبل البدء اباللعب ِ!
سيزيف    : ما هو؟!
العين 1    : كيف نلعب وجميعنا نرتدي ملابس ثقيلة؟!
العين 2   : وهل تريدنا ان نخلع ملابسنا ونطلع مثل الطرزان
العين 1   : لا لم يكن هذا قصدي ... فقط نخلع جميعنا سُتْراتنا
نركال      : (للتمويه) كلا، لا اوافق .. كيف اخلع عباءتي!!!
العين 2   : هي بقت على عباءتك يا مولاي.!!!.
العين1     : ما بيها شي فهي مجرد لعبة 
سيزيف    : لا مانعَ عندي إذا خلعَ إلهُ الموتِ عباءتَه السوداء 
نركال      : كلا، لا اوافق
العين2     :  مولانا، قابل بيها قلم أسود آخر!  
نركال      : هاااا… صدقتم … ولكن اِخلَعْ أنتَ أوّلا يا سيزيف 
سيزيف    : كلا اخلع انت اولا
نركال      : لالالا انت اولا
العين1    : أقترحُ أن نخلعَ معا 
الجميع     : موافقون
سيزيف    : حاضر و أنا موافقٌ، و ممَّ الخوفُ … سأعُدُّ إلى ثلاثة  و نخلع جميعُنا
الجميع     : مستعدّون 
صوت    : 1 .. 2................. 3 (يخلع الجميع) 
  (في سرعة البرق، يخطف الأعيانُ سترةَ سيزيف و يهربون بها خارِجَ خشبةِ المسرحِ)
اظلام


                                        المشهد السابع
           (نرى خيال الاعيان من خلال السلويت وهم يتنافسون على السترة)
اظلام


المشهد /8 - العودة للمشهد /6
سيزيف  : (وهو يضحك-يأخذ عباءةَ إلهُ الموتِ و كتابَه الأسودَ و ينادي):
              تعالَوْا، خذوا أيضا هذه العباءةَ وهذا الكتابَ!
نركال    : (بفرح وثقة يقترب من مكان خروج الاعيان) 
             أيّها الأعيان الأعزاء، عُودُوا وسلِّموني قلمي… عودوا بسرعة، أين أنتم؟ 
             أيّها الأعيان، عُودُوا .... هاي وين  صارو هذوله بس لا باكو القلم وهربوا..
             (يعود الأعيانُ خائبين منكسرين بعد ان فتّشوا السترةَ )
نركال    : (يسرع نحو الاعيان) هاتوا القلم؟!!!
العين2   : مولانا... يا قلم يا بطيخ... لم نجد فيها سوى هذه   (يرفع خيار او ترعوز)
الصحفي  : (ضاحكا مع سيزيف) نكعـوها وخلِّلوها واشربوا من ميَّها
سيزيف   : (يرتدي عباءةَ نركال و يُخرج القلمَ من جيبِ بنطلونه) لماذا سرقتم سترتي؟  
العين1   : (يشير إلى إله الموت وهو يرتعد خوفا): ههههههووووووه…
العين2   : نعم… هههووووه… الذي أمَرَنا …
العين1   : لكيْ نُعيدَ إليه قلمَه !!
سيزيف  : لكي تعيدوا له القلم!!!! او حتى تسرقوه يا ملاعـين...يا لَكم من أغبياءَ! 
              كيف تخيّـلْتم أن أخلعَ سترتي وفيها القلمُ؟ 
صحفي   : (بفرح ويصور بكاميرته) واخيرا..غدا سيقراُ العالَمُ أعظمَ مقالةٍ في التاريخِ 
سيزيف  :  (يمزّق كتابَ إلهُ الموتِ  الأسودَ و يرميه عليهم … ومع موسيقى... 
             تصاحب سيزيف وهو يرتدي عباءةَ إلهِ الموتِ و يطاردُه و معه  الأعيانُ 
             ركضا على خشبةِ المسرحِ ِ  والعباءةُ تتطايرُ خلفَه بفعلِ السرعةِ حتى 
             يسقطوا أرضا. أمّا الصحفيُّ فيصعدُ إلى مكانِ مرتفعٍ  ليصوّرَ الأحداثَ.
             يتقدّم سيزيف إلى وسطِ خشبةِ المسرحِ، يفترِش عباءةَ إلهِ الموتِ ثمّ 
            يرمي القلمَ فوق العباءةِ و يخاطب الجمهورَ ) :
             مَن منكم يستطيع أن يأخذَ القلمَ … لا أحدَ … لا أحد يحاول أن يأخذَ القلمَ إذ 
            تتصوّرون أنّكم من الهالكين فمتى تصحُون من غفلتكم ؟؟متى ؟!؟!
 (يأخذ سيزيف القلمَ، يكسِرُه ويسحَقُه بحذائه …ثمّ يأخذَ كتابَه الأبيضَ، يرفعُه بين يديه   
 فنشاهد على  الغلافِ صورةَ شخصٍ يحمل صخرةً كبيرةً يصعد بها الجبلَ  وتحتها عبارة
"هل آنَ لهُ أنْ يَنتهيَ"
تأليف سيزيف
 
العرضُ مستمر ....

.......................................................................
* عن رواية الفرنسي روبيرت ميرل(Robert Merle)  باسم: (سيزيف والموت - Sisyphus & Death ). مترجمها للغة العربية : يارا سميح شعاع
** تم عرضها، باسم (سيزيف والموت) من اعداد واخراج الطالب موفق ساوا، على مسرح كلية الفنون الجميلة/ قسم الفنون المسرحية/ فرع الاخراج - جامعة بغداد عام 1997م (كأطروحة تخرج - فرع الإخراج) فنالت درجة الامتياز 98%.
ــ  تم تغيير أسمـاء آلهة الإغريق الى آلهة بلاد الرافدين بقصدية
ــ التنقيح اللغوي الاستاذة : زينب حداد/ تونس
*******
كلمة المؤلف
المسرحية فيها عنصري، التشويق والغموض لأنه يترك نهاية سيزيف مفتوحة في مستوى النص، ومادام سيزيف رمزا لفكرة النضال ضد الأقدار أو (سياسيا) ضد القوى القمعية الغاشمة فإنه يترك في المتفرج سؤالا وهو هل يمكن لإرادة الانسان أن تقهر كل القوى الجبرية؟؟؟!!
شخصيا، جمعت بين الأسطوري والواقعي السياسي وفيها روافد ثقافية متنوعة و فيها سيزيف هو في الأسطورة بطل وفي مسرحيتي رمز لفكرة، فكرة إيمان الانسان بحرية الإرادة والقدرة على تغيير الواقع ثم إن المسرحية  ليست موجهة إلى عامة الناس بما فيها من ترميز بل إلى متفرج / قارئ مثقف  قادر على الفهم و التحليل. 
سيزيف، في نصي، يحاول تنوير الشعوب بانهم قادرين ان يقرروا مصيرهم بدون خرافات واساطير ودعوته لان ينهضوا وياخذوا زمان امرهم بنفسهم بدون اتكالهم على على الاله المشعوذين... هذا ما أُريدُ ايصاله من خلال هذه المسرحية .

د. موفق ساوا/ سيدني
Dr. Muwafaq Sawa
Ph.D. Drama
Address: aliraqianewspaper@gmail.com
Facebook : Aliraqia Newspaper
WhatsApp : +61 423 30 3508

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق