الباحث عبدعلي كعيد |
بحث العلاقة البنائية بين الشكل المسرحي والشكل الفيلمي ( قطة على سطح من الصفيح الساخن ) ( أنموذجاً )
جمهورية العراق
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
جامعة بغداد ـ كلية الفنون الجميلة
قسم الفنون السينمائية والتلفزيونية
العلاقة البنائية بين الشكل المسرحي والشكل الفيلمي
(( قطة على سطح من الصفيح الساخن ))
(( أنموذجاً ))
بحث مقدم الى لجنة السيمينار ضمن متطلبات مادة السيمنار
من قبل طالب الدكتوراه
عبدعلي كعيد
أعضاء اللجنة
الدكتور علاءالدين عبدالمجيد الدكتورة بان جبار الربيعي
الدكتورة شذى العاملي
(ب)
بسم الله الرحمن الرحيم
قُل لَن يُصيبنا إلاماكتب اللهُ لناهومولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون
صدق الله العلي العظيم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ القرآن الكريم ، سورة التوبة،آية رقم51، ص 195.
(د)
الأهـــداء
الى .....
روح أخي الشهيد عبدالكريم كعيد .. وروح أبني الشهيد أحمد بأستشهادكما
حققتُ طموحي .
الى ....
جميع أساتذتي منذ دراستي الابتدائية الى اليوم . أصحاب الفضل الأول
والأخيرفي نضجي الفكري وثقافتي ...
الى ....
دنياي وجنتي زوجتي وأبنائي : سجاد، ذوالفقار، علي ، الحسن ..
(ه)
شكر وتقدير
بسم الله الرحمن الحيم
أحمد الله حمده كما يستحقه ، وأشكره شكراً لاتحصيه الخلائق عدداً على ما أفضى علي من نعـمته وعظيـم مكرمتـه بإتمام بحـثي المتواضع بإرادتـه وقـدرته هـذا الجهد الموضوع فـي اوراق أرجوأن تنال رضا وقـبول أساتذتي الأفاضـل فـي مادة درس (النموذج التطبيـقي ـ سيمنارـ ) الـذين لـم يبخلـوا علي بالتوجيـه والنصح والأرشاد، حيث كانت علميتهـم وسعـت أطلاعهـم حافزا لي للآبحارفي بطـون الكتب، والبحث عن كنوزالمعـرفة في مجال المسرح والسينما ، وهم :
1ـ أ. د عـلاء الـدين عبـد المجيـد جاسم ، أسـتاذي لأريحيته وسـعة صدره في تبـادل
الأراء والأفكار .
2ـ أ. د بان جبارالربيعي، اساذتي مكتنزة المعرفة في مجال أختصاصها وبقية الفنون
3ـ أ. م . د شذى العاملي، أستاذتي حيث هدتني الى بعض المصادر، وتوجيه النصح
والأرشاد .
وكـذلك أتوجـه بالشكرالجـزيل الى أستاذي الـدكتورسلمـان الأعـرجي الـذي أتحفـني
ببعض المصادر.
كما لايفوتني أن أذكرموقف أستاذي الدكتورماهرمجيد ابراهيم حيث تبادلنا لأراء
وبعض الأفكارحول مواد االبحـث، وكان ملاذي في كل الأحوال المعرفية وأرشادي.
وأقربالفضل والعرفان لجميع أساتذتي في قسم الفنون السينمائية والتلفزيونية ومنهم
بالخصوص اساذي الدكتورعبدالباسط سلمان ، والدكتورمتي عبو.
أسأل الله عنايته ورعايته لشعبنا وأرضنا ومقدساتنا
الباحث
( و)
ملخص البحث
المتتبع لبدايات نشؤء السينما منذ عام (1895) يجد أن في ظهورها على يد الأخوين الفرنسيين ((لوميير)) والأمريكي ((جريفث)) ، قــد أعتمدت على النصوص المسرحية كرافد أبداعي من الروافد الأبداعية الأخرى ((القصص، الروايات)) وغيرها من الينابيع الأدبية وكذلك الأحداث اليومية .
كانت تصور المشاهد المسرحية دون تدخل المونتاج ، حيث توضع الكاميرا في مواجهة المشهد بوضع ثابت ((لا زوايا تصوير، ولا أحجام لقطات)) أي أن الكاميرا تصورمن موضع واحد أشبه بقاعة عرض مسرحي ، يجلس المتلقي ناظراً الى مايشاهده بوجهة نظر ثابته ، كون المشهد يصوربلقطة (( حجم وزاوية )) واحدة وهي (( اللقطة العامة long shot )) ، ولادور للمونتاج في الحياة الفيلمية . الجمهوريجلس في كرسيه ويشاهد أحداث الفيلم ، كما بشاهد مسرحية .
ثم أنبثقت أبداعات وأبتكارات سينمائية . فبعدما كانت السينما تعتمد اللقطة الواحدة الثابته ، طور((جريفث)) أسلوب التصوير ، وأخذ يعالج الموضوع بعدة لقطات ، كما فعل في فيلمه ((الأطفائي)) الذي يعتبرالخطوة الأولى للخروج من عبودية المسرحية والتحررمن قيودها الأبداعية ، ومن تقنيات المسرح ، والأنطلاق الى خلق فن الفيلم ، ولغته ، وقواعده ، وكانت كل خطوة يخطوها ((جريفث)) وكل تجربة يخوضها في مجال صناعة الفيلم ، تبعده عن الأساليب والطرق المتبعة في المجال المسرحي ، وتدنيه أكثرمن فن السينما ، وبحسه الفني وجد أن السينما ليس مجرد آلة ، بل هي أداة لأعادة تشكيل الأشياء بأستخدام الكاميرا وعمل المونتاج. فأخذ يطورويجرب الأسلوب تلوالأسلوب حتى سخرالمونتاج أبداعياً وفكرياً ، لغرض أيصال الدلالات للمتلقي ليساعده على فهم حقيقة مايدورأمامه من على الشاشة ، ويمد جسورتلك الدلالات لواقعه المعاش ليتخذ موقفاً منه .
ثم أخذ المخرجون المعاصرون له ، أوالذين أعقبوه ، يسعون الى تطويرهذه الأساليب حتى راحوا يعالجون مواضيع أفلامهم , وأحداث قصصهم بسياق المونتاج ، والتنوع في التقطيع والتركيب .
وهكذا أخذت السينما تتطورت شيئاً فشيئأ حتى صارت أداة ووسيلة مرئية ـ سمعية راكزة الأقدام مكتنزة المعاني والعلامات (سيميائية) ، لذلك أعتمدت ومازالت على الكثير من النصوص المسرحية ، وكان لمسرحيات شكسبير حصة الأسد في هذا المضمار ، ثـم أنطلقت يإتـجاه الأعـمال المسرحية وتحويلهـا الى أفـلام مثـل ـ لاالحصرـ أعمال ((أرثرميلر، يوجين أونيل ، برناردشو، أبسن ، تشيخوف ، تينسي وليامز)) والمبدع الأخير(ويليامز) أيضاً حائزت مسرحياته على أهتمام المخرجين وكتاب السيناريو، فمعظم أعماله تم أخراجها سينمائياً.
كذلك أتخذت من الأجناس الأدبية مادة فيلمية وخصوصاً ((الفصص والروايات)) حيث أعتمدتها بدرجة توازي ، وربما تفوق أعتمادها على الأعمال المسرحية ، ومن أهم تلك الأعمال
ما أجادت به قرائح المبدعين أمثال ((ديستوفيسكي ، تولستوي ، فكتورهيجو، باستنرك ، همنغواي ، كازنتزاكي ، وحتى الأساطبرالهيميروسيةـ الألياذة والأوذسة ـ)) وغيرهم الكثير، حيث صارت تلك الأعمال علامات مميزة في تأريخ السينما .
وبناءاً على ماتقدم فأن البحث يتناول جانباً مهماً من جوانب الدراسات البنائية والمقارنة بين العرض المسرحي والشكل الفيلمي ، إذ أن الدراسات في هذا الجاتب محدودة للغاية ، حيث عمد الباحث في تناول بحثه من مختلف الجوانب ، لبيان العلاقة التبادلية التكاملية بين الفنون الأدبية وخصوصاً المسرحية والفيلم السينمائي ، من حيث العرض أو الشكل .
وقد تضمن البحث : ملخصاً وأربعة فصول :
الفصل الأول : إطاراً منهجياً للبحث يتضمن توطأة لفهم طبيعة البحث ومشكلته والتي تتلخص في السؤال الأتي: ماهي العلاقة البنائية بين العرض المسرحي والشكل الفيلمي يتبعها رصداً لأهمية البحث ، وأهدافه ، وحدوده ، بالأضافة الى تحديد المصطلحات الأتية : (العلاقة ، الشكل ، البناء الدرامي، المعادل الصوري).
الفصل الثاني : تضمن الإطار النظري والدراسات السابقة وأشتمل ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : فقد تناول : العرض المسرحي .. البناء الشكلي . متضمناً العلاقة البنائية بين الشكل والمضمون ، واليناء الدرامي المسرحي .
المبحث الثاني : الفيلم السينمائي .. الشكل الفيلمي ، والعلاقة بين الأدب والسينما ، والبناء واللغة الدرامية السينمائية .
المبحث الثالث : فكان : الشكل المسرحي والشكل الفيلمي وعلاقة التشييد ، حيث وضح الباحث أوجه التشابه والأختلاف ببن الشكلين ، ثم تبادل الخبرة والأساليب بين اجنسين .
الفصل الثالث : ويتضمن أجراءت البحث التي أعتمد فيها الباحث على المنهج الوصفي التحليلي وكذلك تحديد المجتمع وعينته ، وقد أختارالباحث عينه قصدية تتناسب مع أهداف البحث .
الفصل الرابع : تناول تحليل عبنة البحث والنتائج التي توصل الباحث اليها ، وكذلك أهم الأستناجات والتوصيات والمقترحات. وقد تضمن الفصل الرابع أيضاً : قائمة المصادروالمراجع وقائمة الملاحق التي تضمنت الأستمارات المتعلقة بفحص أداة التحليل للخبراء .
من الله التوفيق
قائمة المحتويات
ت
الموضوع
رقم الصفحة
1
الآية الفرآنية
ب
2
إقرار المشرف
ج
3
أقرار اللجنة
د
4
الأهداء
هـ
5
شكر وتقدير
و
6
ملخص البحث باللغة العربية
ز ـ ط
7
ثبت بالمحتويات
ي ـ ك
8
الفصل الأول : الأطار المنهجي وتحديد المصطلحات
1ـ
9
مشكلة البحث
2ـ 3
10
أهمية البحث
3ـ 4
11
أهداف البحث
4
12
حدزد البحث
4
13
تحديد المصطلحات
5
14
الفصل الثاني : الأطار النظري والدراسات السابقة
17 ـ 88
15
المبحث الأول : العرض المسرحي البناء والشكل
18 ـ 55
16
المبحث الثاني: الفيلم السينمائي .. الشكل الفيلمي
56 ـ 88
17
المبحث الثالث الشكل المسرحي والشكل الفيلمي وعلاقات التشييد
89 ـ
19
الدراسات السابقة
20
الفصل الثالث : أجراءات البحث
21
اولا : منهج البحث
22
ثانيا : مجتمع البحث
23
ثالثا : اداة البحث
24
رابعا : اداة التحليل
25
خامسا : عينة البحث
26
سادسا : صدق الأداة
27
سابعا : خطوات التحليل
28
الفصل الرابع : تحليل العينات
29
الفصل الخامس:النتائج والاستنتاجات والمقترحات
30
النتائج .
31
الاستنتاجات .
32
التوصيات .
33
المقترحات .
34
قائمة المصادر .
35
الملاحق .
36
ملخص البحث باللغة الانجليزية .
الفصل الأول
الإطار المنهجي
مشكلة البحث
أهمية البحث
أهداف البحث
حدود البحث
تحديد المطلحات
الفصل الأول / الإطار المنهجي (2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل الأول
الإطارالمنهـجي
أولا : مشكلة البحث
المتتبع لبدايات نشؤء السينما منذ عام (1895) يجد أن في ظهورها على يد الأخوين الفرنسيين((لوميير)) والأمريكي ((جريقت))، قد أعتمدت على النصوص المسرحية كرافد أبداعي من الروافد الأبداعية الأخرى ))القصص ، الروايات )) وغيرها من الينابيع الأدبية وكذلك الأحداث اليومية .
كانت تصور المشاهد المسرحية دون تدخل المونتاج ، حيث توضع الكاميرا في مواجهة المشهد بوضع ثابت (( لا زوايا تصوير، ولا أحجام لقطات )) أي أن الكاميرا تصور من موضع واحد أشبه بقاعة عرض مسرحي ، يجلس المتلقي ناظراً الى مايشاهده بوجهة نظر ثابته ، كون المشهد يصوربلقطة (( حجم و زاوية )) واحدة وهي (( اللقطة العامة long shot )) ، كانت تصور المشاهد بلقطة واحدة بلا زاوية أو وجهة نظر وحتى أحجام لقطات ، ولادور للمونتاج في الحياة الفيلمية .. الجمهور يجلس في كرسيه ويشاهد أحداث الفيلم ، كما يشاهد مسرحية ، ثم أنبثقت أبداعات وأبتكارات فبعدما كانت السينما تعتمد اللقطة الواحدة الثابته ، طور(( جريفث )) أسلوب التصوير ، وأخذ يعالج الموضوع بعدة لقطات ، كما فعل في فيلمه (( الأطفائي )) الذي يعتبرالخطوة الأولى للخروج من عبودية المسرحية والتحرر من قيودها الأبداعية ، ومن تقنيات المسرح ، والأنطلاق الى خلق فن الفيلم ، ولغته ، وقواعده ، وكانت كل خطوة يخطوها ((جريفث)) وكل تجربة يخوضها في مجال صناعة الفيلم ، تبعده عن الأساليب والطرق المتبعة في المجال المسرحي ، وتدنيه أكثرمن فن السينما ، وبحسه الفني وجد أن السينما ليس مجرد آلة ، بل هي أداة لأعادة تشكيل الأشياء بأستخدام الكاميرا وعمل المونتاج . فأخذ يطورويجرب الأسلوب تلوالأسلوب حتى سخرالمونتاج أبداعياً وفكرياً ، لغرض أيصال الدلالات للمتلقي ليساعده على فهم حقيقة مايدورأمامه من على الشاشة ، ويمد جسورتلك الدلالات لواقعه المعاش ليتخذ موقفاً منه .
الفصل الأول / الإطار المنهجي (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثم أخذ المخرجون المعاصرون له ، أوالذين أعقبوه، يسعون الى تطويرهذه الأساليب الأساليب حتى راحوا يعالجون مواضيع أفلامهم , وأحداث قصصهم بسياق المونتاج ، والتنوع في التقطيع والتركيب .
وهكذا أخذت السينما تطور شيئاً فشيئأ حتى صارت أداة ووسيلة مرئية ـ سمعية راكزة الأقدام ، مكتنزة المعاني والعلامات (سيميائية) ، لذلك أعتمدت ومازالت على الكثير من النصوص المسرحية ، وكان لمسرحيات شكسبير حصة الأسد في هذا المضمار ، ثـم أنطلقت يإتـجاه الأعـمال المسرحية وتحولهـا الى أفـلام مثـل ـ لاالحصرـ أعمال (( أرثرميلر، يوجين أونيل ، برناردشو، أبسن ، تشيخوف ، تينسي وليامز)) وهذا الأخير (ويليامز) أيضاً حائزت مسرحياته على أهتمام المخرجين وكتاب السيناريو، فمعظم أعماله تم أخراجها سينمائياً.
كذلك أتخذت من الأجناس الأدبية مادة فيلمية وخصوصاً ((الفصص والروايات)) ؛يث أعتمدتها بدرجة توازي ، وربما تفوق أعتمادها على الأعمال المسرحية ، ومن أهم تلك الأعمال ما أجادت به قرائح المبدعين أمثال (( ديستوفيسكي ، تولستوي ، فكتورهيجو، باستنرك ، همنغواي ، كازنتزاكي ، وحتى الأساطبر الهيميروسية ـ الألياذة والأوذة ـ )) وغيرهم الكثير ، حتى صارت تلك الأعمال علامات مميزة في تأريخ السينما .
ونستطبع القول من خلال ماتقدم : أن هناك علاقة وطيدة بين السينما والمسرح ، والأدب بشكل عام . وبناءأ عليه بأتي السؤال : ماهي العلاقة البنائية بين العرض المسرحي والشكل الفيلمي .
ثانياً : أهمية البحث
تأتي أهمية البحث من أن هناك علاقة بنائية بين الشكل المسرحي والشكل الفيلمي ، كون السينما كثيراً ماتعتمد أعتماداً بيناً عاى النصوص المسرحية ، بإعتبار أن هذه النصوص مشاريع عمل شبه جاهزة ، اذا ما عُلجت بحرفية أبداعية وخبرة سينمائية ـ مسرحية ، وخصوصاً لو تصدى لها سبناريست بارع في حرفته، واسع الخيال ، مبدع العطاء.
الفصل الأول / الإطار المنهجي (4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما أن البحث لايأتي من كونه مهما لصناع السينما وفهم ألأساليب والمعالجات الأخرجية أدى العاملين في الحقل السينمائي فحسب ، بل هو يخدم كتاب السيناريو ، وكذلك يساهم في خلق وعي أعمق للذين يشاركون في صناعة السينما ، وأيضاً الذين يشاهدون أفلامها .
ثالثاً : أهداف البحث
يركزالبحث على بيان طبيعة ((البناء الدرامي)) للنص المسرحي و((البناء الفيلمي)) وكيفية تحويل النصوص المسرحية أفلاماً سينمائية ، كما أن البحث يكشف عن المعنى من خلال الشكل وأيجاد المعادل الصوري للسرد والحوار الوصفي ، وعناصر التشييد بين العرض المسرحي والفيلم السينمائي .
رابعاً : حدود البحث
عمد الباحث من خلال دراسته للعلاقة بين الجنس المسرحي ، والجنس الفيلمي الى توضيح : التشابه والأختلاف والتشييد بين هذين الجنسين ، وتوضيح الكيفيات التي من خلالهـا يتـم عـرض المسرحية وعناصر بنائها التي أعـطي للمسرحية شكلها المميـز، وبالمقابل بيان عناصر بناء الفيلم وكيفية الأستفادة من الخبرات التبادلية بين العروض المسرحية والسينمائية.
تحديد المصطلحات
مقدمة :
جل البحوث والأطاريح تبدأ بالتعاريف ، وأنا سأخرج على هذا العرف ، وشفيعي في ذلك ، إن التعريف هو زبدة أو خلاصة أو عصارة فهم العمليات الفكرية للأشياء . التوضيح يسبق التعريف ، كيف لي أن أُعرف الشيء وأنا لم أفكك أجزائه ، ولم أسبرأغواره ؟ . التعريف فكرة مبتسرة عن كل ، فكيف تأتي الخلاصة قبل الشرح والتوضيح ؟
لذا سأعمد الى أستقصاء الأشياء من جذورها ، ثم نموها وتطورها ، وبيان أشتغالات أجزاءها ، ومن ثم أُوجز تعريفها ، بل سأعتمد على تعاريف ذوي الأختصاص ، ومن تناولها بالأيجازوالأطناب ، تحقيقاً للفائدة . أسأل الله سبحانه التوفيق .
الفصل الأول / الإطار المنهجي (5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* العلاقة :
لم أجد تعريفا للعلاقة يكشف عن معناها كمفهوم أدبي أو فني أو نقدي ، بل التعاريف التي جاءت في قواميس اللغة ، تؤكد على أن العلاقة : "رابطة تربط بين شخصين أوشيئين ، مثل علاقة عاطفيَّة كان على علاقة طيِّبة معه- ربطتني بأستاذي علاقة مودَّة ، السُّلطة ذات العلاقة : السُّلطة المختصَّة الصالحة للنظر في الأمور، العلاقات الثَّقافيَّة أوالتِّجاريَّة : وجود تبادل ثقافيّ أوتجاريّ بينهما ، العلاقات الدِّبلوماسيَّة أو السِّياسيَّة بين بلدين : وجود سفارة أو قنصليَّة لكلٍّ منهما في الأخرى، تربط بينهما عَلاقة قُربى : تجمعهم علاقة عائليَّة، تَوَتُّر العلاقات : سوء العلاقات واضطرابها بين دولتين أو أكثر أو بين أشخاص بعد الوئام وهي حالة قد تؤدِّي إلى قطع العلاقات ، علاقات حُسْن الجوار، علاقات حسنة بين دولتين جارتين ، قطعت دولة علاقاتها الدِّبلوماسيَّة بدولة أخرى ، أغلقت سفارتها أو قنصليّتها في تلك الدولة، قطَع علاقته به ، أوقف تعامله معه ، لا علاقة له به ، لاصلة له به ، مدير العلاقات : المسئول عن العلاقات العامَّة لشركة. أوهي صلة ورابطة بين المعنى الحقيقيّ والمعنى المجازيّ، وقد تكون المشابهة، وقد تكون غير المشابهة."(1)
ومن هنا عمد الباحث الى نحت تعريف أجرائي منطلثاً من : لايمكن أن يتحقق لأي منجز أبداعي أدبي أوفني إلا بتفاعل هذا الجنس مع الأجناس الأخرى المجاورة . إن جميع أجناس الأدب والفن قد أستثمرت التأثروالتأثير ، فالتواصل والأقتباس بينها يحدث التأثيربينهم. وتعتبرالعلاقة المتبادلة بين الأجناس قاطبة عنصرتطور، حيث تأخذ من هذا الجنس أو ذاك . فكل منجزيتأثر بالمنجزات الأخرى ويأثربها.
إذن فالأبداع قائم طلما شبكة العلاقات تمتد بين الأجناس ، حالها حال الحضارات ، فإنها تأثروتتأثرفالفلسفة اليونانية ـ لاشك ـ أنها تأثرت بحضارة وادي الرافدين ، ووادي النيل ، وفي الوقت نفسه أثرت بهما ، هكذا هومنطق الحياة الأبداعية والفكرية. وهذا مايسمى اليوم (بحوارالحضارات) لذا فبإمكاننا أن نطلق على التفاعل بين الأدب والفن والعلوم (بحوارالأبداع) مجازاً وأستعارةً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ1ـ معجم اللغة العربية المعاصرة (أنترنيت) موقع tps://www.arabdict.com/ar التعريف المذكور أعلاه هو
حصيلة تعاريف في مجموعة من المعاجم .
الفصل الأول / الإطار المنهجي (6)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن مفهوم العلاقة ـ من خلال التعاريف التي بين أيدينا ـ يدخل في شبكة من الروابط بين شتى مناحي الحياة ، ومن ضمنها الروابط بين الأدب والفن ـ للاسف لم يأتي بيانها في المعاجم والقواميس اللغوية ـ بل ركزت على الروابط التي تربط البشر فيما بينهم وفي كل جوانب الحياة ، فمفهوم العلاقة شمولي ومتعدد الأستخدامات .
العلاقة لها أذرع (روابط) تمتد لكل مايحط بها ، وبما أن الأدب لايقف عند حدود اللغة التعبيرية، والتعبير من خلالها عن مكنونات نفس المبدع أو الأديب ، بل تمتد بنشرروابطها الى الفنون ، وحتى أحياناً تتكأ على المعرفة الفكرية والعقلية ، فالأدب والفن يتشكلا مع العلم بروابط ساندة وداعمة لمنجزاتهما ، فعلى مستوى العلم ، فإن "علماء النفس والمحللون النفسيون حين يمارسون عملية نقد الأدب والفن ، بإنهم لايدرسون نتاجات المبدعين إلا بوصفها أعراضاً مرضية ، أي أنهم يبتعدون في نقدهم النفسي عن المهمة الفنية والجمالية التي تحاول أسكناه (أي سبرأغوار) طبيعة الأثار الفنية "(1) إلا أن كتابات وتحليل ((فرويد)) ساهمت في فتح طريق التحليلات النفسية في مجال الأدب والفن ، وقد استفادا من هذا التحليلات النفسية للمبدعية وللشخصات وسلوكها في العمل وبشكل خاص فن التمثيل حيث لانجد فناناً (ممثل) عندما يتصدى لدراسة الشخصية التي يكلف القيام بها ، إلا ويعتمد على الدراسات النفسية ، وخصوصاً مدرسة التحليل النفسي لـ ((سيجموند فرويد)) صاحب نظرية التحليل النفسي ، إذ أنه أستند في جانب من جوانب نظريته على دراسة وتحليل شخصية ((أوديب)) وبيان عقدته التي سميت بأسمه بعقدة ((أوديب))(*)
وكذلك دراسة شخصية ((هاملت)) و((أنتيجونا)) التي تركز نظريته على تعلق البنت بأبيها ، على عكس الذكر ، حيث يتعلق بأمه . ولم يقف أهتمام ((فرويد)) عند هذا الحد ، بل راح يدرس الكثيرمن اللوحات الفنية ، ويفند أسباب ودوافع أبداع ((دافنشي)) وبالخصوص دراسته للوحة ((الموناليزا)) كما عكف على دراسة ((ديستوفيسكي)) حياته واعماله الروائية .
هذه الروابط تشكل مايعرف بالعلاقة ، وهذا النوع من العلاقة التي تربط بين الأدب والفن ، والعلوم الأخرى من ممكن أن نطلق عليها ((المنافع التبادلية)) أي أن العلم يأخذ من الفن والأدب مايخدم أغراضه ، وكذلك الفن والأدب . وإذا ما أردنا الدقةً ، فأن أعتماد فن التمثيل على علم النفس ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1ـ جونز، أرنست ، تر، علي عبدالأمير صالح، مجلة الموقف الثقافي ، العدد11و12، دار الشؤون الثقافية، ة1997،ص68.
(*) الباحث لديه تحفظ على ((عقدة أوديب)) حيث أن أحداث مسرحية ((أوديب ملكاً)) بعيدة عن تحليلات وتأويلات فرويد.
الفصل الأول / الإطار المنهجي (7)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وخصوصاً في دراسة الشخصيات ـ سلوكها ودوافعها ـ كما أن دراسة سايكولوجية الألوان في الأضاءة ، وتأليف الموسيقى التصويرية وأختيارها ، حيث تعبرعن الصراعات النفسية ، أو أجواء الرومانسية ، أوالحزينة أوالترقب ... الخ . وهذا العلاقات التبادلية بين شتى العلوم والفنون والأداب ، غايتها تحقيق التكاملية فيما بينها، للمنجزات المختلفة في شتى مناحي الحياة .
ومن خلال ماتقدم ، قام الباحث بتعريف (( العلاقة )) تعريفاً أجرائياً . حيث عرفها على أنها : (شبكة من الروابط تمتد ببن مختلف العلوم والفنون والأداب ، بقصد التفاعل مع بعضها وفق مبدأ النفعية التبادلية ، والتي يمكننا أن نطلق عليها ((العلاقات التبادلية)) من أجل الوصول الى غايات تكاملية على مستوى المنجزالأبداعي سواءٌ كان فناً أوأدباً أوعلماً .
*البناء
في اللغات الأجنبية كلمة البنية (structure) كلمة مشتقة "من الأصل اللاتيني ( struer) الذي يعني البناء أوالطريقة التي يقام بها مبنى ما ، ثم أمتد مفهوم الكلمة ليشمل وضع الأجزاء في مبنى ما من وجهة النظرالفنية المعمارية وبما يؤدي إليه من جمال تشكيلي، وتنص المعاجم الأوربية على أن البناء يعني"تراص أجزاءه ، وتماسك بعضها مع بعض ، وهذه البنية تتميزبخصائص ثلاث هي" تعدد المعنى ، والتوقف على السياق ، والمرونة "(2)
تعدد المعني ، أي أن كل ناقد ، أومؤلف ، أو منظرله تصوره الخاص عن البنية ، حيث يعالج وجهة نظره من خلال كتاباته، أي بمعنى تعدد المفاهيم عند كل مبدع له أنجازات أبداعية، على مختلف الدراسة. بل وأحياناً نجد لدى مؤلف واحد،عدت معاني للبنية مثلاً "عند ((ليفي شتراوس)) في (الأنثروبولوجيا البنائية) من جانب ، ومجموعة دراساته (الأسطورية)، وكذلك نرى البنية عند الفيلسوف ((فوكو)) مختلفة عنهاعند الناقد الأدبي ((بارت))"(3) لذا نرى الباحث والناقد (صلاح فضل) يؤكذ على الباحثين : "وكل هذا يقتضى من الباحث حذراً شديداً في تحليله لهذا المصطلح "(4) .
أما السياق الذي تتوقف البنية عليه حيث"أن الفكرالبنائي يعد من هذه الناحية فكراً لامركزياً إذ إن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ فضل،صلاح، البنائية في النقد الأدبي ، دار الشرق ،ط1،1998،ص120.
2ـ مصدرنفسه ، صلاح فضل ، ص121 .
3ـ المصدرنفسه ، صلاح فضل ص 121.
4ـ المصدرنفسه ، صلاح فضل ، ص 122.
الفصل الأول / الإطار المنهجي (8)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
محورالعلاقاتلا يتحدد مسبقاً وإنما يختلف موقفه بأستمرار داخل النظام الذي يضمه مع غيره من العناصر. وقد لعب علم اللغة دوراً حاسماً في تحديد هذا المفهوم عندما أنتهى إلى أنه لايمكن تحديد أي عنصرمنفصل إلا بعلاقته الخلافية مع العناصرالأخرى"(1)
أما الخصية الثالثة (المرونة) فيوضحها ((صلاح فضل)) "هي نتيجة لماسبق ، إذ أن مصطلح البنية لايخلومن إبهام وأختلاط ، ويلعب السياق دوراً في تحديده ، ممايجعله مرناً بالضرورة ، فتتناوب عليه عمليات توصيفية مختلفة ، سواء كانت علمية بحتيه أو فلسفية أو جمالية ، وتعود هذه المرونة أيضاً الى نسبية مفهومة ، وغلبة جانب الشكل والعلاقات عليه."(2)
أين تكمن حقيقة الأشياء ، في الأشياء نفسها ، أم في العلاقات فيما بين عناصرها المكونة لها ؟ هكذا سؤال دائماً ما يتردد على لسان البنيويين . إذ أنهم ذهـبوا الى أن :" الحقيقة في هـذا العالم لا تتأصل فـي العناصروإنما في البنى"(3) لذا نلاحظ البنية في"نسق الكيانات التي تشمل الأفكارالرئيسية التالية :
أـ فكرة الكلية .
ب ـ فكرة التحول .
ث ـ فكرة النظام الداخلي"(4)
أي أن " كل بنية (ينبغي) أن تتسم بالخصائص الثلاث"(5) أنفة الذكرالكلية تعني :" التماسك الداخلي إذ يكون أنتظام الكيانات كاملاً بنفسه وليس مجرد تجميع لماتكون عناصرمستقلة بدونه "(6) أي أنها " تتكون من عناصرداخلية خاضعة للقوانين المميزة للنسق ، من حيث هو((نسق)) ولاترتد قوانين تركيب هذا النسق إلى (أرتباطات تراكمية) ، بل هي تضفي على (الكل) من حيث هو كذلك خواص ((المجموعة)) بأعتبارها سمات متمايزة عن خصائص العناصروليس المهم في ((البنية)) هو((العنصر)) أو((الكل)) ، وأنما هو((العلاقات)) القائمة بين العناصر"(7) حيث تترابط الأجزاء المكونة لأي كيان فيما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ المصدرالسابق ، صلاح فضل ، ص 121ـ122.
2ـ نفس المصدر ، صلاح فضل ، ص124.
3ـ نفس المصدر ، صلاح فضل ، البنية في التقد الأدبي ، ص 123 .
4ـ ـوكز، ترنس ، البنيوية وعلم الأشارة ، تر ، مجيد الماشطة ، وزارة الثقافة ، العراق،1986، ص 13 .
5ـ مصدر سابق ، زكريا أبراهيم ، مشكلة البنية ، ص 30.
6ـ أبراهيم ، زكريا ، مشكلة البنية ، مكتبة مصر ،1990، ص 30 ـ
7ـ ستروك ، جون ، البنيوية ومابعدها، تر، محمد عصفور، سلسلة عالم المعرقة، العدد206، الكويت، ص12. .
الفصل الأول / الإطار المنهجي (9)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بينها وفق" قوانين عامة أكبرمن الخواص الموجودة في كل جزء لمفرده خارج الكيان، بهذا يختلف البناء كلياً عن التجميع ، إذ ليس لأجزائه المكونة له خارج البنية ذلك الوجود المستقل فعلا الذس تتصف به داخلها"(1)
عندما نريد تفكيك بنية ما ، ودراسة عناصرها وكيفية أشتغالاتها مع بعضها وتفاعلها ، يتضح نوع من الجمال، وكذلك تتغيرالأشكال ، وتتعدد المعاني . فالكل " ليس إلا الناتج المترتب على تلك ((العلاقات)) أو ((التأليفات)) مع ملاحظة أن قانون هذه العلاقات ليس إلاقانون ((انساق)) نفسه ، ((المنظومة)) نفسها "(2) أي ترتيب وتركيب العناصر وفق نظام عضوي كلي وجامع . مثال عمل العناصرداخل البنية: الزهرة شكلها جميل لكنها لاتشكل رمزاً قائماً بذاته، أي أنها لاتأخذ "دلالة واحدة
إلا أنها عندما تكون "ضمن ثقافة من الثقافات فإنها يمكن أن تتحول الى موز، بل إنها تستعمل كذلك عندما يصنع منها أكليل وترسل الى جنازة مثلاً ، وهنا يكون الأكليل دالاً قد تعبرعن مدلولة بقولنا : تعازينا "(3) .
وبهذا فأن البنية تتضمن دلالات معمارية ، مادامها تشييد أشكالاً ، لتوصل معاني ، وتتنوع هذه المعاني كلما تفاعلت العناصر. ومم تقدم أتضح ماتعنيه البنية كمفهوم . لذا يقتضي البحث أن نقدم لها تعريفاً ، معتمدين على بعض المصادر، ومن ثم نقوم بتعريفها تعريفاً أجرائياً .
جاء في معجم اللعة العربية المعاصرة أن البنية : "مفردها بنية . جمعها بُنى . هيئة البناء وتركيبه، بنية الجسم البشري: قوامه ، تركيبه ، صحيح البنة : قوي البنية ، بنية الكلمة : بناءها صيغتها الصرفية (وهي) مذهب في العلوم والفلسفة مؤداه الأهتمام أولاً بالنظام العام لفكرة أو لعدة أفكار مرتبطة بعضها ببعض ، وأمتد الى علوم اللغة عامة وعلم الأسلوب خاصة ، ويعرف أحياناً باسم البنائية والتركيبية."(4) وكذلك جاء في تعريف البنية في نفس المعجم على أنها : " نظرية تهتم بالجانب الوصفي من اللغة ، وتنظر إليها على أنها وحدات صوتية تتجمع لتكون المورفيمات التي تكون الجملة "(5) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مصدرسابق ، زكريا أبراهيم، مشكلة البنية، ص 30 .
2ـ المصدر نفسه ز، كريا أبراهيم ، ص 30 .
3ـ ستروك ، جون ، البنيوية ومابعدها، تر، محمد عصفور، سلسلة عالم المعرقة، العدد206، الكويت، ص12.
4ـ معجم اللغة العربية المعاصرة ، أنترنيت . الموقع https://waqfeya.net/book.php?bid=5544
5ـ نفس المصر .
الفصل الأول / الإطار المنهجي (10)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إما ما جاء في لسان العرب لأبن منظورفي تعريف البنية لغة : " البنيُ : نقيض الهدم ، بنى البناء بنياً وبناءُ وبُنى ، وبُنيا وبنية وبناية وأبتناه وبناه ، والبناء ، والبني والجمع أبنية ، والبنيات جمع الجمع، والبنية مابنيته وهوالبنى والبني ، كأن البنية الهيئة التي بُني عليها."(1)
أما المعنى الاشتقاقً لمفردة البنٌية فهو:" يدل- فًي تضاعيفه - على دلالة معمارية.. وقد تكون بنٌية الشًيء تكوينه. وتعني: الكيفية التي شٌييد على نحوها هذا البناء، اذا يمكن التحدث عن البنٌية مضافة إلى الشيء نحو: بنٌية المجتمع، أو بنٌية الشخصية، أو بنية اللغة"(2)
إما تعريف البنية أصطلاحاً عند عالم النفس السويسري ((جان بياجه)) :"أن البنية هي نسق من التحولات ، له قوانينه الخاصة بإعتباره نسقاً (في مقابل الخصائص المميزة للعناصر) علماً بأن من شأن هذا النسق أن يظل قائماً ويزداد ثراء بفضل الدورالذي تقوم به تلك التحولات نفسها ، دون أن يكون من شأن هذه التحولات أن تخرج عن حدود ذلك النسق ، أوأن تهيب بأية عناصرأخرى تكون خارجة عنه"(3).
إما عالم الأنثروبولوجيا ((شتراوس)) فقد عرف ((البنية)) بصيغة قرار:" البنية تحمل ـ أولاً وقبل كل شيء ـ طابع النسق أوالنظام . فالبنية تـتألف من عناصريكون من شأن أي تحول يعرض للواحد منها ، أن يحدث تحولاً في باقي العناصر "(4) التعريفان ، تعريف جان بياجيه ، وتعريف شتراوس يلتقيان عند : أن كل بنية هي نسق أي نظام من التحولات له قوانيه الخاصة ، وهي تضم مجموعة من العناصرالتي تعمل مجتمعة وتتفاعل فيما بينها ،
أما ((جيل ديلوز)) فإنه يختلف معهما ويتفاطع، إذ أن في رأيه :" لايمكن أن تكون ثمة ((بنية)) إلاحيث توجد ((لغة)) ومايميز((البنيويين)) هوأنهم يتعرفون في كل شيء على ((لغته)). الخاصة إلاوهي لغة ((الرموز)) أو((العلامات)) الخاصة بهذا المجال أوذاك ، من مجالات المعرفة البشرية"(5)
ومن خلال التعاريف التي ساقها الباحث ، خرج بتعريف أجرائي للبنية مفاده : (البنية مأخوذة من البناء وهي الهيئة التي تم تشييد الشيء عليها ، فكل الأشياء لها بـنيـة ، وهذه البنية هي : نظام ( نسق )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ ابن منظور،أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم، لسان العرب، دار صادر، بيروت، ج.4، مادة "بنى" ص 39.
2ـ شيخ عمر، رمضان عطا الله ، البنية الدرامية في شعر محمود درويش،جامعة العلوم الاسلامية،السعودية،2011 ص5.
3ـ مصدر سابق ، زكريا أبراهيم ، مشكلة البنية ، ص30.
4ـ تفس المصدر، زكريا أبراهيم ، مشكلة البنية ، ص31
5ـ نفس المصدر ، ص33 .
الفصل الأول / الإطار المنهجي (11)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعلى أثرتفاعلات عناصرها تتولد حركة فتحدث التحولات حيث تتغييرالدلالات وبها تتغيرالمعاني ، وايضاً الأشكال ، فتعدد المعاني يأتي نتيجة الحركة التي تحدثها العناصرفيما بينها ، وإن العنصرالواحد وبقدرتعلق الأمربموضوع البحث ، فأن الأعمال الدرامية المسرحية والأفلام ، تلتقي وتتشابه في البنية الدرامية ، وهذه البنية لها عناصر، وبتفاعلها وحركتها تتم التحولات ، وتتعدد الدلالات وتتولد الرموزوالعلامات . وسنتاول البناء الدرامي بالتفصيل لاحقاً .
* الشكل
دخل تعريف الشكل بمفترق طرق ، إذ أن كل شارح ، أوناقد ، أوفيلسوف ينظراليه من زاويته ، فمثلاً (افلاطون) وحسب مايقول (ياسرالياسري) شارحاً:" إن الاهتمام الأفلاطـوني لم يكن متركزاً على
الشكل المجرد الموجود في عالم الواقع عالم الأشياء الملموسة والمحسوسة وإنما كان الشكل لـديه شكلا ًمن صنع المثال الأول وكل الأشكال الأخرى تقليد في مظهرها للمثال الاول الذي لايمكن الوصول إليه إلا من خـلال محاولة التخلص من الجسد المادي والالتصاق بالجـوهـرالذي يقـود في النهاية إلى الشكل الأمثل".(1)
إلا أن فهم الشكل عند ((أرسطو)) يختلف مع أستاذه بعمق ، حيث يقول :- " لا يمكن لكائن أو شيء مؤلف من أجزاء عدة أن يكون جميلا ًإلابقدرما تكون أجزاؤه منسقة وفقا لنظام ما ، ومتمتعة ً بحجم ٍ لا اعتباطي ، لأن الجمال لا يستقيم إلا بالنسق والمقدار. والنسق والمقدار تعبيران لا يمكن أن يجدا مساحة ً لاشتغالهما بعيدا ً عن الشكل الذي يحتوي على أنساق معينة ومقادير محسوبة يمكن أن تندرج في التنسيق البنائي للعالم في مظهره الأكمل."(2)
إذن ينبعي أن تتوفرفي الشكل جملة شروط لكي يكون جميلاً ، ومن هذه الشروط : أن يتوفر فيه النظام ، والترتيب المقنن لمقادير محسوبة بدقة . فـ ((أرسطو)) يصرح بالقول أنه لايمكن : " لايمكن لكائن أو شيء مؤلف من أجزاء عدة أن يكون جميلا ً إلا بقدر ما تكون أجزاؤه منسقة وفقا ً لنظام ما ، ومتمتعة ًبحجـم ٍ لا اعـتباطي ، لأن الجمال لا يستقـيم إلابالنسـق والمقدار"(3) هـنا أضاف ((أرسـطو)) شرطاً أخر للشكل وهو((الفخامة)) فالنظام (النسق) والترتيب، وتقنين المقدار، والفخامة عناصرواجب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ الياسري ، ياسر ، مقالة :الشكل بين المصطلح المحدد والمفهوم المتسع ، أنترنيت
2 ـ دني هويسمان ن علم الجمال ، ترجمة ظافر الحسن، بيروت ، منشورات عويدات ، ط4 ، 1983 ، ص 28 .
3ـ المصدر السابق ، ياسر الياسري ،.
الفصل الأول / الإطار المنهجي (12)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
توفرها في الشكل ، لأجل أن يكون جميلاً.
إما الباحثة (أسيا جبارالربيعي) فتقول عن معنى الشكل " هو تنظيم الدلالات التعبيرية للعمل الفني ككل "(1) ثم توضح الباحثة هذه الفكرة بالقول :"الفنان (السينمائي) لدية مادة حسية هي الصورة ، وماتصنعه الكاميرا من حجوم اللقطات والأطر(المختلفة للصورة) وحركات الكاميرا المتنوعة ، والمونتاج ، والأنتفالات ، والزمان والمكان ...الخ وبما أن الصورة (متخيلة) ، فالفنان من خلال ((اللغة السينمائية)) يقوم على تطوير الصورة الخيالية ، وبهذا فأنه يطورشكلاً يحوي هذه الدلالة التعبيرية بما يميز الطابع العام للفيلم "(2) إذن ـ وفق هذا الفهم ـ فإن الشكل وهو الذي يحدد ألأسلوب ، وأتجاه العمل الفني ، من خلال العمل على عناصر بناءه وأشتغالاتها .
من هنا ينبثق لنا سؤالاً يقول : هل بإماكن التأويل أن يتدخل في تغيير الشكل ؟ على هذا التسأول تجيب الباحثة ((بان جبارالربيعي)) بالقول: " شكل ينقل النص(...) كما هو ولكنه يملأ النص بتفاصيل جزيئة تدفع الشخصية (...) بسمة منحازة لنوع أحادي من التفسير"(3) وساقت المثل على النص (الشكسبيري) ومسرحية ((عطيل)) أخـراجا سينمائياً للمخـرج الأنكليزي ((ستيوارد بورك)) حيـث يظهـر
((عطيل)) همجياً يتطايرالزبد من فمه على شفتيه (...) فعطيل رجل زنجي فيه كل الصفات التي طالما أكد (الرجل الأبيض) أنها ملائمة للزنوج فقط ، وهي العصبية ، الى درجة التشنج ، والنظرات الزائغة الى درجة البلاهة ، والضحكات الهستيرية الى درجة الجنون ، والعنف البدني الى درجة السادية "(4) وتعلق الباحثة بالقول: " إن هذا النوع من التأويل يحلق خارج فضاء النص ، لآن ((شكسبير)) المحترف بالكتابة الدرامية يجيد تقديم أبطاله ، بحيث يتعاطف معهم الجمهور، وإلا من اذ الذي يراقب بطلاً مليئاً بالمثالب على مدى ساعتين؟ "(4) ثم تشخص الباحثة تأويلاً أخر للنص ، وهو التأويل الذي " ينتمي الى النص بالعنوان ، إما مانراه على الشاشة فلا يمت الى الروح ((الشكسبيرية)) المعروفة حتى ولو جاء الحواركله"(5) وتسوق الباحثة مثلأً على ذلك ((فيلم هاملت)) للمخرج ((جون دي بزرمان)) " إذ أن الرؤية السينمائية لهذا الفيلم حولت كل ((هاملت)) كعنوانات ((في مدينة من مدن الدنمارك الى حدث في))
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ الربيعي ، أسيا جبار، جماليات البناء الكنائي في السينما، دار الفتح للطباعة والنشر،بغداد 2021،ص79 .
2ـ نفس المصدر ، (( بتصرف))
3ـ مصدر سابق ، بان جبار الربيعي ، ص 120 .
4ـ نفس المصدر.، بان جبار الربيعي .
5ـ نفس المصدر.
الفصل الأول / الإطار المنهجي (13)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مدينة نيويورك في وقتنا الراهن ، والمشكلة هي نفسها مشكلة هاملت بحيث نتسأل كمتلقين لماذا البس المخرج شخصياته ملابس هذا الزمان ، ولما غيرت القلعة الى ناطحات سحاب ؟"(1) وقد فدت الباحثة ((بان الربيعي)) رؤيتها للمعالجة الأخراجية بإعتمادها على التأويل ، بالقول: " أشد العقولً ولعاً بالمغامرة التأويلية ، لاتسطيع أن تجد ما أول اليه المخرج ، على أن التأويلية الحقة هي تلك التي تأخذ ثيمات رئيسة من النص (...) وتشتغل على تفسيرها أولاً ثم تضعها كقاعدة فهم جديد"(2) . بمعنى أن المتلقي يدرك أن مايجري تفسيره ، ومن ثم فهمه ومن ثم تأويله منصب على قضايا النص " دون التخلي عن ثوابت الحرفة والموهبة ((للمؤلف)) في رسم الفعل الدرامي والشخصية ، بحيث تناسب المعادل البصري الذي يشخص أمام المتلقي . ومن ثم فلا ضيرأن نكون مبدعين جدد لنص جديد ولكن ضمن روح ((المؤلف)) كون هذه الروح موجودة في المرجع الذي هو النص الأصلي."(3)
يذهب الباحثون الى أن "عناصرالتكوين لابد وأن تقود إلى أظهارشكل معين ، وتقوم القصدية بدورحاسم في بلورة الشكل وطبيعة مكوناته ، فالشكل هوالمدخل الأساس الذي يقود الى المعنى ، ولايمكن لنا فهم عمل فني دون معرفة شكله ـ الملامح والحدود ـ (أن)الشكل هوالبناء الظاهر للمضمون "(4) وأيضاً " للشكل قوة جذب وهيمنة قادرة على شد حواس المشاهد ، مما يترتب على ذلك زيادة فاعلية التلقي وأنتاج المعاني والدلالات والخصائص الجمالية "(5) فإذا ما جذب المتلقي شكلا ما وأستوعبة ، فهذه هي " نقطة الشروع صوب مضمون الحامل للخصائص التعبيرية والجمالية "(6) يعني أن المتلقي قد تذوق العمل الفني، تذوقاً فنياً ، فهم رموزه ودلالاته وشيفراته ، كيف ؟ لآن الشكل " يعمل على خلق صلات جمالية وسايكولوجية مع المشاهد ، فيحقق الأنفعال الجمالية الخالص "(7) ولايتحقق هذا الأنفعال الجمالي " مالم يسعى صانع العمل الى أبرازالعوامل التي تتداخل في تركيب الشكل ، كالدور المتبادل الذي يؤديه الضوء مع الكتل إذ أن أي تغيير في الضوء يصحبه تغيير مباشر في الشكل "(8) العناصرالمكونة للبنية ثابتة على طول المدى ، إلا أن الأشتغال عليها من قبل الفنان والتدخل في تركيبها،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ المصدر السابق ، بان جبار الربيعي ، ص 120 .
2ـ نفس المصدر.
3ـ نفس المصدر..
4ـ لازم ، نصير حيدر، من اللوحة الى الشاشة ، دار العالي ، بغاداد، 2020 ، ص42
5ـ جاسم ، علاء الدين عبدالمجيد، أشكالية الجميل في الأتجاهات السينمائية ، شبكة الأعلام العراقي ، 2114 ، ص93 . 6ـ المصدرنفسه،علاءالدين عبدالمجيد جاسم ، ص 93.
7ـ نفس المصدر ، علاء الدين عبدالمجيد جاسم.
8ـ تفس المصدر ، علاء الدين عبدالمجيد جاسم ،ص 94.
الفصل الأول / الإطار المنهجي (14)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو الذي يجعل المادة تتشكل بعدة أشكال ، فالفنان عندما يختار شكلاً غيرتقليدي فمرد ذلك " هوأن يضيف على عناصره ومرئياته علاقات جديدة لم تستخدم سابقاً "(1)
الفرق بين الشكل والهيئة :
الهئية وحسب ماجاء في المعاجم العربية ، مثل علم المعاني يقول عنها: "الهيىة الحال التي يكون عليها الشيْ ، محسوسة كانت أو معقولة . وكذلك هي أسم يدل على هيئة حدوث الفعل وصورته ، ويصنع من الفعل الثلاثي على وزن فعلة ، مثل جلسة ."(2)
أما في معجم لسان العرب فقد قال عنها أبن منظور:" الهيىة حال الشىء ، وصورة الشيء وشكله ، وحالته وللهيئة"(3) معاني وتعريفات كثير، لكنها بعيدة عن أهتمام البحث مثل: هيئة الشخص ، أوالهيئة الأجتماعية أو الهيئة التشريعية ... وغيرها .
وما جاء في البحوث والدراسة التي تناولت الشكل ، فقد أقتطع الباحث جذاذات من هنا وهناك وبما يخدم بحثه ، ومن بينها ماميزالناقد ((آرنهايم)) بين الشكل والهيئة بالقول : " أن الهيئة هي الجوانب المكانية المتعلقة بالمظهرالخارجي للأشياء ، أما الشكل فهوالهيئة مع إضافة المضمون والمعنى اليها "(4)
أما الباحث علاء الدين عبدالمجيد ومن خلال محاضرته في الحلقة الدراسية عن الهيئة والشكل قال : " أن ندرك الشكل بنظرة واحدة ، لأنه يكون على مسنوى واحد ، فالشكل على ذلك يكون سهل الإدراك ، مثلاً بمجرد مشاهدة صورة المنزل .. لكن الأدراك هيئة نفس المنزل تحتاج الى إمكانية أكبر لإدراكها ، لأن عملية ادراك الهيئة هي محصلة أدراك أشطح متعددة من المنزل ليتحقق أدراك الهيئة "(5)
عرف الباحث ((جلال جميل)) الشكل على أنه : " فكرة تظهرللعيان بعمل بصري محكم الأتقان متفرد يشكل ، وقالب متميزالبناء ، ويشكل جوهرالتكوين بإعتماده على الكثافة والتباين والقيمة لتحقيق لأبرازه ، وبذلك يخلق أثراً للفكرة التي تحملها ."(6).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ المصدرالسابق ، علاء الدين عبدالمجيد جاسم ، ص 95.
2ـ معجم علم المعاني ، أنترنيت .
3ـ لسان العرب
4ـ أنظر، مصدرسابق ، نصيرحيدرلازم ، ص 42-43
5ـ محاضرة ((سينيمار نموذج تطبيقي )) يوم الأحد الساعة التاسعة صباحاً الموافق 24نيسان 2020 .
6ـ جميل، جلال، مفهوم الضوء والظلام في العرض المسرحي، الهيئة المصرية للكتاب،ص32.
الفصل الأول / الإطار المنهجي (15)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن خلال ماتقدم يمكننا أن نستعرض بعض التعاريف للشكل ، ومن ثم يخرج الباحث بتعريف أجرائي له .
هذا التعريف دخل فيه الأختصاص لكون الباحث ((جلال جميل)) حرفته مهندس أضاءة ، وجه بحثه بما يتفق بتكوين الشكل من خلال عناصر الأضاءة . إلا أنه تناول جانبا مهماً من الشكل وهوأعتماد الشكل على الكثافة والتباين والقيمة .
خلاصة القول في ومصطح الشكل ومفهومه ، أنه : لكي يكون شكلا متميزاً جميلاً يجب أن تتوفر فيه ، العناصراً السبعة الأتية :
1ـ النظام .
2ـ الترتيب .
3ـ الفخامة .
4ـ التأويل .
5ـ الكثافة
6ـ التباين
7ـ القيمة
إذن الهيئة : كل شيء له حالة تلازمه دون تغيير، مدركة حسياً ، وتشغل حيزاً مكانياً . أما التعريف الأجرائي للشكل فهو : (( أن أي مضمون يحتوي معنى ودلالات ورموزمن خلال مجموعة من العناصر : النظام ، الترتيب ، الفخامة ، التأويل ، الكثافة ، التباين ، القيمة التي ، تتمتع بوظائف عديدة ، اذا ما أستثمرها الفنان بعدة أشتغالات ، يحصل على تغييرات تُولد في كل محاولة ، شكلاً ، وبتعدد المحاولات يحصل على عدة أشكال ، أي أن عناصرالشكل حيوية ديناميكية.)) على أن توجد لدى الفنان الموهبة والنضج والخبرة الفنية .
* المعادل الصوري
ماذا نعني بالمعادل الصوري ؟ من نافلة القول يعني : أبداع سينمائي ، ومتلقي . الأمرحتماً يعود للمخرج نفسه ، فثقافة المخرج ينبعي عليه أن يكون ملماً بفروع العلوم الأنسانية وبالأخص علم النفس وعلم الأجتماع ، ولديه فهم للأساليب السردية المختلفة ، كذلك الشعربمختلفصنوفه بإعتباره الحاوي للرمز، كما ينبغي أن يكون لديه دراية وفهم بأدوات اللغه ، والبلاغة وخصوصـاً التشبيه والكناية ، المجاز، الأستـعارة ، الأيجـاز، والصـوراللغوية، ومن كل هذا يستطيع المخرج أن يستنبط الصورالمعبرة
الفصل الأول / الإطار المنهجي (16)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن مختلف الحالات ، من خلال الوصف والسرد والحوار، بإعتبارالفيلم السينمائي يتضمن الكثيرمن العناصرالتعبيرية ، ومن أهم تلك العناصرهو: العنصر الجمالي التشكيلي بمعناه الضمني والحرفي ، والعنصرالأخرالتعبيرالفكري ، واللغة أدواته ووسيلته التعبيرية ، سواء لغة حروف أوسميائية (علامات) . الذي هوبالمقام الأول من مهمات كاتب السيناريو، صورياً من خلال الفهم العميق الدقيق والتفصيلي للنص (( كلمة ، جملة ، حوار)) .
فالفيلم ليس مجرد صورة وصوت ، بل كل مفردات أوعناصراللغة السينمائية هي الخادم في أيصال الدلالات الفكرية والرموز، للوصول الى معاني ترتسم في ذهن المتلقي ، ومقارنتها مع واقعه الذي يعيشه ، من أجل الحصول على المتعة والمنفعة ، المنفعة في تحقيق الأنسجام المنشود مع واقعه ، أو الثورة عليه ومحاولة تغييره . وهذا يتوقف على طبيعة ودرجة وعي المتلقي .
فالمعادل الصوري هو: أستبدال الحواربالصورة المعبرة عن مضمون ومعاني الكلمات ، الجمل السرد ، والوصف الموجود في الروايات والقصص والمسرحيات ، أوالأبيات الشعرية ، فالمخرج صاحب الرؤية والمكتنزالثقافة الموسوعية ، وخصوصاً في مجال اللغة والبلاغة ، يستطيع أن يحجم الحوارات أويحدفها ، ويعوض بدلاً عنها صوراً ، فالمعادل الصوري يساوي حوار، سرد ، وصف يتحول الى صور. ولايقـف الأبداع عند هـذه المعالجات ، وربما يقدم المخرج معالجة أخـرى إذ يعتمـد التأويل ، الـذي تعرفه الباحثة ((بان جبارالربيعي)) على أنـه :"هــو : الفهم والتفسير لنص من النصوص بشكل كلي عبرمرجعية موسوعية للنص المؤول ومايحيطه والناتج نص جديد مستند الى النص الأصلي معنياً يإلاحالات وتأسيسها في النص الجديد منطلقاً من فاعلية النص وفاعلية القراءة"(1) بمعنى أنه لاينبغي أن يكون التأويل عشوائياً ، أو مجرد فتح النص على عوالم ربما لم يقصدها المؤلف تسيء للنص ، بل أن يكون التأويل مستنداً الى تفاصيل وأشارات وشفرات وعلامات تساعد المخرج قي تأويله من خلال تعدد قراءاته ، وتفاعله مع النص . وكذلك قراءة ماكتب عن النص من نقد وأراء .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ الربيعي ، بان جبار ، أطروحة دكتوراه ، تأويل النص الشكسبيري في الخطاب السينمائي، 2013، ص 13 .
الفصل الثاني
المبحث الأول : العرض المسرحي .. البناء الشكلي
المبحث الأول : الفيلم السينمائي .. الشكل الفيلمي
المبحث الثالث : الشكل المسرحي والشكل الفيلمي وعلاقات التشييد
الفصل الثاني / المبحث الأول (19)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العرض المسرحي .. البناء الشكلي
المقدمـة :
ينطلق بحثي لهذا الفصل بسؤال: أيهما يأتي في المقدمة العرض أم البناء ..؟
العرض حاصل جهد أبداعي تأليفي ، والتأليف جوهرالبناء ، ونتيجة له . البناء هوالبوابة للدخول الى عالم العرض أدبياً وفنياً . هذا يعني أن كل مضمون بناء ، وكل بناء يختارشكله ، وليس الشكل يختار المضمون ، هذه بديهية أبداعية ، ولكن أحياناً يُخضع بعض المبدعين مضامينهم على وفق الأشكال التي تجذب أهتمامهم ، أي يعملوا كما يعمل بعض شعراء الأغاني يرصد اللحن قبل كتابة كلمات الأغنية ، وعلى أنفاس اللحن (المقام أوالطورالغنائي) يكتب الروح كلمات الأغنية . والبحث يقتضي الخوض في الشكل ، وسأضع المضمون جانباً لحين الحديث عن عناصرالبناء الدرامي .
لذا في البدء سينصب أهتمام الباحث ، في بيان عناصرالعرض المسرحي أي الشكل ، وكيقية أشتغالات تلك العناصرثم صياغتها وفق تريب معين . بعد ذلك أُقننها في تعريف يضم بين حناياه كل ما أتوصل اليه من خلال الدراسة والبحث .
العلاقة البنائية بين الشكل والمضمون
الأشياء ، الموجودات ، كل شيء مادي مايميزه عن غيره ، كلها لها أشكال ، وهذه الأشكال ـ في الكثيرمن الأحيان ـ ترتبط بوسائل تعبيرية تمنحها هوية أنتمائها الى هذا الجنس ، أو ذاك . فمنها ما يحقق الفائدة ، العروض الدينية مثلاً ، ومنها مايحقق المتعة ، عروض الملاهي مثل : الكوميديا دي لارتي، والمهازل، والفودفيل. ومنها مايحقق المتعة والفادة مثل المسرحيات الكلاسيكية ، والمسرحيات الشكسبيرية، ومسرحيات أبسن ، تشيخوف ، بيراندلو، مولير، أوكيزي ، سترندبرغ.. وكل المسرحيات الجادة التقليدية ، والتجريبية بل أن أتجاهاً مسرحياً كأتجاه بريخت (التغريب) يحقق للمتلقين المتعة والفائدة والتحريض، وهناك بعض العروض الحديثة يحقق التفاعل وسمي بالدراما التفاعلية .
مايجعل الناس تقبل وتحرص على حضورالعروض المسرحية ، هي المتعة التي تحصل عليها من خلال العرض ، لذا سطر(أرسطو) في كتابه (( فن الشعر)) رأيه عن المتعة قائلاً : " إن كل فـن يُولـد متعة خاصة ، تمثل غايته أووظيفته ، أما مايحـدد طبيعة هـذه المتعة فهـو المعنى الأنفعـالي ، أوالتأثير الذي يسببه العمـل الفـني ، وهذا المعنى الأنفعـالي يتعيـن بالمعنى الأخلاقي للموضوع المحاكى ، والذي
الفصل الثاني / المبحث الاول (20)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قد يكون النبالة أوالرداءة وهما بهذا محركان للأنفعال."(1) النبالة المقصود منها ((التراجيديا)) المأساة التي تحاكي الأفعال النبيلة والجليلة ، للحكام والأمراء وأنصاف الألهة ، والغاية منها أحداث التطهير ن وتخلص فوس المتلقين من أدرانهم ، وأحداث الشفقة والخوف عندهم . أما الرداءة فالمقصود منها ((الكوميديا)) الملهاة ، التي تحاكي أفعال البشرالعاديين السيئة منها والقبيحة ، وأحيانا معالجة الشخصيات السياسية والمبدعين ، كما في مسرحية الضفادع لـ ((أرستوفان)) الذي صب غضبه على سقراط وبعض الشعراء والفلاسفة ، ووجه لهم النقد اللاذع والسخرية .
وعلى هذا فإن " شكل أي عمل فني يكتسب خصوصيته طبقاً لمعناه ودلالته . فالمسألة في بساطة ـ ليست ـ فعلاً مافي ذاته ، أو شخصية ما في ذاتها ، أو فكرة ما في ذاتها هي التي تمنح العمل الفني شكله ، ولكنه نوع معين من الفعل ، أو نوع معين من الشخصية ، أو نوع معين من الفكرة ، أو الطريقة المثلى للتمييز بين هذه الأنواع تقوم أساساً على المعنى المؤثر."(2)
هذا ماجعل ((كلايف بل)) أن يطرح سؤاله : ماهي الصفة التي تميزالعمل الفني عن الأعمال العادية والأشياء الطبيعية ؟ لاشك أنه الأدراك الحسي ، أي الفاعل حسياً وخيالياً مع العمل الفني ، أي أثارة الأنفعال الجمالي ، وهو نوع من العاطفة نشعر بها عندما ندرك أو نتذوق العمل الفني جمالياً .
وهذا الأنفعال الجمالي ، الذي هو نوع خاص من الأنفعال ، حيث يعرفه (( كلايف بل)) على أنه : " ذلك الأنفعال الذي تثيره الأعمال بوصفها فناً . فالعمل الفني يمكن أن يثير فينا مشاعروأنفعالات مخلتفة ، أخلاقية ، دينية ، أجماعية ، سياسية ، حسية ....الخ"(3) ومايميزالعمل الفني عن العمل العادي :" يثير فينا أنفعالاً جمالياً "(4)
مثال : في مسرحية ((عطيل)) لوليم شكسبيرتحديداً مشهد مقتل ((دزدمونة)) ((خنقاً))، وصف المشهد: دزدمونة نائمة في فراشها ، يدخل عليهاعطيل حاملاً بيده شمعة تضيء ظلمة المخدع ، عطيل عازم على قتل دزدمونة التي يعتقد أنها خانته مع مساعده العسكري كاسيو. يقترب عطيل بتوجس وحذرمن سريرها . ثم ينفخ الشمعة ليطقىء ضوْها . ثم يمد كلتا يديه الى رقبة دزدمونة . تصدر منها حركة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ أرسطو ، فن الشعر، تر، أبراهيم حمادة ، هلا للنشر والتوزيع ، مصر ، بلا تأريخ نشر، ص 81.
2ـ المصدرنفسه، أرسطو، فن الشعر،
3ـ بل ، كلايف ، الفن ، تر، عادل مصطفى ، رؤية للنشر والوزيع، 2013، ص 11ـ12.
4ـ نفس المصدر، كلايف بل ، ص12.
الفصل الثاني / المبحث الأول (21)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تكشف عن وجهها يقع بصرعطيل على صفحة وجهها ، ينصدم بجمالها المطرزببراءة الطفولة ، المفعم بالأنوثة . هو يعشقها ، يهيم بها ، كيف يقتلها ؟ بقتلها سيحرم نفسه المتعة التي يلتذ بها حينما ينظراليها بقتلها يعني فراقاً أبدياً ، وسيخسرهذا البهاء الذي يلذ للناظر، سيحرم نفسه من غنوجة هذهراح صيتها يدوي ، قالها بحرقـة يكاد يبكي معها : (( تلك هي العلةُ يانفسي )) جمال (( دزدمونة )) أسر، عطيل ضعيف أمامه ، هو يذوب عشقاً بها ، لذلك يجفل ويرتد للخلف لاشعورياً ، ثم يردد عبارته الشهيرة .)) هذا الجزء من مشهد يمتد لأكثر من خمسة عشر ددقيقة ، ما الذي يحققه قي نفوسنا من مشاعر وأحاسيس وتفاعل ؟ الأجابة عليه هو مايطلق عليه ((الأنفعال الجمالي)) .
مثال أخر:عـبارة ((هاملت)) الأميرالدينماركي الشهيرة :((أكانٌ أنا أم غـيرُكائن هذا هو السؤال)) انها قرارفلسفي وسؤال . إذ أن هذه العبارة تدخل الإنسان في تحديات مع الظروف القاهرة المحيطة به ، ومايشعرأتجاهها من تهديد لكيانه وحياته . لذلك نرى هذه العبارة تتردد وتلوكها الألسن لمختلف الطبقات والفئات ، السياسية ، رجال الدين ، المنظرين في مختلف صنوف المعرفة ، العسكريين وقادة الجيوش ... وغيرهم . فهذه العبارة بمثابة الحافزللقيام بعمل ما ، وعدم السكينة والأستسلام ، إذن تدخل في النفس متعة التحدي ، كما أنها بحد ذاتها متعة أدبية بصياغة فنية . بعد هذه العبارة ، يندفع ((هاملت)) ليحرك الساكن في حياته ، وينطلق نحن محاولة كشف الجناة المشاركين بقتل أبوه ((الملك)) .
مثال ثالث : عبارة (( يوليوس قيصر)) ذائعة الصيت : (( حتى أنت يابروتس )) قيصرملك روماني دكتاتور، بروتس أقرب المقربين لقيصر، يعتبره بمقام ابنه ، راعيه ومفضله على كل القادة السياسيين والعسكريين في الأمبراطورية ، مستودع أسراره ، يمنحه كل الحب والأحترام وقد زرع فيه الثقة المطلقة. وعندما يقررمجلس الشيوخ (مجلس البرلمان بالتسمية الحديثة) التأمرعلى قيصر والقضاء عليه ، تخلصاً من دكتاتوريته . يقنعون (بروتس) بالأشتراك معهم . وويوافق بعد تردد . عندما يدخل (قيصر) المجلس ، وبعد حوارات بينه وبين شيوخ المجلس ، يتشاجرون معه ، ويأخذون بطعنه بسيوفهم الحقودة جميعاً ، لكي يثبتون أنهم جميعاً مشاركين بقتله ، أخرمن يطعنه (بروتس) ربيبه ، (قيصر) يندهش ويستغرب أن (بروتس) يساهم بقتله. فيمسك قيصر بتلابيب (بروتس) ويقول عبارته الخلان والمقرببن ، ومن أُحسن اليهم ، أومن يظن بهم الوفاء والحب ، ثم فجأة تتكشف الحقائق ، وتسقط الأقنعة .الشهيرة : (( حتى أنت يابروتس)) ذاع صية العبارة وأنتشرهنا وهناك ، على لسان كل من يشعر بخيانة .
لفصل الثاني / المبحث الأول (22)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه العبارة عندما نأتي قي سياقها الأدبي والدرامي ، تنطلق من النفوس أهات للأرتياح أو الألم ، هذه العاطفة هي مانطلق عليها ((الأنفعال الجمالي)) أي الأنفعال الذي يتولد لدى المتلقي على أثر مايراه من على خشبة المسرح ، أوالعرض الفيلمي ، أوالتطلع في لوحة لأحد الرسامين ، أو أيجنس ٍ من أجناس الفنون التشكيلية .
وبفضل هذا الأنفعال الجمالي ، هو مايجعل الناس تندفع لمشاهدة الأعمال الفنية وخلودها . فأعمال شكسبيرخالدة ، وتبقى ، لأنها تحقق لنا متعة ، وأيضاً منفعة ، فهي تقدم لنا دروساً في سبرأغوار النفس البشرية ، وهذا شأن كل الأعمال الأبداعية التي أتحفـتنا بها قرائح المبدعين من أمثال سوفوكلس ، تشيخوف ، أبسن ، بريخت ، موليير، لويجي بيرانللو، ماترلنك ، سترندبرغ .. وغيرهم .
وعلى هذا فإن ((الأنفعال الجمالي)) كردة فعل ملموس من اللذة من خلال مشاهدة الأعمال الأبداعية وخصوصاً الدرامية (مسرحية وسينمائية) وهذا ماأطلقت عليه الموسوعة البرطانية ((مذهب اللذة )) مما حفزت الكاتب ((سوني كولفن)) أن يبين الفنون الجميلة بالقول :" إن الفنون الجميلة هي من بين شتى فنون الأنسان ، تلك التي تنبع نزوحه نحوعمل أشياء أو أنتاج موضوعات بطرق خاصة ، أولاً من أجل اللذة الخاصة المستقلة عن أية منفعة مباشرة التي يستشعرها في أدائه لتلك الأعمال ، وثانياً من أجل المماثلة التي يستشعرها من مشاهدة أو تأمل تلك الأعمال"(1) بمعنى أن الأعمال الفنية تحقق لذتان :
1ـ المبدع يشعربمتعة ولذة لاحدود لهما ، وخيردليل :((فـن التمثيل)) ، فحين يقدم الممثل شخصية درامية ((أي يمثلها على خشبة المسرح )) وبالضرورة لاتتشابه معه نفسياً وفكرياً ، ، لكنه يغرق في تفاصيلها ، مت لأجل أن يتقنها من خلال التقمص والتجسيد ، ويغرق في تفاصيل عمل الشخصية ، وبإتفانها يشعر بلذة مهيمنة على مشاعره وروحه ، رغم المجهود الذي يبذله ، لكنه من مما يطعيه دفقاً من التألق ، حتى يصل الى درجة عالية من الأبداع ، وينال الأعجاب من مشاهديه ، وكذلك كل مبدع وهو يمارس عمله ،
2ـ هذه اللذة عينها تتسرب للمتلقي حينما يتابع الممثل في تجسيد شخصيته . هنا اللذة تلف الأثنين معاَ وتحتويهما ، المبدع والمتلقي . هذه اللذة هي الدافع الذي يجعل الممثل يقف على خشبة المسرح ساعة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ أبراهيم ، زكريا ، مشكلة الفن ، مكتبة مصر، 1977 ، ص 12
الفصل الثاني / المبحث الأول (23)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ساعتين ، ثلاثة ، أكثر من ذلك ، أوأقل زمناً كما هوالحال في مسرحيات الفصل الواحد المسرحيات القصيرة . ويعرض نفسه للمخاطرـأحياناًـ في التصوير السينمائي. فلولا هذه المتعة لما قام الممثل بالتمثيل ، ولاكتب المؤلفون ولاذهب المشاهدون للمسرح أو السينما أو معارض الفنون التشكيلية .
أما في فن الأخراج ، فشعور المخرج وهو ينفذ رؤياه ، ويجسد أفكاره صوراً ، وحلولاً درامية
ومعالجات ، فخلال هذا التنفيذ تهيمن عليه حالة شعورية من اللذة والمتعة لاحدود لها ولاشبيه متعة غاية في الروعة .
ولايقف أثـرالفـن عـند المتعة فحسب ، بل في غايتـه خليـط من الشعـوروالأحاسيس والعواطف التحفيز الى روح الأبداع ، والتغيير ، والتطهير، اذا ما كان العمل أبداعياً ، وخلقاً جديداً ، أي لم يسبق اليه أي مبدع ، ويحدث عند المتلقي هزة مفعمة بروح التغيير ، من خلال بث الفنان رؤيته للعالم والحياة أبتكاراً من شأنه أن يخلق تفكيراً ورؤى جديدة ، وفق نظرية ((أرسطو)) : على أن الفن يقدم المتعة والتعليم .. أجل أن الفن يعلم سبلاً جديدة في تحفيز العقل والخيال على الأبداع .
وقد تعددت هذه التسميات لهذا ((الأنفعال الجمالي )) إلا أن التعبيرالدقيق له هو: (( التذوق الفني )) فهوأكثر دلالة ووضوحاً من المصطلحات المتعددة مثل : " أستجابة جمالية ، أدراك جمالي ، أدراك حسي ، أحساس بالجمال ، تجربة جمالية أوموقف جمالي"(1) كلها يلفها الغموض وتثيرها الفلسفة. إلا أن مصطلح ((التذوق الفني)) لايحتاج عناء في فهم مايعنيه ، فالتذوق الجمالي هو: قدرة المتلقي على فهم مايتضمنه العمل الأبداعي بما يكتنزه من دلالات ، ورموز ومعاني ، وتفاعله معها . أي أنها عملية تمر بعدة مراحل : التلقي ، الفهم ، فك الشيفرات والرموز والأيقونات ، التاؤيل ، والتفاعل معها .. ثم القبض على المعاني ، وإنبثاق الأحساس الجمالي بالمنجزالأبداعي ، وبعد هذه المراحل تولد لد ى المتلقي القدرة على بيان مناطق القوة ، أو الضعف ، تقـيـيم وكشف جوهـرالعمـل وغايته ، وقيمـه الجمالية ،
وربما يدخل المتلقي مع المنجز الأبداعي في صراع مفاهيمي فكري ، وحتى فلسفي وبالخصوص المسرحيات الجدلية (وفـق الجدل الهيغلي ,المنبثق منه الجدل الماركسي) والوجودية (مصطلح الوجودية للأدب ، وللفلسفة مصطلح العـبـث) الـذي يمثلـه زعيـم الـوجـودين الأدبـاء الفـرنسي ((جان بـول سارتر))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مصدر سابق ، علاء الدين عبدالمجيد، ص 34.
الفصل الثاني / المبحث الأول (24)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و((البيركامو، يونسكو، أدموف ، صموئيل بكيت ، ادورد والبي ... وغيرهم)) هذا التذوق ، أو كما يسمى ((الأنفعال الجمالي)) لايتحقق إلا ((بصفة)) معينة، مقصودة، تثيره عند المتلقي. والسؤال ماهذه الصفة ؟ يجيب ((كلايف بل)) عن هذا السؤال بالقول: "إنها الشكل الدال "(1) أن لكل عمل فني أبداعي ، يمتلك مضموناً وشكلاً يعبرعنه ، والشكل ينتظم نسقاً ضمن نمط أوأسلوب مبدعه . لذا فإن جميع المضامين لها أشكال . وهذه الأشكال تكون معظمها مختلفة . وعملية تنظيم أجزاءها أو عناصرها هي التي تكون شكلها لها. وهذا الشكل هو الذي يتحمل مهمة أثارة الأحاسيس ومشاعرالمتلقي .، ثم يدخل من خلال بصره وسمعه الى ذهن المتلقي لتجسيد الصورة فيه ليقيض على معاني العمل ، وحتى تتكون عنده صور.ذهنية لم يراها بعينه، أو يسمعها ، وإنما تولد من عقد مقارنة ، أوتأويل حاصل جمع لقطتين
تأتي في ذهن المتلقي لقطة ثالثة (وفق أسلوب أيزينشتاين في المونتاج).
إذن الشكل هو:بوابة تحقيق الأنفعال الجمالي" فالكيفيات الجمالية الكامنة في العمل الفني كالرقة والأناقة والمأساة والنعومة والجلالة والرعب والهيبة"(2)، والعواطف والأحاسيس والمشاعرالمختلفة
التي توجد في العمل على مستوى المكنون غيرالمرئي ، وهذا العواطف والمشاعر"تنبثق من العلاقات الدينامية (التفاعلية بين العناصر) لتُكون الشكل الدال أثناء التجربة الجمالية "(3). وعليه فجمال العمل الفني " لاينحصر بالضرورة في جمال الموضوع الذي يمثله ، بل هو يتجلى أولاً وبالذات في صميم مظهره الحسي "(4) فالناظر للوحة ما من أبداع الرسامين المشهورين ، ليس الموضوع هوالمهم ، لآن الصورة تمثل وجه (الموناليزا) أو(اذاء عتيق) أو(أجسادعارية) أو(مجموعة أحصنة) وغيرها ، المتلقي لايهتم لهذا المضامين ، وإنما سينشغل بالوان اللوحة، والتدرجات اللونية ، والظل والضوء ، والخطوط وتفاعل عناصر الشكل معها ،
وتحديد العنصر المهيمن في اللوحة . اي أن المتلقي ينحصرأهتمامه وتركيزه على الشكل . فالوجه لايمكن أن يعكس وضعاً أجتماعياً أو سياسيا أو أقتصادياً ، ولو كان في صميم عمل الرسام أن ينقل جزء من الواقع ، لتسنى له أن يحصل على كاميرا فوتوغرافية ، ويصور الواقع وينقله كما هو، ولكن ليس هذا مايشغل الفنان، الذي يشغله كما يقول (كلايف بل)" ليس محاكاة الواقع (...) بل الشكل هوالذي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1ـ مصدرسابق ، كلايف بل ، الفن ، ص 12ـ13 .
2ـ نفس المصدر ، ص 13 .
3ـ مصدر سابق ، زكريا أبراهيم ، مشكلة الفن ، ص 28 .
4ـ المصدر السابق ، كلايف بل ، ص 14 .
الفصل الثاني / المبحث الأول (25)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعبرعن المعنى ، ومقدرته التعبيرية على هذا النحو، هي التي تثيرفينا أنواعاً معينة من الأنفعالات الجمالية ، والفنان هو العقل الخبير في أكتشاف هذه الانماط"(1).فالرضا الذي نحصل عليه من طريق. المعنى ليس جمالياً ، وأنما الشكل وتفاعل عناصره ، هو الذي يحقق لنا المتعة الجمالية .
هذه الملاحظات والأفكار بالإمكان أن تطبق فى اللوحات أو التماثيل والمنحوتات ، ولكـن هنـاك فنون لايمكن أن تنطبق عليها هذه الأراء ، فالموسيقى لاشكل لها ، ومضامينها عاطفية تعمل الأحاسيس والمشاعرأدوات أستقبال ، مضمونها حسي أكثـر مماهومادي ممكن أن نراه بالعين ، أننا نحصل على مضامين الموسيقى من خلال حاسة السمع ولاغيرها .
أما الرقص يعتمد حاسة البصرفي ترجمة مايراه من حركات أيقاعيـة ، تشكيلات راقصـة مجسدة في لوحات معبرة بمصاحبة الموسيقى الموحية والمفسرة للحالة الشعـورية العاطفية للمبدع المؤلف/ المخرج
/ المصمم ، اعمال الفنون التشكيلـة ، والموسيقى ، ليس فيها دلالات زمانية ، أما المنحوات واللوحات تشغل المكان ، لكن الموسيقى أيضا لايوجد فيها مكاناً تشغله ، ومايجمع عناصر بعض الفنون وينظم هذا الأجزاء في الأعمال الفنية وخصوصاً الموسيقى والرقص هوالأيقاع .
إذن الفنون منها مايشغل المكان ،أوالتي تشغل حيزاً في الفراغ ، وهي الرسم والنحت ، وفن العمارة هذه جميعاً نطلق عليها الفنون المرئية ، وهي الفنون التي يحتاج تذوقها الى حاسة البصر . أما الزمانية فهي الرقص ، والشعروالموسيقى . والسؤال :هل هناك فنون تجمع الزمان والمكان والأيقاع ؟
لاشك أنها الفنون الدرامية ( المسرح والسينما ) لذلك يطلق علي السينما الفن السابع ، وكذلك المسرح أيضاً ، لأنه يضم عناصر بنائية هي نفسها متوفرة في الفن السينمائي الدرامي , ولبيان ما ذهبنا اليه يتطلب البحث بيان طبيعة البناء الدرامي ، أو البناء الشكلي للعرض المسرحي .
1 ـ البناء الدرامي المسرحي :
الدرامي : كما يعرفه أبراهيم سكر: " ينبغي أن نفهم دوماً على أنها الفن الذي يحاكي أفعال الأنسان وسلوكه عن طريق الأداء التمثيلي يوجه عام "(2) بغض النظرعن الأسلوب ، أوالمعالجة التي يقدم من خلالها العمل الفني .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مصدر سايق ، كلايف بل ، ص 31 ـ 14
2ـ سكر، ألراهيم ، الدراما الأغريقية ، المؤسسة المصرية العامة للطباعة والنشر، القاهرة ، ص 2
الفصل الثاني / المبحث الأول (26)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء الدرامي :
لابـد من تفكيـك عناصرالبـناء ونناولها بالـدرس والتحليـل ، وبيان أشتغال كل عنصرمـن عناصره فـمن بديهات الأمـور(وحسب المنهج البنيوي) أن تحليـل أي عنصرمن العناصر بمعزل عـن بقية العناصر، على أنه وحدة قائمة بذاتها ، خطأ جسيم ، فالعنصرالواحده لايمكن أن يحقق شئياً ذا قيمة بل هو نكرة ، لانفع منه ، قيمته في تفاعله مع بقيـة العناصر، إلا أن تفكيك البنية أية بنـية الى عناصرها وتحليلها ، لبيان كيفـية أشتغال ذلك العنصر داخل البنية ، فاللغة ـ مثلاً ـ ، لاتعني الصراع ولا تعني السرد وبقية العناصر، وإنما هي التي تقوم بإبرازهما وبيان أشتغالاتهما . إذن اللغة عنصر والصراع عنصر ، والسرد عنصر، جميعاً تعمل ضمن البنية الدرامية (مسرحية ، فيلم ) وعندما نعزل عنصرما ، هذا يعني أنه خارج الوحدة البنائية ، لاـ جميع العناصر تعمل داخل البنية . فالحفيفة " في كل نظرية في العمل الفني المتكامل بكل مافيه من عينية ووحدة عضوية (لاشك) من الضروري (ومن) أجل تحليله ، أن نفككه ، ونتعدى على تركيبه الحي ..ولكن النظرالى العمل الفني على أنه مجرد مجموع من العناصر المكونة ، والأعتقاد بالتالي أن أي عنصر مكون ، يمكن أن يظهرأويختفي دون أن يجني منه العمل كسباً أوخسارة أساسية ، إنما هو أرتكاب خطيئة لاتغتفر في دراسة الفن "(1)
للآسف الشـدـيد ، فـي مجـال الـفـن الـدرامي ، هـناك الكثيـرمـن الإختـلاف بين المهتمين بالشأن المسرحي وكتاب السيناريو والقصة والرواية في تعريف بعض المفاهيم والمصطلحات الدرامية ومن بينها ـ
مثلاً : الحبكة والعقدة ، سيقوم الباحث بشرح وتوضيح المصطلحين، وبيان الفرق بينهما وتعريفهما
بالأعتماد على المصادر المعتبرة التي تهتم بالشأن الدرامي السينمائي والمسرحي . وكما يأتي :
الحبكة :
بعضهم تر:جمها على انها (الأسطورة) حسب تعريف أرسطـولكلمة(مايثوس mythose) تعني عند البعض (حبكة) وعند البعض الآخر(عقده) وغيرهم (قصة) ومصدرهذا الإختلاف هوعدم الترجمة الأمينة عن اللغة الأم ، أي اللغة (الإغريقية ، اليونانية) فبعض الترجمات جاءتنا عن اللغة الأنكليزية أو الفـرنسية ، أوالألمانيـة وغـيرها مـن اللغات ، وحول هـذه الترجمة يقـول: ((بنسفيلد الابن)) : " إن الكلمـة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مصدر سابق زكريا أبراهيم ، مشكلة الفن، ص 12
الفصل الثاني / المبحث الأول (27)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكلمة تُرجمت على إنها هي العقدة ، والتي ترجمت كذلك على إنها هي الخرافة أوالحكاية أوالفعل"(1)
وهذا ما يؤكده أيضاً (إبراهيم حمادة) في سياق توضيحه لمعنى الحبكة حيث يقول: "أن مصطلح الحبكة من بين المصطلحات الدرامية االهامة التي يسيء تـفسيرهـا غالـبية دارسي الدراما فـي مصر والعـالم العربي أيضاً ، لأنهم ينقلون تفسيراتهم عن مصادرأجنبية ثانوية، واقعة فـي نفس الفهم غيرالصحيح"(2)
كما أن (لينداج كاوغيل) مترادفا ، ويقرأ الناس كتاباً أو يذهبون لمشاهدة فيلم ويقولون بعـد الأنتهاء : يالها من قصة عظيمة لكن السـبب في التأثيرالكبيرالذي ينتج عن الكتاب أو الفيلم هو بصورة عامة أن للقصة حبكة عظيمة "(3)
إذن ، الحبكة ليست القـصة ، وأنـما تأتي كـصياغة للقـصة. وللوقوف على تعريف للحبكة وفهـم معناها ينبغي الرجوع إلى أرسطووهو أول من أطلق مصطلح الحبكة معرفاً إياها بأنها " بناء الأحداث لأن التراجيديا ـ بالضـرورة ـ لا تحـاكي الأشـخاص ولكنها تحاكي الأفعال ، والحياة بـما فيها من سعادة وشقاء وسعادة الأنسان وشقاؤه يتخذان صورة الفعل (....) فإن مجرى الأحداث ـ اي الحبكة ـ يشكل غاية التراجيدية والغاية في كل شيء اهم ما فيه (4) فعلى هذا فان ارسطو قد ارسى قاعدة على ان التراجيديا التي تتمع بحبكة اي بحوادث مبنية بناءا فنيا هي التي تحقق تاثيرا في المتلقي حتى وان كانت تحمل في ثناياها لغة وفكرا اقل شئا من الحبكة فهو قد اعدها " الجوهر الاول في التراجيديا بل لها في منزلة الروح بالنسبة للجسم الحي ، ثـم بـعـد ذلـك يعـطي لـلشخصية الأهـمية فـي المقام الثاني ويضرب (أرسطو) مـثلاً على ما ذهب اليه أذ يقول : " أستـخدام أعـظم الألوان جـمالاً أستـخداماً مضطرباً بـلا ترتـيب ، لـن يولـد فـي النفس ذات المتعـة التي يولـدها تخطـيط بسيط لصورة باللونين الأسـود والأبيـض "(5).
وهــذا ما دفــع نقـاد المسـرح ومتـرجـمي كتاب (فــن الشعر) للقول :" أن الحبكـة فـي الدراما هـي المعادل الفـني للفعل فـي الحـياة الواقـعية "(6) بمعنى أن الشكل السردي ليس من خصائص الدراما الأرسطية وأنما جوهرها محاكاة لفعل تجسيد (تمثيل) على خشبة المسرح ، أما السرد فهو من خصائص
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ بنسفيلد الاين ، فن الكاتب المسرحي ، 112 .
2ـ أرسطو ، فن الشعر ، تر ، ابراهيم حمادة ، مصدر سابق ، ص121
2- لينداج كاوغيل ، فن رسم الحبكة السينمائية ، تر محمد منيرالأصبحي ، المؤسسة العامة للسينما ،2013 ، ص 25 .
4ـ أرسطو، فن الشعر ، مصدر سابق ، 113
5ـ المصدر نفسه ، ص 114
6ـ المصدر نفسه ، ارسطو ، فن الشعر ، ص 113
الفصل الثاني / المبحث الأول (28)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقـيـة وبعد ان تطرق الباحث موضحاً تعـريف أرسطولوجدنا انه أكد فيه على أهمية (الحبكة) بالمقام الأول ، ثم اعطى (الشخصية) الاهمية بالمقام الثاني وهذا ايضا مبعث اختلاف بين دارسي ونقاد الدراما ، فبعضهم يعطي للحبكة الاهمية البالغة وتاتي في مقدمة اجزاء الراجيديا والعمل الدرامي والبعض الاخر يعطي الشخصية الاهمية ويضعها في المقام الاول ، أما الباحث أنه مع الرأي الثاني ، إذ إذ أن الـ ((الشخصية)) هي التي تصنع الأحداث ، وهي التي تقوم بالأفعال ، ولاصراع بدون شخصية ، وكل عناصر البناء تصب تفاعلها في عالم الشخصية . كيف تصلنا الأفكار، وكيف نرسم عنصري الخير والشر في أذهاننا أن لم تكن الشخصية في الوجود ؟ حيث هناك في عالم الدراما تتصارع الأفكار ، وهذه الأفكارهي التي تعبرة عن الشخصيات .
وبعد أن تطرق الباحث موضحاً تعريف ((أرسطو)) للحبكة ، يطلب البحث تناواها وتعريفها ، وفق ماجاء في المعاجم والقواميس التي تهتم بالشان الدرامي ، كي نفهم ما كان يعنيه ((أرسطو)) بتعريفه للحبكة .
لقد عرف الناقد ((عبدالواحد لؤلؤة)) على أن الحُبكة : من الفعل ((حُبك)) بضم فسكون : الحبل يُشد به على الوسط ، ويمكن استعمال الكلمة مجازاً لهذا المفهوم الأجنبي لأنه يشد أطراف الفعل في المسرحية كما يشد الحبل الثياب على وسط الأنسان "(1) .
أما (عادل النادي ) فقدعرف الحبكة بانها " تعـني التنظيم العام لأجزاء المسرحية كـكائن واحد قائم بذاته فهي عملية شبه هندسية لربط أجزاء المسرحية بعـضها بعض ومنها الشخصيات ، الحوار، الأحداث ، والموضوع ، بالأضافة إلى المناظر"(2) ويؤكد (عادل النادي) على هذا المعنى بالقول القاطع" إن الحبكة هي ترتـيب أجزاء المسرحية في شكل مترابط ليعطينا في النهاية البناء العام للمسرحية وعلى هذا الاساس فكل مسرحية لا بد أن يكون لها حبكة حتى ولو كانت تنتمي إلى المذهب العبثي"(3)(*)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ.
1ـ اليزابيث ، ديل ، الحبكة ، تر، عبدالواحد لؤلؤة ، وزارة القفافة والأعلام ، بغداد ، 1981، ص
2ـ مصدر سابق ، عادل النادل ، ص 60.
3ـ نفس المصدر ـ عادل التادي .
(*) خلط بالمفاهيم ، الفلسفة تأخذ مصطلح العبثية ، والأدب يأخذ مصطلح اللآمعقول . وبذا يكون مذهب اللأمعقول.هوالمناسب أنظر، موسوعة المصطلحات النفدية اللامعقول ، تأليف أرونلد هنجلف ، تر، عبدالواحد لؤلؤة ، وزارة الثقافة العراقية ،1979، ص9.
الفصل الثاني / المبحث الأول (29)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا التعريف لايختلف كثيراً عن تعريف (إبـراهـيـم حمادة) بل هوبعينه مع إختلاف طفيف في الصياغة ، فقد عرف حمادة (الحبكة) بأنها " التنظيم العام "(1) لأجزاء المسرحية ككائن متوحد قائـم بذاته. أنها عـملية هندسة الأجزاء المسرحية وبناؤها وربطها ببعـضها ، بهـدف تحقـيق تأثيرات فنية وأنفعالية معينة ، وعلى هذا، فكل مسرحية حتى وأن كانت تنتمي إلى تيارالعبث (يقصد اللامعقول) لاتخلومن حبكة ـ أي الأشتمال المرتب على الأجزاء الأخرى التي هي الشخصيات، واللغة والأحداث ، المصطلح الملائم ، والأفكار، والمنظورات المسرحية وعلى هذا ، فالحبكة ـ ببساطة ـ هي ترتيب الأجزا الأجزاء التي تتكون منها المسرحية ترتيباً يكسبها الشكل العام "(2) ومن خلال هذه التعاريف نستطيع القول : إن الحبكة لا تعني القصة والخرافة أوالعقدة ، على الرغم إن كل مسرحية حتى التي تنتمي الى أدب اللامقول منها ، أوالتجريدية لاتخلو من حبكة ، لذا فأن المفهوم الصحيح للحبكة هو" التنظيم العام لأجزاء المسرحية ، أي ترتيبها ، بعضها الى البعض في أسلوب ما .
وبناء على هذا المفهوم "فإن الحبكة تستوعب بداخلها قصة ، أولا قـصة ، كما أنها تتضمن هندسة الأجزاء الكيفـية البنائية الأخرى "(3) ويعني بالأجزاء الكيفية " الحبكة ، الشخصية ، اللغة ، الفكر المرئيات المسرحية ، الغناء . "(4)
ولأهمية الحـبكة فـي المسرحية التراجيدية أفرد لها آرسطو في كتابه ((فـن الشعر)) سبعة فصول وثلاثة أجزاء في بقية فصول الكتاب" بينما يشغل حديثه عن الأجزاء البنائية الأخرى حوالي ثمانية عشر سطراً."(5)
أما العقدة :
لقد أختلف حول تحديد معناها الكثيرمن الكتاب والنـقاد ، ودارسي الدراما ، فالبعض لايفرق بين الحبكة والعقدة فتارة يعرف (ابراهيم حمادة) المصطلح بالحبكة الدرامية ـ العقدة Plot ثم يعرفها حبكة وهو لم يميز أو يفرق بينهما ، وقـد وقع في نفس الخطأ الذي وقـع فيه غيره . كـذلك وقـع (عادل النادي) في ذات الخطأ والخلط ، فـقـد أفـرد في كتابه عنـواناً فرعيا في الفصل الثالث وسـماه الحبكة (العقـدة) في
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - ابراهيم حمادة ، طبيعة الدراما ، مصدر سابق ، ص 19 – ص 20 .
2ـ أرسطو ، فن الشعر ، تر ، أبراهيم حمادة ، مصدر السابق ، ص 121 .
3ـ المصدر نفسه ، أرسطو ، ص 121.
4ـ المصدر نفسه ، ص 112 .
5ـ المصدر نفسه ، ص 130 .
الفصل الثاني / المبحث الأول (30)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في المسرح ، ومَن يطلـع على كتاب (النادي) يلاحـظ أن ما جـاء فيه متطفـلا على كتاب طبيعـة الدراما ((لإبراهيم حمادة)) ولايشيرالى ذلك ، أن المشكلة في تحديد معنى المصطلح بإعتباره دلالة لفظية للمفهوم، والمفهوم يعني التصورالذهني العام المجرد عن أشياء الواقع ، إلا أنه مرتبط بمشكلات المعنى والدلالة وإلاحالة ، حيث نرى (إبراهيم حمادة) في ترجمته لكتاب (فن الشعر) لأرسطو ، يقول :" أعتبر ارسطو الحبكة - أوالعقدة – كما تترجـم أحياناً "(1) وفي نفس هذا الخطأ وقع (أحمد كامل مرسي) ، و(مجـدي وهبة) إذ وضعا عنوان (العقدة ـ الحبكة) وعرفاها بأنها " نسيج الحـوادث في الرواية وتنسيقها فـي بناء محكم وتـتابع شيق ، حـتى تصل إلى النهاية المـرسومة "(2)
ولو أكتفيا بهـذا التعريف لأصابا المعـنى لمفهـوم الحـبكة إلا أنهـما خلطـا ما بـين (الحبكة ـ والعقـدة) حيـث وفي نـفـس سـياق التعريف جاء :" قال أرسطو (أن العقـدة هـي أهـم عنصـر من عـناصر الـمسـرحية"(3) ، وقال ((سومرست موم)) : (أن العقـدة هي مجرد النول الذي تنسج عليه القـصة). العناصرالاساسية في بناء العقدة هي وجود البطل والهدف ووجود العـقبات التي تعـترض سبيل البطل والتي علـيه أن يتغـلب علـيها ، وإذا مـا أراد تحقـيق هـدفه ، ويجـب علـى الكـاتب أن يـحـرص كـل الحـرص علـى عنصرالجاذبية والتـشويق ، أن يجعـل المشاهـد في حالة تعلـق وتلهـف دائماً ، وقـد يخـتلف كل كاتب عن غيره في بناء العقدة ، بينما الموضوع واحد "(4) ، وعند تدقيق النظرفي تعريف الكاتب الأنكليزي (سومرست موم) نجده يتحدث عن الحبكة ومواصفاتها إلا أنه يستخدم مصطلح (العـقـدة) ما دام أنه ذكـر نسـيج القصة ، ووجـود عنصري الجاذبية والتـشويق ويرى الباحث مفردة الترقب بدلاً من الجاذبية أكثر ملائـمة فتكون العبارة وعنصـري (الترقب والتشويق) بدلاًمن (الجاذبية والتشويق ) .
وفي نـفس الصفحة من الكتاب وتحـت عـنوان (أساس الموضوع ـ فـكرة العـقدة ) يتضح أن مؤلفي المعجم يعنيان بالعقدة أوفكرة العقدة " الأتجاه العام لعقدة الرواية ، ويطلق عليه البعض المشروع أوالمغزى المطلوب مـن وراء الرواية أوالقصة ."(4) وهذا ما يسميه الكاتب (لايوس إيجري) بالمقدمة المنطقية أي الفكرة الأساسية للعمل وهذا يعني أن العقدة لها علاقـة بالقصة وليس بهندسة أجـزاء العمل ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ المصدرالسابق ، أرسطو ، فن الشعر ، ص 121 .
2ـ مصدر سابق ، كامل مرسي ، ومجدي وهبة ، معجم الفن السينمائي ، ص 262 .
3 ـ المصدرنفسه ، ص 262.
4ـ المصدر نفسه .
الفصل الثاني / المبحث الأول (31) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبدقـة متناهية تحـدد الكاتبة (لينداج كاوغيل) عـمل الحبـكة بالقـول :" الحبكة ليسـت مجرد أن ( أ ) يحدث ويسبب حدوث ( ب ) نتيجة له ، و( ب ) بدوره يسبب ( ت ) وهكـذا. وهي ليست خطاً زمنياً من لأحداث التي تجـري ، بل هـي ضرورة بنيوية لسرد القصة الدرامية . وعـلاقات السبب والنتـيجة بين المشاهـد تـدفع حـدث القصة إلى الأمام ، كـما انها تـضمن أننا نـفهم المعنى الجوهـري للحـدث لأننا نستطيع رؤية الروابط بين المشاهد، فـنحن لا نرى ما يحدث فـحسب ، بل أيضاً سبب حدوثه "(1) وهـذا المعنى جاء به مـن قبل ( فورستر) في كتابه ( أركان الرواية ) ضارباً مثالاً شهيراً لتوضيح الفرق بين القصة والحبكة إذ قال : " أن قولنا إن المـلك مات ، ثم ماتت الملـكة هــوقصة ، فهو رواية لحدثين فـي تسلسلهما الزمني ، أما القول أن المـلك مات ، ثـم ماتت الملـكة حزناً فهـو حـبكة ، إذ إن التسلسل الزمني بـقي ، لكـن أضيف للصراع ، وقبل أن يقال عن القصة إن لها عـقدة ، لا بـد من أن يـوضح الصراع الـذي يقـوم فيها بين قوتـين له السبب في موت الملكة (2) وعلـى هــذا ، فـقـد عـرف (فوزي شاهين) العـقدة " بأنها عـرض أوأكثر"(3) ، لـذا نستطيـع مـن خلال هـذا التعريف أن نستنتج : إن للقصة عـقـدة أو أكثر ولابد أن تـتضمن شخصية رئيسية ، أي بطل وهي الشخصية التي يتعاطف معها المتلقي ولايتم التعاطف معها إلا من خلال الصراع الذي تخوضه مـع بقـية الشخصيات " فلا يمكن لأي صـراع أن يكون مشوقاً للجـمهور ما لـم يقـف الجمهور إلى أحد الجانبين يسنده ويعطف علـيه ويرجو له الفوز"(4) لذا ينـبغي على الكاتب " أن يجعل إحدى شـخصياتـه محبوبة تحوي أعجاب الجمهور وتكسب عطفه ( ... ) وهـذا هو الغرض الأساسي من وجود شخصية البطل في العقدة ، وإلى جانب الشخصية لابد من وجود أخرى مقابلة لها ، وهي شخصية الخصم "(5) ، ربما الخصم لم يكُن شخصاً بل عادات أوتقاليداً ، أوأفكارا أوقوى خارجية ، المهم أن يكون خـصـماً مـقابلاً لشخصية البـطل ، أويكون الصراع نفسياً داخل الشخصية الرئيسية وبوجود الشخصيات والقصة والصراع ، لابد أن تتضمن هذه التركيبة عنصرالترقب والتشويق أي أن تبقى بعض الحقائق غيرواضحة المعالم للجمهور، بالقدرالذي يجعله يعيش حالة من التوجس والقلق تدفعه للترقب للأحداث المتلاحقة حتى الوصول للحل ، فالجوانب التي يحاول إخفائها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مصدر سابق ، ليندا كاوغيل ، فن رسم الحبكة السينمائية ، ص26 .
2ـ أنظر، لنداج كاوغيل ، فن رسم الحبكة ، ص26.
3ـ فوزي شاهين ، التمثيلي الأذاعي ، المصدر السابق ، ص 75 .
4ـ نفس المصدر، ص71.
5ـ نفس المصدر ، ص 75.
الفصل الثاني / المبحث الأول (32) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكاتب عن المتلقي هي كفيلة بشد أنتباهه ، ومتابعة العمل ، بالأضافة إلى العناصر التي ذكرناها والتي تشمل الشخصستين ، والقصة والصراع ، ، لابد من وجود شخصيلت ثانوية تابعة للخصمين . إذ لايتيسر للكاتب أن يعرض البطل وخصمه وجهاً لوجه . خلال العمل من بدايته إلى هايته ، فمن الضروري أصافة " عناصر أخرى تجعل أستمرار العقدة أمراً ممكناً في أغلب في غياب القوتين المتصارعتين. ففي غياب البطل بريد الجمهورأن يعرف شيئاً عما يدور بذهنه والخطوات التي أعدها للمستقبل وشخصية صديق البطل تستطيع أن تؤدي هذا الور ، كما أن شخصية تابع الخصم تجعل الجمهور على علم بخططه ."(1)
والسؤال الذي يطرح نفسه : كيف تكون القصىة شـيقة بلا عـقـد ؟ ويرى الباحـث إن مـن أفضل عناصر التشويق في القصة هي تعدد العقد ، أي أن الفيلم يبدأ بفعل إنطلاق مثل : إعصار ، زلزال ، هجوم عصابة على حي سكني ، أوعلى مصرف ، جريمة قـتل غامضة ، إغتيال شخص بارز ، الـقاء قـبض على شخص ... والأمثلة كثيرة ثم يتطورالأمرالى إنتقال الأحداث من عقدة اصغرالى أخرى وهـكذا تتعـدد العقـد ، من عـقدة الى عـقدة الى عقدة ، حتى تـتفاقم العـقـد والأزمات وتصل الى عقدة كبيرة ثم ذروة ويعقبها الحل ، لذا فإن (العقـدة) هـي من عناصر التشويق التي تخلق الأحداث وتدفع المتلقي لمتابعة أحداث القصة التي تـتضمن التوترات ، والأزمات ، والصراع .
يقـول أرسطو" إن أعـظـم العـناصرقــوة في التراجيديا من ناحية إحداث التأثيرالنفسي هما (التحول) و( التعرف). "(2)
من والمصطلحات التي يحدث الخلط وسوء الفهم عند البعض فيها ، الأجزاء الكمية والكيفية في الدراما ، حيث أن معظم الشروح التي تتناول ((الحبكة)) لاتنظر الى هذين العنصرين ، وإنما نجد جل النقاد عندما يرغبوا تناول موضوع يتعلق بالبناء الدرامي ، يندفعون لذكر ((عناصر البناء الدرامي)) جاهلين بقية العناصر وأشتغالاتها ، لهذا عمد الباحث لتوضيح ذلك لتحقيق الفائدة .
قسم ((أرسطو)) التراجيديا الى جزئين وقال: " أن في كل تراجيديا ـ كوحدة كلية ستة أجواء ـ هي التي تحدد صيغتها الخاصة ، وثيمتها النوعية ، والأجزاء هي : الحبكة ، الشخصية ، اللغة ، الفكر، المرئيات المسرحية ، الغناء .(3) وأطلق على هذه الأجزاء (( أجواء التراجيديا الكيفية )) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مصدر سابق ، فوزي شاهين ، التمثيلي الأذاعي ، ص 71 .
1ـ مصدر سابق ، أرسطو ، قن الشعر ، ص 112 .
2، نفس المصدر ، أرسطو ، فن الشعر ، ص 146 .
الفصل الثاني / المبحث الأول (33) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ماذا يعني أرسطو بالأجزاء الكيفية ؟
هي العناصر التي تدخل في تكوين البناء الدرامي في الأعمال المسرحية والسينمائية ، ومن خلالها يستطيع الفنان الأشتغال عليها ، زمعالجتها وفق لرؤيته ، في الأهتمام والتغيير ، وأبراز وهيمنة عنصر، وأستخدام بقية العناصر بالتعاون فيما بينها من أجل تعزيز العنص ، لامن خلال هيمنة العنصر، وأهمال العناصر الباقية . وبالإمكان أن يخلق الفنان من الأشكال لاتعد ولاتحصى من هذه الأشتغالات .
أما الجزء الثاني : ((الأجزاء الكمية للتراجيديا))
يعني بها أرسطو : هي كل مايتعلق بالقصة من التعقيد ، الأزمة ، الذروة ، وهبوط أو نزول الفعل ، الحل ثم النهاية ( سعيدة أو تعيسة ) .
فالتعقيد يتضمن : أحداث ماقبل وقوع الحدث ، بعيداً عن خشبة المسرح ، ثم مايقع فوق خشبة المسرح ، وهذا الجزء يمريأزمات تصل حد الذروة ثم تقع المصيبة ، يعقيها الحل . وهذه الأجزاء الكيفية ، المقصود بها العناصر، حيث لكل " قصة بداية ووسط ونهاية والبداية هي التي لاتعقب بذاتها أي شيء بالضرورة ، ولكن يعقبها بالضرورة شيئاً أخر، أو ينتج عنها ، و((النهاية)) على النقيض من ذلك : فهي التي تعقب بذاتها ـ وبالضرورة ـ شيئاً لأخر.، إما الحتمية ، وأما بالأحتمال ، ولكن لاشئء أخر يعقيها . أما ((الوسط)) فهو مابذاته يعقب شيئاً أخر يالضرورة ، كما يعقيه شيء أخر . وعلى هذا ، فأن الحبكة الجيدة البناء ، يجب أن لا تبدأ أو تنتهي كيفما أتفق ، بل يجب أن تخضع في ذلك لتلك الأصول "(1)
يعني ((أرسطو)) : أن البداية لايسبقها شيء ، فالمسرحية تبدأ بها ، ولكن لابد أن يعقبها شيئاً يعني الوسط وبعد الوسط النهاية ، ولا تأتي النهاية قبل الوسط . وهذه القواعد أهتم بها المشتغلون في الفن المسرحي عدة قرون ، حتى تم الخروج عليها على يـد الكلاسيكيون الجدد في فرنسا ، وعلى يـد الأنكليزي ((وليم شكسبير)) و ((كريستوفر مارلو و شريدان)) وغيرهم ، حتى أنتفلت الحال من الكلاسيكي القديمة وواضع شروطها وقوانينها الأغريقي ((أرسطو)) ، الى ((التجريبية)) . فالخروج على القواعد الأرسطية تعتبر((تجريبلة)) إذ أن التجريبية تتيح للمبدع الأشتغال على الزمن ، والبناء ، والتحكم بالسرد بأستخدام السرد اللاخطي ((ماضي ـ حاضر)) أو((حاضر ـ مستقبل ـ ماضي)) أو((مستقبل ـ ماضي، حاضر)) ، أوأي أسلوب يعتمده المبدع بعيداً عن القواعد الأرسطية والقوانين الجامدة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مصدر سابق ، فن الشعر ، ، الفصل السادي ،ص128.
الفصل الثاني / المبحث الأول ( 34)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعرف :
"كما يدل عليه أسمه هو التغير أو الأنتقال من الجهل إلى المعرفة ، مما يؤدي إلى المحبة ، أو إلى الكراهية بين الأشخاص الذين قُدرت عليهم السعادة أوالشقاوة ، وأجود أنواع التعرف هوالتعرف المقرون بالتحول كما هو الحال في تراجيديا (أوديب) ."(1)
حيث يتعرف أنـه إبـن ( جوكستا ) التي هي زوجته وأبوه الملك ( لايوس ) الذي قـتله( أوديب ) في مفترق الطرق ." لاشك إن هـناك أنواعاً أخرى من التعرف (...) ولكن أهـم أنـواع التعـرف أتصالاً مباشراً بالحبكة وبفعل المسرحية."(2) وعلى هـذا فأرسطو يقـربأن الحبكة هي الجـوهـرالأول فـي الـتراجيديا ، لذلك نراه يضع الحبكة فـي مقدمة العناصرالتي : " تكـون الدراما ، لأن الحبكة هـي التي تـقـدم الأطارالرئيسي للفعل . فالحبكة هي خط تطور القصـة ، وهي خطة الفـعـل التي يمكن عـن طريقها للشخصيات والأفكار وغيرذلك من العناصر المكونة للدراما أن تكـشف عن نفسها ."(3) وحسب تقـييم أرسـطو لأنواع الحبكات فأن أضعفها "هي الحبكة الحدثية حـيث تتعاقب الأحداث واحداً بعـد الآخـر دون أن تكـون بينها علاقـة عَلٌية أو تأثير .
أما أقوى أنواعها فهي الحبكة المشتبكة مثل حبكة مسرحية ( الملك أوديب ) حيــث نرى كل فعــل يخـرج مرتباً على فعل آخرسبقه ، وحيث نرى أن صراع البطل التراجيدي ذاته يصبح قوة للقضاء عليه"(4).
ويؤكد ((أرسطو)) على أن "هناك أنواع أخرى من التعرف (...) ولكن أهم أنواع التعرف أتصالاً مباشراً بالحبكة وبفعل المسرحية "(5) وعلى هـذا فأرسطو يقر بأن الحبكة هي " الجوهرالأول في التراجيديا بل هي في منزلة الروح بالنسبة للجسم الحي."(6) لذلك نراه يضع الحبكة فـي مقدمة العناصرالتي : " تكون الدراما ، لأن الحبكة هـي التي تقدم الأطار الرئيسي للفعل . فالحبكة هي خط تطور القصــة ، وهي خطة الفعـل التي يمكن عـن طريقها للشخصيات والأفكار وغير ذلك من العناصر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مصدر سابق ، أرسطو ، فن الشعر ، أبراهيم حمادة ، ص 146 .
2. نفس المصدر ،ص 147 .
3ـ فرانك م هوايتنج، المدخل الى الفنون المسرحية ، تر ، كامل يوسف وأخرون ، دار المعرف ، القاهر ، 1970 ، ص 177
4ـ نفس المصدر ،
5ـ المصدر السابق ،أرسطو، ص 146ـ ص147.
6ـ نفس المصدر ، ص 114 .
الفصل الثاني / المبحث الأول (35)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المكونة للـدراما أن تكـشف عـن نفسها ."(1) وحسب تـقـيـيم ((أرسطو)) لأنواع الحبكات فأن أضعـفها "هي الحبكة الحدثية حـيث تتعاقب الأحداث واحداً بعـد الآخـر دون أن تكـون بينها علاقـة عَلية أو تأثير . أما أقوى أنواعها فهي الحبكة المشتبكة مثل حبكة مسرحية ( الملك أوديب ) حيـث نرى كل فعـل يخرج مرتباً على فعل آخرسبقه وحيث نرى أن صراع البطل التراجيدي ذاته يصبح قوة للقضاءعليه"(2) .
* التحول :
يعرف ((أرسطو)) في كتابه ((فـن الشعر)) التحول بأنه : "هو إنقلاب إلـى ضده ( ... ) وهـذا يقـع تبعاً للأحتمال أوالضرورة "(3) ، وفي تعليـق وشـرح (عبدالرحمن بدوي) في كتاب فـن الشعـرلـ((أرسطو)) يقول : "عند أرسطو أن كل مأساة تنطوي على تحول: أي أنتقال من السعادة ألى الشقاوة ، أوالعكس ، وهـذا الأنتـقال يمكن أن يقـع على نحوغيرمشعور به ، قد يمكن توقعهُ ، مثل هزيمة الفرس في مسرحية أسخيلوس ، وهناك لايكون تحول ، لأن التحول يقتضي سرعة الأنقلاب مما يجعل الـمرء أمامَ أحدى حالتين : سخرية الأقدارأوالمفاجأة "(4) .
أما (إبراهـيم حمادة) فإنه يوضح ما يعنيه أرسطو بالقول :"كلمة (التحول) Peripeteia التي أختزلها (By water) في لغـته الأنجليزية الى ـ Peripety ـ تعني الأنقلاب المضاد للأتجاه أو الهدف) قـد يسـير موقـف درامـي مـا فـي خطه الطبيعي نحـوهـدف معـين وفجـأةً يطرأ عامل خارجي على هذا المسار ويجبره على أتخاذ وجهةً أخرى غـير متوقعة ، وقد يكون المسارالجديد معاكساً للأول وعلى هذا فــ(التحول) ــ بنائياً ــ يشكـل (أزمة درامية) أو(نقطة تحول في الحدث) أنه ما نطلق عليه (سخرية القدر) ويفسرأرسطو معنى التحول بمثل يسوقه من مسرحية (أوديب الملك) للشاعـرالتراجيدي سوفوكلس ."(5)
حيث تتحدث الأسطورة التي أخذَ سوفـوكلس منها مسرحيته (أوديب الملك) التي وقعت حوادثها قبل أحداث المسرحية التي تسرد فرار أوديب من يـد القدر اليسرى ويقع في يد القدر اليمنى ، أي أن أفعال ومصائرالشخصيات حسب العـقائد اليونانية يتحكم بها القدر وليس إرادة البشروالمثل الذي ساقه أرسطو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ المصدرالسابق ، أرسطو ، فن الشعر ، تر، أبراهيم حمادة ، ص 146 – ص 147 .
2 ـ نفس المصدر ، ص 114 .
3ـ 5- أرسطو ، فن الشعر ، تر ، عبد الرحمن بدوي ، مصدر سابق ، ص30 .
4ـ نفس المصدر .
5ـ مصدرسابق ، أرسطو، تر ، ابراهيم حمادة ، ص 148 ..
الفصل الثاني / المبحث الأول (36)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتحدث عن" تربى أوديب الشاب ـ مـنذ الرضاعـة ـ فـي بيت ملك كورنثة الـذي تبناه ورعاه . ولهذا نشأ أوديب وهـويعـتـقد أن الملك بوليبوس، وزوجـتهِ الملكـة ميروب ، والـداه وذات يـوم حذرته العرافة بأنه مقدرٌعليه أن يقـتلَ أباه ، ويتزوج مـن أمـه. ولكي يتحاشى وقـوع هـذه النبوءة ، أتخذ مهـربه إلى مدينة طيبة . وفـي الطريـق أليها ، قـتلَ ملكـها لايـوس دون أن يعـرف أنه والده الحقـيـقي . وعند أسوارالمدينة أستطاع أن يعـرف أجابة الأحجية التي كان يطرحها ابو الهول ، ويقتل من لايعرفها ، ولهذا كوفئ على ذلك بتزويجه من (جوكاستا) ملكة طيبة دون أن يعرف أنها أمـه. وبقي أوديب يحكم طيـبة حكماً عادلاً فـترةٌ طويلة حتى دهـم الطاعون المدينة ."(1) وتـتعاقب الأحـداث وتصاب المدينة بالطاعون بسبب وجـود رجـس في المدينة ، ويأخـذ أوديب بالبحث عن هـذا الرجس ، وخـلال سيرحـوادث المسرحية يشيرأرسطوإلى موقف متأزم في المسرحية "فقد وفد الى طيبة الراعي الكورنثي الذي كـان قد تسلم أوديب رضيعاً من راعي طيبة ، وسلمهُ بـدوره ألى ملك كورنـثا العاقـر(بوليبوس) . لقـد جاء الراعي الكورنثي كي يخطرأوديب بأن (بوليبوس) قـد مات، وعلى أوديب أن يتولى عرش كورنثة، إلا أنه يرفض خـوفاً من أن يـقـع الجزء الثاني من النبوءة وهوالزواج من أمه (ميروب)، وهنا يحاول الراعي أن يبدد مخاوف أوديب ، ويصارحه ـ وهوسعيد ـ بأنه ليس أبن بوليبوس وميروب وأنماهوابن بالتبني"(2) ويعلق(ابراهيم حمادة)على المعلومة التي ادلى بها الراعي بأنها" تعتبرتعرفاً أدى الى أكتشاف الحقـيقة المرعبة ، فهي بدلاً من أن تهدأ من روع أوديب، وتسره وتسيربالحـدث في مجـراه الطبيعي ـ كـما كان الراعي يعتـقـد ـ تحدث تطوراً مفاجئاً فـي الحـدث.أن التحول على تـلك الصورة ، يتضمن تعـرفاً وهـو معرفة أوديب بأنه ليس أبناً لملكي كورنثة . " (3)
* السبب والنتيجة :
علـى الكاتب الدرامي أو السيناريست فـي مجال حرفته أن يتناول مـعالجة أعـماله على مبدأ السبب والنتيجة ، فليس من المعقول أن تأتي النتائج عائمة مـن الفضاء دون وجـود وجـود الأسباب ، الأسباب كالدافــع عـند الإنسان ، فلـيس مــن سلوك يـتبعـه أو يـسلكـه الإنسان بلا دوافع ، السارق يسرق بدوافع شتى ، والطالب يجتهد للحصول علـى أعلى الدرجات للوصـول الى هدف الجاه ، المنصب، المال ، الجاه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- مصدرسابق ، أرسطو ، تر، عبدالر حمن بدوي ، ص 30 .
2ـ مصدر سابق ، أرسطو ، تر، أبراهيم حمادة ، ص 148 .
3 ـ تفس المصدر .
.
الفصل الثاني / المبحث الأول (37)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المكانة الإجتماعية...ألخ وهكذا فكل النتائج تسبقها أسباب ، يقول ((أ.م فـورسـتر)) : " ان القصــة لا تعتمد إلا على الوقت ، فـيُعبر (مات الملك ثم ماتت الملكة) (….) ألا ان الحبكة تعتمـد عـلى السـبـبـيـة . ( مات الملك ثــم مـاتت الملكة حُزناً ) هـذه حبكة . أن مبـدأ السببية أسـاسي للدراما التي لا يجوز أن تـكون محض تسلسل أحداث أو مقاطع غيرمتصلة ببعضها"(1) أي وضع حـدث إلى جانب آخـر بحـيث لايجـد المتلقي صعـوبة فـي عـملية الربـط بيـن المشاهد ، وأماكنها أو أزمانها ، فإن الفـشل سيكون حليف العمل. بمعنى أن تُربط أجزاء العمل مسرحياً ، سينمائياً ، تلفزيونياً على مـبدأ السبب و النتيجة ، أي أن المشهـد يـقـود بدوره الى ولادة مشهد جديد ، أي يؤدي الى مشهد ، وهذا بـدوره يؤدي الى مشهـد أخـر، وهكذا تكون أجزاء العمل أشبه بالسـلسـلة حلـقة مرتـبـطـة بحـلـقـة أخـرى ، حتى النهاية ، شريطة أن تتوفرالأسباب لولادة المشهد اللاحق ، لكي يشُد إنتباه المتلقي من المتابعة لعمله ، بـل كلما كانت الأحـداث تمضي على مبـدأ السبب والنتيجــة ، تحلى العمل بالتوتر والتشويق ، وبذلك يولد عنصرالترقب ، وإذا ما أخذت المشاهد بالتقافـز من محل الى أخـرأو من حـدث الى آخـر، وعدم مراعاة عنصـري السـبب والنتيجة فتكون المشاهد قـد بنيت على الصدفة والعشوائية ، بذلك يفـقـد متعته المتلقي وسيصيبه الضجر والملل ، فإنسجام المتلقي مرهون بالبناء المنطقي لسير الأحداث المستند على السبب والنتيجة ، كما أن ليس من الضروري أن نجسد حدث السبب ثم حدث النتيجة، وأنما من الممكن ومن أجل زيادة التوتر نقـلب المعالجة : امـرأة متوترة الأعـصـاب ، خائفـة ، عيـنيها لم تستـقر في مقلتيها، تظهرخلفها يـد ترتـدي قـفازاَ ترفـع سكـيناً ثـم تطعـن المرأة ، تسقـط المـرأة على وجهها مقتولة ً : (الطعن سبب ، النتيجة قـتل ) وكـذلك مـن أجـل رفـع درجـة التوتر مـن خـلال عنصري السبب والنتيجة لدى الكاتب/ المخرج الكثيرمن أساليب المعالجات منها على سبيل المثال : امرأة متوترة الأعصاب ، خائفة ، عينيها لم تستقر في مقلتيها ، فجأةً تتوقف عينيها عن الحركة ، تفتح فمها بشهقة عميقة ، ثم تسقط أرضاً ، سكين مغروسة في ظهرها، تظهر خلفها يد ترتدي قفازاً : (القتل نتيجة ، الطعن سبب) الأسئلة حول القاتل من هو؟ لماذا قتل المرأة ؟ .
أما المعالجة الثالثة فبين السبب والنتيجة تـدخل بعـض اللقطات خـارج ساحة المشهد الذي تحـدث فـيه الجريمة مثل (تلاطم امواج) ، أو ربما داخـل نـفس البيـت مثل (دقـات ساعة جدارية) لزيادة عنصر التشويق. وهكذا فإن المعالجات لا تخرج عـن ثلاثة أساليب في جميع الأحـوال . لذا على الكاتب أثناء كتابة المشهد أن يعـمل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر سابق ، أرسطو ، فن الشعر، ص148
الفصل الثاني / المبحث الأول (38)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بإحدى التقنيات الثلاثة التي ذكرها الباحث . إلا أن من حق المخرج أن يختار ما يجده مناسباً وطبيعـة رؤياه أو وجهة نظره في المعالجة . ولا يحق لكاتب السيناريو أن يتمسك بوجهة نظـره أو رؤياه فيما كـتبه ، فربما كتب مشهداً بتـقـنية ( الطعـن سبب ، النتيجة قـتل ) وأرادَ المخرج أن يقلب المعالجة إلى (الـنتيجة قـتل ، الطعـن سبب) فهذا الأمرُ متروكاً حسب الرؤيـة الإخراجية ، لأنه في المحصلة النهائية يعامل النص بنسبة كبيرة كفيلم وليس كنص .
* التشويق :
يتوقف العمـل الفني سواء أكان مسرحياً أم سينمائياً على قـدرته في خلـق التشويق لدى المتلقي، ونعني بالتشويق هـو : "جذب الأهتمام إلى الأمام ، والرغبة المُلحة في معرفةِ ماسيحدث فيما بعد، وعندما يكون المُشاهد جاهلاً تماماً بـما سيحدث ، لكنه يتلهف عليه عندما يُخمن جزئياً ما سيحدث ولكن يرغب بشدةٍ في أن يتأكد أو يتردد ، لأنهُ يخاف مـن الحالةِ المتوقعة فأنه يكون في حالة تشويق لأن اهتمامه ينشغل تماماً سواء أكان بأرادتهِ أم من دونها "(1) ، والتشويق يقـوم أساساً على عـنصرِ التوتر ، فبدون هذا العنصرلايـمكن أن يحـدث التـشويق حيث يعرفه ((ويليام آرجر)): " إن جزءاً عظيماً مـن سرِالعمارة الدرامية يكمن في كلمة واحدة هي (التوتر)"(2) فالصنعة الأساسية لأي كاتب سواء أكلن رولئياً أم درامياً ينبغي عبيه أن يخلق ينميها ، يعـمقها ، يحافظ عليها ثم حلها . والتوتر المقصود به هـو"حالة من الشدة الفكرية والأثارة تكون فيها الأعصاب هائجة وضربات القلب سريعة جداً أنه فعـلاً عـامل أساس فـي التشويـق الذي يسمى بالعـصب المركزي أو اللولـب المحرك للدراما."(3) وهذا بدوره يحـتاج إلى عنصرآخر يجعلنا نتابع الأحداث ونتفاعل معها ، وهي أن ننـظرإلى الشخصيات على أنها تمثـلنا ، تـتحدث عـنا ، أن نـتماهى معها .. وهـذا لايتحقـق إلا بالتعاطـف معها ، فـبدون التعاطف لايمكن أن نهتم بما يصيب الشخصيات من كوارث أوأحداث ، قد تغيرمصائرهم ، فالتعاطف يزيد مـن شحنةِ المتابعة والإنصهار مع الشخصيات ، والتفاعل معها وتجعل المتلقي في ترقب دائم ، الذي يخلـق الأمل في تغيرأحوالهم والخوف عليهم .
ومن ضرورات التشويق أن يثيرالأسئلة عن مصائرالشخصيات التي نتعاطف معها فلوأخذنا (أوديب)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ ستيوارت كريفش ، صنعة المسرحية ، المصدر السابق ، ص37
2 ـ نفس المصدر .
3ـ فس المصدر.
الفصل الثاني / المبحث الأول (39)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على سبيل المثال :
أن النبوءة تقول : إن أوديب يقتل اباه ويتزوج امه ولكن السؤال كيف ستتحقق هذه النبؤة ؟ ومتى ستحدث ؟هذه الأسئلة تستوجب الإجابة عليها فالمشاكل دائماً ما تثير الأسئلة . وبذلك يكون التشويق أو حدوثه على ضوء مايلي :
التشويق = احداث ــــ توترــــ تعاطف مع الشخصيات ــــ أسئلة ـــــ إجابة عليهــا .
إن تحقيق عنصري التركيز والتشويق يتوقف على البناء الدرامي المحكم الذي يقوم على السبب والنتيجة ، وأن تكون الأفعال متنامية وتتطور تدريجياً ، لا على شكل قفزات أي بمعـنى أن يولد الصراع نتيجة موقـف معـين ، ثم يأخـذ بالتطـورالمتصاعـد ، النامي تدريجياً ، ثم الدخول بأزمة بل بعدة أزمات تقود الى ذروات بسيطة ، وهي بدورها تقود الى ذروة أساسية ورئيسة تؤدي إلى حل .
إذن فالعملية مرهونة بالبناء الدرامي للعمل الذي يتضمن بشكل عام عناصر وأجزاء الدراما . أن المسرحية هي عملية أدلة على أثبات حقيقة أو فلسفة معينة أوعقيدة ، أوترويج لأفكار سياسية أو دعائية لحركة ما ، أو أجتماعية ، ليس سرداً وأنما من خلال التجسيد (التمثيل) ، إن الدوافع تُكون القصة لذا ينبغي دراستها قبل القصة ، لأن حاصل دراسة مجمـوع الدوافـع تشكل فـي المحصلة القصة ، والقصة بـدورها حاضنة للأفكار، وهي وسيلة لإيصال تلك الأفكار، فالكاتب لايهمه بالمقام الأول القصة بقدرإهتمامه بما يريد إيصاله من أفكار ، ولكن مـن خلال القصة . وهـنا القصة تعـتبر حاوية للأفكار، أو
وعـاء يُقـدم مـن خلالـها الفـكر. وعلـى هـذا الأساس يكـون البـناء الـدرامي لـلمسرحية ، للفيلم / للمسلسل الدرامي التلفزيوني وفق ما يلي :
إن تحقيق عنصري التركيز والتشويق يتوقف على البناء الدرامي المحكم الذي يقوم على السبب والنتيجة ، وأن تكون الأفعال متنامية وتتطور تدريجياً لا على شكل قفزات أي بمعـنى أن يولد الصراع نتيجة موقـف معـين ، ثم يأخـذ بالتطـورالمتصاعـد ، النامي تدريجياً ، ثم الدخول بأزمة بل بعدة أزمات تقود الى ذروات بسيطة ، وهي بدورها تقود الى ذروة أساسية ورئيسة تؤدي إلى حل .
يرى الباحث أن ماتناوله من شرح وتوضيح ودراسة وتقـد ، يصب في حيز مهم من بحثه ـ إذ أن فك بعض ما أبهم والتبس على بعض المهتمين بالشأن الدرامي ، من وجهة نظر الباحث ، يحتاج ما قام به وعسى أن يكون الباحث على صواب .
الفصل الثاني / المبحث الأول (40)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جاء في معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية تعريف البناء الدرامي على أنه :" الجسم الدرامي المتكامل في ذاته ، والذي يتكون من عناصر مرتبة ترتيباً خاصاً ، وطبقاً لمـزاج معين ، لكي يحـدث تأثيراً معيناً في الجمهور"(2)
قام الناقد الألماني ((غوستاف فريتاج)) بوضع مخطط على شكل هـرم سُمي فيما بعد بإسمه ((هـرم فريتاج )) موضحاً فيه البناء الدرامي لأي عمل مسرحي جاد ، وقد وضعه وفق هذا النموذج :
تحليل هرم فريتاج
رسم إيضاحي للتقسيم الذي وضعه ((فريتاج)) ، وفق لفريتاج فإن الدراما تنقسم إلى خمسة أجزاء أو يشير إليها البعض بالمنحنى الدرامي وهي :
1ـ المقدمة
2ـ والحدث الصاعد
3ـ والذروة
4ـ والحدث الهابط
5ـ والخاتمة.
3ـ الذروة
2ـ والحدث الصاعد 4ـ والحدث الهابط
3ـ المقدمة 5ـ والخاتمة.
هرم فريتاج
الفصل الثاني / المبحث الأول (41) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعلى الرغم من أن تحليل فريتاج للبناء الدرامي يستند أساسا على المسرحيات المكونة من خمس فصول ، إلا أنه لا يمكن تطبيقه بسهولة خصوصا على المسرحيات الحديثة التي تنقسم الى مشاهد عديدة قد تصل إلى عدد كبيرمن المشاهد أوأكثر من دون تطورات حادة.
لقد وضع فريتاج هراماً على شكل مثلث ، وراح يقسم الأحداث الدراما على حسب درجات صعود ضلع المثلث من الأرض أو نقطة لأرتكاز المثلث (قاعدته) صعوداً تدريجياً ، كل جزء يمثل حالة من حالات الأفعال الدرامية وفق الآتي :
1- المقدمة ، العرض ، الاستهلال
يطلق ((لايوس ايجري)) صاحب كتاب فـن كتابة المسرحية عـلى هـذا الجـزء بـ (( المقدمة المنطقية )) أو الفكرة الأساسية للرواية ، أو الغرض الذي تهدف اليه ، فقد ذهب المهتمون بالمسرح إلى تفسيرها " بكلمة مشروع ، أو موضوع ، أو بحث ، أو أطروحة ، أو فكرة جذرية ، أو فكرة أساسية او هدف او غرض أو قوة دافعة أو موضوع أو غاية ، أوخطة أو عقدة أو انفعال أساسي " (1)
وسميت بالمقدمة المنطقية لأنها "تشمل على جميع العناصر التي تحاول كل هذه الكلمات أن تصوربها
معاني هذه الكلمة ، ولأنها أقل عرضة لسوء التأويل " (2)
وقد أخذ بعض النقاد يطالب كتاب المسرحيات "بأن يبينوا الهدف الذي يرمون اليه من مسرحياتهم ، وأن يجعلوا هذا الهدف نقطة البداية (....) أن الفكرة الأساسية في المسرحية هـي بـدايـة العمل فيها
(....) المسرحية تفتقرإلى أن يكون لها موضوع ، وهذا الموضوع هو المقدمة المنطقية (...) كيف يمكنك ان تذكر لنا الطريق الذي سوف ما لم تعرف إلى أين أنت ذاهب ؟ والمقدمة المنطقية هي التي سوف تدلك على الطريق " (3)
لذا تعتبر المقدمة المرحلة الأولى من مراحل البناء الدرامي ، وهي المرحلة التي يطلق عليها البعض مرحلة المعلومات " إذ لا بـد التعريف بالشخصيات التي تمثل أقطاب الصراع ولابـد مـن كشف البيئة التي تدور فيها الأحداث وكذلك لابد من معرفة الزمان الذي تقع فيه الأحداث ( .... ) وهنا لابد أن تكون هذه المرحلة مشوقة جداً للحد الذي يتوقع فيه المشاهد حدوث شيء ما في أي لحظة من لحظاتها ذلك أنها تمثل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-لايوس ايجري في كتابة المسرحية ترجمة : دريني خشبة ، مؤسسة فرانكلين الطباعة والنشر / القاهرة 1946 ، ص 45 .
2- نفس المصدر ، ص 45 - 46 .
3 ـ المصدر السابق ، ص 46 -47 .
الفصل الثاني / المبحث الأول (42)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البداية في العمل الفني الدرامي ، أي أنها تمثل الضربة الأولى في العمل التي من شأنها أن تمسك بالمشاهد (....) ولأن هذه المرحلة تخلو من الصراع اذ أنها تهيء لأنطلاق"(4)
هذا يعني معنى المؤلف الدرامي أن يضع في حسبانه عند بدء العمل أن يرسـم هدفه الذي ينبغي الـوصـول أليـه وأن يـوفـر لـه الظروف الملائمة للكشـف عـن الشخصيات ونوع الصراع والبيئة المكانية والفترة الزمانية التي سيعالجها في عمله على أن يقدم كل ذلك باسلوب لايخلو من التشويق .
المدعـوم بعنصر الترقـب والـتـنبؤ بحدوث شيء ما ذا أهمية فـي مجـرى أحـداث العـمل اـذي ينوي
تقديمه فالمقدمة المنطقية تعتبر الشرارة الأولى في أشتعال الصراع وتوالي الأحداث وتوالـد الأزمات
حتى بلوغ الذروة ومن ثم الحل بأسلوب مبني على السبب والنتيجة .
2ـ نقطة الانطلاق ، أو أنطلاق الحدث
يعرف أرسطو هذا الجـزء بأنـه ((هــو كل النـشيـد الأبتدائي للجوقة)) ، ويعلـق ((أبراهيم حمادة)) عليه بالقول : هو " الجزء الذي يلي المقدمـة فـي التراجيديا .. وأذا لـم تـوجـد المقـدمـة فيعتبر بالتالي الجزء الأول في التراجيديا والمدخل عبارة عن أنشودة تؤديها الجوقة وهي تدخل إلى مكانها في الأوركسترا الأول ومن المهم أن يضع المؤلف الدرامي في حسبانه أنه لا يمكن الاعتماد فقط على بداية الحدث مهما مُهد له ، أو عمل على بنائه .. لأنه أشبه بالوعد من المؤلف للمتلقي .. وعد بأنه " كشف الصراع ، مـرة .. وتظل باقيـة فيهـا إلى أن تنتهي المسرحية .. ويضمن الشاعر هذا الجزء بعـض الخيـوط الأوليـة لأحـداث المسرحية .. كمـا يـهـيـئ مـن خـلالـه الـجـو النفـسـي الـذي سـيسـود الوقائع . " (1)
هـذا الجزء هكـذا تتم معالجتـه سـواء ما قبـل أرسطو ، أو خـلال حياته ، أما في العصر الحديث لا يعالج
بهذا النهج ، أو الأسلوب ، إذ أن الانشـاد يكـون أختفى فـي العرض المسرحي ، ولنأخذ مثلاً مسرحية
((بيت الدمية)) للكاتب النرويجي ((أبسن)) ، فأنطلاق الحـدث فيها ، يبدأ مـن دخـول شـخصية كريمستاد على حياة العائلة وتهديداته لـ (نورا) إذا ما تدخلت ، وأقنعت زوجها بإرجاع إلى عمـله في البنك ، فسيكشف كل أسـرارها التي تتعلـق بتزوير وثائق السلفة مـن البنك ، ووثائق العلاج .. فبداية أنطلاق الحدث " هي اللحظة التي يبدأ الحدث فيها بالتصادم " (2)
مـن الصعوبات التي تواجـه الـدارس ، أو الناـقد الدرامـي ، هـي كيفـيـة الفصل بـداية الفصل عـن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ أرسطو ، فن الشعر ، تر ، أبراهيم حمادة ، ص 156.
2ـ مثدر سابق ، أبراهيم حمادة ، طبيعة الدراما ، ث156 ،
الفصل الثاني / المبحث الأول (43)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العرض كتب ((ف. ساختو فسكي)) : "أن هذين العنصرين معاً يشكلان ((منابع الفعل الدرامي))
العرض في المسرحية الجيدة ـ اعتيادياً ـ يكـون فعـالاً وحيـويـاً وبشكل عفـوي يتسلل إلـى بـدايـة
الحدث "(1) .
أعتبر (( فريتاج )) بداية الحدث هي اللحظة الأولى في " الحركة أشكالية النضال الدرامي ، في هذا
المكان أتخذ الأبطال قرارهم وبدأوا النضال " (2)
ويعترف هيجل بصعوبة تحديد أين يجب أن يبدأ الفعل بالتحديد على الرغم من وجود تفاصيل سابقة
للحدث وأعني المقدمة المنطقية ، لأن كل شيء لـه بداية " فبدايـة الحـدث المقنعة المُحكمة سابقة للحدث
وأعني المقدمة المنطقية ، لأن كل شيء لـه بداية " فبدايـة الحـدث المقنعة - المُحكمة تقرر وتحسم القسط
الأكبر من القضايا القائمة أمام المؤلف عند كتابته المسرحية ، لكن الشائع هـو : أن بداية الحدث المهمة ،
بالمقارنة مـع العناصر التأليـفية الأخرى ستتوفـر بسهولة عـند تكثيف المشاكل في الـذروة، وعند حركة
الفعل باتجاه الحل "(3) ظهور الشخصيات والقناعة بالحل ، كل هذه الأمور تبين فيما اذا كان هذا
((الوعد)) قد نُفذ من قبل الكاتب أم لا " (4)
من كل هذا نستنتج ، أن من أكثر الصعوبات التي تواجه المؤلف الدرامي هي : تأليـف الفصل الأول
خصوصاً ، ولكن حتى هذا نسميه (( حسب هيجل )) :" بداية شيء ما يمكن أن يكون نهاية لشيء آخر،
ذلك الذي - من أحد الجوانب يظهر كبداية يمكن أن يشاهد من الجانب الآخر - مجدداً كنتيجة لعلاقات
مبكرة جداً "(5) ، ويردف هيجل حجته بالقول : " ينبغي ألا يبحث عن الفعل في بداية ذكر عملية ـ أنمـا
يجـب أن تستوعب الحيثيات - الظروف التي تنجب الأصطدام المحدد بدقة " (6)
مثال : هل يحب زوجته ، يعشقها ، تبادله حبا بحب ، ثم يكتشف الرجل أنها تخونه ، مـن هـنا ، من هذه
اللحظة دخلت بداية الحدث .
_________
1- عبد الباسط سلمان ، التشويق ورؤيا الاخراج في الدراما السينمائية والتلفزيونية سنة 2001 ، ص 22-23 .
2- فن الشعر ، مصدر سابق ، ص156 .
3- ابراهيم حمادة ، طبيعة الدراما ، دار المعارف ، القاهرة ، 1977 ، ص20 .
4- نظرية الدراما ، مصدر سابق ، ص 219 .
5- طبيعة الدراما ، مصدر سابق ، ص 20 .
6ـ طبيعة الدراما ، مصدر سابق ، ص 2
الفصل الثاني / المبحث الأول (44)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مثال آخر: بداية الحدث في مسرحية ((الملك لير)) لـ(( شكسبير)) هي حرمان أبنته((كورديليا)) من
أرث مملكته .
في مجال الكتابة المسرحية، ينبغي أن تكون بداية قوية ، مبنية بناءاً حرفياً ، حاذقاً ، تسوده المنطقية
والمعقولية ، والسببية ، باسلوب مغمـور بعنـصـر التشويق ، والحتمية لا العشوائية ، أو المصادفة ؟
الفصل الأول الشرارة التي تشعل الأحداث ، تولد الأزمات ، وتكثرالأصطدامات ، وتقود إلى الذروات
التي يصل إلى قمته ثم يهبط نحو الحل .
3- الحدث الصاعد :
في كتابه (( طبيعة الدراما )) يعـرف الـدكتـور إبراهيم حمادة هـذا الـجـزء بأنـه " سلسة من الأحداث تقود إلى جملة من الأزمات تتمركز في ذروة التأزم " (1)
اما الناقد والكاتب المسرحي الامريكي (( لايوس ايجري )) يثيره عدة تساؤلات حول نقطة الهجوم ، أو ما يسمى (( بالتصادم )) ومن هذه التساؤلات : " ما هي نقطة الهجوم ، أن الستار عندما يرتفع لا يلبث الـجـمـهـور أن يتشوق إلى معرفة هؤلاء الـواقـفـيـن فـوق خـشـبـة الـمـسـرح مـن هـم ؟ .. وماذا يريدون ؟ .. ولماذا يقفون فوق المنصة هكذا ؟ .. وما هي العلاقات التي تربط بينهم ؟ " (2) هذا التساؤل يقودنا إلى ان اي شخصية تقف على المسرح ، وخصوصاً الشخصية الرئيسية ينبغي أن يكون لها هدف، لأن الهدف هـو المحرك الأساسـي لوقـوع الأحداث ، لأنـه محـفـز نـحـو التغيير والتحول .. ومما لاشك فيه ، أن الهدف هو الحاجة لتحقيق رغبة ، أو طموح ، وهذا لا يتحقق دون وجود محفزات ، وهذه المحفزات تحتاج إلى مجازفة ، أو مغامرة لتحقيق الهدف ، أو الحاجة لتغيير حياته .. وهنا يبدأ الصراع ، في أوله داخلي نفسي ، ثم بعد ذلك ظاهري على هيئة سلوك ، ربما يكون مشروعاً ، أو غير مشروع .
مثال: (3)
(( أوديب )) قراره في البحث عن قاتل الملك (( لايوس )) يعتبر نقطة الهجوم .
مثال : (2)
((ماكبث)) قائد عسكري بطـل حقـق الكثير من الانتصارات ، بظهـور ((الساحرات)) ونبؤاتهن بانه سوف يصبح ملكاً ، تستحوذ هـذه النبوءة على نفسه ، وتشغـله ، وتسلب لبـه ، أنه حلـم ، رغبة جامحة أن يصير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2ـالمصدرالسابق، ص 284.
3- نفس المصدر ، ص 284 (أنظر) هيجل ، علم الجمال ، 1967 ، 380
الفصل الثاني / المبحث الأول (45)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملكاً ويجاهـد في صراع مرير نفسياً تجاه هـذه الرغبة ، وبـمـحـفـز ودفـع مـن زوجتأه ((الليـدي ماكبـث)) يندفـع كسلوك ظـاهري يترجـم دوافعـه النفسية (( الداخلية )) حتى يغتال الملك الشرعي ، فتأخذ الأزمات تتلاحق عليه حتى تبلغ ذروتها .
مثال : (3)
((فاوسـت)) سـواء كـانـت ل ((جـوتـه)) أو ((مارلـو)) أو ((جان فـاليري)) ، أو كمـا عـالجها الكاتـب الأسبانـي (( الیخاندرو كاسـونـا )) فـي مسـرحيـة ((مركب بـلا صياد الشخصية اتخذت قراراً خطيراً لتحقيق هدفها)) ، حـيـث تبـدأ نقـطة الهجوم عندمـا يبيع (( فاوست )) نفسه للشيطان ، هذا يعني في الأمثلة سالفة الذكر ، أن أن هذه الرغبات الكبيرة لابد أن تصطدم مع قوة مضادة تعرقل تحقيقها ، فتنشب الأزمات ، وتقود إلى صراع محتدم ، لأن الهدف لابد أن يتـرتـب عليـه تحول في مصير ، وحياة الشخصية ، أما نحو الأفضل ، أو نحو التعاسة .
ومن هنا فـأن على المؤلف أن يضع في حسبانه " أن المسرحية يجب أن تبدأ من أول سطر تنطق به أحدى الشخصيات (....) تكشف عن نفسها وطبائعها في سياق الصراع (....) فمهما تكن المقدمة المنطقية ومهما يكن تكوينك لشخصياتك ، تذكر أن السطر الأول يلقى مـن فـوق خشبة المسرح يجب أن يكون بدء الصراع ، و أن يكون هو نفسه الدافع الخفي - غير المنظور - نحو إقامة الدليل على سلامة المقدمة المنطقية "(1)
كما يتضمن هذا الجزء ((الحدث الصاعد)) الكشف أوالتعرف ، اكتشاف اشياء لم تن معروفة من قبل ، اي انها ظهرت بعد وقوع أحداث وصدامات بين أطراف الصراع .. وقد تم توضيح هذا الجزء في البحث صفحة ((15 -17)) وما بعدها ، وبالامكان الرجوع اليها .. كذلك يتضمن هذا الجزء ،((التنبؤ والتلميح)) وهو " تقديم كلمة ، أو اشارة ، أو فعل بهيء الذهن لما يمكن أن يقع في المستقبل ، فالشخص الذي يجن في نهاية المسرحية ، لابد وأن يحدث مـا يمهد لذلك في بدايات المسرحية " (2)
اما التعقيد فأيضاً يتضمنه هذا الجزء و أعني بـه (( الحدث الصاعد )) وهو" قد يقع أثناء تطور الأحداث ما يعرقل سيرها الطبيعي ، كـاصطدام البطـل بـشـيء معـارض يدفعه إلى التصارع معه ، وعلى هذا فأن العقيد هو نتاج العامل الذي يتدخل في سير الحدث لتغيير مجراه "(3)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
4ـ نفس المصدر .
1ـ فن كتابة المسرحية ، مصدر سابق ، ص 326 .
2ـ مصدر سابق ، طبيعة الدراما ، 21.
الفصل الثاني / المبحث الأول (46)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن أهم عناصر هذا الجزء هي ((الأزمة)) التي تقود الشخصيات إلى خلق الأحداث وتكوين الصراعات ، التي بدورها تأتـي نتيجة أزمات صغيرة ، فالمسرحية بطبيعتهـا تـتـكـون مـن عـدة أزمات ، أي من لحظات توتر تأتي نتيجة صراع القوى المتضادة ، التي تعنـي تـصــادم الأرادات ، أو.الأفكار، أو الرغبات ، وبالتالي تذهب إلى الذروة ، أي ذروة الصراع ، الذي لابد و أن يتمخض عن هبوط الحدث ثم الحل
4- الذروة :
جـاء فـي كتـاب معجم المصطلحات الدراميـة بـأن الـذروة هي " تركيب الأفكار ، والأحداث ، والكلمات واحدة فوق الأخرى في شكل درامي يصل في المسرحية إلى نقطة حاسمة معقدة تحتاج إلى تفجير. في هذه النقطة أو الموضع بالقطعة الدرامية التي يصل فيها التأزم إلى قمته ، يعظم الأهتمام ويزداد التأثير العاطفي .. وعادة ما يحدث تحـول فـي مجـرى الـحـدث بعـد بلوغه ذروة تأزمه .. وقد تحتوي المسرحية على ذروة تأزمية أساسية على جانب عدة ذروات ثانوية .
وفي مسرحية (( بيت الدمية )) لـ(( أبسن )) نجد مثل هذه التأزمات الذروية( أ ) کروجستاد يهدد نورا بإفشاء سرها أن لم يعد زوجها إلى العمل .
( ب ) كروجستاد يكتب إلى الزوج خطاباً بما حدث بينه وبين نورا .
( ج ) الزوج يقرأ الخطاب ... ألخ ."(1)
وتؤكد النافذة الروسية ((سنيشينا يانوثا)) حول الذروة يقول : " بعد بداية الحدث يتحرك الفعل - في الدراما ـ بانـدفـاع متصاعد نـحـو أنفجـار الـتـصـادم فـي أعـلـى نقطة من الصراع ، هذا يعني إلـى الذروة "(2) هذا يعني أن الذروة حسب فهم (( سنيشينا يانوثا )) " تمثل الذروة اللحظة العظيمة جداً بعـد التوتر الدرامي ويرتبط بدرجة عاليـة جـدأ - توجيه الفكرة إلى المتفرج - بالذروة ، كما أن القيمة الحقيقية للصراعات والشخصيات سوف تكشف ضمنها تماماً "(3)
في الكثير من المسرحيات تتضمن الثروة مشهد بأكمله ، وبعض المسرحيات الذروة تتضمن عدة مشاهـد ، وفي كلـتا الحالتين ينبغي أن تكـون مـن عـدة عناصر أهـمها " تصميمها الروحي وتعبـيرها
الخارجي ودوافعها النفسية ، وهي تكشف جوهر الأبطال وأهدافهم . قد لا تكـون الذروة ظاهرة بشكل مباشرالاأنها ستبقى دائما نقطة القمة في النضال "(4) إذ أن بعد الذروة لا بد وأن يحدث التغيير ، والا كيف تصاعدت الأحداث ، واحتدم الصراع ، إن لم تصل كل هذه الأفعال وحينما تكون نحو التغيير بإحـدى
الفصل الثاني / المبحث الأول (47)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شقيه أما نحو السعادة ، أو الشقاء ، فليس بعد الذروة ألا هبوط الحدث ، الذي بدوره يقود إلى الحل حيث أعطى شكسبير الل بعد الذروة مباشرة وقد تجسد ((بمقل دزدمونة)) اذروة . (( أنتحارعطيل)) الحل
. أما في بعض المسرحيات فتمتد الذروة عدة مشاهد ثم يأتي الحل ..... مثال ( 2 ): (( هاملت )) حيث تستغرق الأحداث فيما يتعلق بالذروة عدة مشاهد ، وهذا ما يعطي الحجـة الدامغة لـ(( فريتاج )) صاحب
(( الهرم )) فـي البناء الدرامي .. إذ يقول (( بعد الذروة يحصل ( هبوط في الفعل ) بهدف الترويح
مثال (1): (( عطيل )) عن المتفرج والممثل - هبوط الفعل - )) لذلك نرى أن الحدث أو الـفـعـل يـأخـذ بـالـهـبوط تدريجياً وربمـا يفاجـئ المتلقي بحـل غـيـر متوقع .. أو لم تشير الأحداث إلى أنه الحل الذي بنته الأفعال أو الأحداث أو المواقف وهذا نجده في الكثير من المسرحيات الرومانسية اما المسرحيات الواقعية فالأمر مختلف تماماً فكل الأحداث تقوم على الحتمية والسبب والنتيجة .
5- الحل :
وكذلك يعرف (( ابراهيم حمادة)) في كتابه معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية في صفحة 135 وتحت تسلسل 171 من المصطلحات ، وكذلك في كتابه طبيعة الدراما صفحة 22 بأن الحل (( هو نهاية سقوط الفعل بعد وصوله إلى ذروة التازم (أنظر) .. أنـه محصلة الأحداث المسرحية المتوترة ، وعلى هذا فهـو وقوع الفجيعة في المأساة ، والنهاية السعيدة في الملهاة . انه المنظر الأخير الذي تفشى فيه الأشياء التي ظلت مجهولة ، وتحـل القضايا التي كانت معقدة . ومن خصائص الحل المرضي في أية مسرحية تقليدية : الوضوح ، والمعقولية .. اما (( سنيشينا يانوثا )) فتعرف الحل بأنه " العنصر التأليفي الأخير ، فهو صعب جدا بالنسبة إلى المؤلف لأنه ـ في هذا المكان ستطرح ثانية - مراجعة حقيقية للصراع ومنـطـق الشخصيات ، الـحـل هـو حـسـم النضال ، أنـتـصـار طـرف واحـد من الأطراف ، الـبـرهـان عـلـى فـكـرة معينة.. هـيـمـنـة مـبـدأ واحد ( .... ) الحـل هـو غـلـق صراع معـيـن أمـا الـنـهـايـة فـتـعـطـيـه اطـاراً أوسـع وتضم أمكـانـيـات جديدة " (1)
ونستنتج من هذا كله أن الحل هو بيان كيفية المسار الطبيعي المبني على الحتمية والسببية والنتيجة المقنعة لمــسـار الأحداث اي أنه المعيار الذي يبين الصدق الفني في عملية بناء الصراع وتصادم الرغبات والأهداف وبيان انسجام أجزاء عناصر البناء الدرامي .. وكلما أبتعـد الحـل عـن القدريـة يكون أفضل لو يتم على يد الأنسان ، لكون الصراع أسااً هو صراع إرادات وأفكار وغايات انسانية والغايـة مـن مشاهدة الأعمال الدرامية هي بالمحصلة النهائية بالإضافة لكونها تحقق المتعة فأنها في جانب كبير لهـا وسـائلها في التعليم والتربية وزيادة الخبرات الانسانية لدى المتلقي فابتعاد المؤلف عن تدخل القدر أو الآلهة في
الفصل الثاني / المبحث الأول (47)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقرير المصائر يدفع الأنسان إلى النضال والجهاد من أجل تحقيق غاياته بعيداً على الاتكالية والسكون والتسليم للقوة الغيبية .. فالانسان هو خليط في قدرته في اختيار ما يجده مناسباً وليس تفرض عليه الحلول فرضاً .
6ـ الفاجعة
وهو الجزء الأخيـر حـسـب (( هرم فريتاج )) وهـذا كـان كُـتّـاب الدرامـا الأغريقية الكلاسيكيين يضعوه في ختام أو نهاية المسرحية .. وقد فرض هذا الجزء على المسرحية بدافع العقائد الدينية الأغريقية التي كان يتعبد بها الشعب حيث تتدخل الآلهة بالمصائر البشرية ، أي (( القضاء والقدر الذي مهما حاول الأنسان الأفلات لن يتمكن ، اي أن الانسان ليـس مخيراً في تقدير مصيره ، بل محكوم بقـوة غيبية تتحكم بحيـاتـه ، بأحزانه ، بأفراحه بمصيره المحتوم الذي لا يمكن تغييره .
وقد عرف هذا الجزء بأنه " هـو الحـدث المؤسـف الـذي ينهي الصراع المـحـتـدم فـي مـوقـف درامي ، وخاصة في المسرحية المأساوية . وليس من الضروري أن ينتهي الصراع بفجيعة تتمثل في موت البطل . ففقئ أوديب لعينيه ـ مثلاً ـ هو نهاية فجيعة لصراعه حـول أكتشاف حقيقة قاتل لايوس ،
وحقيقة وضعه الأجتماعي الشاذ "(1)
أما في الدراما المعاصرة ، فقد حذف هذا الجزء من أجزاء البناء الدرامي ؛ بسبب التقدم العلمي ، وتوسع مدارك الأنسان ، ونضاله من اجل حريته ، وثوراته التي غيرت الكثير من مصائره ، جعلته يندفع ويحطم القيود الغيبية ، وأتكل على نفسه ، وأخـذ يصنع مصيره بنفسه .. لهذه الأسباب وغيرها .. انحرفت الدراما بهذا الجزء ولفظته خارج ((هرم فريتاج)) الذي ختم فيه هرمه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ ، 1مصدر سابق ، معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية ،
الفصل الثاني / المبحث الأول (48)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يرى الباحث أن المسرحيات تعالج بنائياً بهذا الأسلوب تفصيلياً :
الذروة
ازمة العقدة الرئيسية (العقدة الثانية) التحول
العقدة الرئيسية (العقدة الثانية)
ذروة الحدث الاول (العقدة الاولى) الحل
ازمة الحدث الاول (العقدة الاولى)
انطلاق الحدث (العقدة الاولى)
الشرارة الاولى
المقمة ، العرض ، الاستهلال النهاية حزينة
تعريف الشخصيات ، الظروف او سعيدة
المحيطة بالأحداث
شبكة الأحداث والعلاقات
أنطلاق الحث (الشرارة الأولى)
صدمة أحداث خلافات وقوع مختلف حدث واقعية طبيعية
ـــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ نفسية ـ غرائبية ـ عاطفي ـ عائلي ـ طبيعية (زالزال،أعصار،فيضان،حريق)
ـ موقف ـ عجائبية ـ أجتماعية ـ سياسية ـ غير طبيعية (وباء،حروب خارجية،حروب
ـ خصومات (شركاءعمل تنافس) أهلية،أرهاب،مخدرات،عصابات سرقة)
ـ ثم تنبثق العقدة الثانية وهي الرئيسية : مضمنة مجموعة من الأحداث الفرعية والمواقف والصراعات بين الشخصيات ، حيث لكل فعل أزمة ، وهذه الأزمة تنفتح على أومة أخرى ، وأزمة ثالثة ورابعة وخامسة جميعها تصب في العقدة الرئيسية ، حتى بلوع الأزمة الكبرى تثم يحث التحول يعقبها الحل ، والنهاية اذا المسرحية تراجيديا تكون النهاية مأساة ، واذا كوميديا فالنهاية مفرحة .
*ملاحظات بنائية : ـ لكل مسرحية عقدتان ، الأولى فرعية ، وتمثيل الشرارة الأول لأنطلاق الأحداث، حث بسيط يتطور من خلال أزمة ثم ذروة ، الذروة تقود الى حدث أخر، ليس لها حل ، وأنما تنطلق العقدة الثانية وهي الرئيسية من خلال أزمة العقدة الأولى .
ـ هاتان العقدتنا تنظمهما الحبكة ، حيث تكون أحداثهما مبنية على السبب والنتيجة .
الفصل الثاني / المبحث الثاني (49) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل الثاني
المبحث الثاني
الفيلم السينمائي .. الشكل الفيلمي
أولاًـ العلاقة بين الأدب والسينما
ثمة سؤال طالما ظهرعلى صفحات الكتب النقدية ، أو المجلات التي تهتم بالشأن الأدبي أو السينمائي ، السؤال : لماذا تعتمد السبنما على الأدب ، مادام لديها مايكفي من كتاب سيناريو، وأحياناً يُطرح بهذا السياق : لماذا يحول النص الأدبي للسينما ؟
أنه سؤال يستحق وقفة دراسية ، إذ أن الأدب يعتمد الكلمة ، لبنما السينما تعتمد الصورة ـ الصوت .. ولكل من هذين الوسيطين عناصره ، وأساليبه الدالة عليه .
والباحث بتسأل : هل الدوافع تكمن في المعالجة السبنمائية ، أم لأهمية الأعمال الأدبية ، وماحققته من نجاح حتى ذاع صيها وشهرها في الأوساط الثقافية والأدبية ، وكذلك عامة الناس. هل أن نجاح هذه الأعمال فيما لو تحولت ونُفخت فيها الحياة ، وتحركت الشخصيات ، بدمها ولحمها ، ولاذت بالصمت المعبر عما يجيش في النفوس من إنفعالات ، ومرارة وأشجان ، وأفراح وأتراح ، أم صراع الأفكار الظلامية مع ىدوافع الخير؟.
بما أن السينما هدفها الأول جاري ، فلِما لايُستثمر هذا الجان ، ويتم تحويل الأعمال التي حققت نجلحاً واضحاً ، أو التي نالت الجوائز المحلية أو الأقليمة أو العالمية (نوبل) وأستثمارها كونها حصدت الجوائز ، ولفت الإنتباه ، ,أحتضنتها الأكف صفسقاً ، وداعبها الخيال ، وتحولت الكلمات في الذهن الى صور.
الأسئلة كثيرة ، والأجابات عليها أكثر . ولكن المهم أن نصل الى قناعات ومبررات ـ على الأقل ـ تكون مقنعة للمتلقي وللباحث ، وطالب العلم .
يرى الباحث أن الأجابة على هذه الأسئلة ، تكمن في : تعدديت القراءات هي أباحة الأدب والأديب ، وتعدديت القراءات تعني تعدد المتلقين ، الأدب يأوي الأفكار بين حناياه سطوره كما يضم وينظم المجازات المجازات ، والأشارات ، والأستعارات ، والعلامات . كذلك السينما تتعانل مع نفس الأدوات ، لِما تتضمنه من لغة غنبة بالرموز، والعلامات (دال ومدلول) التي تقود الى معلنٍ تفجرها ذهنية المتلقي ، وتذهب الى مديات تصل ال{ أبعد مما يروم المؤلف اليها ( وفق المنهج التفكيكي )
الفصل الثاني / المبحث الثاني (50)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكثيرمن مخرجي السينما ، الذين عارضو أعماد الشسنما على النتاجات الأدبية ، من أمثال المخرجلفرنسي (( الآن رينيه )) وكذلك المخرج السويدي (( إنجمار يرجمان )) وأكدوا على ضرورة أستقلالالسينما عن الأدب " يجب أن نتجنب عمل الأفلام من الكتب "(1)
بينما هناك مخرجون على العكس تماماً ، مماذهب اليه أولئك الدعاة الى القطيعة مع الأدب ، حيث عمدوا الى أقتحام أسرار النصوص العالمية ، التي أثبتت عظمة وتطور أساليب السرد ، وظهور تيار الوعي ، والأساليب الحديثة في قن كتابة الروايات ، جعلهم يخوضون المغامرات ، وحققوا النجاحات بدءاً من تناول روائع (( شكسبير، ديستوفسكي ، كافكا ، وليم فوكنر، أبسن وغيرهم )) بل وحتى الأدب الأسطوري وخصوصاً حروب طروادة المأخوذة عن ((ألياذة)) هوميروس .
إذن هناك أتجاهان :
الأول : يدعو الى الأعتماد على الأمكانيات الذاتية لصناعة السينما في الأنتاج الفيلمي .
الثاني : يدعو الى مد الجسور، وقيام علاقة مع الأدب ، ويعتمده مصدراً من مصادر السينما .
ولكل داعي مبرراته . الأول : يؤمن أن للسينما إمكانيات وقدرات تعبيرية تصل حد ولوج
كوامن النفس وخباياها المظلمة ، وسبر أغولرها وإمكانياها على أن تصنع أدبها بنفسها .
أما الطرف الأخر : فإنه يؤمن بأن :" مهمة العمل الروائي بشكل عام ، والفيلم الروائي بشكل خاص هي : عرضه قصة خيالية تصور أفكارأفراد من البشروأعمالهم ، ويجب أن يكون في وسعنا تلخيص جوهـر العمل الروائي قي بضع عبارات تروي حوادثه "(2) وبفضل التطور حيث أنه بفضل التقنيات الرقمية والبرامج ، تم غزو الفضاء من خلال روايات الخيال العلمي، حيث السفرالى مغامرات الفضاء مثل(أوديسا الفضاء2001) و(واقع بين النجوم Interstellar 2014) (اول رجل First Man 2018 ) ، وهناك أفلام تتحدث عن غزو الفضاء للآرض مثل ( معركة السفن battleship 2012) و المكان الهادئ Quite Place 2018) و (الكاوبوي و الفضائيين Cowboy & Aliens 2011) وغيرها من
كما أن ليس السينما وحدها قد أعتمدت الأدب ، وخصوصاً الشعر والمسرح والقصص تبعاً ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ــ محرم ، مصطفى ، العلاقة بين الفيلم الروائي والأدب ، مجلة فنون ، القاهرة ، 1984 ، ص 12.
2ـ لندجر،أرنست ،تر، صلاح التهامي ، مؤسسة كامل منتدى القاهرة ، 1959، ص31.
الفصل الثاني / المبحث الثاني (51)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأعمال التي حصدت الجوائز العالمية في مجال السينما لأبداعاتها ، بل أعتمدت الفنون الأخرى عليه ، فبأستطاعة الأدب :" أن يغدو موضوعاً للرسم أو الموسيقى ، وبخاصة الموسيقى الصوتية ، كما أن الأدب ، وبخاصة الشعر الغنائي والمسرح قد تعاونا حميمياً مع الموسيقى " (1)
يقول الباحث ((عقيل مهدي)) : " عادة مايبحث (المخرج) في (الموروث) الأنساني والقومي عن الصورة ، أي في الذاكرة الموضوعية : للتأريخ والمجتمع والطبيعة ، وفي الذاكرة الذاتية : لموهبته الشخصية وأصالته ومرونته وطلاقته متفحصاً في ـ مخيلته ـ تضاريس (الصورة) يبتدعها بعد أن قلب صفحات الأدب ) ونتاجات (الفنون التشكيلة) ، وأستمع الى روائع الموسيقى وشاهد (الأفلام) و(عروض المسرح) إذ يشكل التراث المسرحي ، والملحمي ، والغنائي مقدمة منطقية هامة ، يفيد منها (المخرج السينمائي) في كابة السيناريو ، مع بقاء النموذج السينمائي منفرداً في تجربته الفنية الخاصة ، حيث كون السيادة للصورة ، وحتى (كلمات الحوار) قي سيناريو الفيلم تكون مشحونة بـ (الصور) أيضاً "(2)
نستشف مما تقدم الى:أن علاقة الأدب بالسينما علاقة تناصية ، مصدرية ، تبادلية ، تكاملية بين جنسين أدبي وفني ، وفق ىنطرية (تجنيس السيناريو) الذي تناوله الباحث ((طه حسن الهاشمي)) حيث يقول :" فالسينما لاتلجأ للادب فقط ، إنها تلجأ للصحافة زالى الأريخ ، والى الحوادث الجارية ... وغيرها ، وكل من هذه المجالات الي يرتادها الفيلم ، تجلب له الثناء والهجاء على وفق الذوق السائد والثقافة المهيمنة وغيرها."(3)
لاتتوقف العلاقة عند هذا الحد ، بل هناك تشابه وأختلاف بين الأدب وخصوصاً الرواية والسينما وقد قام الباحث ((جهاد نعيسه)) بعملية أطلق عليها توازن ، حيث يقول : " يمكن أن نوازن بين الرواية والســينما موازنة موجزة، وبشــيء من التصرف، فيما يأتي :
ـ إن كلا من هذين الفنين يقومان على السرد التخييلي..
ـ إن كلا منهما يتخذان من الإنسان مدارا أومحورا لهما عمل.إن كل منهما يحتفيان بالبعد التاريخي للسرد، من حيث كونهما يحللان الشــروط التاريخية البشــرية العامة أو الخاصة في فترة زمنية معينة."(4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ وارين ،أوستن و ويليك رينيه ، نظرية الأدب ، تر، محي الدين صبحي ، مطبعة خالد الطرابيشي ، سوريا،1972 ص161 2ـ مهدي ، عقيل يوسف ، جاذبية الصورة السينمائية ، دار الكتاب الجديد، بيروت، 2001 ، ص 12ـ13 . . 3ـ ـ الهاشمي ، طه حسن عيسى ، تجنيس السيناريو،الدار الثققافية للنشر،القاهرة ، لم يذكر التأريخ ، ص 149
4ـ نعيسه، جهاد ، الرواية والســرود السـمعية البصرية ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. الكويت 2004، ص: 164
الفصل الثاني / المبحث الثاني (52)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه بعض نقاط الائتلاف الواضحة بين الرواية ، والفن السينمائي . إلا أن هناك ـ أيضاً ـ نقاط أختلاف بينهما ويمكن حصرها بما يأتي:
"1- إذا كان السرد الروائي / القصصي يعتمد على اللغة المكتوبة ، فإن السينما تعتمد على اللغة السمعية البصرية التي تخضع لبناء حركي.
2- إذا كان الزمن في الرواية أو الفن القصصي متحررا من حيـث الطول، أو القصـر، فإن الزمن في السينما محكوم بفترة عرض الفيلم.
3- إن زمن الوصـف يطول في الرواية، ويقصر في السينما. - إن الإبداع الروائي أو القصصي فـردي، خلافا للإبداع السينمائي الذي لا يمكن أن يتم إلا بوساطة جماعة من الممثلين والمصورين فضلا عن المخرج، وهنا نستثني سرود المطولات الشعبية التي اشترك في تأليفها مجموعة من المبدعين المجهولين عبرالعصور."(1)
هذا يعني أن الأدب وسيلته التعبيرية (الكلمة) هي الوحدة الأساسية للرواية ومنها تولد الجملة والفقرة والفصل أما السينما فوسيلتها العبيرية (الصورة) ، هي الوحدة الأساسية للفيلم ومنها يولد (الكادر) و (اللقطة) و(المشهد) . لذا فبأمكاننا القول أن الرواية (فن السرد بالكلمة) وأن الفيلم (فـن السرد بالصورة) ، إنه التفكير بلغة الصورالمتحركة والصوت ، وهذا ماجاء منسجماً مع تعريف ((سد فيلد)) بإن السيناريو " قصة تروى بالصور "(2) ، أما ((بول روثا)) فإن تعريفه للسيناريوأكثر شموليه من تعريف ((سد فيلد)) إذ عرفه على أنه :" كتابة الكلمات التي تصل في النهاية الى الشاشة شكل صورمرئية وكلمات وأصوات ، تعتبر من الأمورالتي تحتاج الى مهارة أكثر من إدارة الالأت التي تستحدم في هذه العملية "(3)
من خلال ماتقدم يتضح أن العلاقة بين الأدب والسينما ، علاقة تكاملية نفعية تبادلية . حيث أن السيناريو يجمع بين لغة الأدب : حوار ، سرد بالكلمات . واللغة السينمائية ، لغة الصور والرموز والعلامات (دلالات ، ومدلولات) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المصدر السابق ، جاد تعيسه ، 192.
2ـ مصدر سابق ، سد فليد ، السيناريو ، ص
3، روثا ، بول ، فن التلفزيون ، ص 40 .
الفصل الثاني / المبحث الثاني (53)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2ـ البناء واللغة الدرامية سينمائياً :
كل ما ورد في المبحث الأول من مفردات البناء الدرامي ، فأن البناء السينمائي يعتمد عليه ، ويستند ، إذ أن كافة عناصرالبناء الدرامي المسرحي ، هي نفسها عناصر بناء سينمائي . إلا أن معالجات السينما ووسيطها يختلف . المسرح من أهم عناصره اللغة ، أما السينما فأهم عنصر في البناء الدرامي فيها الصورة . في السينما المونتاج عنصرمهم أيضاً وفعال ، والفيلم يتم أخراجه في غرفة المونتاج ، حيث لايعتمد المخرج التسلسل التصويري أي الأسلوب الذي تم تصوير المشاهد من خلاله ، وإنما بإستطاعته أن يشكل فيلمه ، ويفسر المعنى ، وفق رؤيته ، والرسالة التي يسعى الى توصيلها للمتلقي . أما الأسلوب السردي للسينما فمن خلاله يتضح ما للسينما من أمكانيات أبداعية ، حيث أنها من خلال السرد ، تلعب على الزمن ، وتتنقل بحرية أبداية واسعة المساحة ، من الحاضرالى الماضي ، من الماضي الى الحاضر ، وحتى المستقبل بإمكانها الخوض فيه , أما باقي العناصرفي البناء الدرامي فلا أختلاف بينهما .
في بديات السينما لم تكن لها لغة ، كانت تمتلك العين والأذن ، بسيطة ساذجة ، تنظر الى الأشياء من زاوية واحدة ، وبحجم لايكبر ، ولايصغر ، كانت عبارة عن صور فوتوغرافية متحركة . ترافقها الموسيقى ، الموائمة للحدث ، زبين الحين والأخر ، تظهر لافتة ، أو تايتل حزاري أخباري ،والمشهد قد يكون أُقتبس من نص مسرحي ، أوحادث أستل من خبر صحفي ، أو حادث واقعي .لا توجد لغة ، ولامونتاج، أوسينوغرافيا ، أوتأثيرات ضوئية لونية .
على الساحة العملية ، كاميرا موضوعة ، أومنصوبة بمسافة ثابتة تجاه الممثلين والأشياء ، ربما واحهة محل، أوشارع عام، أوواحهة بيت..وغبرها. لاحركة كاميرا الى الأمام، أوالرجوع للخلف ، لازاويا، زلاتغيير أحجام لقطات مختلغة ، وحسب ضروراتها الفنية الأبداعية والسردية ، أو خلق دلالات ، ورموز,أستعارات لخلق معانٍ في ذهن المتلقي . ولاوجهات نظر.
ثم أخذت السينما تتطزر شيئاً فشيئاً على ايدي رجالها أمثال (( بودفكين ، وأزنشاين، كوليشوف ى، زجريقث .. وعيرهم )) وهذا التطور لم يتم إلا بكتابة السيناريو ، فلو درسنا السيناريو من حيث بناءه الدرامي ، فسنجده لايختلف كثيراً عن البناء الدرامي في المسرحية . فنحن نعلم أن الفيلم السينمائي ماهو إلا وسيلة بصرية ـ سمعية تجسد درامياً الأحداث الموضوعة في السيناريو ( الورقي ) التي تسرد قصة
الفصل الثاني / المبحث الثاني ( 54 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
معينة ، فكما هو الحال بالنسبة للمسرحية كبناء درامي ، لها بداية ززسط زنهاية ، أي ترتيب الأحداث ودخولها صراع بين الشخصيات ، لتحقيق أهداف معينة لكل شخصية ، وهذه الأحداث تدفع الى أزمات صغيرة ، تطوروتكبرإلى أزمة كبيرة ، يصل فيها الصراع الى ذروته ، ثم تهبط الأحداث للوصول الى حل ، من خلاله تحقق الأهداذ أو الغاية التي وضعها كاتب السيناريو ، عماً أن هذه الأحداث قي سيرها على السببية والنتيجة ، والتتوتر والكشف لا على الأعتباطية أو العشوائية أو المصادفات الطارىء ، بل مرتبة ترتيباً متنامياً ، بحيث تدفع الأحداث والصراع بأتجاه الحل ادرامي منطقياً مدروساً ، ومن أهم عناصرهذا البناء (الحبكة) التي وضحنا خطها الدرامي خلال حديثنا عن هرم (فريتاج) في بناءها ، وبينّا كيفية بداية عمل المسرحية ، بمقدمة وبداية العرض ، ثم تصاعد الأحداث ، وتعددالأزمات ى، حتى بلوغ الذورة ، التي تقود الى الحل . فالتعقيدات أو الأزمات والعقبات التي تواجه البطل وتدفعه لإتخاذ موقف معين ، وهذا الموقف يدخل في صراع مع مواقف وأهداف مضادة ، مما يولد أحتدام الصراع ، وعند الكشف عن أمور وواقائع جديدة تجه الصراع أتجاهاً أخر يقزد الى تغيير في أتحاه أهداف الشخصية الرئيسية أوالشخصيات ، فتتأزم الأحداث ويصاعد الصراع ، حتى يصل ذروته . وبالنتيجة يفوز طرف ، ويخر الطرف الأخر . وبهذا يكون الحل ، أما نحو الأفضل ، أو الأسوء .
أن هذا البناء الدرامي لو تأملناه جيداً ، لوجدناه لايخلف في تركيبه وتكوينه عن البناء الدرامي في المسرحية . ولكن مايميز السينما عن المسرح ، هو أنها وسيلة يصرية ـ سمعية تعتمد الصورة أكثر مما عتمد الحوارأوالكلام .
وهنا تكون الصورة هي المعادل الموضوعي للكلام ، فنظام المشاهد والفصول موجود في المسرحية ، كما موجود في السينما ، إلا أن في السينما تكون المعالجة ضمن المشهد الواحد بعدة لقطات ، فالقصة السينماعية التي وِضعت في سيناريو ، ثم تمت معالجته مع المخرج ، وحولته من منجز أو جنس أدبي ، الى معادل صوري يواسطة اللعة السينمائية ، التي تتكون من عدة عناصر، ولوجمعنا كل هذه العناصرفي لقطة ، أومشهد لتكونت لدينا لغة سينمائة .
إذن مم تتكون اللغة السينمائية ؟ أوماهي عناصراللغة السينمائية ؟
إن من أكثرالأسئلة التي أثارها النقاد منذ أكثر من مئة عام ، هو السؤال حول اللغة السينمائية مفاده : " هل في إمكان عند الحديث عن الفيلم أن نتكلم عن لغة ما ؟ وقد أجاب عليه مؤلفون عديدون وبطرق متنوعة: فعند ((جان كوكتو)) الفيلم هو: الكتابة بالصور، بينما أعتبر ((الكسندرأرنو)) السينما لغة صور
الفصل الثاني / المبحث الثاني (55)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لها مفرداتها وبديعها وبيانها وقواعد نحوها ، ويرى ((جان أبيشتين)) في اللغة السينمائية ((اللغة العالمية)) ويؤكد ((لويس ديلوك)) أن فيلماً جيداً هو نظرية هندسية جيدة "(1)
ومايجعل اللغة السينمائية تخلف عن اللغة المنطوقة ، المتضمنة الفكرة ، ,أيصال الفكرة ، لايأتي كما هو الحال بالكلمات ، أو الحوار ، على الرغم مما تحتويه اللغة المنطوقة : إستعارات وجناس وتشبيه ورموز ومحسنات لفظية وصور بلاغية كل هذه الأساليب ، إلا أتها عاجزة عن خلق صورة متحركة ، فمن خصائص الصورة الفيلمية : " أولاً واقعية أو بالأحرى تتمتع بمظاهر كثيرة للواقع ، ولطبيعة الحال تأتي الحركة في طليعة هذه المظاهر ، كما أن الصوت هو أيضاً أحد المكونات للصورة الفيلمية ، لما يضيفه إليها من بعد التصوير ، الجوالمحيط بالأشخاص والأشياء ، والذي نحسه في الحياة الواقعية ."(1)
كما اللون في الفيلم قيمة درامية ، وليس فقط قيمة وصفية ، ىحيث أنه بإمكان أستخدام الألوان للتعبيرعن الأنفعالات ، والصراعات النفسية في دواخل الشخصية ، كما أن للكاميرا دورفعال من حيث حركتها بعداً ، أو قرباً من الاشياء ، أو زوايا تصوريها أو أحجامها التي تعبرعن سرد مضمون القصة ، ومايجول في النفوس ، ورسم العلاقات بين الشخصيات ، وسرد الأحداث التي تجسد الصراع بين الأرادات ، والخاصة الأخرى الهامة للصورة الفيلمية هي " إنها دائماً في حاضروعينا.. فعدم التوازن الزمني لا يحدث إلا بتدخل التقدير ، إذ أنه هووحده القادر على وضع الأحداث ((الدييجتيكية)) في الماضي بالنسبة لنا ، تحديد عدة مستويات زمنية في أحداث الفيلم "(2)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ المصدر السابق ، اللغة السينمائية .
2ـ المصدر تفسه .
الفصل الثاني / المبحث الثالث ( 56 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المبحث الثالث
الشكل المسرحي والشكل الفيلمي
وعلاقات التشييد
كل قصة مسرحة أو قصة فيلمية ، تتضمن أحداثاً ، وكل جزء من هذه الأجزاء له دلالات ، وأشتغالات ، ومجموع هذه الأجزاء هي التي تكون المنجز . هذه الماة ، ـ القصة ـ لاشك يحصل عليها كاتب المسرحية ، والسيناريست بطريقتين :
1ـ المعايشة للواقع الذي نعيشه : من حيث مشكلاته وأحداثه ، أو من خلال أحتكاكه وأتصاله وتواصله مع الأخرين .
2ـ الخيال : الذي يرتكز على أساس واقعي معاش ، ثم يبحر المبدع في عالم الامعاش ، عالم الغرائبية والعجائبية ، عالم لايمكن الوصول اليه غلا نت خلال روح تواقة الى المغامرة مع المجهول ، والغموض ، وعوالم لاتسكن إلا في مجاهيل ، لاتتوقع عند الناس العادببن . وهذان السبيلان ، أيضاً يقعان تحث طائلة أختيارات ، أما :
1ـ الأسلوب التقليدي : يكون فيه بناء الأحاث ، حاصل تظافر مجموع ىالأجزاء ، إذ كل جزء له مساهمته البنائية ، وبكون العمل وفق البنا المغلق (( بداية ، وسط ، نهاية )) ، أي أسلوب الـ ((الحبكة)) التقليدية ، حيث الأحداث تبنى وفق السبب والنتيجة ، وأخضاعها لقانون الحتمية كما هو الحال في : المسرحيات الكلاسيكية ، والرومانسية ، والواقعية بكل فروعها أوالأسلوب الأخر :
2ـ أسلوب الأنتقاء أو الأختيار: إذ تبنى الأحداث لاعلى ترتيب الأحداث وفق المنطق والحتمية، بل رما الصدقة ، أو بعثرت الثيم ، وعند بلوغ مجموعة من الذروات ، تلقي عند نقطة محددة ، وهناك تتحد لتُكون هدفاً ما ، أو غاية معينة ، مسرحيات غيال عملي ، أو فيلم غرائبي أوعجائبي .
أولاً ـ التحول الأرسطي ، والمازورة السينمائية (*)
أـ التحول عند أرسطو:
عرف أرسطو (( التحول )) في كتابه (( فن الشعر )) على أنه : " أنقلاب الى ضده (....) وهذا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) هذا المصطلح لم يتداوله الوسط الفني السنمائي بالخصوص العراقي , قام الباحث بشرحه وتوضيحهة في سياقه من البحث .
الفصل الثاني / المبحث الثالث (58 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقع تبعاً للأحتمال والضرورة "(1) وفي تعليق (( عبد الرحمن بدوي )) مترجم الكتاب يقول :
" عند أرسطو ، أن كل مأساة تنطوي على تحول ، أي أنتقال من السعادة الى الشقاوة ، أو العكس ، وهذا الأنتقال يمكن أن يقع على نحوغيرمشعور به ، قد يمكن توقعه ، مثل هزيمة الفرس في مسرحية أسخيلوس ، وهناك لايكون تحول ، لأن التحول يقفتضي سرعة الأنقلاب مما يجعل المرء أمام أحدى حالتين ، سخرية الأقدار ، أو المفاجأة ."(2) ويوضح (( عبدالرحمن بدوي )) معنى الأنقلاب بالقول : " وأنقلاب الفعل هنا بقصد به مجرى الحوادث كلها في المسرحية."(3) بينما في ترجمة ((أبراهيم حمادة)) لكتاب ((فن الشعر)) يقول أرسطو :" هو تغيير مجرى الفعل الى عكس أتجاهه "(4)
ثم يشرح (( ايراهيم حمادة )) مايرمي اليه أرسطو بالقول : "كلمة ((التحول)) تعني : ((الأنقلاب المضاد للأتجاه أو الهدف )) ، فقد يسيرموقف درامي مافي خطه الطبيعي نحو هدف معين وفجأة يطرأ عامل خارجي على هذا المسار ويجبره على أتخاذ وجهة أخرى غير متوقعة ، وقد يكون المسار الجدي معاكساً لأول وعلى هذا فـ (( التحول )) بنائياً يشكل (( أزمة درامية)) أو (( نقطة تحول في الحدث )) ،أنه مانطلق عليه (( سخرية القدر)) ويفسرأرسطو معنى التحول بمثل يسوقه من مسرحية ((أوديب ملكاً)) للشاعرالتراجيدي (( سوفوكلس ))(5) .
تتحدث الأسطورة التي أخذ ((سوفوكلس)) منها مسرحية ((أوديب ملكاً)) التي وقعت حـوادثها قبل أحداث المسرحية ، عن أنها تسرد فرار((اوديب)) من يد القـدراليسرى ويقع بيد القدراليمنى، أي أن أفعال ومصائر الشخصيات حسب العقائد اليونانية يتحكم بها القدر(جبرية) وليس أرادة وزوجته النلكة ((ميروب)) والداه . وذات يوم حذرته العرافة بأنه أ أنه قدرعليه أن يقتل أباه ، ويتزوج أمه . ولكي يتحاشى وقوع هذه النبؤة ، أتخذ أتخذ مهربه الى مدينة طيبة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ أرسطو، فن الشعر ، تر ، عبدالرحمن بدوي ، دارالثقافة ، بيروت ، 1974 ، ص 30
2ـ نفس المصدر ، ص 30.
3ـ نفس المصدر ، ص30.
4ـ مصر سابق ، ارسطو ، فن الشعر ، تر، ابراهيم حمادة ، ص 146 .
5ـ المصدر نفسه ، هامش الفصل الحادي عشر ، 148
الفصل الثاني / المبحث الثالث (59)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي الطريق المثل الذي ساقه أرسطو يتحدث عن أن أوديب الشاب " تربى منذ الرضاعة في بيت ملك ((كورنثة)) الذي تبناه ورعاه ، ولهذا نشأ ((أوديب)) وهو يعتقد أن الملك ((بوليبوس)) اليها ، قتل ملكها (( لايوس )) دون أن يعرف أنه والده الحقيقي وعند أسوار المدينة ، أستطاع أن يعرف أجابة الأحجية التي كان يطرحها (( أبوالهول )) ، ويقتل منلايعرفها . ولهذا كوفىء كوفىءعلى ذلك بتزوجه من (( جوكاستا )) ملكة طيبة دون أن يعرف أنها أمه . وبقى (( أوديب )) يحكم طيبة حكماً عادلاً فترة طويلة حى دهم الطاعون المدينة "(1) وتتـعاقب الأحــداث وتصاب المدينة بالطاعون بسبب وجود (رجس قي المدينة) ، ويأخذ ((أوديب)) بالبحث عن هذا الرجس ، وخلال سير احداث المسرحية ، يشير ((أرسطو)) الى موقف متأزم في المسرحية "فقد وفد الى طيبة الراعي الكونثي الذي كان قد تسلم ((أوديب)) رضيعاً من راعي طيبة ، وسلمه بدوره الى ملك كورنثة العقيم (( بوبيلوس )) . لقد جاء الراعي ليخطر ((أوديب)) بأن (( بولبيوس )) قد مات ، وعلى أوديب أن يتولى عرش كورنثة ، غلا أنه يرفض خوفاً من أن يقع الجزء الثاني من النبؤة وهو الزواج من أمه (( ميروب )) وهنا يحاول الراعي أن يبدد مخاوف ((أوديب)) ، ويصارحه ـ وهو سعيد ـ بأنه ليس أبن (( بوليبوس)) و(( ميروب )) وأنما هز ابن بالتبني "(2)
ويعلق (( أبراهيم حمادة )) على المعلومة التي أدلى بها الراعي يانها " تعتبرتعرفاً أدى الى أكتشاف الحقيقة المرعبة ، فهي بدلاً من أن تهدأ من روع أوديب ، وتسره وتسير بالحدث في مجراه الطبيعي ـ كما كان الراعي يعتقد ـ تحدث تطوراً مقاجئاً في الحدث . أن التحول على تلك الصورة ، يتضمن تعرفاً وهو معرفة ((أوديب)) بأنه ليس أبناً لملكي كورنثة "(3) وهذا التحول من السعادة الى الشقاء تعقبه الكارثة، حيث يعاقب ((أوديب)) نفسه بفقأ عينيه ، وأنتحار الملكة ((جوكاستا)) الأم والزوجة.
2ـ المأزورة :
قي الفيلم متقن الصنعة ، الأحداث تسيربإنسيابية ، لكن تلفها روح التوتر، فلكل حدث أو مشهد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1ـ المصدر السابق ، أرسطو، فن الشعر ، تر، ابراهيم حمادة ، ص 148 .
2ـ نفس المصدر ، أرسطو ، فن الشعر ، ص 149 .
3ـ نفس المصدر،أرسطو ، فن الشعر، ص149 .
الفصل الثاني / المبحث الثالث (60)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
((أزمات صغيرة)) ، وهذه الأزمات تأخذ بالنمو كلما تقدمت هذ الأحداث ، حتى تتضخم ، وتحول الى أزمة كبيرة . هذه الأزمات الصغيرة تسمى ((المأزورة الدرامية)) التي " تسيرمع الضغط المتصاعد حتى وصل الى تعييرلايمكن الرجوع فيه (....) فالمشهد لبواحد يتألفمن عدة نبضات أو موازير ، كل منهايحتوي على تغير صغير حاسم ، ومن مجموع هذه النبضات / الموازير / التغيرات يشكل الحدث أو المشهد كله "(2) عندما نفكك الفيلم ب غرض تحليله مشهدأً مشهد ، لانبغي سوى معرفة الكيفيات التي تم على وفقها بنائه ، أو بالأحرى كتابته ، وهذا يصب في مصلحة الكاتب ، وضرورة معرفته بهذه التقنية ، من أجل كتابة فيلمه بدراية وحرفة هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، ينبغي على مخرج الفيلم أن يفكك فيلمه وهو على الورق جزءاً جزءاً ، ودراسة عناصربناء الفيلم ، وتقسيم الفيلم قبل التصوير وفق الأحداث ، وكل حدث وفق الأفعال من الصغيرالى الكبير، لأنها تجعل المؤلف والمخرج يران " بوضوح خريطة المسار الدرامي سواء في شكلها العام والعلاقات بين المشاهد بعضها ببعض ، أو داخل المشهد الواحد نفسه وتفاصيله "(3) لغرض فهمه الفهم المتقن ، لكتابته ، وأخراجه ، من أجل سهولة أنجاز الفيلم ، وضمان تحقيق هدفه .
سبق وأن أوضحت أن ((التحول)) ، هو : الأنتقال من السعادة الى الشقاء ، أو من الشقاء الى السعادة هذا في عرف ((أرسطو)) وقواعد الكتابة المسرحية . أما حديثاً وفي تقنيات الفيلم ، فقد أستعاض عن هذا المفهوم بالتسمية بـ ((المأزورة)) حيث أنها " هي لحظة وعي يتغيرداخل إحدى الشخصيات ، وبذلك فإنها نقطة أركاز درامية . إن نبضات قلب الدراما لايتم أستيعابها كثيراً خارج نطاق المسرح " (1)
ومثلما يحدث في التراجيديا ((المأساة)) حيث يعقب التحول ثم ((الحل)) كذلك في الفيلم ((فالمأزورة)) يعقبها الحل . وهذا دليل على أن ماوضعه ((أرسطو)) في كتابه ((فن الشعر)) يُعِمل به الى الآن ، غيرأن المفاهيم تُستبدل أسماءها. أما الخروج على القواعد الأرسطبة فهو عملياُ يعتبرعملاً جرئياُ . التجريب ليس بالتسمبة ، بل بالتغييرالجوهرة في تركيبة البناء ، على أعتبارالشكل هوالمعنى.
يعتبرالفيلم تعبيراً مباشراً من خلال الصوروالأصوات والصمت ، لامن خلال رموز تجريدية ، مثل الألفاظ التي تتطلب من العفل أن يترجمها ، يفسرها . لامستحيل مع الفيلم فهو يصورأي شسء تراه العين أوتسمعه الأذن سواء في الواقع أو الخيال ، أوتصويرمايدر في العفل ومجاهل النفس .
إن تحليل أي فيلم يعيننا على أن نرى ونفهم كيف يؤدي كل جزء وظيفته ضمن سياف الفيلم ، ليسهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1ـ رابيجر، مايكل ، الأخراج السينمائي تقنيلت وجماليات ، تر، أحمد يوسف ، المركز القومي ببترجمة ،2013، ص 66.
الفصل الثاني / المبحث الثالث (61)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بطاقته الحيوية في بقاء الكل نابضاً بالحياة والديناميكية ، فالأمريتطلب تفكيك الكل لأكتشاف طبيعة الأجزاء وتناسبها ووظائفها وعلاقتها المتداخلة
الصورة السينمائية أو التلفزيونية تعتبر الحاضن الذي يجمع العناصرالفنية المرئية داخلها من:يكزر(المكان) ، الظل والضوء ، اللون وتدرجاته ، الممثلون وإيمائتهم ، وأفعالهم ، وردود أفعالهم ،
وحواراتهم وحتى صمتهم ، والكاميرا بحركاتها وزواياها ، ووجهات النظ ، وأحجام اللقطات ، إذ أن الكاميرتمتلك لغة تعبيرية من خلال لاتفاعل عناصرالصورة ((اللقطة)) مع بعضها ، وهيمنة عنصربعينه على بفية العناصرالأخرى ، حيث تعمل جميع العناصروتتفاعل من أجل أبرازعنصرأ من تلك العناصر، بعيداً عن تهميش بفية العناصر ، بل أشتغالات كل العناصر(عناصراللقطة) وفق تسخير العناصر ملاً حسب أهميته ووظيفته في تكوين اللقطة . جميع الأفلام لاتخرج عن أحد الأسلولين ، إما تقليدي ، أو تجريبي . ففي :
1ـ البناء التفليدي للفيلم بداية ووسط زنهاية ، حيث تبنى المشاهد بتثاعد تسلسلس من فعل الىفعل ، ومن أزمة الى أخرى حتى يبلغ الذروة الكبرى ، ثم الحل والنهاية (سعيدة أو تعيسة)
2ـ البناء الذي يطلق عليه الأيديولوجي السينمائي ، إذ أنه يبنى وفق النظرية الأيديولوجية ((الهيكلية، المطورعلى يد ماركس)) ، حيث يتم البناء بأسلوب: لقطة1+ لقطة 2 = لقطة .
اللقطة 3 غيرموجودة في السيناريو ، المخرج ومن خلال التصويروالمونتاج رتب صياغة هذه اللقطة ، إلا أنها غيرموجودة في الأدراك الحسي ممكن مشاهدتها من على الشاشة، ولكنها موجودة في الأدراك الذهني لدى المتلقي حيث هو يشارك في صنعها.
ولكن لايمكن من خلال تصوير: مشهد1 + مشهد2 = مشهد3. لآن بناء المشهد هو حصيل مجموعة من اللفطات يقوم بتركيبها المخرج في غرفة المونتاج لصناعة معنى ما أما تسلسل المشاهد لايمكن أن تتعاقب وفق تسلسل زماني أومكاني ، فربما مشهد ليلي يعقبه مشهد نهاري وأجواء لاتجمع أحداث المشهدين أما بناء اللقطات في أكثر الأحيان يتم في مشهد واحد ، تتعافب فيه اللقطات .
3ـ البناء التجريبي السينمائي : هذا الأسلوب يختلف عن الاسلوبين : التقليدي ، والأسلوب الأيديولوجي . في التجريبي لكل مشهد خصوصيته وهدفه ، مشهد 1 لاعلاقة له بمشهد2 ، وهذا لاعلاقة له بالمشهد3 ، وهكذا .. إلا أن في كل مشهد تتحق ضربة أشبة بضرية فرشاة رسام على لوحته ، أوربما ومضة مقصودة ، ولكن لاتسلسل في الأحداث ، وحاصل جميع هذه المقاصد تتبلور في الجزء الأخير من الفيلم فتجتمع وتظهر وتكتمل المعاني ويظهر الهدف أو غاية الرسالة . إذ يستخدم الأسلوب (اللاخطي) أحداث في الواقع ، أحداث في الماضي ، أحداث في المنام ، هلوسات وكوابيس ، أوأحلام سعيد، أوتحقيق ما يعجزعنه الشخص من أمنيات ورغبات. أحلام يقضة.. وغيرها . في التجريبي لاشكل ثابت بل التغير المستمرمن أهم صفاته . ولكن هذه المعالجات للناظراليها فوضى ، نعم ولكنها فوضى خلاقة . ومن أفضل النماذج على هذا الأسلوب الفيلم السريالي (( كلب بوليسي ))
عناصر التشابه والأختلاف بين المسرحية والفيلم
عناصر التشابه
البناء الدرامي :
ــــــــــــــــــــــــ
ـ الشخصيات
ـ القصة
ـ الصراع
ـ اللغة
ـ الزمان
ـ المكان
ـ السرد الدرامي
ـ الحبكة
******
المضامين المتشابهة :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ أعتماد الخيال في الأبداع
ـ معالجة الواقع تأريخياً، سياسياً أجماعياً
، نفسياً ، عجائبياً ، غرائبياً . (بالنسبة للمسرح التفنيات الحديثة تحقق خداع لاتقل شأناً عن السينما)
ـ زاوية النظر للحياة والظروف والأحداث والألزمات .
ـ
عناصر الأختلاف
ـ المسرحية تقرأ وتشاهد ، ويتفاعل خيال المتلقي نع الأحداث ، ويتم تحويل اللغة الى صور ذهنية
ـ الفيلم يشاهد ، ولاتتحق المتعة به إلا من خلال تجسيد الأفكار صورياً (معادل صوري) تحويل : السرد، الكلمة ، الجملة ، الرموز، الأستعارات ، العلامات ، من خلال الأخراج تتحول الى ويعالج صور.
ـ قراءة السيناريولا تحقق المتعة المرجوة.
ـ كل جنس يحتفظ بخصوصيته وتقنياته :
أـ المسرح وسيطه ((الحوار)) اللغة .
ب ـ السينما وسيطها الصورة ـ الصوت .
ـ المسرحية ميدان لعبها المسرح وتقنياته .
ـ الفيلم ميدان واسع تحت تصرفه كل الفضاء وحنى ماوراء الطبيعة ، وكل الأمكانيات والفنيات متاحة زتدخل بصناعته.
ـ الفيلم لايكشف عن معانيه إلا من خلال الصزرة والمونتاج رزالمؤقرات الصورية والصوتية والصمت.
ـ قارىء المسرحية إذا ماأستغلق معنى ما أوفك رمز معين ، يعيد قراءة الجملة أو الفقرة وحتى الفصل ، يصل الى فهم مايروم اليه الكاتب .
ـ مُشاهد الفيلم لايستطيع مراجعة مايعرض أمامه ، واذا ما فاته فهم معنى من المعاني ، ربما يستغلق عليه كل الفيلم ، لذا يتوجب على كاتب السيناريو أن يكون دقيقاً في أختياراللغة المتاسبة مع الصور والرموزالتي يمكن يدركها المُشاهد دون صعوبة .
ـ لايمكن بأي حال من الأحوال ، حتى وأن توصل علم التكنولوجيا الى أعلى درجة في الصناعة والأختراع لايمكن أن يحل مكان ألة التصوير، إذ أنها تتحرك للأمام ، وترجع للخلف ، وتصور من اعلى نقطة (عين الطائر) تركز بلقطة كبيرة على أدق الأشياء والتفاصيل . بالمونتاج تعالج وتصنع المعاني من خلال تركيب اللقطات . بل وحتى تتجاوز الأخطاء .
ـ مشاهدة المسرحية من وجهة نظرالمخرج ، ليس للمتفرج سوى أن يستلم التفسيرات والرؤى من خلال مايشاهد ، فنظام عرض المشهد يعتمد المشهد وليس نظام اللقطات، فهو يُشاهد من خلال فتحة المسرح (لقطة عامة) لاتتغير طول مدة العرض . لازوايا كاميرا ولا تفطيع مونتاج ، واذا ما أرتكب خطأ ما لايمكن تصحيحه .
الفصل الثاني / المبحث الثالث (64)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المبحث الثالث : المعالجة بين المسرح والسينما
المعالجة المسرحية
يتحدث سيد فيلاعن أهمية المقدمة وبداية انطلاق الفعل ، أي الاستهلال في العمل الدراسي وخصوصاً عن السيناريو الأدبـي الـذي هـومشروع لأنجاز فلم .. حيث يقول : " من الضروري أن تعرض مكونات قصتك منذ البداية ، عندك عشر صفحات لتشد قارتك أو لتلقي أليه الطعم لذا ينبغي عليك أن تمهد لقصتك منذ البداية "(1)
في الحديث أكد سيد فيلد على عرض مكونات القصة التي تروم تأليفها .. ولكن ما هي هذه المكونات ؟ التي شدد عليها والأهتمام بها من البداية ؟تك
التمهيد .. فـي الـحـيـاة الأعتيادية لا يـوجـد مـتـحـدث الا ويـمـهـد لـحـديـثـه قـبـل الدخـول فـي صـلـب الموضوع .. ولكن كيف يكون التمهيد في القصة أو المسرحيية أو الفلم ؟
الفصل الأول
من مسرحية (( قطة على سطح من الصفيح الساخن ))
تنفرج الستارة عـن حـجـرة نـوم تـضـم حماشمـاً فـيه شخص يغتسل ، تدخـل سـيـدة شـابة جميلة .من خلال سياق الحـوار تتعرف على الشخصيتين ، الشـاب يـدعـى (( بريك )) والسيدة ((مارحریت)).
وعند دخولها تأخذ بالحديث بصـوت عـال لكي يعلو صوتها على صوت تـدفـق المـاء فـي الحمام حديثها ينم عن تذمر من أولاد ((جوبر)) آخ بريك .. الذين تشبههم بـ (( الوحـوش قصـارالرقاب )) حيث أن أحدهم أصاب من الكعك المدهون بالزيد ملابسها الجديدة والعائلة تقيم حفلة يـوم عيد ميل جدهم ((دادي)) مما أضطرها الأمر إلى أنها تأتي للغرفة لتبديل ثيابها .. ثـم تـأتـي أصوات الأطفال بالضجيج من الخارج . يتضح في هذا الجزء من المسرحية ومن خلال الحوار المعلومات التالية :
1ـ بريك ، زوج مارجريت.
2ـ الحوادث تدور في أحد الولايات الأمريكية
3ـ عائلة كبيرة تسكن البيت تتكون من جـوبـر وزوجته وأولادهم الخـمـسـة يشاركهم أخيه بريك مع زوجته مارجريت
الفصل الثاني / المبحث الثالث ( 65 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
4- الأطفال يشكلون مصدر ازعاج لزوجة عمهم مارجريت فهي دائمة الشكوى والتذمر منهم .
5 ـ العائلة تقيم حفلة عيد ميلاد الجد
6 ـ الأزمة الأولى:ثم نقف على المشكلةالأولي وهي عدم الأنجاب من قبل بريك ومارجريت يأتي بصيغـةأخـبار يردعلى لسـان جـوبـرأحـوبريك وزوجـتـه مـي .. وأن عـدم الأنجاب يعني حرمانهم من أرث الأب ((وهذه بمثابة الشرارة الأولى لأنطـلاق الـحـدث أو بداية العرض ))
7 – الأزمة الثـانـيـة : تأتي أخبـاريـة على لسان مارجريت بـأن الأب على وشك الموت بسبب أصابته بمرض السرطان حيث وصل تقرير طبي هذا اليوم أي اليوم الذي تتحدث به مارجريت وهذا الخبر يعلمان بـه جوبر وزوجته لذلك تخلفا عن رحلتهم المعتادة لقضاء الصيف فـي لنـدن لحضور وفاة الأب كما يتوقعان ، ونيتهما أرسال بريك إلـى أحـد المصحات لمعالجـة مدمني الخمر لغرض اخلاء الجو لهما لعرض تصرفهما في الأرث
8- الأزمة الثالثة : مارجريـت تثيرزوجها بريك على أن أباه يكن لها رغبة لا شعورية ((رغبة جنسية)) من خلال الطريقة التي يرخي نظره إلى جسمها حينما تتحدث معه إذ تـمتـد نظراته لنهديها ويسيل لعابه (( صفحة 10 في النص ))
أن هذه المعلومة جاءت على لسان مارجريت الاستفزازية و افترائية ، الغرض منها تحفيز بريك على ممارسة الجنس معها أي تريد أن توصل لزوجها بأنها جميلة ومثيرة وهو لا يحرك ساكنا تجاهها بينما حتى الشيوخ المرضى تثير فيهم الغواية والعشق للجمال
9- تنويه عن أن بريك مدمن خمر وربما يرسله أخـوه إلى مصـح مـن أجـل أن يـخـلـو لـه الـجـو يتصرف بتركة الأب أي الأرث .
10- يعطينا المؤلف معلومة أن بريك كان رياضياً مشهوراً في السابق .
11- الأزمـة الـرابـعـة : حيث ترد على لسان مارجريت شعورها بالوحدة صريحة إذ تقول :" أنني أشعر بالوحدة تماماً .. أن الحياة مع شخص تحـبـه وهـو لا يبادلك هذا الحب قد تجعلك تشعر بالوحدة (( ص16 في النص ))
12ـ الأزمة الخامسة : تتحدث مارجريت ، بسبب أهمال زوجها لها عن معاناتها ورغم ذلك فهي
الفصل الثاني / المبحث الثالث (66)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــأأــــــــــــــــــــــــــ مصرة على الاستمرار بحياتهـا مـعـه وأنها تشبـه نفـسـهـا ((بـقـطـة على سطح من الصفيح الساخن)) (( ص20 في النص ))
وهذا التشبـيـه يأتي أول مرة في المسرحية ، وهو تشبيه رمزي للقطة التي تمشي على سطح ساخن بأسلوب القفر تجنباً لحرارة السطح ، أي أن مارجريت تتنقل من أسلوب إلى آخر في التعامل مع زوجها لتحقيق هدفها في اصلاحه في الفصل الأول بعد المشهد الخمسة وعشرين صفحة (3)
ان اسلوب كتابة المسرحية حسب الطريقة الفرنسية يكون المشهد بـدخـول وخروج الشخصيات الو افترضنا مثلا شخصيتان تتحدثان فهذا يأخذ مشهد رقم (4) .
دخلت عليهم شخصية ثالثة ، أوعدة شخصيات يكون مشهد رقم(5) . ولو خرج من هذه الشخصيات شخصية أوعدة شخصيات يصبح المشهد رقم (6)
أما أسلوب الكتابة في تكوين المشاهد بالطريقة الأنكليزية فتكون المشاهد في المسرحيـة هـو عملية انتقال من موضوع إلى آخر ، فلو افترضنا أن الموضـوع الأول يتـحـدث عـن طبيعة العلاقات داخل الأسرة فهذا يعتبر مشهد ومن خلال الحديث أو الحـوار ينتقل إلى موضوع آخـر يعتبر مشهـداً نقياً ، ففي مسرحية ((قطة على سطح من الصفيح الساخـن)) وخلال خمسة وعشرين صفحـة مـن المنطقية )) وبعض الأحداث التي
تمثل بداية انطلاق العرض أوالفعل الذي قدم لنا المؤلف فيه عدة الفصل الأول الذي كتب بالأسلوب الأنكليزيتـم طـرح عدة مواضيع من أهمها تضمنت (( المقدمة شروات صغيرة التي ستساهم في نقع الفعل نحو بعض الأزمات الصغيرة ونتيجة حاصـل الـذروات الصغيرة الخمسة التي ذكرناها أنفا سمع ولادة ثروات صغيرة أخرى ستساهم بالوصول إلى أزمة كبيرة تشعل الفصل الثاني برمته وهذا يعني أن الفصل الأول يشكل البداية (( المقدمة المنطقية )) و الشرارة الأولى لانطلاق الفعل يكون البداية والفصل الثاني يكون الوسط حسب البـنـاء الـدراعـي الأرسطي التقليدي .
تبدأ الأحداث بالتصاعد وينطلق الفعل في مسرحية ((قطة على سطح من الصفيح الساخن)) من صفحة (29) في مصرالمسرحية بعد أن تهيا لـه جميع المبررات والمعلومات التي أهلته للأنطـلاق ،
الفصل الثاني / المبحث الثالث ( 67 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ونقطة الانطلاق بدأت في الحوار التالي :
مارجريت : أحس طوال الوقت كقطة فوق سطح من الصفيح الساخن (*) .
بريك : إذن أفقري من عـلـى هـذا السطح .. أقتري بعيدا عنه .. فالقطط تستطيع أن تقفز من أعلى سطح وتهبط على الأرض على أرجلها الأربع دون أن يصيبا أذى .
مارجريت :آه..هذا صحيح ..
بريك : أفعلى ذلك .. أستحلفك بالله .. أفعلي ذلك ...
مارجريت : أفعل ماذا ؟
بريك : أتخذي لنفسك عشيقاً.
مارجريت : لا أستطيع أن أرى رجلا سواك .. حتى حين أغمض عيني فأنـي أراك أنت وحدك ، لم لا تصبح قبيح يا بريك .. لم لا تكون قبيحا أو متر هلا حتى أستطيع تحمل الأمر ؟ ((ص 29 في النص))
ونستشف مـن هـذا الحـوار أقـراراً ودليـلا واضحـاً عـلى عجز بريك جنسياً ، وهذه الثيمة بالذات من أكثر النيمات التي عالجها الكاتب ((تينسي وليامز)) في مسرحياتـه وأعـنـي بـهـا الـجـانـب الجنسي وخصوصاً طرف الشدود فيه فليس من المعقول أن يطلب زوجاً من زوجته أن تتخذ عشيقاً لها ، وكذلك عالج في بعض أعماله وخصوصاً في هذه المسرحية الشذوذ الجنسي ((المثليـة)) وذلك مـن خلال علاقته بصديقه ((سكبر)) .
بـيـن الحيـن والآخـر تـصـل الينا من الخارج أصوات صراخ وضجيج الأطفال وهو أسلوب أستخدمه المؤلف لغرض الانتقال مـن مـوضـوع إلـى أخـر ومـن حـالة نفسية بالنسبة للبطـلة شخصية مركبة ومبنية بناءاً دراسياً محكمـا حبـث أنها شخصيـة فـعـالـة وديناميكية وليست شخصية ((مارجريت )) إلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) هذه المرة التالية بقى عنوان المسرحية على لسان مارجريت التي تشبه نفسها بالقطة تشكل رمزا
لطبيعة حياتها مع زوجها بريك
الفصل الثاني / المبحث الثالث ( 68 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حالة نفسية مغايرة وهذا ما يسمى بتـنـوع الأفعال النفسية للشخصية لكونهـا ملتونية ، أي نمطية ، وهذا دليل على حذق وخبرة الكاتب المحترف فـي تـألـيـف الـعـمـل الدرامي .
وبعد ضجيج الأطفال يتغير الموضوع وفق تحليلنا لسير الحوادث وتنوعها حيث تدخل الأم وهي تحمل خبرا سارا ، إذ تقول :
الوالدة : لقد جاءنا الآن التقرير الكامل من معامل مستشفى أوكنرنر .. النتيجة سلبية تمـامـا يا بني كل شيء سلبي .. مـن أول شيء لآخر شيء .. ليس بالوالد سـوى أختلال وظيفي بسيط يسمونه تشنج القولون . (( ص34 في النص ))
وهنـا يـحـاول المؤلف أن يغير مجرى الأحـداث ليضاعف التوتر الدراسي ويحدث التشويق ويصعدهما ، إذ أن لـو تحقـق صـحة خبـر بعـدم أصـابة الأب بمـرض السرطان ستختلف أهـداف الشخصيات ونواياها ، كما سيتغير الصراع ويتجه صوب أهداف أخـرى لكل شخصية من الشخصيات وبتغييرطبيعـة الصراع لا شـك ستتغيرسلوكياتها ، وفي الصفحات (40 ، 41 ، 42) تحاول مارجريت أن تتثبت لزوجها بريك بانها مغرية وقبلـة للرجال وكل ، پر اها بشتهيها جنسيا ويدفعها زوجها لخيانته لكنها ترده قائلة .
مارجريت : لو فعلت ذلك فتأكد تماماً أن ذلك سيكون مـع رجـل فـي مكان وزمـان لـن يعرفهما
أحد سوانا .. فلن أعطيك تكنة لتطلقني لأني خائنة أو لأي سبب آخر .
بريك : لن أطلقك يا ماجي بسبب الخيـالـة أو لأي سبب آخـر .. ألا تعرفين ذلك ؟ أقسـم أنــي سأستريح لو عرفت أنك أتخذت لنفسك عشيقاً
مارجريت : ولكني .. لن أخاطر.. لا .. إني أفضل أن أبقى على هذا السـطـح مـن الصفيح الساخن
بريك : البقاء على سطح الصفيح الساخن شيء مرهق .. ( يبدأ في الصغير بهدوء )
مارجريت : ( يسمع صوتها خاص صفيره ) نعم ولكني استطيع البـقـاء فـوقـه طـالـمـا أضـطـررت لذلك .
بريك : في وسعك أن تتركيني يـا ماجي ..( يستأنف صغيره .. تستدير بسرعة لتدقق النـظـر اليه ) . (( ص 42 في النص ))
الفصل الثاني / المبحث الثالث ( 69 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مارجريت : لا أريد .. أن أفعل .. هذا بالإضافة إلى اني لو فعلت .. فـأنـك لا تمتلك سـنـتـا واحـدأ تدفعه نفقه لي إلا ما تحصل عليه من الوالد وهـو سيمـوت بالسرطان . ( ص43 في النص ) من انطلاق أول جملة في المسرحية ، وحتى الصفحة (( 48 من النص )) حيث أخذ المؤلف بسرد الأحداث ، بأحداث وأفعال حتى تجمعات وشكلت فكرة جامعة لقصة المسـرحـيـة مفادها على لسان مارجريت حيث تقول :
مارجريت : مي وجوبر يخططان لحرمالنا من ممتلكات الوالد متذرعين بانك تدمن الخمر ويأتي عاقر .. إلا أننا نستطيع إحباط هذه الخطة . (( ص44 – 45 في النص )) ( 3 )
في هذا الحوار خلاصة وجوهر مسرحية (( قطة على سطح مـن الصفيـح الساخن )) لقد اشتغل المؤلف على حبك (( نسج )) خيـوط عمله وبنائه لبئة لبئة حتى جمع الخيوط والوصول بها إلى ثيمـة عمله ، حيث الوصول إلى الهدف ، والآن حان دراسة كيفية معالجـة هكذا موضوع ، والوصول به إلى حل غير مفتعل ، حل يتبرعم حتى يصل إلى ثمرة عمل لا تشوبه العشوائية ، أو الصدفة ، بل الكشف والأظلام والمعارفة ، والعيب والنتيجة ، ويتصاعد التوتر حتـى يصل إلى حل يرضي الشخصيات العمل ، كما يرضي المتلقي..فبعد كشـف الفكرة الأساسية لثيمة المسرحية يندفع المؤلف مباشرة،يجمع الأحداث فيبدأ بطـرح مخاوف مارجريت التي تسردتفاصيل حياتها ومخاوفها لزوجها (( بريك )) وتوضح للمرة الرابعة بأنها ((قطة على سطح من الصفيح الساخن))..وهذه دلالة رمزية لما تعانيه وتتعذب خوفا على مستقبل قد عاشته في بداية حياتها ، ولا تريد العودة اليه..هي عاشت حياة ملوها الحرمان،وهي الآن تعيش في بحبوحة،فأذا ماخسرت حاضرها، فهذا يعني أنهاستعودإلى نقطة الصفر.. أي العـودة إلـى المـاضي ، الذي بظروفه ومعاناته هو مستقبلها ، فهي مصرة على أن تكافح مـن أجـل عـدم الاستسلام المستقبل الفقر والحرمان لذا نراها تصارح زوجها((بريك)) قائلة :
مارجريت : كنت دائما مضطرة للتزلف لأناس لا أطيقهم لمجرد أنهم يملكون مالا وكنت أفقر من الفقر أنك لا تستطيع تصور ذلك .. دعني أشرح لك .. تصور نفسك على بعد آلاف الأميال ، من شرابك المشتهي تسعى إليه على ساقك المكسورة .. وبـلا عـكـازة . هكذا يشعر المرء حين يكون فقيرا ويضطر للتزلف لأقارب لمجرد أنهم أغنياء وهو يكرههم .. وكل ما يملك لفة من الملابس القديمة ، كان أبي يحب الشراب .. لقد عشق الخمر كما تعشق شرايك انت شرابك ، وفـي الـسـنـة الـتـي خـرجت فيها للحياة العامة لم يكن لدي سوى توبين للسهرة .. أحدهما
الفصل الثاني / المبحث الثالث ( 70 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صنعتـه امـي مـن سيم في مجلة (( فوج )) والآخر قديم من أبنة عم بخيلة غنـيـة كـنـت أسـتهـا .. والـثـوب الـذي أرتديته في حفل زفافنا كان فستان زفاف جدتي .. ولهذا تـرانـي كـقـطـة فـوق سطح من الصفيح الساخن ، تستطيع الاستغناء عن المال وأنت شاب ولكـنـه ضروري في الشيخوخة .. فالشيخوخة بلا مال أمر بشع للغاية .. لا بد من أحد أثنيـن .. أمـا أن تكـون شاباً وإما أن تكون ثريا .. لا حياة للشيخوخة .. بلا سال .. تلك هي الحقيقة يـا ( بريك ). (( ص 46 – 47 – 48 في النص ))
الأحداث التي تحمل بين طياتها أفعال(( ازمات صغيرة )) احتشدت في المشهد الأخير من الفصل الأول وأخـذت بالتصاعد وبلغت ذرواتها في حديث (( مارجريت )) حيث تصارح زوجها بعلاقتها مع (( سكبر )) بدوافع أرضاءه (( أي بريك )) إذ تقول له :
مارجريت : أنا هذه المرة مصيرة على أن أقول لك كل ما أريد قوله ، لقد كان بيني وبين (سكبر) علاقة غرامية ـ إذا استطعت أن تـسـمـي مـثـل تـلـك الـعـلاقـة غـرامـا ـ لقد جعل كلا منا يشعر بانـه اقترب ملك قليلا ، ألا ترى أنـك يـا أبـن اللـبـ ـ كنت تتطلب من الناس أكثر من اللازم مني أنا ومنـه وكذلك مـن جـميـع التعساء البؤساء المعذبين الذين أبتلوا بحبك ـ وهـم كـثـيـرون ـ نـعـم هـنـاك عدد كبـيـر بـالأضـافـة ألـي وسكير – كنت تطلب ممن يحبونك أكـثـر مـن الـلازم بكـثـيـر ـ ايـهـا المخلوق الأسمي – يا شبيه الألهة ـ وهكذا أختلينا ليحلم كل منا بأنه يختلي بـك نعم ، نعم ، نـعـم الحـقيقـة ، الحقيقة هذه ، ما وجه الفظاعة فيها ؟ (( ص 49 في النص ))
أن الحوادث التي سطرها المؤلف ومن خلال السرد قد أثار فيها أربعة مواضيع مهمة في بنائه الدرامي من حيث الصراع :
1- سردت مارجريت قصة حياة أبيها وعشقه للخمـر مما جعل أمها تتحمل مسؤولية شؤون العائلة و وتربية أولادها .
تحدثت مارجريت عن معاناة ظروف الحرمان والفقر التي عاشتها بغياب الأب وشبهت نفسها بقطة على سطح من الصفيح الساخن ، وهذه المرة الخامسـة الـتـي تـصـف نفسها بهذا الوصف الرمزي
أصرارها على الحصول على الأرث لأنها أعتادت في حياتها الزوجيـة أن تـعـيـش فـي بحـوحـة ولا تريد العودة لحياة الفقر لذلك تحت زوجها على مضاجعتها وضرورة الانجاب لكي
الفصل الثاني / المبحث الثالث ( 71 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يحصلا على حصتهما من الأرث .
4- مواجهة زوجها بعلاقته بصديقه ((سكبـر)) الشاذة جنسيـا الـتـي تـعـتـبـر ذروة الأزمـات فـي هـذا الفصل .
وقد علق مؤلف المسرحية ((تينسي وليامز)) على هذا المشهد بالقول : " يجب أن يكون هذا الوضع الجنسي من القوة والأستفـزاز بحيث يهيمن على المشاهدين مشاعرهم ويجعلهم يتابعون أحداث المسرحية بشغف فقد حدث التصارع مبكراً في الحياة الزوجية عندمـا أطلعت ((مارجريت)) زوجها على حقيقة علاقتها بـ (( سكبـر )) صديقه الحميم ويصل الموقف ذروته عندما ترغم ((مارجريت)) (( سكير)) على الاعتراف بشذوذه الجنسي "(1)
وقبل نزول الستارة على نهاية الفصل يختم المؤلف هـذا الـفـصل بأصـرار (( مارجريت )) بالحياة مع زوجها على أمل تعيده إلى حبها .. إذ أنه يسألها :
بريك: كيف تتصورين أن يكون لك طفل من رجل لا يطيقك ؟
مارجريت : هذه مشكلة و على أن أجد لها حلا . (( ص 58 في النص ))
وهذه الجملة على بساطة تركيبها لغوياً ، لكـن لـهـا أهمية بالغة على المستوى الدراسي ، حيث حفرت في ذهن المتلقي بذروة عنصري الترقب والتشويق لمتابعـة مـا ستؤول إليـه
الأحـداث والصراعات ، فقد جعل المؤلف باب التأويل مفتوحاً على مصراعيه وزرع لهفـة المتابعة لديـه
يبدأ الفصل الثاني من ((ص59 إلـى ص68 في النص)) ، جـو احتـغـالي ، وحوارات وأحاديث ، لا قيمة درامية لها سوى خلق جو عائلي ، وبيان دائرة علاقات العائلة مـع بعض المدعوين بضمنهم ((القس))
يبدأ أنطلاق الحدث وهو في بداية انطلاق الذروة الأكبر بين الذروات التي أثارها المؤلف في الفصل الأول ، وقد وصلت الأحداث هذه النقطة التـي تـشـكـل (( عـقـدة )) المـسـرحـيـة أو الـحـدث الصاعد ، حيث تجمعت كل الظروف لأنطلاقه .. وهـذا الجـزء وحسب البـنـاء الدرامي يحتل بعد بداية ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ شكر الحاج مخلف ، تينسي وليامز الاتجاهات الحديثة في المسرح العالمي ، منشور العرب ، 1997 ، 58
الفصل الثاني / المبحث الثالث ( 72 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسط ، نهاية )) البداية ، الوسط ، وفـق البـنـاء الـدراسـي الأرسطي الذي يتكون من (( أي الأحداث ستأخذ منحنـى مختـلف عـن المنحـنـي الـذي بـدأت فـيـه الـمـسـرحيـة، حيث يحدث (( الأكتشاف أو التعرف )) وقد بين الباحث في بحثه هذا أن (( الأكتشاف )) هـو : عمليـة أنتقال من الجهل إلى المعرفة وهذا بدوره سيقود إلى التحول في السلوك ، والتصرفات ، والأفعال ، وردود الأفعال ، بسبب " التعـرف ، أي الأنقلاب المضاد للأتـجـاه أو الهدف .
من ((ص 69)) في النص تبدأ الأحـداث بـالتـصـاعـد حـيـث يتـضـح مـن خـلال الحـوار والأحاديث الأفعال التالية :
1 ـ التحول بعد الأكتشاف بأن الأب ليس مصاحب بمرض السرطان ، بـل هـو بـالقـولـون بـعـد الأنتهاء من الفحوصات الطبية الأخيرة الى أجريت له .
2- السلطة وسطوة الأب على جميع أفراد عائلته بل وحتى بما فيهم القس .
3 ـ كراهية الأب لزوجته ، وأحتقارها و دوام السخرية منها .
4- الأم تظهر انها لا حول ولا قوة لها صابرة على عصبية و سخرية واستهانة (( الأب )) لها .
5 ـ كشف حقيقة سلوك الأم ، وقبولها بمعاملة الأب (( زوجها )) المهيئة .. لأسباب التملك .. حيث وبصريح العبارة يقول لها الأب (( الزوج )) :
الأب : لقد تحملت كثيراً من السخافات هنا لأنني كنت أظن أني على وشك الموت وقد أعتـقـدت أني في طريقي إلى الموت وبدأت تستوليني على كل شيء ، والآن يحسن أن تتوقفي عن هذا يا إيد لأنني لن أموت .. عليك أن تكفي عن هذا الأستيلاء الآن ، لأنك لـن تـستـولي عليه لأنني لن أموت لقد اجتزت التحاليل الطبية وعملية الفحص وليس بي من علة سوى تشنج القولون .. وأن أموت بالسرطان كـمـا ظننت .. أليس كذلك ؟ ألم تعتقدي أنني سوف أموت بالسرطان يا إيدا ؟ ( .... ) ، أليس كذلك يا إيدا ؟ ألم تعتقدي أنه بوسعك أن تستولي على هذا المكان وكل ما عليه ،
لقد شعرت بهـذا .. أو يبدو أنـنـي شـعـرت بهذا... بعد أن سمعت صوتك يجلجل في كل مكان وانت تندفعين بجسدك الضخم هنا وهناك(( ص76 – 77 في النص ))
ثم ينتقل المؤلف مستعرضاً قصة حياة الأب على لسانه ، أشبه بالأعتراف الكهنوتي .
الفصل الثاني / المبحث الثالث ( 73 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأب : لقد كنت أعـمـل نـاظـراً لهذه المزرعة .. عندما كانت ملكا لسترو و اكيللو .. لقد تركت المدرسة في سن العاشرة ور اعمل كالرقيق في الأرض ، حتى تدرجت ، وأصبحت ناظرا علـى المزرعة بأكملها .. ثـم مـات سـتـرو العجـوز واصبحت شريكا لأوكيللو في المزرعة .. ثم أتسعت المزرعة وزادت أتساعا وأتساعاً واتساعا واتساعاً .. لقد فعلت كل هذا بنفسي دون أدنى مساعدة . (( ص78- 79 في النص ))
ثم تسيرالأحداث بتصاعدحتى تصل الى ذروةالفعل،وذلك عندمايصارح الأب ابنه بعلاقته بصديقه المريبة:
الأب : لماذا تشرب الخمر ؟
بريك : لست أدري
الآي : مادمت لاتعرف السبب فلم لا تقلع عنه ؟.
بريك : أرجوك ناولني عكازتي حتى استطيع أن أقف .
الأب : أحب أولا عن سؤالي .. لماذا تدمن الشراب ؟ لماذا تبدد حياتك يابني هباء وكأنه شي كريه مزر عثرت عليه في الطريق ؟ (( ص 110 في النص ))
ولايجد بريك جواباً شافيا يقدم لأبيه فيعلل أشمئزازه من الحياة وهروبه منها بأشمئزازه من الكذب والنفاق ، وهنا يقدم لنا مؤلف المسرحية على لسان الأب من جانب ، والجانب الآخر على لسان بريك موقفين مختلفين وفلسفتين متباينتين تجاه الحياة . فبينما يرى الأب بنظرته الواقعية أن على المرء أن يتقبل الحياة بكل مافيها من خير وشر وأن يتعايش معها ويكيف نفس مع ظروف مجتمعه .. كما فعل هو في حياته .
الأب : لقدى عشت في جو من الكذب وتغاضيت عنه .. لم لا تفعل أنت ذلك ؟ باللجحيم .. لابد لك أن تفعله في حياتك .. وهل في الحياة سوى الكذب ؟ بينما يرى بريك بنظرت المثالية أن خبر طريق للخلاص من هذ الحياة بشرورهها هو في الهروب بعيدا عنها .
ويسير الحديث بينهما سجالا على هذا النحو دون أن يصل الوالد إلى ما يريد فنستبد بـه الحيرة فيكاشف أبنه بحقيقة علاقته بـ (( سكبر )) وأنها ربما كانت السبب في أدمانه للخمر.. وهنا تقع الطاسة الكبرى ويثور بريك على أبيه ويعتبر الأمر أهـائـة لكرامته فيصمم فـي عصبية على الانتقام لنفسه من أبيه فيكاشفه بدوره بخطورة حالته خلافاً لما توهم وتكون هذه المصارحة الصاخبة بينهما بمثابة القذيفة
الفصل الثاني / المبحث الثالث ( 74 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن ذلك التقرير الذي قدم إليه وتلك الأماني والمني التي بناهـا عليه لم تكن سوى سرابا خادعاً وكذباً التي أزاحت عن وجه كل منهما قناع الوهم الذي كان يحتمي وراءه ويعيش في ظلـه . إذ يدرك الأب ويدرك بريك من جانبه أن علاقته بسكبر قد أنكشفت ولم تعـد بعـد سـرأ على أحد
وفي الفصل الثالث والأخير من المسرحية وبعد أن تأكدت خطورة حال الوالد يشتد الصراع على الأرث خصوصا وأن الوالد لـم يكتب وصيته بعد ، ويحاول كل من جوبر و زوجته من جانب ومارجريت من الجانب الآخر أن ستحوذ علـى الجـانـب الأكبر من الميراث وهـنـا يـشـتـد الصراع والجدل بين مارجريت ومي تارة وبين جوبـر وأمـه شـارة أخـرى ، فيعـد جـوبر بوصفه الأبن الأكبرمشروع وصاية على أبـيـه المحتضر ويحاول أن يقنع أمه بقبوله محاولا بذلك الاستيلاء على المزرعة وما عليهـا وحـر سـان أخيـه بريـك وماجي من نصيبهما العادل في الميراث فتثور الأم عليـه وترفض أن تستمع إليـه إذ أنها لا تتصور أنس تسمع في البيت غير صوت زوجها . وفي دوامة هذا الصراع وأمام سطوة جوبر و زوجته وذلك المركز الستاز الذي يتمتعان بـه في الأسرة بفضل ما لهم من أبناء , تجد ماجي نفسها وحيدة بلا معين فلا تستسلم ولا تلين وبفضل ذكائها وحيويتهـا تجـد طريقها إلى الخلاص من هذه الورطة ، فتلقي على الأسرة المجتمعة نبـا حملها من زوجها بريك. وهنا نرى الفرق واضحا بين سلوك كل من بريك ومارجريت فبينمـا يـي بريـك عـدم أكثرانـه لمـا يجـري وينصرف عنه إلى حياته الخاصة القائمة على ذكريات الماضي ، تتجه مارجريت ببصرها إلى المستقبل وتخطط له بكل ما أوتيت من حيلة وذكاء .
ويقع هذا الخبر من جوير وزوجته وقع الصاعقة فيحاولان تكذيبه والسخرية منه ويرفضان بكل ما أوتيا من عزم وتصميم أن يعترفا به بينما تسعد به الأم سعادة طاغية فتنسي في غمرة فرحتهـا بـه ألام زوجها المحتضر وتقرر على الفور أن تصعد إلى غرفته لتخبره بهذا النبأ السار الذي طالما تمـاه في حياته
الام : آه يا بريك . يا ابن أبيك كم يحبك أبوك أتعرف أجمل حلم يتمنى لو تحقق ؟ أنه يتمنى أن تجب
حفيدا يشبه أباه كما تشبه أنت أباك
مي: من المؤسف أن ماجي وبريك لايستطيعان تحقيق حلم الوالد .
مارجريت : أنصتو جميعاً.
مي : آلام ننصت يا ماجي ؟
الفصل الثاني / المبحث الثالث ( 75 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مارجريت : بريك وأنا سننجب طفلاً ماجي ..
الام : ماغي .... بريك : أن الخبر رائع بحيث يصعب تصديقه .
مي : هذا صحيح رائع بحيث يصعب تصديقه
الام : مرحي .. مرحى لقد تحقق حلم الوالد ... سأذهب الآن لأخبره فورا .. قبل أن ...
ثم تنتهي المسرحية بمشهد رائع معبر تسمع فيه صيحات الألم والأنين منبعثة من عرفة نوم الوالد الام وحنان إلى غرفة نومها ، بعد أن أستسلم لها وخضع لسيطرتها .. مما يوحي بأن الحياة توشك أن تولد من المحتضر في الدور العلوي بينما تظهر ماجـي علـى المسرح وهي تأخذ بيد زوجها في رفق وتؤده جديد في ذات الميت الذي أوشك أن يحل به الموت .
الفصل الثاني / المبحث الثالث ( 76 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المعالجة السينمائية :
ان مفهوم المعالجة السينمائية تعني : التخطيط الأولي للمعالجة أي أنها ملخص محكـم ومقترح مشروع فلم ، يكتب بصيغة الفعل المضارع . والغاية منه أو الـهـدف " تجسيد التخطيط الأولى للعرض المقترح مع مزيد من التفاصيل في المادة وطريقة المعالجـة ، أصفـاء الصيغة الدرامية ـ أي تكون معبرة بحيوية – بحيث تثير العميل ((المنتج)) فيما يختص بما ستكون عليه الصورة وفيما تقدمه له من معلومات ، وهي مفيدة أيضاً كاختيار تمهيدي لنقط اضعف أوالخلاف قبل أن تتقدم إلى المرحلة الأكثرشمولاًالمعروفة باسم التخطيط الأولى المشاهدة"(1)
أي يعني هذا أن يضع كاتب السينايو في بداية عمله الخطوط الرئيسية التي تكون قريبة من موضوعه وكيفية تناوله كذلك يجب عليه تحديد المعلومات التي يتضمنها قلمه ولو بشكل تخطيط أولي على أن يعبر عن جوهر تفكيره وقد تكون المعالجة بأي طول يترواح ((تتراوح)) مـن ((صفحتين أوثلاث إلى40 و50صفحة)) وكلما قصرت كلما كان ذلك أفضل في أغلب الحالات
أن عملية كتابة السيناريو ليس مجرد كلمات متجاورة بعضها مع بعض تعبر عن حوادث وصراع أو قصة ربما تكون ضعيفـة البنـاء أو موضوع بسيط أو متكرر الطرح بل هي تبدأ بفكرة وتختمر في ذهن كاتب السيناريو حيث يدرسها مـن حيـث المـوضوع والغاية منه وطبيعة الصراع الملائم للموضوع والأحداث المبنية على السببية والنتيجة والشخصيات المدروسة الأبعـاد (( البعـد المادي أي الجثماني ، البعد الاجتماعي والبعد النفسي )) وبعد أن يكتمل الفلم كمشروع قلـم ينـوفـر على أولية لفلمه ، أي لا يبدأ كاتب السيناريو بالكتابة إلا بعـد أن صرف الكثير من التأمل والتفكير بدراسة عناصر نجاح مضمونه في ذهن مؤلف السيناريو ثم بعدها يمسك القلم ويشرع بكتابة سيناريو بمعالجات كافة حيثيات مشروع فلمه أي أن العملية الأولية هي التفكير في العمل ودراسته ثم بعدها يشرع في الكتابة وينصح( دوايت سوين ) بأتباع أسلوب " الأقتـراب مـن مرحلة التفكيـر بتأمل تتضمن ثلاث عناصر: خط للمعلومات ، وخط لأثـارة الاهتمـام ، وبنـاء لطريقة العرض ". (2)
كاتب السناريو بالقول "أنما البراعة أن تمسك بأي فكرة وتدونها أثناء مرورها عليك ، ثم تنسجها بعد ذلك في الشكل المتكامل ولكن مجرد معرفة بأن لديك خطـا لمعلـومات وخطـا لأثارة الأهتمام وبناءا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مصدرسا بق ، دوايت سوين ، كتابة السيناريو للسينما ، ص43.
2- تفس المصدر، ص 49
الفصل الثاني / المبحث الثالث (77) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لطريقة العرض ، يساعدك الا تنسي أو تترك بعض العناصر الحيوية ، كمـا توفر لك إيـجـابـات قاطعة عندما يسألك العميل أوالمنتج عن سبب تناولك لهذا الأمر أو ذاك بتلك الطريقة المعينة علي المصدر.
فالمعلومات يعنـي بـهـا أن يتـضـمـن الـسـيـنـاريـو العناصر المهمـة مـن جـدوى الفلم وهل أن موضوعة الفلم لها مساس في حياة فرد أو مجتمع أو هو قضية أنسـانية ، فينبغي عـلـى كـاتـب السيناريو أن يحدد جوهر مفهوم فلمه وأن يؤكد عليه بأدلة اثبات مبنية على السبب والنتيجة وليس بناءاً عشوائيا على أن تكون هذه الأدلة والأثباتات صورية أكثر مما هي حوارية
سرديـة ، فخبراء الأتصال يؤكدون على أن التلقي عن طريق البصر يشكل نسبة 72% من استقبال المعلومات عن طريق الحواس الخمسة بينما يستقبل السمع نسبة 16% ، و يؤكدون على أن صورة واحدة تعـادل مـا نسبته ((ألـف كلمة)) (1)
أما بالنسبة التخطيط لأثارة الأهتمام فيقول دوايت سوين : " الهدف من التخطيط لآثارة الأهتمام هوأن تستحوذ على اهتمام المتفرجين . وهناك بطبيعة الحال طرق متعددة لتحقيق هذا، منها الأهتمام الشخصي ، فخامة العرض ، الصدمة ، التباين ، الأستحالة ، ما لا يمكن الحصول عليه ، الممنوع ، ما يسبب الكوارث ، المتنافر ، المنطقي ولكن لا يتكهن أحد بحدوثه. كـل هـذه المثيرات للإهتمام لها أنصارها المتحمسين لها ، ولها قيمتها الواضحة " (2)
إلا أن ( دوايت سوين ) يؤكد على أن من أكثر الوسائل التي على كاتب السيناريو الأهتمام بهـا والحصول على أكثر ما يمكن من الحصول عليه تفعاً هـو الصراع وخصوصا الصراع بين قوتين متضادتين .. لماذا يجيب ( دوايت سوين ) على هذا التسائل بالقول : " لأن الصراع ، أيا كان مستواه ، يثير تساؤلاًعن الجانب الذي سيفوز ولهذا فإنه يخلق التوتر لدى المتفرج . والتـوتـر هـو أساس الأهتمام هو ما يجعل المتفرجين في حالة تيقظ ، وربما أصبحوا جالسين جالسين على حافة مقاعدهم ومادامو متيقضين ومثارين "(3)
وهذا مايجعلهم يدركون الرموز والدلالات والمعاني ولكي يحصل كاتب السناريو على هذه العناصر وينفذها عند كتابته للسيناريو ينصح ((دوايت سوين)) الكتاب بالأتي :
" أـ طور شخصية ((أو شخصيات)) يتعايش معها المتفرجون .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ مصدر سابق ، دوايت سزين ، ص 49
2 ـ نفس المصدر ، ص50 .
الفصل الثاني / المبحث الثالث ( 78 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ب ـ أجعل هذه الشخصية تواجه الحطر .
ج ـ أستخلص نتيجة وكون رأياً من هذا الصراع "(1)
" القول "أنما البراعة أن تمسك بأي فكرة وتدونها أثناء مرورها عليك ، ثم تنسجها بعد ذلك في الشكل المتكامل ولكن مجرد معرفة بأن لديك خطـا لمعلـومات وخطـا لأثارة الأهتمام وبناءا
كاتب السناريو بالقول "أنما البراعة أن تمسك بأي فكرة وتدونها أثناء مرورها عليك ، ثم تنسجها بعد ذلك في الشكل المتكامل ولكن مجرد معرفة بأن لديك خطـا لمعلـومات وخطـا لأثارة الأهتمام وبناءا
وهذا مايجعلهم يدركون الرموز والدلالات والمعاني ولكي يحصل كاتب السيناريو على
هذه العناصر وينفذها عند كتابته للسيناريو ينصح ( دوايت سوين ) الكتاب بما يلي :
"أ- طور شخصية (( أو شخصيات )) يتعايش معها المتفرجون .
ب – اجعل هذه الشخصية تواجه الخطر
ج – استخلص نتيجة وكون رأياً من هذا الصراع " (2)
ويعني ( دوايت سوين ) وفق علم النفس الذي يعرفه أخصائيو هـذا العـلـم بـأنـه (( ميل الناس لأن يقاسموا الآخرين مشاعرهم وتجاربهم )) . وللحصول على هذا التعايش من المتفرجين ، فعلى كاتب السيناريو أن يقدم شخصية أو شخصيات من الواقع ، فالواقع كيان يجمع أبناء المجتمع بروابط وعلاقات ورغبات ومواقف وأحاسيس توحدهـم تجـاه طمـوحـات واحـلام وأحـزان مشتركة فمثلاً تعطيـل مصعد يحوي على عدد من الأفراد في بنـايـة مـا لا شـك تمـسـك بـهـم مشاعر وافكار وأستنتاجات تكون قريبة إلى التشابه .
إلا أن لهذه الشخصية ينبغي أن يكون لهـا هدفاً أو رغبة وربما حلما ، ومن أجل تحقيق هذه الغايات فلا بد وأن تكون لهذه الشخصية القدرة على الكفاح من أجل تحقيقها .. ولكن .. هل ستحقق تلك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مصدر سابق ، دوايت سزين ، ص 49
2 ـ نفس المصدر ، دوايت سزين ، ص 49
الفصل الثاني / المبحث الثالث ( 79 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشخصية اهدافها المنشودة ؟
فإذا ماسعت هذه الشخصية لتحقيق أهدافها لا بد وأن تصدم بمعرقلات وقوة مضادة قد تكون شخصية أو مجتمع أو قوى طبيعية أو قوة قاهرة ما وراء الطبيعة ، فكلما دخلت الشخصية في صراع مع أحد تلك القوى فمما لاشك فيه سيحدث الصراع ، وكلمـا كـانـت القوتـيـن المـتـضـادتـيـن متساويتين في القوة فستكون ردود الأفعال أيضاً قوية مما يجعل التوتر متناميا قوياً حتى يبلغ ذروته وفي النتيجة النهائية يكون الحل بهزيمة إحدى القوتين .
أما بالنسبة لبنـاء طريقة العرض فالبناء التقليدي لأي عمل درامي تقليدي يقوم على البداية
والوسط والنهاية وقد وضح الباحث البناء الدرامي بشكل تفصيلي في الصفحات ((26 ـ 47))
أن الهرم الذي طبقـه « فريتاج » على مسرحية ( هاملت ) لوليم شكسبير ، التـي تـتـكـون مـن خمسة فصول ، يمكن تطبيقه أيضاً على كل مسرحية جادة ، حديثة ، أو معاصـرة .. وكذلك يمـكـن تطبيقه على أي قلم سينمائي وكما بينت ، أن البناء الدرامي حالة واحدة ، أو نهج واحـد فـي كتـابـة العمل الدرامي سواء كان مسرحياً أو سينمائيا .
وهنا ينبغي علينا أن نوضح كيف باستطاعة المخرج السينمائي أن يعتمد على البناء الدرامي المسرحي ويسخره في إخراج فلما سينمائيا ، فالفلم السينمائي يعـتـمـد الـصـورة بـدلا مـن الحـوار لـذا ينبغي عليه أن يعتمد عناصر مستنبطة من حرفة السينما وهذه الحرفة هي بمثابة اللغة الصورية التي تكون معادلاً موضوعياً للحوار ، أي التي يطلق عليها أصطلاحات المعادل الصوري وفق لغة سينمائية مدروسة ولكن ماذا تعني باللغة السينمائية ؟ وللأجابـة عـلى هـذا السؤال مـا عليـنا إلا أن ننظـر لفهرست كتاب اللغة السينمائية لمارسيل مارتن لأدركنا ، ماهية هذه العناصر ، إذ يذكرها وفق اهميتها وكما يلي :
" 1- الصورة ، آلة التصوير : حركاتها و زواياها ، وأحجام لقطاتها .
2- الأضاءة .
3ـ الملابس والديكور .
4ـ الأيجازات : الفنية ، الدرامية ، الأجتماعية .
5ـ الانتقالات : الجمالية ، النفسانية
6- الأستعارات والرموز: التشكيلية ، الدرامية ، الأيدولوجية ، الميكانيكية النفسية ، الرمزية التشكيلية ،
الرمزية الدرامية ، الفكرية – الرمزية .
الفصل الثاني / المبحث الثالث ( 80 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
7ـ الظواهر الصوتية : الجمالية ، الضجيج ، الموسيقى .
8- التوليف : الأنواع المختلفة ، الأيقاعي ، الايدولوجي ، الرواي ، حركات آلـة التصوير
9- عمق المجال في الصورة .
10- الحوار
11- السرد وطرقه .
12- الزمن : الأسراع ، الأبطاء ، أعكاس الحركة ، وأشكال أخرى ـ زمنية السرد . التصوير
13 ـ المكان : وضع الزمن في المكان – التثبيت والانتقال . " (1)
كل هذه العناصـر هي التي تكون اللغة السينمائية ضمن المشهد ، الذي يتكون من عدة لقطات لأيصال دلالات تقود إلى معنى ، أو معـانـي . ومـن خـلال معرفتنا لعناصر اللغة السينمائية نستطيع الوصول إلى كيفية عمل البناء الدرامي وتحويله إلى صور متحركة مشبعة بالرموز والاستعارات والدلالات التي تقود ذهن المتلقي إلـى تـكـويـن مـعـانـي تساعده لفهـم مـا يـسـرد امـام مـن حـوادث ومضامين، وبالتالي الخروج بمتعة المشاهدة، وكسب خبرات ، وتجارب حياتية و اجتماعية ، و انسانية .
دراسة العينة : بين النص المسرحي والفلم السينمائي
(( قطة على سطح من الصفيح الساخن ))
1- قام المخرج ( إيليا كازان)) بادخال بعض المشاهد التي وردت بشكل سردي ((حوار)) وتحويله إلى معادل صوري من بداية الفلم وكما هو موضح في المشهد التالي :
(( بعد التايتل مباشرة ))
المشهد الأول / ليلا / ملعب رياضي في ثانوية (( أيست میسیسیبی ))
لقطة عامة ( بريك ) يرتب بعض الموانع الرياضية
الخشبية ، يحتسي الخمر ، يرتدي بدلة زرقاء
فاتحة اللون ، هو في حالة سكر (تأتي أصوات
تشجيع من خارج الكادر). مؤثرأصوات تشجيع
رياضية من خارج الكادر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مارتن ، مارسيل ، اللغة السينمائية ، تر، سعد مكازي ، الهيئة المصرية العامة، القاهرة، 1964، ص 311ـ312 .
الفصل الثاني / المبحث الثالث (81)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يندفع (( بريك )) راكضاً ويجتاز ثلاثة موانع ، فـي المانع الرابع يسقط أرضاً ، يتألم
قطع
لقطة عامة
من وجهة نظر بريك لمدرجات الملعب
قطع
لقطة متوسطة يصحوا (( بريك )) مـن تـداعـيـاتـه يختفي المؤثر
قطع
المشهد الثاني / نهاراً / غرفة
لقطة عامة (( بريك )) في سريره مجبس القدم القدم المكسورة ، يمسك بعكازة بيده اليمنى ، ويمسك كاس خمر بيده اليسرى ، يحتسي الخمر
قطع
المشهد الثالث / نهارا / حديقة بيت دادي (( الأب ))
لقطة عامة العـائـلـة يرفعون أدوات الزينة احتفالاً بميلاد الأب ، (( مي )) زوجة (( جوبر )) واطفالها الخمسة تض في فمها صافرة وأبنائها
يعزفون بالات موسيقية لحناً وهم يمشون بحركات استعراضية أشبه بحركات الكشافة .
قطع
الفصل الثاني / المبحث الثالث ( 82 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نفس المكان والزمان
لقطة عامة (( جوبر )) يجلس على كرسي يقرأ في كتاب أسود الغلاف ، من بعيد تنزل (( مارجريت )) من سيارتها (( فورد ))
قطع
لقطة متوسطة طفلة (( تريكسي )) تـتـنـاول الـحـلـوى
قطع
لقطة متوسطة (( مارجريت )) تندفع إلى (( جوبر )) بحالة عصبية وهي تقول :
لقطة متوسطة (( تريكسي )) تتناول الحلوى بنهم ، تأخذ ب ا يديها كمية من الحلوى وترمي بها على قدمي مارجريت فتغضب ، (( مارجريت )) تـمسـح الـحـلـوى بكـلـتـا يديها وتطلـي وجـه (( تـريـكسي )) بها ، تدخل((مي))
تغادر مارجريت الكادر
قطع
الفصل الثاني / المبحث الثالث ( 83)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المشهد الرابع / عند سلم يؤدي إلى غرفة (( مارجريت )) / نفس الزمان
لقطة عامة (( مارجريت )) تقف عند مدخل مصعد السلم ، تصعد أول سلم .
قطع
لقطة عامة تظهر (( مارجريت )) مـن نـهـايـة السـلـم ، تندفع وتدخل غرفتها .
قطع
المشهد الخامس / غرفة ((مارجريت )) و ((بريك )) / نفس الزمان
لقطة عامة الكاميرا خلف بريك
(( بريك )) مـضـطـجـع عـلى الأريكـة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة :
من بداية الفلم إلى نهاية المشهد السابق ، أي حتى دخول (( مارجريت )) غرفتها لا وجـود لكل صورياً لما موجود في المسرحية من معلومات سردية (( حـواريـة )) وذلك وفق رؤيـتـه الأخراجية هذه الأفعال في النص الأصلي للمسرحية وأنمـا هـذا جـاء مـن عـمـل الـمـخـرج فـقـد عـمـل معـادلاً (( المعالجة الأخراجية ))
من خلال المشاهد الخمسة يتضح أن المخرج الحرية المطلقة في معالجـة عمـلـه سـواءاً كـان مسرحياً أو قصة أو رواية أخراجيا ، وأختيار الأسلوب الذي يراه مناسباً لأيصال الأشارات والرموز والدلالات للمتلقي ومن خلال المعالجة الأخراجية للمشاهد آنفة الذكر تلمس أن (( إيليا كازان )) قد درس النص المسرحي (( قطة على سطح من الصفيح الساخن )) دراسة واعية أبداعية عميقة، فقد استطاع أن يجد المعادل الصوري لكل ما هو سردي وخصوصا في الصفحات الخمسة عشر الأولى في
الفصل الثاني / المبحث الثالث ( 84 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المسرحية وخلال فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز سواء بضع دقائق ، فقد كانت مليئة بالتفاصيل وشغلت الكثير من الصفحات في المسرحية ، استطاع أن يقدمها بأقل من عشر لقطات كل لقطة لا تتجاوز البضع ثوان .
إذا ما علمنا أن كل صفحة في السيناريو يتم تنفيذها في دقيقة واحدة في السينما ، وهذا يعني أن (( ایلیا کازان )) عالجها بدقائق لا تتجاوز عدد الأصابع اليد الواحدة ، وهذا الأبداع لـم يـأتي عبثا أو من فراغ ، بل من خبرة وحرقة في مجال الأخراج وكتابة السيناريو إذا ما علمنا أن (( إيليا كازان )) دائماً يشترك في كتابة سيناريوهات الأفلام التي يقوم بأخراجها ، فهو يتدخل في كل التفاصيل التي يقوم عليها العمل فكان يكثف في الحوارات ويتخلص من السرد الأدبي ويركزه بجمل قصيرة مترابطة ومعبرة فما يشغل العديد من الصفحات بأمكانه أن يلخصه باربعة أو خمس جمل وربما بستة حيث يعطي من خلالها التفاصيل بأسلوب أفعال أو حوادث مشحونة بالأنفعالات المعبرة عن كل فعل وطبيعته .
والأمثال االتي سنسوقها دليل على ما ذهب إليه الباحث
المشهد السادس / داخلي / غرفة مارجريت وبريك / نفس الزمان
لقطة عامة في بداية التكوين أسفل الكادر يساراً (( بريك )) مضطجع على الأريكة و (( مارجريت )) في منتصف الكادر يمينا تقف أمام المرأة ، لحظات ، تبحث في درج (( كومدي )) بعدها تجلس على كرسي ، تنظف قدميها بقطع من المناشف وتقول :
لقد أصابني واحد من أولئك الوحوش قصيري الرقاب بقطعة من الكعك المدهون بالزبد وهذا يضطرني إلى تبديل نيابي .
قطع
لقطة عامة (( مارجريت )) تخلع جورابيها .
قطع
الفصل الثاني / المبحث الثالث (85)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقطة متوسطة (( بريك )) في الأريكة يحتسي الخمر
قطع
المشهد السابع عودة إلى المشهد ( 3 ) حديقة المنزل .
لقطة عامة الجميع مشغول في التهيئة للاحتفال ،
سپارتان تقفان جانبا .
قطع
المشهد الثامن عودة إلى غرفة (( مارجريت )) و (( بريك ))
في المشهد ( 6 ) .
((عـالـج المـخـرج هذا المشهد بعدة لقطات كـان من أهمها اللقـطـات المتـوسـطـة الـتـي تسرد الأحداث كما استخدم اللقطات الكبيرة بأقل من اللـقـطـات المتوسطة بحسب أهميتها الدرامية وضروراتها الفنية التي تكشف عن الدواخـل النـفـسيـة أمـا اللقطات العامة فلم يستخدمها الا قليلا جدا لا تتجاوزاللنقطتين ))
في هذا المشهد يحصل المتلقي على الكثير من المعلومات أهمها :
1ـ أن الحادث الذي وقع لـ (( بريك )) قد حدث بالأمس ليلا
2- حديث (( مارجريت )) عـن حـب الأب لـ (( بريك )) .
3 ـ حديث مارجريت عن نـظـرات أبيه إليـهـا نظرات شهوانية الغاية من كلامها هذا أثارة ((بريك )) وتحريك غرائزه الجنسية .
4ـ تأمـر (( مـي )) و زوجها (( جـوبـر )) أخـو (( بريك )) على حرمانه من ورث ابيه .
5ـ الحديث عن زوجة أخيه (( مـي )) و زواجها وتغيير وضعها الاقتصادي .
6ـ بـيـان تـفـور وصدود (( بـريـك )) وخـشـونـة معاملته لزوجته (( مارجريت )) .
7ـ أخبار (( بريك )) بقرب وفاة والده بـمـرض السرطان حيث تشير التقارير الطبية الأخيرة والفحوصات التي أجراها بأنه مصاب بالسرطان وأيامه معدودة .
الفصل الثاني / المبحث الثالث ( 86 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما هو معلوم أن المسرحية تعتمد اعتماداً أساسياً على عنصرين مهمين هما الشخصية والحوار فمن بعض وظائف الحوار السرد لوقوع حوادث خارج خشبة المسرح وما اتصفت به مسرحية (( قطة على سطح من الصفيح الساخن )) أنها مفعمة بالحوار وقد أخذ الحيز الكبير في الفصل الأول لذلك عمل (( إيليا كازان )) على تكثيفه وتركيزه وتجذيبه والتخلص من الأسباب
الذي جاء فيه حيث استطاع أن يختزل ما مجموعه خمسة عشر صفحة بسردها ومعلوماتها وأسهابها بما يعادل صفحة واحدة وبمشهد واحد سينمائيا ، وهذا يحسب له كاسلوب ومعالجة اخراجية .
أما على مستوى التمثيل .. ففي المسرحية ومنذ بداية الفصل الأول فأن (( بريك )) يستحم في الحمام ، و ((مارجريت )) في الغرفة وبهذه الحالة فان الحوار المتبادل بينهما غيـر مـبـاشـر أحـدهـمـا يأتي من الخارج وهكذا أسلوب يعمل المخرج على أعطاء الممثل الذي على خشبة المسرح تنوعاً بالحركة ((مارجريت)) تتحدث على المسرح وهي أمام الجمهور مباشرة أما (( بريك )) داخل الحمام وحواره والانتقال من مكان إلى آخر مع الشغل المسرحي (( تنظيف الفرش ، ترتيب المزهريات والورود ، تهيأة طعام ..... إلخ )) فكلما طال الزمن على هذه الحالة يصاب المتلقي ربما بالملل والضجر .
هذا حال المسرح ولكن السينما لغتها الصورة والممثل أو الحوار عنصر من عناصر هذه اللغة لذلك أندفع ((إيليا كازان)) على حذف الحمام واستحمام ((بريك)) وجعله حاضراً كعنصراً من عناصر المشهد وراح يتبادل مع (( مارجريت )) الحوار والفعل و رد الفعل بصورة مباشرة كون السينما تعتمد الصورة أكثر من اعتمادها على الحوار أو الممثل فالتقاه شخصان وجها لوجه وكلا يعبر عن غاياته وأهدافه ويكشف عن دوافعه النفسية أكثر تأثيراً من غياب أحد طرفي الصراع .
ومما يلفت النظرأن((سيد فيد)) مؤلف كتاب((السيناريو)) ترجمة الأديب المرحوم ((سامي محمد))، يؤكد على أن عشرة صفحات تجعل القاري((أو المشاهد عندما تتحول إلى فلم )) يتعرف على من هي الشخصية الرئيسية و ((ما هي فكرة القصة ؟ ))و ((ما هي الحالة التي تريد تناولها )).وقد كان المخرج (( إيليا كازان )) موفقا في تطبيق هذه النصائح والأرشادات قبل تأليف الكتاب حيث أختزل الكثير من الحوارات والمواضيع التي ليس لها تأثير درامي مهم في الفلم ، وعالج الحوارات والسرد المسهب بالأخترال والتكثيف واستطاع أن يقدم مشهداً واحداً تضمن ما يمكن أستيعابه في عشـرصفحات وهـذا ما يمكـن أن نطلـق عليه الرؤيـة الأخراجيـة ((المعالجــة الأخراجية )).
الفصل الثاني / الدراسات السابقة (87)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل الثالث
الدراسات السابقة
من خلال البحث والتقصي في مكتبة الكلية وعلى صفحات ومواقع ((الأنترنيت)) وسؤال ذوي الاختصاص في مجال المسرح والسينما لم يجد الباحث دراسة تحليلية للمعالجة الأخراجية بين مسرحيات (تينسي وليامز) والأفلام التي أخذت عنها ألا شـذرات بسيطة أو أشـارت هامشية تتحدث عن نيل جوائز عن أفلام سينمائية حصدتها أفلامه أخذت عن مسرحياته مثل (عربة أسمه الرغبة) التي نات سبع جوائز أوسكار أربعة منها للتمثيل لم يعثر الباحث رغم الجهود المظـنية على دراسة أو معالجة أخراجية ما بين مسرحياته والأفلام السينمائية التي أقتبست منهـا ألا أن هناك عشرات الدراسات والبحوث والمقدمات عن مسرحياته .
وقد وجد الباحث أن الكثير من الدراسات التي أنفردت بها الأعمال المسرحية التي تحولت إلى أفلام سينمائية هي الأعمال (( الشكسبيرية )) المسـرحية وخصوصاً مسرحية (هاملت) و (عطيل) و (الملك لير) و(روميو وجوليت) وقـد قـام الـبـاحث بالأطلاع على بعضها ودراستها للأستفادة من أسلوب وطريقة كتابة البحوث والدراسات حولهـا وكـيـفـيـة أخراج ومعالجة تلك النصوص المسرحية سينمائيا لذا فيمكن اعتبار هذه الدراسة حسب عـلـم الباحث المتـواضـع الأولى في دراسة معالجة نص مسرحي للكاتب الأمريكي ((تينسي وليامز)) سينمانيا على الأقل على مستوى الكلية (( كلية الفنون الجميلة )) دراسة ((الماجستير والدكتوراه))
ولا يفوت الباحث أن بعض الأطروحـات الـتـي أطلع عليها في معالجة النصوص المسرحية وتحويلها إلى أفلام سينمائية وأخص بالذكرأطروحة الدكتوراه ((بـان جـبارالربيعي)) حيث تناولت تأويل النص الشكسبيري في الخطاب السينمائي ، بينما الباحث تناول ((المعالجة الأخراجية)) بـالأعتماد على ((المعادل الصوري)) بين النص المسرحي لـ (( قطة على سطح من الصفيح الساخن )) وتحويلها إلى فلم سينمائي بعيداً عن التأويل والتفسيرات الأخرى ، إذ صب الباحث جهده على كيفية تحويل ، السرد الأدبي إلى سرد سينمائي وأبراز الأفعال الرئيسية في النص مـن خـلال المعادل الصـوري للأفعال ورود الأفعال والصراعات النفسية كما عقد مقارنة بين البناء الدرامي
الفصل الثالث / الدراسات السابقة (88)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كنص مسرحي معالجاً من خلال البناء واللغة السينمائية .
ولا ينكرالباحث أنه أصاب من الفائدة بسنبة مـا باطـلاعـه عـلـى تلك البـحـوث والدراسات ومنها أطروحة الدكتورة ((بأن جبارالربيعي)) .
الفصـل الثالــث
أجـراءات البحــــث
1ـ منهج البحث
2ـ مجتمع البحث
3ـ عينة البحث
4ـ صدق الأداة
5ـ وحدة التحليل
7ـ تحليل العينة
الفصل الثالث / أجراءات البحث (90)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ منهج البحث
لـقـد أتبع الباحث المنهج الوصفي التحليلي ، الذي ينصب على وصـف ما نطوت عليـ القراءة والمشاهدة وتحليل العينة وتحديد الأستنتاجات مسترشدأ بالمؤشرات التي أسفرعنها الأطارالنظري.
ثانياً - عينة البحث
لقد وقع الاختيار على نص مسرحية (( قـطـة عـلـى سطح مـن الصفيح الساخـن )) تأليـف الكاتب الأمريكي (( تينسي وليامز )) بدوافع قصدية للأسباب التالية :
ا ـ أن أعمال تينسي وليامز المسرحية مثل (( عربة أسمهـا الرغبة )) و (( فـتـرة الـتـوافـق )) و(( صيف ودخان )) و(( قطة على سطح من الصفيح الساخن )) ، قـد حظيت باهتمام المشتغلين بالسينما وخصوصاً البارزين في مجال كتابة السيناريو والأخـراج السينمائي ، ولكنها لـم تـحـظ بالدراسة والتحليل من قبل نقاد السينما ، ألا ما ندر.
ب ـ أن الكاتب الأمريكي مفعم بالأبداع فهو كاتب قصصي ، وشاعر وكاتب مسسرحي ، وكـاتـب سيناريو ، وقد تعاون في هذا الجانب مع بعض كتاب السيناريو . ج- أن المواضيع التي يثيرها الكاتب (( تينسي وليامز )) ، تتركز حول الحاجة إلى الفهم والتعاطف بين بني البشر وثباتهم في وجه الشدائد وقد أهتم بهذه القضية وصورها في كثير من مسرحياته. د اختيار هذا العمل لكونه أرتبط بمخرج له صيته في عالم الأخراج المسرحي والسيـنـمـائـي ، وهـو المخرج ((إيلـيـا كازان)) ، حيث يمكننا الأطلاع على أسلوبه الأبداعـي في مجـال الأخراج السينمائي
ثالثاً - أداة البحث
تم أستخدام المؤشرات التي اسفر عنها الأطار النظري كأداة للتحليل بعد عرضها على مجموعة من الخبراء والاختصاصيين في مجال الفنون الدرامية في كليتنا الموقرة (( كلية الفنون الجميلة / قسم السينما والتلفزيون )) ( ") وتم التوافق عليها بعد التعديل واعادة الصياغات لبعض العبارات ، وحذف غير الموائم وطبيعة البحث ، ولقد تولدت لدى الباحث القناعات التالية :
أن المعالجة الأخراجية في المسرح أو السينما هي من أجل تحقيق هدف إيصال المعاني وجوهر العمل الدرامي .
الفصل الثالث / أجراءات البحث (91)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2- الأمكانيات الفنية واللغة السينمائية أكثر وضوحاً في إيصال الـدلالات والرموز والمعانـي مـن الوسيط المسرحي كونها تمتلك لغة وخصائص أكثر تعبيرية من الوسيط المسرحي . السرد في السينما واللعب في الزمان والمكان أكثر مرونة في الوسيط السينمائي .
4 ـ للمؤثرات الموسيقية والصوتية في لحظات الأنفعال ، والأفعال القضية أكثر تعبيرية في السينما منها في المسرح .
5- العنصر البارز في المسرح الحـوار والممثل بينما الممثل يشكل عنصراً مـن عنـاصـر اللـغة السينمائية وكذلك الحوار ، أي اللغة السينمائية تضم مجموعة من العناصر (( الكاميرا ، المكان الأضاءة واللون ، المؤثرات الصوتية والموسيقية ، المكان ، الزمان ، المونتاج ، وغيرها من العناصر .
رابعاً : وحدة التحليل
اعتمد الباحث (( المشهد الفلمي )) وحدة تحليل أساسية في مقابل الفصل أو المنظـرفي النص المكتوب، وبما أن المنظر يقوم على لقطة أو مجموعة من اللقطات عمد الباحث على تحليل المنظر أو اللقطة أو عـدة لقطات كـأداة للتحليل ، ووقع الأختياروفق المؤشر الذي يتفق مع هذا التحليل .
خامساً : تحليل العينة :
النص المسرحي (( قطة على سطح مـن الصفيح الساخـن )) تأليف ((تينسي وليامز)) ترجمة (( الدكتور محمد سمير عبد الحميد )) ، سلسلة مسرحيات عالمية ، العدد 12
جمهورية مصر العربية ، 1965 .
يتضمن النص المسرحي المذكور عدة محاور أساسية تدخل في بنائه الدرامي ، وهي
موضوع المسرحية ، القصة
ب ـ الشخصيات .
ج - الأحداث .
الفصل الثالث / أجراءات البحث (92)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د البناء الدرامي .
هـ - اللغة
سادسا : صدق الأداة :
لتحقيق قدرمن الصدق لأداء بحثـه قـام الباحث بعرض المؤشرات على لجنـة مـن ذوي الاختصاص في قسن السينما والتلفزيون ، وقد أظهر السادة الخبراء بنسبة أتفاق على مؤشرات الاطار النظري ، وقد ظهرت النسبة المئوية 100 % نسبة صدق الأداء وبذلك حقق لباحث الصدق لأداة البحث على وفق معادلة كوير
100 AgAg+Dg = Pa
إذ أن :
Pa = نسبة الأتفاق
Ag = عدد مرات الأتفاق
Dg= عدد مرات الرفض
ت
أسم الخبير
اتفاق
رافض
تحقظ
النسبة المئوية
1
د. ماهر مجيد ابراهيم
2
د.عبدالباسط سلمان
3
د. ياسر ا
وقد أظهر السادة الخبراء نسبة أتفاق ( 100 % ) وبذلك حقق البحث صدق ادانه
أن مايميز مسرح (( تنسي وليلمز)) أنه ساعد بمسرحياته على توسيع ناق الأدب كون شخصياته متنوعة ، مختلفة المشارب ، السوي منها والشاذ ، المبتذلة والسوقية ، والجسد مقابل الروح أن ما يميز مسرح تينسي وليامز أنه ناقد ساعد بمسرحياته على توسيع نطاق الأدب كون وحتى المثلية
الفصل الثالث / أجراءات البحث (93)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(( الشذوذ الجنسي )) ، والأنتهازية ، وأدمان الخمر ورغم هذا فكل ما قدمه بأسلوب لا يخلو من " تعاطف ، شخوص كثيرة منحرفة عن المعيار العام ، ،،، وباستخدام الرمزية ليحول صراعات الأنسان الأساسية إلى عمل مسرحي ، وهو مختلف عن ( اونيل ) و ( البيوت ) من حيث إنه يؤسس مسرحياته على الكلاسيات الدرامية ، ويبدو أن الحث على الفهم الأنساني كان عنده هدفاً مقدماً على أثارةشيء الأعجاب "(1)
عن المؤلف تينسي وليامز ، ومسرحه :
كان (( وليامز )) يدرك أدراكاً جيداً ، أن المسرح ليس مجرد أسلوب في الكتابة ، أو القدرة على انجاز مسرحية ، بل ابعد من ذلك ، فالكتابة لا تعني أمتلاك الصنعة ، أو الحـرفة فحسب ، بل على الكاتب أن يكون ملماً وحيوياً وفعالاً ، وتتوفـر لـه قدرات على خلق عالم متخيل يتناغـم مـع الواقع المعاش ، كذلك ينبغي عليـه أن يكون على إطلاع بأمكانيات وحرفـة الأخـراج ، والأداء المسرحي . وقد أكد (( وليامز )) على ذلك بأن المسرح باعتباره وسيلة ملائمة للأتصال الجماهيري إذ قال : " لـم أشـك قـط أن هناك الملايين من البشر الذين تستطيع أن تلتقي بهم عن طريق خشبة المسرح ،فنحن نقترب من بعضنا البعض في تؤدة وفي تعاطف ، وان كان ثمة مشكلة أو صعوبة في التفاهم بين البشر فمرجع ذلك إلى قصور الكاتب المسرحي وليـس إلـى ضخامة الجماهير , فإذا ما توفر للكاتب الحب لأخوانه من البشر والأمانة لتأدية الرسالة فلابد له أن يحقق هذا التفاهم "(2) ولم يمضي على قول (( تينسي وليامز )) ألا مدة قصيرة ، لا تتجاوز السنة حتـى قـدم مسرحيته الحيوانات الزجاجية وذلـك عـام 1945 على مسرح (( بـرود واي )) حيـث الـتـقي وليامـز الشاب بجمهوره لأول مرة ، ورغم ذلك نال رضاه ، وأعتبر النقاد هذه المسرحية أفضل مسرحية لموسم 1944 - 1945 ، ومن خلالها حاز على جائزة النقاد المسرحيين بنيويورك . وفي عام 1947 أردف المسرح الأمريكي بعرض مسرحيته المعروفة (( عـربة أسـمها الرغبـة )) وقـد أعتبـر النقـاد هذه المسرحية مـن أفضل المسرحيات التي قدمت على المسرح الأمريكي بـعـد سنوات عديدة من الركود الأبداعي المسرحي ، ومـن شـدة الأعجـاب بـهـا مـن قـبـل الجمهور والنقـاد تـم منحهـا جـائزتين مـن جوائز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - ويليس ويجر ، الأدب الأمريكي ، ترجمة : الدكتور نظمي لوقا ، دار المعارف بمصر ، 1976 ، ص274
2- الدكتور محمد سمير عبد الحميد ، مقدمة مسرحية قطة على نار ، من 11 - 12 -
الفصل الثالث / أجراءات البحث (94)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المسرح إحداهما (( جائزة النقـاد المسرحيين )) والأخرى ((جائزة بولتيزر ))
فهاتان المسرحيتان تكادان أن تكونا متشابهتان من حيث الموضوع ، فالموضوع الرئيسي فيهما" هو مشكلة نساء الجنوب الضائعات في دوامة العالم الجديد واللائي يبدو لـهـن العالم القديـم ومـا كـن يتمتعن به فيه من مركز اجتماعي وأمن اقتصادي وكأنـه الـفـردوس المفقود ، كما يبدو فيهما التركيز والتي لا قيمة لها إلى مواقف مسرحية ذات مغزى ، بل وأحيانا إلى حوار شعري ، ويصاحب الأحداث الواضح والحبكة الدقيقة التي تخلو من الحشو ، ففي كليهما يحول المؤلف الحقائق الصغيرة التافهة المسرحية في كليهمـا مـؤثرات مـن الموسيقى والرمـوزتلقى ضـوءاً علـى الحـال النفسية لشخوص المسرحية " (1)
فی بده دخوله وحداثة سنه حدد هدفه تجاه المسرح باعتباره وسيلة أتصال ، فقد بده الكتابـة فـي أول الأمر بمسرحيات الفصل الواحد ، ووسمهـا بعنوان (( سبعة وعشرون عربة محملة بالقطن )) ، وهذه المسرحيات ماهي الا خلاصة تجاربه الحياتية من خبرات وتجـارب وظروف معيشية ، ففي هذه المسرحيات القصيرة بلغ قمة من قسم كتاب المسرح الأمريكي ، فقد صور فيها فئات وقطاعات مختلفة من حياة المجتمع الأمريكي ، بكل مافيها من صراعات نفسية وميل جامح إلى الجنس ، " كما برزت فيها موهبته كشاعر وهـب القدرة على تصوير أسلوب التعويض الذي يلجأ إليه المهزومين والشواذ ، ومنذ ظهور هذه المسرحيات أخـذت نزعـتـه لـحـو الأسلوب الطبيعي تتحدد وتتبلور ، وهو القائم على قوة الملاحظة والشعور بالعطـف تحـو بـنـي البشر ، وامتلات مسرحياته بالتفاصيل المؤلمة التي نفر منها رواد المسرح في بوسطن في العرض الأول ، ولكن المؤلف أعتبر هذه التفاصيل جانبا رئيسيا من الحقيقة التي اعتزم تقديمها للجماهير إذ كان يحس أن أتصاله بالجماهير لا يمكن أن يتم إلا عن طريق الفن المسرحي بكل ما يتوفر في المسرح الحديث من مؤثرات بصرية وسمعية " (1) وهذا يعني أن (( تينـسـي وليـامـز )) ، ككاتب مسرحي تفتحت مواهبـه المسرحية في بدايات أبداعه المسرحي في كتابة المسرحيات القصيرة ذات الفصل الواحد إلا أنه في الخمسينيات من القرن الماضي تنوعت كتاباته في عدة أتجاهت وبمستويات تكاد تكون متفاوتة من العمق والتركيز ، وقد تجلى ذلك في مسرحية (( هبوط أوروفيوس )) و (( صيف ودخان )) ، " ويتمثل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- نفس المصدر ، من12
الفصل الثالث / أجراءات البحث (95)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه المسرحيات من عمق الخيال المسرحي سالم يحظ به كتاب أمريكي منذ أوئيل ، وفي نفس فالوقت استمر الكاتب في الأفـادة من استغلال نزعتـه لحـو الواقعية ، في مسرحيتين ناجحتين هما (( قطة فوق سطح صفيح ساخن )) و (( طـائـر الشباب )) وقـد حـازت الأولى إعجاب جمهورالمسرح عام 1955 وذلك بفضل الحيوية المتدفقة التي تميزت بها شخوصها وقوة الأثارة في أحداثها ، وقد أجمع رواد المسرح في لندن على أن معالجة تنسي وليامز لموضوع الصراع مـن أجل الحقيقة والحياة كمـا صـوره فـي داخـل أسـر مـن أسـرات الجنـوب فـي مسرحيته (( قطة فوق سطح صفيح ساخن )) كان عملاً مسرحياً قوياً " (1)
وأن تناول (( تينسي وليامز )) أجتماعية ، ألا أنـه لا يعتبـر مـن المصلحين الاجتماعيين ، الـذيـن سـيـطـرت كتاباتهم على المسرح الأمريكي في ثلاثينيات القرن الماضي ، " حـتى وأن كـانت تجاربه الخاصـة قـد دفعت بـه في فترة الركود إلى الثورة ضد الجنوب وتقاليده القديمة بمـا فيهـا مـن جمـود واستسلام للهزيمـة مـن الناحيتين السيكولوجية والاقتصادية ، فقد كان أهتمامه ينصب في المكان الأول على الأفراد لا على الظروف الأجتماعية ، فأن ظروف حياته الخاصة ونشأته كانت كفيل بأن تميزه عن غيره من الكتاب الذين شغلوا بتصوير مشاكل أهل المدينة من أمثال أودنيس وآرثر ميللر وليليان هيلمان الـذيـن أعـتـادوا عـلى تحليل المشاكل الأجتماعية ، وكانوا يعالجون مشاكل الفـرد فـي ضـوء الظـروف الاجتماعية والصراع الكثير من الأعمال التي عالجت همـوم ومـشـاكل وأمـراض الاقتصادي " (2) وبالرغم من أن (( تينسي وليامز )) يعتبر من مشاهير الكتاب الأمريكان ، ألا أنه أثير حوله جدل كبير ، إذ أن مسرحياته كانت تـمـثـل مـواضـيـع فـي صـور صارخة " التـي تـضـيـق بـهـا أذواقـنـا فـي الشرق .. لما نعتقده ، ويعتقد نقاد المذهب ، الطبيعي والضائقون بـه ذرعاً ، مـن أن أفـات المنحرفين وعللهم الاجتماعية هـي مـن العورات المستورة التي لا يحسن معالجتها فوق خشبة المسرح ، وهي بالعلاج المستور وبالمقاومة السرية أولى .. في المستشفيات ومصحات الأمراض النفسية " (3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المصدر السابق ، ص13
2 ـ تيلسي وليامز ، مسرحية فترة التوافق ، روائع المسرح العامي ، العدد 51 - ترجمة : فاروق عبد القادر ، مراجعة : الدكتور عبد الغني عبد الله خلف الله ، تقدیم : دريني خشبة ، وزارة الثقافة والأرشاد القومي (( المقدمة )) ، ص50 - 51
3- نفس المصدر ، م13 - 14 . 3- نفس المصدر ، ص14
الفصل الثالث / أجراءات البحث (96)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وممكن الخروج باستنتاج أن مسرح (( تينسي وليامز )) وكتاباته تدورحول " ناحيتين :
الناحية المؤسسة المصرية العامة ، العنف في مسرحياته نـرى البعض الأخـر يمتدح جرائـه عـلـى أقتحام مجاهـل الدوافع التـي تحـرك الرغبات البشرية والتصرفات اللاارادية – الأمر الذي لم يعترض له غيره من كتاب المسرح مـن معاصريه ، بل أن بعض النقاد المسرحيين يشيدون بـه كعبقرية رائدة وكفنان وهب قدرة خاصة على صياغة التجارب الذاتية البحثة في صور موضوعية "(1) وبعد هذا الاستعراض المبتسر عن ((تينسي وليامز)) مؤلفاً ومبدعا في مجال التأليف المسرحي ينبغي استعراض مسرحيته (( قطة على سطح من الصفيح الساخن )) لكونها تتضمن ما تطرقنا إليـه مـن معالجـة مختـلف القضايا والشؤون الاجتماعية والاقتصادية والنفسية ودائرة العلاقات الفردية والمجتمعية .
أ- موضوع المسرحية ، القصة
مسرحية (( قطة على سطح من الصفيح الساخن )) قبل الخوض في بيان البناء الدرامي لمسرحية (( قطة على سطح من الصفيح الساخن )) ينبغي أن نأخذ فكرة عن موضوع المسرحية ، أو قصتها ، ثم بعد ذلك نحاول دراستها على ضـوء ما وضحه الباحث في البناء الدرامي ، والتركيز على الأحداث ، والأفكار التي تسود المسرحية ، والصراع ، والشخصيات ، ودائرة العلاقات .. وغيرها المسرحية دراسة لتدهور شخصية (( بريك بوليت )) بعد أن حاصرته الشدائد ، إذ أفتضح أمـر علاقته المريبة بصديقه (( سكبـر )) ، ورأى نفسه عاجزاً عن فهم ظروف المجتمع المحيطة به والتكيف معها وفشل في بلوغ أي قدر من التفاهم حتى مع أقرب الناس إليـه ـ زوجته وأبيه ـ وكانت النتيجة أن لجأ إلى الخمر فأدمن الشراب ولـم يـعـد يـجـد فـي الحيـاة لذة سواها . ثم استقال من عمله كمذيع للبرامج الرياضية ، ومن ثم تحاول رجته ماجي فرض سيطرتها عليـه ، تلك السيطرة التي تبلغ ذروتها في الفصل الثالث عندما تفلح في غامه على مضاجعتها ، وهي لم تحقق بغيتها هذه إلا بعد أن حرمته من الخمر ـ نديم حياته ـ وفرضت عليه روطها . ويقابل شخصيتي بريك وماجي في المسرحية شخصيتي جوبر وزوجته مي ، وجوبر هذا هو الأبن الأكبر و صورة كاريكاتورية من رجل الأعمال الذي لا يهمه من الحياة سوى جمع الثروة وأقتناء المال ، وبينما أستخلف جوبر زوجته مي خمسة من الأبناء نرى أن ماجي وزوجها لم ينجبا ذرية بعد ، ومن هنا يبدأ الصراع بين الأسرتين الصغيرتين في سبيل الحصول على القسط الأكبر من ميراث الوالد .أما الوالد عميد الأسرة فقد قضى طيلة حياته يعمل بكل ما أوتى من قوة ونشاط حتى أستطاع في النهاية أن يجمع ثروة
6الفصل الثالث / أجراءات البحث (97)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طائلة تتمثل في ثمانية وعشـريـن ألـفـا مـن الفـداديـن مـن أجـود الأراضـي وبضعة ملاين من الدولارات ، وهو نموذج صادق للرجل العصامي الذي بدأ حياته من العدم ثم أنتهى إلى كل هذا الثراء العريض .
حالهم ويصاب الوالد عميد الأسرة بمرض السرطان ، ولكن طبيبه الخاص بصور له في الله حتى يخلف عنه وقع الكارثة ، فتراه في عيد ميلاده الخامس والستين متمثلا بالسعادة والزهر بعد أن توهم خطأ أن كابوس الموت قد زال عنه ولكن جرير الابن الأخير يدرك حطم نفسه بتمريض ما قاله من فرص المسلحة بالحياد و كل ممتلكات الأسرة وحرمان أخيه بريك رض أبيه ومن ثم يدير الخطط والمؤامرات للاستيلاء على المثيرة تكمن مشكلة التفاهم بين البشر ، بل بين أفراد الأسرة الواحدة ، ويفعل الحزازات الخفية المؤلمة ماجي من أصيبهما فيها ، ووراء هذه المواقف المعدة والتي كثيراً ما تسود جو العلاقات في داخل الأسرة يتعلم اللقاء ، ويتباعد الأخوة وينطوي كل منهم على نفسه ، وهنا يحاول المؤلف جاهدا الوصول إلى حقيقة الدوافع التي تحرك سلوك الأفراد ، إذ يرى أن إدراك حقيقة هذه الدوافع هو الكفيل بتفسير ذلك الضياع المؤسف وللك الشقاء الذي يعانون منه في تتحدث وثبات ، وهي والقطـة مـاجـي لا تنتمي إلى الجنس الضعيف وهم أنها أكثر جاذبية منهن ، وهي بأسلوب أهل الجنوب بل بأسلوب قناة القرن العشرين التي لا تعاني من الكبت أو العقد ، دخيلة على هذه الأسرة التي لا ا من أمرها سوى أن تنجب ورشأ لزوجها ، ولكنها تواجه بشجاعة د شخصيات المسرحية شبها بشخصية الوالد في انطلاقها وحيونتها ، وهي الوحيدة التي لا تخشى قول الحق و لا تحتمي وراه قناع من الزيف ، وقد نبذها زوجها و ازدراها اجهته في جرأة بحقيقة علاقته بصديقة سكبر فكشفت القناع عن تلك الأحتمية التي كان يعيش في وهمها وكانت تخفف طلبه وطـأة الحياة . وبنفس الجرأة والصراحة نراها تتشاجر مع جوبر و زوجته لكي تحصل لنفسها و لزوجها على نصيب عادل من الميراث ، إذ انها كانت تدرك بحكم تجربتها في الحياة مثلة الفقر المدقع و ما يتعرض له المره بسببه من متاعب وكوارث وربما كانت رغبة ماجي الملحة في الحصول على المال كدعامة لتأمين مستقبلها واحـداً مـن الأسباب التي حـدث بهـا إلـى التمسك بزوجها والتعلـق بـه وحرصها على الاستمرار في حياتها الزوجية معـه رغـم كـل مـا تعرضت له منذ بداية المسرحية من توتر شديد نتيجة أعراضه عنها والصرافه إلى الخمر وعدم أكراته برغبانيا ، هذا في الوقت الذي كانت تهيم به هیاما شديدا يبلغ حد العبادة . وثمة سبب أخـر كـان يـدفـع مـاجـي إلـي تـقــل كـل هـذا الـذل والأحتفـار مـن جـانب زوجها بريك .. ذلك أنهـا كـانـت تـرى أن حيالها الزوجية التي
الفصل الثالث / أجراءات البحث (98)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أثنيت قبل الأوان ، سوف تتجدد فجأة يوماً عندما تنيقظ مشاعر زوجها لجمالها و فتنتها فيراها ويتلهف عليها كما يراها بقية الناس فراحت تعيش على هذا الأمل ير من الموضوعات الهامة التي عالجها مؤلف العمر لها في الواقع أكبر الأثر في تدهور العلاقات بين بريك و زوجته بل أيضا بين بريك وليه وضوع عشق الجنس و يتعمل في العلاقة العربية الخاصة التي كانت تربط بريك يسكير أعز أصدقاته في والمؤلف في لهذه العلاقة وما يكتنفها من ملابسات يكتفي بالتلميح دون التصريح ويحاول جاهداً أن : الخيوط الغامضة في حياة بريك وأن يصور ذلك العالم الرومانتيكي الغريب الذي ، وتلك الهوا السحيقة التي كانت تفصل بين نظرة بريك إلى هذه العلاقة على أنها أقدس شي الآخرين ومنهم أبوه وزوجته ماجي إلى هذه العلاقة وارتيابهم فيها ، وقد أزدادت الهوة على عمق بعد موت سكر فعلقت بيريك بعيدا عن أبيه الماضي ، وأصبح شديد الحساسية منطويا على نفسه يعاقير الخمر ليل نهارا رجئه حيث ويراص بكل ما أوتى من صلابة وعزم مجرد الإشارة إلى هذه العلاقة أو التلميح اليها ، ولا يجد بريك لنا مؤلف المسرحية علـى لـسـان الأب من ناحيـة وبريـك مـن الناحيـة الأخـرى موقفين مختلفين جوانا شافيا يقدمه لأبيه فيعلل اشمئزازه من الحياة وهروبه منها بأشمئزاره من الكذب والنفاق ، وهذا يقدم وفلسفتين متباينتين تجاه الحيـاة . فبينما يرى الأب بنظرته الواقعية أن على المرء أن يتقبل الحياة بكل ما فيها من خير وشر وأن يتعايش معها ويكيف نفسه مع ظروف مجتمعة كما فعل هـو في حياته ، ويرى بريك بنظرته المثالية أن خير طريق للخلاص من هذه الحياة بشرورها هو في الهروب بعيداً عنها . ويسير الحديث بينهما سجالاً على هذا النحو دون أن يصل الوالد إلـى مـا يـريد فنستبد به الحيرة فيكاشف أبنه بحقيقة علاقته بسكبر وأنها ربما كانت السبب فـي إدمانه للخمـر .. وهـنـا تـقـع العـامـة الكبرى ويثور بريك على أبيه ويعتبر الأمر أهـانـة لكرامته فيصمم فـي عصبية على الأنتقام لنفسه من أبيه فيكاشفه بدوره بخطورة حالته خلافاً لما توهم وتكون هذه المصارحة الصاخبة بينهما بمثابة القذيفة التي أزاحت عن وجه كل منهما قناع الوهم الذي كان يحتسي وراءه ويعيش فـي ظـلـه . إذ يدرك الأب أن ذلك التقرير الذي قدم إليه وتلك الأماني والمنى التي بناها عليه لم تكن سوى سراباً خادعا وكذبا . ويدرك بريك من جانبه أن علاقته بسكبر قد أنكشفت ولم تعـد بعـد سـرأ على أحد ولو أننـا أدركنا مـدى الحـب الصادق الذي كان يكنه الوالد لأبنه بريك ورغبته الجادة في حل مشاكله ومساعدته على النهوض مرة أخـرى لأدركنـا عمـق الصدمة ومبلـغ الأثر الذي أحدثته في نفسه تلك الطعنة التي جاءتهه من أقرب الناس وأحبهم إلى قلبه . وفي الفصل الثالث والأخير من المسرحية وبعد أن تأكدت خطورة حال الوالد يشتد
الفصل الثالث / أجراءات البحث (99)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصراع على الأرث خصوصاً وأن الوالـد لـم يكـتـب وصـيتـه بعـد ، ويحـاول كـل مـن جـوبر و زوجتـه مـن جـانـب ومارجريت لجانب الآخر أن ستحوذ علـى الجـانـب الأكبـر مـن الميراث وهـنـا يشتد الصراع الجدل بين ريت ومي تارة وبين جوبـر وأمـه تـارة أخـر جوبر بوصفه الأبن الأكبر على أبيه ويحاول أن يقنع أمه بقبوله محاولاً بذلك الأستيلاء على ا عليهـا وحـرمـان أخيــه بريك وماجي من نصيبهما العامل في الميراث فتثور الأم عليه وترفض أن تـسـتـمـع إليـه إذ أنها لا تتصور أن تسمع في البيت غير صوت زوجها . وفي دوامة هذا الصراع وامام سطوة جوير و زوجته وذلك المركز المستـاز الذي يتمتعان بـه في الأسرة بفضل ما لهم من أبناء ، تجد ماجي نفسها وحيدة بلا معين فلا تستسلم ولا تلين وبفضل ذكانها وحيويتهـا تـجـد طريقها إلى الخلاص من هذه الورطة ، فتلقي على الأسرة المجتمعة نبـا حملهـا مـن زوجها بريك . وهنا نرى الفرق واضحاً بين سلوك كـل مـن بريـك ومـارجريت فبينمـا يـبـدي بريـك عـدم أكتراثـه لمـا يجـري وينصرف عنه إلى حياته الخاصة القائمة على ذكريات الماضي ، تتجه مارجريت ببصرها إلى المستقبل وتخطط له بكل ما أوتيت من حيلة وذكاء ويقع هذا الخبر من جوبر وزوجته وقع الصاعقة فيحاولان تكذيبه والسخرية منه ويرفضان بكل ما أوتيا من عزم وتصميم أن يعترفـا بـه . بينما تسعد به الأم سعادة طاغية فتنسى في غمرة فرحتها بـه آلام زوجها المحتضر وتقرر على الفور أن تصعد إلى غرفته لتخبره بهذا النبأ السار الذي طالما تمناه في حياته .
. ثم تنتهي المسرحة بمشهد رائع معبر تسمع فيه صيحـات الألم والأنين منبعثة من غرفة نوم الوالد المحتضر في الدور العلوي بينما تظهر ماجي على المسرح وهي تأخذ بيد زوجها في رفق وتؤدة وحنان إلى غرفة نومها ، بعد أن استسلم لها وخضع لسيطرتها مما ، يوحي بأن الحياة توشك أن تولد من حديد في ذات الميت الذي أوشك أن يحل به الموت.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) اعتمد ((زبتصرف)) الباحث على كتابة هذا الملخص علـى مقدمة المسرحية التي كتبها الدكتور محمد سمير عبد الحميد ، وبكتاب تينسي وليامز والأتجاهات الحديثة في المسرح العالمي للدكتور شاكر الحاج الذي بدوره أعتمد على نفس المقدمة ألا أنـه لـم يشـر إلى المصدر للأسف الشديد
الفصل الثالث / أجراءات البحث (100)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ب – الشخصيات
اولاـ مارجريت : زوجة بريك وبطلة المسرحية، ما يميز هذه الشخصية اللون ألقائها حيث يصف المؤلف صوتها بنه سريع مخطوط، وهو يبدو أثناء أحاديثها الطويلة وكأنه ليرات فس يعني شراب دينية ، فهي تكاد تتغنى بالكلمات وتكاد أنفاسها لا تلاحق كتها بل تلهث في أثرها ، وأحياناً ينحل عباراتها نعمة موسيقية مثل دا دا دا ، وكانت أشبه بالقطة السكينة التي تحب روحها وتغار عليه غيرة شديدة وكان همها أن تحصل على جزء من ورث الأب وبحكم أنها لم تتعب من زوجها فهي و زوجه مهددان من الحرمان من الورث وسب عم الجانها يرجع إلى عم معاشرة زوجها لها وخلال سرد حواث المسرحية مع محاولاتها بكل مافي وسعها ، أن نترصا زوجها ((بريك )) وتستمليه أن يصلح الله حـلـه ويعـشرها كما يعتر الأزواج زوجاتهم فينحب ولا يفهم شر الحرمان من الأرت ألو بالأحرى صباع الثروة الواسعة وفـوز غريمهما ((جوير )) أخو (( بريك )) و زوجته (( می ))
ثانيا: يربك : بطل المسرحية ـ الأبن الأصغر ، من سياق حوادث السـرحـي ينصح أن ح أنه قد حاصرته الشدائد ، افتضح أمر عاقه المريسة بصديقه سكر ، ورأى نفسه عاجزاً عن فهم صروف المجمع المحيطة به والتكيف معها وفشل في السوع أي قدر من الده حتى مع أقرب الناس إليه ـ زوجته وابيه ـ وكانت التحة في لي إلى الخمر فادس الشراب ولم يعد يجد في الحالة سواد ثم استقال من عمله كمنبع البرامج الرياضية، ومن ثم تحول زوجته ماجي فرض سيطرتها عليه ، تلك الصورة التي تلع ذروتها في الفصل الثالث عندما تقع في أرغمه عى مضاجعتها ، وهي لم :
ثالثاً : مي : أحيانا تسمى السيدة الأخت . زوجة جـوبـر الأبن الأكبر .تحقق بنتها هذه الا بعد ان حرته من الحمر - تقيم حياته ـ وفرضت عليه شروطها
رابعا : جویر : أخو بريك . وهاتان الشخصيتان تقابلان شخصیتی بريـك ومـاجـي فـي المسرحية ، وجوير هذا هو الابن الأكبر و صورة كاريكاتورية من رجل الأعمال الذي لا يهمه من الحياة سوى جمع الثروة وأفتناء المال ، وبينما أستحلف جوبر زوجتـه مـي خمسة
الفصل الثالث / أجراءات البحث (101)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من الأبناء نرى أن ماجـي وزوجها لم ينجبا ذرية بعـد ، ومـن هـنا يبدأ الصراع بين الأسرتين الصغيرتين في سبيل الحصول على القسط الأكبر من ميراث الوالد .
خامساً : ديسكي : صبية صغيرة - أبـنـة جـويـر ، مع أخوتها ، حيث يتـصـفـون بالمشاكسة وعمل المقالب ، مما يثير أعصـاب مـارجـريـت زوجـة بريك ، وسلوكهم وتصرفاتهم تثير أعصابهـا ويـجـعـلـهـا دائـمـة الشكوى منهم ، وهم بستر ، سوني ، تريكسي
سادساً : الأم : وهي مرأة قصيرة ممتلئة .. تتنفس بصعوبة أعلب الـوقـت مـن تأثير الستين عاماً ، وسمنتها الملحـوظـة .. وهي دائماً مشدودة كالملاكم أو بالأحرى كمصارع بـابـانـي .. وأسرتها ربما كانت تفصل أسرة الوالد بعض الشيء ولـكـن الـفـارق لـم يـكـن كبيرا .. ترتدي فستانا دانتيل أسود أو قصـبـا وعلى الأقل ما قيمته نـصـف مليون من الجواهر اللماعة .. تعبيراتها دائماً صادقة لاتصنع فيها
سابعاً : دادي : عميد الأسرة ، فهو الوالد عميد الأسرة فقد قضى طيلة حياته يعمل بكل ما أوتي من قوة ونشاط حتى أستطاع في النهاية أن يجمع ثروة طائلة تتمثل في ثمانية وعشرين ألفا من القدادين من أجود الأراضـي وبضعة ملاين من الدولارات ، وهو نموذج صـادق للـرجل العصامي الذي بدأ حياتـه مـن العـدم ثم أنتهى إلـى كـل هذا الثراء العريض .
ثامناً : القـس تـوكر : يـحـاول أن يـسـتـجـدي عـواطـف الأب (( دادي )) ودفعـه للتـبـرع للكنيسة أي لتحقيق ماريه بحجة مرضاة الله وخـدمـة العقيدة وكان عند أحراجه في بعض المواقف يحاول التغطية على ذلك بالضحك وروح النكتة والمرح .
تاسعاً دكتور بو : طبيب الأسرة ، وكـان يـصـور لـلأب المصاب بمرض السرطان غير ذلك حتى يخـف عـنـه وقـع الكارثة ، فتراه في عيد ميلاده الخامس والستين متمثلا بالسعادة والـزهـو بـعـد أن تـوهـم خـطـا أن كابوس الموت قد زال عنه ، ومن ثم يمني نفسه بتعويض ما فاتـه مـن فرص المتعة بالحياة .
الفصل الثالث / أجراءات البحث (102)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عاشراً لاسي : خادم زنجی
الحادي عشر سوكي : خادم آخر .
صبية أخرى وولدين صغار
ج – الاحداث :
أولا : عنـدمـا تـصـدى المـخـرج الكبـيـر (( إيليا كازان )) لأخـراج مسرحية (( قـطـة عـلى سطـح مـن الصفيح الساخن )) للكاتب (( تينسي وليامز )) ومن خلال دراسته النص ، أقترح على مؤلفها بعض التعديلات ، وخصوصاً الفصل الثالث ، وقد كـتـب (( وليامز )) فـي مقدمة المسرحية عند نشرها تعقيباً على ملاحظة ((إيليا كـازان )) قـال فـيـه : " أطلع إيليا كازان على النص الأول للمسرحية وأعجب به كثيرا ولكن كانت له بعض التحفظات المركزة على الفصل الثالث ، وخلاصة تحفظا له يمكن ان تذكرها في ثلاث نقط :
1- كان يحس أن الأب شخصية حية هامة لا يمكن أن تختفي من المسـرحـيـة وتبقى فقط صيحة من خارج المسرح بعد ستار الفصل الثاني .
2- كان يشعرأن شخصية بريـك يـجـب أن يطـرا عـلـيـهـا بـعـض التحـول نتيجة للتشر في حديثه مع أبيه في الفصل الثاني .
3- كان يعتقد أن شخصية مارجريت يجب أن تنال عطف المشاهدين بوضوح أكـثـر رغـم أنـه يـعـرف أني أعطف عليها وأحبها وكان الأقتراح الثالث موضع اهتمامي من كل قلبي منذ البداية لأن ماجـي القطة قد ازدادت سحرا في نظري كلما تقدمت في رسم شخصيتها ، لـم أكـن أحـب أن يظهـر الأب في الفصل الثالث وكنت أشعر أن الكساح المعنوي الذي أصاب بريك شيء أساسي في مأساته ، وأن أظهار أي تقدم درامي سيؤدي إلـى غـمـوض معنى المأساة اعتقد أن أي حـادثـة مهما كان ( استكشافية ) ستؤدي إلى تغيير مباشر في قلب أو حي في ، وصل إلى ما وصل إليه بريك من أنهيار روحي ، ومع ذلك عنيـت بـأن يـخـرج كازان المسرحية ورغم أن أقتراحاته لم تتخذ شكـل أنذار فكنت أخشى أن أفقد أهتمامه أذا لـم أعـدل النص من وجهة نظره
الفصل الثالث / أجراءات البحث (103)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو ، ففعلت ذلك وسترى في هذا النص الحديث الفصل الثالث الجديد الذي نتج عن تأثيره الخلاق على المسرحية وأن الحالة التي أستقبل بهـا الجمهور النص الذي أخرج ليبـرر فـي نظـري التعديلات التي تمت بتوجيه المخرج وأن المسرحية الناجحة لتنتشر أكثر من المسرحية الفاشلة . نفس وربما نالت (( قطة رقم 1)) نفس النجاح الذي نالته (( قطة رقم 2 )) " (1)
ثانياً : شخصية مارجريت كغيرهـا مـن الشخصيات النسائية فـي مـسـرحيات (( سـتـرنبرج )) لا تنتمي إلى الجنس الضعيف رغم جمالها وأنوثتها ألا أنهـا كـانـت تـلقى معاملة ملينـة بالذل والأهمال ، وكانت تتقبل هذا من جانب زوجها بريك ، لأنها كانت ترى أن حياتها الزوجية أنتهت قـبـل الأوان سوف تتجدد يوما ما عندما تتيقظ مشاعر زوجها لجمالها وفتنتها فيراها ويتلهف عليها كما يراها الناس فراحت تعيش على هذا الأمل .
ثالثاً : عشق الجنس وهو يتمثل في العلاقة المريبة الخاصة التي كانت تربط بريك بـ (( مكبر )) عز أصدقائه في الجامعة .
رابعاً : يرى بريك وحسب نظريته أن خيـر طـريـق للخلاص من هذه الحياة بشرورها هـو فـي الهروب بعيداً عنها ، لذلك لجا لاحتساء الخمر دون هوادة .
خامساً : الأب يكاشـف أبـنـه (( بريك )) بحقيقة علاقته بـ (( سكبر )) وأنهـا ربما كانت السبب في ادمانه للخمر . تقوده إلى الثورة ومحاولة الانتقام لنفسه من أبيه فيكاشفه بدوره بخطورة
سادساً : مكاشفة الأب لأبنه حالته الصحية .
سابعاً : بعد ثورة الأبن ومعرفة الأب حقيقة مرضه تـم أزاحـة قناع الوهم عن كليهما حيث كانا
يحتميا خلفه ، ويعيشا تحت ظلاله .
ثامناً : بعد أن تأكـد تـدهور وخطورة الوضع الصحي للوالد ، يشتد الصراع على الأرث خصوصاً وأن الوالد لم يكتب وصيته بعد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- قطة على نار ، (( تنويه - ايضاح )) للمؤلف ، مصدر سابق ، ص 217 - 218 - 219
الفصل الثالث / أجراءات البحث (104)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تاسعاً : جوبر و زوجته من جانب ومارجريت من الجانب الآخر يحاول كل جانب منهما أن يستحوذ على كمية أكبر من الميراث فيشتد الصراع والجدل بين الأطراف
عاشراً : مارجريت وسط هذا الصراع تجد نفسها وحيـدة بـلا شـعيـن ولكنها لا تستسلم ولا تلين ،وبفضل ذكـانها وحيويتها تبتدع وسيلة للخلاص من ورطتها ، فتلقي على الأسرة خبر حملها من زوجها (( بريك )) ، فتختلف ردود الأفعال بين أفراد الأسرة بين مصدق و مكذب . الحادي عشر : ـ وأخيراً -
ثـم تنتهي المسرحية بمشهد رائع معبر تسمع فيه صيحات الألم والأنين منبعثـة من غرفة نوم الوالد المحتضر في الدور العلوي بينما تظهر ماجي على المسرح وهـي تـأخذ بيد زوجها في رفق وتؤده وحنان إلى غرفة نومها ، بعد أن أستسلم لها وخضع لسيطرتها .. مما يوحي بأن الحياة توشك أن تولد من جديد في ذات الميت الذي أوشك أن يحل به الموت .
د البناء الدرامي للمسرحية :
إذا ما أردنا أن نوفر عوامل نجاح لأي عمل درامي سواء كان مسرحياً أو سينمائياً (( فلـم )) علينا أن نوفر بدءاً العناصر التي تضمن تحقيق ذلك النجاح .. ينبغي أن نسعى إلى التكامل أو أقل بقليل .. وعدم التكامل يجعلنا نفكر وتعمل باستمرار من أجل تحقيق أعلى درجـة مـن النجـاح .. وأن كنا نعلم أن الكمال لله وحده .. ألا أننا ينبغي أن تندفع بهذا الأتجاه .
أن من أهم عناصر السعي نحو التألق والأبداع بحسب رأي (( سيد فيلد )) .. " رسم الشخصية ،أسلوب الكتابة ، الحركة ، تدفق القصة " (1)
لذلك يجهد الكاتب نفسه بالحصول على أعلى درجات الأتـقـان بـحـرفـتـه وفـي مختلف المستويات . والقارئ لمسرحية (( قطـة علـى سـطـح مـن الصفيح الساخـن )) أو المشاهد لفلمها سيجـد العناصر آنفة الذكر ، متوفرة جميعها في هذا العمل سواءاً على مستوى المسرحية أو القـلـم فأسلـوب الكتابة من حيث اللغة أسلوباً شاعرياً ، رمزياً ، معبراً عـن دواخـل النـفـس البشـرية مليئا بالصـور الشاعرية والسرد الجميل الذي ينساب بين ثنايا الجمل دون أن يشعر به القارئ بل أنه يدخل ضمن الأجراء الـدقـيـقـة في البناء الدرامي . أما الشخصيات فقد حرص المؤلف على رسم أبعادها الجثمانية والأجتماعية والنفسية بشكل دقيق وملم بكل تفاصيل الأبعاد فلكل شخصية أسلوبها وسلوكها ودوافعها وبناءها الجثمـاني المتـنـوع بدءاً من الصبية انتهاءا بالأب العجوز الذي ينهش في
الفصل الثالث / أجراءات البحث (105)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جسده مرض السرطان أمـا الحركة فبـأخـتلاف الوسيط بين المسرح والسينما ألا أن الكاتب في المسرح استخدم حركة الممثلين وتنقلاتهم بعـداً أو قرباً من الجمهور وبمختلف الأشكال (( الحركة السريعة ، والحركة المتوسطة ، والحـركـة البطيئة والسكون )) . سيد فيلد ، السيناريو ، ترجمة سامي محمد ، دار المامون ، بغداد ، 1989 ، ص 84
أما في السينما فقد لعبت الكاميرا دوراً واضحاً في أيصال الأفعال و ردود الأفعال وبمختلف حركات الكاميرا بعداً أو قرباً أو مصاحبة للشخصية وكذلك حركة الشخصيات وعلاقتها بالكاميرا من خلال اختيار أحجام اللقطات الـتـي تـارة تستخدم لسرد القصة من خلال اللقطات المتوسطة أواللقطات الكبيرة التي تكشف عن دواخل نفسيات الشخصيات أو اللقطات العامة التي تبين علاقة الشخصيات بالأشياء المحيطة من حولها . أما على مستوى القصة فمنذ اللحظة الأولى تتدفق بأيقاع متسابق في تصوير الأحداث بحيث تتصاعد الأحداث بحرفة تنم عن خبرة واتقان يمتلكها المؤلف (( تينسي وليامز )) قل نظيرها لدى الكثير من كتاب المسرح . أن مسرحية / فلم ، (( قطـة على سطح من الصفيح الساخـن )) تعتبر من روائع الأدب والسينما ، قد أبدعها أثنان من خيرة المبدعين هما (( تينسي وليامز )) مؤلفا ، والمخرج العبقري الذي أخرجها للمسرح ، ثـم عـاد وأخرجهـا للسينما بمعالجـة أهـتـم فيـهـا بالمعـادل الصوري للنص كجنس أدبي يعتمد الكلمة في بنائها الدرامي .
هـ - اللغــة
بـدأ (( تينسي وليامز )) حياته الأدبيـة شـاعـراً ، وكان ذلك في سن مبكرة ، عندما كان في الدراسة الثانوية ، وقد قوبلت أشعـاره بالاستحسان مـن زمـلائـه الطـلاب ومـن جمـاعـة الشعـر فـي مسيسبي وتينسي ، ورغم أنه ترك قرض الشعر وأتجه إلى الكتابة . أن لـ (( تينسي وليامز )) قدرة على تحـول الحقائق الصغيرة وربما التافهة التي ليست لها قيمة ، إلى مواقف مسرحية ذات مغزى ، بل وأحياناً إلى حوار شعـري ، يصاحب الأحداث بمعية المؤثرات الموسيقية والصوتية والرموز والأستعارات والمجـازات التي تكشف عـن الخـلجات والحالات النفسية المعقدة .
ان حل مسرحيات (( تينسي وليامز )) هـي خـلاصـة عميقـة لتجـاربه في الحياة من خبرات ومعاناة ففي معظم مسرحياته القصيرة كان يصور شرائح مختلفة من المجتمع الذي يعيش فيه ..((المجتمع الأمريكي )) بكل تفاصيله من صراعات نفسية وجموح إلى الجنس .. وذلك يـبـدو جليا لمـن يتصدى
الفصل الثالث / أجراءات البحث (106)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لدراسة أعمـال وحياة هذا الكاتب ، فسيجد أن استخدامه فـي حـوارات مسرحياته الأسلوب والنفس الشعري .
ان ما يميز اعمالـه عـن سـواه مـن الكتاب ، هـو كتابته وفق الأسلوب الطبيعي " فالشيء الطبيعي هو الشيء المنسوب إلى الطبيعة ... الطبيعـة كمـا خلقها الله ... الطبيعـة التـي لـم تـتـأثـر بالعوامل الخارجية الطارئة والتي يصنعها المجتمع في الغالب بما يتواضع عليه من تقاليد وآداب ، وما العام ... والأدب الطبيعي هـو مـا يـحـدثـنـا عـن تلك الحياة الطبيعية الفجـة التـي لم تتأثر بهذه العوامل يسنه من شرائع وقوانين ، وما يقيمه من معاهد للعلم أو منشاات للفنون ، وما يبتدعه من أصول الذوق المكتسبة "(1)
لذلك ونحن تتابع حواراته المسرحية بشكل عام ، ومسرحية (( قطة على سطح من الصفيح الساخن )) نجد الشاعرية تلـف حواراتـه التـي تنساب بـشكـل علـوي وكأننا نسمع همسات للدواخل النفسية للشخصيات .. ولنتأمل حوار الأب :
الأب : " الأنسان حيوان فان ، وعندما يتيسر له المال يشتري ويشتري ويشتـري وأظـن أن الـدافع الخفي لكل هذا الشراء هو أمله المعتوه في أن شيئاً مـمـا يـشـتـري قـد يكـون فيـه الخلـود .. وهذا محال .. الأنسان حيوان (( ص 93 في النص )) (2) حـوار يكشـف عـن الـدواخل النفسية لشخصية الأب ، وفي نفس الوقت صياغته لا تخلو من الأسلوب الشعري . حيث صورة حب الأمتلاك التي أقترنت بالحيوانية . رغم أنها أريد لها الخلود .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- دريلي خشبه ، اشهر المذاهب المسرحية ، وزارة الثقافة والأرشاد القومي ، مصر ، 1961 ، ص 123
2- المسرحية ، مصدر سابق ، ص130 .
الفصل الثالث / أجراءات البحث (107)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفصل الرابع
النتائج والأستـنـتـاجـات
* النتائج
* الاستنتاجات
* التوصيات
المقترحات
الفصل الثالث / أجراءات البحث (108)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النتائج :
1- هناك تشابه واضـح بـين قصة المسرحية وقصة الفلم إلا في بعض التفاصيل البسيـطـة الـتـي لاتستحق الذكر .
2- من حيث المعالجة الأخراجية فقد عـمـد المخـرج (( إيليا كازان )) أن يتدخل في البناء الدرامي للأحداث فقد قدم في العلم بعض الحوارات السردية واستعاض عنها بمعادل صوري من داخل البيت إلى خارجه .
3- ركز المخرج على الجوانب النفسية والصراعات الداخلية للشخصيات بشكل واضح وملحوظ
4- أهتم المخرج بالجانب الجسيدي (( التمثيل )) وخـصوصـا شـخـصـيـة مـارجـريت التي قامت بتمثيل الدور الفنانة المتألقة (( فيفان لي )) الـتـي استطاعت أن تجسد التفاصيل الدقيقة لمكـونـات الشخصية وخصوصاً الأفعال النفسية بحركاتها وسكناتها وحتى لحظات الصـمـت ويعقـويـة قـل نظيرها .
5- كان الممثل (( مارلوند براندو )) بحق ممثلا بارعاً متمكنا من أدواته . 6- أستطاع المخرج من خلال الفلم. أن يكسر البناء الدراسي للمسرحية ويقدم فلما لايشعر المتلقي أنـه يشاهد عرضاً مسرحياً أو فلما اقتبس عن مسرحية وذلك من خلال التنوع فـي استـخـدام أسـاكـن عدة وقد أستنبطها من السرد الحواري وجعلها تنبض بالحـيـاة أي أنـه أعتمد المعـادل الصوري في الكثير من المشاهد .
7- عمد المخرج إلى التكثيف في الحوادث التي ليس لها تأثيراً على سير الأحداث بـل استخدم فـي بعض المشاهد الجمل القصيرة ذات التأثير الذي يساهم في دفع الصراع وتنشيط التوتـر ودعـم عنصري الترقب والتشوي.
الفصل الثالث / أجراءات البحث (109)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاستنتاجات :
1- أن نص قطة على سطح من الصفيح الساخن .. نصاً مسرحياً كتب بلغة شاعرية ، معبراً عـن الدواخل النفسية لذلك يعتبر من النصوص التي تحسب على الأتجاه أو المذهـب الطبيعي فـي المسرح .
2- أستطاع المخرج (( إيليا كازان )) أن يوصل المظاميم الفكرية والسيكولوجية للشخصيات من خلال أهتمامه بالجانب التجسيدي للممثلين .
3- قراءة النص المسرحي ومشاهدة الفلم الذي أقتبس عنها بسيط في طرحه واقعي المعالجة واضح الدلالات بسيط الرموز لا يحتاج عناءاً ولا يتحمل التأويل لكونه يعالج هـمـوم ومشاكل المجتمع الأمريكي بكل وضوح وصراحة .
4- أن المشاكل التي تثيرها المسرحية هي نفسها المشاكل التي يثيرها الفلم ولكنها جرينـة وتـنـاقـش الجوانب الشاذة والمقرفة والبذينة في حياة مجتمع أصاب علاقاته التـفـكـك والأنـانيـة بـل وحـتـى الحيوانية إذ أن الزوج متهم بالشذوذ الجنسي والأب يشتهي زوجـة ابنه والأخ جشع يريد الهيمنة على ما سيتركه الأب من أرث ويحاول هو و زوجته بشتى الوسائل والحيـل أن يـحـرمـاه مـن تركة الأب ، بالرغم من علمهما بأنه بأمس الحاجة بحصته في الأرث .
5- مرجريت (( القطة )) تتحمل أهانات زوجها (( بريك )) وسخـريتـه مـنـهـا والأنتقـاص مـن شخصيتها كل هذا من أجل الا تحرم هي و زوجها من الأرث وترجع مراكبها تارة أخرى إلى حياة الفقر والعوز التي عانتهما قبل أن تتزوج بريك .
6- المسرحية والفلم يصوران الحيوانية في داخل كل شخصيـة من شخصياتـهـا وهـذا مـا حاول إبرازه المخرج (( إيليا كازان ))
7- المسرحية والفلم صرخة احتجاج في وجه المجتمع الأمريكي .
الفصل الثالث / أجراءات البحث (110)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوصيات :
من الضروري دراسة ومشاهدة الأفلام التي تعتمد على النصوص المسرحية كاحد الروافد لأنتاج الأفلام ، باعتبـارهـا نـصـوص جاهزة للتحويلها من وسيط مسرحي إلى وسيط سينمائي وذلك لزيادة الخبرة ومعايشة التجربة مـن خـلال المشاهـدة ، لغرض استثمارها وتقليدها ومن ثم أتخاذ طريق الأبداع سبيلا للارتقاء بمستوى صناعة سينمائية أبداعية محليا .
2ـ من الضروري أن يوضع في المناهج الدراسية وخصوصاً المرحلة الأولى ((بـكـالـوريـوس)) لدراسة السينما درساً يهتم بعـملية تحويـل النصوص الأدبية وكيفية أخراجها سينمائياً .
الأكثـار مـن دراسة الأفلام المقتبسة عن النصوص المسرحية والتركيز على مواطن القوة و الضعف فيها ، فكثرة المشاهدة تـزيـد الطالب والمتلقين خبرة ، ومـن ثـم بالأمـكـان أستثمار تلك الأساليب والوسائل وتسخيرها بأنتاج وأخراج الكثيـر مـن المسـرحـيـات والقصص والروايات العراقية الحاصلة على الجوائز في المسابقات الدولية أو المهرجانات
من الضروري أقامة الورش الخاصة بأعـداد وكـتابة الـسـيناريوهات لذوي الأختصـاص لدراسة أساليب اقتباس النصوص المختلفة والمتنوعة من في مختلف دول العالم مع عرض النماذج البارزة والمتميزة في هذا الجانب .
الفصل الثالث / أجراءات البحث (111)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقترحات :
أفـتـرج أن تـقـدم بعض الأفلام لطلبة البكلوريوس والماجستير في بعض الدروس النظرية نماذج تطبيقية لبعض الأفلام الحاصلة على جوائز الأوسكار وخصوصا في ما يتعلق بـدروس المونتاج والدراما وتحليل النص والتصوير ، لكي يتعزز الجانب النظري بالعملي لأن حاسة البصر تستحوذ على ستة وسبعين بالمئة من بين الحواس الأخرى ، فالطالب الذي يأخذ العلم من المصادر والمراجع التي تتعلق باختصاصه وبتوجيه من أساتذته الأفاضل وبعلميتهم التي يزودوها للطلبة لا شك أنها تحتاج لكثرة المشاهدة والتطبيقات العملية من خلال المشاهـدة لـكـي تـتـم الفائدة وأذا كان هذا المقترح صعب التنفيذ فعلى الأقل يعين أستاذ المادة بعض الأفلام للطلبة والمطالبة بكتابة الدراسات النقدية حولها .
المصادر
القرآن الكريم
سورة ط ، اية : (114) صفحة 320
اولا:كتب المعاجم
1- ابن منظور : لسان العرب ، ج (2) ، طا ، دار الجيل بيروت 1997م .
- احمد كامل مرسي ، مجدي رهبة : معجم الفن السينمائي ، الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة ،1973 م .
ثانيا : الكتب العربية والمغربية
1- داونر الآن . أس ، المسرح الأمريكي ، ترجمة : محمد بدر الدين خليل ، دار المعارف بمصر
1976 م .
2 – خشبة ، دوريني ، اشهر المذاهب المسرحية ، وزارة الثقافة والارشاد ، مصر 1961
3- فكن بودر ، الفن السينمائي ، ترجمة : صلاح القهامي ، دار الفكر ، مصر .
4- مدانات ، عدنان ، بحثا ، دار القدس ، بيروت .
5- محرم ، مصطفى ، العلاقة بين الفلم الروائي والادب ، مجلة فنون ، القاهرة 1984 .
6- لندرجن ، ارنست ، فن السينما ترجمة : صلاح القهامي متوسطة كامل منتدى ، القاهرة 1959 .
7- وارن ، اوستن وميليك ينيه ، ترجمة : محي الدين صحي مطبعة خالد الطرابيش ، سوریه ، 1972 .
8- مهدي ، عقيل يوسف ، جاذبية الصورة السينمائية .
9- الهاشمي ، طه حسن عيش ، تجنيس االسيناريوات الدار الثقافية للنشر القاهرة .
10- ابراهيم، محمد حمدي، نظرية الدراما الاغريقية، الشركة المصرية العالمية للنشر، لنجمان 1994
11 - سكر ، ابراهيم ، الدراما الاغريقية المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر ، القاهرة 1968 .
12- المحامي عيسى ، محمد عبد الرحمن ، المسرحية بين النظرية والتطبيق ، التطبيق ن الدار القومية للطباعة والنشر ، القاهرة 1966 .
13 - اسماعيل ، عز الدين ، قضايا الانسان في الادب المعاصر ، دار الفكر العربي ، العدد 412
14ـ طاليس ، أرسطو ، فن الشعر ، ترجمة وتقديم : الدكتور أبراهيم حمادة ، دارهلا للنشر والتوزيع، سلسة الألف كتاب ، القاهرة .
15 - طاليس ، أرسطو ، فن الشعر ، ترجمة وتقديم : عبد الرحمن بدوي ، دار الثقافة ، بيروت ،
1974 م .
16- هوايتنج ، م فرانك ، المدخل إلى الفنون المسرحية ، ترجمة : كامل يوسف وآخرون ، دار المعرفة القاهرة ، 1970 .
17- كريفش ، ستيوارت ، صناعة المسرحية ، ترجمة : الدكتور عبدالله معتصم الدباغ ، دار المأمون ،
18 – أجري ، لايوس ، فن كتابة المسرحية ، ترجمة : دريني خشبة ، مؤوسسة فراكلين للطباعة والنشر ، القاهرة ، 1946. بغداد
19 - سلمان الملك ، عبد الباسط ، التشويق ورؤيا الأخراج في الدراما السينمائية والتلفزيونية ،
2001 م .
20 - حمادة ، أبراهيم ، طبيعة الدراما ، دار المعارف ، القاهرة ، 1977 .
21 - حمادة ، أبراهيم ، البناء الدرامي ، دار المعارف ، القاهرة .
22 - مارتن ، مارسيل ، اللغة الينمائية ، ترجمة : سعد مكاوي ، مراجعة : فريد المزاوي ، المؤوسسة المصرية العامة للتأليف والأنباء والنشر .
23 – مخلف ، شاكر الحاج ، تينسي وليامز ، الأتجاهات الحديثة في المسرح العالمي ، منشورات أتحاد
كتاب الغرب .
24 - سوين ، دوايت ، كتابة السيناريو للسينما ، ترجمة : أحمد الحضري ، دار الطناني للنشر
والتوزيع ، 2010 م .
25 – وليامز ، تينسي ، قطة على نار ، ترجمة وتقديم : الدكتور محمد سمير عبد الحميد ، الدار
القومية للطباعة والنشر ، مصر ، 1965 .
36 – ويجر ، ويلس ، الأدب الأمريكي ، ترجمة : الدكتور مظمي لوقا ، دار المعارف ، مصر ، 1976 .
27 - ويليامز ، تينسي ، مسرحية فترة التوافق ، ترجمة : فاروق عبد القادر ، مراجعة : الدكتور عبد الغني خلف الله ، تقديم : دريني خشبة ، وزارة الثقافة والأرشاد القومي ، المؤوسسة المصرية العامة
28 - فيلد ، سيد ، السناريو ، ترجمة : سامي محمد ، دار المأمون ، بغداد ، 1989 م ،
ثالثاً : الدوريات
1- عبد الحميد ، سامي ، معالجة الدراما في الحبكة الأذاعية ، مجلة الأكاديمي ، عدد 10 ، كلية الفنون الجميلة ، 1995 م .
رابعاً : الرسائل والأطاريح
جبار الربيعي ، بان ، تأويل النص الشكسبيري في الخطاب السينمائي (( أطروحة ماجستير ، كلية الفنون الجميلة / جامعة بغداد )) .
2ـ الحسب ، جواد کاظم حسن ، أنساق العلاقة بين جسد الممثل والسينوغرافيا في العرض المسرحي (( أطروحة ماجستير ، كلية الفنون الجميلة / جامعة بغداد )) ( غ . م ) 2010 م . 3- حمود الجبوري ، أنتصار علي مجول ، المعالجات الفنية للسيرة الذاتية في الفلم السينمائي ، الروائي ، (( أطروحة ماجستير ، كلية الفنون الجميلة / جامعة بغداد )) ، (غ . م) 2013 م .
خامساً : مصادر الأنترنيت
1- أبراهيم ، ماهر الحل الأخراجي وأستتراتيجية الحداثة (( مقالة )) الصفحة الشخصية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق