تصنيفات مسرحية

الاثنين، 26 يونيو 2023

عرض “بأم عيني 1948م”…يحط رحاله في “مسقط”

مجلة الفنون المسرحية 

عرض “بأم عيني 1948م”…يحط رحاله في “مسقط”


 د. عزة القصابي - الصحوة 

في حالةٍ استثنائيةٍ مسرحية زار عرض “بأُمِّ عيني 1948” للفنان غنام الغنام سلطنة عُمان، وهو عرض فُرجَوي يُقدِّم المتعة البصريَّة… وجماليات العرض الذي يقوم على المُمثِّل الواحد، الذي تقمَّص “أكثر من دور” من دون أن تكون هناك فنِّيَّات أو ممثلون أو ديكور أو خشبة مسرح… استطاع غنام الغنام أنْ يروي قضيَّته عن وطنه فلسطين بعد زيارةٍ قام عام 2017م(خفية) بها…ليُشاهد بلاده بأُمِّ عينه عام 1948… ساردًا في عرضه هذا تفاصيل المكان والزمان ووجوه الشخصيَّات التي قابلها أثناء رحلته التاريخيَّة الاجتماعيَّة… وكأنَّه يريدُ أنْ يقول: إنَّ الإنسان مهما غاب عن وطنه، فإنَّ روحه تظل تطوف فيه… ويسكنه هاجس معاناة أهله في البقاع المحتلة مهما بَعُد عنهم.

عرضٌ تفاعليٌ… حتَّى النُخاع!
عندما وجَّهنا دعوة للفنان غنام الغنام… طلب منَّا مُنذ البداية أنْ يُجدِّد النداء لجمهوره ويدعوهم للتحلُّق حوله عبر “مسرح الحلقة” الذي أصرَّ بطله أنْ يُذيب الفواصل مع جمهوره العُماني… لقد حطَّ الرِحال في مدينة “مسقط” بعد تطوافٍ عبر محطات عربيَّة عديدة… وأعلن الغنام عبر حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي، أنَّه سيُقدِّم عرضه القادم “بأُمِّ عيني 1948” ضِمن فعاليات مُلتقى المسرحيَّات القصيرة الأول التي نفذها النَّادي الثَّقافي خلال الفترة من 12-14 يونيو 2023م.
وعندما سألناه عن أدواته أجاب بأنَّ “الجمهور غايتي” وسوف أُقدِّم عرضًا تفاعليًّا، ينشد المتعة والفُرجة والتمسرُح في آنٍ واحد… مؤكدًا أنَّه سيفردُ جناحيه باتِّجاه الجمهور الذي تحلَّق حوله بشكل دائري… أقرب إلى “مسرح الفُرجة”، كما أنَّه حرص على قطع خط الإيهام الذي نجده في “مسرح العلبة”… وأنْ يتحدَّث مع الحضور ويروي ما شاهده أثناء رحلته عند زيارة وطنه فلسطين… بعد غيابٍ طويل… وهناك احتضن بناته وأحفاده… ووقف على أرضه وعانق تُراب وطنه… عكا، أريحا، حيفا… شوارع الناصرة.. وبقية المُدن التي زارها ولامس أطياف شهدائها الذين قدَّموا أرواحهم فداءً للوطن!

تَمسرُح ….
هكذا انطلق الغنام في أداء لُعبته المسرحيَّة… فكان “يتقمَّص لا يُمثِّل”، يخرجُ من حالةٍ ليعيشَ أُخرى… ورغم تمرُّدِه على الانسجام في أدواره وتعددها… فإنه تمكَّن من أنْ يجعل الجمهور يتعاطف مع قضيته، ويعيش لحظات زياراته لبلاده… وكأنها وقعت للتو واللحظة… لذلك كان عرض “بأُمِّ عيني 1984م” حاضرًا في عيني الجمهور… ليتناغم مع ذواتهم… فباتوا يبحثون مع بطل العرض الفُرجَوي… ويستشعرون الدهشة في عينيه ويراقبونه بشغفٍ جم! وهو يرتدي المعطف، ليقول لهم إنَّه “إنسانٌ فلسطيني” يشكِّل هو وذاك القابعُ بين أصفاد الاحتلال وجهين لعُملةٍ واحدة… وقضية واحدة… وهما مشتركان، وحلما بالتحرير وعودة فلسلطين مرة أخرى.

 

وثيقة تاريخيَّة. ..بصريَّة..
قضيةُ فلسطين منذ عام 1948… قضيةُ شعبٍ توالت عليه النكبات وخيبات الأمل… ورغم محاولات أبنائها للدفاع عن أرضهم… إلا أنهم وقفوا وحيدين… ولم تُسعِفهم العِبارات والوعود والاتفاقيات والمؤتمرات الدوليَّة… قبل أنْ تهزمهم الحروب والقيود والسجون والقذائف الحارقة.
… لذلك ظلَّت “الكلمة” وسيلة المُبدع للتعبير عن قضيَّته في العالم، وسعى لإيصالها للعالم والتفاعل معها حتَّى أصبح الدفاع عنها ضرورة مُلحَّة… ووَجَبَ تقديمُها في “لوحةٍ فنيَّةٍ” تتَّشحُ بجماليَّاتٍ مسرحيَّة… استطاعت احتضان الجمهور في كَنفها، وجعلهم يسمعون آهات ونداءات الشعب الفلسطيني الأعزل!

المحطة… ليست الأخيرة
مِن مسقط حَلَّق عرض “بأُمِّ عيني 1948” ليحلِّق مرة أخرى بعيدًا نحو محطةٍ جديدة، يُقدِّم فُرجَةً مسرحيَّةً، ويُعبِّر عن موضوعٍ استمرت فصوله سبعين عامًا وأكثر، ملامح المكان والزمان أثَّرت في روايةِ أحداثه وشخصيَّاته وأضرحته… ولكنَّه ظلَّ محفورًا في ذات الفنان غنام الغنام الذي أبى إلا أن يُحلِّق بعيدًا حاملًا معه رسالته، وقضيَّته ليُحدِّث العالم عنها، ويُشركَه في سرد فصولها عبر مشاهد بصريَّة تستدعي التوقُّف والتمعُّن والبحث عن حلول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق