مجلة الفنون المسرحية
قبعة العدل عند كامو
البير كامو(1913\1960)كاتب فيلسوف روائي وكاتب مسرحي ولد في قريةالذرعان (مندوفي)بولاية الطارف حاليا .جاء ابوه من فرنسا مع الكولون الفرنسي الذي استولي علي اراضي الفلاحين الجزائريين غصبا وظلما .توفي ابوه بعد سنة واحدة من ميلاده وفي السنة الاولي من قيام الحرب العالمية الاولي .عاش حياة يتم ولكنها لا تساوي يتم ابناء الجزائر وعاش حياة فقر ولكنها حياة بدخ مقارنة بحياة الفقر لاطفال الجزائر .ميلده في الجزائر جعل الكثير ممن كتبوا عنه ينسبونه للجزائر قائلين بانه كاتب جزائري كما يفعلون مع ماسياس المغني اليهودي .وهذا جهل منهم بالحقائق. كاموا ليس جزائريا ومولده في الجزائر لا يمنحه صفة الجزائري فهو عاش طيلة حياته حاملا لجنسية فرنسا ولم يذكر يوما انه جزائري وقد اختار عن قناعة كنا ذكر في روايته الغريب اختار الام .وحضنها والام رمز للوطن الام اي فرنسا وفي اغلب اعماله كان ذاك اختياره .
كتب كامو عدد قلبلا من الاعمال المسرحية منها كالبجولا وحالة طوارئ والحصار وسوء تفاهم والعادلون. هذه الاخيرة جاءت رد فعل منه علي مسرحية جان بول سارتر الايذي القذرة واذا كانت مسرحية سارتر اختارت مجري احداثها في بلد من الخيال نحته سارتر من كلمة ليبيرتي الفرنسية ليصبح البيريا التي يعتقد اغلب الدارسين انها هانغاريا فان كامو اختار ان تكون مدينةاحداث مسرحيته واقعية وهي روسيا في بداية البناء البولشيفية فيها .يتحدث سارتر في مسرحيته عن التخطيط لاغتيال خائن طاغية اختار ان تكون بلاده الي جانب المانميا وايطاليا الفاشيتين . والمجموعة التي تخطط لهذه العملية مجموعة من المناضلين في الحزب الشيوعي ويختار كامو كحدث لمسرحيته تخطيط مجموعة من المناضلينةفي الحزب البلشفي الروسي اغتيال الطاغية الدوق الكبير.
يعمد كامو الي القول بان هذه المجموعة هي العادلون لانهم يحاربون الظلم واغتيالهم للدوق هو العدل واذا كان سارتر يصف من يخططون لاغتيال حاكم البيريا بالارهابيين فان كامو يصفهم بالعادلين .وفي غمرة ذلك ينسي كامو ان ابناء الجزائر الذين يخططون لاغتيال الكولون الفرنسي وطغاة الجيش الفرنسي هم كذلك عادلون لانهم يبحثون عن تخليص وطنهم من الاحتلال والطغاة الفرنسيين الذين سلبوهم اراضيه .بل لا يتردد في وصف ابناء الجزائر بالارهاب ولم يكن له موقفومن اغتيالات الجيش الفرنسي لازيد من45الف مواطن جزائري بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وعشية الاحتفالات بانتصار الحلفاء علي المانيا النازية . فمجد ما حدث في روسيا وادان مظاهرات الجزائريين ووصفهم بالارهاب ورأي فيما فعلته فرنسا بهم عدلا .وهكذا يصبح هنا تلطاغية عادلا وتلعادل ارهابي عكس مسرحيته تماما لماذا لانه لا يعتقد بان من حق الجزائري الثورة ضد من اغتصب ارضه ولا اعتبر نفسه جزائريا.
اعتمد كامواةفي مسرحيته هذه التي قدمت لاول مرة علي ركح المسرح من طرف مسرح هيبورت سنة1949وبطولة عشيقته ماريا كزاريس وهي في خمسة فصول.
قلت اعتمد فيها بشكل خاص علي كتاب بوريس ستافانكوف(ذكريات ارهابي).عبثية كامو تعبث حتي بالوقائع التاريخية .لذلك ما هو عدل عنده في دول اخري لا يعد عدلا بالنسبة له في الجزائر التي ثارت من اجل استعادة سيادتها واستقلالها .وهو هنا وفيا لموقف ابيه الذي جاء رفقة الكولون واستولي علي اراضي ليست ملكا له بل هي ملك لفلاح جزائري واستولي عليها وبني فوقها مسكنه.كامو لا يعتبر موقف هذا الفلاح وثورته ضد اب كامو عدلا بل يعده ارهابا ويعد موقف ابيه هو العدل تلك هي قبعة العدل في المفهوم الكاموي .
مسرحية العادلون له تنصف البلشفي الروسي وتعارض الثائر الجزائري . لان الروسي بعيد عن فرنسي في الجزائري الذي تحتل فرنسا ارضه لو يقف كامو الي جانبه يعني انه يقف ضد بلده فرنسا وهو لا يريد معاضة سياسة بلده علي النقيض من مواطنه سارتر الذي اعتبر ما تقوم به فرنسا في تلجزائر من اغتيالات وانتهاكات لحقوق الانسان عار عليها .فكامو هنا كانت تهمه مصلحة بلده ولا تهمه حقوق الانسان او عدالة قضية انسان الجزائر في محاربة الاحتلال الفرنسي..لماذا لانه اختار كما سبقت الاشارة ومنذ غريبه الوقوف الي جانب امه مهما كانت عدالة القضية التي تكون امه طرفا فيها.
ورغم ذلك لا يمكننا سوي القول بان مسرحية العادلون لكامو مسرحية مأساوية محكمة الكتابة جميلة اللغة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق