مجلة الفنون المسرحية
داليا همام _ مسرحنا
العدد 857 صدر بتاريخ 29يناير2024
من خلال فعاليات مهرجان الاكتفاء الذاتي بجامعة بنها والذي أقيم في الفترة من 16 ديسمبر إلى 20 ديسمبر 2023 قدمت الكليات المختلفة داخل جامعة بنها 9 عروض مسرحية، تنوعت تلك العروض من حيث الأفكار والقضايا المقدمة هذا إلى جوار أن بعضها مؤلف من قبل الطلاب أنفسهم، وقد حصل عرض كلية الحقوق «رحلة حنظلة» تأليف سعد الله ونوس، إخراج محمد فاتح، على جائزة أفضل أول عرض، وأول إخراج، وأول تمثيل “جعفر” العرض يحقق الصورة الجمالية المنضبطة لعرض مسرحي لا يعتمد على الديكور أو عناصر العرض التي تتطلب دعما ماديا، وإنما كانت أدواته الأساسية هي الممثلون والحلول الإخراجية المبتكرة، اعتمد المخرج على أجساد الممثلين لعمل تكوينات تدعم من الصورة الكلية للمشهد الدرامي، وإذا كانت رحلة حنظلة من الغفلة إلى اليقظة تتطلب كل هذا الكم من الألم والتعلم والمعاناة للوصول إلى الوعي المكتمل بإنسانيته، فإن المتلقي عليه النظر لهذه الرحلة بوصفها نموذجا يمكن أن يستقي منه خبرة حياتية، ولأن الإنسان عليه دائما أن يعرف متى يمكنه الرفض وأن كلمة لا أحيانا تكون ضرورة وليست رفاهية، فعليه كإنسان وبشكل فعلي أن يتدرب على ذلك، فعدم الرفض قد يوصلك إلى أن تكون كما حالة حنظلة في أحد مراحل رحلته حينما تقبل كل شيء حتى الإهانة والخيانة دون محاولة البوح بكلمة لا والتي كانت ضرورة حينها، وفي النهاية لم ينقذه سوى البوح بكلمة لا.
قدمت كلية التربية عرض «سالب واحد» والذي حصل على جائزة أفضل ثاني عرض وهو من تأليف محمد عادل، وإخراج روان خلف، وقد حصل العرض على جائزة أفضل ثاني إخراج، وأفضل ثاني ممثل مناصفة “عمار ياسر” وأفضل ثالث ممثل مناصفة أحمد عصام، سالب واحد عرض يناقش قضية إنسانية هامة وهي كيفية تقبل المجتمع لذوي الهمم منذ ولادتهم، ويركز العرض بشكل أكثر خصوصية على كيفية استقبال الأب والأم للطفل وهم أقرب الناس إليه، وأنه ليس من السهل فهم كيفية التعامل مع طفل لا ينمو على المستوى العقلي، يثير العرض في المتلقي روح التعاطف مع الطفل والذي أصبح كبيرا على نفس الحالة وعلى الرغم من محاولات الأسرة التعامل معه إلا إنها كانت على الدوام تفشل في ذلك، يقدم العرض في نهايته حلم يعبر عن لوحة بها قدر من الأمل حتى يرى المتلقي كيف ستكون حياة هذا الطفل المتوحد إذا كانت الأجواء من حوله أكثر هدوء وفهما لطبيعة معاناته، ينبئ هذا العرض بمخرجة واعدة، وممثلين لديهم قدر واضح من الجدية والموهبة.
أما جائزة أفضل ثالث عرض لكلية تجارة العبور “لوحة بيرونايج” تأليف وإخراج أبانوب جمال، وقد حصل العرض على جائزة لجنة التحكيم الخاصة لأفضل أداء جماعي، أفضل أول ممثلة مايا المسلمي، وأفضل ثاني ممثلة سلمى أمير، يصور العرض ذلك الصراع الإنساني الداخلي بين الذات وما يحيط بها، ويركز العرض على المعنى الوجودي وذاتية الفنان، وكيف أن شخصية فينسنت الرسام في صراع دائم مع الذات ويظهر كل ما يدور بداخله على خشبة المسرح، فتتداخل الحكايات والصور ويتهشم العالم ثم يبنى من جديد ويعود مرة أخرى للتفتيت وهكذا على الدوام هدم وبناء إلى أن ينتحر فينسنت وتنتهي المسرحية بإنهيار الفنان وعالمه المحيط، وقدم فريق مسرح كلية آداب عرض “حلم باتريك” تأليف وإخراج مصطفي علوان، وقد حصل المخرج على أفضل ثالث إخراج مناصفة، العرض يتعامل مع الزمن بشكل يؤكد على وعي المخرج بأهمية الزمن وتأثيره، والنص على مستوى الكتابة محكم دراميا ولذلك حصل المخرج مؤلف النص على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في التأليف، ويعتمد العرض بشكل أساسي على التكرار وهو آلية زمنية فيعاد تقديم المشهد على خشبة المسرح وكأن المتلقي يراه من زوايا رؤية مختلفة فلا حقيقة مطلقة والتلاعب مع القدر يفضي إلى انهيار العالم.
وقدمت كلية التر
بية النوعية عرض “حرامية في السبتية” تأليف لينين الرملي، وإخراج أحمد عوني وقد حصل المخرج على جائزة أفضل ثالث إخراج مناصفة، وقدمت كلية التجارة عرض استغماية تأليف محمد خميس، وإخراج فاطمة مصطفى، وقدمت كلية الزراعة عرض «الناجي الوحيد» تأليف وإخراج كيرلس ميلاد، وقدمت كلية التربية الرياضية مسرحية» ميثاق مع الشيطان» عن نص ملحمة السراب لسعد الله ونوس، إخراج حسن عبد العال، وقدمت كلية هندسة شبرا اسكتش وكان أفضل ما فيه المغنية هيام محمد.
في مهرجان الاكتفاء الذاتي لجامعة بنها ثمة العديد من المواهب الإبداعية على جميع مستويات العرض المسرحي التمثيل والإخراج والديكور على الرغم من أن المهرجان ليس به دعم للديكور إلا أن الطلاب استطاعوا ابتكار أدواتهم الخاصة بخامات بسيطة أو بإستعارة وحدات من المكان المحيط تخدم دراما العرض وقد وفقوا في ذلك.
ومن الجدير بالذكر أن لجنة تحكيم مهرجان الاكتفاء الذاتي بجامعة بنها تكونت من أعضاء “مخرج عرض منتخب جامعة بنها أ.أحمد طارق، المخرج المنفذ لعرض منتخب جامعة بنها أ.لؤى سامي، رئيس لجنة التحكيم الناقدة الدكتورة داليا همام” وقد كانت تجربة مميزة بدرجة كبيرة فهي تثبت أن العنصر البشري هو الأهم دائما وبفضله يمكن أن تقدم عروض مسرحية جيدة دون الاعتماد بشكل كبير على الإمكانات المادية، وقد فضلت أن أكتب عن هذا المهرجان نظرا لأن تجربة مسرح الجامعات هي تجربة ثرية بدرجة كبيرة، وهذه التجربة كانت لن ترى النور إلا من خلال دعم الطلاب في إقامة المهرجان بموافقة ومساندة رئيس جامعة بنها أ.د. ناصر الجيزاوي، نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب أ.د. تامر سمير، منسق عام الأنشطة الطلابية أ.د. خالد عيسوي، مدير رعاية الشباب أ. إبراهيم عبد الله، مدير إدارة النشاط الفني أ. غادة إبراهيم، مشرف على نشاط المسرح بالجامعة أ. عزيز العناني ونتمنى أن تؤمن جميع الجامعات بأهمية الفنون بالنسبة للطلبة وتدعمها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق