مجلة الفنون المسرحية
علي عبد الخالق
ناقشت الجلسات الفكرية عروض اليوم الثاني من مهرجان المسرح العراقي في دورته السادسة، حيث تناولت الجلسة الفكرية على خشبة مسرح آشور يوم الأحد 19 آذار 2023، ثلاثة عروض متنوعة وهي "واقع خرافي" للمخرج جواد الساعدي، و"الملك لير وساحرات مكبث" للمخرج كامران رؤوف، و"طقوس الحطب" للمخرج نشأت مبارك.
وافتتح الجلسة الناقد التي أدارها د.ظفار المفرجي بعرض تقديمي لعمل "واقع خرافي"، الذي قال عنه الناقد د. أنس راضي ان "العرض ينخر في الجسد العراقي واقع خرافي مليء بالحكايات الخيالية التي يرسمها المؤلف بسخونة واحتدام البيئة، وهو انعكاس طبيعي للوضع الذي يمر به الفرد العراقي روحاً وعقلاً، قام النص بتجسيد واقع خرافي يدهش المتلقي على المسرح بتصويره الذات الانسانية العراقية ويتيح المجال للمخرج بزج جماليته".
وتابع بالقول ان "الاخراج يعزز المكان في نصه الصوري بهندسية مدركة ومعلومة وغير خاضعة لهندسة المنطق الفلسفي للحكاية الخرافية، هل الحدث أعلى أم أسفل، ام العكس، متشبثاً بالسلم التسعيني من القرن الماضي، وكان بإمكان المخرج ان يخضع في قراءته لمستويات مرسومة توضح مجريات الحدث او يعمل على ادهاشنا خرافياً بعناصره بعيداً عن الكتل، أقصد القبور المتشابهة وكأن الاموات بدأ ملاذهم في ذات اليوم والساعة".
وعن عمل "الملك لير وساحرات مكبث"، أعرب الناقد والمخرج د. حسين علي هارف، عن سعادته بعودة الحوار المسرحي الكلاسيكي مرة أخرى بعد موجة الحداثة التي شهدها المسرح العراقي، مشيراً الى ان "العديد من طلبتنا درسوا المسرح وتخرجوا ولم يشهدوا عملاً مسرحياً واحداً لشكسبير نظراً لأفول المسرح الكلاسيكي مؤخراً".
واضاف هارف خلال ورقته النقدية، ان "شكسبير ولد لكل العصور، ولهذا فهو نابع من كثير من كتاب العصور اللاحقة في التعبير عن عصورهم ومشاكل عوالمهم، لقد انتج النمو الشكسبيري نصوصاً عبقرية تحمل في داخلها بذرة الخلود والديمومة وامكانية التأويل المفتوح"، مبيناً ان "العبقرية الشكسبيرية انتجت لنا نصوصاً خالدة وجهت الناس نحو تأملات خصبة وذاتية وأهدت لنا نصوصاً تصلح لزمننا وللأزمان اللاحقة لنا ومنها الى جانب هاملت ومكبث وريتشارد، نص مأساة الملك لير الذي يبدأ بالحماقة وينتهي بضياع الملك وتفكك المملكة وموت الجميع بفعل اسلحة التأمر والطمع بين الأخوة والأخوات".
وأوضح ان "كاميران رؤوف لعب دور المعد المؤلف بتطعيم درامي من خلال زرع شخصيات مستلة لنص شكسبيري آخر في ثنايا النص الأصلي، محققاً تناص مزدوج، فأعتمد على النص الاصلي "لير" في معظم الشخصيات المقدمة في العرض، لكنه في الجانب استعار شخصيات شكسبيرية من نص آخر وهن الساحرات في "مكبث" فضلاً عن أجزاء حوارية".
وتطرق الناقد هارف الى الأداء المتميز لبعض شخصيات العمل بينهم ممثل شخصية بهلول وممثلة شخصية البنت الكبرى، وأجزاء اخرى من العرض بينها إحكام الصناعة الفنية للديكور، فيما قدم بعض الملاحظات عن أزياء العمل.
وتطرق الناقد د.سعد عزيز الى عدة عناصر في العمل المسرحي الثالث "طقوس الحطب"، وقال ان "من دواعي سرورنا عودة مسرح نينوى الى الحياة مجدداً"، مبيناً ان "هناك تمثلات للسلطة البطريركية والكرنفال الطقسي في العرض، فالنص الدرامي للكاتب ابراهيم كولان ينحو اسلوب تعبيري يتخذ من لواعج اللاوعي سبيلاً لانتاج الصراع وشخصياته مثل الأب والأبن والضمير، وباستخدام عناصر المسرح التعبيري وهي نسق المحطات المأساوية وجلد الذات، الذي يؤدي الى فعل التطهير في النهاية الدائرية التي اقترحها العرض، فالنص هو نوستلوجي استعادي يراجع فكرة الحرب وعدميتها والكراهية والحق والانتقام الذي تخلفه عبر أب متسلط".
وتابع بالقول ان "الصراع في المسرحية هو التمرد والاحتجاج على وصايا الأب من قبل الأبن، وعمل المخرج على تقديم نص مواز اعتمد في بنائه على الأسلبة والتجريد البصري والكرنفالي الاحتفالي الطقوسي الباختيني الذي يرتبط بالمراسم والقداس الكنسي على وجه الخصوص، وبهذا اخرج المسرحية من الخطاب المباشر والملل، حيث اعتمد على استنطاق الميلودي الموسيقي وانتاج مزيج من الطقس الاسلامي والمسيحي السرياني بانساق حركية متنوعة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق