الشخصيات:
الدكتور أمجد
عمرو
محمود
وليد
حاتم
تجرى أحداث المسرحية في ستوديو صغير خاص بالدكتور أمجد
المشهد الأول
(المشهد عبارة عن منضدة وسط المسرح يحيط بها أربعة كراسي، اثنان في الصدارة واثنان على اليمين واليسار ويوجد على المنضدة كاميرا، وباب من اليمين خاص بمدخل الاستديو، وباب من اليسار يوصل للمطبخ والأماكن الداخلية للاستوديو، ويوجد منضدة في العمق على اليسار عليها ريموت وهي مجاورة لشاشة عرض تقع في بانورما المسرح يعرض عليها فيلم والمشهد المعروض من زاوية منخفضة)
يفتح الستار
(عند فتح الستار يكون الصوت هو صوت المشهد بالبانورما، والإضاءة هي اضاءة الفيلم، مع وجود إضاءة أخرى محددة على الممثلين والعناصر الرئيسية (المنقولات)، نشاهد ثلاثة من الشباب، اثنان جالسان حول المنضدة، هما: على اليمين (عمرو) وهو شاب ذو لحية مهذبة ويرتدى ثياب بسيطة ومهندمة وأمامه دفتره، و(وليد) الذي يجلس في الصدارة، وهو شاب نحيف يرتدى نظارة، مهندم ويرتدى ساعة ماركة، ويبدو من مظهره مستواه المادى المتيسر ويمسك بالكاميرا التى أمامه ويبدو أنه يضبط زواياها ويعلق على الكرسي شنطة ظهر وأمامه دفتره، والشاب الثالث (محمود) ذو لحية بسيطة غير مهذبة، يمشي في المكان ذهابا وإيابا ثم يتوقف أمام مشهد الفيلم في البانورما يشاهده. حين يدق جرس الباب، يخرج الدكتور أمجد ويمسك الريموت ويخفض صوت الشاشة، ويتحول وجه الشباب اتجاه اليسار عند المدخل، فيما يبدو الضيق واضحا على وجه محمود، وحين يدخل حاتم ومعه دفتر في يده)
حاتم: مساء الخير يا دكتور
د. أمجد: أهلا يا حاتم
(يدخل حاتم ويغلق د. أمجد الباب)
حاتم للشباب: مساء الخير
عمرو ووليد: مساء الخير
(يجلس حاتم على اليمين ويضع دفتره أمامه ويقترب محمود ويجلس بين وليد وعمرو وأمامه دفتره)
حاتم: انا آسف على التأخير، بس والله أنا غصب عنى، عطلنى ظرف طارق، أنا عارف أنى مفيش اعذار بس..
د. أمجد (مقاطعا): خلاص يا حاتم، بس ياريت بعد كده يا شباب نلتزم بالميعاد
(ينظر عمرو ووليد لأمجد ويشيروا بإيديهم على أنفسهم)
د. أمجد: عارف، عارف يا شباب، أنا بكلم عموما، ياريت يا حاتم نلتزم بالميعاد، وانت كمان يا محمود انت برده جيت متأخر عن الميعاد النهاردة، والالتزام ده لمصلحتكم
(يوافق محمود بهز رأسه)
حاتم: انا والله غصب عنى وآسف مرة تانية
د. أمجد: خلاص بدون اعذار
(يقف أمجد بين الشباب ويبدأ حديثه موجهه إليهم)
د. أمجد: أولا واحتياطيا، انا هعرفكم ببعض، انا معرفش تعرفوا بعض ولا لأ
محمود: أنا اعرف حاتم، واتقابلنا أنا ووليد في مجموعة قبل كده
عمرو: وأنا اعرف حاتم، واتعرفنا من شوية أنا ووليد ومحمود
وليد: بس أنا معرفش حاتم
حاتم: أنا حاتم
وليد: أهلا وسهلا
حاتم: أهلا بيك
د. أمجد: كويس جدا كده أنا مش محتاج أوضح لكم، ليه انتم اتجمعتوا مع بعض
(يصمتوا ويتململوا في جلستهم)
د. أمجد: بصوا يا شباب، باختصار، انتم الأربعة طلبة عندى، وعندكم أزمة، وأنا كمان عندى معاكم أزمة، انا مبحبش حد يسقط في مادتى، ده بعتبره فشل ليا، وعشان كده بحب أعطى الطالب كل فرصه معايا، وأبذل قصاري ما عندى معاه
عمرو: حضرتك يا دكتور ربنا يحفظك ويبارلكم من خيرة دكاترة المعهد
د. أمجد: شكرا يا عمرو.. الخلاصة، أنتم هنا النهاردة وأنا مجمعكم باعتباركم مشكلة لازم حلها، أنتم الأربعة أكيد مش عايزين توقفوا تخرجكم السنة دى على مشروع التخرج، وعايزين طبعا تتخرجوا وتشقوا الطريق العملي ويكون كل واحد فيكم مخرج وليه دور في المجال السينمائي وليه رؤيته.
الشباب جميعا (بتحمس): طبعا
د. أمجد: بس اللي ملاحظوا إنكم بتحرقوا مراحل، إنتم من دلوقتى عايزين تستقلوا برؤيتكم في العمل الفنى ودون اعتبار للآخرين المشاركين معاكم... كل واحد فيكم شارك في أكتر من مجموعة وخرج منها وتسبب في مشاكل فيها بسبب إنكم بتتيبسوا بمواقفكم
وليد: الموضوع مش موقف يا دكتور، زي ما حضرتك قلت دى رؤية، وكل واحد وليه رؤيته ومش معقول اشتغل على رؤية حد تاني (يقول هذا وهو يحرك الكاميرا أمامه وهو ينظر لدكتور أمجد)
(الباقيين يهزوا رؤسهم موافقين)
د. أمجد (بهدوء): قلت إن الكلام ده بعد التخرج، ولو أن يا وليد إنت هتكتشف إن الشغل مش كده، وإن أحد الأسباب في إنكم تشتغلوا في مجموعات غير موضوع توفير الإمكانيات والعتاد والممثلين من زملائكم، كمان ده عشان تتعلموا التعاون الفنى، وإن المنتج النهائي بيكون نتيجة تعاون مش استبداد رؤية فردية، ده درس لازم تخرجوا بيه للعمل، وإلا على الأغلب هتقفوا بدرى ومش هتكملوا في الشغلانة
عمرو (بضيق): يعنى يا دكتور المفروض الواحد يتخلي عن مبادئه عشان يشتغل
د. أمجد: أنت بتدرس إخراج ليه يا عمرو؟
عمرو (بثقة وفخر): عشان أعمل افلام تفيد دينى وتنشر العقيدة الصحيحة
د. أمجد: وازاى ده يحصل في تصورك؟
عمرو: يعنى هختار موضوع من المواضيع اللي أحب أوصلها للناس، أو قصة تاريخية عن غزوة دينية وأصورها
د. أمجد: تصورها إزاى؟
عمرو: يعنى هاكتب سيناريو وحوار..
د. أمجد (مقاطعا): أحب أوضحلك إنك بتدرس إخراج مش سيناريو، والتجربة الخاصة بالمشروع بإنكم تشتركوا في سيناريو وحوار وتخرجوه بمساعدة مجموعة من قسم التمثيل ده بيمثل تدريب ليكم عشان تفهموا الشغلانة بس
عمرو (مرتبكا): اه ما انا عارف، انا هجيب حد يكتب السيناريو بس زي ما انا عايز
د. أمجد (بهدوء ساخر): هتجيب ترزى يعنى.. وبالنسبة للممثلين؟
وليد (مبتسما بزهو): هتشكوك قال إن الممثلين مفترض يتعملوا معاملة المواشي
د. أمجد (ملتفتا لوليد): هنجيب مواشي يعنى.. حلو كده حلينا مشاكل المواشي والترزى (ثم وهو يلتفت لعمرو): وهتعمل إيه في التصوير والمونتاج؟ ...كده تصور إنت ومَنتِّج كمان.. طبعا ده على افتراض انك حليت مشاكل الانتاج ومن ثم التوزيع.......
محمود (بانفعال وهو يضرب بيده على المنضدة): آااه يا دكتور، قوة رأس المال وسيطرته، يعنى لو المجتمع يملك مقدراته وتبقي لصالح الجميع مكنش كل واحد معاه شوية فلوس (ثم وهو يشير على وليد وكاميرته): وكل واحد معاه كاميرا يتحكم في فكر وقيم المجتمع ويزرع الأفكار اللي على كيفه
وليد: أنا مش فاهمك يا محمود، ما طبعا اللي معاه كاميرا وراس مال هيبقي عايز يصور اللي هو عايزه وعلى كيفه.. ومن غير إمكانيات.. إنت شخصيا عايز تصور اللي علي كيفك، ولا على اللي كيف المجتمع ومقدراته؟!
حاتم: أنا شايف إن مش مهم مين معاه إيه، المهم ما يسطرش ويكون مانع لأفكار الغير ويقف ضد حرية المجتمع ككل، يعنى مش مهم إن حد يملك كاميرا أو شركة انتاج بس تتوظف فيما يفيد المجتمع وتستخدم في الحاجات اللي يطلبها المجتمع والناس وتحل مشكلاتهم
وليد (بهدوء): ما هو أنا واحد من المجتمع والناس زي ما كل واحد فينا واحد من المجتمع والناس، وبالطبع لما بصور فيلم بأفكارى بصور فكر المجتمع والناس كما يراه واحد من المجتمع والناس
حاتم: بس إنت واحد مش الكل، ولو حسنت النوايا هتكون رؤيتك قاصرة
وليد: وإنت عايزنا نجيب الكل.. ده حتى إن أمكن، مش هيبقي عمل فنى، هيبقي فوضي
محمود (ضاحكا وبسخرية): فوضي، وماله تبقي فوضي خلاقة
عمرو (بانفعال بسيط): لا إزاى بقي، فوضي إيه! كمان فرضًا المجتمع حب يعمل حاجة ضد الدين والمعتقدات ازاى الدولة تسمح بده! لازم يكون في قوانين رادعة
محمود (بانفعال مقابل): هو فعلا لازم يبقي في قوانين رادعة.. بس لمثل أفكارك دى..كمان أنا مش فاهم، اللي دخل الدين في الفن، ما الجامع موجود، تقدر تخطب فيه وهتلاقي برده جماهير
عمرو: اللي في الجامع دوول مش محتاجين اكلمهم في الدين، اللي برا واللي زيك هما اللي محتاجين
محمود: لا أنا مش محتاج، ولا محتاجلك يا شيخنا؟ ولا اللي برا محتاجين، الناس محتاجة أفكار عشان تتطور مش أفكار ترجعها لورا
عمرو: استغفر الله العظيم.. أنت بتقول إيه حرام عليك، الدين بيرجع لورا! لا حول ولا قوة الا بالله ....
د. أمجد (مقاطعا): واضح إنكم فاكرين العمل الفنى السينمائي مقال أو خطبة، والغريب إنكم مع الحرية الفنية والفكرية مادامت بتمثل آرائكم، وده كان مشكلتكم في كل المجموعات اللي خرجتم منها متذمرين، ومنكم اعتبر أفكار الآخرين متحجرة أو منفتحة زيادة أو منغلقة زيادة....... بصوا يا شباب انا معرفش إنتم إيه وجهة نظركم عن الإخراج والعمل السينمائي، بس زي ما وضحت في الأول العمل الفنى ثمرة تعاون، وكل ما يزيد التحجر والغرور والاستبداد بتقلل من قيمته.. وبمناسبة هتشكوك، تقدروا تراجعوا كلام ليه ولناس تانية غيره وبتقدم أعمال بتمثل أفكار قوية، وتشوفه المنتج اتعمل إزاى، وقارنه ده بإنتاج فنى المخرج فيه حب يبقي هو كل حاجة حتى أداء الممثلين..
(حاتم ووليد يظهر عليهم الانزعاج)
حاتم: لا استبداد ايه يا دكتور! لا طبعا انا مقلتش حاجة ليها علاقة بالاستبداد
د. أمجد: أومال خرجت من مجموعتين قبل كده ليه يا حاتم؟
حاتم: مش استبداد، لو استبداد كنت فضلت، انا معجبنيش آرائهم فخرجت، وفي مجموعة كانوا بيشتغلوا على فكرة مغتربة عن مجتمعنا فخرجت..
د. أمجد: وأنت مش شايف ده غرور واستبداد لما تعطل لمجموعة عمل عضو هما بحاجة ليه عشان أغلب المجموعة مش متفقة على اللي أنت عايزه، وبدل ما تحاول تدخل وجهة نظرك في مسار العمل وتحاول تقنعهم برأيك عاقبتهم بأنك سبتهم في النص وهما بيشتغلوا
حاتم (مدافعا بانفعال): لا لا يا دكتور انا مقصدتش كده...
وليد: وأنا يا دكتور، العكس بقي، أنا كنت شغال مع ناس أفكارها متحجرة وأنا المتحرر الوحيد اللى فيهم، اشتغل إيه بقي معاهم! كان لازم أطير واخد حريتى، ده بقي يبقي اسمه استبداد!
(ينظر محمود لوليد بابتسامة ساخرة)
د. أمجد (بهدوء وبحدة): وغرور......انتهينا يا شباب، عشان ما نتعطلش كلنا، أنا بديكم فرصة أخيرة .....إنتم الأربعة هتشتركوا مع بعض في مشروع هينجز في ثلاث أيام، قائم على الاتفاق، أول يوم النهاردة ويعتبر أهمهم، لو تخطتوه هتتختطوا الباقي وتعدوا السنة وهيكون فارق في مستقبلكم.
انتم هتعملوا النهاردة سيناريو وحوار فيلم مشترك ومش قضيتى يطلع المنتج النهائي شكله ايه، إن شاء الله يطلع الفنكوش، بس أحب برده أوضح إن الفنكوش وهو فنكوش هو بنية متماسكة لمجموعة عناصر بينها كمياء حتى لو يا عمرو الفنكوش ده طلع مسكرات، بس قوامه متماسك وده يبقي في الفن عمل فنى متماسك، ويبقي احسن من شراب الورد لو مش متماسك قوامه وهييمثل في النهاية شراب ماسخ... والعمل مش هيطلع متماسك اللي بالاتفاق بينكم وبدون صراع. والخطوة التانية بكره يتم بروفة الممثلين اللي هما محددين طبقا للموضوع والفكرة اللي حطتها لكم عشان أقلل فرص الصراع، ويبقي المطلوب منكم فقط معالجة درامية للموضوع وسيناريو وحوار، وتالت يوم ينفذ العمل ويسلم لي جاهز فجر اليوم الجديد..متفقين؟
محمود: طيب هنتفق ازاى وحضرتك شايف إن واضح إننا مش متفقين
عمرو: أيوة يا دكتور، واضح ان كل واحد فينا في سكة
وليد: أيوة حضرتك عايز تجيب القلعة جنب البحر
د. أمجد: أيوة يا وليد، عايز اجيب القلعة جنب البحر، وبدقة، عايز أبنى قلعة جنب البحر، وده ممكن.
الجميع: إزاى؟
د. أمجد: وقفوا صراع وشوفوا إيه موضوعيا اللي مانع الاتفاق، اللي انا متأكد ان مش في الأفكار اللي بتعتقدوها، لأ ده في ذاتكم انتم، ساعتها هتحرروا وتحرروا أفكاركم وتحرروا عمل فنى حقيقي
(الجميع ينظروا بانتباه ويتناقلوا النظر فيما بينهم)
د. أمجد: ودلوقتى انا هعرض عليكم الموقف الدرامى اللي هيتم عمل معالجة درامية ليه، لو سمحتم نطلع دفترنا وقلم ونكتب
(يخرج الجميع دفاترهم ويبدأوا الكتابة معه)
د. أمجد: توفي أب وله 7 من الأولاد وزوجة حامل، وترك ميراث أرض، الجزء الأكبر فيها بين محل نزاع مع الأوقاف وجزء آخر يحتاج لتدخل مالي وفنى لتدارك البور به، أما ثلث الأرض فهو المزروع والغير متنازع عليه، والأخ الاكبر زوج ولديه أبناء وقد أعلن ارتاده عن الدين بعد وفاة أبوه، وهو يعمل مهندسا زراعيا ومعه دكتوراه في الموارد المائية، والأخ الثانى هو القائم على زراعة وفلاحة الارض، والأخ الثالث كان يدير الأرض وقد فتحت له إدارة الأرض نشاطا تجاريا أغناه، ثم فتاة أرملة ولديها أبناء، وأخ طالب حقوق أزهرى، وطفل صغير.....تظهر مشكلة تقسيم الأرض بين من يريد بيع نصيبه ومن يريد شراء أنصبة الجميع بماله، ومن يريد بقاء الحال على ما هو عليه خشية أن يتحول لأجير في أرض أبيه وهكذا ينشب الصراع..فكيف ستؤول الأمور)
(بعد ان أنهى د. أمجد حديثه وأنتهى الجميع من الكتابة، نظروا لبعضهم البعض وقد ابتسم وليد ومحمود ابتسامة استنكار)
د. أمجد: أنا كده خلصت يا شباب وهسيبكم، أنا عندى تصوير وهارجع الفجر، معاكم الليل بطوله تتفقوا فيه لحد الفجر وتكتبوا السيناريو والحوار
(يحرك الشباب إيديهم من الصدمة)
د. أمجد: تمام اتفقنا، بالتوفيق يا شباب، التلاجة فيها مشروبات ساقعة وفي مشروبات سخنة وممكن حد ينزل منكم يجيب اكل بس خدوا بالكم من وقتكم كويس ومتتعطلوش، سلاموا عليكم
(يخرج ويبدو على نظرات الشباب الصامته علامات الاستنكار والإحباط)
إظلام
المشهد الثاني
(نفس المنظر)
(مع فتح الستار نجد البانورما مفتوحة على مشهد للقطة ذاتية ويقف أمام الشاشة وهي عالية الصوت عمرو وبيده الريموت، وجالس على الكرسي وليد يضبط في الكاميرا ويبدو عليه التململ، يدخل محمود وحاتم، بيد حاتم علبة سجائر من نوع غالي، وبيده الأخرى كوب شاي وبيد محمود كوب شاي، حين يدخلان يقف عمرو الفيلم دون غلق الشاشة لتظل اللقطة ثابتة في البانورما، ويتحرك عمرو للجلوس في مكانه)
(وضع الجلوس: حاتم في مواجهة عمرو، ويجلس بجوار حاتم وليد وبجوار عمرو محمود، وبهذا يكون محمود ووليد جالسان بجوار بعضهما البعض في الصدارة)
(يجلس عمرو ومحمود، ويقدم حاتم وهو يجلس علبة السجائر لوليد)
حاتم: متشكرين
وليد: العفو، بس اعملوا حسابكم لو خلصت هتنزلوا تشتروا أنتم
حاتم: ماشي ياعم، أصلا انا استعجالى عشان متأخر مجبتش سجاير
محمود: وأنا شربت السيجرتين اللى فضلين واحنا في انتظارك يا حاتم
عمرو: وخناقنى بالدخان
حاتم: ما انا خدته نشرب في المطبخ عشان خاطرك، ولما نعوذ نبقي نقوم سوا يا محمود
وليد: آه بس والنبي من غير ما تعطلونا، أنا عارفك يا محمود بتشرب السجارة في ديل السجارة
محمود: هقلل هقلل
حاتم (مشيرة لعلبة السجائر): وانت مش هتشرب قبل ما نبدأ
محمود: لأ وليد بيشرب في اللذيذ كده
وليد: لو عوزت هقوم
عمرو ( وهو يمسك بالقلم وينظر لدفتره): طيب يجماعة عشان الوقت ميسرقناش، نبدأ
(الجميع يبدو عليهم توتر بسيط)
وليد (وهو ماسك الكاميرا ويأخذ نفسا عميقا): نبدأ
عمرو: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام
(وليد وحاتم يبتسموا إبتسامة خبيثة)
محمود (مقاطعا): حبيبي.. حبيبي.. احنا مش في قراية فاتحة وكتب كتاب، ادخل في الموضوع
عمرو (بتأفف بصوت منخفضا قليلا كأنه يحدث نفسه): لا حول ولا قوة إلا بالله (ثم يرفع صوته): أنا هقرا اللى كاتبه الدكتور
وليد (مقاطعا): اللى كاتبه الدكتور قصادنا يا عمرو.. احنا محتاجين نبدأ مش نقرا
عمرو: طيب هنبدأ منين
وليد: انا بصراحة مش فاهم اللى مدهولنا الدكتور أصلا
محمود: آه متعرفش ده موقف درامى ولا مسألة من امتحان كلية حقوق
وليد: كمان مجمع مجموعة مش متفقة تحل مشكلة ناس شكلهم لا يمكن يتفقوا
حاتم (بهدوء وثقة): ليه لا يمكن؟!
وليد (وهو يعدل جلوسه ليواجه وليد): إيه ده؟ في عضو متفائل أهو.. كده البداية تكون من عندك.. مش كده يا شباب؟
(يبدو على عمرو الانزعاج ..ومحمود يهز رأسه موافقا ومبتسما ابتسامة فيها بعض السخرية المبطنة)
محمود: أكيد
وليد (لحاتم): اتفضل أعرض وجهة نظرك
(حاتم يقف ويقترب من شاشة العرض و ينظر لها ثم يدير ظهره لها ويكون في مواجهة بقية الشباب)
حاتم: يعنى نبدأ من أرضية تجمعهم
وليد (ساخرا): للأسف أبوهم مات
محمود: مش ده اللي يقصده، هو يقصد الأرض (ثم بإبتسامة العارف): صح يا حاتم؟
حاتم: بالضبط كده
عمرو: ما الأرض دى هيا اللي عليها عنصر الخلاف.. إزاى تجمعهم!
وليد (وهو ينظر لعمرو): قصدك الصراع؟ الصراع الدرامى (ثم يلتفت لحاتم الذي بدوره يقترب من موقع جلوسه ويظل واقفا): وبكده ده يبقى عنصر البدء، صح كده؟
حاتم: بالضبط، الأرض محل الصراع هى اللى تجمع العناصر الدرامية
عمرو: طيب دلوقتى من الشخصيات الرئيسية التى هيتشكل فيها الصراع؟
محمود (وهو يلتفت لدفتره وبيده قلم): التلاتة الكبار؟
عمرو: لأ.. الكبير بره
محمود (يلقى بقلمه منفعلا): ليه بقي؟
عمرو (هادئا): من غير عصبية؟ شرعا لا يرث لأنه ارتد عن الدين؟
محمود (يقف منفعلا): ليه مش أخوهم وده أبوه زيهم؟
عمرو: يا حبيبي بقلك شرعا كده
محمود: بس ده مش عدل؟
عمرو: استغفر الله العظيم...ده شرع ربنا..
حاتم: وقانونا كمان يا محمود
وليد (يبتسم بسخرية): طيب لما هو مش هيورث مكتوب ليه في الورقة عشان احنا نخرجه، يعنى ده سؤال ذكاء مثلا؟
محمود (بسخرية): اه باين كده، او عشان نبدأ نتخانق بدرى؟
(وليد ينتبه أن عمرو أمسك بكاميرته ويعدل في زوايها اتجاه شاشه العرض)
وليد (لعمرو): إنت بتعمل ايه؟
(يلتقط وليد منه الكاميرا في اتجاهه)
عمرو (بهدوء طفولى): متخفش انا بس بجرب أضبط زوايا
وليد (بضيق وتكبر): هى مضبوطة.. ومتلعبش فيها تانى لو سمحت
(ثم يعدل الكاميرا باتجاهه ويعدل في زواياها حين ينظر له محمود باستهجان وحاتم مفكرا )
حاتم: كده الصراع بين الفلاح والتاجر؟
وليد: في إيه بقي؟
(حاتم يجلس ويوجه حديثه لمحمود الذي بدا محبطا وقد جلس ووضع يده على خده)
حاتم: إيه يا محمود مش هتقول أنت الصراع هنا فين؟
وليد (ملتفتا لمحمود): لأ هو واضح أنه مشغول بالمرتد
محمود: أصل صراحة مش بالعها، يعنى إيه ما يورثش!
عمرو (منفعلا): يعنى إيه مش بالعها! أنا بقلك شرعا، وحاتم قالك وقانونا كمان، يعنى تجيبها كده تجيبها كده هى كده، خلينا ننقل بقي ونسقط ده
حاتم (وهو ينظر بدفتره): ثوانى يا شباب، لسه عندنا فيه شخصيات تانية في الصراع؟ في طالب، وفي أخت أرملة وفي طفل
محمود: دوول واضح إنهم مش أساسي في الصراع هما مجرد شخصيات مساعدة، يعنى ممكن نعديهم
حاتم : محمود هو أنت شايف لما بنحذف شخصيات ونعديهم فكده احنا بننقل، وكده خطوة الى الامام
وليد (مبتسما ويجلس بإريحية): آه إلى الأمام يا روميل
محمود: أنا بشوف إن في شخصيات رئيسية وفي شخصيات ثانوية ملهاش دور غير إنها تخدم على الموضوع وتساعد في شدة الصراع
حاتم (منفعلا): آه مين بقي اللي يحدد إن ده شخصية رئيسية وده ثانوية وده ملوش أى تلاتين لازمة ونحذفه
محمود: والله أول الحذف مكنش منى، وصاحب فكرة ننقل قاعد جنبي وكان بينظر ليها دينيا
عمرو: انت كده بتدخل الأمور في بعض
محمود (منفعلا): ازاي؟ قوللي معلش!
عمرو: انت بتنفعل ليه كده، عندك رأى قوله بهدوء مش بانفعال، الانفعال يظهر ضعف حجتك
(ينهض محمود ليواجه عمرو)
وليد (مبتسما لعمرو): لأ، انت كده عصبته زيادة، انت متعرفوش ده، فبلاش استفزاز لو تسمح
محمود: استنى انت يا وليد، هو ايه لضعف حجتك، إنت أصلا إيه حجتك غير برودك وكلمتين الدين اللى انت حافظهم حتى مش مفكر فمدى صلاحيتهم للواقع
عمرو (ينهض ويقف أمام محمود): هو انت يا بنى مش مسلم ولا ايه؟
(محمود لا يرد)
عمرو (منفعلا): الدين حجة قوية ومش محتاج اجيب حجة للدين مدام مؤمن
محمود: ولو المجتمع مش مؤمن؟
عمرو (مزيد من الانفعال): عنه ما آمن ده كلام ربنا وهيتنفذ بصرف النظر عن الإرداة
وليد (بهدوء وابتسامة ساخرة): يا أخ عمرو ، صوتك العالى ده يدل على ضعف حجتك
محمود (بانفعال ويلوح بيده): غصب يعنى؟
عمرو: اعتبره زي ما تعتبره..
(حاتم ينهض ويقف بين عمرو ووليد)
حاتم (وهو يضع يده على كتف محمود): يا محمود، ده قانون وعايز تغيره لازم تقنع الأغلبية
وليد: ده كلام منطقي
عمرو: لأ ده كلام ربنا، ومفيش فيه رأي الأغلبية .. ) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ (
(يبدو على وليد الصدمة حين ألقي عمر الآية القرآنية)
محمود: تقاتل مين بالضبط، المجتمع والناس؟
عمرو: آه
وليد (ملتفتا لعمرو): طيب مدام الموضوع قتال، تعب نفسك وداخل معهد سينما عشان تعمل أفلام ليه!
حاتم : عشان كلام ربنا محتاج إيمان، والناس ساعتها هما اللي بينفذوه، صح يا عمرو برده و لا لأ؟!
وليد (بصوت يشبه آداء الصوت والضوء): ) إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ(
حاتم: انا كنت هقول كده برده، بس الأستاذ المعلق سبقنى. (ثم موجه حديثه لوليد): مش حضرتك معلق برده
وليد (بسخرية): آه معلق، بس اخلصوا لو سمحتوا، احنا لسه في أول راس وبنتخانق
حاتم (ساخرا): آه صح، نسيت إن حضرتك بتاع المواشي
وليد: لأ ده هتشكوك، وعاجبنى المصطلح بصراحة..هتنقلوا على الراس اللي بعده ولا ايه؟
(حاتم يجلس محمود ويذهب للجلوس وهو ينظر لوليد بحنق، ويجلس عمرو والذي بدا على وجه الانفعال والتوتر)
حاتم: نسبنى دلوقتى من الأخ الاكبر
(يبدو على محمود علامات الاعتراض)
حاتم (يتحدث بطريقة القائد وسط المجموعة): معلش يا حاتم هنسيب موضوع الأخ الأكبر للآخر، وننقل..معلش هننقل ونتجاوز وهنشوف ده في الآخر
(وليد يبدو عليه عدم الاكتراث ويلعب في كاميرته، حين يبدو على حاتم الضيق من الموقف)
حاتم: ممكن يا وليد، تسيب الكاميرا، وتركز معانا شوية
وليد: ليه؟ الكاميرا مضايقاك في إيه؟
(ينظر محمود لوليد والكاميرا ويطوح يديه تعبير عن الضيق)
حاتم: مش الكاميرا، بس شكلك مش معانا وتركيزك معاها؟
وليد: أنا معاكم جدا (ثم بإبتسامة ساخرة): أومال كنت بعلق إزاى!
حاتم: مش عايزك معلق، عايزك فاعل لو سمحت
(وليد يترك الكامير ويعدل من جلسته ويمسك الورقة والدفتر)
وليد: ماشي
(حاتم وهو واقفا يبدأ حديثه مستخدما التعبيرات بيده وتعبيرات الوجه المصطنعة كزعيم سياسي)
حاتم: دلوقتى يا شباب، احنا هناخد خيط بداية الصراع بين الفلاح والتاجر على الأرض
وليد: معلش لحظة هو انت مش كنت ضد اسقاط الشخصيات الباقية، وقعدت تقول إزاى نعتبرها ثانوية، وعلى إساس إيه.. وكده!
حاتم (مشيرا بالسبابة نحو وليد): أنا قلت نقطة بداية ، وبعدين نشوف هنعشق الباقي إزاى في حدة الصراع
(وليد مبستما بتعجب ويهز يده وهو يشير على محمود ويوجه حديثه لحاتم)
وليد: يعنى أنت في النهاية اتفقت معاه، أومال كان ليه من الاول (ثم وهو يقلد طريقة حاتم): لا لإسكات صوت الجماهير.. ولا للحذف.. ولا للإقصاء.... خد بالك أنا اكتر واحد مركز في الكلام ومعناه....إنت اتفقت مع واحد على إلغاء الشخصية الأولى واتفقت مع التانى على ثانوية باقي الشخصيات، في حين بتدى إحساس إنك معترض... ولا هو خالف تعرف وخلاص!
حاتم (منفعلا): ايه خالف تعرف دى! أنا بحاول اجمع مش اختلف...
محمود ( مشيرا لحاتم وبضيق): كمل لو سمحت خلينا نخلص
(وليد يحرك يده مبديا عدم اكتراث وساخرا)
وليد: إتفضل كمل
حاتم (بضيق ومشيرا بالسبابه نحو وليد): اتكلم كويس
وليد: كويس إزاى يعنى؟!
حاتم: يعنى بلاش تحسسنى إنك متكبر علينا وأعلى من نقشاتنا
وليد: يا سيدى مبتكبرش، هو أنا كل ما دخل مجموعة يقولوا بتكبر
محمود (مبتمسا): ومخدتش بالك إن مدام الناس اتفقت على ده يبقي أكيد دي حقيقة.. يعنى حاتم مكملش ساعة ولقطها..
وليد (ملتفتا لمحمود): يعنى أنا كنت بتكبر عليك؟
محمود: مش عليا تحديدا بس انت بتتكبر، وفاهم إنك داخل بكاميرا، يعنى انت المنتج وداخل بفلوسك
وليد: هو انا معايا كاميرا فعلا يا وليد.. وده مش عيب، مضايق جيب واحدة
محمود: اجيبها بإيه!
وليد: بفلوس
محمود: تصدق أفحمتنى
حاتم: خلاص يا شباب نكمل عشان الوقت.. الأرض محل الصراع بين التاجر والفلاح ، التاجر مصلحته إن الارض تباع وهو يشترى كل الاجزاء عشان يستولى على الأرض
محمود: وساعتها الفلاح اللي ميراثه من الأرض المزروعة هيبقي صغير للغاية هيضطر هو كمان يبيع أو يتحول لأجير في زراعة باقي الأرض وهيبقي تحت سيطرة التاجر
وليد (متعجبا): هو أنتم ليه صيغته الصراع على أن الفلاح مظلوم ومقهور وأن التاجر حرامى؟!
حاتم: محدش قال حرامى
وليد: أومال إيه يستولى دي؟
عمرو: صحيح، ده راجل ربنا أداله ووسع عليه والبيع عرض وطلب
وليد: بالضبط كده، ولو هما مش عايزين يبيعوا ميبعوش، حد ضربهم على إيديهم
محمود: مش يمكن التاجر بيحاول يفرض مصلحته ويرغمه على بيع الأرض
وليد (ساخرا): ازاى يعنى، ماسكله عصاية مثلا
محمود (وهو يضحك بسخرية): لا ماسك كاميرا
وليد (بسخرية مقابلة): والله!
محمود: اه وبيقلهم عايزين كاميرا اشتروا كاميرا، قاللوا بإيه؟ قالهم بفلوس
وليد: انت عايز توصل لإيه بالضبط ؟
حاتم: يعنى يا وليد، الأرض دى فيها جزء زراعى، وواضح إنها أصل وسبب غنى التاجر اللي من إدارتها
محمود: ومن كد الفلاح.. (ثم منفعلا دون أن يلتفت لوليد): وعلى فكرة بقى هو فعلا حرامى وسارق الفلاح
حاتم: يعنى مش بالضبط كده.. بس فعلا هو كسب كتير من كد وعرق الفلاح، وده أصل ماله، الفلاح زرع المساحة المزروعة كلها وخد نصيب بسيط في حين إن التاجر اعتبر نفسه مدير وبيجيب تجار يشتروا ودخل هو كمان في لعبة البيع والشرا
وليد: وإيه المشكلة في ده!
حاتم: المشكلة أنه بقي تاجر وليه مصلحة..وعلى الأغلب ضحك على إخواته في ثمن المحصول كمان
وليد: التجارة شطارة
محمود: قصدك سرقة
عمرو: في النهاية الموضوع عرض وطلب، ومفيش سرقة ولا حاجة
محمود: ده برده في الدين؟!
عمرو: الدين محرمش التجارة ..حرم الربا يا محمود
حاتم: بس يا عمرو الأخ ده مهما كان مش هيقدر يكون عنده المال اللي يشترى به كل الأرض، الا لو كان فلوسه فيها شبهة ربا، غيرهتلاقيه بيستغل مشاكل الأرض وقلة إمكانيات إخواته في رفع قضية على الأوقاف في حين دى إمكانية عنده.. غير كمان الأرض اللي محتاجة مشروع لإستصلاحها، وده محتاج إمكانيات علمية ومادية، ومحتاج ملكة وإمكانيات معينة في التفكير
وليد: يعنى إيه إمكانيات معينة في التفكير؟
حاتم: يعنى تصور أنت التاجر بيفكر إزاي.. في فلاح على نياته، وشوية عيال وقصر، وفي أرض كبيرة مشكلتها قضية وتخلص ونفقات عشان زراعة الباقي، يقدر هو يرفع قضية ويحل مشكلة الأرض الموقوفة.. وياخد قرض ويحل مشكلة باقي الأرض ويستصلحها.. على الأغلب انا لو مكانه وتاجر هشتغلها كده.. هشترى الأرض البور الأول من إخواتى ببخس التراب واخد بتمنها قرض وأستصلحها وبالباقي اشترى باقي الأرض وارفع قضية واخدها وتبقي الأرض كلها ليا
وليد: تفكير رائع.. إيه عيبه بقي!
حاتم: انت مش شايف إن في عيب؟!
عمرو: هو غير موضوع القرض مفهوش عيب، المشكلة إن القرض حرام.. بس ممكن ياخد قرض اسلامى بفايدة متغيرة
(محمود ضاربا كف على كف ويبدو عليه شدة الانفعال)
وليد: أهو الشيخ حلها.. إيه بقي عيبه!
حاتم: عيبه أنه استغلال لحاجة الغير.. ومش أي غير دوول اخواته
عمرو: حاتم الموضوع عرض وطلب، ودى تجارة
حاتم: بس كمان في تجارة مع الله يا عمرو.. كمان اللي يفرق بين الربا اللي معناه إنك تدى شخص مبلغ وانت عارف عوزته ليه مقابل مبلغ أعلى (فايدة يعني)، وبين إنك تستغل حاجة فلان عشان تشترى منه شيء بقيمة أقل من قيمته وتضحك عليه بدل ما تساعده فاسترداد حقه؟!
وليد: والله ده مش فرض عليه
عمرو: بالضبط كده.. طبعا لو هو عايز ماشي.. كمان هو الراجل ممكن يعرض يساعد في تربية إخواته
محمود: حسنة يعنى، ياخد حقهم ويديهم حسنه
وليد: فين اللى اخد حقهم ده..أنا مش شايف ده (ثم وهو يشير لعمرو): إنت شايف؟
(عمرو يهز رأسه بالرفض)
حاتم: الحقيقة أنه بيبخسهم حقهم
وليد: بصوا يجماعة دى نظره حقد، بتاعة ناس شايفة واحد غنى وشاطر ومش عايزين يتعبوا زيه، فيعملوا إيه؟ يقعدوا يصبوا سمهم وحقدهم عليه بكلام فارغ
محمود (بانفعال): هو مين اللى مش عايزين يتعبوا، الفلاح اللي زارع الأرض كلها
وليد: طيب مكملش ليه وباع هو المحصول
محمود: كان بيقسم العمل بينه وبين اخوه، وفكر أنه بيعمل في أرض أبوه وإخواته.. هو يزرع واخوه بيبيع المحصول
حاتم: بالضبط.. على طريقة التكاتف والتكامل لمصلحة الجميع، مش المصلحه الفردية
وليد: وإنتم بقى عايزينه يدفن نفسه عشان مصلحة العيلة والجميع!.. يعنى يدفن مواهبه وفرديته وشاطرته.. ده في شرع مين ده بقي إن شاء الله!
عمرو: على فكرة الدين مش ضد الفرد وحريته
محمود: وأنت كل حاجة هدخل فيها الدين
عمرو: آه..الدين في كل حاجة
وليد: وحرية الفرد أساس حرية المجتمع
حاتم: طيب ولو حرية الفرد أضرت بالمجتمع؟
وليد: في قانون بيمنع الجريمة
حاتم: اذا كان الجريمة دى منصوص عليها في القانون
محمود: وإذا كان القانون ده أصلا متفصل لصالح التاجر مش لصالح الفلاح والغلابة اللي زيه مع أنهم الأكثرية
وليد: ومادام هما أكترية وأغلبية كده.. إيه بقى اللي مانعهم يكتبوا هم القانون؟
محمود (بسخرية ولكن بانفعال أيضا وهو ينهض): ما قلتلك، معهمش كاميرا
وليد (ناهضا): هي إيه حكاية الكاميرا؟ وإيه اللي دخلها في الكلام دلوقتى؟!
حاتم: ممكن تقعدوا عشان كده الامور بتخرج عن السيطرة
وليد (ملتفتا لحاتم وبلهجة تمرد): مش هقعد.. هتعمل إيه يعنى؟!
حاتم (منفعلا): أنا بطلب منك تقعد لو سمحت عشان أكمل.. وأنت كمان يا محمود اقعد لو تسمح
محمود (منفعلا): مش قاعد يا حاتم
(حاتم يأخذ دفتره ليتحرك)
حاتم: خلاص أنا منسحب
(ينهض عمرو من مكانه لمنع حاتم من الذهاب حين يسبقه وليد ويمنع حاتم من الحركة)
وليد: إنت بتنسحب وهتسبنا نلوص لوحدنا؟!
حاتم: وأعملكم ايه ما أنتم مش عايزين تسمعوا كلامي
وليد : وأنت اللي مبيسمعش كلامك بتسيبه وتمشي؟! طيب حتى خد ودي في الكلام
حاتم: أنا محبش أضيع وقتى
وليد: على فكرة احنا كلنا وقتنا بيضيع.. فاقعد لو سمحت
حاتم: ماشي بس اقعدوا انتم الأول واسمعونى
(يجلس عمرو)
وليد: اقعد يا محمود، عشان ده بيتمقص
حاتم: مش بتقمص، انا بس لما بلاقي مفيش اتفاق بنسحب
(يجلس ثلاثتهم)
عمرو (بهدوء): تقصد مفيش اتفاق على كلامك
حاتم: ازاى يعنى؟
عمرو: يعنى الحقيقة إنك انت اللى بتدير من الأول يا حاتم؟
حاتم (بزهو): أنا؟
عمرو: آه، إنت اللي اخترت يكون الصراع على الأرض، وانت اللي خنقت الصراع في حدود الفلاح والتاجر
حاتم: وانا اللى خرجت الراجل الكبير؟!
عمرو: إنت اتفقت معايا، كمان لا أنا ولا أنت اللي خرجناه، هو خرج شرعا
حاتم: وأنا اللى قلت إن بقيت الشخصيات ثانوية؟!
محمود: انا اللي قلت ..والعجيب انك خالفتنى وأنت أصلا من قبل منا أقول ثانوى كان واضح إنك مقرر أن الصراع يكون محصور بين الفلاح والتاجر
حاتم (بابتسامة ساخرة): كنت مقرر إمتى اذا كان أنا آخر واحد جيت، يكونش الدكتور كان سربلى الموضوع
محمود: من غير تريقة، محدش فينا كان يعرف الموضوع إلا وقت ما قاله الدكتور على مسمعنا كلنا، بس أنا رأيي فيك انك عندك سرعة بديهة يا حاتم، ممكن تكون هندلت معالجتك واحنا في المطبخ بنشرب سيجارة أو حتى والدكتور بيلقي علينا الموضوع
حاتم (مرتبكا): ولما هو كده عارضتك ليه؟!
وليد: خالف تعرف زي ما قلتلكم الأول
محمود: أو عشان يعلم عليا... ويقول أنى شخص باقصي الآخرين ويظهر بالكلام هو بمظهر الشخص الرافض الإقصاء.. بس ده مجرد كلام لأنه هو فعلا أقصاهم وحذفهم من المشهد
حاتم (منفعلا ومرتبكا): أنا فعلا محبش الإقصاء.. وكويس إنكم اتفقتم على حاجة وكويس إني أسيبكم متفقين (ثم وهو يأخذ دفتره وينهض): يلا ..سلاموا عليكم
(يجلسه وليد دون أن ينهض ..وقت ينهض عمرو ومحمود ليوقفوه ثم يعودا لوضع الجلوس)
وليد(بصيغة الأمر): اقعد.. ايه كل شوية أنا ماشي .. أنا ماشي..إهدى على نفسك كده..على فكرة انت كده مش الراجل الجدع الصح.. ده اسمه هروب
حاتم: انا مبهربش.. أنا حاولت أجمعكم.. وأنتم قعدين تختلفوا وتتخانقوا كل شوية وأما أحاول أمسك مربط فرس بتعتبره إن أنا كده بفرض رأيي..مع إني بسمعكم كلكم وبهتم برأيكم
محمود: آه.. وبعدين بتمشي اللي في دماغك،.. وعايز تسوقنا كأننا مثلا...(يحاول يتذكر كلمة مناسبة)
وليد (وهو ينظر لمحمود): مواشي (ثم ينظر لحاتم): كأننا مواشي
حاتم: لأ أنا نظرية المواشي دي مليش فيها
وليد: حاتم معلش.. أنا مليش سابق معرفة معاك.. يعنى أنا اعرف محمود، ..وعارف رأيه فيا من مجموعة سابقة إنى أنا متسلط ومغرور ومتكبر
محمود: وأنانى
وليد (مقررا): وأنانى..ولو أنك مقلتهليش دي قبل كده (ثم متذكرا): آه وبتاع كاميرا..وأنا برده ليا رأيي فيه
محمود: اللي هو إيه بقي؟
وليد: لأ، بعدين.. بينى وبينك أقولهولك
محمود: بينك وبينك إنت!
وليد: إيه في إيه! وهو أنا عدوك، لو قعدت معايا خيانة !..
محمود: مش عدوى، بس مبدأيا مفيش بينا حاجة نتفق عليها
عمرو: الله أعلم محدش عارف المستقبل
وليد: آه، عمرو أنا أول مرة أشوفه، بس من أول لحظة غنى عن التعريف..ومن جملة واحدة لدكتور أمجد، كان سهل نعرف إن ساعته ضل الطريق، وبدل ما يتوجه للجامع أو دار الافتاء سقط غلط في معهد سينما
عمرو: على فكرة أنا مش داخل غلط، أنا داخل بمزاجى.. ولو عايز أفتى أو أقول خطب زي ما بتقول، كنت دخلت تربية.. بس أنا عايز أبقي زي المخرج مصطفي العقاد
محمود (ضاحكا ضحكة خافتة): ياااه..محبش شغله...
عمرو (لمحمود): إنت شفت فيلم الرسالة؟
محمود: شفته...ومعجبنيش
وليد: الرسالة تحسه فيلم تسجيلي مش روائي..هو حلو ..بس كفيلم تسجيلي
عمرو: لأ ده فيلم روائي
وليد (مبتسما): مأقنعنيش كعمل روائي...وبالمناسبة تفكيرك أنت ميجبش مستوى فيلم الرسالة.. وهيطلع منك على أقصي تقدير فيلم تسجيلي ممل
عمرو (موجها حديثه لوليد): إنت حر في رأيك..بس ده مش ملزم ليا ولا للجمهور.. وفي ناس كتير بيعجبها نموذج الأفلام الدينية
محمود: إيه! يعنى إيه افلام دينية؟.. أنا اعرف الأفلام تتصنف دراما أو كوميدىا أو تراجيديا او ميلودراما أو..
عمرو (مقاطعا): قصدى موضوعه، قصته يعنى من القصص الدينية، زى عظماء الإسلام والرسالة
وليد: وايه رأيك في فيلم الشيماء يا عمرو؟
عمرو: الفيلم ده كله مغالطات
وليد: طيب اعمل زيه من غير مغالطات..لكن الفيلم ده فعلا يتقال عليه فيلم روائي
محمود (لحاتم الذي بدا متجهما ولا يتكلم): هو أنت تعرف عمرو منين يا حاتم؟
حاتم: كنت هشترك معاهم في مجموعة وخرجت تقريبا قبل ما يبدءوا من أول يومين
وليد: ليه؟
حاتم: كان أغلب المجموعة بنات فمرتحتش
وليد: هى دى المجموعة اللي كانت منفتحة وأفكارها مغتربة عن المجتمع
محمود (ضاحكا): بيقلك كان فيها عمرو، يعنى اكيد كانوا اخوات
وليد (ناقلا بصره بين عمرو وحاتم): فعلا؟
عمرو: آه كانوا بنات ملتزمات بارك الله فيهم
وليد (ضاحكا): وفيك يا شيخنا...خرجت ليه بقي يا حاتم؟..ده واضح انت كنت في فجر الإسلام
محمود: لأ ده مش السؤال؟ الأهم عمرو خرج ليه؟
وليد: لأ ده بعدين، لكن خلينا دلوقتى في حاتم، عشان انا عايز افهمه، يعنى مش دي المجموعة المغتربة..صح؟
حاتم: لأ، يا سيدى دوول كانوا شباب زي الفل، بس المجموعة زي ما قلتلك أغلبها بنات، وكنت شايف انهم مفترض يشتغلوا سوا
محمود: ليه يا يعنى احنا هنقسمها فصل للبنون وفصل للبنات
حاتم: لأ، بس مش معقول افرض رأيي عليهم
(محمود ووليد يسفقوا بإيديهم)
وليد: تمام...فهمنا.. هى دى الفكرة
حاتم: هى إيه دي!
وليد: معرفتش تفرض رأيك عليهم
محمود: بمعنى أصح محستش إنك هتلاقي ذاتك لو فرضت رأيك على بنات، عادى يعنى.. لكن الشعور ده بيبقي ليه معنى وروح تانية وسط الذكور
حاتم: ده رأيك فيا؟
وليد (ملتفتا لمحمود): أنت اشتغلت معاه في مجموعة؟
محمود: لأ، انا وحاتم متقبلناش في أي مجموعة.. أنا أعرفه من أصدقاء مشتركين بينا..أعرفه بالشكل اللي خلانى أقلق لما شفته داخل علينا النهاردة، عشان عارف أنه بيحب دايما يسفه آراء الاخرين ويطلع هو الأصح وده بيخليه يحس بنفسه
(ينهض حاتم بتردد فيمسكه وليد دون أن ينهض وهو واضع قدم على الأخرى ويجلسه مكانه ثانيا)
وليد (لحاتم بصيغة الأمر): أقعد
(يجلس حاتم ويهز قدمه بانفعال ويضع عينيه صوب اتجاه الشاشة ويبعد نظره عن المجموعة)
وليد: انا شايف إننا نفكر في عنصر تانى في القصة للصراع غير موضوع التاجر والفلاح..
(ينظر عمرو في دفتره ثم للمجموعة)
عمرو: هو أنا ممكن اقول حاجة؟
وليد: اتفضل
عمرو: في طفل في الموضوع
وليد: آه تصدق كانت غايبة عننا
عمرو: أيوة ماشي أنتم مسقطينه ليه
وليد: عشان ده عيل.. والكبار مش عارفين نسلك معاهم، هنسلك مع عيل.. وانت عارف اللي يمشي ورا العيال يجراله إيه
عمرو (ببراءة): إيه!
(يضحك محمود.. ويضحك حاتم محاولا كتم ضحكته ودون أن يلتفت للبقية)
عمرو: طيب ممكن أكمل كلامى
محمود: اتفضل حد ماسكك
عمرو: الطفل الصغير ده مش لازم يبقي فيه واصي عليه
حاتم (دون أن ينظر لهم): آه
عمرو: طيب مين هيبقي الواصي عليه
(حاتم يعدل من جلسته كما كانت وينظر في دفتره)
حاتم: الأخ الكبير؟
محمود (ينهض ويرفع يديه عاليا): الأخ الكبير اللي طردتوه، اتنصف وهيرجع للمشهد
حاتم: ده في كمان طالب الحقوق ده برده أكيد في سن الوصايا
محمود: حلو بقوا اتنين ووصي عليهم الأخ الكبير
وليد (مشيرا لعمرو وقد بدا عليه الارتباك): هو ينفع يا عمرو الأخ الذي لا يرث يبقي وصي؟
عمرو: معرفش بصراحة دى؟ بس ممكن مينفعش
حاتم (ناظرا لعمرو): وممكن ينفع
عمرو: يمكن.. معرفش
حاتم (ناقلا بصره بين المجموعة): لو كده يبقي هو الوصي
محمود (ومازال واقفا): ولو مش هو يبقي اللي بعديه مباشرة ...وده بقي الفلاح
وليد (ناهضا): وليه بقي ميبقاش التاجر؟
محمود: وليه يبقي التاجر؟
وليد: عشان هو اللي فاهم الدنيا أكتر، وأكتر خبرة من الفلاح اللي ميعرفش غير الارض، ده تاجر ولف وجرب فهو الانسب للوصايا طبعا
عمرو: وده يفيد في إيه في التربية؟
وليد: يفيد يا عمرو، انه ميطلعش الولد أهبل ميعرفش الدنيا، وفي الآخر يبقي مقضيها حقد وغل بدون ما يحاول يكون شاطر وفعال
محمود (بانفعال): حقد وغل.. قصدك يطلعه أنانى ومستغل زيه
وليد: قصدى يطلعه واعي لمصلحته وبيحققها
حاتم (ينهض): هو انتم مين فاهمكم إن الوصايا تربية؟ معلش أنا واحد أهو أبوه متوفي وعمى واصي عليا، لا شفت منه تربية ..وكمان ذللنى بالفلوس اللى هى أصلا ميراث أبويا
محمود (وهو يشير بيده نحو حاتم): أيوة عندك حق يا حاتم.. هو ليه بقي التاجر عايز الوصايا!
وليد:عشان مصلحة الأولاد
محمود: لا حبيبي عشان مصلحته هو؟ عشان لما يبقي واصي علي العيال يقدر يستغل الأرض وهي تحت الوصايا ويبقي المجال أسهل للسرقة، ويساعد على فرض إرادته على الأرض كلها، لكن لو الوصايا للفلاح يبقي كفته أقوى، ومش هيستضعفه
وليد: على فكرة أنت عشان دماغك كلها أحقاد فبتفكر إن ضرورى السيناريو يبقي استغلال
محمود (باسلوب تقريري): أنا حقود... ده رايك اللي كنت عايز تقوله بينك وبينى، صح؟
وليد: أنت مش بس حقود وغلاوي، لأ كمان أفكارك عف عليها الزمن ورغم كده عايز تفرضها على اللي حواليك
محمود: أفكاري معفش عليها الزمن، أفكارك هي العفن ذاته، بس للأسف بيتعملها دعاية كويسة فلاقية سوق.. (يتوجه وليد للرد فيباغته محمود): ومتقليش إيه اللى مانعك تعمل دعاية لأفكارك؟.....فقلك معيش كاميرا تقولى اشتري كاميرا..عشان هي دى المشكلة ولب الموضوع
وليد: لب الموضوع الكاميرا ؟
(محمود يمسك بالكاميرا لتكون بين يده ويد وليد في عملية شد وجذب)
محمود: آه، فرض الرأى اللي بتعمله بتلويحك إنك مالك عنصر يعليك على باقي المجموعة...ده اللي انت عاملته قبل كده وشفته معاك في المجموعة اللي قبل دي.. لوحت للمجموعة إن انت معاك كاميرا للتصوير وده هيسهل الحركة وهننجز ونشتغل أسرع وبحرية.. وبعدين بقت الكاميرا نفسها بصاحبها عنصر شلل للمجموعة وهدم فيها.. عشان ساعتك كنت زرعت فيهم ربط التسهيلات والامكانيات اللى بتقدمها بتنفيذ آرائك وأفكارك.. وأما أنا معجبنيش الحال قلت عليا متحجر.. طيب أنا أما خرجت، مستحملتش ليه باقي المجموعة اللي كانوا لطفا عنى كتير!
وليد: كانوا زيك متحجرين
محمود: لا ياوليد، مكنوش متحجرين، انت اللي استغلالي
وليد: انا اللي استغلالي! هو مين كان هيستفيد من إمكانيات مين؟
عمرو وحاتم ومحمود ( يشيروا بأصبعهم على وليد): إنت
محمود: أنت متقدرش تشتغل لوحدك، والكاميرا مش هتصنعلك فيلم، بس ممكن تستخدمها عشان تستغل الغير في أنهم يكونوا تحت سيطرتك ولمصلحتك.. إنت جايب الكاميرا النهاردة ليه، هو احنا هنصور النهاردة حاجة! إنت جايبها عشان تلوح بها كنقطة قوة لصالحك عشان تخلي المجموعة تحت سيطرتك، ده اسمه استغلال
حاتم: لما تقرر يا وليد، انك تشغل إمكانيات مجموعة بكاملها لتحقيق رؤيتك انت، ده استغلال
وليد (مرتبكا ومبتسما ومشيرا على حاتم): وشوف مين اللي بيتكلم!
حاتم: أنا اللي بتكلم، اه ده اسمه استغلال يا وليد
عمرو (ناهضا): وحدوا الله يا شباب
حاتم: لا إله الا الله
(عمرو يقترب من وليد ويضع يده يطبطب عليه)
عمرو: اقعد كده ياوليد، واستهدى بالله
وليد (منفعلا): يا عم سيبنى بقي وابعد عنى انا ناقصك انت كمان
عمرو: الله وانا عملتلك إيه!.. لا حول ولا قوة الا بالله.. أنا بهديك
وليد (لعمرو): يا حبييي انت جاي هنا غلط.. وداخل المعهد غلط
عمرو: أنا جاي غلط.. ليكن في معلومك ..أنا بحمد الله كل سنة بطلع بتقدير جيد جدا
وليد: وهو بالتقدير!.. ده بالتفكير.. وانت حافظ مش مبدع، وعايز تصور كلام تقريري زي ما هو
عمرو: يا سلام.. وأنتم بقي اللي مش حافظين .. طيب أنا في مصدر خارج ذاتي باخد وبستلهم منه... أنتم بقي كل واحد فيكم عابد ذاته ومقدسها، وعايز يجسدها.. هو ده بقي الابداع.. ده على طريقة الصنم هُبل صانع نفسه
محمود (ضاحكا بسخرية): هُبَل (ثم يغير في نطق الأحرف) ولا ما في هَبَل غيرك
عمرو: احترم نفسك، انتم قاعدين تتنكوا عليا من بدري وانا بحترمك عشان انا محترم
محمود (منفعلا): واحنا بقي اللي من بيئة واطية
عمرو(مصدوما): بيئة واطية.. احنا واصلنا لكده
محمود: وأبو كده كمان
عمرو (جالسا): تصدقم أنا غلطان اللي ادخلت بينكم..كلو بعض
(وليد يضع دفتره في الشنطة ويأخذ كاميرته )
وليد: لا ناكل ولا نشرب، أنا ماشي
حاتم: ماشي! أومال الكلام اللى كنت بتقولوا ليا من وشية.. والصح والهروب.......
وليد: بسحبه... (ثم وهو يشير بيده على كاميرته التى يمسكها) وبسحب قوة رأس المال.. وعنصر الاستغلال اللي هو أنا وهنمشي عشان منعطلش عجلة التقدم بتاعتكم وبدل ما ترموا عليا تأخركم
محمود (يأخذ دفتره): لا وليد خليك يا حبيبي، أنا اللي همشي
(يتحركا الأثنان في اتجاه مدخل الاستوديو فيلحق بهم حاتم ليوقفهم)
حاتم: لا انت ولا هو، اقعد انت وهو
(ثم يشير حاتم لعمرو)
حاتم: قوم يا عمرو معايا ساعدنى
(عمرو ينهض متأففا ويمسك بيد محمود ويشده للجلوس فيتجاوب معه محمود ..في حين يشد حاتم وليد ليجلسه فيبدو أقل استجابة إلا انه يجلس في النهاية )
(يجلس الاربعة في سكوت لحظات ثم ينهض حاتم فجأة ويتجه نحو محمود)
حاتم: قوم يا محمود، ننزل نشترى سجاير، ونرجع
(ينهض محمود)
عمرو (ناهضا): أنا هنزل معاكم أجيب أكل عشان انا جعت بصراحة
حاتم (وهو يبتسم): تعالى، إنت ليك نفس تاكل؟
عمرو (بابتسامة طفولية): آه جوعت، الخناق اصلا بيسحب الطاقة
حاتم: عندك حق
(حاتم يتجه نحو وليد ويضع يده على كتفه)
حاتم: وانت مش عايز حاجة يا وليد من تحت
وليد: لأ مش عايز
حاتم: طيب التلاجة جوا فيها ساقع.. وفي سخن.. ولو عايز تشرب سيجارة اشرب، بس أوعى تمشي ..متفقين
(يهز وليد رأسه بالموافقة ويبدو عليه الضيق)
وليد: ماشي
حاتم: استنانا اتفقنا
وليد: ماشي
حاتم: قول اتفقنا
وليد ( وهو ينظر لحاتم دون تعبير): ماشي، اتفقنا
حاتم: يلا يا شباب، واعملوا حسابكم مفيش كلام لحد مانرجع عن الفيلم
عمرو: ولا في غير الفيلم
محمود: اه احسن برده
(يخرجوا الثلاثة ويظل وليد بمفرده في المسرح، ينهض ويمسك الريموت ويشغل الصوت)
إظلام
المشهد الثالث
(نفس المنظر)
(يفتح الستار، لنجد وليد ينهى سيجارته ويضعها في بانوره على المنضدة، ثم يلتفت للشاشة حين يظهر في البانورما مشهد فيلم يمثل لقطة موضوعية، حين يدخل الشباب، يتقدمهم عمرو وهو ينهى طعامه، ومحمود وحاتم وراءه ويلتفت لهم وليد ثم يعود النظر للشاشة ويوقف الصوت من الريموت)
حاتم (لمحمود): أهو الراجل ممشيش.. يا أخى بطل افتري بقي
(يجلسان ويظل وليد في مكانه )
حاتم: بس قلي يا عمرو.. انت خرجت ليه من جروب البنات؟
محمود: البنات الأخوات
عمرو (لمحمود): إنت بتتريق؟
حاتم (لعمرو): يا سيدى خليك معايا أنا؟ خرجت ليه ؟
محمود (لحاتم): أكيد زيك لقي نفسه وسط بنات خرج
حاتم (لمحمود): لا أنت فاهم عمرو غلط...أنا تقريبا معظم الوقت بشوفه في وسط مجموعة أغلبها بنات.. أو يكون هو الشاب الوحيد في وسطهم
(يبتسم وليد وهو يوقف عرض الفيلم لتصبح الشاشة ثابتة على اللقطة الموضوعية.. ويضع الريموت مكانه ويعود لمكانه ويجلس)
(محمود ينظر في البانوره)
محمود (لوليد): انت حرقت تلات سجاير في المدة الصغيرة اللى نزلنا فيها وشربنا سيجارة، يا عينى انت هتتخرج حريقة سجاير زينا
(وليد لا يرد)
عمرو(لحاتم): على فكرة البنات اللي بقف معاهم بنات محترمات جدا
محمود(لعمرو): يا سيدى هو الراجل قال عليهم حاجة.. كمان ما حنا كمان بنقف مع بنات محترمات
حاتم (ضاحكا بسخرية وموجها حديثه لمحمود): لا.. بلاش إنت
محمود (بجدية): لا محترمات.. بس هى الفكرة في نظرة كل واحد للاحترام
عمرو: هى دى كمان فيها وجهة نظر ورؤية!
محمود (لعمرو): طبعا.. يعنى انت بتعتبر ان المحترمة هي المحترمة زيًا... وأنا بعتبر المحترمة محترما عقلا
عمرو: ده على أساس إن عقلا وزيا ميمشوش مع بعض، طيب أقولك حاجة أنا المجموعة اللي خرج منها حاتم قبلي دى، البنات اللي فيها عقلها قوى جدا، مقلكش سيطرة سيطرة
محمود: ااه، يا عينى معرفتش تسيطر عليهم
عمرو: لأ، أنا مكنش في نيتي اسيطر
محمود: بقلك ايه، ارجوز على ارجوز ما يركبش.. أنت كنت فاكر إن دوول عشان بنات رقيقات عفيفات فهتاخدهم تحت باطك.. ويبقي الجنس الناعم ناعم والجنس الخشن خشن.. بس للأسف طلع الاخوات زي الرفيقات بالضبط، صح؟
(وليد وحاتم يضحكان)
عمرو: أنا برده محبتش أشد معاهم وازعلهم
محمود: لا حنين
حاتم: لأ ..كنت شد
وليد: لو شديت حقوق المرأة هيطلعوا عينك
عمرو: هما مش محتاجين حقوق مرأة والعالم بتاعة الخطب والشعارات دوول... دوول بياخدوا اللي عايزنه بروقان.. وتلاقي نفسك فجأة كده لابس السلطانية
(الجميع يضحك بصوت عالى)
عمرو: أنا خرجت وكنت خلاص السلطانية بتتضبط على راسي.. بس لحقت نفسي في النفس الأخير
محمود: عملت ثورة يعنى؟!
عمرو: لا ثورة ايه! انسحبت.. وقالوا عليا إنى متسلط
وليد: مقالوش ذكورى
عمرو: لا مقالوش
حاتم: افتكر كويس.. مقالوش مجتمع ذكورى متعفن
عمرو(متفكرا بجدية): لا، لا مقلوش
(يضحك وليد ومحمود وحاتم، ثم بعد أن ينتبه عمرو للمزحة يضحك معهم)
(محمود يتوقف عن الضحك فجأة ويخبط رأسه ببطء على المنضدة ثم يرفع رأسه)
محمود: وبعدين أنا لازم اتخرج السنة دى
عمرو: ما كلنا عايزين نتخرج
محمود: انا مش قايل لأبويا إنى بدرس في معهد سينما.. ده فاكر إنى في تجارة
( يضحك عمرو حين يلتفت له محمود)
عمرو (خجلا): آسف، بس تحس إن كلامك كأنه نكته
محمود: مش نكته للأسف.. حقيقة
عمرو: طيب ميعرفش ليه؟ هو ضد معهد سينما؟
محمود: أنا أبويا أصلا شايف من ثانوى إن عيل فاشل عشان كنت غاوى تلفزيون وسينما وقراية برا المنهج.. وهو موظف.. بس موظف قديم..وأنا الصغير جبني على كبر..غلطة وفلته كده.. وفي نفس الوقت لسوء حظه وحظى أنا الولد الوحيد على أربع بنات، فمضطر يحط أمله فيا.. فتقبل على مضض كلية تجارة.. ده لو كنت قلتله معهد من غير سينما حتى، كان طردنى من البيت واتبرى منى
وليد: وبعدين؟
محمود: هو انا بحكي حدوته.. أنت عارف يا حاتم، الشباب اللى بتشفونى معاهم دوول.. اللى انت بتقعد تتفزلك عليهم
حاتم: صدقنى دوول عيال متخلفين
محمود: بصرف النظر، ومش مبرر ده لفزلتك على فكرة.. بس عموما أنا بعرفهم عشان هما ليهم علاقات أوسع بحاول ألقط منها شغل عشان استقل عن أبويا.. بس مش لاقي نفسي وسطهم
حاتم: كلنا هذا الرجل، ما أنا برده لو ما عدتش السنة دي معرفش هعمل إيه في ظروفي دى مع عمي؟ ده انا كل شوية في مشاكل معاه وبشتغل فعليا تلاقيط برده عشان مبقاش تحت سيطرته
عمرو: انت مش ليك ميراث أبوك؟
حاتم: انا عارف بقي هاخده ازاي منه ده كمان؟ أصلا ده ممكن يطلعلى بأنه صرف عليا أكتر من ورث أبويا..هو بيلمح بكده اصلا
محمود: مش بقولكم قوة رأس المال وسيطرته
وليد (ملتفتا لمحمود): هو أنت بصيت لكاميرا
محمود (ملتفتا لوليد): ولا لفتت نظرى ..انا مركز في مشاكلى... طبعا ساعتك معندكش مشاكل زي بقيت الشعب.. زينا كده
وليد: هو انت ليه يا محمود مصر تحسسنى إن أنا ابن البرنس وقاعد وسط ولاد الجانينى، على فكرة أنا من أسرة متوسطة.... آه أهلى وفرولي تعليم كويس واهتموا بيا ....ده عشان كمان أنا ابنهم الوحيد.. بس ده مش معناه إن مولود في سرايا... والكاميرا على فكرة أنا جيبها من مصروفى
محمود (مبتسما): أهو شوف الكلام ده بقي يضايق زيادة.. عشان مصروفي دى تزعل
عمرو: آه عشان انت قاعد وسط ناس مصروفهم ميجبش كاميرا
حاتم (ناظرا لعمرو) : ولا جزمة يا بنى
( ينهض وليد ويمسك الكاميرا ويضعها على المنضده المجاورة للشاشة بجوار الريموت ثم يعود ليجلس مكانه)
وليد: كده مفيش كاميرا.. ولا احساس بالسيطرة ولا حاجة.. ولا تحبوا ارميها كمان من الشباك
محمود: لا مش للدرجة دى
وليد: ومين قال بقى إن معنديش مشكلة.. وإن عادى ما عديش من مشروع التخرج واتخرج السنة دى؟.. بالعكس انا عندى مشكلة كبيرة..
محمود: إيه؟
وليد: أنا طول الوقت وسط أصحابى والعيلة ومعروف عني إنى شخصية قوية ومتميزة..بس كمان ظاهر بأنى بهتم برأى الآخرين وبدافع دايما عن حرية الرأى والاعتقاد والفكر.. واحترام الآخر..فمينفعش أجي بعد كده أظهر إني فشلت في مشروع التخرج عشان مش عارف اتفق على رأى مع مجموعة.. لأ واكتر من مجموعة كمان
عمرو: انا كمان لازم أعدى صافي
محمود: ليه أنت كمان أهلك ذلينك بالفلوس؟
عمرو: مش بالفلوس؟ معنويا
وليد: إزاى يعنى؟
عمرو: أنا برده الولد الوحيد... بس الكبير..وطول الوقت مجتهد وبطلع من الأوائل ..وفجأة لقونى اخترت معهد سينما.. وقعدت أبينلهم أهمية السينما وأوريهم شغل مصطفى العقاد وعرفتهم عليه وخاصة فيلم الرسالة
محمود: يادى مصطفي العقاد وفيلم الرسالة
عمرو: أنا بحبه وبحترم الراجل ده جدا
حاتم: وهما بقي اقتنعوا؟
عمرو: آه.. وبقوا فرحانين قوى ومنتظرين ميلاد المخرج العالمي رافع راية الإسلام اللي هيخرج من العيلة
(يضحك وليد وحاتم ومحمود ضحكة خافتة)
محمود: دوول هيستنوا كتير قوى
عمرو: واللي زاد وغطى بقي.. من سنة وزيادة اختى اتجوزت شيخ..شيخ بجد يعنى.. شغلته شيخ..وده بقي عامل زي خصم البطل.. كل شوية يقول قصاد اختي والعيلة.. سينما إيه وكلام فاضي إيه!.. وهو طبعا الراجل رافع راية الدين وبيكتب مقالات فكرية بيناظر بيها الملحدين في جرايد ومجلات.. وبيوجهنى أخده طريقه اللي شايفه أن هو الوحيد القويم الصالح لنصرة الإسلام... وأنا بقي بصارع طول الوقت إن اثبت إن الفن والسينما ممكن يخدموا الدين أكتر كمان من مقال في مجلة او خطبة في جامع
وليد مقاطعا: أنا عندى فكرة
(البقية ينتبهوا له)
وليد: إيه رأيكم لما نشتغل بطريقة تقسيم العمل؟
محمود: إزاى يعنى؟
وليد: يعنى كل واحد ياخد فصل في الرواية يكتبه
محمود: وده يطلع إيه في الآخر بقي لمؤاخذة!
وليد: هيطلع سيناريو
محمود: لأ هيطلع سيناريوهات.. وسيناريوهات مترهلة
وليد: اسمع بس هو لو كل واحد جمع آيه من المصحف مش هيجمع القرآن في الآخر.. مش كده يا عمرو؟
عمرو: صح
حاتم: ده المصحف..اللي هو موجود مسبقا.... لكن خلينا نقول لو اتفقنا إننا نكتب قصيدة شعر وحددنا موضوعها أنه يبقى رومانسي أو في الحرب أو في السلام.. لو كل واحد كتب بيت وجينا نجمعهم مش تطلع قصيدة واحدة ومتماسكة
وليد: طيب عندى فكرة تانية
البقية: قول
وليد: كل واحد فينا ياخد شخصية ويدرسها.. ويطلع نقط ضعفها وقوتها ... ونقط الاختلاف والاتفاق الممكنة مع باقي الشخصيات .. ونبحث في النواحي الاجتماعية والقانونية.. يعنى مثلا عمرو يشوف موضوع الملحد ولا المرتد ده ومسأله الميراث كويس والوصايا..وحد يذاكر غيري موضوع التاجر...وانا هذاكر الفلاح.. يعنى ممكن تاخد انت موضوع التاجر يا محمود
محمود (بذهول): أنا!
حاتم: اه فكرة كويسة، وانا هاخد طالب الحقوق أدرسه
وليد: تمام وبعدين نشوف باقي الشخصيات...متفقين
حاتم: تمام، اتفقنا
عمرو: اتفقنا
محمود: ماشي..اتفقنا
إظلام
المشهد الرابع
(نفس المنظر)
(الجميع ينظروا في تليفوناتهم بتمعن وتركيز)
عمرو (ناهضا وهو ينظر لتليفونه): إيه ده؟
(يلتفت البقية إليه)
حاتم: في ايه؟
عمرو: الأخ الكبير؟
محمود: ماله هتهدر دمه!
عمرو: هيورث
محمود (مبتسما بذهول): لا متقلش
عمرو: ما أنا فعلا مبقلش.. ده الشرع اللي بيقول
وليد: إزاي؟
عمرو: الموقف الدرامي بيقول أن الأخ الأكبر ارتد بعد وفاة الأب .. ففي الحالة دى مدام بعد الوفاة مش قبلها.. يبقي يورث
محمود: يعنى يجوز يا شيخ؟
عمرو: آه يجوز.هو أنا بس مستغرب ليه بعد الوفاة!
محمود: هو حر..متشغلش بالك...
وليد: طيب والوصايا؟
عمرو: دى بصيت عليها قبل الموضوع ده.. كنت فاكره ساعتها ده منتهى.. المهم موضوع الوصايا مش فاهمه أوي.. بس غالبا في عدم وجود الأب والجد القاضي بيحدد
محمود: انت متعرفش حاجة في الموضوع ده يا حاتم؟
حاتم: ده بما إنى عند تجربة؟
محمود: يعنى
حاتم: انا عندى أخ أكبر.. بس ده أكبر قوى ... ومن أم تانية.. بس الوصي عمى (ثم خجلا): وهو ليه وضع خاص الصراحة، أنه اتجوز أمي .. بس الولاية لأمى
محمود: ماشي.. المهم يرث والوصايا غالبا تبقي للأكبر.. برده اخونا التاجر بره الموضوع والأرض كده ملك للجميع حتى الملحد اللي زيي
عمرو (مصدوما): أنت ملحد
محمود: أعرفك
عمرو: ربنا يهديك
محمود: متشكر
وليد: بس خد بالك متقلش لأبوك ولا تلحد رسمى إلا بعد ما يموت أبوك لا متورثش
محمود: أنا من غير إلحاد، ابويا بيتلكك أصلا عشان ميصرفش عليا
(يضحك وليد ومحمود.. ويهز رأسه عمرو تعجبا)
حاتم: وأنت أخبار الفلاح معاك إيه يا وليد؟
وليد: بص أنا موضوع الفلاح والتاجر ده خلاص قفلنى... احنا حشرنا نفسنا بينهم على اعتبار انهم كل الورثة.. آه المال مهم.. والزراعة مهمة.. ومفيش غنى عن الاتنين.. بس الأرض ليها ورثة تانيين ومهمين وليهم دور
حاتم: بالضبط كده
وليد (وهو ينظر في دفتره): يعنى عندك مثلا الراجل اللي طلع يرث ده، ده دكتوراة في الموارد المائية وممكن يحل موضوع الأرض البور بخبرته وعلمه
حاتم: حقيقي، وطالب الحقوق هيتخرج ممكن كمان سنتين وبعدها بسنتين تلاته يقدر يدير هو القضايا مع الأوقاف ويسترد الأرض
محمود: بس ده برده لا يغنى إنهم هيبقوا محتاجين لفلوس.. وإن الدكتور مش هيغنى عن المال هو هيقدم علمه بس تنفيذه محتاج مال.. يعنى التاجر لازم يشارك
وليد: هو مش لازم ولا حاجة.... إلا في حدود انه جزء وواحد من الورثة ولو عايز يستفيد في إطار الباقي
محمود: مش لازم ازاى؟! يقدروا يشتغلوا من غيره؟
وليد: يقدروا... هياخده وقت أطول بس.. أصلا هو كان فايد بإيه قبل كده غير في تصريف المحصول..ودى شغلانة أي حد فيهم يتعلمها
محمود: بس هو وريث.. وعايز يستفيد ..وإضاعة الوقت والبطء مش لمصلحته
وليد: تمام.. يشارك بس بالمعقول... وممكن نعتبر أنه بديل البنك اللي هيتاخد منه القرض.. بس قرض بفايده ضعيفة.. وكفاية الفايدة اللي هتعم على الكل بما فيهم هو
عمرو: المفروض من غير فايدة أصلا
وليد: هما كمان مش يدخلوا تقيل.. هياخده الموضوع استيب باي استيب.. عشان ده في النهاية تاجر مصلحته هتغلبه أولا... فمينفعش يأمنوله للآخر
حاتم: حقيقي
عمرو: ثوانى يا جماعة... انتم مخدتوش بالكم من حاجة؟
حاتم: ايه تانى يا عمرو.. المرة دى اكتشفت إن أبوهم حى؟
عمرو: لأ مش للدرجة دى...بس احنا وقع منا مرات الراجل
وليد: وفي كمان بنته الأرملة
حاتم (ضاحكا): لا احنا نسقطها عادى..لكن انت يا عمرو إزاى سقطت منك!
محمود: ووليد كمان.. إزاى! ده انت بتاع حرية المرأة والطفل يا وليد
عمرو: أيوووة.. هو الطفل اللى اقصده.. الست حامل في طفل ولسه منعرفش حتى ولد ولا بنت
محمود: أدي وصايا تالتة.. التاجر ده ابتدى يصعب عليا
وليد (ناظرا لمحمود): آه منا خدت بالي
حاتم: إنتم عارفين إن ممكن الست دى توقف الميراث لحد ما تولد
محمود: فعلا!
حاتم: آه ..على ما أظن
وليد: طيب دى فرصة كويسة.. إن الموضوع يطول بينهم في الوقت.. فكده يتقابلوا كتير ويحصل بينهم حوارات ومجاذبات.. يعنى موضوع الجنين ده يجمعهم فترة وكل واحد يسمع وجهة نظر التانى.. الأول يختلفوا وبعدين يتصارعوا ويتخانقوا.. وشوية شوية من كتر قعادهم هيكتشفوا إن الحل الصحيح أنهم يتفقوا مع بعض
عمرو (وهو ينظر لمحمود): ودى فرصة كمان عشان يناقشوا أخوهم الكبير ويحاولوا يرجعوه لدينهم
حاتم (ناهضا): كده الأرض أساس لتجميعهم ووجود الجنين والأطفال هيشدهم لبعض
محمود (ناهضا): ولو ربطت الأجيال الجاية بالأرض وأهميتها وعلمتهم الزراعة.. وحتى العلم والصناعة لصالح الانتاج في الأرض وتطورها وتطورهم مع بعض.. هتفضل الأرض بتجمعهم كلهم
عمرو (ناهضا): مش بس الأرض كعنصر مال...لأ دى المشاركة في الأرض هتخليهم يشتركوا في أفكارهم وعلومهم وتطورهم هيبقي مرتبط ببعض
وليد (ناهضا): كده احنا تقريبا وصلنا للمقدمة المنطقية اللي نقدر من خلالها نكتب.. وحتى لو قسمنا العمل فصول عارفين ان محدش هيطلع برا المقدمة المنطقية فاهيكون عملنا عمل متماسك
حاتم (وهو يكتب في دفتره): وبكده نقول إن المقدمة المنطقية للفيلم ( إن الأرض اللي هي محل الصراع بين الاخوات هى نفسها مصدر التطور ليهم جميعا اذا أوقفنا الصراع والأنانية)
البقية: بالضبط كده
وليد: طيب كل واحدمعاه ورق وقلم.. نبدأ بقي نكتب المعالجة والسيناريو والحوار
(يجلسوا جميعا، ويبدأوا الكتابة)
عمرو (يقف فجأة): ثوانى يا شباب
محمود: خير يا عمر
عمرو: ممكن بكرة في التصوير نختلف في تفسير النص واحنا بنخرج؟
محمود (ينهض ويضع يده على كتف عمرو): يا عمرو إحنا اللي كاتبين النص، هنختلف في اللى احنا كاتبينه مع بعض يا عمرو
عمرو: محدش عارف بكرة في إيه
حاتم: بكرة هتظهر مشاكل مختلفة مع البروفات والإخراج.. فممكن نختلف.. ويمكن نتصارع كمان
وليد: بس انا واثق ما دام احنا اتفقنا على قاعدة إن ممكن نلاقي نقاط إتفاق على أرضية مشتركة...يبقي مهما اختلفنا وتصارعنا هنقف ونرجع للطريق الوحيد اللي نحل به مشاكلنا
( يجلس عمرو ومحمود، وفي البانورما تظهر الشاشة لمشهد واضح يوضح صورة متكاملة لموقف بدون تشويش ويرتفع صوت المشهد ويصبح الضوء على المسرح ضوء المشهد في البانورما فقط )
ستار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق