تصنيفات مسرحية

الجمعة، 25 أغسطس 2023

مسرحية للفتيان " النخلة والقمر " تأليف طلال حسن

مجلة الفنون المسرحية
الكاتب طلال حسن

    مسرحية للفتيان  "  النخلة والقمر "   تأليف  طلال حسن                                         


    شخصيات المسرحية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


1 ـ الملك

2 ـ الملكة

3 ـ الأميرة ـ نين

4 ـ ابشار

5 ـ المربية العجوز

6 ـ الساحرة ـ كاشبوا 

7 ـ الطبيب



    بداية النهاية



                            النخلة وفسيلتها ، القمر

                            بدر ، يدخل شيخ أشيب


الشيخ : ليل ونخلة وقمر ، وأنا ، كما تروني ،
رجل عجوز أشيب مهدم ، وفي إطار كل
هذا ، تجري حكاية ، عشتها ومازلت
                  أعيشها ، وأريد أن تعيشوها معي ،
ووراء كل هذا قانون ، نعم قانون أصدره
الملك ، وهو ملك عادل وحكيم ، هذا
القانون يقضي ، بأن كلّ من يقطع شجرة
، مهما كانت مكانته ، يُقطع عنقه ، وأنتم
تعلمون أن في كلّ مكان ، وفي كلّ زمان
، أناس يخالفون القوانين ، لسبب أو لآخر
، ويعرضون أنفسهم للوقوع تحت طائلة
القانون " يقترب من النخلة " أنظروا
إلى هذه النخلة ، وفسيلتها الغضة ،
فسيكون لهما دور مهم في مسرحيتنا هذه
" يقترب من مقدمة المسرح ويخاطب
الجمهور " لن أتحدث أكثر ، سأترككم
مع هذه المسرحية ، التي أسميتها " النخلة
والقمر " وأرجوا أن تعجبكم .


                             الشيخ الأشيب يسير

                             ببطء ، حتى يخرج


                                      إظلام   






     المشهد الأول



                           غرفة الطعام في قصر الملك

                              ، خادمتان تعدان المائدة


الأولى : فلنستعجل ، يا عزيزتي ، الملكة قد تأتي
الآن .

الثانية : لا عليك ، حتى لو أتى جلالة الملك نفسه
، فالمائدة معدة تماماً .

الأولى : الملك والملكة مرتاحان لعملنا هنا ،
ونريد أن يبقيا مرتاحين .

الثانية : اطمئني ، سيبقيان مرتاحين ،وسيكافئانك
بتحقيق حلمك عاجلاً  .

الأولى : " تنظر إليها " ....

الثانية : " هامسة " سيزوجانك .

الأولى : آه منك  .

الثانية : خطيبك في القصر ، فهو حارس من
حراس الملك .

الأولى : وأنت ؟ 

الثانية : أنا !

الأولى : لي عينان أرى بهما .

الثانية : أعطتني عشتار ما أعطتك .

الأولى : " تنظر من النافذة " الأميرة نين تهيم
في الحديقة .

الثانية : يبدو أن للإلهة عشتار نشاطها ، ليس
بيننا  فقط .

الأولى : صه " تبتعد عن النافذة " جلالة الملكة
قادمة .


                         الخادمتان تتشاغلان ، تدخل 

                           الملكة وتتأمل المائدة


الأولى : طاب صباحك ، يا مولاتي .

الثانية : طاب صباحك ، يا مولاتي .

الملكة : طاب صباحكما " مازالت تتأمل المائدة
" المائدة جاهزة على ما يبدو .

 الثانية : نعم ، يا مولاتي .

الأولى : وكما تأمرين ، يا مولاتي .

الملكة : لقد تأخر الملك " تتلفت " وكذلك
الأميرة .

الثانية : جلالة الملك مازال مع الكاهن الأعظم ،
يا مولاتي .

الأولى : والأميرة تتجول في حديقة القصر ، يا
مولاتي .

الملكة : " تهز رأسها " ....

الأولى :الأميرة ، حفظتها الآلهة ، تعشق الحديقة
، وخاصة في الصباح .

الثانية : " تهز رأسها " ....

الملكة : انصرفا ، ولتناد ِ إحداكما الأميرة من
الحديقة .

الأولى : أنا سأذهب إلى الأميرة إذا أذنت ، 
مولاتي .

الملكة : حسن ، انصرفا .


                      الخادمتان تخرجان مسرعتين

                             الملكة تبقى وحدها


الملكة : " عند النافذة " ما يشغل الملك أعرفه
، فهو يحدثني عن كلّ شيء يعرض له ،
لكن الأميرة ، بنيتي نين ، لا تحدثني ،
فكيف أعرف بالضبط ما يشغلها ؟

الأميرة : " تدخل " عمتِ صباحاً .. 

الملكة : " تنظر إليها " ....

الأميرة : " بنبرة مازحة " يا جلالة الملكة .

الملكة : قولي ، يا ماما .

الأميرة : لم أعد طفلة .

الملكة : أعرف .

الأميرة : ماذا تعرفين !

الملكة : أعرف أنكِ لم تعودي طفلة .

الأميرة : " تجلس إلى المائدة " أنا جائعة جداً ،
يا ماما .

الملكة : سيأتي أبوك " مازحة " جلالة الملك ،
بعد قليل .

الأميرة : ماما ، سأزور مربيتي ، بعد أن أتناول
الفطور .

الملكة : لقد زرتها أول أمس .

الأميرة : إنها مسنة ومريضة .

الملكة : نحن لم نهملها ، فأحد أطباء القصر ،
يشرف على معالجتها .

الأميرة : لكنها مازالت مريضة ، ويبدو أن
الطبيب لم يفدها .

الملكة : هذا الطبيب ، يا بنيتي ، هو من أفضل
أطباء القصر .

الأميرة : ورغم هذا ، لم تشفَ ، بل راحت حالتها
الصحية تتدهور أكثر فأكثر .

الملكة : لنرجىء هذا الآن " تتطلع إلى الباب "
ها هو أبوكِ قادم .

الأميرة : ماما .

الملكة : نين .

الأميرة : أرجوك ، يا ماما .

الملكة : حسن ، تناولي طعامك أولاً ، ثم اذهبي
إليها ، لكن لا تتأخري .

الأميرة : " مازحة " أشكركِ جلالة الملكة .

الملكة : " تهز رأسها مبتسمة " ....


                            تنهض الأميرة واقفة ،

                             يدخل الملك متجهماً 


الملك : اجلسا " يجلس إلى المائدة " تأخرت
قليلاً ، فلنأكل .

الأميرة : " تجلس " ....

الملكة : " تجلس "نين .

الأميرة : نعم ماما . 

الملكة : كلي ، يا ابنتي .

الأميرة : " تأكل صامتة " ....

الملكة : " تأكل " الطعام بدأ يبرد .

الملك : " يتوقف عن تناول الطعام " هذا أمر
        غير مقبول.. 

الملكة : " تنظر إليه " ....

الملك :  الكاهن الأعظم .

الأميرة : " تنظر إلى أمها " ....

الأم : " تتجاهل نظرتها " الأفضل أن تتناول
طعام الفطور الآن .

الملك : الشجرة مقدسة ، إنها روح الآلهة ، ومن
        قطع شجرة ، مهما كان ، يقطع عنقه .

الأميرة : " تضع لقمتها مترددة " ....

الملك : هذا قانون .

الملكة : كلي ، يا ابنتي .

الأميرة : شبعت .

الملك : الكاهن الأعظم ، ممثل الآلهة على   
        الأرض ، يريدني أن أعفو عنه .

الملكة : " تتوقف عن تناول الطعام " ....

الملك : لن أخالف القانون .


الملكة : لا داعي للغضب والانفعال ، إنه .. إنه
الكاهن الأعظم .

الملك : " يهبّ واقفاً " لن أعفو عنه ، مهما
كلف الأمر " يبتعد عن المائدة " .

الملكة : تعال أكمل فطورك .

 الملك : " وكأنه يلقي خطاباً " من يقطع شجرة
يقطع عنقه ، هذا إذا   لم تعاقبه الشجرة
نفسها .

الأميرة : " تنهض واقفة " ....

الملكة : " تنهض " لم تأكل ..

الملك : " يتجه إلى الخرج " شبعت .


                              الملك يخرج ، الأميرة

                             والملكة تتبادلان النظر


                                     إظلام




     المشهد الثاني



                           بيت المربية ، المربية في

                         فراشها ، ابشار يجلس قربها


المربية : " تغط في النوم " خ خ خ خ خ .

ابشار : " ينظر إليها " .....

المربية : " تغط في النوم " خ خ خ خ خ .

ابشار : " يلتفت منصتاً " ....

الخادمة : " تطل من الباب " ....

ابشار : هششش .

الخادمة :" بصوت هامس " الطبيب سيأتي بعد
قليل .

ابشار : " ينظر إليها متسائلاً " ....

الخادمة :" تدخل " جاء خادمه منذ لحظة ،
وأخبرني بذلك .

ابشار : هش .. فهمت .. فهمت .

المربية : " تفيق " آه .

ابشار : جدتي .

المربية : من ؟ ابشار ؟ أنت هنا !

ابشار : " يبتسم " طبعاً ، يا جدتي .

المربية : متى جئت ؟

ابشار : " معاتباً " جدتي .

الخادمة : كلما أفقت من النوم ، قلتِ له ، متى
جئت ؟

الجدة : " تنظر إليها " ....

الخادمة : إنه هنا منذ فترة طويلة .

الجدة : " تحاول أن تعتدل " يا لي من امرأة
عجوز حمقاء .

ابشار : " يمد يديه ويحاول مساعدتها "
دعيني أساعدك ، يا جدتي .

المربية : " تبعد يده " لكنك أحمق مني .

ابشار : " يبتسم " جدتي .

المربية : أنت شاب ، ما الذي يلصقك بي ؟ اذهب
وعش حياتك .

ابشار : سأعيش ، يا جدتي ، سأعيش بقدر ما
عشتِ  .

المربية : " تهز رأسها " ....

ابشار : بل أكثر بكثير .

المربية : مازلتُ أعيش .. وسأبقى أعيش .. حتى
النهاية ، يا ابشار.

ابشار : " ينظر إليها مبتسماً " 

المربية : صحيح إنه لم يعش معي إلا بضعة
أشهر ، إلا أنه أعطاني ابنتي ، التي
أعطتك لي ، قبل أن ترحل .

ابشار : " يعتدل " ....

المربية : مازلت أعيش لأنهما كليهما مازالا
يعيشان في داخلي .

الخادمة : " تنصت " الباب يُطرق .

ابشار : انظري من يكون .

الخادمة : " وهي تخرج " أظنه الطبيب .

المربية : " تنظر إليه مستفسرة " ....

ابشار : لا أدري ، لعله الطبيب .

المربية : لا فائدة ، لن يستطيع هذا الطبيب أو
غيره أن يشفيني من حالتي ، مهما بذل
من جهد .

ابشار : إنه أحد أطباء الملك ، وهو يعالجك بأمر
من الملك نفسه .

المربية : ربما ليس هناك إلا علاج واحد ، لكن ..
آه .

ابشار : " باهتمام " جدتي .

المربية : " تنظر إلى الباب " لننظر من القادم ،
لعله ليس الطبيب .


                           يُفتح الباب ، وتدخل الأميرة 

                          والخادمة ، ابشار يهب واقفاً


المربية : " تعتدل فرحة " ابنتي الأميرة ! نين ..
نين .

ابشار : " يتمتم " أميرتي .

الأميرة : طاب صباحكما .

ابشار : طاب صباحكِ .

المربية : أهلاً .. أهلاً .. أشرق الصباح " تفتح
ذراعيها " حبيبتي  .

الأميرة : " ترتمي بين ذراعيها " آه يا عزيزتي
، أنت حبيبتي .

المربية : " تقبلها " يا للآلهة .. ما أعذب
رائحتك ..ورد .. ورد .

الأميرة : " تضحك " رعاية يديك .

المربية : فلتحفظك الآلهة ، وترعاك ، لي
ولوالديك ، ولكل من يحبك .

الأميرة : " تنهض مبتسمة " ....

المربية : ما كان لك أن تتجشمي عناء الحضور ،
فالجو ربما كان بارداً .

الأميرة : " ترمق ابشار " منذ أيام ، لم أزركِ ،
إنني مشتاقة إليكِ .

ابشار : " يلتفت إلى الخادمة محرجاً " من
الأفضل أن تكوني في الخارج ، أخشى أن
يأتي الطبيب .

الخادمة : سأنتظره في الحديقة " تخرج " .

الأميرة : " تنظر إلى ابشار معاتبة " ....

ابشار : أنت ترين الجدة ، يا أميرتي ، إنني لا
أكاد أفارقها .

المربية : " متظاهر بالانفعال " ومن قال لك ،
أن لا تفارقني ؟ فارقني ..

الأميرة : " تضحك " ....

المربية : أنا امرأة عجوز .. ومريضة ، وأنت
شاب في ربيع عمرك .

الأميرة : ستشفين ، أيتها الجدة العزيزة ،
وستكونين مثلي شابة .

المربية : لقد عشتُ أنا ، عشت حياتي كاملة ، يا
عزيزتي نين ، عيشا شبابكما .

الأميرة : اطمئني ، سنعيش حياتنا ، سنعيشها ،
وأنت بيننا .

المربية : " بصوت واهن " آه ، أتمنى أن
تعيشاها ،   ولا يهم بعدها ، سواء كنت
موجودة أم لا .


                             تدخل الخادمة ، يلوح 

                              الطبيب من ورائها 

 

الخادمة : الطبيب .

ابشار : " يسرع إليه " أهلاً ومرحباً ، تفضل ..
تفضل .

الطبيب " يدخل " طاب صباحكم .

الأميرة : طاب صباحك .

المربية : " بصوت واهن " أهلاً .. طاب صباح
..أيها الطبيب .

الطبيب : " ينحني للأميرة " أميرتي العزيزة ،
تحياتي .

الأميرة : ما أرجوه ، أيها الطبيب ، أن تبذل
جهدك مع أمي " تنظر إليها " فأنا
أريدها في صحة وعافية .

الطبيب : هذا ما نرجوه جميعاً ، يا أميرتي "
يتقدم من المربية " لتشفها الآلهة .

المربية : " بصوت واهن " هذا ما لا تريده
الآلهة ، على ما يبدو .

ابشار : لا تقولي هذا ، يا جدتي .

الأميرة : " متأثرة " سترعاك الآلهة ، من أجلك
وأجلنا ، وستشفين .

الطبيب : " الطبيب يفحصها ثم يعتدل " ....

الأميرة " تنظر إليه " .....

الطبيب : أميرتي ، إنها امرأة عجوز .

ابشار :نحن نقدم لها الدواء ، الذي وصفته لها
في أوقاته المحددة .

الطبيب : هذا كلّ ما نستطيع أن نقدمه لها ، والبقية
على الآلهة .

المربية : " بصوت واهن " أشكرك ، أيها
الطبيب ، إنني أتعبك معي ، لكن كما ترى
، دون جدوى .

الطبيب : هذا واجبي " ينحني للأميرة " عن
إذنك ، يا أميرتي .

الأميرة : ما أريده منك أن تزورها ، وتعالجها 
بانتظام .

الطبيب :أمرك يا أميرتي " يتراجع " إنني
أزورها وسأزورها كلّ يوم .

الأميرة : ابذل قصارى جهدك ، ولا تهملها لحظة
واحدة ، فأنت تعرف أهمية ومكانة
مربيتي عندي .

الطبيب : أمرك ، يا أميرتي .

الشاب : سأرافقك .


                         الأميرة تقف بجانب المربية 

                           الطبيب وابشار يخرجان

                           


الأميرة : أرأيت ؟ الطبيب يقول ، عليها أن تأخذي
الدواء بانتظام .

المربية : " تنظر إليها دامعة العينين " ....

الأميرة : " بصوت دامع " عندما كانت تدمع
عيناي ، ماذا كنت تفعلين ؟

المربية : " تغالب بكاءها " ....

الأميرة : كنتِ تقبلينني ..

المربية : " تهز رأسها دامعة العينين " ....

الأميرة : فأمسح عيني ، وأبتسم " تنحني عليها
وتقبلها " .

المربية : أشكرك ، يا بنيتي ، أشكرك " تمسح
دموعها عبثاً وتحول الابتسام "....

ابشار : " يدخل " جدتي ..

المربية : "ابشار "  تشير له " تعال ، يا بنيّ ،
إلى جانبي .

ابشار : " يجلس إلى جانبها " ستشفين ، حتى
لو بذلت حياتي .

المربية : " بصوت واهن " أريدك أن تعيش ..
أن تعيش . 

ابشار : قلت لي ، أنه لن ينقذك إلا .. إلا ماذا ؟

المربية : ليس الآن .. إنني متعبة .. أريد أن .. أنام
.. أنام .. أنام .

الأميرة : دعها ترتح .

المربية : " تغط في النوم " خ خ خ خ خ  .

الشاب : لقد نامت .

الأميرة : لنخرج ، وندعها ترتاح .


                          الأميرة وابشار يخرجان ،

                             ويغلقان الباب بهدوء


                                     إظلام








    المشهد الثالث



                              حديقة بيت المربية ، ابشار

                               يذرع الحديقة ، القمر بدر 


ابشار : " يتوقف " أيها القمر ، أنت الإله
المنير ، أنر لي طريقي ، وإن كنت ،
على ما يبدو ، لا تعنيك هموم البشر
وعذاباتهم .. آه .

الخادمة : " تدخل حاملة كأساً " بنيّ ابشار .

ابشار : " يلتفت إليها " ....

الخادمة : لابد أنك ظمآن ، جئتك بكأس من
الشراب .

ابشار : " يأخذ الكأس " أشكرك .

الخادمة : اشرب ، أنتم المهمومون من الرجال
تجدون فيه بعض الراحة .

ابشار : وأنتن النساء ؟

الخادمة : نحن نساء .

ابشار : آه لولاكن ..

الخادمة : لكان العالم أفضل ..

ابشار : " يبتسم محتجاً " ....

الخادمة : هذا ما كان يقوله زوجي .

ابشار : بعد أن شاخ .

الخادمة : طبعاً ، أما في شبابنا " تشير إلى القمر
" فقد كنتُ قمره المنير .

ابشار : " يبتسم " ....

الخادمة : اشرب ، هذه هي الحياة ، لقد أحببته
حتى النهاية .

ابشار ، أنت قمر طيب " ينظر إلى الداخل "
جدتي ..

الخادمة : اطمئن ،  نامت منذ قليل .

ابشار : لا أدري كيف أشكرك ، أنت تتعبين
معها كثيراً .

الخادمة : لا ، لا تقل هذا ، رعايتي لها ليس
واجب فقط ، بل محبة واحترام ، فهي
بحق بمثابة أم لي .

ابشار : أشكرك  " يعيد إليها الكأس " .

الخادمة : كأس آخر ؟

ابشار : لا ، أشكرك ، هذا يكفي ، ليتك تذهبين ،
وتبقين إلى جانبها .

الخادمة : اطمئن " تتجه إلى الداخل " لن أتركها
لحظة واحدة .

ابشار : أشكرك .. أشكرك جداً .

الخادمة : " تدخل البيت " ....

ابشار : " يجلس على المصطبة " آه أيها القمر
، أنر لي طريقي .


                             تدخل الأميرة ، فيراها

                              ابشار ، ويهب واقفاً


الأميرة : الآن عرفت ، من هو منافسي ، آه وأي
منافس ..

ابشار : أميرتي نين . 

الأميرة : القمر منافسي .

ابشار : أنتِ قمري ، ولا قمر لي غيرك .

الأميرة : عندما أغيب ، ولو إلى حين ، لا بأس أن
ترافق القمر ، لعله يذكرك بي .

ابشار : أنتِ قمري الذي لا يغيب ، سواء كنت
إلى جانبي ، أو لم تكوني .

الأميرة : لنجلس قليلاً على هذه المصطبة ، يا
ابشار .

ابشار :  تفضلي .

الأميرة : " تجلس " اجلس إلى جانبي .

ابشار : " يجلس " ....

الأميرة : " تنظر إليه " الجدة ؟

ابشار : نائمة الآن .

الأميرة : لتشفها الآلهة .

ابشار : " يطرق رأسه " ....

الأميرة : لا عليك ، ستشفى .

ابشار : " يبقى مطرقاً " ....

الأميرة : ابشار ..

ابشار : " ينظر إليها " ....

الأميرة : يبدو لي ، وأرجو أن أكون واهمة ، إنك
تتجنبني في الفترة الأخيرة أحياناً .

ابشار : " يبقى صامتاً " .... 

الأميرة :لن أجن ، يا ابشار كالعديد من الفتيات ،
وأقول أن في قلبك غيري .

ابشار : طبعاً ، هذا مستحيل ، يا ...

الأميرة : الجدة ؟

ابشار : ليست وحدها .

الأميرة : قلت لك مرات ، يا ابشار ، إنها وساوس
لا معنى لها .

ابشار : نين ، أنت أميرة ، ابنة الملك .

الأميرة : وأنا أحبك .

ابشار : " ينظر إليها " ....

الأميرة : إلا إذا كنت لا تحبني .

ابشار : لستُ أميراً ، يا نين ، وأبي ـ كما تعرفين
ـ لم يكن ملكاً .

الأميرة : جدتك ، التي ربتني ، وكانت لي أكثر
من أم ، تنحدر من أبرز أمير من أمراء
العائلة المالكة .

ابشار : " يطرق صامتاً " ....

الأميرة : لندع هذا الأمر ، ولا أريدك أن تقف
عنده مرة أخرى .

ابشار : " يهز رأسه " ....

الأميرة : الجدة ، ماذا عنها ؟ يخيل إليّ أنها
حدثتك بشيء ، ما هو ؟

ابشار : لا أدري ، ربما هي قشة ، طالما يتعلق
بها الغريق .

الأميرة : البحث عن قشة ، هذا من حقها ، ومن
واجبنا أيضاً ، فالجدة لها مكانتها ،
وخاصة عندك وعندي ، حدثني عن هذه
القشة ، لعل وعسى .

ابشار : لقد استدعت ، قبل أيام تاشبوا ..

الأميرة : الساحرة !

ابشار : الطبيب لن ينقذها ، هذا ما باتت على
قناعة تامة منه .

الأميرة : الكثيرون يلجؤون إلى تاشبوا هذه ،
وغالباً ، ما يكون ذلك في السرّ .

ابشار : وهذا ما فعلته جدتي .

الأميرة : لا بأس ، يا ابشار ، لنرَ ما يمكن أن
تفعله هذه القشة .

ابشار : إنها ليست قشة ، يا نين ، بل رعد
محرق قاتل .

الأميرة : " تنظر إليه " ....

ابشار : دواؤها ، بحسب هذه القشة ـ الرعد ،
دواء قاتل .

الأميرة : قاتل !

ابشار : غداً أو بعد غد ، سينفذون حكم الإعدام
بالرجل الأحمق المجنون  ..

الأميرة : لقد قطع شجرة .

ابشار : الفسيلة أيضاً شجرة ، أو مشروع
شجرة .

الأميرة : لا أفهم ما تعنيه بالضبط .

ابشار : الساحرة التي استدعتها جدتي ، وصفت
لها كعلاج أخير ..

الأميرة : ماذا !

ابشار : " يهز رأسه محرجاً " ....

الأميرة : قل يا ابشار .

ابشار : صعب أن أنطق به .

الأميرة : قل مهما كان .

ابشار : " ينظر إليها متردداً "  ....

الأميرة : تكلم ، يا ابشار ، تكلم .

ابشار : ثلاث سعفات غضة من فسيلة شجرتك
.. النخلة .

الأميرة : " تلوذ بالصمت مصدومة " ....

ابشار : " متردداً " وصفتها لها تاشبوا كعلاج
أكيد ، هذه السعفات الثلاث ، تقطع في
ليلة ، يكون القمر فيها بدراً ، وتغلى في
نفس الليلة ، و ..

الأميرة : " تنهض واقفة " ....

ابشار : هذا جنون طبعاً .

الأميرة : " تبقى صامتة  " ....

ابشار : جنون قاتل .

الأميرة : " تتمتم " القشة  .

الأميرة : " تنظر إليه " ....

ابشار : القانون واضح ، يا نين ..

الأميرة : الجدة ..

ابشار : من يقطع شجرة يُقطع عنقه ..

الأميرة : ستموت ..

ابشار : وغداً أو بعد غد ، سيقطع عنق ذلك
المجنون الأحمق .

الأميرة : القشة .

ابشار : القانون واضح ..

الأميرة : الجدة .

ابشار : لا ..

الأميرة : " تنظر إليه " ....

ابشار : القشة ..

الأميرة : هذا أمر قاتل ، لا ، لا ..

ابشار : جدتي ..

الأميرة : وأنت !

ابشار : لا أستطيع أن أدعها تموت .

الأميرة : غداً أو بعد غد ، سيقطع عنق من قطع
الشجرة .

ابشار : " يهب واقفاً " ما العمل ؟

الأميرة : نعم ، ما العمل ؟

ابشار : لابد من عمل شيء .

الأميرة : لابد من عمل شيء وإلا ..

ابشار : لا .. لا .

الأميرة : لا .. لا  .

ابشار : ما العمل ؟

الأميرة : " تصمت مفكرة " ....

الخادمة : " تدخل مسرعة " بنيّ ابشار .

ابشار :  الجدة ..

الخادمة : لا تخف ، تعال إنها تريدك .

ابشار : " للأميرة " سأدخل ، وأرى ما الأمر ،
وأعود حالاً ، لأوصلك إلى داخل
القصر .

الأميرة : لا ، لن أذهب الآن ، لابد أن أطمئن
على الجدة الحبيبة أولاً .

ابشار : " يشير لها أن تتقدمه " تفضلي .

الأميرة : " تتجه إلى الداخل " هيا .


                               تدخل الأميرة وابشار 

                        والخادمة ، صوت بومة من بعيد 


                                      إظلام 



 




    المشهد الرابع



                              حديقة القصر ، القمر 

                              بدر ، يدخل حارسان


الأول : ليل .. وقمر .. و ..

البومة : " تنعق من بعيد " هو.. هو .. اووو .

الثاني : " يضحك " وبومة .

الأول : يا للشؤم .

الثاني : يقول جدي ، إن للبومة فوائدها .

الأول : لا أعتقد أن هذا الصوت من فوائدها .

الثاني : جدي فلاح ، والبومة تكافح له الحشرات 

                   والفئران و ..

الأول : لكنها تأكل البلابل والعصافير و ..

الثاني : دعنا منها ، لن نقضي الليل في الحديث
عن هذه البومة اللعينة .

البومة : " تنعق ثانية " هو .. هو .. اوووو .

الثاني : " يضحك " .....

الأول : " يتجه إلى الخرج " لنبتعد من هنا ، لم
أعد أحتمل هذا الصوت .

الثاني : " يلحق به " هيا ، لعلنا نسمع بدل هذا
النعيق تغريد بلبل .


                             يخرج الحارسان ، أحدهما 

                            وراء الآخر ، تدخل الأميرة                             


الأميرة : ابشار ليس هنا ، هذا ما لم أتوقعه "
تصمت " من يدري ، لعله جاء ثم خرج ،
أو ربما سيأتي فيما بعد ، و .. وهذا ما لن
أسمح به ، أعرف أنه لا يقل جنوناً عني "
تتقدم من النخلة والفسيلة " ولو مدّ يده
إلى سعفات هذه الفسيلة .. " تنصت "
أحدهم قادم ، لعله .. " تتجه إلى الخارج
" فلأختبىء ، لأعرف من القادم ، في هذا
الوقت من الليل .

 

                            تخرج الأميرة مسرعة ،

                              يدخل ابشار متلفتاً

ابشار : القمر بدر " يتقدم من النخلة والفسيلة
"وهذه هي النخلة والفسيلة " يتوقف " يا
إلهي ، من قطع شجرة يُقطع عنقه ، يا
للقانون القاسي ، إذا كانت بضعة سعفات
من فسيلة ، تنقذ إنساناً ، إنساناً عزيزاً ،
فلماذا يُقطع ..

الأميرة : " تطل من وراء شجرة " ....

ابشار : " يتلفت " ....

الأميرة : " تختفي " ....

ابشار : تراءى لي أني سمعت صوتاً .

الأميرة : " تطل ثانية " ....

ابشار : " يتلفت بسرعة " ....

الأميرة : " تختفي " .....

ابشار : ربما قنفذ ..

الأميرة : " تطل بهدوء " ....

ابشار : فالقنافذ لا تخرج في النهار ، بحثاً عن
الطعام ، بل الليل .

الأميرة : " تتمتم " ابشار !

ابشار : جدتي ..

الأميرة : " تتسع عيناها " ....

ابشار : جدتي ، المسكينة ، لن تعيش حتى الغد
إذا لم .. 

الأميرة : " تكتم شهقة " ....

ابشار : " يلتفت  " ....

الأميرة : " تنسحب " ....

ابشار : " يتطلع حوله " لا أظن أنه قنفذ "
يتلفت " ترى من يكون ؟ أيعقل أنها .. ؟
الأميرة ! لا .. لا .. لا .

الأميرة : " تطل مرة أخرى " ....

ابشار : الساعات تمر ، وسأندم طول حياتي ،
إذا لم آخذ القشة إلى جدتي " يمد يده إلى
السعفة " .

الأميرة : " تخرج من وراء الشجرة " لا .

ابشار : " يلتفت " الأميرة !

الأميرة : " تندفع إليه " أنت تعرف عقوبة من
يقطع شجرة .

ابشار : نحن في منتصف الليل .

الأميرة : ولن يرحمك أحد .

ابشار : ما الذي جاء بك إلى هنا في هذه الساعة
، يا نين ؟

الأميرة : ما الذي تريد أن تفعله ؟

ابشار : " ينظر إليها صامتاً " .....

الأميرة : هذا .. هذا " تشهق باكية " لا .. لا .

ابشار : " يقترب منها " نين .

الأميرة : الجدة المسكينة ..

ابشار : اهدئي .. اهدئي ..

الأميرة : " بصوت متهدج " لا أستطيع أن أدعها
ترحل .

ابشار : هوني عليك ، يا نين ، الطبيب إلى
جانبها .

الأميرة : هذا الطبيب لم يستطع ، ولن يستطيع أن
يفعل شيئاً .

ابشار : " ينظر إليها " ....

الأميرة : " من بين دموعها " القشة .

ابشار : " ينظر إلى الفسيلة " ....

الأميرة : لا يا .. ، لا ، لا ، لا .

ابشار : " ينظر إليها " .....

الأميرة : ابشار .

ابشار : نعم .

الأميرة : " تشير إلى القمر " انظر إلى هذا
القمر.

ابشار : " ينظر حيث تشير " ....

الأميرة : عدني أمامه ..

ابشار : نين .

الأميرة : عدني ، يا ابشار .

ابشار : أعدك بماذا ؟

الأميرة : قل أعدكِ .

ابشار : " يتنهد " أعدكِ .

الأميرة : عدني أن لا تقرب هذه الفسيلة ، مهما
كان الأمر .

ابشار : " ينظر إليها صامتاً " ....

الأميرة : عدني ، يا ابشار ، عدني .

ابشار : " يمسك يدها " تعالي نذهب .

الأميرة : ليس قبل أن تعدني .

ابشار : " ينظر إليها ثانية " ....

الأميرة : " بصوت باك " عدني .. عدني ..
عدني .

ابشار : " يأخذها بين ذراعيه " أعدك ، يا
أميرتي ، أعدك يا نين ، أعدك .

الأميرة : " تتنهد بارتياح " أشكرك .

ابشار : " ينصت " أنصتي ..

الأميرة : ماذا ؟

ابشار : أسمع وقع أقدام .

الأميرة : لعله الحارس .

ابشار : لنمض ِ بسرعة .

الأميرة : " تبتعد عنه " أياً كان القادم ، لنمض ِ
هيا .. هيا .


                          الأميرة وابشار يخرجان 

                         مسرعين ، يدخل الحارسان 


الأول : يخيل إليّ أنني سمعت وقع أقدام تسرع
مبتعدة .

الثاني : لا تنسَ ، يا صديقي ، نحن الآن في
منتصف الليل  .

الأول : هذا لا يعني شيئاً ، لقد سمعت ذلك بأذني
هاتين .

الثاني : هون عليك ، أنا أيضاً لي أذنان أسمع
بهما .

الأول : أنت لا تصدقني .

الثاني : أنا أصدق أذنيّ . 

الأول : " يتلفت حوله " .....

الثاني : " ينظر إلى النخلة والفسيلة " تعال
أنظر ، يا صديقي ..

الأول : لقد نظرت إليها مرات ومرات .

الثاني : ربما لم ترَ هذه الفسيلة الجديدة .

الأول : بل رأيتها قبل أيام .

الثاني : هذه النخلة زرعت يوم ولدت الأميرة ..

الأول : " ينظر إليه " وها هي قد كبرت ،
ونمت منها فسيلة .

البومة : " تنعق من بعيد " هو .. هو.. اوووو .

الأول : يا للشؤم .

الثاني : " يهز رأسه " ....

الأول : تقول جدتي ، إن نعيقها في الليل لا يبشر
بخير .

الثاني : لجدك رأي آخر .

الأول : كانا مختلفين دائماً ، ومع ذلك عاشا
سعيدين طول حياتهما .

البومة : " تنعق ثانية " هو.. هو .. اووووو .

الأول : لم أعد أحتمل ، لنغادر هذا المكان في
الحال " يتجه إلى الخارج " .

الثاني : " يهز رأسه ويلحق به " ....

الأول : " يخرج مسرعاً " ....

الثاني : " يخرج في إثره " ....


                           تدخل الأميرة وحدها ،

                            وتتلفت حولها بحذر 


الأميرة : لا أحد هنا الآن ، لا الحارسان ، اللذان
يجوبان البستان ، ولا ابشار ، الذي
أوهمته بأني سأذهب إلى القصر ، بعد أن
تأكدت بأنه سيذهب إلى بيت الجدة "
تنظر إلى النخلة " والآن أنا ونخلتي
وفسيلتها وحدنا ، ولن أدع مربيتي ـ الأم
ترحل ، ما دام هذا بإمكاني " تقترب من
النخلة " أيتها النخلة ، أنا أنت ، وأنت أنا
، وأنا لن أبخل ببعضي على مربيتي الأم
، تقول الساحرة ، إن ثلاثة سعفات ، من
فسيلة نخلتي ، ستكون هي الدواء الشافي 
" تمد يديها إلى الفسيلة " تعال أيها
الدواء ، فلأقطف السعفة الأولى ..

النخلة : " تتململ غاضبة " .....

الأميرة : " تقطف سعفة " ....

النخلة : " ينشق جذعها وتمسك الأميرة " ....

الأميرة : " تصيح مرتعبة " لا ، دعيني ..
دعيني .. دعيني .

النخلة : " تحتوي الأميرة أكثر فأكثر " ....

الأميرة : " تصيح مستغيثة " النجدة .. النجدة ..
        النجدة .

النخلة : " تستمر في احتواء الأميرة " ....

الأميرة : " تصيح بأعلى صوتها باكية " النجدة
.. النجدة .. النجدة .


                         الحارسان يدخلان مسرعين ،

                         ويقفان مذهولين أمام النخلة


الأول : يا للآلهة ، إنها الأميرة .

الثاني : فلنفعل شيئاً ، إن النخلة تكاد تبتلعها .

الأول : ليس أمامنا ما نفعله ، وإلا ابتلعتنا النخلة
كما تبتلع الأميرة .

الثاني : فلنسرع إلى القصر ، ونخبر جلالة
الملك .

الأول : ونعم الرأي " يسرع إلى الخارج " .

الثاني : " يتبعه مسرعاً " مهلاً .. مهلاً .



                          الحارسان يخرجان مسرعين ، 

                        النخلة تستمر في احتواء الأميرة


                                    إظلام

  




 






    المشهد الخامس 



                            المشهد السابق ، الأميرة لا

                            يظهر منها تقريباً إلا وجهها


الأميرة : " تتأوه " آه .

البومة : " من بعيد " هو .. هو .. اوووو .

الأميرة : أكاد أختفي في النخلة ، ولا تودعني
سوى بومة " تتأوه ثانية " آه .

البومة : هو .. هو .. اوووو .

الأميرة : لا بأس ، انعقي ، أيتها البومة ، انعقي ،
فأنت آخر حيّ يصلني صوته ، من هذه
الحياة .

البلبل : " يغرد من مكان قريب " ....

الأميرة : " فرحة " آه .. يا لعشتار .. بلبل .. بلبل
.. إنه بشارة " بنبرة حزينة " آه .

ابشار : " يندفع داخلاً " ....

الأميرة : " تشهق " ابشار !

ابشار : " يقف مصدوماً " نين  !

الأميرة : ابشار .

ابشار : " مذهولاً " ماذا يجري ؟

الأميرة : ما تراه  يا عزيزي .. ماتراه .. يا ابشار
.. ما تراه .

ابشار : " يقترب منها " لكنك جعلتني أعدك
أمام القمر ، جعلتني أعدك ، يا نين ، أن
لا أقرب النخلة أو فسيلتها ..

الأميرة : جعلتك تعدني .. كان عليّ أن أجعلك
تقسم .. فقد خفت عليك ..

ابشار : خفت عليّ ، يا نين ، خفت عليّ يا
أميرتي ، وخاطرت بنفسك .

الأميرة : الجدة مربيتي ، بل أمي ، وما كان لي
أن أدعها ترحل ، وهناك ما يمكن أن
أفعله لإنقاذها .

اشار : لكن هذا واجبي .

الأميرة : لا يمكن أن أجعلك تضحي بنفسك ،
مهما كان الثمن .

ابشار : كلا  ، ليس أن تكوني أنت الثمن ، هذا
مستحيل " يتلفت حوله باحثاً عن أداة "
لابدّ أن أفعل شيئاً .

الأميرة : لا تحاول ، لقد فات الأوان .

ابشار : لم يفت ، ولن أدعه يفوت ، أنت كلّ
حياتي ، ولا حياة لي من دونك .

الأميرة : " بصوت باك " أرجوك ..أريد أن
أراك للمرة الأخيرة ، وأنت ..

ابشار : لا يمكن ، يجب أن أبقيك ، أو أقضي
على العالم .

الأميرة : هذا ليس أنت .. هذا ليس ابشار الذي
أعرفه .

ابشار : " يقف أمامها دامع العينين " أميرتي
نين .

الأميرة : الآن هو أنت .. ابشار .

الملكة : " من الخارج " ابنتي .

الأميرة : هذه أمي ، الملكة .

ابشار : " يقف جامداً " ....

الملكة : " من الخارج " ابنتي .. ابنتي نين ..
ابنتي .. ابنتي .

الأميرة : " بصوت تخنقه الدموع " ماما ..
ابنتك صارت نخلة .


                           تدخل الملكة والملك ،

                         ومن ورائهما الحارسان

الملكة : " تتوقف مصدومة " بنيتي ..نين ..
نين .

الأميرة : " بصوت باك " ماما .

الملك : ابنتي .

الأميرة : " محرجة وبصوت باك " أبي .

الملكة : " تتلفت حولها حائرة منهارة " ماذا
يجري هنا ؟ ماذا يجري ؟ لا أصدق هذا ،
لا أصدقه .

الملك : " يقترب من النخلة " ....

الأميرة : عفواً ، يا أبتي ، سامحني ، لقد خالفت
قرارك .

الملك : نين  !

الأميرة : سامحني .. سامحني .

الملك : هذا ما لم يكن يخطر لي على بال ،
ابنتي نين !

الأميرة : " تنظر إليه صامتة " ....  

الملك : كيف يمكن أن تقدمي على هذه الفعلة ؟
أنت مثال العقل ، يا ابنتي .

الأميرة : نعم ، يا أبتي " تنظر إلى ابشار "
لكني أحب .

ابشار : " منفعلاً " سأنزع هذه النخلة من
جذورها ، يا أميرتي ، حتى لو قطع عنقي
، وسأنقذك .

الأميرة : لا .

الملك : توقف .

الملكة " للملك " أنقذ ابنتنا ، أنقذها .

الملك " ينظر دامع العينين إلى الأميرة " ....

الأميرة : أبتي .

الملك : مريني ، وسأفعل ما تأمرين .

الأميرة : أنت الملك .

الملك : لن أدعك ترحلين .

الأميرة : لا ، لا يا أبتي .

الملكة : بنيتي ، سأموت إن رحلت ، سأموت .

الأميرة : " بصوت باك " لا .. لا .. لا .

الملك : لابد أن أنقذك ، يا عزيزتي ، مهما
كلف الأمر .

الأميرة : أبتي ، لا تنسَ قرارك ، من يقطع شجرة
يُقطع ..

ابشار : كلا ، يا نين ، كلا ، كلا .

الملكة : نين ، حبيبتي ، أنت ابنتنا ، ابنتنا  الوحيدة ..

الأميرة : أبتي ، لا تنقض قرارك ، لا تنقض
قراراً أنت أصدرته عن قناعة ، ونفذته
على الآخرين .

الملك : سألغي هذا القرار ، سألغيه ..

الأميرة : وتقتل الأشجار ؟

الملك : بل وأنقذك .

الأميرة : فات الأوان .

ابشار : " يصيح " لا .. لا .

الملكة : مهلاً ، يا حبيبتي ، لابد أن ننقذك ، أنت
كلّ حياتنا .

ابشار : " يقترب من النخلة " أيتها الأميرة ،
، حبيبتي ، نحن نكاد نموت جميعاً ،
أنقذينا ، أنقذينا .

الأميرة : " تهز رأسها " ليتني أستطيع ..

الملكة : " بصوت باك " بنيتي .

الأميرة : أرجوكم ، اسمعوني ، اسمعوا كلماتي
الأخيرة .

الملكة : لا .. لا .

الملك : بنيتي .

ابشار : أرجوك .

الأميرة : أصغوا إليّ ، لم يعد أمامي سوى دقائق
معدودات .

الملكة : " تغالب بكاءها " ....

الملك : " يتطلع إليها بعينين دامعتين " ....

ابشار : أميرتي .

الأميرة : هذه النخلة هي أنا ، وأنا هي هذه النخلة
، أكرموني بأن ترعوها ، وتبقوها حية ،
لتكون ملاذاّ للبلابل والعصافير والحمام
والعشاق " تصمت ويتلاشى وجهها حتى
يختفي تماماً " .

الملكة : " تحضن النخلة باكية " ....

الملك : " يهز رأسه دامع العينين " ....

الشاب : " يجثو أمام النخلة " ....


                              الحارسان يتقدمان من 

                            الشجرة ، ويجثوان أمامها


                                     إظلام











    النهاية

ـــــــــــــــــــ



                            النخلة وفسيلتها ، القمر

                              بدر ، يدخل الشيخ 


الشيخ : " يتقدم من الجمهور " رأيتم حكاية
النخلة والقمر ، وأنا ، كما عرفتم ، لست
مجرد راوية ، بل واحد من أبطال الحكاية
، نعم أنا ابشار ، هل فقدتُ الأميرة نين ؟
" بصوت متهدج " لا ، لم أفقدها "يربت
على جذع النخلة " هاهي الأميرة نين ،
رافقتها فترة طويلة ، منذ أن كانت فسيلة ،
حتى صارت ، ما ترونه الآن نخلة "
أصوات بلابل وعصافير وحمام " وكما
أرادت أميرتي نين ، صارت ملاذاً للبلابل
والعصافير والحمام " يصمت منصتاً "
أسمع وقع أقدام شابة محبة ، فلأنسحب ،
وأترك لهما ما تريده نخلتي الحبيبة "
يتسلل إلى الخارج " .

 

                          يدخل شاب وشابة ، ويسيران

                           يداً بيد ، ويقفان تحت النخلة


                                  إظلام تدريجي

                                                          ستار


                                               11 / 8 / 2012 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق