الكاتب والمخرج عبد علي كعيد |
( شموع متناثرة على خشبة المسرح ، مؤثر تلاطم أمواج البحر الأضاءة شبه معتمة ، موسيقى واطئة حزينة يفضل الناي ، ينطلق صوت مضخم للرياح)(ثم تتداخل معها موسيقى مناسبة حتى تطغى على الموسيقى السابقة) (الحسين على مرتفع)
الحٌسين : ألا ترون إلى الحق لا يُعمل به ، وإلى الباطل لا يتناهى عنه .. يرغب المؤمن في لقاء ربه حقاً حقا ، فإني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين إلا برما . إن الناس عبيد الدنيا ، والدين لعق على ألسنتهم ، يحوطونه مادرت معائشهم ، فإذا محصوا بالبلاء قَل الديانون .
الانكليزية : أنطلق الحسين الى جهة البادية ، وظل يتجول حتى نزل في كربلاء ، وهناك نصب خيامه ، بينما أحاط به أعداؤه ، ومنعوا موارد الماء عنه ، وليس من الممكن لمن يزورمرقده أن يستفيد كثيرا من زيارته ، مالم يقف على شيء من هذه القصة ، لأن مأساة الحسين تتغلغل في كل شيء ، حتى تصل الى أسس الدين ، وهي من القصص القليلة التي لاأستطيع قرأتها قط ، من دون أن ينتابني البكاء (ضربة صانج ثم موسيقى حزينة) الكاتبة الانكليزية فريا ستارك .
( يزيد في مجلسه يرفع بيده الكأس وحوله الندماء)
يزيد : ليت أشــياخي بـبـدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهــلــوا واسـتهـلوا فـــرحاً ثــم قــالــوا يايــزيد لاتــــشل
قد قــتلنا القرم مــن ساداتهم وعــدلــنــاه بــبــدر فاعـــتدل
لـعـبت هاشــم بالــملك فــلا خـــبر جــاء ولاوحــي نــزل
لست من خندف إن لم أنتقم مــن بني أحــمد ماكان فــعــل
(تتوقف الموسيقى وضجيج الندماء ، لحظات صمت ثم اعادة مقطوعة موسيقى فينطلق الصوت مضخماً)
الصوت : بسم الله الرحمن الرحيم* ولاتقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لاتشعرون *صدق الله العلي العظيم * (ضربة صانج)(بقعة ضوء صفراء داخل البقعة مجموعة من النساء يشكلن لوحة توحي بالضياع والحزن )(أجساد الشهداء متناثرة على الأرض) (يرافق اللوحة مؤثر صوت رعود وهطول مطر)
النساء : (يندبن) وامحمداه ، صلى عليك ملآئكة السماء ، هذا حسين بالعراء ، مرمل بالدماء ، مقطع الأعضاء ..
أمرأة 1: الى الله المشتكى والى محمد الممصطفى ، والى علي المرتضى، والى فاطمة الزهراء، والى حمزة سيد الشهداء ( بقعة جسد مُسجى مقطوع الرأس بثوب الأسود)
مرأة 2: وامحمداه .. هذا حسين بالعراء تسفي عليه ريح الصبا .. قتيل أولاد البغايا
مرأة3 : واحزناه .. واكرباه عليك ياأبا عبدالله ، يامحمداه ، بناتك سبايا وذريتك مقتلة ، تسفي عليهم ريح الصبا (بقعة ضوء حمراء ، رأس على الرمح يأخذ بالصعود داخل البقعة) (مؤثرموسيقي طقسي) (تظهر السيدة زينب وهي تقف على تل)
زينب : وامحمداه ، هذا حسين محزوز الرأس من القفا ، مسلوب العمامة والرداء ، بأبي من جده رسول اله السماء ، بأبي من هو سبط نبي الهدى ، بأبي ابن خديجة الكبرى بأبي ابن علي المرتضى ، بأبي ابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، بأبي ابن من ردت له الشمس حتى صلى ..
(بقعة ضوء صفراء) (عمر بن سعد يقف على مرتفع)
عمر : (ينفجر ضاحكاً) ياقوم .. الرجال: نعم يابن سعد .. نعم ياأميرنا .. عمر : ياقوم ، من ينتدب للحسين فيوطىء الخيل ظهره وصدره .. ؟
(بقعة ضوء على الراوي يتلو الأسماء تنفرج بقعة ضوء كبيرة ومع كل أسم مؤثرسل سيف- ويدخل البقعة فارس يحمل سيفاً)
الراوي : فأنتدب منهم عشرة وهم : أسحاق بن حوبة ، الذي سلب الحسين قميصه ، وأخنس بن مثرد ، وحكيم بن طفيل السُنبسي ، وعمربن صبيح الصيداوي ورجاء بن منقذ العبدي وسالم بن خثيمة الجعفي ، وواحظ بن ناعم ، وصالح بن وهب الجعفي ، وهائيء بن شبث الحضرمي . وأسيد بن مالك ..
(جميع الفرسان يرفعون سيوفيهم ويضربون الأرض مصحوباً بصوت عال .. ثم يغمدون سيوفهم ويأخذون وضع الفرسان ويمتطون خيولهم ( مؤثر دربكة خيول)
الراوي : (يصاحب حركة الفرسان) ثم داسوا الحسين بحوافرخيولهم حتى رضوا جسده الطاهر وظهره (تختفي البقعة) بعدها جاء هؤلاء العشرة (يندفع الفرسان مترجلين) حتى وقفوا على ابن زياد فقال أسيد بن مالك ، أحد العشرة
أســـيد : نحن رضـضـنا الصدر بعد الظهر بكــل يعـــبوب شـــديــد الأســـــر الراوي : فأمرابن زياد بجائزة لهم ، قال أبوعمرالزاهد ، وهو من الذين عاصروا واقعة الطف
(بقعة ضوء)
أبوعمر : والله ثم والله ، نظرنا الى هؤلاء العشرة فوجدناهم جميعاً أولاد زنا ، وهؤلاء أخذهم المختار - رضي الله عنه ،عند قيامه بثورته ، فشد أيديهم وأرجلهم بسكك الحديد وأوطأ الخيل ظهورهم حتى هلكوا .
(يدخل مجموعة من الرجال وهم يضربون الزنجيل في صفين ، الصف الأول يدخل من اليمين ويندفع الى اليسار، والصف الثاني من اليسارالى اليمين ، يقف في الوسط قارع الدمام والصنج ومعهم الرادود يتلو قصيدته)
رادود :
(في العمق وعلى مرتفع تظهرالكفوف وهي تلطم ، أستخدام الكفوف الفسفورية وكذلك الزناجيل الواضح فقط قارع الطبل والرادود )
المعالجة :(فضاء المسرح مظلم ويرتدي الممثلون الثياب السوداء)
الرادود :(أربعة أبيات من الشعرالحُسيني) (في الجانب الأخرنساء بالثياب السوداء يرددن خلف المٌلاية)
المُلاية : (من الأرشيف الحسيني) (يأخذ الصوت بالتلاشي رويدا رويدا)
المشهد الثاني
(تنفرج الإضاءة عن بقعة ضوء في أسفل يسارالمسرح عن الراوي يجلس على منبر، هذا المنبرثابت في مكانه طيلة مدة العرض)
الراوي : (بإسلوب قصخوني على طريقة القاء العراقيين) صلى الله عليك ياسيدي ومولاي يا أبا عبدالله .. صلى الله عليك يا ابن رسول الله ياليتنا كنا معكم سيدي (تختفي كل المجاميع) فنفوز والله فوزاً عظيماً ..الكثيرمن المعترضين يثيرون بعض الأسئلة حول ثورة الامام الحسين ، بل أن البعض راح يشكك بجدوى هذه الثورة ، ومن جملة هذه الأسئلة (ضربة صنج) (بقعة ضوء صفراء يظهر بداخلها عبدالله)
عبدالله : هل كانت واقعة كربلاء تقديراً آلهياً ؟ وإن كانت كذلك فلماذا قدرها الله؟ وهل أن التقدير الألهي يستوجب الجبر؟ ((تختفي البقعة))
الراوي : اذا كان الأمر جبراً ، إذن فالحسين وأصحابه ليسوا مثابين لإنهم كانوا مجبرين ولاينبغي معاقبة قاتليهم ، لإنهم مجبرون أيضاً ، هكذا المعارضون يثيرون الشبهات وطائفة أخرى تتسائل : (بقعة ضوء صفراء يظهر فيها بعض الأشخاص) (يرافقها ضربة صنج)
بكر : ما الهدف ياصادق ، نعم ما الهدف الذي توخاه الحسين من ذهابه الى العراق؟ أكان طلباً للرئاسة وتشكيل حكومة ..؟ ام إلاصلاح والنهي عن المنكر؟ (ضربة صنج)
عبدالله : طيب ، هل كان الحسين يعلم بإنه سيقتل أم لا ؟ وإن كان يعلم فلماذا آلقى بنفسه في التهلكة عمداً .. ؟
(بقعة ضوء صفراء فيها بكر)(يرافقها ضربة صنج)
بكر : هذا السؤال يقودنا الى سؤال أخر : لماذا أصطحب الحسين معه النساء والأطفال ؟ لماذا يُحمل عائلته مشقات السفرإن كان يعلم أنه سيقتل ؟
(تختفي كل البقع الضوئية) (يدخل الراوي يمشي ويتحدث بوقار)
الراوي : ومن أكثرالأسئلة التي تحتاج منا الوقوف والبحث هل أن ثورة الامام الحسين عليه السلام ، مجرد ثورة ضد الظلم أما أنها ثورة شمولية تشمل كل نواحي الحياة ؟
(ضربات موسيقية)
( ظــــلام )
المشهد الثالث
عبدالله : يا أخ صادق لماذاهذا الأهتمام المبالغ فيه بهذه الحادثة ، هل أن تاريخنا الأسلامي يخلومن الحوادث الخطيرة والمهمة ، تلهبون الظهوربالزانجيل، وتلطمون على الصدوربل تضربون الرؤوس بالسيوف، اليس هذه الممارسات نوع من المازوشية أي التلذذ بإيذاء النفس .
صادق : نحن مازوشيون ياعبدالله ،ألم تسأل نفسك لماذا ينتحر البعض لموت راقصة او مطرب وهل أن هؤلاء هم افضل مكانة من الحسين ابن رسول الله ؟!
بكر : (لصادق) يا أخي التعبيرعن حالة الفرح أو الحزن يرتبط بدرجة الوعي وثقافة الشخص
صادق : هل هذا يعني أن من يمارس هذه الشعائر ليس لديه وعياً . ؟
جابر : اذا تسمح لي يابكر , وأنت ياعبدالله .
الاثنان : تفضل ياجابر..
جابر : بل هم في أعلى درجة من درجات الوعي ، أن هذه الممارسات أوالشعائر تؤكد لأعداء
الأسلام بأن هناك من هو على أستعداد تام أن يدمي جسده من أجل رمز من رموز دينه فما بالك أذا كان الدين يهدده الخطر، لاشك تكون التضحيات جسيمة بل تفنى الأجساد وتقدم الأرواح قرابين من أجل الدين ، ألم يصدح صوت السيدة زينب في أرض الطف قائلة : (موسيقى حزينة .. مجموعة من النساء تحيط بجثة قربها العقيلة زينب وهي تفترش الأرض وتحمل الجسد بين يديها)
زينب : (ترفع يدها إلى السماء) إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى .. اللهم تقبل منا هذا القربان (ثم تصيح) واحسيناه .. واجداه .. وابتاه ..
النساء : ابتاه ، عماه ، سيداه ، واماماه (تتصاعد الموسيقى قم تخف رويدا رويدا تختفي النساء)
عبدالله : تسمح لي بسؤال ..
جابر : تفضل ياعبدالله ..
عبدالله : قام سيدنا الحسين بثورة اليس كذالك ؟.
جابر : نعم قام بثورة عظيمة ..
عبدالله : من أجل من ؟
جابر : لاشك ثورة الأمام الحسين عليه السلام ، شملت كل نواحي الحياة : سياسية ، أجتماعية ، أقتصادية وحتى نفسية .
عبدالله : (يضحك) هههههههه ..
صادق : هل هناك مايضحك ؟ّ
عبدالله : رجل خرج مع أبنائه وأقاربه وأصحابه وجميعهم طامعون في السلطة ، طمعا في الحكم
بكر : أجل ، الحسين ومن معه خرجوا من أجل تحقيق طموحات سياسية فردية ، ولم يخرج من أجل أي يهدف أنساني؟
صادق : أتق الله ياعبدالله وأنت يابكر، ماهذه الأفكار الملغومة ؟ عبدالله : طيب اين أثرالحسين في أصلاح المجتمع ؟ جابر : للامام الحسين (ع) أثرفي أصلاح المجتمع في عصره ، وفي العصورالتي تلت عصره
بكر : أنت اتق الله ياجابر ، حديثك بعيدا عن أجواء واقع الطف في كربلاء . اين دليلك في أثر المعركة في أصلاح المجتمع على الأقل في عصر الحسين ؟
صادق : أذهب وقرأ التاريخ جيدا ، المسلمون في عصر يزيد كانوا يلوذون بالصمت ، كما هوالحال في ظل نظام حكم دكتاتوري مستبد دموي ، بعد ثورة الأمام الحسين أنبثقت حركة التوابين ثم ثورة أهل المدينة ، وغيرها من حالات التمرد والعصيان . كان
المسلمون يعيشون حالة من الخلل والفوضى والكبت والسياط تلهب ظهورهم ، ألم تسمع أوتقرأ ما قاله الامام الحسين عندما قدم الى العراق : (في العمق على مرتفع يقف الامام الحسين يلفه ضوء أخضرمع موسيقى طقسية)
الحسين : إني لم أخرج أشراً ولابطراً ولامفسداً ولاظالماً ، وإنما خرجت لطلب الأصلاح في أمة جدي ، أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر، وأسيرسيرة جدي وابي علي بن ابي طالب . فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ، ومن رد علي هذا أصبرحتى يقضي الله بيني وبين القوم الظالمين وهو خيرالحاكمين . (مؤثر رياح عاصفة مع موسيقى ترقب)
صادق : أذن كان هناك خللا في حياة المسلمين ، في زمن يزيد بن معاوية . فخرج ابن رسول الله لأصلاحه ، الم تسمع من خلال المنابرالحسينية مادار بين أم المؤمنين أم سلمى والأمام الحسين :(موسيقى أشبه بلقطة بان سريعة مع الموسيقى ،الأضاءة حمراء أشبه بالدم).
ام سلمة : يا بني ، يا حسين ، لاتُحزني بخروجك الى العراق فإني سمعتُ جدك رسول الله يقول : يُقتل ولدي الحسين بأرض العراق في أرض يقال لها كربلاء وعندي تربتك في قارورة دفعها إلي جدك رسول الله ..
الحُسين : يا أماه ، وانا اعلم اني مقتول ، مذبوح ظلماً وعدوانا ، وقد شاء الله عزوجل ان يرى حرمي ورهطي مشردين ، وأطفالي مذبوحين مأسورين مقيدين ، وهم يستغيثون فلا يجدون ناصراً .
ام سلمة : واعجبا فلماذا تذهب وانت مقتول .
الحُسين : يا أماه ان لم أذهب اليوم ، ذهبت غداً ، وأن لم أذهب في غد ، ذهبت بعد غد وما من الموت والله بُد ، وإني لأعرف اليوم الذي أُقتل فيه ، والساعة التي أقتل فيها والحفرة التي أدفن فيها كما أعرفك ، وأنظراليها كما أنظرإليك ، وإن أحببت يا اماه ان اريك مضجعي ومكان اصحابي (تختفي البقعة)
الراوي : الكثيرمن المعترضين يثيرون بعض الأسئلة حول ثورة الحسين ، بل أن البعض راح يشكك بجدوى هذه الثورة ، ومن جملة هذه الأسئلة : (ضربة صنج)
(بقعة ضوء صفراء يظهر بداخلها بكروعبدالله)
بكر : هل كانت واقعة كربلاء تقديراً آلهياً ؟ وإن كانت كذلك فلماذا قدرها الله ؟ وهل أن التقديرالألهي يستوجب الجبر؟ (تختفي البقعة) ( تنفرج بقعة الراوي)
الراوي : اذا كان الأمر جبراً ، إذن فالحسين وأصحابه ليسوا مثابين لإنهم كانوا مجبرين ، ولاينبغي معاقبة قاتليهم لإنهم مجبرون أيضاً ، هكذا المعارضون يثيرون الشبهات ، وطائفة أخرى تتسائل: (بقعة ضوء صفراء يظهر فيها بعض الأشخاص) (يرافقها ضربة صنج)
(بقعة ضوء صفراء أخرى فيها بعض الأشخاص) (يرافقه ضربة صنج) (بقعة صفراء)
عبدالله : طيب ، هل كان الحسين يعلم بإنه سيقتل أم لا ؟
صادق : عن هذا السؤال يجيبنا الشيخ المفيد : (تنفرج بقعة ضوء وردية)
المفيد : أن أمامنا الحسين عليه السلام ، لايعلم على نحو التفصيل بلحظة مقتله ، وأن تكليفه مغاير لتكليفنا ، فجازأن يكون بذل مهجته الشريفة في ذات الله تعالى ، كما يجب على المجاهد الثبات ، وأن كان ثباته يفضي الى القتل . (ضربة صنج)
صادق : بمعنى ، عندما أستجاب أبنائئنا لفتوى المرجعة الرشيدة في مقارعة عصابات داعش الأرهابية ، الم يعلموا أنهم سيموتون أي سيشتشهدون . من يتصدى لمقارعة الظالم هو مؤمن بأنه سيقدم حياته قربانا من أجل الحرية .
(بقعة ضوء صفراء أخرى فيها بعض الأخاص)(يرافقها ضربة صنج)
بكر : طيب ، لماذا أصطحب الحسين معه النساء والأطفال ؟ لماذا يُحًمل عائلته مشقات السفر إن كان يعلم أنه سيقتل ؟
جابر : بعد معركة صفين خبت طاقة الأمة ، وأشتهر ظلم بني أمية وولاتها ، وسلبت أرادة الأمة فأستسلم المسلمون تحت سياط الظلم وأهواء الحكام ، فأراد الأمام الحسين ، روحي له الفداء أن يعيد مجدها وثورتها ودينها الأصلي ، فخرج عليه السلام ، رغم أن ثورته غير متكافئة عسكريا ، فهي تحتاج الى عناصر لكي تجعلها مستمرة وغيرمنتهية .
صادق : ياأخ بكر من هذه العناصر التي تجعل جذوة الثورة مشتعلة في الأمة ، أبراز حكومة بني أمية على حقيقتها البعيدة عن الأسلام لكي تنفرمنهم النفوس ، وكذلك أظهار مأساة أهل البيت ومظلوميتهم وتضحيتهم من أجل الاسلام ، لكي يخامرحالهم قلوب المسلمين ، فيميلون الى منهجهم الأصيل . (ضربة صانج)
جابر : وتكلف هذه العناصرمن أمامنا الحسين الكثيرليس بدمه الطاهر فحسب ولابسفك دماء أصحابه وأهل بيته وكفى ، ولابقتل أطفاله وتنتهي التضحيات ، بل توجه بسبي عياله ، فسبي العيال انه عامل مهم بأظهار وحشية بني أمية ، ومظلومية أهل بيته . (تنفرج بقعة الراوي)
الراوي : وجود النساء والاطفال معه وسبيهم من كربلاء الى الكوفة حتى الشام ومنه الى المدينة بمثابة أذاعة أعلامية لنصرة الحسين وأظهار مساوىء دولة بني أمية وعلى رأسهم يزيد السكير الزاني في محارمه ، السبي صوت أعلامي لهذه الثورة (تنفرج اضاءة المتحاورين)
صادق : أجل ، وقد خطب الامام السجاد وزينب الكبرى وأم كلثوم وغيرهم في الناس فأبكوا العيون في الكوفة وأحرجوا يزيد في الشام حتى ردهم مكرمين .
جابر : والأهم أن الأمام الحسين سيد شباب أهل الجنة وهو الأمام الذي تقتدى به الأمة بظروفها المختلفة أراد أن يكون قدوة بكل شيء ولايترك عذرا لأحد فأخرج عائلته وسبيها بعد قتله.
صادق : وهو الرد على الذين يريدون تحريف ثورته عن هدفها وتجعلها من أجل الملك . فلو كان هذا صحيحا لترك عائلته في مأمنها في المدينة .( الرادود ومجموعة ضاربي الزنجيل)
(المعالجة: يلقي الشاعر قصيدته ، مؤثرضرب الزنجيل يخفت، يسكت الشاعرينطلق صوت المؤثر)
الشاعر :
(الجميع يختفي)
صادق : انكما تتسائلاعن اهتمامنا المبالغ فيه بهذه الحادثة وأعني واقعة الطف يا أخي أن ثورة الحُسين ليست ثورة من التأريخ ..
عبدالله : عفواً ، ماذا تعني .. ؟
بكر : أعني انها ليست حادثاً من حوادث التاريخ .. وانما هي حادثة من الحياة .. فحوادث التاريخ تمضي وتبقى ذكرى ، أما حادثة الحياة فهي باقية ..
عبدالله : أرجو أن توضح لي هذه الفكرة ..
جابر : خذ مثلاً ، نهر الفرات ، أو نهر دجلة ، في هذ اللحظة تتدفق فيهما الحياة ولكن متى وِجِدا هذان النهران .. منذ آلاف السنين .. كما الشمس وجدت في هذا الكون منذ ملايين السنين .. لكنها في كل يوم موجودة .. ثورة الحسين هكذا كالنهر المتدفق المتجدد .. كالشمس الطالعة كل يوم .. وفي كل سنة ..
صادق : يعني ، عناصرهذه الثورة موجودة عند الناس ، وإلا لماذا يجتمع الناس في ايام عاشوراء ويحيون الذكرى ، ما هو الداعي لهذا الأجتماع ؟
حابر : علينا أن ننقل الى حياتنا قبسا من حياة الامام الحسين ، حتى تكون حياته ذكرى دائمة فينا , ذكرى لاتقتصرعلى عشرة أيام في السنة ، بل تستمر في كل عام 354 يوما .
بكر : ياالله 354يوما نلطم ونلهب الظهوربالزناجيل ونلتهي بالقيمة ونوزع الماء والطعام معقولة؟
حابر : مُن قال هذا ؟ّ!
عبدالله : أنت قلت : علينا أن نعيش الذكرى 354 يوماَ في السنة .
صادق : أجل ،علينا ان نجعل من تلك الكلمة من الحق علامة في تاريخنا وقدوة في حياتنا تقف في كل قضية لنا كما وقف الامام الحسين قبل كربلاء وبعد كربلاء
عبدالله : وكيف يتحقق هذا ؟
حابر : لابد من فهم ثورة الحسين على ان فيها بعدا اجتماعيا ونكون قد وضعنا يوم كربلاء في
اطاره الصحيح من تاريخنا الاسلامي ونكون قد جعلنا من عمل الحسين اسوة لنا ننتفع في سلوكنا اليومي وحياتنا الاجتماعية وفي وضع الحلول لمشاكلنا ومعالجة قضايانا ، ولنسمع لما قال الدكتورعمرفروخ الأديب والمحقق والمعلم والفيلسوف والمؤرخ اللبناتي المشهور:
(ضربة درام) (داخل بقعة ضوء خضراء)
عمر : انا لا انظر الى مأساة كربلاء على انها حادث تاريخي فقط بل على انها ايضا حقيقية اجتماعية تبدأ كل يوم في حياة المسلمين . الم تكن مأساة كربلاء خذلان الناس للقائد المخلص الذي اراد ان يمسح الظلم عن المجتمع بيده الحانية وكفه الكريمة المعطاة ؟ الا نحتاج اليوم في كثيرمن بلاد الاسلام الى من يفعل ذلك ؟
الراوي : في كل عام الملايين من المسلمين يتوجهون الى مرقد ابي عبدالله الحسين عليه السلام مشيا على الاقدام رجالا ونساءا صغارا وكبارا ويهتفون باسم الحسين عليه السلام رغم التعرض للحوادث الدامية والقتل .(ضرب صنج)
جابر : ان حبهم للحسين عليه السلام ولمبادئه ولرسالته يجعلهم على استعداد للتضحية بالنفس لتجديد ذكراه . لانه حي في القلوب ، حي في الضمائر ، حي في وجدان الشعوب . اسمع ماذا قال المفكر المسيحي انطوان بارا مؤلف كتاب (الحسين في الفكر المسيحي) الكتاب الذي امضى ثلاث عشرة سنة في تاليفه ، وفي حوارخاص مع وكالة تنسيم الدولية
(ضربة موسيقية انطوان يجلس في برنامج تلفزيوني داخل بقعة بيضاء)
انطوان : ان المسيحيين العرب يولون احتراما خالصا لاهل البيت عليهم السلام كما توجد في اغلب بيوت المسيحيين صورالامام علي بن ابي طالب عليه السلام اذ انهم يعتقدون انه يشبه الى حد كبيرالسيد المسيح عليه السلام . والذين يحيون الذكرى الحسينية مؤكدا انهم يتمتعون باعلى درجات العشق الالهي .
الراوي : اما حفيد الحسين الامام جعفر الصادق عليهما السلام فقد حث المسلمين على (بقعة خضراء)
الصادق : لا تدع زيارة الحسين بن علي عليهما السلام ومر اصحابك بذلك يمد الله في عمرك ، ويزيدالله في رزقك، يحييك الله سعيدا، ولا تموت الا شهيدا، ويكتبك شهيدا
(تختفي البقعة)
الراوي : واسمع ماذا قال المستشرق الالماني ماربين (بقعة ضوء)
ماربينى : قدم الحسين باعزالناس لديه ، ومن خلال اثبات مظلوميته واحقيته ، وادخل الاسلام والمسلمين الى سجل التاريخ ، ورفع صيتهما ، لقد اثبت هذا الجندي الباسل لجميع البشر ان الظلم والجورلا دوام لهما ، وان صرح الظلم مهما بدا راسخا وهائلا في الظاهر، الا انه لا يعدوا ان يكون امام الحق والحقيقة الا كريشة في مهب الريح (تختفي البقعة)
الراوي : وايضا قال المفكر المسيحي انطوان بارا (بقعة ضوء)
انطوان : لو كان الحسين منا لنشرنا له في كل ارض راية ، ولاقمنا له في كل ارض منبر، ولدعونا الناس الى المسيحية باسم الحسين (اختفاء البقعة)
صادق : اما الكاتب الانجليزي كارلس اسير بيرسي سايكوس ديكنز فقد قال (بقعة ضوء)
ديكنز : ان كان الامام الحسين ، قد حارب من أجل اهداف دنيوية ، فانني لا ادرك لماذا اصطحب معه النساء والصبية والاطفال ، اذن فالعقل يحكم انه ضحى فقط لاجل الاسلام
(تختفي البقعة)
جابر : اما الهندوسي والرئيس السابق للمؤتمر الوطني الهندي تاملاس توندون فقد قال :
(بقعة ضوء)
تاملاس : هذه التضحيات الكبرى من قبيل شهادة الامام الحسين رفعت مستوى الفكرالبشري وخليق بهذه الذكرى ان تبقى الى الابد وتذكرعلى الدوام (تختفي البقعة)
صادق : اما الزعيم الهندي غاندي فقد صرح بالقول : (بقعة ضوء)
غاندي : لقد طالعت بدقة حياة الامام الحسين شهيد الاسلام الكبير ودققت النظرفي صفحات كربلاء فاتضح لي : ان الهند اذا ارادت احراز النصرفلابد لها من اقتفاء سيرة الحسين .
(تختفي البقعة)
الراوي : هكذا تأثرمحررالهند ، بشخصية الامام الحسين تأثرا حقيقيا ، وعرف بان الامام الحسين مدرسة الحياة الكريمة ، ورمزالمسلم القراني ، وقدوة الاخلاق الانسانية ، وقيمها ومقياس الحق ، وقد ركزغاندي في قوله على مظلومية الامام الحسين بقوله (بقعة ضوء)
غاندي : تعلمت من الحسين كيف اكون مظلوما فانتصر. (تختفي البقعة)
صادق : وقال الكاتب الانجليزي توماس لابل (بقعة ضوء)
توماس : لم يكن هناك أي نوع من الوحشية ، اوالهمجية ولم ينعدم الضبط بين الناس فشعرت في تلك اللحظة وخلال مواكب العزاء ، ومازلت اشعرباني توصلت في تلك اللحظة الى جميع ماهو حسنا وممتلئ بالحيوية في الاسلام ، وايقنت بان الورع الكامن في اولئك الناس ، والحماسة المتدفقة منهم ، بوسعهما ان يهزا العالم هزا ، فيما لووجهها توجيها صالحا وانتهجا السبل القويمة ، ولا ابالغ فلهؤلاء الناس واقعية فطرية في شؤون الدين .
صادق : داعية السلام الزعيم الهندي غاندي كان يحتفظ بقنينة صغيرة في جيبه ترافقه اينما حل ، أتدرون ما تحوي هذه القنينة ؟ فيها - أجلكم الله - (بول بقرة) لانه من عبدة البقر، فكان في كل وجبة غذاء وقبل ان يأكل ينثرعلى الطعام قطرات من (بول البقرة) تبركاً بها
ثم بعد ذلك يتناول طعامه ، بقرة هكذا يقدسهاغاندي ، وهكذا يمارس طقسه الديني والعقائدي ، ولايعترض عليه معترض ، أما أتباع أهل البيت فاللطم على صدورهم تخلف والبكاء جهل ، وأحياء ذكرى عاشوراء مغالاة ، طيب يا أخي ، نحن مؤمنون ، متمسكون بهذا التخلف ، ما دامت هذه الشعائر.
( تتعدد الطقوس وتلف أجواء المسرح حالة من الأندماج الأيماني)
الحسين :(خطيبا) الحمد لله وماشاء الله ولاقوة الا بالله وصلى الله على رسوله ، خط الموت على ولد أدم مخط القلادة على جيد فتاة ، وما أواهني الى أسلافي أشتياق يعقوب الى يوسف ، وخُير لي مصرع أنا لاقيه ، كأني بأوصالي يتقطعهاعسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء ، فيملأن مني أكراشاً حوفا , وأجربة سغباً ،لامحيص عن يوم خط بالقلم رضا الله رضانا أهل البيت ، نصبرعلى بلائه ، ويوفينا أجورالصابرين ، لن تشذعن رسول الله لحمته ، بل هي مجموعة له في حضيرة القدس تقربهم عينه وينجز بهم وعده ، ألا من كان فينا باذلاً مهجته موطناً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا فإني راحل مصبحاً إن شاء الله تعالى تقربنا إلى الله .
(خلال هذه الأحتفالية بقعة ضوء تجمع الحسين وأبنه زين العابدين وبعض النسوة)
الحسين : ياولدي ، أنت أطيب ذريتي ، وأفضل عترتي ، وأنت خليفتي على هؤلاء العيال والأطفال فإنهم غرباء مخذولون ، قد شملتهم ، الذلة واليُتم ، وشماتة الأعداء ، ونوائب الزمان سكتهم إذا صرخوا ، وأنسهم إذا أستوحشوا ، وسَلِ خواطرهم بلين الكلام ، فأنهم ما بقى من رجالهم من يستأنسون به غيرك ، ولا أحد عندهم يشكون إليه حزنهم سواك ، دعهم يشموك وتشمهم ، ويبكوا عليك وتبكي عليهم .
(يتقدم الحسين خطوات) (موسيقى حزينة)
الحسين : (يتوقف عن المشي ويلتفت للخلف وينادي) يا زينب ، يا أم كلثوم ، يا سكينة ، يا فاطمة عليكن مني السلام .(تتقدم سكينة نحو الحسين خطوتين وتنادي)
سكينة : أبتي ...
الحسين : نعم يا سكينة .. نعم يا فلذة قلبي ...
سكينة : يا أبتاه أستسلمت للموت ؟
الحسين : كيف لا يستسلم للموت من لا ناصر له ولا معين ؟ رحمة الله ونصرته لاتفارقكم في الدنيا ولا في الآخرة ، فإن الدنيا فانية والآخرة باقية .
سكينة : يا أبتاه ردنا إلى حرم جدنا .
الحسين : هيهات لو تُرك القَطا لنام . اسمعِن كلامي وأعلمن ، إن أبني هذا خليفتي عليكم وهو إمامٌ مفترض الطاعة (يندفع الحسين إلى الأمام ويختفي حيث تلفهُ الظلمة ، النساء تتعالى أصواتهن)
النسوة : واحسيناه ، وابتاه ، واخاه ، واجداه ، يا رسول الله ، واعليا، واعباسا ، واحمزتاه سيد الشهداء .
باسم الكربلائي: (قصيدة المسافر)
وياك أخذني أضوي بدروبك شمع أنا العليلة وبغيابك أنفجع
(أخذ ابيات أخرى) (المسرح يلفه الظلام في أعلى وسط المسرح يقف الحسين عرياناً أسفل يمين المسرح تقف النساء والأطفال وهم يراقبون الحداث في العمق) (مؤثرات صوتية لمعركة ودربكة خيول وصهيل)
الحسين : يا علي ، يا ولدي بلغ شيعتي عني السلام فقل لهم : إن أبي مات غريباً فأندبوه ومضى شهيداً فأبكوه . شيعتي مهما شربتم عذب ماء فأذكروني أو سمعتم بغريب أوشهيد فأندبوني .
(نهاية المسرحية بعد مقتل الحسين بقع ضوئية تنتشرتباعاً في جوانب المسرح حيث كل بقعة يشغلها قارئ يتلو قصيدة وأولها قصيدة الرادود حمزة الزغير)
حمزة الصغير: يا حسين بضمايرنه ...
ملحم زين : (نعي) دليلي بغــيـبـتك ياحســـين شـــالـــوه
العضيد اللي جان يجري كَبل شالـوه
(موسيقى حزينة)
ستار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق