تصنيفات مسرحية

الجمعة، 27 أغسطس 2021

مسرحية مونودراما " أزهار " تأليف جميل الرجة

مجلة الفنون المسرحية


مسرحية مونودراما " أزهار " تأليف جميل الرجة 

 

( على جهة يسار المسرح منضدة مع كرسي واحد قربها طباخ منضدي على يمين المسرح مرآة وعدة تجميل ودولاب ملابس مع علاقة ملابس وعليها فستان ابيض في وسط المسرح إلى الخلف سرير كبير يخلو من الافرشة )

(تخرج المرأة من جهة يمين المسرح وتسحب بيدها حقيبة سفر وتلوح بيدها الأخرى مع صوت قطار تتوقف وسط المسرح )


ركبنا القطار في بداية العمر يبطئ المسير يبدأ الناس يصعدون 

منهم ينزلون في كل محطة 

منهم من نتمنى أن لا ينزل عند وصوله المحطة 

منهم نتمنى أن ينزل قبل أن يصل محطته 

منهم لا نحس بصعوده أو نزوله 

منهم من يرافقنا إلى آخر المحطات 

ولا ينزل كأنه القدر 

بعدها يبدأ الإسراع بالمسير حتى نمسي ونصبح لا نميز وجوه الصاعدين والنازلين ولا نكترث بمن صعد أو نزل السبب ... 

حسبنا القطار سيبقى على مسيره البطيء


(تتوقف وتنام على الحقيبة) 

يقولون يمكننا أن ننسى الحبيب بعد تجربة حب 

أنهم كاذبون , الحب كالجرح يترك أثراً 

لا يمكن أزالته بأرقى عمليات التجميل

حتى سخافة الحبيب لها صور جميلة في القلب 

لا نستطيع أن نحب الأشياء الجميلة في الحبيب فقط

لم يبقى منك في أعوامي كلها 

سوى فنجان قهوتك 

وبقايا كلماتك على شفتي 

كيف يبدو ذلك القلب الذي تمتلكه 

قلبك الذي أحن إليه


( تتلفت يمين ويسار )

وسطَ الدربِ، في رحلةِ حياتِنا، ضللتُ سواءَ
الطريقِ، وأفقتُ لأجدَ نفسي
وحيدة وسطَ غابةٍ سوداءَ، فماذا أقول

يا لها من غابةٍ لم أرَ من قبلُ شيئاً شبيهاً
بظلمتِها، بقسوتِها، بوحشتِها
مجردُ ذكراها، تصنعُ شكلاً للخوف


(تفتح الحقيبة  )


هكذا هي حياتنا 

(موسيقى فالس)

تبدأ بفستان ابيض وتنتهي بشعر ابيض وما بينهما مزيج من ألوان غير متجانسة 

حتى أصابعي أصابها الملل 

لمسيرها اليومي بخصلات شعري 

ليلي المظلم لا يضيئه سوى شعري الأبيض ورثته منك 

حين غادرت دون علم وسادتي

ما معنى أن نحيا في هذه الدنيا؟

ما جدوى وجودنا في عالم محكوم بالزوال؟ 

ما جدوى أن نعمل؟ ما جدوى أن نأتي للحياة ثم نموت؟ 

( تبدأ بالصراخ وتحمل الفستان على ظهرها )

الصخرة

الصخرة يا سيزيف ما أثقلها

صخرة يا سيزيف ما أثقلها

تلقي الفستان على السرير )) 

(تنظف البيت بمكنسة بيدها تتجول وسط المسرح بعدها  تبحث عن جهاز الراديو لسماع الأخبار أغلب الأخبار عن الحروب في المنطقة )

ليس هناك جديد الأخبار باتت كلها متشابهة,تشبه الطعام حين يتعفن 

هذا هو حالي 

حين مروري في الزقاق ينادي عليّ احد الرجال

( بصوت رجالي )

أيتها السيئة 

التفت إليه ماذا .. ماذا.. ماذا قلت يبادرني قلت أيتها السيدة 

لكني سمعتك تقول أيتها السيئة يجيبني بكل وقاحة هذا ما تشعرين به 

المهم حتى هؤلاء الأشقياء عدت أتمنى رؤيتهم

نخرج صباحا للتسوق ما يدعوني للعيش 

بعد المساء تزحف جيوش الظلام 

تبدأ ترنيمة الأصوات صرخات هنا وهناك نعم يا حبيبي هكذا بدأت الحياة بعد أن ... (تبكي)

في الأيام الأخيرة  بدأت اسمع أصوات

( تهمهم بلحن لأغنية عن الحرب تضرب بيديها على الأرض بعدها يأتي صوت القطار ويختفي تدريجيا تنهض من مكانها تقف لتنظف ثيابها) 

أين وصلنا في حديثنا 

( تقلب علب المكياج )

علب المكياج انتهت صلاحيتها

( تخرج الصور وتحدثها )

حفظت كل الصور وتذكرت أماكنها في الأيام الأولى

الأماكن الجميلة 
لنا في كل بقعة من الأرض مكان جميل 
عدت لا أتذكر الأماكن لا أحس بها

بعض الأحيان ينتابني شعور لا أتذكر اسمي

وجع يزورني كل مساء

أحس أني أموت ببطيء 

أتحسس جسدي كشجرة ميتة لم يتبقى لها

سوى ذكريات لعشاق حُفرت ببطيء ويد مرتجفة 

بعد حين ابدأ ألمم نفسي وسط الخراب 


(تنظر إلى الصور وترميها الواحدة تلو الأخرى)

هل أخذت معك الروح والجمال

(تتلمس الصورة بيدها )

أعطني شيئا حدثني عن جمالي 

أتحسس وجهك خلال زجاج الذاكرة، يتسلل لاصابعي  طعم بقاءكِ المُتعِب، 

لا زال مذاق طعم اسمك على شفتي،  أناديك كل مساء 

حبيبي

يجيبني طيفك بكلمات دافئة، 

حبيبي

اعرف انك تشاطرني  نفس الذكرى من مكانك في الجانب الآخر .

حبيبي

 حين غادرت لم يبقى لي سوى ذلك الضوء المنبعث من ذكرياتي 

نعم

اعرف انك ستأتي كالضوء الأول للفجر 

طال وقوفي أنا وقلبي الصغير 

( تجمع الصور الواحدة تلو الأخرى وتنظر إليها)

( بهمس )أكرهك 

(يتصاعد الصوت)أموت منك 

(تضحك)أكرهك 



كم تمنيت موتك كل صباح 

عند المساء أجهش بالبكاء وأتوسل الرب يبقيك

أمي تقول ظل رجل ولا ظل حائط


( تتكلم بدون صوت بعدها تطلق صرخة )

أنا وحيدة 

 أقولها  كل يوم 

أنا وحيدة وسأبقى وحيدة 

أجيد الحوار مع 

الجدران 

الوحدة 

شر 

أي شر أكثر مما أنا فيه

الموت بطيء 

شر

سجن انفرادي 

شر

صباح الخير

شر 

مساء الخير ... شر

المساء يبدأ بصناعة تابوتي 

اسمع طرقات 

الآهات .. التنهدات .. الخيبات 


(تذهب إلى السرير وتأخذ معها البدلة العسكرية )

أين المفر ماذا افعل في أيامي القادمة 

هل هناك عنوان لأيامي القادمة 

من يعيد الحياة لهذا الجسد 

من يسقي غاباتي 

أحن لمياهك الدافئة لتعيد الاستقرار لي 

لتذيب الجليد عن شرفات جسدي

لم يعد طعم لكل مشاربي ومأكلي 

يدك مررها على كل شيء لتعيد الحياة 






(تستلقي على فراشها تمدد قدميها بعدها تضم ركبتيها إلى صدرها تتقلب تحتضن الوسادة مع حركات أخرى)

احن إلى أنفاسك

عصيُ هذا الجسد عن يدٍ لم تعرف الدفيء 
حين تغطّي أيامك الثلوج فالحرائق أولى بها 
أريد رجلاً يزيل الثلج عن شرفة كوخي

أريد رجلاً يرفع خصلة عن عيني .. 

أريد رجلاً يجيد الهمس في أٌذني

( بهمس ) احبكِ 

(يتصاعد الصوت) احبكِ 

(تصرخ) احبكِ 


( تفز وتقف وتحدث الجمهور)

حدّثني سريري 

مللت من جسدك الميت 

أنا صنعت لجسدين

ضجرت منك

دائما وحيدة 

( تحدث السرير )

وجع بين الأضلع

شوقي ينمو مع ظلمة الليل 

لم يتبقى لي سوى دمعة على خدي

تشق مسيرها لتطعم شفتي العطشى 

في الليل كل ذكرى مباحة 

الليل نياح والصباح رباح 

الوحدة أنيسي حين ينام الجميع 

نم يا قلبي الكل نيام 

ذبلت الشموع 

أغمضت المصابيح عيونها

حين أنام يشاركني الوسادة شعري كأنه راية استسلام

 

( تطرق برأسها)

حين يجّن الليل 

تأتي فراشة عند نافذتي

تحدثني عن اختفاء أزهار حديقتي


(تكفكف دموعها وتسير ذهابا وإيابا وتهز يديها )

ما أقساها الذكرى 

حينا تكون 

عطر

قهوة 

العصافير لم تعد على نافذتي

الرصاص أتى على كل أزهاري

( تذهب إلى المزهريات )

لعل أجد بعض الأزهار

(تقلب المزهريات ويتساقط منها ظروف الرصاص )

هذا كل ما تبقى من أزهاري

( تقلب المزهرية الأولى )

رصاص

( تقلب المزهرية الثانية )

رصاص

( تقلب المزهرية الثالثة  )

 رصاص

( تقلب المزهرية الرابعة )

رصاص

 (تضع ظروف الرصاص في المزهرية )

عذرا مزهريتي لقد غادرت أزهاري 



(يحل المساء ويبدأ المسرح بالظلام )

(تقترب من المرآة بعد أن تشعل مصباح وتحمله بيدها تقربه من وجهها)

زولي أيتها البقعة اللعينة أقول, زولي واحد, اثنان ههههه,

إذن حان الوقت لفعلها جهنم مظلمة 

يا لقسوة الأيام الأشهر أو لنقل السنين أذا قدر لنا أن نعيش


(رقصة تعبيرية بعدها تنهار الممثلة صوت قطار وبعدها يذهب صوت القطار تدريجيا الممثلة بحركات تعبيرية تعبر عن الذهاب أو البقاء بدون حوار )

) أغنية لكاظم الساهر عن العراق )

( تبدأ الممثلة بترتيب المكان إلى وضعيته في بداية المسرحية للتعبير عن البقاء والأمل )

( تمت )


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق