الشخصيات :
السلطان قطز ..............................................................حاكم مصر
السلطانة .................................................................زوجة الحاكم
بيبرس .................................................................أمير مملوكي
آزار ..................................................................جارية بيبرس .
الشيخ العز بن عبد السلام .........................................قاضي القضاة
أصدقاء بيبرس الأمراء الصالحية
الأمير بدر الدين بكتوت .
الأمير بدر الدين الأصبهاني .
الأمير بهادر المعزي .
الأمير سيف الدين الهاروني .
الأمير سيف الدين الركني .
شخصيات حارة العطوف :
الشخصيات النسائية :
أم على الدلالة ............................................................دلالة
ميمونة الداية ...............................................................داية .
أم سنقر ................................................................من نساء الحارة
ست الكل .............................................................بائعة خضار وفاكهة
هند ...........................................................................بائعة مخبوزات
أم الخير .................................................................... بائعة ملابس
اشتياق ......................................................................راقصة ومغنية
الشخصيات الرجالية .
سيد الحلاق .......................................................حلاق .
فرج الإسكافي ....................................................إسكافي .
إبراهيم الوراق .................................................صاحب حانوت لبيع الكتب
البغدادي .......................................................تاجر أقمشة .
شهاب الدين ....................................................عطار .
الماوردي ......................................................تاجر غلال
بكتمر ...........................................................حرفوش الحارة
منطاش ...........................................................حرفوش الحارة
بركة الدرويش .
أركان الدولة المصرية
الوزير .
نائب السلطنة .
كاتب السر .
الدوادار .
والي القاهرة .
المهندار .
أتابك الجيش .
زمن المسرحية : 658 هجرية .
مكان المسرحية : القاهرة
الفصل الأول
الفصل الأول .
المشهد الأول : حارة العطوف
الحارة مزدحمة بالدكاكين والحوانيت والورش الصغيرة على الجانبين ، البضائع المختلفة التي فُرشت ورُصت أمام دكاكين وحوانيت الحارة تجعل حركة المارة عسيرة للقادمين من شارع باب النصر ، والمتجهين إلى شارع المعز لدين الله الفاطمي ، عدد من الرجال والشباب الجالسين على دكك خشبية عتيقة وأقفاص من الجريد للمقهي الوحيد في الحارة يراقبون حركة المارة في كسل واسترخاء أثناء تدخينهم للنرجيلة واحتسائهم أكواب القرفة والزنجبيل ،والعديد من النساء والبنات يجلسن أمام أبواب بيوتهن ، وبجوار الجدران تجلس نساء يبعن أشياء مختلفة من ملابس للنساء أو الخبز والكعك والفاكهة والخضار، تطل على الحارة المشربيات للبيوت المتداعية والأبنية المتصدعة للوكالات والحمامات والقيساريات التي توحي بماضي ثر ومزدهر، تظهر قبة ضريح (أحمد القاصد ) ومئذنة جامع الحنو في سماء الحارة وباب ضخم لسبيل مهجور .
يسود الحارة حالة من الهرج والمرج ، مجموعة من الصبية يحيطون بصبي يوسعونه ضربا وقذقا بالحصى والتراب ويسكب عليه ماء من عدد من المشربيات .
أم الصبي : ( تخرج من باب بيتها محتضنة ابنها وتبعد الصبية عنه في غضب ) ماذا فعل حتى تجتمعوا كلكلم على ضربه هكذا أيها الملاعين ؟!
صبي 1 : اختار أن يقوم بدور (هلاكو) وكنا نحارب فأنتصرنا عليه .
أم الصبي : ( تنفض من على رأسه التراب ) ولماذا تضربونه؟!
صبي2 : لأنه لو انتصر علينا لضربنا .
أم الصبي : ( تجذب شعر رأس ابنها ) وأنت ما الذي جعلك تقوم بدور هولاكو يا خائب ؟
الصبي : ( يزيل التراب من على ملابسه ) لأنه هو الذي ينتصر في كل المعارك وهم خدعوني ،ولم ينهزموا لي .
أم الصبي : هولاكو ينتصر في أي مكان ولكن ليس هنا في الحارة ، والنبي لو جاء هنا ليضرب بالقباقيب .
صبي 3 : لقد أخبرته بذلك ، ولكنه هو الذي أصر أن يقوم بدور هولاكو .
أم الصبي : ( تتطلع إلى المشربيات ) وأنتن با نساء الحارة لم تسكبن الماء على ابني وتقذفهن بالبصل .! يصح أن يصدر منك هذا الفعل يا أم على يا دلالة أنت وجيرانك ؟!
أم على الدلالة : ( تطل من المشربية ) حقك على يا أم سنقر الولاد حينما سمعوا أن هولاكو بالحارة صدقوا وأخذوا يقذفونه بكل ما يقع تحت أيديهم ، ( تشير إلى مشربية أمامها ) وإن لم تصدقيني أسألي الست (ميمونة الداية) .
ميمونة الداية : ( ضاحكة ) هذاما حدث من أولاد أم على ، زوجي (أبو اليزيد) أخذ نبوته
وكان ناوي يكسر رأس (هولاكو) في الحارة وأنا من أخذت النبوت من يده في آخر لحظة ومنتعته من النزول إلى الحارة .
أم على الدلالة : ( ساخرة ) أكنت تخشين على زوجك يا ميمونة ؟
ميمونة الداية :(بتعالي ودلال ) أنت عارفة أبا اليزيد قد يتهور ويسيح دم هولاكو ولسنا في
حمل دية هولاكو ولا أهل هولاكو .
سيد الحلاق : ( يحد الموسى بقطعة حجر ساخرا) با حارة المهابيل أتظنون (هولاكو) حرفوشا
من حرافيش كفر زغاري ولا الحسينية ، إنه من سلالة يأجوج ومأجوج التي لا تبقي ولا تذر إنه يذبح البني آدمين كالدجاج .
فرج الإسكافي : (يخرج من ورشته يقلب نعلا مهترئ بين يديه ) جنود المغول كالشياطين
بضربة سيف يقتل عشرين جنديا في لحظة واحدة !
ست الكل : ( تهش الهوام من على نصبة الفاكهة ساخرة ) وهل ( هولاكو) هذا أفضل من ملك فرنسا الذي سجناه في المنصورة ؟
هند : ( ترص كميات من الكعك فوق الصينية ) ولم يخرج من السجن إلا بعد أن دفعَناه دم قلبه .
أم الخير : ( تنفض الغبار من على أكوام الملابس المفروشة أمامها ) هذا كان وقت السلطانة شجرة الدر الآمرة الناهية و ..
ست الكل : ( مقاطعة ) وهل شجرة الدر هي من كانت تحارب الفرنجة ؟!
أم الخير : هي التي كانت تقود الفرسان وتدفعهم ليحاربوا ..أنت لا تحبين شجرة الدر ..
ست الكل : كانت ست مقتدرة ، قتلت زوجها .
هند : لقد نالت جزاءها ولا يجوز عليها الآن غير الرحمة .
سيد الحلاق : ( مشيرا إليهن بالموسى ) لقد ماتت شجرة الدر ورحل الفرنجة ، الآن نحن أمام شر مستطير ، وقد نجد (هولاكو) .. هو لن يأتي إلى حارة العطوف طبعا ولكنه قد يصل إلى حدود الدولة وأظن لن يستطيع أحد حينئذ منعه ومنع جنوده من السير في شارع المعز ( يلتفت إلى مجموعة تجلس على دكك خشبية أمام المقهى ) ما رأيك يا إبراهيم يا وراق أنت ومن معك في هذا الكلام ؟
إبراهيم الوراق : ( مشيرا إلى سنقر وأمه) كما يقولون خذوا فألكم من عيالكم ..قد يحدث مع
هولاكو إذا جاء إلى مصر مثلما حدث مع الصبي سنقر، فمصر وجيشها ليس مثل بقية الجيوش ( يربت على من يجلس بجواره ) طالما هززت رأسك هكذا فأنت لست مقتنعا بكلامي هذا يا بغدادي .
البغدادي : ( مشيرا إلى باب مكتبته ) أرفف دكانك تضم صحائف كتبها الكتاب عن التتار ، وأنهم كسروا كل الجيوش التي وقفت أمامهم وأظن ( مشيرا إلى من يجلس أمامه ) أن شهاب الدين يتفق معي .
شهاب الدين : أنت بهذا تصادر الأمل والرجاء أن ينتصر جيش من الجيوش على المغول .
البغدادي : جميع الجيوش التي حاربت االمغول كان لديهم الأمل والرجاء أن ينتصروا .
شهاب الدين : ولماذا لم ينتصروا ؟
البغدادي : لأن الأمل قد يكون كاذبا والرجاء قد يكون مضلللا .
شهاب الدين : أقصد لماذا انتصر المغول في كل معاركهم ؟
البغدادي : أو لماذا هُزمت كل الجيوش التي دخلت في حرب مع المغول ؟
الوراق : ( يقف رافعا يديه لأعلى ) المفروض ندعوا الله أن يشتت شمل المغول ويبعدهم عن مصر ، وإلا سنغلق كلنا حوانيتنا ونجلس في بيوتنا .
البغدادي : ( يشير إلى حانوته ) الأوضاع تزداد سوءا ، كنا في الماضي نبيع الحرائر الأصواف والأقطان أما الآن فلا أحد يشتري سوى الجوخ ، الذي كان يُصنع منه السروج للدواب ، منذ الصباح إلى الآن لم نبع بدرهم واحد .
شهاب الدين : ( يومئ بعينيه إلى حانوته ) حانوت العطارة هذا كان دائما مزدحما بالزبائن وكانت البضائع تنفد ، الآن البضائع مكدسة لا تجد من يشتريها .
الماوردي : ( يضع قدما فوق الأخرى) ما رأيكم لو غيرنا نشاطنا وبحثنا عن أنواع أخرى من التجارة ، فحانوتي هذا كان الناس يقفون أمامه صفوفا ليأخذوا احتياجاتهم من جميع أنواع الغلال نادرا لو جاء رجل أو امراة لتأخذ نصف رطل أرزا أو قمحا و ..
البغدادي : حال البلد وصل إلى درجة من السوء والفقر لم يصل إليها من قبل ، الناس تسير في الطرقات تكلم نفسها .
شهاب الدين :الفقر وسوء الحال لنا أما المماليك وأمراؤهم فلا يشعرون بأحد ولا يعنيهم حالة البلد يأكلون ويشربون ويعيشون في القصور ونحن في الضرائب غارقون .
الماوردي : الحال في كل الديار الإسلامية في أسوأ حال منذ خرج المغول على بلادنا يقتلون وينهبون ويغتصبون .
سيد الحلاق : ( مقتربا منهم وكانه يسر إليهم بنبأ هام ) حلقت لتاجر قادم من الشام ، يقسم أنه رأي بأم عينيه طلائع من جيش المغول متجهة إلى مصر ، وعن قريب سيكونون على حدود مصر .
الوراق : ( مفزوعا ) أيمكن أن يحدث لنا ما حدث لأهل بغداد ونجد هولاكو جالسا في قلعة الجبل ؟!
فرج الإسكافي : ( يحمل عددا من النعال ويسأل من حوله ) هل عساكر التتار ينتعلون نعالا أم
يسيرون حفاة ؟
سيد الحلاق : ( مندهشا ) ولماذا تسأل يا أسكافي ؟
فرج الإسكافي : لو كانوا يسيرون حفاة نضع مسامير في طريقهم .
سيد الحلاق : ولو كانوا ينتعلون نعالا ؟
فرج الإسكافي : ( ضاحكا في سخرية ) نغلق أبواب دكاننا والأمر لله .
شاب 1 : ( يدخل من شمال الحارة مذعورا ) با أهل حارة العطوف أهل حواري الجوانية والدير والمبيضة ودرب السمط هاجمين على الحارة ومعهم النابيت ..كله يختفي في بيته ويغلق دكانه .
سيد الحلاق : ( يغلق باب دكانه مفذوعا ) ما الذي حدث ؟!
شاب 1 : هناك من أخبرهم أن (هولاكو) موجود بالحارة ويريدون الإمساك به !
شاب 2 : ( يدخل من جنوب الحارة مذعورا ) يا أهل حارة العطوف أهل حواري (الخرنفش) و(كفر زغاري) و(الحسينية) و(الدراسة) و(البندقدار) هاجمين على الحارة ومعهم السكاكين والسيوف ...انجوا بأنفسكم قبل أن يصلوا .
الوراق : (يغلق باب دكانه مذعورا ) يا جماعة حد يفهمهم أن الحكاية لعب عيال .
سيد الحلاق : حتى لو كان هولاكو بالعطوف ألا يخشوا أن يكون معه جيشه ؟
شاب 1 : إن أعداهم هائلة ومسلحون بالنبابيت والسيوف والسكاكين والأواني النحاسية .
أم على الدلالة :( تغلق المشربية ) يا أم هولاكو اقصد يا أم سنقر اهربي بسنقر .
أم سنقر : ( تحمل سنقر وتجري به مذعورة وهي تضربه على مؤخرته ) فضحتنا يا خائب يا ابن الخائبة .
ميمونة الداية : (تضحك في سخرية ) خافي على ابنك من هولاكو يا أم سنقر .
ست الكل : ( تحمل نصبة القاكهة على رأسها ) يقطع هولاكو ويقطع سيرته السوداء
أم الخير : ( تجمع الكعك في جراب ) ربنا ينتقم منه لأنه يحاربنا في أكل عيشنا .
هند : ( تلملم بضاعتها في حجرها ) ألا يخشى من دعوات الأرامل والمساكين .ربنا ينتقم منه وبفضح نساءه ويشتتهن .
البغدادي : ( يقلب كفا على كف ويتلفت حول نفسه متعجبا ) أهل العطوف جنوا ، ماذا تفعلون ؟!
شاب الدين : ( ضاحكا ) الصبية كانوا يلعبون .
سيد الحلاق : واللعب قلب إلى جد وانتشر خبر وجود هولاكو في (العطوف) إلى بقية الحواري المجاورة .وما هي إلا دقائق وستجد حارة العظوف أثرا بعد عين .
البغدادي : ( مشيرا إلى بابي الحارة ) ليقابل واحد منا القادمين ويخبرهم بحقيقة الأمر.
فرج السكافي : (مسرعا ليختبئ ) هاهم قادمون من بابي الحارة إن استطعت أن تقف أمام الجموع فلتفعل .
سيد الحلاق : ( مشمرا عن ساقيه مسرعا ) انجوا بأنفسكم يا أهل حارة العطوف .
[ يدخل مجاميع من أطفال ونساء وشباب ورجال من بابي الحارة وبيد كل منهم الهراوات والنبابيت والعصي ينتشرون في الحارة ويضربون ويحطمون ويكسرون ما يقابلهم ]
الجميع : ( في صوت واحد ) اين هولاكو ..نريد قتل هولاكو ...هولاكو ابن الكلب
إظلام .
الفصل الأول
المشهد الثاني :
يجلس الأمير ( ركن الدين بيبرس ) في القاعة الرئيسية بقصره مطرقا ، وعلي يمينه ويساره رُصت مقاعد وثيرة وأمام كل مقعد منضدة عليها أطباق الفاكهة وكؤوس الشراب ، في جانب خوان طويل صُفت عليه أنواع عديدة من الفاكهة وقناني وكؤوس الشراب من كل لون ونوع ، تدخل عليه جاريته الأثيرة ( آزار ) وتقترب منه .
أزار : ( تربت على يده ) مولاي أأنت بخير ؟!
بيبرس : ( منتبها ) منذ متى وأنت هنا ؟
آزار : ( متعجبة ) ألم نتبه لقدومي ؟!
بيبرس : ( يمسح على لحيته ) شُغلت ببعض الأمور .
آزار : ( تشير إلى ما حولها متعجبة )أكل تلك الترتيبات في القصر من أجل استقبال مجموعة من الأصدقاء ؟!
بيبرس : ( مشيرا إلى ما حوله ) وما العجب في ذلك ؟ !
آزار : منذ جئنا إلى هنا ولم يزدان القصر كما هو الآن ولم أرك في شرود كما أنت الآن لدرجة أنني ظننت أن في الأمر امرأة .
بيبرس : ( ينهض ضاحكا ) أنت خير من تعلم ماذا تعني المرأة لي ؟
آزار : ( مداعبة ) ألم يتحرك قلبك من قبل لامرأة يا أميري ؟
بيبرس : ( يعود إلى الجلوس شاردا) وأنا صغير أحببت فتاة ، ومنذ ذلك الحين عاهدتُ نفسي أن أغلق قلبي للأبد .
أزار :( تجلس تحت قدميه ) أيمكن أن تقص علي قصة تلك الفتاة .
بيبرس : ( يمس على شعرها ضاحكا ) كما أغلقتُ قلبي محوت كل ذكريات الحب من عقلي .
أزار : أيمكن لرجل أن يعيش بدون أن يتعلق قلبه بامرأة ؟!
بيبرس : ( متباهيا ) ولماذا أتلعق بامرأة واحدة والنساء كثيرات حولي من كل صنف ونوع ؟!
أزار : ألا تشعر بفراغ و ...
بيبرس : ( مقاطعا ) أنني في حاجة إلى أعمار كثيرة تضاف إلى عمري لأحقق ما أرجوه يا ( أزار ).
أزار ):تنهض وتدور في المكان ) أنت الآن من أكبر وأهم الأمراء ما الذي تريد تحقيقه أكثر من ذلك ؟!
بيبرس : ( يرفع قبضته عاليا ) ما خُلقتُ من أجله...وسوف أحققه .
أزار : ( تحدق في عينيه ) الأمال قد تتحقق وقد لا تتحقق ..حتى ولو تحققت فليس كما نرجوا .
بيبرس : ( بتصميم ) الأمال عندي حقائق .
ازار : (بمكر ) ربما تكون أمالا متواضعة ..فما سُميت أمالا إلا لعسر تحقيقها يا أميري
بيبرس : (ينهض سائرا خطوات ويلتفت إليها ) لو أخبرتك عن أمالي التي سأحققها قد لا يغمض لك جفن .
أزار : ( تحتضنه في انبهار) لقدقابلت الكثير من الرجال ولكن لم أقابل من في مثل قوتك وعنادك ..أحيانا كثيرة أظن أنك لست رجلا واحدا وإنما مجموعة من الرجال ، وأحيانا أراك غامضا لا أفهمك رغم قربي الشديد منك ومخالطتي إياك .
بيبرس : ( مبتعدا عنها ) وكيف تفهمينني وأنا لا أفهم نفسي ..أحيانا أشعر أنني غريب حتى عن نفسي .
أزار : ( متعجبة ) كيف ذلك ؟!
بيبرس : ( يتناول كأسا من على المنضدة ) أحيانا أشعر أنني شيطان يشتعل داخلي الحقد والغيرة والغضب والتمرد والثورة ..أريد أن أحطم وأغير وأبدل العالم حولي ،وأحيانا أشعر أنني ناسك زاهد في كل شيء ..أتوق أن أهرب ألى الصحراء وأعيش بقية عمري لا يعرفني أحد ولا أعرف أحدا .
أزار : (تقترب منه مطوقة عنقه ) وأنت الآن أيهما .الشيطان أم الناسك ؟
بيبرس : ( يداعب أنفها ) لا هذا ولا ذاك ..أنا الآن الأمير بيبرس .
أزار : ( تقبله ) ثالثهما .
بيبرس : ( أسفا ) وأحيانا أكون رابعهما وخامسهما ..أغرب كائن في الكون هو الإنسان ، ومن يدعي فهم نفسه فهو الجاهل .
الحاجب : ( مستأذنا ) السادة الأمراء الضيوف بباب القصر يا مولاي .
بيبرس : ( ينهض ) أعدي القيان والراقصات والطعام والشراب .
آزار : ( تخرج من باب جانبي ) كل شيء رهن إشارتك يا مولاي .
[ يدخل الامراء تباعا : بدر الدين بكتوت وبدر الدين أنس الأصبهاني وسيف الدين بهادر المعزي وبهادر المعزي وسيف الدين بلبان الرشيدي وسيف الدين الهاروني .]
بيبرس : ( مشيرا لهم بالجلوس ومرحبا ) يا أهلا وسهلا بضيوفي الأمراء .
بدرالدين بكتوت :( متلفتا حوله في انبهار ) لم أكن أتوقع أن يكون قصرك بهذا الجمال وتلك الفخامة !
بدر الدين الأصبهاني : وليس هذا بكثير على أقوى الأمراء الصالحية .
بهادر المعزي : سمعت مثلا يردد العوام في شوارع القاهرة يقول اطعم الفم تستحي العين .
بيبرس : ( ناهضا غاضبا ) عين من التي تستحي يا أمير بهادر ؟!
سيف الدين الرشيدي : ( يربت على يده ) المعزي لا يقصد ، ولكننا نخشى عليك أن يؤسرك السلطان .
سيف الدين الهاروني : ولو نجح السلطان في تحييدك فإنه يكون قد قضى على الأمراء الصالحية للأبد .
سيف الدين الركني : ( يتقدم من بيبيرس مربتا على كتفه ) أنت أقوانا وأذكانا وكل رجائنا معلق عليك .
بيبرس :( يقف في مواجهتهم محتدا) أنا لست من يقنع بقصر أو قصبة بلد أو غيره ..كل ما أنعم به السلطان من حقي بل حقي أكثر من ذلك .
بدر الدين بكتوت : ( ساخرا ) ليس لك من حق إلا ما يتفضل به السلطان عليك .
بيبرس : ( مشيرا إليهم ) أنتم تعلمون قبل غيركم ما هو حقي .
بدر الدين بكتوت : ( ساخرا ) قصران بدلا من قصر مثلا .
سيف الدين بهادر : أو ينعم عليك بولاية الوجه البحري كله بدلا من قصبة قليوب .
بدر الدين الأصبهاني : ( مشيرا إلى ما حوله ) أو يزيد في عطائك و ..
بيبرس : ( مقاطعا في غضب ) أنتم تعلمون أن حقي العرش .
الجميع : ( في صوت واحد ) العرش ؟!
سيف الدين الرشيدي : ( متقدما معانقا إياه ) مرحى ..مرحى ..لقد عاد إلينا (بيبرس) كعهدنا به .
سيف الدين الهاروني : ( يشد على يد بيبرس ) لقد لعبت بنا الظنون يا أميرنا .
بهادر المعزي : ( يربت على كتف بيبرس ) بل قل يا سلطاننا .
بدر الدين بكتوت : ( يقف مواجها لبيبرس ) نحن نعلم أنك الأحق ، لولولا ما قام به من خيانة ومؤامرة لقتل أستاذنا (أقطاي) لكنت الآن من تجلس في قلعة الجبل .
بدر الدين الأصبهاني : ( يرفع قبضته في وجه بيبرس ) ولكنا الآن من يتحكم في أزمة ا لأمور هنا في مصر .
سيف الدين الهاروني : ( يدور في المكان ) من كان يظن أن يحدث لنا ما حدث بعد ما كاد أستاذنا ( أقطاي ) يجلس على العرش .
بدر الدين بكتوت : ( أسفا ) لم أحزن على أحد مثل حزني على أستاذنا ( يضع يديه على كتفي بيبرس ) ..أم أنك نسيت يا بيبرس ؟
بيبرس : ( يجلس على كرسيه مفكرا ) لم أنس ذلك ، وما زالت صورة رأس أستاذنا وهي تتدحرج مضمخمة بالدماء من فوق أسوار قلعة الجبل ماثلة أمام عيني
سيف الدين الرشيدي : وفرارنا متسترين بالظلام خارج البلاد .
بدر الدين الأصبهاني : وتشتتنا بين بغداد ودمشق وبقية البلدان .
بدر الدين بكتوت : وهذا يبيع فينا وهذا يشترينا .
بهادر المعزي : لقد عانينا الكثير .
بيبرس : ( ملتفتا إليهم ) ولكن السلطان ( قطز ) دعانا للعودة إلى ديارنا ورد لنا ما صُودر من أموالنا بل أنعم علينا و ..
بدر الدين بكتوت : ( يقاطعه في حدة ) وهل أمنت جانبه ؟
بيبرس : ماذا تقصد ؟
بدر الدين بكتوت : ربما يدبر لنا .
بيببرس : ( يحدق في وجوههم ) إذا كان يخافنا فلم سمح لنا بالعودة ؟!
بهادر المعزي : ليسهل القضاء علينا فنحن نمثل خطرا عليه طالما نحن بعيدون عنه
بيبرس : ( شاردا ) لا أظن .
بدر الدين الأصبهاني : إذن يريد استخدامنا .
بيبرس : لقد قضى على كل المعارضين واستتب الأمر له .
بدر الدين بكتوت : أنسيتم المغول .؟
سيف الدين المعزي : وما علاقة المغول بما نحن فيه ؟
بيبرس : أظن أن السلطان لم يصفح عنا ويسمح لنا بالعودة إلا بسبب المغول .
بدر الدين بكتوت : وهل سيحارب المغول ؟
بيبرس : وهل هناك خيار آخر أمامه ؟
بدر الدين الأصبهاني : بعدما فرغوا من (بغداد) و ( دمشق ) فليس أمامهم إلا (مصر) . وأظن أن مقدمات جيوشهم قطعت صحراء الشام وأسابيع وتجدهم داخل القاهرة .
بهادر المعزي : وهل السلطان سيحارب أم سيصالح ؟ .
بيبرس : (قطز) خُلق للحرب ولن يضع أمامه إلا خيار الحرب .
بدر الدين بكتوت : وتلك فرصتنا ونضرب ضربتنا .
بيبرس : ( يتقدم منه مستفسرا ) ماذا تقصد ؟!
بدر الدين بكتوت : هو مشغول في ايجاد وسيلة للتعامل مع المغول والبلد غير مستقرة والجميع في خوف وفزع .الأمور مهيئة نقتله ونجلسك على العرش .
بيبرس : ( رافعا يده محذرا ) لا تعميكم رغباتكم عن رؤية أكبر خطر يهددنا كلنا والأهم أنه يهدد الإسلام ..(المغول) اجتاحوا كل الديار الإسلامية لم يبق إلا مصر .
بهادر المعزي : وهل هذا يمنع من جلوسك على عرش مصر ؟
بيبرس : لا أحد منكم يعرف السلطان كما أعرفه .
بدر الدين بكتوت : ماذا تقصد ؟
بيبرس : ( يسير خطوات في القاعة مطرقا ويلتفت إليهم ) لن يُهزم المغول إلا على يد السلطان قطز .
سيف الدين الهاروني : وما يدريك ؟
بيبرس : كلنا طمعنا في العرش وتمنينا الجلوس عليه إلا هو ؟
سيف الرشيدي : ( ساخرا ) ومن الذي يجلس الآن على العرش ؟
بدر الدين الأصبهاني : ومن الذي خلع السلطان على نور الدين ؟
بدر الدين بكتوت : ومن الذي قضى وسجن من نازعه وقاومه ؟
بيبرس : فعل كل هذا ليحارب المغول وينتصر عليهم ولن يتنسنى له فعل ذلك إلا بجلوسه على العرش .
بدر الدين الصبهاني : أأنت معنا أم مع السلطان ؟!
بهادر المعزي : إن كنت معه فأخبرنا كي نحدد مواقفنا ومواقعنا .
بيبرس : ( يتوسطهم وينقل النظر بينهم ) هذا هو الفرق بيني وبينكم والفرق بيني وبين (قطز) .
بدر الدين الأصبهاني : ما كل تلك الفروق يا بيبرس .؟!
بدر الدين بكتوت : نحن لا نفهم شيئا !
بيبرس : الفرق بيني وبينكم أنكم لا تنظرون إلا تحت أقدامكم ، والفرق بيني وبين قطز أنني لا أفكر إلا في العرش بينما هو يفكر في كل شيء إلا العرش .
بدر الدين الأصبهاني : كلامك يدل على أنك معجب به .
بيبرس : بل أقدره وأوفيه حقه .
بهادر المعزي : وهل أنت أقل من تحارب المغول ونحن معك ؟
بيبرس : أنا أقاتل المغول ، ولكن النصر لن يكون إلا على يد (قطز ).
بدر الدين بكتوت : أظن أن تلك دعوة أن ننسى كل ما بيننا من عداء وثأر .
بيبرس : لا ، بل أدعوكم أن نواجه الخطر الأكبر ، وإذا أخذنا بثأر أمتنا وعملنا على صيانة ديارنا وحماية الإسلام ، نلتفت إلى أنفسنا ونأخذ ثأرنا
بدر الدين بكتوت : أنا لا أوافقك على ذلك .
بهادر المعزي : أنت بهذا تسكب ماءا على نارنا وتضيع حقنا .
بدر الدين الأصبهاني : وانا أتفق معكما ، نحن الآن متحدون ونمثل قوة قادرة على تحويل الأمور في صالحنا ...لا ندري ماذا يحدث غدا .
سيف الرشيدي ) يومئ إليهم أن يكفوا عن الجدال ) أنا أثق في كل ما قاله (بيبرس) ويجب أن نسير وراءه مغمضي الأعين
سيف الهاروني : ( ضاحكا ) أنا معك أن نسير وراء بيبرس ولكن لنكن مفتوحي الأعين على الأقل لنراه ونسير وراءه .
بيبرس : لنتصدى للخطر الأكبر ثم بعد ذلك لكل حادث حديث .
بدر الدين بكتوت : ( متلفتا حوله ) وحديثنا الليلة هل سننهيها هكذا ؟
بيبرس : أعددت لكم كل ما تشتهيه أنفسكم من طعام وشراب وغناء ورقص .
بهادر المعزي : ( ضاحكا ) كما قال الشاعر ..الليلة خمر وغدا أمر .
بيبرس : ( يتقدمهم ) اتبعوني إلى جهنم الحمراء ..يا (أزار) نحن قادمون .
إظلام .
الفصل الأول
المشهد الثالث :
حارة العطوف ، كل شيء في الحارة مقلوبا رأسا على عقب ، وأعداد من الناس يسيرون في أنحاء الحارة يضربون كفا على كف مما يرونه من دمار لكل ما في الحارة .
سيدالحلاق : ( يتأمل ما حوله ضاربا كفا على كف ) لا حول ولا قوة إلا بالله ، وكأن زلزالا حدث في الحارة ، كل شيء تحطم ، والمحلات سُرقت والداكين نُهبت
فرج الإسكافي : ( يتحسس رأسه المعصوبة ) لقد حاولت أن أبصرهم بالأمر وأول ما نطقت
كلمة (هولاكو) وكأنها كانت كلمة السر الجميع انطلق ضربا وكسرا وصبي صغير أشار على وقال لهم هذا هوعم (هولاكو) وشعرت أن جبل المقطم سقط على .
إبراهيم الوراق : ( يجمع الأوراق والكتب المتناثرة أمام دكانه ) ربما فيك شبه من هولاكو .
فرج الإسكافي : وهل هناك من رأي هولاكو وبقى على قيد الحياة ؟
البغدادي : ( ضاحكا ) لم أكن أتخيل وجود بشر بتلك العقلية وهذا التفكير !
شهاب الدين : ماذا تقصد ؟
البغدادي : أن يصدقوا أن هولاكو بحارة العطوف ..أي عقل يقبل هذا ؟!
شهاب الدين : وهل العقل يقبل أن يدخل المغول بغداد وبُذبح الناس هناك كالخراف ، بعدما فُتحت أبواب وأسوار بغداد أمامهم ، وهل يٌعقل أن تنضم جيوش إسلامية للمغول ويقتلون أخوانهم في الدين والعروبة وهل يعقل أن يكون المغول على مسيرة أسابيع من مصر وهل ..
البغدادي : ( مقاطعا ) وما علاقة ما حدث في (بغداد) وبما يحدث هنا في حارة (العطوف) ؟!
شهاب الدين :الناس الذين نجوا وفروا من المغول في (بغداد) و(دمشق) و(الشام) موجودون في كل مكان في مصر وما رأواه وما سمعوه من قصص وحكايات حقيقية أو من صنع الخيال يرددها الناس هنا في الحواري والأسواق والمساجد والمدارس، لذلك تجد التتار وهولاكو يعيشون معهم في الحقيقة والخيال في نومهم ويقظتهم ، لذلك ليس غريبا أن يصدقوا أنه موجود في حارة (العطوف ).
البغدادي : ولكن تصرفهم هذا لا يدل على أنهم خائفون من التتار ومن هولاكو .
شهاب الدين : ليسوا خائفين ولكنهم يرتعدون خوفا .
البغدادي : وبماذا تفسر ما فعلوه .
شهاب الدين : لقد انتصروا على خوفهم حينما هربوا بكل قوتهم إلى الخوف ولم يهربوا من الخوف .
ست الكل : ( تتوقف عن غسل الفاكهة وتشير إلى رجلين قادمين إلى الحارة ) (بكتمر الأعرج ) و(منطاش الأكتع) .. يا حسرة !
هند : ( تنفض التراب عن الكعك ) أرزل رجلين في الحارة كلها .
أم الخير : ( تعيدد بسط الثياب على الأرض ) كنا استرحنا منهم ومن رزالتهما .
ست الكل : إن كان هولاكو يريحنا منهما ...على الأقل يكون عمل لنا حاجة مفيدة ،
هند : ( مندهشة ) ومن هذا الذي يسير ورائهما ؟!
أم الخير : ( ساخرة ) إنه (بركة الدرويش ).
ست الكل : المجنون !
أم الخير : ( ضاحكة ) إنه أعقل مني ومنك ، ولكنه يدعي الجنون مثل بقية الدراويش .
ست الكل : وهل الدراويش مجانين ؟!
أم الخير : وما أدراني وهل تزوجدتُ واحدا منهم ؟
هند : ( تشير إلى رأسها ) ولماذا لا تتزوجين ؟
أم الخير : بعدما مات أبو أولادي لن اتزوج ( مشيررة إلى الرجال ) انتبهي إنهم يقتربون منا .
بكتمر الأعرج : ( يقف وسط الحارة مشيرا إلى الجميع ) أغيب عن الحارة وأعود أجدها
مقلوبة هكذا ، ماذا حدث لكم يا أهل حارة (العطوف) ، أليس فيكم رجال ؟!
منطاش الكتع : ( يقترب منه ) سألت عن المتسبب فقالوا أن (هولاكو) كان بالحارة .
بكتمرالأعرج : (مشيرا إلى الحطام حوله مندهشا ) رجل واحد يفعل بالحارة وأهلها كل هذا
؟!
منطاش : إنه رجل شرس وشرير
بكتمر : ( يدور في أنحاء الحارة ) شرس وشرير على نفسه و ..
منطاش : ( مقاطعا في ذعر ) إنه قائد جيوش المغول يا (بكتمر)
بكتمر : ( يمسك بكتفه مذعورا ) الجيوش التي بتحدث عنها الجماعة الشوام في وكالة ( قايتباي ) .
منطاش : نعم .
بكتمر : ( يقترب منه أكثر ) والمجازر والمذابح التي يحكون عنها هو من قام بها ؟!
منطاش : يقولون أنه يشرب الدم بدلا من الماء .
بكتمر : ( يتلفت حوله مندهشا ) دم من ؟!
منطاش : دم من قتلهم يا (بكتمر) .
بكتمر : تقصد أنه يقتلهم ويشرب من دمهم ؟!
منطاش : ( يشير إلى أجزاء من جسده ) ويقطع أعناقهم وأيديهم وأرجلهم و ..
بكتمر : (يتمالك نفسه و يقاطعه في غضب ) هو يفعل ذلك لأنه لم يجد من يقف أمامه ، هل سيكون أفضل من الرجل صاحب فرنسا الذي حبسناه في المنصورة ( يخاطب من حوله متحمسا ) في أي حارة الآن من الحواري حولنا الرجل الذي يسمى ( هولاكو ) ؟
منطاش : ماذا ستفعل معه ؟!
بكتمر : سوف أعرفه خطأه كي لا يكرر ما فعله بالحارة مرة أخرى ، ( يشير إلى المتجمعين حوله ) هؤلاء الناس أهلى ولحم أكتافي من خيرهم . وأنا سوف آخذ حقهم منه .
منطاش : ( متأففا ) ماذا ستفعل معه ؟
بكتمر : سو ف أوضح له خطأه بالذوق والهداوة .
منطاش : وإن لم يصلح معه الذوق والهداوة ؟
بكتمر : ( غاضا ) ذنبه على جنبه .
فرج الإسكافي : ( ملوحا له بنعل في يده ) أنت صدعت رأسنا يا (بكتمر) ، هولاكو ليس في
أي حارة من حواري مصر كلها .
بكتمر : ( مندهشا ) هرب بتلك السرعة !
سيد الحلاق : ( مقتربا من بكتمر مربتا على كتفه ) هولاكو لم يدخل مصر أصلا .
بكتمر : ( متحمسا ) ولن يدخلها أبدا ( يتلفت حوله ) إذن من الذي فعل هذا بالحارة ؟
إبراهيم الوراق : ( ساخرا ) كان الصبيان يلعبون وأحدهم يقوم بدور هولاكو ، فضربه رفقاؤه
وصاحوا عليه فظن من بالحارة أن هلاكوموجود بالحارة وهذا الظن انتقل إلى بقية الحواري حولنا ، فجاءوا يبحثون عن هولاكو ويدمرون كل ما يعترض طريقهم
منطاش : ( متبالها ) وأين هولاكو الآن ؟!
إبراهيم الوراق : ( ممسكا برأسه ) أقول لك ولا تغضب .
منطاش : (يعبث في لحيته ) ولماذا أغضب يا وراق ؟
سيد الحلاق : ( ضاحكا ) لا داعي يا منطاش لأنك ستغضب فعلا .
بكتمر : وأين كان أصدفائي البلاصية والحرافيش والمشاعلية ؟
فرج الأسكافي : كانوا أول من دخل الحارة ؟
بكتمر : ولماذا لم يحموا الحارة من السرقة والنهب ؟ ! .
سيد الحلاق : لأنهم هم أول من سرق ونهب يا) بكتمر) .
منطاش :كانوا يعلمون عدم وجودك بالحارة يا (بكتمر) .
بكتمر :(يدور في الحارة رافعا يديه مهددا في غضب ( سوف أحاسبهم حسابا عسيرا ، واسترد كل ما نهبوه من الحارة .
فرج الإسكافي : (يشير إلى رأسه المعصوبة( وما حدث لي با بكتمر ؟
بكتمر ): يربت على رأسه ( سوف أرد لك حقك وسأعرفهم من بكتمر ؟
هند ) : تشير إلى امرأة تخرج من باب بيت ) أترون ما أراه يا نسوان) ..اشتياق) فاتنة حارة العطوف هلت وظهرت .
أم الخير ) : تصفق على يديها ( يا ليت أحد من البلاصين أو الحرافيش أراحنا منها .
ست الكل ) : تومئ إلى هند ( لماذا يا أم الخير ؟ إنها سبب بهجة وأنس الحارة إلا ترين كيف ينظر إليها رجال وشباب الحارة ؟!
هند ) : تقذفها بكعكة )ألا تتمنين أن تكوني في مثل جمالها ؟
أم الخير : (تقذفها بثمرة طماطم ( وهل صانت وحفظت هذا الجمال ؟
هند : هي تسعى على رزقها كما نسعى نحن على رزقنا .
أم الخير : وهل تسمين الرقص والغناء والسهر إلى الصبح عند الأمراء المماليك رزقا ؟
ست الكل : أكنت تريدين منها أن تجلس طوال النهار بجوار الحائط في الحارة تبيع لتعود إلى بيتها بعدد من الدراهم مثلنا؟!
أم الخير : كان أشرف لها وأفضل من الرقص والغناء ، لقد أساءت إلى سمعة الحارة ، لماذا لا يطردها رجال الحارة ؟ .
هند :لا أحد يقدر أن يمسها بسوء ، فهي على علاقة قوية بالأمراء.
أم الخير ) : تشبر إلى فمها( اصمتا ها هي مقبلة ولو سمعتنا لن يمر نهارنا على خير .
اشتياق :(تتدلل في مشيتها ( يا بكتمر .
بكتمر : (يسرع إليها( نعم يا ست الستات .
اشتياق : (تمنحه بعضا من المال ( الحرفوش الذي كلفته بحراستي لم يحضر بالأمس ولذلك لم أخرج .
بكتمر : (يقبل المال ( فعلت خيرا بعدم خروجك يا ست الستات (هولاكو) كان يتجول في حواري الجمالية والدنيا كانت مقلوبة .
اشتياق : (تضع إصبعها على حاجبها ( وماذا كان سيفعل لي هولاكو هذا ؟!
بكتمر : ( يبعد صبيان الحارة المتجمعين حول اشتياق )يقولون إنه يذبح الناس ويشرب من دمائهم .
اشتياق : (تتمايل في إغراء ( أما أنا فسوف أذبحه بنظرات عيني وأسكره بغنائي وأفتنه برقصي .
منطاش : (يراقبها مبهورا) وهل هناك رجل لا يفتن بجمالك يا ست الستات ؟! .
اشتياق : ( تمنحه بعض المال ( كيف حالك يا اش .
منطاش : (يقبل يدها ( اسمي يخرج من بين شفتيك كالشهد المصفى .
بكتمر : (يضربه على قفاه ( الدور عليك لتسير مع ست الستات لأن ابن حنجله قبض عليه المحتسب كان يسرق بطيخا من سويقة الصاغة
منطاش : (يتابعها بانبهار ( أنا أقطع عنق أم هولاكو لو تجرأ ونظر إليك نظرة واحدة
ست الكل : (تتابع نظرات رجال الحارة إلى اشتياق في غيظ ( أترين كيف ينظر رجال وشباب الحارة إلى) اشتياق) ؟
هند :(تتابع حركات (اشتياق ) في إعجاب وهل هناك امرأة في الحارة في جمالها ؟
أم الخير ) : تضع يدها على فمها( لا نريد أن نأخذ ذنوبا .
ست الكل ): تبحث فيمن حولها متعجبة ( أين بركة الدرويش يا ستات ؟ !
هند : (تضرب بيدها على صدرها ) لقد اختفى كعادته ، فلا ندري سبب لأختفائه ولا سبب لظهوره
أم الخير : سوف يظهر فجأة ويتجمع حوله صبيان الحارة يغنون ويصفقون له .
ست الكل : وهو يفتح لهم خرجه ويعطيهم ما أخذه من دكاكين وحوانيت الأسواق التي تجول فيها مستجديا .
هند : أمره غرييب يستجدي الآخرين ليهدي الناس كل ما معه !
أم الخير :) تشير إلى الدرويش وسط الحارة ( ها هو قد ظهر والأطفال والصبيان يتحلقون حوله
ست الكل : (تقف وتشير إليه ( يا بركة ..أريدك في أمر هام... تعال .
هند : (مندهشة ( فيم تريدينه يا امرأة ؟!
ست الكل : ابنتي مريضة وأريد أن يرقيها .
أم الخير : : ولماذا لا تذهبي بها إلى المارستان ؟
ست الكل : : إنه رجل طيب ورقيته مبروكة .
بركة الدرويش) : يتقدم منهن ويعطيهم من خرجه ( لتأخذ كل منكن نصيبها من الحلوى .
هند : ست الكل لها طلب عندك يا بركة .
بركة : (يشير إليها واضعا يده على عينيه (ابنتك ستشفى مما بها ..اصبري قليلا .
ست الكل : (مبهورة ( كما يقولون : مكشوف عنك الحجاب ! .
بركة : (يرفع يديه ونظره إلى المساء ( أنا عبد فقير يرجو عفوه ورضاه .
هند : (ساخرة ( أين كنت وقت أن كان هولاكو بالحارة ؟
بركة :(يسير إلى منتصف الحارة رافعا عصاه ( لن يأتي هولاكو إلى الحارة ، ولكن الحارة من ستذهب إليه .
سيد الحلاق : : (ساخرا( رجعت تتحدث بالألغاز يا بركة ..كيف تذهب الحارة إلى هولاكو يا رجل ؟!
بركة : (يشير إليه بعصاه ( ما أقوله يا حلاق ليس ألغازا ، ولكنه حقيقة ستذهب الحارة إليهم ، والأمارة أن أعينهم ستعلق على باب النصر وستخرج الحارة من باب النصر ، ولكن من خرج وغلب لن يعود .
فرج الإسكافي : (يخيط نعلا ( ومنذ متى ونحن نأخذ كلام بركة على محمل الجد ، إنه يعيش في
عالم غير عالمنا ؟!
بركة : ( يشير إليهم في سخرية ) أنتم موتى ولا تدرون أنكم موتى .
سيد الحلاق :وهل الموتى يدرون بشيء ؟!
بركة : :إذا دروا فقد حيوا ، وإذا حيوا عرفوا وإذا عرفوا وصلوا وإذا وصلوا سعدوا ، ) يخرج مسرعا من باب الحارة ( هو الحي ...الواحد القهار ...لا قهار سواه .
شهاب الدين : لا حديث لأهل الحارة إلا عن هولاكو والمغول ، حتى) بركة الدرويش) (ساخرا) لم يسلم هولاكو من الصبيان ولا من الحرافيش والذعار والنساء ..كل من بالحارة ..يا ترى ما مصيرنا في النهاية ؟!
البغدادي : ليست حارة العطوف ولكن مصر كلها .
شهاب الدين : أيمكن أن يحدث لنا ما حدث لأهل بغداد ؟
البغدادي : طبعا لا نتمنى أن يحدث .
شهاب : لقد رأيت تصرف الناس .
البغدادي : وما علاقة الناس بما نحن فيه ؟! الأمر كله بيد المماليك وأمرائهم ، وأنت تعرف كيف يفكرون ، فأهم شيء مصلحتهم الشخصية .
شهاب الدين : ولكنهم قد يفقدون كل شيء بدخول المغول مصر .
بغدادي : وهذا أصعب اختيار أمامهم ..أيضحون بمصالحهم أم يضحون بأرواحهم ؟
شهاب الدين : تقصد أنهم قد يهادنون المغول ؟
بغدادي : ربما .
شهاب الدين : ولكن ..
بغدادي :( مقاطعا )هناك أمراء وملوك تصالحوا مع المغول وهم الآن في أمن وسلام .
شهاب الدين : تقصد خانوا دينهم ودنياهم .
بغدادى : قناعتهم أوصلتهم إلى ذلك وهم لا يعتبرونها خيانة .
شهاب الدين : وأتظن أن السلطان( قطز) من أي الفريقين ؟
بغدادي : أظنه يريد الحرب ولكن قد لا تساعده الظروف
شهاب الدين : إذن تتوقع أن يحل بنا ما حل ببغداد ودمشق .
بغدادي : أقول قد لا تساعده الظروف وقد تساعده .
شهاب الدين : ماذا تقصد بالظروف ؟
بغدادي : كل شيء ..الرجال والمال والسلاح والشجاعة والجرأة .
شهاب الدين : وأي من تلك يملكها السلطان (قطز) ؟
بغدادى : بل قل أي من تلك لا يملكها السلطان ؟
شهاب الدين : (شاردا ( على ما يبدو أننا مقبلون على أحداث خطيرة .
البغدادي : أتظن أن المغول جادون في غزو مصر ؟
شهاب الدين : وما الذي سيمنعهم من غزوها ؟
البغدادي : قلبي يحدثني أنهم لن يغزو مصر .
شهاب الدين : ليت حديث القلوب يتحقق .
البغدادي : وكلام الدرويش أن هولاكو لن يدخل مصر ولكن الحارة ستذهب إليه .
شهاب الدين : لا تعول على كلامه ، ليس لنا سوى الله ينجينا وينجي مصر من كل بأس وشر.
إظلام .
الفصل الثاني
ا
لفصل الثاني
المشهد الأول :
قاعة (العواميد) بقصر قلعة الجبل ، يجلس السلطان (قطز ) إلى منضدة مبسوط عليها العديد من الصحائف ، منهمكا في مطالعة بعضها ، حاسر الرأس مرتديا جلبابا خفيفا ، تدلف السلطانة من باب جانبي ، تسير على أطراف أصابعها .
السلطانة :( تطوق برأسه من الخلف) حتى في الليل مشغول.. عنا ألا يكفيك طوال
النهار ؟!
السلطان : ( منتبها مربتا على يدها) للنهار أشغاله ولليل مشاغله .
السلطانة : ( تنحي المنضدة وتجلس على ركبتيه ) ونحن أليس لنا نصيب من نهارك أو ليلك ؟
السلطان : ( يقبل جبينها ) نصيبك العمر كله يا مولاتي .
السلطانة : ( تمس على شعره محدقة في ملامح وجهه ) لكم أنا مشفقة عليك ، أتصدقني لو أخبرتك أنك كبرت عشرين عاما منذ أن توليت السلطنة مع أنه لم يمض سوى بضعة أشهر على توليك السلطنة .
السلطان : ( ينهض ويسير خطوات في المكان مطرقا ) تلك الشهور القليلة أشعر أنها أعمار طوال ..كأني أحمل العالم فوق كتفي .
السلطانة : ( متعجبة ) لم أرك قانطا مثلما أراك الليلة !
السلطان : ( يشبك ذراعيه على صدره ) كل يوم تزداد تعقيدا وتأزما عن ذي قبل .
السلطانة : ( تشير إلى الرسائل على المنضدة ) أخبار غير سارة ؟
السطان : لم تعد أخبارا ولكنها حقائق ومفزعة .
السلطانة : ( منزعجة ) من أي جهة ؟
السلطان : ( مطرقا ) من جميع الجهات ، جيوش المغول اجتازوا صحراء الشام ، بعدما تخلصوا من الملك (الناصر) صاحب دمشق ، و (المغيث عمر) صاحب الكرك يقف على الحياد ، (الأشرف الأيوبي) صاحب حمص والملك (السعيد) صاحب بانياس أنضما للمغول .
السلطانة : ( مندهشة ) انضما للمغول ؟! وما الذي حملهما على ذلك ؟!
السلطان : الخوف من المغول .
السلطانة : وهل الخوف ينجيهم أو ينقذهم ؟
السلطان : نعم ولكن لن ينقذ مروءتهم ولا شرفهم ، ومن كان لديه بقية من المروءة والشرف من أمراء الشام جاء إلى هنا مع جيشه ..ولكنهم قلة .
السلطانة : (منزعجة ) لم أعرف أن الأمور مقلقة إلى هذا الحد .
السلطان : ( يعود إلى كرسيه ) لقد فاقت كل حد تتخيلينه .
السلطانة : ( تمسك ببعض الأوراق على المنضدة ) أتحمل الأوراق كل تلك الأخبار المزعجة بعدكل ما فعلته وتفعله ؟!
السلطان : ( يتناول الأرواق منها ) لم تعد أوراقا ولكنها مصائب ومحن ..البلد منهكة مع أننا انتصرنا على الفرنجه وتم طردهم من البلد ولكن الثمن كان غاليا ، الجيش في حاجة إلى معجزة ، ليكون مهيئا وقادرا على التصدي للمغول ، وهناك ما هو أخطر .
السلطانة : ( مذعورة ) أهناك أخطر مما تقوله ؟!
السلطان : ( متأثرا ) أشعر أن يدي مغلولة .
السلطانة : ( تمسك بيديه ) ومن غلها ؟!
السلطان : الأمراء .
السطانة : ( مندهشة ) لقد عفوت على الكثير منهم ، وسمحت لمن كان هاربا بالخارج بالرجوع ، وأكرمتهم وأحسنت معاملتهم ومنحتهم المناصب والرتب ..ماذا يريدون أكثر من ذلك ؟!
السلطان : يريدون كل شيء إلا الحرب مع المغول .ويا ليت الأمر توقف عند ذلك .
السلطانة : ( تجلس على المقعد ) أهناك شيء آخر ؟!
السلطان : ( يدير خاتم الملك حول إصبعه ) الأمير بيبرس .
السلطانة : وما شأنه ؟! أظن أنه من أقرب الأمراء إليك وأكثر من منحته وأكرمته .
السلطان : ( يلتقط ورقة مطالعا ما فيها ) لقد اجتمع بالأمس في قصره وهو وأصدقاؤه
من الأمراء .
السلطانة :أتشك في إخلاصه لك ؟
السلطان : لا ولكنه أكثر من يثير حيرتي .
السلطانة : لماذا ؟!
السلطان : كل أفعاله وأقواله تتفق مع القسم الذي أقسمه أمامي ، حتى كل حديثه مع الأمراء في القصر بالأمس و ..
السلطان : ( مقاطعة ) وما أدراك بما دار بينه وبين الأمراء ؟!
السلطانة : الظروف التي تمر بها البلد تفرض علينا أن تكون عيوننا وأذاننا في كل شبر من البلد .
السلطانة : وحديثه مع الأمراء وضعه في أي الفريقين ؟
السطان : المخلصين الأمناء .
السلطانة : ( مندهشة ) إذن ما يريبك منه ؟!
السطان : تحمسه الزائد في أن يكون السيف الذي سأكسر به المغول، ورغبته المخلصة والصادقة في هزيمتهم .
السلطانة : وهل في هذا ما يعيب أو ما يريب ؟!
السلطان : الشرط الذي وضعه .
السلطانة : أي شرط ؟
السلطان : أنه متحلل من كل عهوده وقسمه بعد أن نهزم المغول ؟
السلطانة : وهل رضيت منه ذلك ؟
السلطان : نعم .
السلطانة : لماذا ؟
السلطان : لأن لا شيء يهمني بعد أن أهزم المغول ، أنا لا أحيا وأتنفس إلا لأحقق هدفا واحدا ، بل أشعر أنني لم أخلق وأصير حيا بين الأحياء إلا لهذا الأمر ،وبعد ذلك سأعتزل هذا العالم وأمضي بقية عمري إن كان لي عمر زاهدا متعبدا شاكرا لله أن أجرى النصر على يدي ، وجعلني سببا في إنقاذ دينه من أعداء الإسلام والإنسانية .
السلطانة : ( تقبل يديه ) أواثق من النصر يا سلطان ؟
السلطان : ( يقبلها ) ثقتي في حبك وإخلاصك لي .
السلطانة : أعزك الله ونصرك على أعدائك وحفظك بحفظه .
إظلام .
الفصل الثاني
المشهدالثاني :حارة العطوف .
بكتمر : ( يتقدم من اشتياق ) أظن (منطاش) لم يقصر في خدمتك يا ست الستات، لا نبغي غير رضاك .
اشتياق : ( مضطربة) ليس هذا هو المهم يا بكتمر .
بكتمر : ( مشيرا إلى منطاش ) أحدث ما يسوءك من منطاش ؟
اشتياق :( تتلفت حولها مذعورة ) رسل المغول وصلوا قلعة الجبل يا بكتمر .
بكتمر : ( مذعورا ) المغول وصلوا قلعة الجبل وقتلوا السلطان يا نهار أسود !
اشتياق : ( مشيرة إلى رأسه ) أليس في رأسك عقل يفكر ؟
بكتمر : ( مرتعشا ) ألم تقولي إن المغول بالقصر السلطاني بقلعة الجبل ، لا أظن أنه داعيهم على طعام الفطور ؟
اشتياق : الرسل الذين يحملون الرسائل ، وليس جنودالمغول .
بكتمر : وما معنى ذلك ؟!
اشتياق : ما هي إلا أيام أو أسابيع ويكون جنود المغول داخل مصر .
بكتمر : إذن (هولاكو) سيكون في الحارة عن قريب ، وفي تلك المرة حقيقة وليس مجرد دعابة .
منطاش : ( يأكل من خبزة في يده ) لقد سمعتُ من خشداشية الأمير وأنا انتظر الست (إشتياق) يقولون إن المغول دخلوا مصر والرسل يعرضون الأمان إذا هو استسلم لهم وسمح لهم بدخول مصر بدون قتال .
بكتمر : ( يتلفت حوله ) إذن علينا أن نحذر أهل الحارة .
إشتياق : ( مستغرقة في التفكير ) وماذا سنقول لهم ؟
منطاش : ( تسقط الخبزة من يده ، فليتقطها نافضا ما عليها من تراب ) لابد أن تحذرهم من يريد أن يهرب و ..
بكتمر : ( يوكزه في كتفه ) أنترك بلدنا يا جبان ونهرب ،ثم نهرب إلى أين ؟
إشتياق : سمعت من الأمراء الذي كنت أغني وأرقص عندهم أنهم سيرحلون إلى الصعيد ومنهم سيرحل إلى المغرب .
بكتمر : هم لديهم ما يخافون عليه أما نحن فليس لدينا مانخاف عليه .
منطاش : ( يشير إلى صدره ) أرواحنا يا بكتمر .
بكتمر : ( معاتبا) وهل أرواحنا في غير بلادنا لها قيمة يا منطاش ؟
فرج الإسكافي : ( متجها إليهم متعجبا ) ما سبب وقوفكم في تلك الساعة هكذا ؟
منطاش : المغول وصلوا يا عم فرج .
فرج الإسكافي : ( ساخرا ) مثلما وصل هولاكو الحارة من قبل ( مشيرا إلى رأسه ) في المرة السابقة كسروا رأسي لا أدري في تلك المرة ماذا سيحث لي ؟
بكتمر : ( مشيرا إلى إشتياق ) الست إشتياق سمعت ذلك بنفسها من الأمراء المماليك ، وهم الآن يستعدون للخروج من البلد إلى الصعيد وإلى المغرب .
فرج الإسكافي : ( يتقدم من إشتياق ) لم نجرب كذبا من قبل على الست (إشتياق) ولكن ما الذي
يجب أن نفعله الآن يا ست (إشتياق )؟
اشتياق : ( تلوح لهم في غضب ) لا أدرى ماذا تفعلون الآن ، لقد بلغتكم ما عرفته ، وسوف أدخل الآن لأنام فأنا طوال الليل لم استرح .
فرج الإسكافي : ( ساخرا ) كان الله في عونك ، الجميع ينعم بنومه بينما أنت طوال الليل ساهرة
عند الأمراء والأغنياء .
إشتياق : ( مهددة ) عم فرج يا صرماتي أحفظ أدبك وإلا ..
بكتمر : ( مشيرا إلى وسط الحارة ) نساء الحارة بدأن يخرجن من بيوتهن هاهي (أم على الدلالة) و(ميمونة الداية ).
أم على الدلالة : (تقترب منهم في قلق وتوتر ) خير يا جماعة أحدث مكروه لأحد من أهل الحارة ؟
فرج الإسكافي : ( يمس على رأسه ) المغول وصلوا مصر والأمراء يهربون يا أم على .
أم على الدلالة : ( تجري إلى وسط الحارة ) يا أهل حارة العطوف استيقظوا المغول وصلوا والأمراء والجنود يهربون خارج البلاد خوفا من المغول .
ميمونة الداية : ( تخرج من باب بيتها مذعورة ) يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم ..من أين أتيت بهذه الأخبار يا أم على ؟
أم على : ( تشير إلى الواقفين) الست إشتياق ومعها بكتمر ومنطاش يقولون إن المغول يقتلون الناس في الأسواق والشوارع والمساجد (تتنقل بين الأبواب بيوت الحارة وتدق عليها ) يا (أم سنقر) المغول في شارع المعز وفي حواري الحسينية والمبيضة والجوانية و..
بكتمر : ( مذعورا ) نحن لم نقل هذا ولم نر شيئا .
إشتياق : ( تضع يدها على فمها ) من أين أتيت بهذا الكلام يا امرأة ؟!
فرج الإسكافي :وماذا تظنين بنساء حارة العطوف ..وكما يقولون من يخاف من العفريت يخرج له
أم سنقر : ( تخرج من باب بيتها مذعورة ) ربنا يهدك يا هولاكو ، داخل علينا بالحنجل والمنجل ، ألا يوجد من يصرفه عنا ، كفى ما حدث لسنقر ابني بسببه .
أم على : ( تتلفت في ذعر )لا بقاء لنا من الآن في الحارة ..إنهم يذبحون الناس ويشربون من دمائهم .
ميمونة الداية : وأين سنذهب ؟ ليس لنا من مكان نذهب إليه .
بكتمر : ( يتوسطهم ) يا جماعة أهدأوا ، لم يصل سوى رسل المغول فقط .
أم سنقر : ( تضرب على صدرها) وهل ننتظر حتى يصلوا ويشربوا من دمائنا يا بكتمر ؟!
فرج الإسكافي : ( يلوح بسكينه )جيش السلطان قطز سيقف للمغول ويقطع رجلهم من مصر .
ميمونة الداية : وهل جيش الخليفة في بغداد قدر عليهم ؟! .يا روح ما بعدك روح .
سيد الحلاق : ( يدخل الحارة مسرعا ) أعرفتم ما حدث ياأهل الحارة ؟
فرج الإسكافي : ( ممسكا بيده ) أحقا عساكر المغول في شارع المعز ؟!
سيد الحلاق : الذعار واللصوص والمشعاعلية والحرافيش منتشرون في الأسواق والشوارع ينهبون وويحطمون المحلات والحوانيت ويدخلون الحمامات والقيسارات والوكالات و ..
بكتمر : ( مندهشا ) عساكر المغول أم الصوص والذعار ؟!
سيد الحلاق : لا أعرف حقيقة ما يحدث ، الناس يصرخون وبجرون هنا وهناك والقتلى والجرحى يملأون الشوارع والطرقات ..لقد أغلقت باب بيتي وأتيت لأطمئن على حانوتي .
فرج الإسكافي : ( ساخرا ) وهل في حانوتك شيء تخاف عليه من النهب يا سيد ؟!
سيد الحلاق : وأحمي دكاكين أصدقائي وأدافع على من بالحارة .
الإسكافي : ( مشيرا إلى باب الحارة ) أليس هذا شهاب الدين ؟
سيد الحلاق : والبغدادي معه ..ربما يعرفان حقيقة ما يحدث
الإسكافي : ( يتقدم منهما ) عساكر المغول أم اللصوص والحرافيش ؟
البغدادي : سمعت الناس يقولون أن عساكر المغول دخلوا مصر ويحاصرون قلعة الجبل .
شهاب الدين : بل يقولون إنهم أخذوا السلطان رهينة عندهم حتى يلقي الجيش سلاحه ويستسلم .
إشتياق : ( تتقدم وسطهم ) أتصدقان ما سمعتماه ؟
شهاب الدين : طبعا هذا لا يصدق ولا يعقل ..ولكن هذا ما يردده الناس في كل مكان هذا الصباح .
بغدادي : على رأي المثل الذي يقول لا دخان بدون نار .
إشتياق : ( ساخرة ) لا دخان ولا نار ، كل مافي الأمر أن رسل المغول وصلوا ليعرضوا شروطهم ، لقد سمعتُ هذا من الأمراء ، يتناقلوه فيما بينهم .
منطاش : وأنا أيضا سمعتُ من الخشداشية وقالوا إن عدد الرسل خمسة وأن شكلهم كالشياطين .
سيد الحلاق : ولكن اللصوص والنهابة رأيتهم بعيني منتشرين ، حتى الأعراب رأيتُ بعضهم في الميادين .
شهاب الدين : ( يتطلع إلى بابي الحارة ) إذن بين لحظة وأخرى سيهجمون على الحارة يجب أن نمنعهم .
فرج الإسكافي : نمنع من.. عساكر المغول أم اللصوص والنهابة ؟!
البغدادي : المهم يجب أن ندافع عن الحارة ونمنع أي غريب من الهجوم عليها .
بكتمر : ( يقف وسط الحارة رافعا يديه لأعلى) يا رجال حارة العطوف يا نساء حارة العطوف يا شبابها يا صبيانها ليتسلح كل منكم بأي شيء ولنقف صفا واحدا ومن يتجرأ ويدخل الحارة سنقطع رقبته قبل قدميه .
أم سنقر : ونحن النساء أنقدر على القتال يا بكتمر ؟!
بكتمر : ( متحمسا ) من النوافذ والمشربيات ومن على الأسطح ما تقدرن عليه ، اقذفن بالحجارة واسكبن الزيت المغلي وكل ما في بيوتكن ، لن يدخلوا الحارة ونحن يدا واحدة .
إظلام .
الفصل الثاني
المشهد الثالث :
ديوان الوزارة بقصر قلعة الجبل ، رجال الدولة مجتمعون للنظر فيما حدث في في وسط البلد .
نائب السلطنة :(يسير مطرقا في المكان ، واضعا يديه خلف ظهره ، ثم يلتفت إلى الجالسين مشيرا إليهم ) نحن مطالبون أن نضع تفسيرا وتحليلا لما حدث اليوم في البلد، وإلا موقفنا أمام السلطان في غاية الحرج .
الوزير : هل دعاك و..
نائب السلطنة : ( مقاطعا ) لن أنتظر حتى يدعوني ..ما حدث اليوم في الشوارع والأسواق والميادين في غاية الخطورة .
كاتب السر : ما حدث لم يكن متوقعا بالمرة وبتلك الصورة التي حدث عليها .
الوزير : ( يدق بغضب سطح المنضدة أمامه ) وهذا أخطر ما في الأمر ..أن تحدث أحداث بعيدة عن توقعاتنا ..هذا يثبت أن هناك أمورا تحث من خلف ظهورنا ، بل مؤامرات تدبر لدفع البلاد إلى منحدر في غاية الخطورة .
الدودار : أتقصد أحدا بعينه ؟
الوزير : لا ، وإذا كان هناك تقصير فأظن أن التقصير يشملنا كلنا،ولا أستثني أحدا من ذلك .
كاتب السر : ( موجها حديثه إلى والي القاهرة ) ما حدث حدث في الأسواق والشوارع والإعتداء تم على الحوانيت والوكالات والقيسارات و ..
والى القاهرة : ( مقاطعا في حدة ) وكل تلك الأماكن خاصة بجهازي ورجالي .
نائب السلطنة : إذن أنت تعرف مصدر التقصير ، ونتيجة هذا التقصير .
والي القاهرة : ( يقف متقدما إلى وسط المكان مواجها الجميع ) أنتم تعرفون أن هناك الألوف كل يوم يدخلون مصر فارين وهاربين من البلاد التي دخلها المغول وأن عملية التفتيش على أبواب مصر لم تعد كما كانت كل هؤلاء الفارين يتحدثون عن الأهوال والفظائع التي رأوها رأي العين أو سمعوا عنها ، والناس هنا يسمعون ويتخيلون ،حتى أن في حارة من حواري القاهرة تسمى (العطوف) ظنوا أن هولاكو دخل الحارة ، والحواري المجاورة تجمعوا في الحارة يريدون القبض والإمساك بهولاكو ، وطبعا إندس اللصوص والنهابة والحرافيش بين الناس ، لقد أصبح الناس يتوقعون أي شيء وكل شيء ، ولو أخبرتهم أن جنود المغول بشارع المعز سيصدقون ، وهناك وسط هؤلاء مندسون وجواسيس تبع المغول .
الوزير : تقصد أن وهؤلاء هم من وراء حركة الفوضى والسرقة والنهب والقتل التي حدثت في أجزاء متفرقة من البلاد .
والي القاهرة : نحن قبضنا على أعداد هائلة ، ولكن تبين أنهم مجرد مجموعة من اللصوص والمشعالية والذعار .
كاتب السر : ألم تربط بين وصول رسل المغول وما حدث في الأسواق والشوارع ؟ّ
والي القاهرة : ( متعجبا ) وما علاقة وصول رسل المغول بما حدث ؟ !
كاتب السر : ثم أن وصول رسل المغول كان محاطا بتكتم شديد .
الوزير : ومع ذلك انتشر الخبر وتناقلة الناس في الأسواق والشوارع والحواري .
الدوادار : أظن أن انتشار هذا الخبر هو الذي فجر الفوضى وأعمال السلب والنهب في البلد .
والي القاهرة : وهل انتشار خبر وصول رسل المغول هوالذي حرك الناس ، وهذا التحرك كان
عن تدبير أم تم صدفة ؟
كاتب السر : لا شيء يحدث صدفة على هذا النطاق الواسع بل عن تدبير وتدبير محكم وراءه
رجال وأمراء ومسؤولين داخل جهاز الدولة ،( يرفع عددا من الأوراق من على المنضدة ) وأستطيع أن أقول لكم بما توافر لدي من معلومات إن هناك قوة في الخارج متعاونة مع قوة في الداخل ، وكانت كلمة السر بينهما وصول رسل المغول .
الوزير : تلك كلها من طرق وأساليب المغول تحطيم وكسر وإضعاف إرادة البلد قبل غزوها .
الدوادار : ( شاردا ) إذن المغول قادمون .
نائب السلطنة : ( يتقدم منه مربتا على كتفه ) ألديك شك في هذا ؟
الدودار : قاتلهم الله ..إنهم لا يبددون وقتهم .
الوزير : ( يسوي عمامته )اليوم استطعنا أن نسيطر على الوضع في البلد ، وطالما لا نعرف اليد المدبرة فالبلد في خطر .
نائب السلطنة : ( مستغرقا في التفكير )كما تقول الأمر في غاية الخطورة إذا لم يتداركه
السلطان .
الوزير : يتوقف تصرف السلطان على ما سنرفعه إليه من تقرير ، والآن نحن لا نعرف اليد الحقيقية وراء كل ما حدث .
الدودار : هي ليست يد وإنما أيادي .
والي القاهرة : (مفكرا ) أتعرفون من الذي بيده تجلية هذا الغموض ؟
الوزير : من ؟
والي القاهرة : رسل المغول أنفسهم .
الجميع : ( في صوت واحد مندهشين ) رسل المغول ؟!
والي القاهرة : طالما ربطتم بين ما حدث ووصولهم فهناك أمران لا ثالث لهما .
الوزير : ( مندهشا ) ما هما ؟
والي القاهرة : إما أنهم اتصلوا بعناصر موجودة هنا في مصر أو أحد اتصل بهم .
نائب السلطنة : من الممكن أن يتصل بهم أحد ، ولكن كيف يتصلون بأحد وهم لا يعرفون أحدا في البلد .
والي القاهرة : أن يكونوا قد راسلوا عناصر معينة في البلد ، وطبعا سيكون هناك وسيط بين
الاثنين
الوزير : وكيف سنعرف هذا ؟
والي القاهرة :(يشير إلى رأسه ) (المهندار) ، يراقبهم مراقبة دقيقة ويبحث في طوايا ملابسهم أو سروج خيولهم عن رسائل إو إشارات أو أي علامات أو أي شيء من هذا القبيل .
الوزير : ( يشير إلى الدودار ) على الفور أرسل إلى (المهندار) ليقوم بذلك ، فهو المكلف باستقبالهم ووالقيام على أمر إعاشتهم حتى ينتهوا من مهمتهم ويعودون من حيث ما أتوا.
كاتب السر : أذن ننتظر رد (المهندار) ، وبعد ذلك نرفع التقرير إلى السلطان .
إظلام .
الفصل الثاني .
المشهد الرابع:
يدخل الحارس القاعة التي يجتمع فيها الأمراء للشرب وسماع أغاني القيان ومشاهدة الراقصات معلنا وصول الأمير ببيبرس .
بيبرس : ( يتلفت حوله غاضبا ) اصرفوا القيان والراقصات والإماء من القاعة فورا .
سيف الدين الرشيدي : ( يقدم كأسا لبيبرس ضاحكا في سخرية ) لماذا ألن تشاركنا السهر والتمتع بجنهم الحمراء ؟!
بيبرس : ( مزمجرا سالا سيفه ويطيح بما على المائدة ) قلت لكم اصرفوا من بالقاعة ..وأريدكم أن تجيبوا عن سؤالي بكل صراحة .
بدر الدين الأصفهاني : ( مشيرا إلى القيان والراقصات بالإنصراف ) ما بك أيها الأمير ..أول مرة أراك في مثل تلك الثورة ؟!
سيف الدين الرشيدي : (مشيرا إلى سيف بيبرس ساخرا ) نحن نعرف أن لديك سيفا لا مثيل له في بر مصر ، فلا داعي أن تسله هكذا علينا .
سيف الدين الركني : ( يركل بقايا الزجاج بقدميه ) ليس السيف فقط ، واليد التي تحمل السيف ، كل هذا نعلمه فلا داعي لهذا العرض الفريد من نوعه .
سيف الدين بكتوت : (يقترب من بيبرس ويربت على كتف بيبرس ) اهدأ يا أميرنا ، على الأقل أجلس وأخبرنا عن السؤال الذي تريد الإجابة عليه بكل صراحة .
بيبرس : (مشيرا إلى الجميع ) ألكم يد فيما حدث اليوم في البلد ؟
سيف الدين بكتوت : ( يوميء إلى من حوله ) تقصد ..
بيبرس : ( مقاطعا في غضب ) أنتم تعرفون ما أقصده .
بدر الدين الأصبهاني : ( يشرب كأسا ) وما الذي جعل فكرك يتجه إلينا بصفة خاصة ؟
سيف الدين الرشيدي : ثم ما علاقتنا بما حدث ؟
بيبرس : ( مشيرا إليهم بسيفه ) لقد ضاق الخناق عليكم يا أمراء الصالحية ، وفي
هذه المرة لن تُتركوا لتغادروا مصر سالمين كما حدث من قبل .
بهادر المعزي : ( متجها إلي بيبرس غاضبا ) هذا اتهام خطير ونحن لن نقبله أيها الأمير.
سيف الدين الركني : لقد تجاوز الإتهام إلى التهديد ..الأمير يهددنا ويخوفنا .
بدر الدين بكتوت : ( يشير للجميع ) لن نستطيع أن نتحاور بتلك الطريقة ..رجاء أيها الأمراء
لا أحد يتوجه بالحديث إلى الأمير بيبرس ودعوني أنا الذي أتحدث .
سيف الدين الرشيدي : ( يربت على كتف بيبرس ) للآن لا نعرف سبب غضب وثورة بيبرس.
بدر الدين بكتوت : ( يبعد الرشيدي عن بيبرس ) قلت دعوني أنا أتحدث معه ... (بيبرس)
..دخولك علينا وطريقة كلامك يدل على تيقنك بضلوعنا في هذا الأمر ،ما
دليلك على ذلك ؟
بيبرس : ( يحدق في وجوههم )في القصرالسلطاني عرفواأن وراء ما حدث مجموعة منظمة متصلة بالمغول ،تمهد وتفتح الطريق لدخول المغول إلى مصر .
بدر الدين بكتوت :( يجذبه ليجلس ) اكتشاف خطير جدا ، أن توصلوا إلى معرفة ذلك ، ولكن
ما علاقتنا بهذا الأمر ؟!
بيبرس : استطاعوا أن يحددوا أن مجموعة من الأمراء المماليك هي من تتولى التنظيم والإشراف ومد العناصر الذين نشروا الفوضى وأثاروا الناس بالمال والسلاح .
بدر الدين بكتوت : الأمراء المماليك لا حصر لهم في الديار المصرية ومنهم من يملك ما
لانملكه ويتولون من المراكز والمناصب ما لا نتولاه .
بيبرس : ( يقف في مواجهتم مشيرا إلى رأسه ) عقلي يحدثني أن هذا الأمر لم يخرج عن تدبيركم .
بدر الدين بكتوت : ( يسير خطوات في المكان مطرقا ،ويقف في مواجهة بيبرس ) عن تدبيرنا
نعم ، أما عن تنفيذنا فلا علاقة لنا بأمر التنفيذ .
بيبرس : ( ينهض ويتحرك بغضب في المكان ) أهذا ما اتفقنا عليه يا أمراء؟
بدر الدين بكتوت : ( يربت على كتفه ) لقد احترمنا رغبتك في الحفاظ على العهد والقسم
بينك وبين السلطان ولكن ما بينك وبين السلطان لا يشكل قيدا أن نتحرك وفق مصالحنا أو مصلحتك بالتحديد .
بيبرس : ( مشيرا إلى صدره متعجبا ) مصلحتي !! كيف ؟!
بدر الدين بكتوت : مصلحتك كسلطان .
بيبرس : وما علاقة ما يحدث بي ؟
بدر الدين بكتوت : ( يقف مشيرا إلى الأمراء الواقفين في مواجهته ) لم نكن نريد إخبارك بهذا
الأمر إلا في الوقت المناسب ، ولكن طالما وصل بك إلأمر أن تشك في نويانا فلابد من إخبارك .
بيبرس : أنا لا أفهم شيئا مما تقوله !
الجميع : ( يتقدمون من بيبرس ويضعون أيديهم في يده ) لنحيي سلطاننا ونقسم له على الولاء والطاعة .
بيبرس : ( يجذب يده غاضبا ) لا شك أنكم أصبتم بمس من الجنون .
بدر الدين بكتوت : لماذا ؟ ! أتنكر أنك الأولى والأجدر بمنصب السلطنة من هذا القاتل والخائن
الغادر ؟! ونحن قد أعفيناك من الحرج لن تفعل شيئا وإنما نحن من نفعل .
بيبرس : ( مندهشا ) تفعلون ماذا والمغول على أبواب مصر ،وسيوفهم مسلطة على رقابنا ودمائنا التي ستراق وديارنا التي ستغتصب ؟!
بدر الدين بكتوت : ومن قال إن المغول سيحاربوننا أو نحاربهم ؟
بيبرس : ( يحدق في وجوههم مندهشا ) لن يحاربونا ولن نحاربهم كيف هذا ؟!!
بدر الدين بكتوت : ما يردونه سيأخذونه بدون حرب أو قتال .
بيبرس : والمقابل ؟
بدرالدين بكتوت : جلوسك على عرش مصر .
بيبرس : ( ثائرا ) أسير في طريق الخيانة والخداع والغدر وأبيع شرفي وشرف البلد لأجلس على العرش ، وما قيمة العرش إذا كان الجالس عليه خائن لدينه ووطنه يا أمراء الصالحية ؟!( يرفع سيفه عاليا ) إذا جلست على العرش ،فلن أجلس عليه إلا بهذا وعلى مرأى ومسمع من الجميع ؟!
بدرالدين بكتوت : ولكن ..
بيبرس : ( مقاطعا ومتجها نحو الباب ) ما تفكرون فيه لن يحدث أبدا .
الجميع : ( يقفون في طريقه وفي صوت واحد ) لقد اتخذنا القرار ، من الآن أنت
السلطان .
بيبرس : ( يرفع سيفه في وجوههم )إن لم تبتعدوا عن طريقي ، وتتخلصوا مما يجول في رؤوسكم سأقطعها قبل أن يرتد إليكم طرفكم .
بدر الدين الأصبهاني : ( متعجبا ) أيغضب لأننا نسعى لنجعله سلطانا ؟!
سيف الدين الرشيدي : أول مرة أرى شخصا يغضب لأننا نعمل لمصلحته !
بهادر المعزي : ( ساخرا ) لا تنس أننا نعمل لمصلحتنا في المقام الأول .
سيف الدين الرشيدي : كيف ؟
بهادر المعزي : لأنه سيكون سلطانا متحملا تبعة وعبء السلطنة بينما نحن سنكون سلاطين بدون مسؤولية .
سيف الدين الهاروني: ( مفكرا ) طالما لا يريد أن يكون سلطانا فلنختر واحدا منا نجعله سلطانا
الجميع : (في صوت واحد مشيرين إلى بدر الدين بكتوت ) ليكن الأمير بدر الدين بكتوت ، لنبايعه سلطانا
بدر الدين بكتوت : (يدور حولهم مشيرا إليهم في سخرية ) كما قال بيبرس عنكم لا ترون إلا
تحت أقدامكم ..إنها ليست رحلة صيد تختارون أميرا لكم ، هذا الأمر لا يصلح فيه إلا بيبرس أيها المغفلون .
سيف الدين الرشيدي :وما الذي يمتلكه بيبرس غير ما تمتلكه ؟!.
بدر الدين بكتوت : ( يقف في مواجهتهم ) نعم ، بيبرس أقوانا وأشجعنا وأذكانا ، وإلا لما وقع
عليه إختيار السلطان ليكون قائدا للجيش .
سيف الدين الركني : ( يتناول زجاجة خمر من على المائدة ) والآن ماذا نحن فاعلون ؟
سيف الدين بكتوت : ( شاردا ) ليس أمامنا الآن سوى الانتظار عما ستسفر عنه الأحدات .
سيف الدين الرشيدي : وإن كنت أرى موقفه لا يبشر بخير .
سيف الدين الهاروني : ربما يعدل عن قراره ويوافقنا على ما عرضناه .
بدر الدين بكتوت : ما زلتم لا تعرفون بيبرس كما أعرفه ، إنه رغم كل شيء سلطانكم القادم يا
مغفلون .
إظلام .
الفصل الثالث
الفصل الثالث
المشهد الأول :
قاعة الحكم في قصر قلعة الجبل ، السلطان قطز يجلس علىى الديوان وحوله وأمامه أركان الدولة وأمراء المماليك وقادة الجيش وعدد من القضاة والعلماء وأهل الرأي .
السلطان : ( يشير إلى الدوادار بالجلوس ) قرأ الدوادار على أسماعكم رسالة المغول بأن نستسلم ونسلم الديار حتى نكون بمنجاة من سيوفهم ونقمتهم كما يقولون في رسالتهم ، وقد اجتمعت بكم للتشاور ، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
الجميع : ( في صوت واحد ) صلى الله عليه وسلم .
السلطان : ما خاب من استشار ، وقال الله عز وجل ( وشاورهم في الأمر ) وهناك أمور أخرى سنتحدث فيها تباعا ، بالنسبة للرد على الرسالة أشيروا على .
بيبرس : ( متحمسا ) يجب أن يكون الرد عاصفا .
أتابك الجيش : ومزلزلا .
الوزير : أو ماكرا .
نائب السلطنة : أو خادعا .
كاتب السر : لنجرب الملاينة
المهندار : أو المهادنة .
أمير مملوكي 1:( يتقدم إلى وسط القاعة متوجها إلى السلطان ) يا سلطاننا .في عنقك أهل
هذه الديار نساء وأطفال وشيوخ ورجال وشباب ، ومواجهتنا للمغول لن تخرج عن أمرين ، النصر أو الهزيمة ، فإن هُزمنا أضعنا أهل هذه الديار وحملتَ وزرهم وقابلتَ ربك بذنبهم .
بيبرس : (مشيرا إليه ) وقد ننتصر .
أمير مملوكي 2 : لن ندخل المعركة كي ننتصر .
بيبرس : ( مندهشا ) ولماذا ندخل المعركة ؟!
أمير مملوكي 2 : لنقوم بواجبنا ونبرئ ساحتنا أمام الله والناس والتاريخ .
السلطان : ( يمس على لحيته ) إذن تقترحون أن نستسلم للمغول .
أمير مملوكي 3: ( ينهض ويتقدم في مواجهة السلطان ) لو كان لهم عهد وميثاق كنا أول من
دعاك لذلك ولكنهم خونه وغدارون .
أميرمملوكي 4 :( يقف في مكانه ) الرأي ألا نستسلم وفي نفس الوقت لا نحارب .
بيبرس : ( مندهشا ) وكيف ذلك ؟!
أمير مملوكي 4: أن نحصن بلادنا تحصينا قويا ، وحينما يجدوا الحصون شامخة مانعة لا شك
سيرجعون على أعقابهم خاسئين .
أتابك الجيش : ( يقف ويتقدم من الأمير غاضبا ) ونمكث خلف الحصون والقلاع كالفئران الوجلة ..هذا لن يكون .
أمير مملوكي 3 : : لنطلب ضمانات للإستسلام .
بيبرس : كيف ؟
أمير مملوكي4 : نطلب جنودا من عندهم رهائن ، وبذلك لا يفكرون في الخيانة أو الغدر .
بيبرس :( ساخرا ) وإذا رفضوا ؟
أمير مملوكي 4 :( بلا مبالاة ) نرفض الاستسلام .
بيبرس : ( ساخرا ) أظنك حكمت على رأيك بالخطل والفساد .
العز بن عبد السلام : ( يقف ويتقدم خطوات ويشمل الجميع بنظراته ) الحرب والكر والفر ليس مجالي ، ولذلك لم أتكلم ، ولكن حينما يصل الأمر إلى التفكير في الاستسلام لأعداء الدين والوطن فلابد أن أتكلم ، إذا دخلنا المعركة فإننا لا شك منتصرون يقول الحق في كتابه الكريم ( إن تنصروا الله ينصركم ) فما علينا الآن إلا أن نقوم بتنفيذ الشق الأول من الآية ، وننتظر تنفيذ الشق الثاني من وعد الله ، ومن أصدق من الله قيلا .
السلطان : ( يتململ في مقعده ) ولكن كيف ننصر الله يا شيخنا ؟
العز بن عبد السلام :بقوة إيماننا ، بالثقة في وعده بالتوكل الحق بحسن الإعداد ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل )
السلطان : ( مشيرا إلى أتابك الجيش ) وما موقف الجيش ؟
أتابك الجيش : الجيش في حاجة إلى الكثير والكثير يا مولاي ينقصنا ..
السلطان : ( مقاطعا ومشيرا إلى الوزير ) لماذا لا تقدم كل ما يحتاجه الجيش ؟
الوزير : خزائن الدولة خاوية وما طلبه الأتابك لا نستطيع أن نوفره .
السلطان : والحل ؟
الوزير : ليس من سبيل سوى فرض الضرائب على الناس .
السلطان : ولكننا في حاجة إلى أموال كثيرة .
الوزير : لنضاعف الضرائب أضعافا مضاعفة ، فليس أمامنا من سبيل سوى ذلك .
العز بن عبد السلام : ( يسوى عمامته ) لا ..هناك سبل كثيرة وليس سبيل واحد .
السلطان : ماذا تقصد يا شيخنا ؟
العز بن عبد السلام : لقد سرتٌ وتجولتُ كثيرا في شوار وحواري وأزقة البلد وقابلتُ شيوخا ونساء ورجالا ،الناس يا سطان المسلمين في غاية الفقر والفاقة ولا يتحملون أن نضاعف عليهم الضرائب كما يقول الوزير ، فأظن أنه لم يكلف نفسه أن يطلع على السواد الأعظم من الناس ، ولا يعرف ما يأكلون وكيف يمضون يومهم ، والأمر لا يقتصر على الوزير فحسب بل أخال كل من يجلس بالقاعة هنا يجهل ما صار عليه حال الناس في الشوارع والأسواق والميادين وفي كل مكان في البلد .
السلطان :( يلحظ السلطان أثر كلام الشيخ على الحاضرين ويشير إليه ) إذن ما السبيل إلى الحصول على المال لإعداد الجيش الذي تطالبنا به يا شيخنا الجليل ؟
العز بن عبد السلام : ( مشيرا إلى الجميع ) لنأخذ من أموال الأغنياء والأمراء وكبار
المسؤولين في الدولة ، حتى إذا تساوا بعامة الناس حينئذ فقط نجمع الضرائب من عامة الناس .
أمير مملوكي 1 : ( غاضبا ) أتريد أن تجردنا من أموالنا التي هي حق لنا يا شيخ ؟!
العز بن عبد السلام : ( رافعا صوته في حزم ) تتنازلون عن أموالكم برضاكم في سبيل صيانة
وطنكم بدلا من أن يجردكم منها المغول رغما عنكم كما فعل بالأمراء والأغنياء في ديار الإسلام التي دخلها بعد أن جردهم من شرفهم وكرامتهم .
أمير مملوكي 2 : ولكن هذا لم يحدث من قبل أن نُجرد من حقوقنا .
العز بن عبد السلام : ( يلملم العباءة حول جسمه ) عندنا في الدين والشرع الضرورات تبيح
المحظورات ، أظن وصل إلى علمك هذا الأمر
أمير مملوكي 3 : ( يتقدم من الشيخ مشيرا إلى بقية الأمراء حوله ) ليس رأيك بغريب ، ألم
تفتي من قبل أن نباع كالرقيق في سوق النخاسة وصرنا سخرية في الأفواه ؟!
أمير مملوكي 4 : أتريد أن تساوينا بعامة الناس ونحن أركان وسند تلك الدولة .
العز بن عبد السلام : ( مشيرا إلى الأمراء ) كل ما أنتم فيه من نعيم وثراء من فضل الأمة
عليكم ، لقد أتيتم إلى هنا لا تملكون شيئا ، حتى صرتم وجهاء الأمة فإذا احتاجت فلا تضنوا عليها .
بيبرس : ( واقفا متقدما خطوات رافعا يده ) أرى أن ما يقوله الشيخ على صواب ويجب أن نقدم كل ما لدينا من مال للدولة .
السلطان : ( مشيرا إلى الحاجب ) أيها الحاجب .
الحاجب : ( يدخل ومعه عدد من الرجال يحملون صندوقا ) تفضل يا مولاي .
السلطان : ( مشيرا إلى الصندوق ) هذا كل ما لدي من أموال أول من يقدمها لتكون اللبنة الأولى في إعداد الجيش ، وليس هذا منة وفضلا فقد أتيتُ إلى تلك الديار مملوكا كما تعلمون كلكم .
العز بن عبد السلام : ( مشيرا إلى السلطان ) بارك الله في سلطان يتقدم رعيته إلى عمل الخير ويكون قدوتهم في الجهاد في سبيل الله ، النصر يا سلطان سيكون سائرا في ركابك إن شاء الله .
بيبرس : والرد على رسل المغول يا سلطان ؟
السلطان : ( ينقل بصره بين الجميع ) لقد أرسلتُ الرد فعلا .
الدوادار : ( متعجبا رافعا السجل بين يديه ) ولكنني لم أقم بكتابته !
السلطان : ( يمس على لحيته ) الرد لم يكن كتابة .
الدوادار : ( متعجبا ) وعلى أي صورة كان الرد ؟!
السلطان : ( يقف ويسير خطوات وسط ذهول الجميع ) رؤوس رسل المغول معلقة الآن على أبواب القاهرة .
الجميع : ( في صوت واحد ) ذبحتهم ؟!
السلطان : ( مشيرا إليهم ) أكنتم ترون ردا غير ذلك ؟!
العز بن عبد السلام : ( غاضبا ) ولكن شرعا لا يجوز قتل الرسل مهما كانوا يا سلطان .
السلطان : ( يتقدم خطوات من العز مربتا على كتفه ) إلام احتكمت يا شيخنا في حكمك هذا ؟
العز بن عبد السلام : ( يقف رافعا يده )إلى الشرع وإلى سنة رسوله .
السلطان : وهل احتكموا إلى الشرع في المذابح والمجازر والدماء التي سُفحتْ وسُفكتْ في جميع ديار المسلمين التي اغتصوبها ؟
العز بن عبد السلام : فعلوا هذا لأنهم فجرة وكفرة ليس من شرع يقيد أيديهم ولا دين يرشد أفعالهم .
السلطان : وما رأيك في قول الله عز وجل في قرآنه ( يأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير )
العز بن عبد السلام : ولكن الرسل لم لم يأتوا في مهمة قتالية .
السلطان : ( ملتفتا إلى المهندار ) ماذا وجدت في جعبة رسل المغول وسروج خيولهم ؟
المهندار : ( يخرج مجموعة من الرسائل ) رسائل لعناصر داخل مصر يطلبون معلومات عن الجيش وعن ..
السلطان : ( مشير إلى المهندار مقاطعا ) أعلمت يا شيخنا المهمة الحقيقية التي جاءوا من أجلها بالإضافة إلى تهديدهم ( مشيرا إلى كاتب السر ) ما حكم هؤلاء ؟
كاتب السر : إنهم جواسيس وجزاؤهم القتل .
السلطان لتأمر يا شيخ الإسلام أئمة المساجد والجوامع في مصر أن يدعوا لجيشكم بالنصر المؤزر ونصرة الإسلام ورفع راياته وتطهير الأرض التي رددتْ جبالها ووديانها وصحراؤها كلمة لا إله محمد رسول الله .
العز بن عبد السلام : ( يشد على يده ) لينصرنك الله نصرا يصير أنشوده على فم الزمان .
السلطان : ( مشيرا إلى الجميع ) ليذهب كل منكم إلى شأنه وليبق قائدالجيش الأمير بيبرس .
[ يخرج الجميع ويبقى بيبرس ]
بيبرس : ( مطرقا ) سمعا وطاعة أيها السلطان .
السلطان : الوحيد الذي رأيته مبتهجا لذبح رسل المغول هو أنت يا بيبرس.
بيبرس : ( يرفع قبضته في حماس ) وكأنك نفذت ما كنت أفكر فيه .
السلطان : أواثق في النصر يا بيبرس ؟
بيبرس : نعم .
السلطان :لماذا ؟
بيبرس :لأنني أثق فيك .
السلطان :وما علاقتي بالنصر ؟
بيبرس :لن يُهزم المغول إلا على يديك .
السلطان : ( يمس على لحيته ) لتلك الدرجة تثق في ؟
بيبرس : أبعد مما تتصور .
السلطان : إذن لماذا كان عهدك لي مشروطا ؟
بيبرس : وهل هناك ما يعيب عهدي معك حتى النصر على المغول ؟
السلطان : إذن النصر سيفرقنا .
بيبرس : ( يتحسس حمالة سيفه ) ليذهب كل منا إلى غايته .
السلطان :( يتقدم منه مربتا على كتفه ) وأنا أعرف غايتك يا بيبرس .
بيبرس : أي غاية تقصد ؟
السلطان : ( يواجهه) أن تقتلني .
بيبرس : ( مشيرا إليه ) أليست غايتك أيضا ؟
السلطان : ( يجلس على العرش ) وما يمنعني عنك ؟
بيبرس : ( مشيرا إلى رأسه ) ذكاؤك .
السلطان : وذكائي قد يدفعني إلى قتلك .
بيبرس : أنت أشد ذكاءا من ذلك .
السلطان : ( ضاحكا ) لماذا ؟
بيبرس : ( يضع ذراعيه حول صدره ) لأنك في حاجة إلى .
السلطان : ( يحرك الخاتم حول إصبعه ) من أقوى رجل في البلد يا بيبرس ؟
بيبرس : السلطان .
السلطان : ومن الرجل الثاني بعد السلطان ؟
بيبرس : ( منحنيا ) علم هذا عند السلطان .
السلطان ) :واقفا ) أنت يا بيبرس الرجل الثاني ، ولن تكون الرجل الأول إلا
بقتلي .
بيبرس : ومن قال لك إنني أريد أن أكون سلطانا ؟
السلطان : ألا ترى أن من حقك أن تكون سلطانا ؟
بيبرس : أي حق له واجبات ومسئوليات وأنا لم أقم بأي منهما .
السلطان :إذن أنت تعرف أن حق السلطة يستوجب وأجبات .
بيبرس : نعم .
السلطان : ألم يكن أمامك ان تقوم بها ؟
بيبرس : ( مطرقا ) ما كنت لأصلح أن أكون سلطانا في تلك الظروف العصيبة .
السلطان : وحينما تتغير تلك الظروف ؟
بيبرس : كما يقولون لكل حادث حديث .
السلطان : ( ينهض مبتعدا عن العرش ) اجلس يا بيبرس على العرش .
بيبرس : ( متهيبا ) ولماذا أجلس ..إنه ليس مكاني أيها السلطان .
السلطان : ( مشيرا إلى العرش ) أني آمرك بالجلوس .
بيبرس : ( يجلس على طرف العرش مترددا) ها قد جلست يا سلطان .
السلطان : ( يربت على كتفه ) بماذا تشعر الآن يا أمير بيبرس ؟
بيبرس : (ينهض مبتعدا على العرش متعجبا ) لا أشعر بشيء !
السلطان : ( يجلس على العرش ) ولن تشعر بشيء ، لأنني أنا السلطان ..فهمت ما أقصده يا بيبرس ؟
بيبرس : لا !
السلطان : قد يأتي الوقت الذي تفهم فيه قصدي دعنا من كل هذا . كم عدد الرجال والشباب الذين دخلوا في التدريب لينضموا إلى الجيش من أهل البلد ؟
بيبرس : ( متحمسا ) لم نكن نتوقع تلك الأعداد الهائلة التي استجابت لدعوتنا .
السلطان : ( شاردا ) أظن ينقصهم تدريبات كثيرة على القتال .
بيبرس : شدة حماسهم ورغبتهم الصادقة تعوض هذا النقص .
السلطان : لماذا غفلنا عنهم طوال تلك المدة ؟
بيبرس : ربما انشغالهم في أمور التجارة والصناعة والبيع والشراء و ..
السلطان : ( مقاطعا ) أو لأننا لا نريد أن يزاحمونا في المكانة والمنزلة .
بيبرس : لا أفهم قصد السلطان .
السلطان : أنت تعرف أن المماليك هم أرباب السيف وهم الأعلى منزلة في البلد لهذا السبب .
بيبرس : لأننا حماة البلد وأول المدافعين عنه والمضحين من أجله .
السلطان :( يشير إليه ) وما تقدمه البلد لكم يتساوى وتلك المكانة والمنزلة .
بيبرس : ( ينحني له مشيرا إلى ما حوله من مظاهر الأبهة ) ما تقدمه البلد لنا كلنا يا سلطان .
السلطان : أنا لم أنس أنني جئت مملوكا مثلك إلى تلك البلاد يا بيبرس
بيبرس : ولكنك صرت سلطانا .
السلطان : ( ينهض ويتقدم من بيبرس مربتا على كتفه ) لأقوم بالمهمة التي نذرتُ نفسي لها والدفاع عن الإسلام ومحاولة رفع راياته التي سقطتْ في جميع الديار الإسلامية ، يا (بيبرس) إنها حرب مقدسة وتلك القداسة تلقي بظللالها علينا من الآن نحن بإذن الله سنجبر كسر الآخرين ونصحح خطأهم ونثأر للملايين الذين ذُبحوا بغير ذنب جنوه سوى أنهم يشهدون أن لا إله إلا الله محمدا رسول الله .
بيبرس : ( يتناول يده مقبلا لها ) وأنا معك فيما نذرت وسوف ينصر ك الله كما قال الشيخ العز لأنك تنصر الله .
السلطان : ( يمسح على كتفه ) بارك الله فيك يا بيبرس ، كيف تحول ما كنا بيننا من عداوة إلى تلك الصداقة والود .
بيبرس : الهدف النبيل والمقصد الشريف هو من أزال العداوة وحل محلها الصداقة والود .
السلطان : ( محدقا في عين بيبرس ) يا ترى قلبك صفا لي كما صفا قلبي لك ، لقد صرت أحب الرجال إلى قلبي يا بيبرس .
بيبرس : ( متهربا من نظراته ) لأنك سلطان بحق .
السلطان : وما السلطان الحق يا بيبرس ؟
بيبرس : أن يكون سلطانا في انتقامه ، سلطانا في عفوه سلطانا في فكره سلطانا في تصرفاته ، سلطانا في حبه سلطانا في كرهه سلطانا في سلطان
السلطان : ( يشد على يده ) كل يوم تزيدني حبا فيك يا أمير بيبرس ..تصبح على خير وأمان .
بيبرس : ( مقبلا يده ) تصبح على خير وإيمان ونصر .
الحاجب : ( يدخل مستئذنا ) السلطانة يا مولاي .
السلطان : ( يتقدم نحو الباب ) أمازلت مستيقظة إلى تلك الساعة يا سلطانة فؤادي؟!
السلطانة : ( تشير إلى الوصيفات ليضعن الطعام على المنضدة وتشير لهن بالإنصراف ) تجاوزنا نسيانك لنا ، فلا نتجاوز أن تنسى نفسك وتمضي يومك لا تذوق طعم الزاد يا سلطان .
السلطان : ( يتقدم منها مقبلا جبينها ) كيف ننساكم وأنتم في القلب والعقل ، وما منعنى على الطواف عليكم إلا الواجب المقدس .
السلطانة : ( تقدم له الطعام وهي تتأمل ملامح وجهه ) لم أرك مجهدا هكذا من قبل ، أحدث مالا ترجوه في الاجتماع ؟!
السلطان : ( يخلع قلنسوته ويمسح على شعر رأسه ويبسط قدميه) لقد سار الاجتماع على ما أرجوه بل فاق كل توقعاتي ، وهذا بتوفيق من الله ، الأهم من كل هذا أني اتخذت اليوم أخطر قرار في حياتي .
السلطانة : ( تضع طبق الطعام على المنضدة مأخوذة ) أخطر قرار في حياتك ؟!
السلطان : ( مستغرقا في التفكير ) نعم ، محاربة المغول .
السطانة : ( تحدق في عينيه ) منذ جلوسك على العرش بل قبل ذلك بكثير وأنت متخذ هذا القرار !
السلطان : ( يسند ظهره إلى كرسي العرش ويتنفس بعمق )اليوم وقبل الاجتماع اتخذت القرار الفعلي الذي لا رجعة فيه لمحاربة المغول .
السلطانة : ( متسآلة في تعجب ) ما زلت لا أفهم !
السلطان : ( يرفع سبابته ) اليوم أمرت بقتل رسل المغول وتعليق رؤوسهم على أبواب القاهرة .
السلطانة : ( مأخوذة محدقة في ملامحه )هل استشرت أحدا في هذا ؟ّ
السلطان : الجميع فوجئوا وكانوا غير مصدقين ماعدا الأمير بيبرس .
السلطانة : لماذا ..هل أبلغته ؟
السلطان : لا ، ولكنه فكر في ذلك وتوقع أن أقدم عليه .
السلطانة : ( مفكرة ) ألا ترى أن قتل الرسل سابقة خطيرة وأن رد المغول على ذلك قد يكون ..
السلطان : ( مقاطعا ) هذا ما أردتُ أن أصل إليه .
السلطانة : تصل إلى ماذا ؟!
السلطان : ( ينهض ويسيرخطوات مستغرقا في التفكير ثم يلتفت إليها ) المغول لم ينتصورا في حروبهم بسيوفهم فقط وإنما بمكرهم ودها ئهم
السلطانة : كيف ذلك ؟!
السلطان : يغزون البلاد من الداخل بأن يدسوا جواسيسهم والتابعين لهم من أهل البلاد ويغروهم بالمناصب ويصبح هدف الجميع هو القضاء على سلطة البلاد لتحل محلها سلطة أخرى تابعة وخاضعة للمغول .
السلطانة : وهل هذا يحدث عندنا في مصر ؟
السلطان : مخططهم كان يسر كما يريدون بمجرد وصول رسل المغول ، بدأوا في تنفيذ مخططاتهم ، انتشرت الاشاعات ، وعم الخوف والذعر وانتشرت الفوضى والسرقة والنهب والقتل في أماكن هامة بالبلد .
السلطانة : ألم تعرفوا من وراء هذا ؟
السلطان : ليس هذا مهما .
السلطانة : (مندهشة ) إذن ما المهم ؟
السلطان : القضاء على كل تلك المؤامرات.
السلطانة : كيف ؟
السلطان : بقتل رسل المغول وتعليق رؤوسهم على أكبر أبواب القاهرة .
السلطانة : وما علاقة هذا بالمؤامرات التي تتحدث عنها ؟!
السلطان : أظن أن خطوط الاتصال بين المغول والمجموعات التابعة لهم داخل البلاد ستُقطع بعد قتل الرسل فلن يجرأوا مراسلة المغول بعد ذلك .
السلطانة : ( تتناول يده لتقبلها ) منذ لحظات ظننت أنك تسرعت في اتخاذ قرار قتل رسل المغول ، أما الآن فأعتقد أنه من أحكم قرارتك والأمير بيبرس كان على حق في موافقته لك .
السلطان : ( مبتمسا ) للأن لم أخبرك عن السبب الحقيقي من وراء قتل رسلل المغول وتعليق رؤوسهم على أبواب القاهرة .
السلطانة : ( تجذب يده متعجبة )أهناك سبب آخر غير ما ذكرته ؟!
السلطان : نعم ، وأهمها وأخطرها .
السلطانة : ( تمسك رأسها ) بدأت أشك في ذكائي يا مولاي .
السلطان : الناس يا سلطانة .
السلطانة : ( مندهشة ) وما دخل الناس ؟
السلطان :الناس الذين فروا من أمام المغول وجاءوا إلى مصر حكوا عما رأوه وسمعوه كل هذا جعل الناس في مصر يتخيلون المغول ليسوا بشرا .
السلطانة : ( شاردة ) معك حق في هذا ، فقدسمعت الإماء والوصيفات يتحدثن عن المغول بخوف وفزع ( ضاحكة ) تخيل لم ينمن ليلة مجيء رسل المغول إلى القصر ..ولكن ألا يمكن أن يكون قتل رسل المغول له مردود وأثره على الناس خلاف ما تظن ؟!
السلطان : كيف ؟
السلطانة : أن يزداد خوف الناس من المغول عن ذي قبل .
السلطان :حتى لو حدث هذا ففي أن يخافوا من المغول خير من أن يخافوا من شيء مجهول لا يعلمون مدى قوته ، هم يعرفون الآن أن المغول بشر، وأنهم قد يُقتلون ، ليس هذا فحسب بل قد يُمثل بهم ، أهم شيء أن نحارب شيئا حقيقيا وليس وهما نجهل كيفية التعامل معه ..لم يبق أمامي من عقبه سوى الأمراء .
السلطانة : (مندهشة ) الأمراء يمثلون عقبة ..كيف هذا ؟!
السلطان : عدد كبير منهم لا يريد الحرب .
السلطانة : هل يخشون الهزيمة أمام المغول ؟
السلطان : الأمراء في كلتا الحالتين خاسرون ،انتصرنا أوهزمنا ، بل مجرد الحرب في حد ذاتها خسارة لهم .
السلطانة : كيف هذا ؟
السلطان : الحرب لها تكلفتها ، وإذا انتصرنا قهذا النصر سيخلق وضعا جديدا ربما لا يكون في صالحهم .
السلطانة : أمعقول ذلك نصر ليس في صالحهم ؟!
السلطان : النصر سيقوي ويعزز مكانتي وكذلك هيبة الدولة ، وهذا ليس في صالحهم يريدونني ضعيفا والدولة ، ورغم ما فعلته برسل المغول ، ربما ينجحون في الاتصال بالعدو ويكونون يداواحدة ضدي ، وقد شعرت ببوادر من البعض وبالأخص بعدما أفتى الشيخ (العز) أن نأخذ من أموالهم قبل أن نأخذ من عامة الناس .
السلطانة : ( تلمس حبات العقد حول عنقها ) ألهذا أرسلت في طلب صندوق الأموال والجواهر ؟
السلطان : كنت أنوي ان أرسله إلى خزينة الدولة كما تعلمين ، ولكني أخرجته أمام الملأ حتى أضعف حجج الأمراء في الامتناع عن تقديم أموالهم لخزينة الدولة .
السلطانة : ( تمد يدها لنزع العقد حول عنقها ) لتاخذ هذا أيضا فهناك من هو أولى به .
السلطان : ( يمسك يدها ) لقد قدمت الكثير يا سلطانة من وقت وجهدك ورعايتك ، والله أعلم بما ستضحين في تلك الحرب المقدسة .
السلطانة : كلنا فداء الإسلام والمسلمين ولسوف ينصرك الله نصرا مؤزرا إن شاء .
السلطان : ( يقبل يدها ) بارك الله فيك يا سلطانة وأبقاك الله لي ذخرا وعونا .
إظلام
الفصل الثالث
المشهد الثاني : حارة العطوف :
يدخل (منطاش ) الحارة مسرعا ويقف في الوسط مشيرا إلى الناس في الدكاكين والنوافذ والمشربيات ، يتجمع حوله العديد من الرجال والنسوة والصبية .
منطاش : ياأهل حارة العطوف رأس هولاكو معلقة على باب النصر اسرعوا لتروها .
الصبية : ( يصفقون ويقفزون في صوت واحد ) رأس هولاكو ..لتروها .
ست الكل : ( تزغرد ) الحمد لله ربنا خلصنا منه واستجاب لدعائنا .
هند : ( توزع الكحك على الصبية ) خذوا يا أولاد حلاوة عنق هولاكو
أم الخير : ( تتمايل راقصة ) أليس هذا هولاكو الذي يذبح الناس ويشرب من دمائهم ، أين أهلك الآن يا بن الكلب ؟
ست الكل : كانوا حبسوه حتى تأتي زوجته لتدفع ديته كما حدث مع ملك فرنسا.
أم على الداية : (تطل من المشربية ) افرحي يا أم سنقر ، ربنا انتقم لابنك سنقر اسم النبي حارسه وصاينه .
أم سنقر : ( تحتضن سنقر ) الموكوس جاء من البلاد البعيدة ليُذبح وتُعلق رأسه على باب النصر .
ميمونة : ( تخرج من باب بيتها ) ألم يعتبر بمن سبقوه حتى يأتي إلى هنا لقضائه ؟!
أم على الداية : ربما نصحوه ألا يأتي ولكنه ركب دماغه .
ست الكل : لقد قطعوا رأسه قبل ان يقطعوا قدميه
فرج الإسكافي : ( يتوسط الحارة مصفقا على يديه ) لقد جُن الناس في الحارة ..
ست الكل : لماذا يا عم فرج ؟
فرج الإسكافي : هولاكو لم يدخل مصر كي يعلقوا رأسه على باب النصر ( يربت على كتف
منطاش ) هل رأيت هولاكو من قبل لتقول لنا أن رأس هولاكو معلقة على باب النصر ؟
منطاش : ( يلتهم الكحك ) كل الناس يقولون إن تلك رأس هولاكو ؟
الحلاق : هيا بنا لنرى بأم أعيننا .
إبراهيم الوراق : لا حول ولا قوة إلا بالله كل يوم نسمع خبر في غاية الغرابة .
البغدادي : أنترك دكاكينا لنرى رأس هولاكو ما لنا ورأسه ؟
شهاب الدين : ( ضاحكا ) وهل صدقت كلام (منطاش) ؟! أهل الحارة جُنوا كما يقول فرج .
ا لماوردي : ( ضاحكا في سخرية ) بل قل كل الحواري حولنا ، ألم يهجموا على حارتنا ليمسكوا هولاكو الذي حسبوه موجودا بيننا .
البغدادي : ( ضاحكا ) الآن جاءوا به من وسط جيشه الذي يبعد عن مصر مسافات وذبجوه وعلقوا رأسه على باب النصر .
شهاب الدين : إنهم يحلمون .
الماوردي : ليس حلما ولكنه كابوس .
بكتمر : ( يدخل الحارة مسرعا رافعا ذراعيه ) يا أهل حارة العطوف رأس هولاكو معلقة على باب القتوح اذهبوا لتروها .
شاب 1 : (يدخل الحارة من بابها الأمامي ) يا اهل الحارة رأس هولاكو معلقة على باب ذويلة .
شاب 2 : ( يدخل الحارة من بابها الجانبي) يا اهل الحارة رأس هولاكو معلقة على باب ( المتولي )
ست الكل : (متعجبة) يا ندمتي كم رأس لهولاكو ؟!
هند : ( ضاحكة ) اسمه أبو الرؤوس وليس هولاكو .
أم الخير : ( تشير إلى باب الحارة ) لم يبق إلا أن يعلقوا رأسه على باب الحارة .
الوراق : ( متعجبا ) نصدق من ونكذب من ؟!
البغدادي : ( مشيرا إلى بركة الدوريش وهويسير إلي وسط الحارة رافعا عصاه ناظرا إلى السماء ) ها هو (بركة الدرويش ) ربما يكون عنده الخبر اليقين .
الماوردي : ( ساخرا ) سيزيد من حيرتنا بما يقوله .
شهاب الدين : ومنذ متى ونحن نفهم ما يقوله الدوريش ؟!
الوراق : لنمسع منه ربما يريحنا من حيرتنا تلك .
الحلاق : ( مشيرا إليه ) يا (بركة) ألم تسمع ما يقوله الناس أن رأس هولاكو معلقة ..
بركة : ( يعلو بعصاه كل الواقفين حوله فردا فردا ) ماتزال رأس هولاكو على جسمه .
شهاب الدين : الم اقل لكم سيزيد كلامه من حيرتنا ،
المارودي : وأين هولاكو الآن يا ( بركة )؟
بركة :هولاكو ترك جيشه وعاد إلى موطنه الأصلي لديه هناك ما يشغله .
الحلاق : وما هذا الذي عُلق على أبواب القاهرة يا (بركة) ؟!
بركة : ألم أقل لكم إن عيونهم ستعلق على الأبواب ، وستخرج الحارة من باب النصر ، ولكن من خرج وغلب لن يعود
الماوردي : ( متعجبا ) أي عيون تقصد يا بركة .خاطبنا على قدر عقولنا !
بركة :(يوكزه بعصاه في صدره ) جواسيسهم يا ماوردي .
البغدادي : وكيف تخرج الحارة من باب النصر ؟!
شهاب الدين : ومن الذي خرج وغلب لن يعود ؟ !
الحلاق : ( ضاربا كفا بكف ) نحن لا ندري مما تقوله شيئا .
بركة : ( يدق بعصاه على الأرض مشيرا إلى الجميع ) لأنكم موتى ولا تدرون أنكم موتى .
الحلاق : وأسألك كما سألتك من قبل وهل الموتى يدرون بشيء ؟!
بركة : ( خارجا من الحارة ) واقولها لك واكررها الموتى إذا دروا حيوا ، وإذا حيوا عرفوا ،وإذا عرفوا وصلوا وإذا وصلوا سعدوا ..هو الحي الواحد القهار ..لاقهار سواه .
بكتمر : ( ينتحي بمنطاش جانبا ويسر إليه ) ما سأقوله لك سر لا تطلع عليه أحدا .
منطاش : ( مندهشا ) ما الأمر يا بكتمر ؟!
بكتمر : ( متلفتا حوله ) سنذهب فجرا إلى باب النصر .
منطاش : ماذا سنفعل عند باب النصر ولماذا عند الفجر ؟!
بكتمر : لأن في هذا الوقت الحرس نائمون .
منطاش : وما شأننا بالحرس .؟
بكتمر : ( يضع يده على فمه ) سنسرق رأس هولاكو .
منطاش : ( صارخا ) يا نهار أسود ..
بكتمر : ( يجذبه بعيدا وقد سد فاه ) أتريد أن تفضحنا أيها الغبي .
منطاش : ( مذعورا ) لو كشفوا أمرنا لعلقوا رأسينا مكانه .
بكتمر : قلت لك إن الحرس نائمون في ذلك الوقت من الليل .
منطاش : وماذا ستفعل بالرأس ؟
بكتمر : سأقدمها لإشتياق كما وعدتُها لأتزوجها
منطاش : ثم إنها ليست رأس هولاكو .
بكتمر : أي رأس والسلام وهل تستطيع أن تفرق بين رأس هولاكو وغيره .
منطاش : لو اتيتها بهولاكو نفسه فلن تتزوجك أيها الأحمق ...أنت وأنا مجرد فتوات وحرافيش لا قيمة لنا
بكتمر : لا ..كل الناس يهابوننا ويعملون لنا ألف حساب .
منطاش : ( مشيرا إلى ورشة الحدادة ) لم يكن لنا قيمة ونحن نعمل بالحدادة ، وحينما تركنا تلك المهنة وانضممنا إلى الفتوات والحرافيش كي تلفت نظر إشتياق لم تنس أنك كنت حدادا ، حتى وأنت فتوة ، القاهرة مليئة بالفتوات والحرافيش والذعار و(إشتياق) تتمنى أن تعيش في قصور الأمراء ، وكل الذي نقدر عليه أن نمر من أمام تلك القصور ومن بعيد .
بكتمر : ( مندهشا ) ولماذا وافقتني أن نترك مهنة الحدادة طالما هذا رأيك ؟
منطاش : لأنني لا أحب مهنة الحدادة ، ولولاك معي لتركتها منذ زمن بعيد ، لأنك صديقي الوحيد .
بكتمر : ( يجلس على الأرض ) كلامك ينزل كالسيف على كبدي ..أنت لا تخيل مدى حبي (لأشتياق) ورغبتي أن أظل بجوارها أو أنال رضاها .
منطاش : أنت تريد أن تكون رجلا قويا في نظرها ، تكون مثل الأمراء المماليك .
بكتمر : ( متحسرا ) واين نحن من الأمراء ؟!
منطاش : الذي أعرفه أنهم في بداية أمرهم كانوا عبيدا مجلوبين إلى مصر .
بكتمر : كانوا ..والآن هم أسيادنا ، أظن لوكنتُ أميرا ما رفضت عرضي لها بالزواج
منطاش : إن لم نكن أمراء فلنفعل فعلهم لنكون مثلهم في المكانة .
بكتمر : كيف هذا ؟!
منطاش : ما رأيك لو خرجنا مع الجيش ؟
بكتمر : ( مفكرا ) نذهب لنحارب المغول ؟!
منطاش : وندافع عن بلادنا وأهلنا بدلا من التسكع في حواري وأزقة البلد .
بكتمر : ( ينهض واقفا نافضا التراب الذي تعلق بثيابه ) تقصد بدلا من أن نكون فتوات وحرافيش نكون جنودا في الجيش .
منطاش : نعم ، وفي تلك الحالة نأتي برؤوس المغول ونحمي بلادنا .
بكتمر : على رأيك وبذلك ترتفع مكانتي في عين (إشتياق) .
منطاش : ليس في عين (إشتياق) فقط بل في أعين الناس أجمعين .
بكتمر : ولكن نحن لا نجيد القتال وليس معنا سلاح وربما يرفضون أن ننضم للجيش
منطاش : إنهم في حاجة إلى اأكبر عدد من الرجال ، لنذهب إليهم ونطلب منهم أن ننضم للجيس لو وافقوا سيدربوننا ويعطونا سلاحا وإن شاء الله سننتصر على المغول .
بكتمر : ( يتلفت حوله ) أذن لنخبر كل الفتوات والحرافيش ليذهبوا معنا .
منطاش : هيا نعرض عليهم ونذهب جميعا .
إظلام
الفصل الثالث
المشهد الثالث :
في قاعة العواميد بقلعة الجبل ، يجلس السلطان( قطز) مع الشيخ (العز بن عبد السلام) يتجاذبان أطراف الحديث
السلطان : في كل مرة أقابلك فيها أود أن أسالك ولكن شيئا ما ينسيني .
العزبن عبد السلام : أي سؤال ؟
السلطان : وقت أن خرجت من دمشق ..كان أمامك العديد من البلدان ، لماذا اخترت مصر بصفة خاصة لتكون لك وطنا ثان ؟
العزبن عبد السلام : ( مبتسما ) نفس السبب الذي جعلك تقصد مصر دوناعن بقية البلدان
السلطان : ولكن حينما جئت لم يكن لي الخيرة بينما أنت كان أمامك خيارات كثيرة .
العز بن عبد السلام : كنت معجبا بشخصية (نجم الدين أيوب) سلطان مصر وموقفه حينذ وجهاده للفرنجة ، ونشأت صداقة بيننا أراسله ويراسلني ، ولدي قناعة تصل إلى درجة الإيمان إن هذا القطر مصر هو القلعة الحصينة والأخيرة التي ستدافع عن الإسلام وتجعل رايته خفاقة إلى الأبد
السلطان : الغريب أن نفس القناعة لدي ، وإن كنت لم أسأل نفسي ما السبب في ذلك ؟ فدعنى اسألك .
العز بن عبد السلام : الناس هنا يا سلطان غير الناس في أي قطر من الأقطار ، ومن اعتمد عليهم فلن يخذلوه أبدا ، ويتمتعون بقدرة وصمود وصبر نادر الوجود في أي مكان آخر ويجب أن تجعلهم عدتك في حربك مع المغول .
السلطان : ( متعجبا ) أي ناس تقصد ؟!
العز بن عبد السلام : الناس في الأسواق والقيسارات والمساجد والمدارس والغيطان والورش والمصانع ..الناس في كل مكان في القاهرة وفي الفسطاط وفي الصعيد والدلتا و ..
السلطان : وما شأني بهم يا شيخ ؟!
العز بن عبد السلام : إنهم كل شأنك .
السلطان : إنها الحرب ..أتدري ما الحرب ؟ ومع من ؟
العز بن عبد السلام :الحرب ليست رقعة شطرنج ، ملك ووزير وجنود ..هناك أهم من كل هؤلاء .
السلطان : ( مندهشا ) أهم من الملك والجنود ؟!
العز بن عبد السلام : حينما حدث خلاف بين الأمراء المعزية والأمراء الصالحية بسبب قتل (فارس الدين أقطاي) ..ماذا كان مصير الأمراء الصالحية ؟
السلطان : هربوا خارج مصر .
العز بن عبد السلام : لماذا ؟
السلطان : لأننا قتلنا أستاذهم وقائدهم .
العز بن عبد السلام : إذن كان وجودهم وارتباطهم بمصر معلق بقائدهم ، وحينما مات القائد رحلوا وتركوا كل شيء وراء ظهورهم . لأنهم لم يكونوا مرتبطين ارتباطا حقيقيا بالبلد ..أتدري يا سلطان لماذا خسر المسلمون كل حروبهم أمام المغول وسيخسرونها ؟
السلطان : لماذا ؟
العزبن عبد السلام : المغول لم ينتصورا ولكن المسلمين هُزموا . بل هم لم يدخلوا الحرب أصلا .
السلطان : كيف هذا ؟! العديد من جيوش المسلمين دخلوا في حرب مع المغول ولكن للأسف هُزموا .
العزبن عبد السلام : هُزموا لأن معظم تلك الجويش كان عمادها الجنود المرتزقة ، ما يحركهم والمحور الذي تدور عليه حياتهم المكسب والخسارة ،ومنذ الخلافة العباسية دأب الخلفاء والسلاطين والملوك بالإعتماد على هؤلاء المرتزقة ، وأنت تعلم أن الذي يكسب الحرب وأي حرب هم الشهداء لأنه يقدمون أثمن ما لديهم لينالوا شيئا واحدا وهو وعد ورضا الله .
السلطان : وأين هؤلاء ؟
العز بن عبد السلام : إنهم الناس الذي حدثتك عليهم أصحاب البلد الذين يعيشون على أرضها ويدفنون فيها ، ليس لهم مكان سواها لا يتركونها حتى لو لم يجدوا ما يتبلغون به ، حتى لو لم يجدوا ما يستر أجسامهم لأنهم يرون أهم ساتر لهم هي سماء بلادهم .
السلطان : نعم ، ولكن من تتحدث عنهم لا يجيدون استعمال السيف ولا يعرفون شيئا عن فنون القتال .
العز بن عبد السلام : وهل المماليك الذين اشتراهم (نجم الدين أيوب ) وغيره من الملوك والسلاطين كانوا يعرفون شيئا لقد اشتروهم وانفقوا علي تربيتهم وتعليمهم الكثير والكثير ، وكان الأولى بالتربية والتعليم هم أصحاب البلد الأصلاء
السلطان : لا الوقت يسمح ولا الإمكانات .
العزبن عبد السلام : يكفيك إخلاصهم وحبهم للبلد ، وأظن أنهم سيكونون أهم سند لك في حربك مع المغول ،
السلطان : هل تثق فيهم ؟
العزبن عبد السلام : لو لم أكن أعرف معدنهم ما عرضت الأمر عليك .
السلطان : سأفتح الباب أمامهم الطريق لينضم من يشاء إلى الجيش وسأمر عددا من الأمراء بتدريبهم .ولكن الأمر بالنسبة لهم سيعد غريبا ، وقد لا يقبلون بأمر انضمامهم إلى الجيش ، وبالأخص أنهم مشغولون بأعمالهم وتجارتهم .
العز بن عبد السلام : وهل أنت في حاجة ماسة إليهم ؟
السلطان : أنت تعرف أن المعركة مع المغول مصيرية ، وأن جيشهم لايستهان به ، وأن عددهم كحبات الرمل ،ولا أريد أن أخرج إلا والجيش على أهبة الاستعداد من ناحية العداد والعدة .
العزبن عبد السلام : ( مفكرا ) سأمر أئمة المساجد في ربوع مصر أن يدعوا الناس للجهاد والانضمام للجيش ، ولن أجعل الدعوة مقصورة على الرجال والشباب فقط بل تشمل النساء أيضا .
السلطان : ( متعجبا ) كيف هذا يا شيخ ؟!
العزبن عبدالسلام : إذا تعرضت ديار المسلمين للخطر فالجهاد فرض على كل مسلم
ومسلمة .
السلطان : ولكن الأمر بالنسبة للنساء ..
العز بن عبد السلام : ( مقاطعا ) ومن قال أن النساء ستحمل السلاح ، إنهن سيؤدين أعمالا تناسبهن ليتفرغ الرجال للقتال ،ولك أن تتخيل ماذا سيفعل الرجال في المعركة حينما يعلمون أن النساء خلفهم في الجيش ، وإن تخاذلهم في القتال قد يعرض النساء للخطر .
السلطان : تلك الدعوة قد تجلب عليك غضب الناس يا شيخ ، لا سيما وقد فرضنا عليهم ضرائب مضاعفة .
العز بن عبد السلام : الضرائب الناس مجبورون على دفعها ، ولكن الإنضمام للجيش سواء للرجال أو النساء أمر اختياري من شاء قام به .
السلطان : ( محذرا ) أنت وحدك المسؤول عن تلك الدعوة .
العز بن عبد السلام :( ينهض لينصرف ) لو كنت قادرا على حمل السلاح ما تأخرت لحظة واحدة ،ولن يخيب الناس ظني وستقر عينك بما تراه .
السلطان :( ينهض ليودعه ) أواثق من النصر ؟
العز بن عبد السلام : أثق في الله ، وقد ساق لك البشارة ، حينما جاءك رسول الله في المنام ، وقد تحقق الجزء الأول أنك صرت سلطانا على مصر ، ولم يبق إلا الجزء الثاني أنك هازم المغول إن شاء الله .
السلطان : ( يشد على يده ) لا حرمنا الله منك ، ووجودك معي أهم بشريات النصر ، فلا خاب سلطان يعمل بمشورتك .
إظلام
الفصل الرابع
الفصل الرابع
المشهد الأول : حارة العطوف .
صبية الحارة يمارسون لهوهم اليومي ، وأصحاب الداكاكين يجلسون أمامها يراقبون المارة وحركة البيع والشراء هادئة ، ونساء الحارة يتجاذبن أطراف الحديث من النوافذ والمشربيات وعلى أبواب البيوت .
أم سنقر : ( تسرع خارجة من باب بيتها وتجذب سنقر من بين أصدقائه وتضربه) ألم أحذرك من قبل الا تلعب مع هؤلاء الصبية ؟
أم على الدلالة : ( تجذب سنقر وتبعده عن يدي أمه ) ما بك يا امرأة تضربين الولد هكذا ، ثم
إنه لم يفعل ما يستوجب الضرب .
ميمونة الداية : ( تربت على يد أم سنقر )أليس صبيا ؟! مثلهم أتركيه يلعب معهم .
أم سنقر : ( تجذب سنقر وتحتضنه ) إنهم يقطعون رؤوس جنود المغول ويعلقونها .
أم على الدلالة : (متعجبة ) ومال سنقر وجنود المغول التي عُلقت رؤوسهم على الأبواب ؟
أم سنقر : ( تتجه بسنقر ألى باب بيتها ) أنسيتي ما حدث له حينما كانوا يجعلونه يقوم بدور هولاكو ، وضُرب من الجميع وتم نهب وسرقة الحارة .
ميمونة الداية : ( ضاحكة ) ليقوم بدور السلطان قطز هذه المرة لكي يضرب ولا ينضرب .
أم سنقر : ( تدفع سنقر إلى باب بيتها ) لا السلطان قطز ولا هولاكو لست في غنى عن (سنقر) ليس لي في الدنيا غيره ، ودعونا نعيش في أمان .
صبي1 : ( يتقدم من أم سنقر ) دعي سنقر يلعب معنا .
أم سنقر :( تبعده عن طريقها ) وتضربونه كما حدث من قبل أم تقطعون رقبته هذه المرة ؟
صبي 2 : ( يجذب سنقر ) تللك المرة سنعلب لعبة الأمراء المماليك .
صبي 3 : ( يمتطي عصاه ويلوح لبقية الصبية ) سنهرب إلى الصعيد أو إلى المغرب هيا يا (سنقر) أركب معنا .
أم سنقر : ( تتناول بعض الحصى من الأرض وتقذف الصبية ) اذهبوا أنتم والأمراء إلى جهنم الحمرا.
فرج الإسكافي : ( رافعا نعلا مهترئا ملوحا به نحو الصبية المتجمعين أمامه ) من أين لهؤلاء
الصبية معرفة كل تلك الأخبار ؟!
سيد الحلاق : ( يبعد الذباب عن وجهه ) ليس من حديث للناس سوى عن الأمراء المماليك الذين فروا من البلد .
إبراهيم الوراق : مما يخشون ؟!ألم يقم السلطان بتعليق رؤوس جنود المغول على أبواب
القاهرة ؟
شهاب الدين : ربما كانوا يعتقدون أن السلطان لن يحارب المغول ، وحينما تأكدوا من الحرب
فروا خارج البلاد .
البغدادي : إذا كان الأمراء فروا فمن الذي سيواجه المغول ؟
سيد الحلاق : كأنك لم تسمع الأخبار الجديدة .
البغدادي : ما هي ؟
سيد الحلاق : يضمون شبابا ورجال من أهل البلد إلى الجيش ليحاربوا المغول .
البغدادي : (مخاطبا شهاب الدين مندهشا ) أحقا ما يقوله ؟
شهباب الدين : لقدسمعت بهذا والبلد ملآنة بالأخبار والتي لا تدري أهي كاذبة أم صادقة ؟
إبراهيم الوراق : وهل أحد من أهل البلد يعرف شيئا عن القتال .
سيد الحلاق : ألم يقاتل أهل البلد الفرنجة وقت حكم شجرة الدر وهزمناهم واسرنا الملك لويس ملك فرنسا.؟
إبراهيم الوراق :كان كل فرد يؤدي ما يقدر عليه ، كنا نحارب بالنبايبت والأواني وكل ما تصل
أيدينا إليه . وكلنا اشتركنا في الحرب نساء ورجال وأطفال وفلاحون وذعار وحرافيش .
البغدادي : لأن البلد كلها كانت معرضة للخطر والدمار .
شهاب الدين : والآن هي معرضة أكثر وأكثر ..ما يحكى عما يفعله المغول يشيب من هوله الولدان .
سيد الحلاق : من اجل هذا امر السلطان قطز بقتل رسلهم الذين جاءوا ليرعبوا ويخوفوا أهل مصر .
فرج الإسكافي : ( يبسط قطعة من الجلد على باب ورشته ) لو لم يفرض علينا ضرائب جديدة
لصار السلطان قطز أفضل من تولى السلطة في تاريخ مصر كلها .
سيد الحلاق : الحرب يا إسكافي محتاجة تكاليف كثيرة .
شهاب الدين : وأين نحن ما فرضه على الأمراء المماليك ؟
البغدادي : أحقا أخذ من أموال الأمراء المماليك ؟
الحلاق : بكتمر سمع من الست (إشتياق) أنه اخذ كل أموالهم ولم يترك لهم شيئا .
الماوردي : إنهم نهبوا خير البلد ولا أحد منا يتخيل كيف يعيشون في قصورهم ولا ماذا يأكلون ولا ماذا يشربون .
الأسكافي : نعم ، هم معهم ليدفعوا ضرائب ولكن نحن وحالنا يتحول من سييء لأسوأ .
الحلاق : حتى لم يتركوا النساء وأخذوا منهن .
الماوردي : ( ينظر حيث كن البائعات يجلسن في الحارة ) ألا يدري أحد منكم أين هن ، لا ست الكل ولا أم الخير ولا هند .
الإسكافي : ( ضاحكا في سخرية ) على ما يبدو جباة الضرائب أخذوا كل ما معهن من دراهم ومن بضائع فلماذا يخرجن من بيوتهن .
الحلاق : ( أسفا ) كان وجودهن يجعل للحارة طعما ، مع أنهن لا يتوقفن عن الثرثرة طوال النهار والشجار مع الغادي والرائح.
البغدادي : ( واضعا يده على رأسه ) إلا إذا كان ما سمعته حقيقة وهذا سبب تغيبهن .
شهاب الدين : ما هذا الذي سمعته يا بغدادي .
البغدادي : أن نساء الحارة والحواري المجاورة سينضممن إلى الجيش ويخرجن معه .
الإسكافي :( ضاحكا )إذن القيامة ستقوم النساء سيحاربن مع الجيش وهل عدمنا الرجال ؟
البغدادي :ومن قال لك إنهن سيحاربن ؟
الإسكافي : إذن ماذا سيفعلن ؟
البغدادي : يخدمن الجنود .
الحلاق : ولم لا ..أيخدمن النساء الرجال وقت السلم ولا يخدمنهم وقت الحرب .
شهاب الدين : ولكن لم يحدث هذا من قبل .
البغدادي : وليس معنى أنه لم يحدث من قبل ألا يحدث الآن
الوراق : لقد قرأت أنه في حروب عديدة خرجت النساء مع الجيش
الماوردي : وما في ذلك ..ألم تحكمنا شجرة الدر من قبل ؟
الحلاق : ( يشير إلى أم على الدلالة ) ها هي أم على الدلالة ربما يكون عندها الخبر اليقين .
أم على الدلالة : ما الذي يجمع رجال الحارة هكذا معا في وقت واحد ؟
الحلاق : ( يشير إلى مكان البائعات ) أين ذهبت ست الكل وهند وأم الخير لم نر أي واحدة منهن منذ الصباح !
أم على الدلالة : ( متعجبة ) وكيف لا تعلمون وأنتم رجال الحارة ؟!
المارودي : ومنذ متى ونحن نتتبع تحركات وتصرفات نساء الحارة يا أم على ؟
أم على : أليس من واجبكم رعاية والاطمئنان على نساء الحارة .
البغدادي : وها قد سألنا عليهن حينما غبن ولم يجلسن ببضائعن كما تعودن كل يوم .
أم على : ( معاتبة )إنكم صنف عجيب أيها الرجال !
الحلاق : ( ينهرها ) كفي عن الثرثرة الفارغة وأخبرينا أين ذهبن ؟!
أم على : ( غاضبة ) طالما تنهرني فلن أجيبك .
الإسكافي : يا أم على لقد سمعنا أنهن انضممن للجيش وسيخرجن معه فهل هذا الخبر صحيح أم لا ؟ هذا كل ما نريد معرفته منك .
أم على : ( تشير إلى بيت إشتياق ) الست (إشتياق) عرضت الأمر على نساء الحارة وما حولنا من حواري ومن وافق منهن أخذته ليخدمن في الجيش بدلا من جلوسهن طوال النهار في الحارة بلا عمل
الحلاق : أحقا سيخرجن مع الجيش ؟!
أم على : الذي أعرفه أن الجيش في حاجة إلى خدماتهن كما أخبر بعض الأمراء المماليك (اشتياق) بهذا الأمر وطلبوا منها جلب من توافق على ذلك ، وأغلب النساء لم يترددن في الموافقة .
الحلاق : وأنت لماذا لم تذهبي معهن ؟
الإسكافي : ( ضاحكا في سخرية ) وتبقى الحارة والحواري المجاورة بلا خاطبة .
ام على : ( تربت على يده ) كل الناس في البلد مشغولة بالحرب يا إسكافي ، إلا إذا كنت تريد أن أزوجك .
الإسكافي : ( يخرج منديلة ضاحكا ) ليس معي درهم لأتي بطعام يا أم على ، بعدما أخذ جابي الضرائب كل ما معي وإذا كانت النساء ذهبن لتقديم خدماتهن للجيش فمن أتزوج ؟
ام على : ( مازحة ) وهل ستستمر الحرب إلى الأبد يا إسكافي ؟
فرج الإسكافي : ( متجها إلى ورشته ) يا من يعيش يا ام على ..ربنا ينصر الإسلام والمسلمين .
الماوردي : البلد تعد كل قوتها للحرب .
شهاب الدين : جيش المغول ليس بالجيش السهل ، ولم يصمد أحد من الجيوش الكثيرة أمامهم .
بغدادي : ( شاردا ) يا ترى سننتصر أم ستدور الدائرة علينا كما دارت على غيرنا .
الوراق : ( متذكرا ) ألم ير أحد منكم بركة الدرويش ؟
الحلاق : ( يجول ببصره في أرجاء الحارة ) وما الذي فكرك به الآن ؟
الوراق : الكلمة التي قالها من قبل ؟
الحلاق : أي كلمة تقصد ؟
الوراق : ألم يقل أن أعين المغول ستعلق على أبواب القاهرة وأن الحارة هي التي ستذهب إلى هولاكو ؟
الحلاق : ( يمسح على رأسه ) أظن قال هذا .
الوراق : ما قاله حدث ..رؤوس رسل المغول معلقة على أبواب القاهرة ، ورجال وشباب ونساء الحارة سيخرجون مع الجيش .
الحلاق : ( يضرب كفا بكف ) وكنا نظن أنه يخرف .
شهاب الدين : ( متحمسا ) إذن تلك بشاير النصر ، ( يتلفت حوله ) أتعرفون ما الذي أريد أن أفعله الآن ؟
الجميع : (في صوت واحد ) ماذا تريد ؟
شهاب الدين : ( ملتفتا إلى دكانه ) أن أغلق الدكان وأذهب لأنضم إلى الجيش .
البغدادي : ( ناظرا إليه في سخرية ) أتستطيع حمل السلاح يا شهاب ؟
شهاب الدين : أفعل أي شيء يا بغدادي حتى لو أقوم على إطعام خيول جنود الجيش .
المارودي : ما تقوله هو الحق ..طوال عمرنا ونحن جالسون في دكاكيننا ماذا أقول كالنساء .النساء ذهبن ليقمن بواجبهن ، فما جلوسنا نحن ، من الغد يا شهاب لنذهب ونقدم أنفسنا وإذا لم نخدم بلدنا الآن فمتى سنقف بجانبها ؟
شهاب الدين : ( يشد على يده ) ولم نتظر إلى الغد ، هيا من الآن وإن كانت النساء سبقونا ولكن
خير لنا أن نذهب ولو متأخرين من أن نتخلف هيا بنا .
إظلام .
الفصل الرابع
المشهد الثاني :
في قاعة العواميد ، يجتمع السلطان مع رجال الدولة و قادة الجيش .
السلطان : ( مشيرا إلى أتابك الجيش ) أينقصك شيء يا أتابك الجيش ؟
أتابك الجيش : (يومئ إلى قادة فروع الجيش خلفه وبجواره ) الجيش وقواد الأفرع على أهبة الاستعداد ونحن في انتظار أمركم بالتحرك والزحف .
السلطان : ( يشير إلى بيبرس ) الجميع تلقوا التعليمات والخطط والتحركات يا أمير بيبرس ؟
بيبرس : ( يتقدم خطوة من السلطان في يده العديد من الرقع الجلدية ) إنهم في أعلى درجات الجاهيزية والاستعداد لخوض المعركة وقمنا بإدخال التعديلات التي أشرت وأمرت بها .
السلطان : ( يتناول الرقعة ويطيل النظر فيها ، ثم يرفع نظره إلى بيبرس ) الحرب خدعة كما تعرف يا بيبرس ، والمغول ليسوا أغبياء ، وقد دخلوا حروبا كثيرة ولم يخسروا حربا واحدة ( يلتفت إلى أتابك الجيش ) أليس كذلك أيها الأتابك ؟
الأتابك : (متحمسا ) سيواجهون من مالم يواجهوه من قبل وسنهزمهم شر هزيمة إن شاء الله .
السلطان : (مشيرا إلى بيبرس ) مصير الحرب يعتمد على ذكائك ودهائك يا أمير بيبرس ، ستتقدم الجيش بعدد من الكتائب وتشتبك مع جيش المغول ، وأريدك أن تخدعهم أن ما معك هو كل الجيش ، وعند الإشارة المتفق عليها تتراجع ليندفعوا خلفك حينئذ يطبق عليهم جيشنا من جميع الجهات .
بيبرس : ( يدق بقبضته على صدره في حماس ) ستفري سنابك خيلنا جثثهم ،وتتغذى الجوارح على أشلائهم .
الأتابك : (مستفسرا ) متى ستقرر الخروج ؟
السلطان : ( مشيرا إلى من حوله ) ما رأيكم أنتم ؟
الجميع : ( في صوت واحد ) الرأي رأيكم يا سلطان .
السلطان : ( مفكرا ) في أوائل شهر شعبان إن شاء الله .
كاتب السر : ( متقدما بسجل في يده ) على هذا قد نحارب المغول في شهر رمضان .
السلطان : ( يدير الخاتم في إصبعه ) ولم لا فلنتعرض لنفحات هذا الشهر الكريم ، لقد حارب رسول الله – صلى الله عليه وسلم أول معاركه في رمضان ( يلتفت إلى والى القاهرة ) لتسير الأمور سيرتها المعتادة طوال ما نحن خارج الديار ، ولتبقى أنت ورجالك في قمة اليقظة ولا تنقطع الدوريات في كل مكان في الشوارع والأسواق والميادين والوكالات والقيسارات .
والي القاهرة : ( منحنيا ) حتى وأنتم خارج الديار تشملنا رعايتكم .
أتبابك الجيش : ( مندهشا ) وهل سيخرج السلطان معنا ؟!
السلطان : ( مبتسما ) بل أنتم الذين ستخرجون معي .
أتابك الجيش : ( ناظرا فيمن حوله ) ولكن الأمر فيه خطورة وقد ..
السلطان : ( يقاطعه ) أتضن على بالشهادة في سبيل الله ..أنا سلطانكم مقدم عليكم في كل شيء حتى في خوض الحرب ، وإذا نلت الشهادة ( مشيرا إلى بيبرس ) فقد تركت خلقي رجالا أهلا لتحمل المسؤولية .
بيبرس : ( متحمسا ) سنكون عند حسن ظن السلطان إن شاء الله .
السلطان : ( ينهض ويتقدم من بيبرس ويربت على كتفه ) يوجد باب يسمى باب النصر وباب يسمى باب الفتوح ، أتخرج بالجيش من أي البابين يا أمير بيبرس ؟
بيببرس : ( مفكرا ) لنخرج من باب الفتوح يا سلطان .
السلطان : ( يعود ويجلس على العرش مستندا بظهره ) لنخرج من باب النصر وتعود أنت من باب الفتوح .
بيبرس : ( رافعا صوته في حماس ) يخرج السلطان من باب النصر ويعود منتصرا من باب الفتوح إن شاء الله .
السلطان : ( مشيرا إليه في إصرار ) أنت من ستعود بالجيش من باب الفتوح يا أمير بيبرس .لنقتمسا سويا ، لي باب ولك باب .
بيبرس : البابان كلاهما لك يا مولاي نصرا ثم فتحا .
السلطان : ( منقلا نظره بين الجميع أمامه ) إذا أنعم الله علينا بالنصر ، كلكلم ستجنون ثمارا عظيمة ومغانم ، والأهم هو الفوز برضا الله ، أعانكم الله في جهادكم هذا وليذهب كل منكم ليستعد للجهاد ( ناظرا إلى بيبرس ) ولا تنسوا أن هناك جهادا أكبر أرجو ان تنتصروا فيه أيضا .
إظلام .
الفصل الرابع
المشهد الثالث : في معسكر (بالصالحية)
عدد من أمراء المماليك البحرية منهمكون في إعداد متاعهم للرحيل إلى مصر في أعقاب تحرك الجيش ، والبعض الأخر جالس يراقبهم في استرخاء ، يدخل الأمير ( بدر الدين بكتوت ) متابعا ما يفعلونه
بدر الدين بكتوت : ( واضعا يده على مقبض سيفه ) أرى أنكم تستعدون للرجيل ، أليس الوقت مبكراعلى هذا ؟
سيف الدين الرشيدي : لم يبق أحد سوانا في المعسكر وبيبرس؟
بدر الدين بكتوت : هناك بعض الكتائب لم تتحرك بعد ، والسلطان باق في دهليزه ، وأظن لن يفارقه اليوم .
بهادر المعزي : ظننت أن السلطان رحل فيمن رحل من الجيش .
بدر الدين بكتوت : أظن سيكون آخر من يرحل عن المعسكر وأتابك الجيش يعد له الموكب السلطاني الذي سيدخل به مصر مستقبلا من جموع الشعب .
سيف الدين الركني : ( ساخرا ) طبعا ، ليكون الجيش في استقباله قائده المنتصرفي مصر
بدر الدين الأصبهاني : ( مشيرا إلى المتاع أمامه ) انا لا أدري سببا واحدا يجعلنا نعود إلى مصر .
سيف الدين الرشيدي : (متعجبا ) أذن أين سنذهب يا أصبهاني ؟!
بهادر المعزي : معك حق ليس لنا من وجهة بعدما حصل غيرنا على المغانم والولايات وها نحن نعود خالين الوفاض .
سيف الدين الهاروني : ( ضاحكا في سخرية ) لا عدنا ومعنا خفي حنين .
سيف الدين الركني : ( مربتاعلى كتفه في مرارة ) لك أن تضحك وتسخر فحالنا وما صرنا
إليه يستحق أكثر من السخرية .يستحق الرثاء
بدر الدين بكتوت : لماذا تقول ذلك ؟!
بدر الدين الأصبهاني : معه حق فيما يقوله أيرضيك حالنا ؟
بدر الدين بكتوت : حالنا من حال بيبرس ها هو عائد إلى مصر ونحن عائدون معه وما يصير عليه يصير علينا .
بدرالدين الأصبهاني : نحن مرتبطون به ، فإن نال شيئا لنلنا مثلما نال .
بهادر المعزي : ( في غيظ وأسى يركل المتاع بقدمه) أنا لا أدري لم الهبات والمغانم والإمارات ذهبت إلى غيرنا ، ألم نبل مثلما أبلوا ..أم ما زال هناك في القلوب والنفوس ما فيها ؟
بدر الدين بكتوت : ماذا تقصد يا معزي ؟
بهادر المعزي : الأمر واضح وضوح الشمس ، هناك تعمد لحرماننا نحن أمراء البحرية ، هل هي صدفة أن نرجع كلنا هكذا لم ينل أي واحد منا شيئا ؟
سيف الدين الركني : ولم لا تقول هناك تعمد أن نساق كلنا هكذا إلى مصر .
بدر الدين بكتوت : ( غاضبا ) لماذا تتحدثون بالألغاز ليكشف كل منكم عن دخيلة نفسه .
سيف الدين الركني : عودتنا هكذا كلنا إلى مصر ينبئ أننا مساقون إلى شرك .
بدر الدين بكتوت : وبيبرس ؟!
سيف الدين الركني : إنه في مقدمة الشرك .
الأصبهاني :حتى ولولم يكن هناك ما تتوجس منه أنسيتم أننا قدأجلنا كل ما خططنا من أجله إلى ما بعدالحرب ،وها قد انتهينا من الحرب .
سيف الدين الرشيدي : تقصد الحرب التي خضناها وأببلينا فيها وحصد غيرنا الثمار .
بدر الدين بكتوت : وما الذي يمنع أن ننفذ كل ما أتفقنا عليه ؟
بهادر المعزي : إن لم ننفذ ما خططناه الآن فلن ننفذه أبدا.
بدر الدين بكتوت : لماذا ؟
بهادر المعزي : كلما اقتربنا من مصر كلما قلت فرصتنا .
سيف الدين الركني :(ساخرا ) أخشى أن كل الفرض ضاعت .
بدرالدين بكتوت : ما الذي دعاك لتقول ذلك ؟
سيف الدين الركني : لم تقوعلاقة السلطان ببيرس كما هي الآن ، إنهما يكادان لا يفترقان . لقد فقدنا بيبرس إلى الأبد وهو الجوادالأصيل الذي كنا سنصل به إلى
أغراضنا .
بهادر المعزي ):يتقدم إلى ومنتصف المكان ويميء إليهم بالإنصات متلفتا حوله ) إذن ليس أمامنا من وسيلة سوى الإيقاع بين بيبرس والسلطان .
سيف الدين الركني : ( ملوحا له في سخرية ) أقول لك لا يفترقان و ..
بهادر المعزي : (مقاطعا ) لم يبل أحد بلاء بيبرس في هذه الحرب ...أتتفق معي في هذا ؟
سيف الدين الركني : نعم أتفق معك .
بهادر المعزي : ما الذي أخذه نظير ذلك ؟
سيف الدين الركني : كنا نظن أنه سينعم عليه بنيابة (حلب ) ولكن السلطان منحها لأحد أمراء المعزية .
بهادر المعزي : ليس مهما من أخذها ، المهم أن بيبرس كان يتمناها ،وهذا الباب الذي سندخل منه
بدرالدين بكتوت : أي باب تقصد ؟!
بهادر المعزي : عودة بيبرس إلى مصر بدون أن ينال ما ناله غيره ولم يقدم ماقدمه بيبرس ألا يوغر هذا صدره ؟
بدر الدين بكتوت : ( مفكرا ) ولكن لماذا يصر السلطان على عودة بيبرس معه إلى مصر .
بهادر المعزي :حتى يكون أمام عينيه خوفا من الانتقاض عليه .
الأصبهاني : الأمر أخطرمن ذلك ..السلطان يريد بيرس في مصر ليسهل القضاء عليه .
سيف الدين الرشيدي : ( يدق بيده على صدره ) ما تقوله هو عين الصواب ، وبالأخص بعدما علا نجمه وأصبح الجيش أطوع لديه من خاتمه ..
بدر الدين بكتوت : ( ملوحا لهم في عدم اقتناع ) لا أظن أن هذا الأمر يقنع بيبرس .
سيف الدين الرشيدي : معظم النار من مستصغر الشرر .
بدر الدين بكتوت : أفصح يا هذا لقدمضى بنا الوقت وبيبرس على وشك الوصول ونريد أن نتفق على أمر قبل أن يصل .
سيف الدين الرشيدي : لا شك أن هناك في قلب بيبرس بقية ولو كانت ضئيلة مما فعله قطز به
وبأستاذنا أقطاي .
بدر الدين بكتوت : ( متضايقا ) كما قلت بقية ضئيلة ..وأظن نجح السلطان في أن يستل كل ما في قلب بيبرس من حقد وضغينة.
سيف الدين الرشيدي : بيبرس لا ينسى ، إنها الشرارة التي سننفخ فيها لتقوى ثم تشتعل وما
علينا إلا أن نلقي إليها الحطب لنجعل بيبرس قطعة من النار المشتعل لا تنطفيء إلا بتحقيق الهدف .
بدر الدين بكتوت : أوتظن أننا سننجح في ذلك أم أننا سنخسر بيبرس إلى الأبد ؟
سيف الدين الرشيدي : ( مشيرا إلى بقية الأمراء ) الأمر يتوقف علينا ،وأنتم تعرفون نقاط
ضعف بيبرس لنستغل ما يتصف به من رعونه وتمرد وثورة .
بدر الدين بكتوت : ( مشيرا إلى الباب ) صه إنه مقبل علينا وتلاحظون أنه متهلل الوجه .
سيف الدين الرشيدي : ( رافعا قبضته ) يجب أن يخرج من عندنا عابس الوجه متكدر الصدر ناقم على السلطان أشد النقمة .
الأصبهاني : ( واضعا يده على فمه ) إن مصيرنا كلنا معلق على ما سوف نحققه في الدقائق التالية .
بيبرس : ( محييا الجميع ) لقد تأخرت عليكم فقد كنت مع السلطان .
الأصبهاني : ما هي إلا أيام ونعود إلى مصر وسيكون أمامنا متسع من الوقت .
الرشيدي : ( ضاحكا في سخرية ) على رأيك بل لن نجد ما سوف نفعله
بهادر المعزي : أمران أمقتهما ::الوقت والفراغ .
سيف الدين الركني : ( ساخرا ) لن يكون لنا ما يشغلنا في مصر سوى أن نعد النجوم .
الرشيدي : عاد إلى مصر كل من ليس له جدوى أو نصيب .
بهادر المعزي : ( في أسى مصطنع ) كنا نظن أننا سنظفر بشيء كما ظفر به بقية الأمراء والقواد .
بيبرس : ( مخاطبا الجمع ) أظن أن السلطان سينعم علينا في مصر ..
الرشيدي : ( مقاطعا في حدة ) ماذا في مصر قصبة قليوب التي أنعم بها عليك فيما مضى أم ثغر الإسكندرية ..أهذا يعادل إمارة حلب أو أي إمارة في الشام التي كنت تستحقها عن جدارة بدلا من الذي تولاها .
بدر الدين بكتوت : (مشيرا إلى من حوله ) ربما لم يقدم أحدنا شيئا مما قدمت فأنت قائد الجيش وصاحب الفضل الكبير في النصر ألم تكن تستحق أكبر ولايات الشام إن لم يكن الشام كله ؟!
بيبرس : ( حائرا ) السلطان يريدني بجواره في مصر .
الرشيدي : لماذا ؟
بيبرس : ماذا تقصد ؟
الرشيدي : لماذا يريدك أن تعود معه إلى مصر ولا تكون بعيدا عن يده .
بيبرس : ( مندهشا ) بعيدا عن يده.. إلام ترمي ؟!
الرشيدي : هل هناك أحد أبلي بلاءك في الحرب ؟
بيبرس :(مفكرا ) لا أظن .
الأصبهاني : هل هناك أحد ضحى كما ضحيت ؟
بيبرس : ( مترددا ) لا أظن .
بهادر المعزي : هل هناك من هو أقوى وأشهر منك بين قواد الجيش ؟
بيبرس :(يمس على لحيته ) لا أظن .
سيف الدين الركني : ألم يجل بخاطرك أنه يريدك في مصر ليسهل التخلص منك ؟
بيبرس : (مندهشا مشيرا إلى صدره ) السلطان يقتلني ؟!
بدر الدين بكتوت : وهل القتل بغريب عليه ؟
الأصبهاني : ألم يقتل أستاذنا أقطاي ؟
بهادر المعزي : وأستاذه عز اليدن أيبك ألم يكن له يد في قتله ليتولى السلطنة ؟
سيف الدين الهاروني : ألم يتخلص من كل قاومه واعترض عليه بالقتل أو السجن ؟
بدرالدين بكتوت : أظن سلطان بتلك المواصفات لن يتردد أن يتخلص من كل من يشكل خطورة على العرش .
الأصبهاني : وأظن ليس هناك سواك الآن .
سيف الدين الرشيدي : وأصبح الأمر الآن أما أن يقتلك أو تقتله .
بيبرس : ( رافعا يديه أمام ناظرية مندهشا ) أنا أقتل السلطان قطز ..ماذا تقولون ؟!
بدر الدين بكتوت : أذن نرجوا ونتمنى أن نكون على خطأ في ظنوننا .
سيف الدين الركني : ما هي إلا أيام ونصل إلى مصر ، وإما تصدق ظنونا أو تخيب .
الأصبهاني : ولكن إذا صدقت ظنوننا و ...
بيبرس : ( مقاطعا في غضب مشيرا إلى صدره ) إنكم شياطين أشعلتم نارا كنت ظننت أنها انطفأت إلى الأبد .
سيف الدين الرشيدي : إذن في مصر لو حدث ما نخشاه فلا تلومن إلا نفسك .
بيبرس : ( يدور حولهم مندهشا )أنتم تصبون السم في أذني وتوغرون صدري عليه
الأصبهاني : وما الفائدة التي سنحصل عليها من وراء ذلك ؟
سيف الدين الركني : فرضنا أنه أنعم عليك ماذا ستكون نائب السلطنة ؟
بيبرس : وما في ذلك ..وما أريد أكثر من ذلك ؟
بدر الدين بكتوت : أن تكون السلطان .
بيبرس : ( مستنكرا ) أن أكون السلطان .
بهادر المعزي : هذا حقك منذ زمن بعيد والآن حانت الفرصة .
سيف الدين الركني :( يربت على كتف بيبرس ) وإذا ضاعت فإلى الأبد .
الأصبهاني : ليس الضياع للفرصة ولكن لنا كلنا .
بدر الدين بكتوت : ( مقتربا من بيبرس منه مربتا على كتفه ) وأنت الآن متحلل من القسم .والعهد .
سيف الدين الرشيدي : وإن كان الخور والضعف تسرب إلى سيفك فدعنا نحن نسل سيوفنا
ونجلسك على العرش ولتبق بعيدا .
بيبرس : ( يمسك بمقبض سيفه ) والله ما كنت خائرا ولا ضعيفا ولكن ...
الأصبهاني : ماحدث في الماضي قد يحدث في الحاضر أو المستقبل .
بيبرس : ( يعصر جبينه مفكرا ) دعوني أفكر في الأمر .
سيف الدين الركني : التفكير حيلة الضعفاء .
سيف الدين الرشيدي : الأمر ليس في حاجة إلى التفكير .
بهادر المعزي : الوقت يمضي .
سيف الدين الركني : وما هو مهيئ ومناسب اليوم قد لا يكون هكذا غدا .
بيبرس :( يتراجع خطوات إلى الخلف )وما المانع أن ننفذ ما نريده في مصر ؟
بدر الدين بكتوت : البلد كلها تنتظر القائد العظيم هازم المغول .
الأصبهاني ( مشيرا إلى رأس بيبرس) لماذا لا تكون أكاليل المجد على رأسك أنت ألست المنتصر ؟!
الرشيدي : أنت من الآن سلطاننا .
سيف الدين الركني : ولا يوحد إلا سلطان واحد .
سيف الدين بكتوت : ( يتلفت حوله ) الآن هو أنسب وقت لتنفيذ ما نريده ، الجيش كله تقدم ولا يوجد في المعسكر سوانا والسلطان .
سيف الدين الركني : إذن لنضرب ضربتنا وبسرعة .
الأصبهاني : ( مفكرا ) ولكن يوجد بعض الأمراء باقين في المعسكر ليصحبوا السلطان .
بهادر المعزي : إذا أبدوا أي مقاومة لنلحقهم بالسلطان ، دعونا لا نبدد الوقت .
الجميع : ( يخرجون سيوفهم وفي صوت واحد ) لتلتقي سيوفنا على سيفك يا سلطان مصر .
بيبرس : ( يخرج سيفه مصافحا به سيوفهم ) ليقض الله امرا كان مفعولا .
إظلام .
الفصل الرابع
المشهد الرابع :
في الدهليز السلطاني يجلس السلطان قطز متخففا من ملابسه حاسر الرأس مستغرقا في التفكير ، يدخل الأمراء يتقدمهم بيبرس ، يتنحى عن طريقهم ، فيتقدمون ويقبلون يد السلطان ، ويتراجعون خطوات للخلف
السلطان : ( ينقل نظره بينهم متعجبا ويشير إلى بيبرس متعجبا) لم تكد تخرج من عندي سمح الوجه إلا وقد عدت ومعك سيوفك عابس الوجه ..ما وراءك يا أمير بيبرس ؟!
بيبرس : ( يتحسس مقبض سيفه متلفتا حوله ) أي تلك السيوف يا مولاي ؟!
السلطان : ( مشيرا إلى من يقف خلف بيبرس ) سيف الدين الرشيدي وسيف الدين الهاروني وسيف الدين الركني أليس هؤلاء سيوفك يا بيبرس ؟
بيبرس :( يتجنب النظر إلى السلطان مشيرا إلى بقية الأمراء ) كلنا سيوفك يا مولاي
السلطان : ( يحدق في وجه بيبرس ) سيفك وحدك كان يكفيني يا بيبرس ، ....ولكن فيم جئتم ؟
بيبرس : ( مشيرا إلى باب الدهليز ) لنصحبك و ..
السلطان : ( مقاطعا ) إذن قد أزف الرحيل يا بيبرس .
بيبرس : الرحيل إلى أين يا مولاي ؟ّ!
السلطان : إلى مصر أهناك وجهة أخرى لنا يا بيبرس ؟!
بيبرس : ( يتحسس مقبض سيفه ) لا يا مولاي .
السلطان : ( يدير الخاتم حول إصبعه ) لا تنس ما اتفقنا عليه .
بيبرس : علام اتفقنا يا مولاي ؟!
السلطان : أن تدخل يا أمير بيبرس مع الجيش من باب الفتوح .
بيبرس : ( منحيا ) إنما هو جيشك ونصرك يا سلطان .
السلطان : ( مشيرا إليه) لابد أن ينسب الفضل إلى صاحبه وليعرفه الناس .
بيبرس : ومولاي ؟ّ
السلطان :أنا خرجت من باب النصر وسأعود من باب النصر إن شاء الله .
بدر الدين بكتوت: ( منحنيا ) إن إذن مولاي بالرحيل .
السلطان : ( يضع قلنوسته على رأسه ) ألن ننتظر الأتابك حتى يرجع .
بدر الدين بكتوت : ( يشير له بالتقدم وللأمراء بالتراجع ) سيقابلنا في الطريق يا مولاي
السلطان : ( يلملم العباءة حول جسده ويخطو إلى الأمام) لتسر بجواري يا أمير بيبرس وليتقدمنا الأمراء.
[يسل الأمراء سيوفهم في وقت واحد ويقصدون ظهر السلطان ]
بيبرس : ( يخرج سيفه مفرقا سيوف الأمراء التي علت السلطان ) ليبعد كل منكم سيفه .
السلطان : ( يستدير إليهم مندهشا ) لماذا تسلون سيوفكم وليس ثمة خطر ؟!
بيبرس : ( يغمد سيفه في صدر السلطان ) أرادوا طعنك من الخلف والسلطان لا يطعن إلا مواجهة .
السلطان :( يحدق في وجه بيبرس ممسكا بحد السيف مبتسما ) فعلتها يا بيبرس.. ،كنت أعرف أن سيفك لن يخطئني ،( ينزع بيبرس السيف ويلقيه أرضا ) وأحمد لك صنيعك أنك انتظرت طوال تلك المدة حتى خضت معركتي ( يسند بيبرس السلطان قبل ان يتهاوى على الأرض ) وانتصرت على المغول ، وأحمد الله أن دمائي لم تسل على سيف من سيوفهم ، وإنما سالت على سيف أحب وأعز وأجل من عرفت ( يتجه بيبرس بالسلطان إلى كرسيه يستوقفه مشيرا إلى الكرسي ) أنت الآن السلطان فلتجلس عليه .
بيبرس : ما قتلتك طمعا في العرش و ...
السلطان : ( يشير إليه ليستند إليه كي لا يسقط ويسر إليه ) تعجلتها يا بيبرس وهي صائرة إليك ، ومن أولى بها منك ، فليكن لك ما أردت يا صديقي ، ولكن حافظ على النصر ولتبق راية الإسلام مرفوعة للأبد .
بيبرس : ( يحمل السلطان إلى كرسي العرش ملتفتا إلى الأمراء ) ليغمد كل منكم سيفه ولتتراجعوا إلى الوراء
بهادر المعزي : ( مشيرا بسيفه إلى السلطان ) ولكنه لم يمت بعد يا بيبرس .
بيبرس : ( متأثرا ) لن تلمسوا جسده بسيوفكم ولتخرجوا كلكم ( ملتفتا إلى قطز ) ما عشت إلا لتكون سلطانا ، حتى في موتك سلطانا .
أتابك الجويش : ( يدخل وخلفه عدد من الجنود منقلا نظره بين الأمراء والسلطان ) لماذا سيوفكم مسلولة يا أمراء ( يقترب من السلطان مذعورا ) السلطان مقتول ...من قتله ؟!
الجنود : (رافعين سيوفهم متجهين إلى الأمراء في صوت واحد ) أقتلتم السلطان يا خونة .
أتابك الجيش : ( يشير بسيفه إلى جنوده صائحا فيهم ) ليغمد كل منكم سيفه .
الجنود : ( مندهشين في صوت واحد) نغمد سيوفنا ؟!
أتابك الجيش : ( يقف بين الجنود والأمراء ) نعم ، لتغمدوا سيوفكم ( مقتربا من السلطان مشيرا إليه ) من قتل السلطان ؟
الأمراء : ( في صوت واحد مشيرين إلى بيبرس ) الأمير بيبرس .
أتابك الجيش : ( مقتربا من بيبرس ) أأنت قتلت السلطان يا أمير بيبرس ؟!
بيبرس : ( ينظر إلى جسمان السلطان متأثرا ) نعم ، أنا من قتلت السلطان .
أتابك الجيش : ( يواجه بيبرس ) أقتلت سلطاننا يا بيبرس ؟!قتلت هازم المغول يا بيبرس ؟ أقتلت من آمنك على ظهره في ميدان الحرب يا بيبرس ؟!قتلت من أختارك دونا عن كل الأمراء لتكون لك الكلمة المطاعة على الجيش كله ؟! أقتلت من أمر أن تدخل قبله الديار المصرية وتنال فخار النصر على الملأ
بيبرس : ( رافعا يده محدقا فيها ) نعم ، أنا من قلتلت سلطاننا .
اتابك الجيش : ( مربتا على كتفه ) أتدري من عصم دمك من أن يراق الآن يا بيرس ؟
بيبرس : ( متعجبا ) من ؟!
اتابك الجيش : ( يخرج عريضة من جيبه ويشير إلى جثمان السلطان ) السلطان نفسه ( يرفع العريضة ) لأنه كتب بخط يده أنك نائب السلطان ، وأوصاني أن أكون شاهدا على ذلك ولا أعلن الأمر إلا بعد وصولنا إلى الديار المصرية ( مشيرا إلى جثمان السلطان ) أهذا سلطان يستحق منك أن تقتله يا بيبرس ؟!
بيبرس : (متاثرا ) لا هو يستحق القتل ، ولا أنا استحق ما أنعم علي من فضل ، ولكن قدره أن يكون مقتولا وقدرى أن أكون قاتله ،دائما كان هو الغالب والمنتصر حتى في لحظة موته كان الانتصار الأكبر له ، وأكبر هزيمة لي .
أتابك الجيش : ( يتلفت حوله ) الشعب في الديار المصرية وفي الشوارع والميادين وعلى أبواب القاهرة ينتظر روية البطل المنتصر هازم المغول ليقابله بالأغاني والموسيقى والسعادة والسرور تملأ الصدور .
بيبرس : ( حزينا ) حرمت السلطان من تلك اللحظة وحرمت الشعب من تلك الفرحة للأسف سأكون السبب في تحويل كل هذا إلى حزن و..
أتابك الجيش : إذا كنت بالفعل حرمت السلطان من أن يرى فرحة الشعب بنصره ، فلا يجب أن نحرم الشعب فرحته بانتصار سلطانه وجيشه نظير ما قدم من تضحيات كبيرة
بيبرس : ( متعجبا ) وكيف يكون ذلك ؟!
أتابك الجيش : إذا غاب السلطان فهناك نائبه ، مد يدك لأبايعك يا سلطان المسلمين ( يلتفت إلى الأمراء والجنود ) بايعوا سلطانكم الجديد ركن الدين بيرس البندقدار هازم المغول ومنقذ الديار ولتستعد الديار المصرية بإستقبال يليق به وبالجيش المصري .
إظلام
( تمت )
ســــيرة ذاتــــية
الاسم : محمود محمد محمود القليني .
المؤهل : ليسانس في الآداب والتربية جامعة الإسكندرية- شعبة: لغة عربية عام 1979.
الإيميل : elkellenymahmoud@yahoo.com
الهاتف :0201061414124- 0201025544856
الوظيفة : مدير عام بالتربية والتعليم سابقا .
العنوان : جمهورية مصر العربية – محافظة البحيرة – دمنهور – شارع السيدعمر مكرم –برج الفتح .
الأعمال المنشورة :
أولا : في المسرح :
مسرحية : ( إخناتون والكهنة ) جهة النشر : الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة عام 1994
مسرحية : ( مصرع الخُرساني ) جهة النشر : الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة عام2002.
مسرحية :(محنة الإمام أحمد بن حنبل) جهة النشر : الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة عام 1997
مسرحية : ( بلد راكبها عفريت ) جهة النشر : الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة عام 2010.
مسرحية : ( غائب لا يعود ) جهة النشر : الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة – تاريخ النشر 2019.
كتاب : ( الأدب في مسرح الطفل ) جهة النشر : العلم والإيمان للنشر والتوزيع بدسوق عام 2015.
مسرحية : ( محاكمة الحمير ) جهة النشر : مجلة الفنون المسرحية – مدير الموقع الفنان : ( محسن النصار )
مسرحية : ( البلطجية اشتكوا ) جهة النشر : مجلة الفنون المسرحية –مدير الموقع الفنان : ( محسن النصار )
مسرحية : ( ليلة وحشية ) مونودراما – جهة النشر : مجلة الفنون المسرحية – مدير الموقع : ( محسن النصار )
مسرحية : ( الأرجواني السماوي ) خيال علمي – جهة النشر – المسرح نيوز – مؤسس ومدير الموقع : ( صفاء البيلي )
مسرحية : ( القرية الذكية ) للشباب – جهة النشر – مجلة الفنون المسرحية – مدير الموقع ( محسن النصار )
مُثلت مسرحية (بلد راكبها عفريت ) على مسرح مركز ثقافة المحلة الكبرى بطنطا .
ثانيا : في الروايات والقصص :
رواية :(الإسكندرية عناقيد العشق والغضب) جهة النشر : مكتبة بستان المعرفة عام 2011.
رواية :(الجنوب الهادئ ) جهة النشر :الهيئة العامة لقصور الثقافة عام : 2014
رواية : ( الدجال والشيطان ) جهة النشر : مكتب معروف للنشر والتوزيع عام 1985
( إنهم يذهبون ) مجموعة قصص قصيرة ، جهة النشر : دار الشعب بالقاهرة عام 1983.
ثالثا : في الكتب :
(الفكر الإسلامي ومستجدات العصر) جهة النشر :المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة عام 2005 .
( أمير الصحافة العربية ) جهة النشر : مكتبة بستان المعرفة عام 2009
( العمرية ..في رحاب عمر بن الخطاب ) جهة النشر: مكتبة دار العلم والإيمان عام 2007
( عش حياتك سعيدا ولا تحزن ) جهة النشر: مكتبة بستان المعرفة عام 2004 .
( الثورة في وجدان المصريين ) جهة النشر : مكتبة بستان المعرفة عام 2012.
( الباحثون عن الله ) جهة النشر مكتبة دار العلم والإيمان عام 2013.
(شخصية موسى النبي) جهة النشر : مكتبة بستان المعرفة عام 2011 .
(شخصية المسيح) جهة النشر : مكتبة بستان المعرفة عام 2014.
( شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم ) جهة النشر : مكتبة بستان المعرفة عام 2014
10-(قيم ومعايير في أدب يوسف إدريس ) جهة النشر : مكتبة دار العلم والإيمان عام 2015.
11-( الذاتية والقيم الوجودية في أدب إبراهيم عبد القادر المازني ) جهة النشر : مكتبة دار العلم والإيمان عام 2015.
12- (النساء فقدن عروشهن) جهة النشر :مكتبة العلم والإيمان بالمنصورة .
13- الخليل – عليه السلام – رحلة في المكان وسياحة في الزمان . دار العلم والإيمان عام 2018 .
14- نحو تفسير علمي للأحلام – الهيئة العامة للكتاب بالقاهرة - 2022
الجوائز الحاصل عليها :
1-جائزة التأليف المسرحي من المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة عن مسرحية ( محنة الإمام أحمد )
جائزة ( ملتقى جائزة أبها ) بالمملكة العربية السعودية عن مسرحية ( محنة الإمام أحمد بن حنبل ) عام 1417هجرية .
جائزة التأليف المسرحي من المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة عن مسرحية ( إخناتون والكهنة ) .
جائزة التأليف المسرحي من مجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة عن مسرحية ( مصرع الخرساني ) .
جائزة من نادي القصة بالقاهرة عن رواية بعنوان : ( قوس قزح ) عام 2002
جائزة الدراسات النقدية عن دراسة بعنوان ( قيم ومعايير في أدب يوسف إدريس ) من المجلس الأعلى للثقافة .
جائزة الدراسات النقدية عن دراسة بعنوان ( الذاتية والقيم الوجودية في أدب المازني )
جائزة المقالة النقدية عن دراسة في قصة ( الطريق ) لنجيب محفوظ ،من المجلس الأعلى للثقافة .
جائزة التأليف المسرحي للكبار – الشارقة – الهيئة العامة للمسرح – عن نص مسرحي بعنوان ( غائب لا يعود ) 2016
الوصول إلى القائمة القصيرة في مسابقة الهيئة العامة للمسرح بالشارقة في مجال الخيال العلمي للأطفال عن مسرحية بعنوان ( الأرجواني السماوي ) 2017
11-الوصول إلى القائمة القصيرة في مسابقة الهيئة العامة للمسرح بالشارقة في مجال الكتابة المسرحية للطفل عن مسرحية بعنوان ( القرية الذكية )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق