مجلة الفنون المسرحية
في حوار مع الكاتب والدراماتورج علي عبد النبي الزيدي:
في عرض (ميت مات) كنت حاضراً كدراماتورج أكثر من كوني مخرجاً ..
ننافس على جائزة القاسمي التي تمثل واحدة من الأحلام الجميلة والمهمة التي يطمح لها الكثير من المسرحيين العرب
مهرجان الهيئة العربية للمسرح سوق مسرحي يُقدم فيه آخر طروحات العروض المسرحية العربية المنتقاة بعناية، وهو سوق عكاظ بعمقه الحضاري ولكن بثياب مسرحية جديدة
ذهبناً للمنطقة (الأصعب) إخراجياً، وهذه نقطة (جوهرية) في تجربتنا، وهذا ما لم يستطع أغلب لجان التحكيم في العراق أن يستوعبوه بسبب أنهم يحتفوا بـ (السائد)
حاوره – عبد العليم البناء
يواصل مبدعو المسرح العراقي حضورهم الفاعل والرصين والجاد في المشهد المسرحي العربي، عبر عديد المشاركات المميزة، لاسيما في دورات مهرجان المسرح العربي التي اعتادت الهيئة العربية للمسرح على اقامته دورياً، في أكثر من مدينة عربية تحت شعار (نحو مسرح عربي جديد ومتجدد)، وآخرها الدورة الثالثة عشرة من هذا المهرجان التي ستقام في مدينة كازابلانكا في المملكة المغربية بين العاشر والسادس عشر من كانون الثاني يناير 2023، حيث ترشحت ثلاثة أعمال عراقية مهمة للتنافس على (جائزة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي - النسخة العاشرة) وهي: مسرحية (أمل) تأليف وإخراج د. جواد الأسدي وانتاج الفرقة الوطنية للتمثيل في دائرة السينما والمسرح، ومسرحية (خلاف) تأليف وإخراج مهند هادي ومن انتاج الفرقة الوطنية للتمثيل ذاتها، ومسرحية ( ميت مات) تأليف وإخراج علي عبد النبي الزيدي، وانتاج مشغل دنيا للإنتاج الفني في مدينة الناصرية العراقية.
والمسرحية الأخيرة (ميت مات) التي هي من تأليف ودراماتورج علي عبد النبي الزيدي وتمثيل محسن خزعل ومخلد جاسم وسجاد جارالله ومن انتاج مشغل دنيا للإنتاج السينمائي والمسرحي في الناصرية، حققت حضوراً مهماً ومؤثراًوعميقاً ليس في مهرجانات العراق حسب بل وفي مهرجانات المسرح العربية والدولية، تكلل بحصاد وافر من الجوائز والمراكز المتقدمة تأليفاً وتمثيلاً وإخراجاً لعله فاق كثيراً من المسرحيات العراقية، ويعد ترشيحها للمنافسة على جائزة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي لعام 2023 تتويجاً لمسارها الإبداعي الذي فاق كل التوقعات، باعتبارها المرة الأولى التي تحقق فيه مسرحية قادمة من خارج العاصمة بغداد ومن فرقة غير رسمية تكسر معادلة عروض المركز والهامش بجهد نوعي غير مألوف وفي مدة قصيرة جداً..
في حوارسريع توقفنا عند دلالات هذه المشاركة وهذا التنافس الإبداعي الكبير لهذه المسرحية مع مبدعها الكاتب المسرحي الكبير الذي يعد أكثر كتاب المسرح في العراق قاطبة الذين قدمت نصوصهم من عديد المخرجين العرب على خشبات المسارح العربية،والتي خاض فيها للمرة الأولى تجربة الدراماتورج الابداعية وابتدأنها بالسؤال الآتي:
* ما دلالات هذه المشاركة المتنوعة والمتعددة لمسرحية (ميت مات) في أكثر من مهرجان وتتوجت بمشاركتها بمهرجان المسرح العربي الـ13، والتنافس على جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عمل مسرحي عربي لعام 2023 ؟
- الدلالة الأولى أنها فرصة تاريخية لمشغل دنيا للانتاج الفني في مدينة الناصرية جنوبي العراق.. أن يكون المشغل حاضراً في مهرجان ينتظره الأغلب من المشتغلين بحقل المسرح عربياً، وثانياً فرصة أخرى أن نجرب عرض مسرحية (ميت مات) بعد تجارب عرض عراقية، وعربية في الأردن، وقد حققنا جوائز وأصداء كبيرة لا توصف، وجدلاً واسعاً وفر لنا سعادة ومتعة كبيرة.. كل هذا جاء لأننا كنا على قدر كبير من الدقة، وكنا نخطط بشكل تفصيلي لكل صغيرة وكبيرة، وكنت حاضراً كدراماتورج أكثر من كوني مخرجاً.. فهو يأخذني لما هو أبعد بكثير، يجرني للأفكار المهووس بها والتي أشتغل عليها منذ سنوات طويلة.
أقول وأنا المطلع والمشارك في دورات عدة.. إن مهرجان الهيئة العربية للمسرح هو سوق مسرحي يُقدم فيه آخر طروحات العروض المسرحية العربية المنتقاة بعناية، وهو سوق عكاظ بعمقه الحضاري ولكن هنا بثياب مسرحية جديدة، وفيه الكثير من النبل والتمدن والإحترام...
*لنحص عدد الجوائز التي حصدتها المسرحية وهل تعتقد انها ستحصد جائزة القاسمي بعد كل هذا الحصاد الوافر؟
- حصل عرض مسرحية (ميت مات) على جائزة أفضل عرض مسرحي من قبل لجنة نقاد المسرح العراقي في مهرجان العراق الوطني الأول للمسرح (دورة سامي عبد الحميد) الذي نظمته نقابة الفنانين العراقيين بالتعاون مع الهيئة العربية للمسرح، وفي نفس المهرجان حصدنا جائزة التأليف، وترشح الممثل محسن خزعل ومخلد جاسم لجائزة التمثيل، وفزنا بجائزة أفضل عرض مسرحي في مهرجان الرحالة المسرحي في الأردن، وجائزة أفضل ممثل لـ مخلد جاسم، وترشحنا في مهرجان بغداد الدولي الثاني للمسرح لجائزة التمثيل والنص..
فيما يتعلق بجائزة القاسمي، فهي تمثل واحدة من الأحلام الجميلة والمهمة التي يطمح لها الكثير من المسرحيين العرب ونراها تشريفاً لنا ولتجربتنا التي تمتد لأكثر من ثلاثين عاماً على خشبات المسارح، ولكن أن تقدم عرضاً مسرحياً له نكهة جديدة وإيقاعاً مختلفاً واستثنائياً، ويناقش واحدة من الإشكاليات في حياتنا وتترك أثراً يشكل أيضاً اهتماماً متزايداً عندنا.
*على ماذا كنت تراهن وأنت تخوض مهمة الدراماتورج للمرة الأولى وهل تعد هذه التجربة (فأل حسن عليك) لكي تكررها مع نص آخر من تأليفك أيضاً لتقارب من جديد تجربة المخرج المؤلف بثقة تامة؟
- أنا ذهبت في هذه التجربة الى (الدراماتوجية) لأكون المفكر دائماً في البروفة.. بدءً من النص الى نص الخشبة، وقد خضت تجارب عدة وفق هذا السياق عربياً وعراقياً.. أي أنني كنت حاضراً في بروفات العديد من المخرجين العراقيين والعرب الذين قدموا نصوصي منذ سنوات وما زالوا، لذلك أقول أنا إبن خشبة المسرح التي تسحرني بأفكارها دائماً، ومسرحية (ميت مات) واحدة من التجارب التي أعطتني الكثير وحققت لي المتعة والسحر والدهشة داخل متن البروفات طويلة الأمد، هو ليس عملاً مسرحياً عابراً..
إنه تفاصيل التفاصيل الدقيقة خرج من معطف ورشة لا حدود لزمنها مع مجموعة رائعة من شباب المسرح الذين أؤمن بقدراتهم ووعيهم وخيالهم، خرج من حوارات المقهى الساخنة مع أقداح الشاي التي لا تعد، لذلك أقول نحن ذهبناً للمنطقة (الأصعب) إخراجياً، وهذه نقطة (جوهرية) في تجربتنا، وهذا ما لم يستطع أغلب لجان التحكيم في العراق أن يستوعبوه بسبب أنهم يحتفوا بـ (السائد)، الحركة الصاخبة، الألوان، الصراخ، حركة الممثلين المتواصلة، حركة المفردات الديكورية ووو... وهذه وجهة نظرهم التي أحترمها طبعاً، فالإخراج من وجهة نظرهم لابد أن يكون هكذا! وهي وجهة نظر تنسجم مع النمط الكبير من العروض المسرحية عراقياً وعربياً. في حين أرى أن كل هذا وأكثر ليس سوى المنطقة (الأسهل) بالنسبة لهذه التجربة لو أردنا أن نشتغل وفق ما هو صاخب وسائد وإيقاع متسارع ووو... إنه أسهل ما يكون ولن يأخذ منا سوى شهر واحد من البروفات في حين أن تجربتنا خرجت من سنة كاملة من البحث والتجريب والنقاشات المحتدمة، إنها مغامرتنا المحسوبة بدقة، ولو قدّر أن نشتغل وفق (لجان التحكيم) لما كان لهذا العرض أن يثير جدلاً واسعاً منذ سنتين ويكتب عنه عشرات المقالات والدراسات والبحوث، وتحتفي به المهرجانات العراقية والعربية.. فنحن الآن نخطط مزاجاً روحياً لعرضنا العاشر مع تقارب الأيام لنسجل حضورنا في المملكة المغربية.
* كلمة أخيرة..
- شكراً من القلب أستاذ عبد العليم الحاضر معنا دائماً، والمواكب لحركة المسرح العراقي والعربي بشكل يومي، الاستثنائي المحب...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق