رحلةٌ بين العراق وايران مع الاديب والرائد المسرحي عبد الصاحب ابراهيم
الباحث: مجيد عبد الواحد النجار
بغداد والشعراء والصور ، بغداد العلم والادب والفن ، عندما تولد في بغداد فانك ستتشبع بكل علومها وعلمِها وثقافتِها، ستنغرس بك موهبة لا تعلم بها الا بعد حين، ستغوص في اعماق دجلة ، وتتعلم السباحة والغوص، وتروح تغوص في عوالم بغداد لحين ما تأتي فرصة التي تعرف فيها انت مع من واين .
تاريخ ميلاده بغداد ، وتاريخ تكوينه البصرة، بين مدينتين عاش وترعرع، بين علماء الفلك والادب والشعر ، تعلم الكثير، وقرأ الكثير لذلك اصبح فيما بعد ، اديبا وفنانا وشاعرا ، كتب المسرحية ، وكتب الشعر، وكتب السيناريو، كما اخرج للمسرح اعمالا مع مبدعي البصرة، واخرج للتلفزيون والسينما، وعمل في الصحافة والاعلام، انه الاديب والفنان عبد الصاحب ابراهيم.
في 5/ديسمبر/1947 ولد في بغداد محلة الشواكة ، ثم انتقل مع عائلته الى البصرة عام 1953، دخل مدرسة الاصمعي الابتدائية ،وبعد اكمال دراسته تحول الى متوسط العشار، ثم تحول الى الاعدادية المركزية.
كان حبه للفن ينمو يوما بعد يوم، ويكبر كلما اصطحبه والده الى السينما، كان يشاهد الافلام بشغف كبير، وكان يتذكر العرض السينما بكل تفاصيله ، القصة وحركة الممثلين ، لذلك احب كل ما يعرض، لكنه لا يعرف كيف يبدأ لولا اخوته الذين يكبرونه سناً، كانوا يسجلون تمثيليات، وكان يشاركهم التمثيل، وكان يتعلم منهم، يحفظ كل ارشاداتهم، كان عبدالصاحب يجمع اصدقائه من الاطفال ويقص عليهم بعض القصص التي يسمعها ويشاهدها في السينما، احب المدرسة ومعلميها لأنه يشارك زملائه التمثيل عندما تقام احتفالية في المدرسة، ويقدمون عملا مسرحيا ، او فعالية فنية.
استمر عشقة للمسرح يكبر، واخذت رؤيته تتوضح عن المسرح وجمالياته، عندما كان يكمل دراسته في الاعدادية المركزية، والتي كانت السبب في زياده هذا العشق كونها قريبة من (قاعة التربية) في العشار- قاعة عتبة بن غزوان حاليا-، التي كانت تقام فيها العروض المسرحية باستمرار، ومن خلال المتابعة المستمرة للأعمال المسرحية التي تعرض في القاعة ، حفزه لكتابة اول نص مسرحي بعنوان (غبار الزمن) عام 1966، وقد اعجب به استاذه نعمة التميمي وحثه على طباعته ، وقد اخذ بنصيحة استاذه في الاعدادية، وطبع النص المسرحي، وقد وزع على المدارس حينها، وقدمته احدى الفرق المسرحية في محافظة العمارة كعرض مسرحي، تبعتها بعد ذلك فرقة اخرى في محافظة كربلاء، بعدها قدمته اذاعة الكويت كمسلسل اذاعي، فرحته بما حصل زاد من حماسه وحبه للمسرح مما دفعه الى تأسيس جماعة مسرحية باسم(جماعة الجنوب للمسرح) بنفس العام، والتي اخذت على عاتقها فيما بعد تقديم كتاباته، ومن هذه المسرحيات(مسرحية الخطأ والتي اخرجها عزيز الكعبي ، ومسرحية الاموات اخرجاها المؤلف نفسه، ومسرحية الكلاب اخرجها حطاب العبادي، ومسرحية الحقيقة اخرجها للمسرح محمد وهيب) كما تشجع لكتابة نص مسرحي اخر عام 1967 بعنوان(الخطأ)، الذي اخرجه للمسرح الفنان الرائد عزيز الكعبي، وقد عرضت المسرحية على قاعة بهو الادارة المحلية، ثم تلتها بعد ذلك مسرحية( صندوق الدنيا) التي اخرجها للمسرح أديب القلية جي على مسرح الصداقة ببغداد عام 1968، وتوالت بعد ذلك كتابته للأعمال المسرحية لتصل الى اكثر من (12) نصا مسرحيا، قدمت على مسارح البصرة، وبغداد، والعمارة، وكربلاء، وباقي المحافظات، كما اسس وبمشاركة زملائه(بنيان صالح، وياسين النصير، وحميد مجيد مال الله (جماعة كتابات مسرحية)- وقد اخذت هذه الجماعة على عاتقها متابعة جميع العروض المسرحية التي تقام في محافظة البصرة او خارجها واقامة جلسات نقدية تتناول العرض المسرحي بالكامل بالنقد والتحليل، ثم بعد ذلك تقوم بنشر مقالات ودراسات عن العمل في جميع الصحف والمجلات- وقد التحق بعد ذلك بالجماعة عدد كبير من النقاد ومثقفي البصرة، كما كتب عبد الصاحب للمسرح الكثير من المقالات والدراسات التي نشرت في مجلات عراقية عديده، بعد ان حصل على شهادة البكلوريوس في الادارة والاقتصاد، بالإضافة الى انه عمل مدرسا لمادة المسرح، وقدم العشرات من العروض المسرحية، وصدر له بعدها كتاب بعنوان(السفينة والمصباح)، ليعرف فيما بعد كاتبا وناقا عراقيا في مجال المسرح، وكانت كتاباته عادة ما تتميز بالنقد الاذع، لكل مفاصل الحياة، فكان لسان حال المجتمع، وكان قلمه لا يهادن ولا يساوم بل كان حادا لدرجة انه كان ملاحق من قبل السلطة، التي كانت تتابع كتاباته بقلق، مما اضطره للهجرة عام 1972 الى ايران، مخلفاً وراءه العديد من النصوص المسرحية، ومن هذه النصوص:
مسرحية(الخطأ) اخرجها على مسرح بهو الادارة المحلية عزيز الكعبي عام 1968
مسرحية(هو والصمت)،التي أخرجها طالب جبار، وحصدت على جائزة أفضل نص في مهرجان يوم المسرح العالمي عام 1969
مسرحية(هو الذي يتحدثون عنه كثيرا)، أخرجها المرحوم بنيان صالح
مسرحية(الحقيقة)، اخرجها اديب القلية جي ، وعرضت على مسرح الصداقة في بغداد عام 1968، كما اخرجها عام 1969 عبد الصاحب ابراهيم وإشراف عليها محمد وهيب
مسرحية(مواطن بلا استمارة) من إخراج المرحوم وجدي العاني، قدمت في يوم المسرح العالمي، لصالح فرقة (مسرح اليوم) وحصلت على افضل نص مسرحي، وقد شارك في التمثيل الفنان جعفر علي.
مسرحية( الأموات)، اخرجها عبد الصاحب ابراهيم ، لصالح مجموعته المسرحية فرقة الجنوب للمسرح عام 1968
مسرحية(صندوق الدنيا) اخرجها اديب القلية جي على مسرح الصداقة في بغداد عام 1969.
مسرحية( فاشية عادية جدا في إيران)، اخرجها عباس الجميلي عام 1972، وحصلت على الجائزة الذهبية.
مسرحية (الكلاب) اخرجها حطاب العبادي عرضت على مسرح الجامعة المستنصرية.
مسرحية (الحلم الزجاجي) وعرضت على مسرح نادي الفنون
مسرحية ( التمثال الصغير) اخرجها طالب جبار، وعرضت على مسرح نادي الفنون
لم يفارقه قلمه في رحلته الى ايران، ولم تتغير أفكاره، بل كان الطريق مفتوح امامه، فراح يكتب هذه المرة عن الظلم والاضطهاد بحرية كبيرة، فتوسع مشروعة النهضوي وبدأ يكتب للسينما والتلفزيون وللإذاعة، دفعه هذا بعد ذلك لتأسيس مؤسسة (ميعاد طلوع النور الثقافية)، لإنتاج واخراج المسلسلات والبرامج، قدم من خلالها اغلب ما كتب من مسلسلات اذاعية وتلفزيونية، كما قدم من خلالها برامج عده وبلغات (عربية، وفارسية، وانكليزية، وتركية، وكردية، ولاذرية)،كما انتج مسلسل رمضاني في (25) ساعة تلفزيونية مع كوادر عراقية، وسورية، وايرانية لصالح قناة كربلاء العراقية، ولخبرته في العمل التلفزيوني عمل فترة طويلة في التلفزيون العربي في ايران، وقدم من خلال عمله هذا أكثير من(300) نصا ادبيا، وعشرات المسلسلات التلفزيونية والبرامج المركبة، والمسابقات التلفزيونية.
كما قدم في الجمهورية الاسلامية الايرانية العديد من المسرحيات منها؛ مسرحية(الدليل)، التي سجلها تلفزيون آباد، ومسرحية(كان يعلم بان المعركة خاسرة)،ومسرحية(القضايا الممنوعة ولا ممنوعة) والتي سجلت لصالح التلفزيون العربي، وقد كانت جميع هذه الاعمال من اخراج الفنان عبد الصاحب ابراهيم وقدمت على مسارح(آباد، وقم، وطهران)، وكان دائما ما يعلن من خلال كتاباته هذه حبه وتعلقه بمدينة البصرة التي عاش فيها طفولته وشبابه, وببلده العراق.
كما ترجم العديد من الكتب الفارسية للغة العربية، وقدم برامج المسابقات للأطفال من خلال المسرح والاذاعة والتلفزيون ،وكتب العديد من الكتب الخاصة بالمسابقات التلفزيونية .
وفي مجال كتابة السيناريو قدم عبد الصاحب العديد من الافلام الدرامية والوثائقية المنوعة، والتي تجاوزت الخمسين سيناريو، جمعها كلها في مجلدين، كما نشرها في الصحف والمجلات العربية، ومن اهم هذه الافلام سيناريو(عروس حلبجه)الذي اخرجه حسن كاربخش.
اما في مجال الادب فقد صدر له كتاب(مذكرات فنان) وكتاب(تاريخ حضارة)، والذي يصور فيهما سيرته السياسية والاجتماعية، والادبية، والفنية خلال سبعة عقود ، وقد تناول فيهما رحلته بين العراق وايران ، بدأً من عام 1947 ، ومن المؤمل تنتج هذه السيرة دراميا، كما صدر له عام 1996 مجموعة من كتب المسابقات من قبل مؤسسة (البلاغ) بيروت، وكتاب اخر بعنوان(هو والسلطة) يحتوي على ثمانية وعشرين نصا مسرحيا، كما صدر له عام 1917 كتابا تعليميا في فن المسرح يضم (39) درسا، تحت عنوان(دروس في فن المسرح)، كما نشر خلال عامي 2019و 2020 اكثر من ثلاثين عملا مسرحيا، في العديد من الصحف والمجلات العربية، كما ونشر في هذه الصحف عددا من القصص القصيرة.
هكذا كان الفنان، والاديب، والشاعر، والاعلامي عبد الصاحب ابراهيم امير، يعمل دون كلل او ملل، لذلك كان يتحرك وبرشاقة غير اعتيادية بين اعمال مختلفة، فعمل كمحرر لجريدة الخليج في العراق ، ومحرر ومدير لعدد من الصحف والمجلات العربية والفارسية في ايران ، وعمل خبيرا للميزانية في الجمارك الايرانية، كما عمل مدققا ماليا للحسابات في وزارة المالية، وعمل مديرا للإنتاج الاذاعي، ولا تزال هناك احلام تراوده في انتاج الكثير من الاعمال التي لا زالت مخطوطات على الورق، بانتظار الفرصة المواتية ، حلمه كبير بحجم حبة لعمله نعم لأنه أبنُ بغداد الدنيا.
المصادر
alnigm.com
daralarab2.blogspot.com
alnaked-aliraqi.net
مقابلة خاصة اجراها الباحث مع الاديب عبد الصاحب ابراهيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق