تصنيفات مسرحية

السبت، 4 يونيو 2022

المسرحي جوزيف بو نصار: المخرج المسرحي الطليعي جاء إلى الدراما ورسخ حضوراً متميزاً

مجلة الفنون المسرحية


المسرحي جوزيف بو نصار: المخرج المسرحي الطليعي جاء إلى الدراما ورسخ حضوراً متميزاً
التمثيل فن صعب ويجب عدم التهاون معه

هيام بنوت  - 

جوزيف بو نصار ممثل وكاتب ومخرج مسرحي، بدأ مسيرته الفنية مع رائد المسرح اللبناني المعاصر، منير أبو دبس، قبل أن يسافر إلى بولندا لتعلم أصول الفن على يد المخرج العالمي غروتوفسكي، ثم انتقل مدينة باريس، والتحق بمسارحها واكتسب المزيد من الخبرات والمعلومات. وبعد عودته إلى بيروت أسس فرقة مسرحية خاصة به قدمت مجموعة من الأعمال حصدت نجاحاً كبيراً.

أسباب مادية

وكما كل المسرحيين تمسّك بو نصار بالمسرح، وما لبث أن انتقل بعد تردد إلى التلفزيون، كما يقول ويوضح، "اليوم، تنفذ الدراما المشتركة والمحلية في العالم العربي بمواصفات جيدة جداً لأن المنصات تطلب أعمالاً ذات قيمة فنية عالية. وقد ترددت كثيراً قبل العمل في التلفزيون، خصوصاً أنني عملت لسنوات طويلة في المسرح والسينما، وكنت شبه رافض للعمل فيه، لكن قبل عدة سنوات وافقت كما معظم ممثلي جيلي الفني، على العمل في التلفزيون، ولطالما كانت الأعمال التجارية التافهة موجودة، ولكن عددها تراجع نتيجة ارتفاع سقف الأعمال المحلية والمشتركة. جئت إلى التلفزيون مع المخرج المسرحي شكيب خوري الذي تخرج من إحدى جامعات لندن، وقدمنا عملاً من بطولتي ومنى طايع ومنير معاصري بإمكانات عالية جداً. أما ظهوري الثاني فكان من خلال مسلسل "العاصفة تهب مرتين" للكاتب شكري أنيس فاخوري الذي حقق نجاحاً شعبياً كبيراً. صحيح أنني شاركت في الكثير من الأعمال التلفزيونية، ولكنني لم أقبل يوماً بعمل دون المستوى، لأنني أعرف كيف أختار المسلسلات، ولا أجد نفسي مجبراً على القبول بأي عمل، وفي الأساس أنا عملت في الصحافة 25 عاماً كي لا أضطر القبول بأدوار غير راضٍ عنها لأسباب مادية".

يؤكد بو نصار أن عمله في التلفزيون لم يفقده الشغف بالمسرح الذي بدأ مساره الفني من خلاله عندما اشتغل مع منير أبو دبس في مدرسة "المسرح الحديث"، وعن هذه المرحلة يقول، "درست وشاركت لمدة ست سنوات في أعمال أبو دبس المسرحية، ومن بعدها قصدت محترف غروتوفسكي في بولندا، وكان من أهم المخرجين ومدربي الممثلين في العالم، ثم اشتغلت في فرنسا لمدة 5 سنوات في المسرح قبل أن أعود إلى لبنان وأؤسس فرقة مسرحية ومسرحاً يتسع لـ90 مقعداً. وقدمنا أعمالاً مسرحية عالمية مهمة جداً بعد ترجمتها إلى العربية، كما قدمت كمخرج وممثل أعمالاً كثيرة على أهم المسارح في لبنان. شغفي بالمسرح لم يخف أبداً، ولكن المراحل المرعبة التي عشناها في لبنان بسبب الحروب أثرت علينا وعلى إخلاصنا له، هذا عدا الضائقة الاقتصادية التي بدأت قبل 7 سنوات، ولم يعد بإمكاننا تحمل خسارة عملنا المسرحي. صحيح أننا لم نكن نريد أن نعتاش من وراء المسرح، إلا أننا في الوقت نفسه لم نكن نريد أن يكون سبباً في خسارتنا، كما أن الدولة "يتمت" المسرحي اللبناني ولم تقدم له المساعدة، مع أن 90 في المئة من الدول التي زُرتها أو أعرفها أو اشتغلت فيها، ومن ضمنها الدول العربية، تخصص ميزانية للمسرحيين لكي يتمكنوا من الاستمرار في حال وقعوا في الخسارة. نحن "تساقطنا" الواحد تلو الآخر لأننا لم نعد نملك القدرة على الاحتمال".

خبرة المخرج

في المقابل، يؤكد بو نصار أنه لا يفتقد لعمله كمخرج، ويقول: "لا أريد القول إنني أتعدى على المخرج، ولكنني أدير نفسي كممثل. اللذة التي أشعر بها في المسرح بإعطاء القيمة للدور أمارسها على نفسي، وأنا أتناقش مع المخرج دائماً في أدواري وأصل بها إلى أماكن متقدمة من خلال خبرتي كمخرج". وفي ظل الإقبال على التعامل مع المخرجين الشباب، من يدير الآخر: الممثل المخضرم أم المخرج؟ يرد: "يوجد جامعات في لبنان تعلم الإخراج ومن بين 10 طلاب يدرسون المواد نفسها مع الأساتذة أنفسهم، يمكن أن يكون هناك مخرجان عبقريان والباقون عاديون، والسبب يعود إلى الموهبة والعلم. وأنا أسلم نفسي في عملي الجديد للمخرج التونسي الشاب مجدي السميري الذي لا يتجاوز ستة وثلاثين عاماً، وأنا أكبره بثلاثين عاماً ويوجد مثله في لبنان 3 أو 4 مخرجين. لا توجد معادلة واحدة تسري على كل المخرجين، والموهبة والثقافة هما اللتان تميزان مخرجاً عن آخر".

هل يرى بو نصار أن الفن يتحول إلى مهنة بالنسبة إلى الفنان نتيجة الظروف الاقتصادية الضاغطة؟ يجيب، "التمثيل هو شغف وعندما يتحول هذا الشعف إلى جني للمال فقط فإنه يصبح مهنة، ويبدأ بالانتهاء، ولكن طالما أن فرح العمل وحب المهنة موجودان فإنه يصبح رسالة".

وهل يبقى هذا الشغف موجوداً عندما يشارك الممثل في 7 أعمال سنوياً، وهل ترضي جميعها قناعاته؟ يقول بو نصار: "لا يمكن إدراجي مع هذا النوع من الممثلين. شخصياً، لا يمكن أن أصور عملين في وقت واحد، وعندما أنتهي من تصوير عمل ما، فإنني أنتظر العمل الذي يرضيني وأشتغل عليه من الألف إلى الياء. وبعد إنجاز تصويره أنتظر فترة من الزمن لكي أتثقف وأشاهد أفلاماً عالمية وأستمع للموسيقى لكي أشعر بأنني قادر على العطاء أكثر، لكنّ هناك ممثلين يقبلون بأكثر من عمل في وقت واحد ويقدمون أدواراً متشابهة ولا يبتعدون عن الشاشة، حتى إن الناس يملون منهم، وهؤلاء لهم أسبابهم وآراؤهم".

عمر الشريف وأحمد مظهر

هل يرى بو نصار أن الممثل العربي قادر على منافسة النجوم العالميين بأدائه، وخصوصاً الممثلين الذين يعتبرهم البعض مثلاً أعلى لهم كروبرت دي نيرو وآل باتشينو، وغيرهما. يقول بو نصار، "هم موجودون اليوم وفي الماضي كانوا موجودين أيضاً، ولكن بنسب متفاوتة. فإذا كان هناك 100 ممثل رائع في أميركا، فإنه يوجد 3 ممثلين رائعين في العالم العربي، لكنهم في الغرب معروفون أكثر بسبب وفرة إنتاجاتهم. في أي بلد في العالم كمصر والهند واليابان والصين وأوروبا يوجد ممثلون قادرون على منافسة الممثلين العالميين الهوليووديين. وعربياً، يلفتني أحمد مظهر، فهو ممثل رائع ولا شيء يمنع من أن يكون عالمياً، وهناك أيضاً شكري سرحان، ولكنني لا أقول إنهما أهم من عمر الشريف، بل هو مثلهما، ولكنه وصل إلى العالمية".

ومع أن جوزيف بو نصار نوع في أدواره وفي الشخصيات التي قدمها، هل أسره شكله في أدوار الشر أكثر من سواها؟ يجيب: "ربما! ويعود السبب إلى ملامحي وقوة حضوري وصوتي القاسي والعميق والمسيطر، ومجموعة من العوامل الأخرى، ولكن إلى جانب هذه الأدوار التي أحببتها ولعبتها من قلبي، لعبت أيضاً أدواراً منوعة في المسرح والسينما والتلفزيون، تنوعت بين الكوميدي والهادئ والحنون. وأعتقد أن أول ما يجب أن يفعله الممثل الواعي الذي يحب مهنته هو الموافقة على الدور الذي يحبه، ومن ثم يشتغل عليه مهما كان نوعه. وهناك الذريعة اليي تعطي سبباً لكل المشاهد والتصرفات التي يقوم بها الممثل. يجب على الممثل أن يدرس الدور جيداً ويتعب عليه. لا أحب الممثلين الذين يمثلون فقط من دون التعب على الدور. المهنة صعبة جداً ولا يكفي الوقوف أمام الكاميرا ووضع الميكاب لكي نبدو وسيمين وظرفاء. وبالنسبة لي الممثل كالطبيب ويمكن لأي خطأ أن يقضي عليه".

انتهى بو نصار في سبتمبر (أيلول) الماضي من تصوير مسلسل لبناني - سوري أردني مشترك بعنوان "السجين"، وهو من إنتاج شركة "جينوميديا". ويتابع حالياً تصوير مسلسل "من... إلى" للمخرج مجدي السميري، ويضم عدداً كبيراً من الممثلين، وهو من إنتاج شركة "الصباح"، على أن يباشر خلال الفترة المقبلة تصوير مسلسل جديد. ويعتبر أن المنصات خدمت الدراما لأنها تطلب كمية وفيرة من المسلسلات المحلية والمشتركة المنفذة بشكل جيد جداً، بحيث يستغرق تصوير الحلقة 4 أيام، كما أنها شرعت أبواب العمل أمام الممثلين والمخرجين والكتاب والتقنين. ويوضح أن قطاع التمثيل لم يتأثر بتردي الأزمة الاقتصادية العالمية، وإن جائحة كورونا أبطأت عجلة الإنتاجات قليلاً، ولكنها لم توقفها، عدا عن أنها شجعت المنتجين على المغامرة من خلال زيادة عدد أعمالهم.
-------------------------------------------------
المصدر : independentarabia

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق