الحسام محيي الدين
ينطلق أحمد خميس في تنسيب مشروعه النقدي إلى رصد أسئلة الواقع والمتوقع للمسرح ، ومواجهة تراجع دوره في التغيير الاجتماعي ، وفي تعرية الأزمات الانسانية وملابساتها على الخشبة ، متمتعاً بمروءة نقدية تبتعد من نمطيات الاحتفال وربما التملق ، للمعروض ، وتقترب من إطلاق حساسية مسرحية جديدة تعيد التجسير بين الهوات الثقافية واختلافات المنظور في علاقة المسرحي بالمسرحي ، والمسرحي بالآخر، بمستوى درامي مكثف على امتداد الشاطىء الفكري لهذا الرجل تجعل منه الابن البار بأبوّة الفكرة الخُلُقية في المسرح . خميس ، بالمناسبة ، هو أكاديمي دراسات عليا / قسم الدراما والنقد المسرحي ، ومشارِك محكِّم دراسات نصية وعروض لسنوات في عدة مهرجانات وملتقيات مسرحية مصرية وعربية ، وهو صاحب مئات القراءات النقدية والبحثية في واقع وتحديات المسرحَين المصري والعربي ، إلى نيله جوائز عدة في هذا المجال . أهم مؤلفاته : محسن حلمى العابر للزمن / صلاح السعدني إبن الحلم واليقظة / المسرح المصرى من أين وإلى أين ؟ / أشرف عبد الغفور ، قناع الوهم والحقيقة . دائما ما ينشط أحمد خميس في نمذجَة مطالعاته النقدية على مستويين يعزز أحدهما الآخر ، يدخل في الأول إلى عالم المنقود برؤيته الدرامية على صورة تفجّر دلالي يعيد تدوير وظيفة الشكل والمعنى للنص المسرحي ، وتثوير حِجاجية الفكرة المتبناة في تلافيف متنه ، ثم إلى تفكيك وضعية العبور به معروضا على الخشبة ، ليدخل المستوى الثاني بتوظيف الحركي والسمعي والبصري في زخرفة الذائقة الجمالية للجمهور وتنمية حسِّه الدرامي إلى درجات أكثر تمسكا واستمتاعا بموضوعات راهنية مُلحّة ، وإن اختلفت أشكالها المسرحية مما تضج بها أرض الكنانة .إنه ناقد مخبري ، يعكس تربيته المسرحية بين المحترفات والورش والصيغ والمحاولات المسرحية ، يقفز طليقا بين مخرجات التنظير والتحقيق في مطارحة التجارب ومحاكاتها ، ووفاق المتحول دائما ، وما أخطره وأكثره ، في السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، وليس انتهاء بالرقمي / الافتراضي ( تطبيقات ، لوحات ذكية ... ) الذي حفّت خطورته التكنولوجية بمطلق العلامات والعناصر المسرحية من النص إلى العرض واقعاً مؤبّداً حتى اللحظة ، بين السلب والايجاب ، والذي يبدو أنه يتحول في ذائقة الجمهور الفنية يوما بعد يوم إلى معناه القاتل لأنسنة الابداع لصالح الآلة في عامة تفاصيل صناعة الأشغولة الدرامية الرائدة . هنا ، وفي مثل هذا التصور ، يرى خميس إلى ملامسة الواقع المسرحي لا الاصطدام معه ، داعيا إلى إعمال المرونة الدرامية مع مريديه ، وإغتذاء العروض برؤى ذكية تواكب مزاج الجمهور، أحَدُ وجوهها الذهاب بالمسرح المجاني إلى الناس أينما كانوا ، في سبيل فهم رسالته الحقيقية وجاهيا ، مما يبدو أنه ترجمه في مقالته النقدية الشهيرة بعنوان " هزيمة الانسان الحر في عالم شرس " التي نال بها جائزة أفضل مقال نقدي في المهرجان القومي للمسرح المصرية في دورته الثالثة عشر (2021) عن نقده لمسرحية " حذاء مثقوب تحت المطر " .
الحسام محيي الدين
hmouhieddine@gmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق