مجلة الفنون المسرحية
اليوم العالمي للمسرح ومسرح تونس العظيم
طاهر الزهيري
تحتفي مسارح العالم هذا اليوم بمختلف اللغات واللهجات والثقافات بمجموعة من العروض المسرحية العظيمة، تخليدا لليوم العالمي للمسرح والذي يصادف الـ 27 مارس من كل عام، وتمجيدا لهذا الفن السامي الذي أثر في كافة الشعوب وصنع وعي عجزت عنه كبريات المؤسسات التعليمية.
وفي محافظتنا الجميلة إب حاولنا خلال السنوات السابقة احياء هذا اليوم بجهودنا الذاتية، وبنبض الشباب العاشق لهذا الفن ناضلنا كثيرا لانتزاع مساحة حرة، واستطعنا بمساندة الكوادر المثقفة في المحافظة إشعال خشبة المسرح في هذا اليوم بالأعمال المسرحية التي تليق بهذه الذكرى والمناسبة الخالدة.
المسرح هو انعكاس الواقع، وصوته الذي يعبر عنه، وفن المسرح كغيره من الفنون يقاتل كل يوم باحثا عن حريته للقيام بدوره متمردا على كل القيود التي تساهم في قمعه مرات ومرات، والمحاولة الحثيثة لتحجيم دوره وتحريف رسالته الإنسانية الجامعة.
وفي جمهورية تونس وعلى هامش زيارتنا الأخيرة، وجدنا هناك طوابير ولكن ليس لأجل الغاز والبترول والخبز، وانما طابور طويل أمام بوابات المسرح البلدي رجال نساء، وما شد انتباهي كبار السن حتى ممن يمشون بحركة صعبة وبجوارهم من يقودهم ويساعدهم في صعود الدرج، إنه شعب عظيم ومثقف يحب الفن ويقدس الحياة.
عند دخولي المسرح البلدي العظيم هناك اعترتني الدهشة وتوجعت على بلدي التي لا تملك مثل هكذا مسارح، وعلى شعبنا ومجتمعنا الذي يفتقد لمثل هذه المسارح والعروض والثقافة والوعي بأهمية هذا الفن العظيم.
عرض مسرحي يتوافد له مئات المتفرجين بازدحام، وطابور طويل عند الدخول، وحضور قبل موعد العرض بساعات، وايضا كان العرض لممثل واحد مونودراما، أي جمهور هذا..! تستحقون رفع القبعة لكم، مشهد أدخلني في طور الحياة والفن والألفة، واشاح النظر تماما عن الحرب والدمار.
تذكرت الفنان المسرحي في إب خالد البعداني والعمر الطويل الذي قضاه في المسرح التربوي على تلك الخشبة الصغيرة ذات الستار المهترئ، والكراسي المتنوعة الشكل والألوان، التي لم تعد جميعها صالحة للجلوس عليها، ورغم اختزال ذلك المكان لكل العروض المسرحية ومسابقات المسرح المدرسي ومهرجانات الأعياد والمناسبات إلا أنه مؤخرا تم إغلاقه أو تم تحويله لمخزن، أي بؤس وشقاء هذا.
تذكرت أيضا المركز الثقافي وكل عروضنا فيه، ولا ننكر أنه قدم لنا الكثير في ظل قيادته المثقفة ممثلة بالاستاذ عبدالحكيم مقبل، بالرغم من كونه مركزا حكوميا.
أنني هنا أبحث عن ملجأ أو مكان يحتكر المسرح في محافظتي دون جدوى، ربما أصبحت كل المساحات مسارح مفتوحة، " لكن لما.. لا أعرف".
نحن اليوم بحاجة ماسة لبناء مكان خاص لهذا الفن الراقِ، نحن كمسرحيين بحاجة للخشبة الخاصة بالمسرح، لكسر الركود والتراجع الثقافي، لرفع الوعي ونشر الفن، لنكون شمس تشرق على المجتمع بعطاء فني ثقافي هادف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق