الكاتب حيدر حسين |
مسرحبة (ضيف شرف) تأليف: حيدر حسين ناصر
الشخصيات:
الزوج
الزوجة
الأخ
المكان : ساحة بيت قديم .
المنظر الأول : شخصية (الزوج) فقط يمشي في فرع ضيق حتى يصل إلى باب بيت ما .
الزوج : مرة أخرى في المكان نفسه كأن الأمر حدث البارحة، اتذكر هذه الأزقة بدقة عجيبة، هنا كانت لي حياة أخرى، هذه الازقة الضيقة كانت ملاذاً كبيراً لنا نحن الهاربون من صرخات الأمهات وبكاء الآباء، الآباء؟ هذا ان كان هناك أباء(ينحني على التراب) وكأن عطور الكون اجتمعت في هذا التراب، وكيف لا يكون معطراً وقد داست عليه اقدام الأمهات, كلّ شيء تدوسه الأم يصبح مُعطراً ، آه.. آه. أيتها الأزقة كم أنت فارغة موحشة، أين ضجيج الباعة المتجولين؟ أين العاشقين الذين كانوا يفترشون الطرقات شوقاً للحبيبة التي ستتزوج ابن عمها في نهاية المطاف؟ أيتها الأزقة اخبريني أين رفاق اللعب؟ ... هل رجعوا؟ لماذا لا تردين عليّ؟ كم أنت حزينة أيتها الأزقة أنك اصبتِ بداء الفقد أيضاً .
(يلتفت يميناً وشمالاً يفتح الباب بطريقة ما ويدخل للبيت )
المنظر الثاني : بيت قديم فيه ساحة كبيرة الغرف تطل ابوابها على الساحة .
الزوج : أخيراً... أخيراً... آه.. آه ها أنا في بيتنا لا اعرف كم اشتاق لهذه الجدران اشتقت لك يا تنور أمي, اشتقت لكل شيء هنا، ساحة بيتنا يا عزيزتي لازلتِ كما أنتِ باردة, كم أخاف عليكِ من حرارة روحي المشتعلة، أين أنتم تعالوا الي تعالوا إلى حضن إبنكم العائد تعالوا أريد ان ارمي بروحي وقلبي كله بين أيديكم، كم أنا مجنون, الوقت في منتصف الليل لابد انهم يغطون في نوم عميق، ولكن ليس اعمق من شوقي لهم، لا اتحمل رؤية وجوههم وهم يروني أمام اعينهم، تحمل أيها القلب العائد ما هي إلا ساعات ويأتون إليك، سأحضنهم برموش العين، (يبكي) ماذا تريدين مني أيتها الدموع الحارقة، لا بكاء بعد اليوم ماذا أريد افضل من العودة إلى بيتنا، كم تأخر الصباح ، أصبح الوقت يمضي بكسل غريب كأنه يشبه الوقت الذي قضيته اسيرا عند العدو.....(يستمع) أسمعُ حركات اقدام أحدهم.
(تخرج شخصية الزوجة وهي تمشي و تتثاءب وتتحرك نحو مكان الماء, تغتسل ثم ترجع )
الزوجة : حلم غريب.. أتمنى ان يكون فأل خير .
الزوج : لا زلت على عادتكِ .
(الزوجة تهرب مسافة ابعد من الصوت )
الزوجة : من هناك ؟
الزوج: عاشق قد أوصله قطار الحب إلى محطته الأخيرة.
الزوجة : عاشق!! من أنت أيها الغريب؟
الزوج : غريب !!
الزوجة : أخرج من هنا و إلّا صرخت بأعلى صوتي .
الزوج: صوتك الوحيد الذي شاطرني غربتي .
الزوجة : قلت لك اخرج من هنا .
الزوج: كيف أخرج وأنا للتو دخلت الحياة الحقيقية .
الزوجة : لقد فهمت .
الزوج : ماذا فهمتِ يا معشوقتي .
الزوجة : لابد انك لص وتوقعت أن في بيتنا ما يستحق ان يُسرق .
الزوج : معشوقتي أتقولين عني لصاً؟
الزوجة : لا تقل هذه الكلمة، لص وعديم اخلاق أيضاً .
الزوج : من غير المعقول أن تكون هكذا كلماتنا بعد كلّ هذا الفراق .
الزوجة : أخر مرة اقولها لك أخرج من بيتي وإلا .....
الزوج : كنتِ دائماً تقولين بيتنا .
الزوجة (بعصبية) : لا شأن لك بماذا أقول قلت لك اخرج حالاً .
الزوج : كيف لي الخروج وأنا هنا في وطني أمام معشوقتي .
الزوجة : اتوسل إليك بالمروءة والشهامة التي تملكها لا تجعلني أصرخ فأنا امرأة لم يُسْمَع صوتي من قبل .
الزوج: كيف لا اعرف من عشقتها بالنظرات فقط ، ومنذ تلك اللحظة وعيناي صائمتان عن كلّ شيء .
الزوجة : يا إلهي ماذا افعل بهذا اللص المجنون .
الزوج : مجنونكِ هكذا كنتِ تسمينني وأنا بين يديكِ .
الزوجة : لابد أنك تقصد امرأة أخرى، فأنا لا أعرفك ولا أعرف عن ماذا تتحدث ؟
(بخطوات صغيرة يتقدم نحو الزوجة )
الزوج: والآن أيضاً لازلتِ لا تعرفيني ؟
الزوجة: هذا مستحيل .
الزوج: أنا الذي فعل المستحيل حتى أصل إليك يا حبيبتي .
الزوجة: نعم هذا صوته وهذه نبرته، ولكن ربّما أنت لص تشبه شخصاً اعرفه.
الزوج: اقسم لكِ اني هو، أنا هو زوجكِ .
الزوجة : وكيف أعرف أنك أنت هو ؟
الزوج : كيف أثبت لكِ وأنا جئت اليكِ فارغاً من كلّ شيء وممتلئاً بحبي وشوقي لكِ .
الزوجة: كلّ شيء فيك يقول أنك هو ولكن قل لي شيئاً يقتل هذا الشك الذي سيقتلني .
الزوج : اتذكرين ليلة زفافنا عند أول قبلة انطفأت الكهرباء وأخذنا نضحك، حتى قلتِ ليلتها أنها بداية غير موفقة، وأنا قلت لكِ ان وجهكِ يضيء مدينة بأكملها.
الزوجة: يا ويلي أنه أنت، أي والله هذه كلماتنا، ولكن كيف أتيت إلى هنا ؟
الزوج: وأين يجب أن أكون ؟
الزوجة (تضرب على وجهها): استيقظي هيا استيقظي من هذا الكابوس، ارجوك قل لي أن هذا مجرد حلم ليس إلا، أرجوك أتوسل إليك.
الزوج: لا زالت الكوابيس تخيفكِ، أتذكر عندما تأتين وتنامين على صدري وأنتِ خائفة من الكوابيس، كبرتِ وكبر الخوف معكِ يا زوجتي .
الزوجة (تبكي) : أي إمتحان هذا الذي وضعتني فيه يا الله.
الزوج: تقصدين بالإمتحان هل احضنه أم اقبله أم اشمه، لا تفعلي شيئاً أنا من سيفعل كلّ هذا فقط تعالي إلي.
الزوجة : وبأي صفة اتقرب إليك ؟
الزوج : بصفتكِ زوجتي وأنا زوجكِ هل نسيتِ انكِ متزوجة ؟
الزوجة : لم أنسَ ولكن .....
الزوج : ولكن ماذا (يقترب منها) يا زوجتي ايعقل ان يكون هذا استقبالكِ لي.... .
الزوجة (بغضب) : ابتعد عني (تبكي) ابتعد, يا إلهي ماذا افعل بهذه المصيبة التي أنا فيها؟
الزوج : أنا اتفهم شعوركِ جيداً أعرف أن رجوعي مفاجأة لكِ، وحتى هيأتي وشكلي مخيفة كأني أحد متشردي الشوارع، ولكن كلّ هذا يقضي عليه حمام دافئ، ولكن الحمام سيكون اجمل أذا كنا أنا وانتِ فيه .
الزوجة : قلت لكَ ابتعد عني أَلا تستحي كيف لكَ ان تتكلم معي هكذا ؟
الزوج: كيف استحي منكِ وأنتِ كُلّ كُلي، كلّ شيء فيَّ يناديكِ يصرخ باسمك قلبي وروحي وجسدي ومشاعري .
الزوجة : كُنتُ هكذا ولكن الآن.... .
الزوج: اقسم ان هذه الليلة ستفرح بها حتى وحوش الأرض بلقاء الحبيب بحبيبته العاشق بمعشوقته ، الزوج بزوجته .
الزوجة : أرجوك حاول ان تقدر الموقف الذي أنا فيه .
الزوج : وأنتِ قدرّي شعور زوج عاد بعد عشر سنوات من الأسر .
الزوجة : ألا لعنة الله على من وضع أساس الحرب وبنىٰ عليه هذا البنيان، قتلى وجرحى ومُغيبين ومقابر جماعية ومجانين واسرى, هكذا هي نتيجة الحروب، حروب لا يوجد فيها غير القتلى، تكثر القتلى وبالمقابل تكثر نياشين الشجاعة والشرف على صدور القادة .
الزوج : أسير عاد إلى وطن حضنكِ .
الزوجة : آه.. آه.. آه على هذا الحضن والصدر كم تحمل اللطم والضرب والحسرة، آه على هذه الصدور التي برد فيها الشوق والحنين حتى اصبحت خربة ، خربة لا يوجد فيها إلا موسيقى غريبة موحشة يعزفها هواء قديم لشخص كان ذات يوم هنا .
الزوج : رجعت اقسم لكِ أني هنا وأمامكِ، ماذا افعل وتصدقين هذا؟
الزوجة: اذا كنت حقا موجوداً هنا، فأنا إما سأُجن أو أقتل نفسي .
الزوج : حقاً لا اعرف لِمَ تقولين هذا !! .
الزوجة: لا اعرف ماذا يحصل هنا يا الهي رحمتك.
الزوج : رحمة الله هي التي جمعتنا هنا أمام بعضنا البعض .
الزوجة : يا ربي ماذا فعلت حتى تفعل بي هكذا، ألم تشفع عندك صلواتي ودعائي، ايعقل باب رحمتك الواسع لم يرأف بي؟ أي عقاب تعاقبني به يا ربّ .
الزوج : تقولين عن قدومي عقاباً، ماذا فعلت لكِ غير أني احببتكِ بصدق.
الزوجة: اقسم بالله وأنا أيضاً ...
الزوج : وانتِ ماذا ؟
الزوجة : لا أستطيع نطقها لا أستطيع .
الزوج : كيف بزوجة لا تستطيع قول أحبك لزوجها .
الزوجة : اخبرتك أني لا أستطيع .
الزوج : لماذا هل أصبحت حراماً ؟.
الزوجة : أي حرام .
الزوج: لا تحرمي ما أحلَّه ربّ الغرام .
الزوجة (تبكي): لماذا لم تبقَ هناك، لماذا رجعت إلى هنا .
الزوج : لا اصدق ما اسمع، انتِ تقولين هذا، يا حسرتي أمام ما جمعته لكِ من شوق وحنين، أتعرفين كم مرة عشت هذه اللحظة تخيلتها بكل الطرق ولكن لم اتخيل ان تكون ردة فعلكِ على رؤيتي هكذا.
الزوجة : عندما عادَ كلّ الجنود وأنت لم تعد بكيت...بكيت كثيراً، وقررت ان انتظر فانتظرت وانتظرت. انتظرتك في كلّ مكان، نذرت لك كلّ النذور ولم تأتِ بك، رسمت لك بالحناء طريقاً طويلاً من الحنين والشوق ولم تأتِ، حتى حسمت و قررت قراراً لا رجعت فيه.
الزوج : ماذا كان هذا القرار ؟
الزوجة : قررت أن اقتنع أنك مُتَّ، لا اقصد الحرب بل في روحي، نعم مت وحفرت لك قبراً في اعماق روحي ودفنتك هناك، ولكن بعد كلّ هذا الغياب والموت وهذه السنوات، ها انتَ بكلّ بساطة تقف أمامي وتقول تعالي إلى حضني، انتَ لا تعرف شيئاً لا تعرف شيئاً.
الزوج : ما الذي لا أعرفه غير ان زوجتي لا ترغب بعودتي بعد كلّ هذه السنوات .
الزوجة: لا اقصد عدم رغبتي بعودتك فهذا بيتك بالأساس .
الزوج : وانتِ زوجتي والكلّ يشهد على هذا .
الزوجة : اخ .. اخ .. اتعرف شعور من يحاول ان يقول ولكن يسكت، ان تقف الكلمة في بلعومك اقسم لو شربت ماء الكون كله لن تنزل هذه الكلمة.
الزوج : ما الذي يمنعك من ان تقوليها ؟
الزوجة : انت قل ماذا افعل بنفسي ؟
الزوج: لا تفعلي أنا الذي سيفعل .
الزوجة (تبكي): ارجوك لا تفعل شيء متهوراً .
الزوج (يصرخ): يا أيها الناس أيها النائمون أنا عدت. الزوج قد عاد إلى زوجته حبيبته إلى معشوقته .
الزوجة (تلطم وتبكي): اتوسل إليك أخفض صوتك ، أُقبل اقدامك اسكت ... اسكت .
(تدخل شخصية الأخ وهو مفزوعاً من الصوت يقف أمام الزوج و الزوجة).
الأخ: ما هذا الصوت؟ لماذا تصرخين ؟
الزوجة : لست أنا .
الأخ: أذن لابد انه صوت جارنا المزعج الذي لا يكف عن الصراخ .
الزوج : أنا من صرخ .
الأخ: من أنت وماذا تفعل في بيتنا في هذا الوقت، هاااا لابد أنك لص .
الزوج : لست لصاً .
الاخ: شخص غريب في بيتي ماذا تكون غير لص، أخرج من بيتي وإلا اتصلت بالشرطة .
الزوج : أنا أخوك .
الاخ : لابد أن موضوع الشرطة جعلك تهذي من الخوف .
الزوج : قلت لك أنني أخوك .
الأخ: ليس لديّ سوى أخاً وأحداً مات في الحرب منذ زمن .
الزوج : لم أمت في الحرب بل كنت في الأسر.
الأخ (بصدمة): كيف يمكن هذا، أحقاً أنت هو ؟
الزوج : نعم أخوك بشحمه ولحمه .
الاخ(ينظر للزوجه): هل حقاً أنه هو أم أني أحلم ؟
الزوجة: أنه هنا بالفعل، أخوك قد عاد من الأسر .
الزوج : كم إشتقت لكم يا أخي اشتقت لكم جميعكم، أين أمي هل لا زالت نائمة... أمي ... أمي أين أنتِ ولدك قد عاد ، هيا قول لي في أي غرفة نائمة أريد ان ألقي بنفسي في حضنها .
الأخ: أمك في مكان بعيدٍ من هنا .
الزوج : هل هي مسافرة؟ كم تمنيت ان أرى وجهها وأنا اقف امامها بعد كلّ هذه السنوات، ولكن أمي أعرفها جيداً ستختصر الموضوع بالبكاء، كم اشتاق لعطركِ يا أمي .
الزوجة : ليس الأمر هكذا .
الأخ: امك في سفر لا رجعة فيه .
الزوج: ماذا تقصد ؟
الاخ: ماتت امنا بعدك بسنة لم تتحمل فراقك .
الزوج(يبكي): آه...آه..آه كيف لك يا قلبي ان لا تشعر بفقد وتينك، كيف لهذا القلب ان يستمر بالنبض طيلة هذه المدة، كيف للتراب ان يغطي الجنة كيف؟؟ آه يا أمي كيف للتراب ان يغطي الشمس، أمي كنت أُسبح باسمكِ بعد كلّ صلاة، كنت عندما اسالك أمي كلّ اصدقائي لديهم اباء إلا أنا ،كنت تقولين أنا امك وأبيك، كيف للولد ان يعيش في دنيا هكذا من دون أم.
الأخ: لابد أنك جائع أم تريد ان تدخل الحمام .
الزوجة : دقائق ويكون الأكل على المائدة.
الأخ: بأسرع وقت يا زوجتي .
الزوجة (تهم بالمغادرة): حسناً.
الزوج : لحظة وأحدة .
الأخ: ماذا هناك ؟.
الزوج : ماذا قلت لها ؟
الأخ: ان تعد الأكل بأسرع وقت .
الزوج: كلا ليست هذه، هل ناديتها بزوجتي ؟
الزوجة (تبكي): صمت .
الاخ : اجلس قليلاً فانت متعب من السفر، وكلّ شي سيكون على ما يرام .
الزوج: ما الذي تقصده بكلامك، ولماذا زوجتي تبكي ؟
الأخ (بعصبية): قلت لكِ اذهبي وجهزي الأكل .
الزوج: لحظة وأحدة توقفي عندك، لماذا تصرخ على زوجتي هكذا.
الاخ: لأنك جائع وهي .... .
الزوج: أخر مرة اسمعك تصرخ بزوجتي هكذا هل فهمت، تعالي إلى هنا .
(تمشي الزوجة وهي متوترة حتى تجلس قرب الزوج ) .
الزوج(يضع يده على شعرها): بعد أمي هذه اغلى ما أملك في هذه الدنيا.... .
الأخ(بعصبية) : أبعد يدك عنها .
الزوج: ماذا ؟
الأخ: اقصد احترم وجودي فأنا لازلت موجوداً .
الزوج: حتى وان كنت موجودا فأنا مشتاق لمعشوقتي(يحاول ان يقبلها ) .
الاخ (يسحبها من يدها ): أياك أن تحاول لمسها مرة أخرى.
الزوج(بعصبية): ماذا تفعل يا أخي اتمنعني من زوجتي ؟
الأخ: ليست زوجتك بل زوجتي أنا .
الزوج : مقلبك أصبح قديماً حاول ان تفكر بمقالب أخرى، هيا اتركنا وحدنا أنا وزوجتي (يسحب يد الزوجة ) .
الأخ: قلت لك اترك يدها .
الزوج: ماذا جرى لك هل جننت؟
الاخ : لا مجنون هنا سواك ، ما الذي جاء بك بعد كلّ هذه السنوات؟
الزوج: احقاً ما تقول ؟.
الأخ: نعم كان عليك ان تموت في تلك الحرب .
الزوج: لماذا عليّ ان أموت دائماً، إلا يحق لي العيش ولو لمرة واحدة .
الاخ: عش كما تشاء ولكن بعيداً من هنا .
الزوج: لابد ان السنين قد غيرتك أنت الآخر، حسناً ان كان وجودي هنا يزعجك، فأنا سوف اريحك من شخصين، هيا يا عزيزتي دعينا نذهب من هنا .
الأخ: أنت وحدك من سيغادر هذا البيت .
الزوج: ولكن هذه زوجتي يجب تذهب معي اينما أذهب.
الأخ: قلت لك أنها زوجتي أنا .
الزوج : ههههههه وكيف اصبحت زوجتك وهي زوجتي أصلا.
الأخ: بل زوجتي أنا ألا تفهم .
الزوج : كيف تتزوج من امرأة متزوجة، وليست أي امرأة، زوجة اخيك!
الأخ: وأين المانع؟ امرأة أرملة وحيدة زوجها قد مات في الحرب .
الزوج : ولكني لم أمت، ها أنا اقف امامك و أمام زوجتي .
الأخ: لا تقل هذه الكلمة وإلا قضيت عليك .
الزوج : أي مهزلة هذه؟ زوجة متزوجة من اخوين .
الأخ : متزوجة من زوج وأحد فقط وهو أنا .
الزوج : وأنا؟
الأخ: أنت كنت زوجها، ولكن مت في تلك الحرب .
الزوج : كيف مت وأنا هنا الآن؟
الأخ: عندما ذهبت كلّ شيء لك هنا قد أخذ التراب يأكله حتى وصل إلى هذه المرأة الوحيدة، امرأة شابة تنتظر عائباً لن يأتي، امرأة جميلة قد تكون لقمة سائغة لكلّ من هب ودب، امرأة ارملة وحيدة قد يراها البعض سهلة المنال، ولكن أنا قررت ان احافظ على أخر شيء بقي منك وهي زوجتك.
الزوج : وبدل ان تحميها تزوجتها ؟
الأخ: هذا ما فعلته بالضبط.
الزوج : شكراً لكَ على حفاظك على زوجتي طيلة هذه السنوات ؟
الأخ: ماذا تقصد بكلامك ؟
الزوج: اقصد بما أني رجعت فانت تعرف ماذا عليك ان تفعل ؟
الأخ: افعل ماذا ؟
الزوج : ان تطلقها حتى يرجع الحق لصاحبه .
الأخ: لابد انك تمزح، اتريد مني ان اطلق زوجتي ؟
الزوج : نعم تطلق زوجت.... استغفر الله اقصد تطلق زوجتي التي هي زوجتك الآن.
الأخ: ولكني لا اريد هذا .
الزوج : كيف تسمح لنفسك ان تعيش مع امرأة متزوجة ؟
الأخ: أمر طبيعي ان اعيش مع امرأة متزوجة لأنها زوجتي أنا .
الزوج : أنا اقصد أنها زوجتي أنا أولاً .
الأخ: عندما تزوجتها كانت ارملة .
الزوج : كيف تكون ارملة وأنا لم أمت ؟
الأخ: وأين كنت كل هذا السنوات؟ ولماذا لم ترجع ؟
الزوج : اقسم بما تعبدون كنت في سجن اقسى من هذا الموقف الذي أنا فيه، أي مهزلة هذه زوجتي لا اعلم هل هي زوجتي ام لا، واخي لا اعرف بماذا أناديه، هل اناديه أخي ام زوج زوجتي .
الأخ: كان عليك ان تخبرنا أنك لازلت حياً .
الزوج : كنت اعتقد ان الموت كان هناك في الحرب والسجن، ولكني عرفت الموت الآن. الموت عندما تموت في قلب من تحب هذا هو الموت بعينه .
(تقف قاطعة كلام الزوج تمشي في كلّ زاوية من ساحة البيت كأنها لا ترى أي شيء من حولها، تذهب نحو الزوج وترجع ثم تذهب نحو الاخ وترجع، تقف في منتصف ساحة البيت)
الزوجة : أنت تقول أنها زوجتي وأنت تقول زوجتي، ولكن لماذا لم تسألني أنا زوجة من؟ كلّ هذا الجدال لم يسألني أي منكما عن رأيي .
الأخ: اسكتِ لا دخل لكِ بهذا الجدال .
الزوج : لا يحق لك ان تقول لها أسكتِ .
الأخ: أنا زوجها وهذا حقي .
الزوج : وزوجتي أيضاً.
الزوجة : ارجوكما توقفا، قلبي وعقلي لا يحتملان كلّ هذا .
الزوج : فداكِ قلبي يا معشوقتي .
الأخ: اياك وان تتغزل بها مرة أخرى.
الزوجة : يكفي لم أعد أحتمل هذا، أنت تجر طولاً والآخر عرضاً، أنتما لا تشعران بما اشعر، اخوان يتقاتلان من أجل امرأة، تبا لهذه المرأة التي اصبحت لعنة بلّ جاءت بشيء لم يذكره أحد من قبل .
الاخ : كلّ هذا بسبب هذا المجنون .
الزوج : الجنون ما فعلته أنت .
الأخ: وأين كنت أنت وهذه المرأة يأخذها الليل ويرجعها النهار وهي تنتظرك عند هذا الباب، أين كنت أنت وأنا أسهر الليالي على مواساتها، نذرت كلّ شبابي من اجلها اتعرف معنى ان تتزوج و روحك لا زالت تريد ان تلعب وتلهو وتقفز، كم تمنيت ان أُحبَ وأحُب اتعرف شعور شاب لم يكتب رسالة حب قط اتشعر بما اقول، كلّ هذا من أجل ان احافظ على زوجة أخي، وتريد الآن ان اتركها لك!!.
الزوج : تعاقبوني على حرب لم اشعل فتيلها، تعاقبوني على الصدفة التي جعلت من عمري مطابقاً لنزوات وأهواء حاكمٍ ذو عقلٍ طفولي، اتعرف شعور ان ترى اشلاء رفاقك موزعة في كلّ مكان، ملت اصابعي هذه من اغماض عيون القتلى، وعلى الرغم من كلّ هذا وأنا أفكر بكم، أفكر بمعشوقتي التي عشت معها شهراً واحداً بالواقع وعشر سنوات في الخيال .
الزوجة : وأنا كيف سأتحمل نظرة المجتمع لي، ترى هل يروني خائنة أم امرأة تبحث عن حضن يلمها فقط، هل سيقولون أن امرأة جمعت بين اخوين، الذين في الخارج لا يعرفون ولا يرحمون، حتى لو لم استمع لكلامهم ولكن عندما أريد ان ابكي لمن اذهب للذي عشقته وأحببته وتزوجته أم الذي ترك كلّ شيء من اجلي، كيف لي ان اعيش بشخصيتين، أنتما كلّ منكم يريدني له ما الحل، ما الحل قبل ان أجن، الذي يحدث هنا لم يذكر في أي دين او شريعة او مُعتقد، أتريدان ان تخترعا ديناً على مقاسكما .
الزوج : الدين والمجتمع وروحي وقلبي وكلّ شيء يقول انكِ زوجتي .
الأخ: أنت مدان أمام كلّ شيء ذكرته .
الزوج : ولماذا ادان ؟
الأخ: لأنك رجعت، يا أخي لماذا لا تخرج من هنا وكأن شيئاً لم يحدث .
الزوج : وأنتما أيضا تريدان ان تسجناني بحياة ليست لي .
الزوجة : حتى لو خرج من هنا، ماذا نقول لأنفسنا هل كان حلماً؟ أم هو خيال ؟
الأخ: هناك دائمأ احتمالاً نخاف منه ان يتحقق، والعقل قد قصَّ علينا هذا الإحتمال .
الزوج : اقسم أني سأفعل أي شيء حتى اعيد زوجتي .
الأخ: كلّ الاوراق الثبوتية والقانونية تقول أنها زوجتي.
الزوجة : كلّ كلمة منكما كأنها فأس تحطم جزءاً مني، أي قلب يتحمل ان يرى ويسكت، و أي قلب يصبر وهو يريد أن يقذف نفسه في حضن زوج صبر وتحمل كلّ شيء من اجلي، ماذا افعل بهذا القلب الذي يريد ان ينفعل ولكن يخاف ان يجرح قلباً أخر، هربت من وحوش يمكنهم ان يغتصبونني بالنظرات قبل كلّ شيء، اخترت أخر العلاجات فكان زواجا للأمان فقط، أما أذا خيرتماني بينكما .
الأخ: بالتأكيد ستختارني أنا.
الزوج: أقسم أن القلب سيقول الحقيقة .
(تخرج الزوجة دقائق ثم ترجع حاملة معها بندقية وترفعها بوجه كلّ من الزوج والأخ)
الأخ: أحسنتِ صنعاً يا زوجتي نعم إقتلي هذا الذي يريد ان يدمر حياتنا .
الزوج: بلّ هو من يستحق القتل، اقتليه يا زوجتي حتى نرجع لعشقنا القديم إلا تذكرين .
الزوجة : اسكتا لا اريد صوتاً وحداً، أي حياة هذه التي نعيشها, حياة دينها الخوف، خوف من العنوسة خوف من الإنفصال خوف من ان تجلس وتمشي وحدك خوف من العيون، خوف من القلوب، خوف من الأجساد خوف حتى من الأزواج، لا اتحمل ان أعيش في هذا الخوف .
الأخ: اعطني البندقية وأنا اقتله بدلا عنكِ .
الزوج: معشوقتي وزوجتي أعرف أنها ستختارني .
الاخ: زوجتي أنا .
الزوج : أنها زوجتي .
الزوجة : توقفا.... اسكتا... لا اريد أي أحدٍ منكما (تطلق النار على كلّ من الزوج والأخ يسقطان معاً )
الزوجة (تضحك): ها انا ارملة من جديد، ولكن ارملة من اي زوج؟ الزوج الأول أم الثاني لا يهم .
(تضع البندقية في فمها وتطلق النار )
سِتار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق