تصنيفات مسرحية

الاثنين، 19 فبراير 2024

العرض الفلسطيني "بأم عيني 1948" لغنام غنام ‘’لماذا لم نهزمهم؟"

مجلة الفنون المسرحية 


العرض الفلسطيني "بأم عيني 1948" لغنام غنام ‘’لماذا لم نهزمهم؟"

دليلة مالك  _  المساء

قدّم الفنان الفلسطيني غنام غنام، أول أمس السبت، بالمتحف الوطني لسطيف، ضمن برنامج الدورة الثانية للأيام المسرحية العربية، عرضه المسرحي "بأم عيني 1948"، عن أحداث حقيقية جرت معه، لمّا سافر من عمان الأردنية إلى عكا الفلسطينية المحتلة، ليزور ابنتيه إيفان ورينا اللتين لم يرهما منذ سنوات، فيتحقق حلم اللقاء، بل تحقق أكثر من ذلك. 

جرت أحداث القصة في 2017، وكتبها غنام في 2018، وعُرضت في 2022، لأول مرة، في الأردن. وبدأت وكأنّه رهان؛ إذ يقوم قريبه "سمير" وصديقته "عبلة" بمساعدته لدخول الأراضي الفلسطينية المحتلة، ليروي عطش الشوق لابنتيه وأحفاده؛ في رحلة كادت أن تكون مروّعة، غير أن غنام وصل إلى وطنه بدون أن يرى هذا الاحتلال الظالم، الجاثم على قلوب الفلسطينيين.

لم ير بأم عينه الاحتلال؛ فالرجل مرّ على الحواجز العسكرية بصورة عادية، لكن رأى حياة الفلسطينيين خالصة صامدة، فضلا عن لقائه بابنتيه. وتجلى ذلك في كثير من المشاهد التي رواها الفنان، وهو يعبّر عن دهشته وفخره لمنظر بيت فلسطيني، كُتب على جداره: "بيتي ليس للبيع".

كما وصف بيت ابنته الذي شبّهه ببيت أمه، وقد شمّ عبقها في أرجائه. وقبل أن يصل إلى لبّ القصة، يخبرنا غنام أنه ليس هناك فلسطيني 1948، ولا فلسطيني 1967، ولا فلسطيني الشتات ولا المهجر، يوجد، فقط، فلسطيني فلسطين، داعيا إلى رفض تسميات التقسيم البشعة.

ولم يكسر غنام غنام، فقط، حواجز العلبة الإيطالية؛ فهو لا يليق بالعمل من حيث الشكل، بل كسر حواجز التفاعل مع الجمهور الذي أحاطه، ليضمّه مشاركا ومشاهدا للأحداث التي جرت له، فيخبرهم عن قصص أخرى، ويعطيهم معلومات ثانية؛ ما يجعل المتلقي في صورة تلك الوقائع.

وفي سرد رحلته المجنونة، استعان الفنان بوصف دقيق لحيثيات هذه الرحلة المقاومة. وقد استعان، كذلك، بالأغاني والأشعار مع كل محطة يحل فيها ضمن سفريته؛ ما أعطى العرض جمالية مميّزة، فضلا عن أن لياقته الجسدية سمحت بشَدّ الحاضرين لمتابعة أطوار القصة، فيتحرك في كل الاتجاهات، مجانبا الإزعاج، راويا الحكاية كما حدثت له.

وفي قصته، انتقل غنام غنام من مكان إلى مكان في مدينة عكا الفلسطينية المحتلة. وفي كل مكان يبرز لنا شخوصا أثرت في حياته، ومن كل الأجيال؛ كالسيدة "فخرية" التي تعرف كل حكايات المنطقة، والتي لا تخشى شيئا، إلى حفيدته ذات خمس سنوات التي تغني لمحمد عساف "أنا فلسطيني" في ظل الاحتلال الصهيوني، بتلقائية الأطفال البريئة، وهي ترفع شعار النصر بأناملها الصغيرة.

وفي كل محطة يقف عندها غنام وعقب كل حادثة يتساءل: "أين هو الاحتلال؟" . هذا السؤال الذي لازمه طيلة العرض، لينتهي العرض بسؤال أكبر: "لماذا هزمونا؟" ، ثم يستطرد: "لماذا لم نهزمهم؟"، موجّها هذه الأسئلة للحضور؛ عسى أن يجدوا الإجابة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق