تصنيفات مسرحية

الأربعاء، 6 نوفمبر 2024

أثر مسرحة المناهج في تطوير العملية التعليمية التعلمية داخل السياق الجامعي

مجلة الفنون المسرحية



أثر مسرحة المناهج في تطوير العملية التعليمية التعلمية داخل السياق الجامعي

(المسرح التعليمي في الجامعة المغربية في ضوء مستجدات المنظومة التربوية)

حسنية بلحمين - كلية الآداب والعلوم الإنسانية الرباط

الكاتبة حسنية بلحمين 

إن المسرح التعليمي هو نظام من المعارف والمعلومات ثنائية المصدر مستوحاة من إطارين نظريين متكاملين هما المسرح والتعليم. ووظيفته التعليم والتثقيف وتهذيب سلوك المتعلمين، ونقل المعرفة والمفاهيم والقيم من خلال عروض مسرحية تستثمر عناصر مسرحية متنوعة مثل الأداء الحي، والمسرحيات، والألعاب المسرحية، والموسيقى، والرقص، والديكور. تجعل منه أداة جديدة وفعالة توفر للطلبة أرضية خصبة للتربية والتعليم عمودها التشويق والتفاعل. ويعرف أحمد بلخيري المسرح التعليمي بأنه "كل مسرح يسعى نحو تعليم جمهور عن طريق دعوته إلى التفكير في مشكل أو وضعية أو اتخاد موقف أخلاقي أو سياسي".

ويتخذ المسرح التعليمي من القصص والسيناريوهات وسيلة للتعليم والتوعية في مجالات مختلفة مثل العلوم، والتاريخ، والأدب، والثقافة، والبيئة، والقيم الاجتماعية. ويستخدم في جميع المراحل التعليمية ومع جميع الفئات العمرية، بشكل يراعي خصوصية كل فئة ونوع الأهداف والكفايات المراد تحقيقها من الدرس التعليمي.

والمسرح التعليمي قديم قدم المصطلح نفسه، فالأساطير والملاحم دونت في شكل نصوص تعليمية " تهدف لتربية المواطن الصالح وتلقين مبادئ الدين المسيحي ونشر تعاليمه، ليزهر بعد ذلك الاهتمام بالقضايا الاجتماعية والسياسية".

ومن فوائد المسرح التعليمي أنه يساهم في زيادة الاهتمام والفضول لدى الطلاب، وتعزيز التفاعل والتعلم النشط، وبناء الثقة بين جميع أطراف العملية التعليمية التعلمية. وتحفيزهم لاستقبال المعلومات بشكل أفضل وأسرع من الطرق التقليدية التي تعود عليها الطلاب. فالمسرح التعليمي يتيح للمتعلمين تجربة التعلم بشكل جديد وممتع، حيث يتم تضمين العناصر العاطفية والجسدية والحسية في عملية التعلم.

 في هذا السياق يحدد بروتولد بريشت "التعليمية في المسرح بما تحققه من أهداف بالموازاة مع التسلية والتذوق، فينطلق من التساؤل حول هدف المسرح في تحقيق الإمتاع والتعليم".

إن التقنيات المسرحية والدرامية الموظفة في إطار تعليم المواد الدراسية، ومنها؛ النص المسرحي، والشخصيات والإخراج، والعرض المسرحي، والتمثيل، والتصميم المسرحي، والفضاء المسرحي، وتاريخ المسرح، تربط بينها علاقة تكامل وانسجام حيث تكون مجتمعة تجربة فنية موحدة؛ فالنص المسرحي، وهو المنطلق الأساس في المسرح التعليمي، يحتوي على مشاهد حوارية تقدم المحتوى الدراسي بشكل مبتكر عبر الشخصيات التي يجسدها الطلاب على شكل أدوار يحددها النص المسرحي لها صلة بالموضوع الدراسي المعروض. وتعكس هذه الشخصيات تجارب الحياة الواقعية وتساعد على توصيل المفاهيم والمعلومات بشكل ملموس يثير أحاسيس المتعلمين ويحركها. ويتعلق الإخراج بتنظيم وتنسيق العروض المسرحية التعليمية، كاختيار النص المناسب وتوجيه الأداء وتنظيم المشاهد والحركات على المسرح. أي أن الإخراج هو الذي يسير ويوجه الممثلين. والتمثيل هو أداء الطلاب للشخصيات النصية وتجسيدها على المسرح. ويتطلب هذا الأداء فهمًا عميقًا للشخصيات وقدرة كافية على توصيل الأفكار والمشاعر بشكل واضح ومؤثر. ويشمل التمثيل تدريس تقنيات التمثيل المختلفة، مثل التعبير الجسدي، والتحكم في الصوت واللهجات، وتحليل الشخصيات، حيث يتعلم من خلاله الطلاب كيفية استخدام الجسد والصوت والعواطف لتجسيد شخصيات مختلفة وتوصيل الرسالة المطلوبة.

وأما الفضاء المسرحي فهو الحيز الزمكاني الذي يقدم داخله العرض المسرحي، وهو جزء أساس في المسرح التعليمي، حيث دونه لا يمكن نجاح العرض أو العمل التمثيلي. ويشترط فيه أن يكون مناسبا لأهداف الدرس التعليمي، ويراعي شروط توصيل الرسالة التعليمية (مثل غياب الضوضاء، إضاءة مناسبة للموقف التواصلي، ديكور وأثاث مناسبين للموضوع التعليمي.. الخ). إضافة إلى كتابة السيناريو؛ حيث يتعلم الطلاب كيفية كتابة سيناريو مسرحي، بدءًا من تطوير الفكرة الأولية وصولًا إلى كتابة النص النهائي.

كما يتعلمون أيضا كيفية تصميم المسرحيات واختيار الديكورات والإضاءة والملابس والمكياج والمؤثرات الصوتية وغيرها، وذلك لإنشاء أجواء ومظاهر تدعم قصة المسرحية وتعزز الأداء بشكل بصري وسمعي جذاب. ويتعرفون على تطور المسرح عبر التاريخ ويدرسون الأعمال المسرحية الكلاسيكية والمعاصرة، وكيفية تحليل المسرحيات التاريخية وفهم سياقها الاجتماعي والثقافي. إضافة إلى تعلمهم طرق تنظيم العروض المسرحية والتخطيط لها والإشراف على العملية الإنتاجية بأكملها؛ كأن يتعلم الطلاب كيفية التعامل مع الميزانية والإدارة الفنية والتسويق والترويج للعروض.

لقد اعترفت أساليب التربية الحديثة بالدور الفعال الذي يقوم به الفن في خدمة التعليم، وفرضت على المدرسين التحلي بالروح الفنية والجمالية وإسقاطها على استراتيجيات دروسهم لإشراك المتعلم بصفة محورية في اختيار الطريقة التي يتلقى بها مادته التعليمية بحيث يكون قطبا فاعلا في عملية التعلم وليس فقط مجرد مستقبل سلبي لها، " بل العمل التربوي من خلال الفن المسرحي يسهم في تحقيق الأهداف التي تعتمدها فلسفة التربية".

  1. المسرح التعليمي في السلك الجامعي:

يعتبر المسرح وسيلة فعّالة وقوية في تطوير مستوى التعليم والتعلم، حيث يمكن أن يكون له دور هام في تعزيز المهارات الأكاديمية والاجتماعية والإبداعية للطلاب، ويقدم فرصة للطلاب لتنمية مهارات الاتصال والتواصل اللفظي وغير اللفظي، كما يقدم لهم فرصة للتفكير الابتكاري وإيجاد حلول فريدة للمشاكل والتحديات التي يواجهونها. ويشجعهم على استكشاف أفكار جديدة، مما يساعدهم على توسيع آفاقهم وتنمية قدراتهم الإبداعية بشكل أفضل. ويمكن أن يسهم المسرح في تحسين مهارات العرض العامة للطلاب ومواجهة الجمهور؛ فعندما يقف الطلاب على خشبة المسرح ويؤدون أدوارهم، يتعلمون كيفية التحكم في أعصابهم والتعبير بثقة عن أنفسهم أمام الآخرين. يمكن لهذه التجربة أن تعزز شعور الطلاب بالانتماء والثقة في قدراتهم، مما ينعكس إيجابيًا على أدائهم العام داخل الفصل الدراسي وخارجه.

 وبهذا جاز لنا القول أن المسرح يلعب دورًا حيويًا في منظومة التربية والتعليم، حيث يعزز المهارات الاجتماعية والإبداعية والاتصالية والتواصلية للطلاب، ويوفر لهم بيئة آمنة للتعبير الفني والتجريب، مما يعمل على تعزيز التعلم الشامل وتطوير مهارات الطلاب في مختلف المجالات. 

"إن المسرح (المدرسي) " أصبح جزءا لا يتجزأ من المدرسة وركيزة أساسية في الخطط التربوية التي يعدها المعلمون قبل تقديم دروسهم، اتباعا لمتطلبات أساليب التربية الحديثة، التي تعتبر الفن وسيلة لبناء التعلمات المعرفية بعيدا عن الأساليب النمطية التي تقدم المادة المعرفية الدراسية في شكل جاهز دون أن يتفاعل المتعلم معها".

لذلك سيكون من الجيد تفعيل دور المسرح في الجامعة، واعتباره من المواد الأساسية التي تساعد الطلاب على تطوير مهاراتهم الحياتية والذاتية التي تعد من الوحدات التكميلية الرئيسية التي يجب على الطلاب استيفاءها لنيل شهادة الباشلار وفق النظام التعليمي الجامعي الجديد. سيكون المسرح بهذا المفهوم فرصة مهمة للطلاب لاستثمار مواهبهم وتعلماتهم وممارستها بشكل فعلي ومباشر، حتى لا تظل هده التعلمات مجرد فلسفة غير نفعية. فالمعرفة النظرية مهمة للغاية ولكن بقاؤها على الرف سوف يفقدها قيمتها. هنا يأتي دور الأعمال المسرحية التطبيقية والورشات والعروض العملية في تحويل هذه التعلمات إلى ساحة الإنجاز وجعلها ممارسة فعلية. حيث "ستضحي الغرفة الصفية عند استخدام الدراما والمسرح عبارة عن مجتمع صغير تسوده أجواء المحبة والتعاون، ومعملا حيا للتفكير والكشف والتجريب والإبداع". بهذا المعنى يعد المسرح حلقة وصل بين الكائن في واقع الطلبة التعليمي وبين الممكن أي ما سيواجهه الطلبة غدا في قلب الحياة المهنية والمجتمعية.

إن تدريس المسرح يقتضي تلقين المتعلمين فنون المسرح وتنمية قدراتهم في هذا المجال بما في ذلك التواصل، والتعاون، والإبداع، والتفكير النقدي استعدادا لمهن الغد والاندماج مع المجتمع ومتطلبات سوق الشغل. "فالمسرح يتحول لوسيلة تعليمية وتربوية أكثر من كونه غاية أدبية أو فنية، ومن هدا المنطلق لا يطلب من مسرح هذه المرحلة تخريج ممثلين.... وإنما المطلوب هو توظيف المسرح في العملية التعليمية من أجل تنمية قدرات وإمكانات الطفل".

ويشمل تدريس المسرح، أيضا، تدريب الطلاب على تقنيات تواصلية تعبيرية أساسية، هي:

  • الصوت والكلام: يشمل التركيز على النطق السليم، والإيقاع والتنغيم، والتنفس الصحيح، واستخدام الصوت بشكل فعال للتعبير عن المشاعر والآراء الشخصية.

  • الجسد والحركة: يتعلم الطلبة كيفية استخدام الجسم بشكل ملائم لتجسيد شخصياتهم وتوصيل الرسائل الجسدية بوضوح. ويشمل ذلك دراسة الايقاع والتناغم في الحركة والموقف الجسدي واستخدام المساحة المسرحية بشكل فعال.

  • التعبير العاطفي: يتدرب الطلبة على تجسيد المشاعر والعواطف المختلفة بشكل صحيح. ويتعلمون كيفية تحليل الشخصية المخاطبة وتفسير المشاعر المختلفة وتوجيهها نحو الجمهور.

  • التفاعل والتأثير: يتعلم الطلبة كيفية التفاعل مع زملائهم الممثلين على المسرح واستجابتهم بشكل طبيعي للمواقف والحوارات. ويشمل ذلك تطوير التركيز والانصات والتفاعل المباشر مع الآخرين.

  • الإبداع والتأليف: يشجع تلقين المسرح الطلبة على التفكير الإبداعي والمشاركة في عملية التأليف وتطوير شخصياتهم وإعطاء لمسة شخصية فريدة لأدائهم.

وقبل أن نخوض أكثر في الحديث عن مزايا تدريس المسرح للطلبة داخل الفصول الدراسية وآثاره الإيجابية على مستواهم التعليمي، والنتائج المذهلة التي يمكن أن يحققها تدريس المسرح بشكل عملي داخل الجامعة، سنوضح العلاقة بين التعليم والمسرح. فما العلاقة بين المسرح والتعليم؟ هل هي علاقة الكل والجزء؟ وما النقاط المشتركة بينهما؟

  1. المسرح والتعليم أية علاقة؟

يعتبر المسرح واحدًا من أقدم وسائل التواصل الثقافي والترفيهي، حيث يُعتبر المسرح الإغريقي واحدًا من أقدم أشكال المسرح في التاريخ. تأسس في القرن الخامس قبل الميلاد، وكانت المسرحيات تقام في المدن اليونانية القديمة مثل أثينا، كانت هذه المسرحيات تستخدم لنقل القصص والمعتقدات الدينية والسياسية والاجتماعية. واعتبره علماء التربية "من أعظم الاختراعات التربوية في هذا العصر وأن قيمته التعليمية الكبيرة واضحة ومفهومة وهو أقوى معلم للأخلاق". حتى إن رجالات الكنيسة في العصور الوسطى الذين أعلنوا ثورتهم ضد المسرح ورفضهم له واعتبروه رمزا من رموز الوثنية، وجدوا في ممارسته داخل الحقل التربوي فائدة ومتعة، وما يؤكد هدا الأمر كتاب بوسوي (الكنيسة والمسرح: خواطر وأفكار في التمثيل) الدي يؤكد فيه أنه "ليس من الجائز منع المسرحيات الموجهة إلى الأطفال والشباب مادامت تسعف الأساتذة في عملهم التربوي عندما يتخذونها تمارين تطبيقية وأنشطة فنية لتحسين أسلوب ناشئتهم وتنظيم عملهم الدراسي".

ويتم التعامل معه في الساحة التعليمة كوسيلة لتطوير المعرفة والمهارات والتفكير النقدي والابتكار، وذلك عبر مجموعة من الطرق الحديثة التي يلتقي المسرح والتعليم في عدة جوانب منها؛

  • برامج الدراسة: تتوفر العديد من الجامعات برامج دراسية مختلفة في مجال المسرح والفنون المسرحية. كدراسة الأداء المسرحي، والكتابة المسرحية، والنظرية المسرحية. ومن خلال هذه البرامج يتاح للطلاب فرصة تعلم المهارات اللازمة واكتساب المعرفة في مجال المسرح.

  • المسرح الأكاديمي: يعتبر المسرح الأكاديمي جزءًا هامًا من برامج التعليم الجامعي في المسرح، حيث يتم تقديم العروض المسرحية التي يقوم بها الطلاب والمحاضرون والممثلون في المسارح الجامعية. يعد هذا المسرح الجامعي مساحة للتجربة والابتكار وتطبيق المفاهيم والمهارات المكتسبة في الفصول الدراسية.

  • الأبحاث والدراسات: تعمل الجامعات وأعضاء هيئة التدريس والطلاب في إطار المسرح الجامعي على إجراء الأبحاث والدراسات المتعلقة بالتاريخ والنظرية المسرحية، والتحليل المسرحي، والتأثير الاجتماعي والثقافي للمسرح، والتجريب والابتكار في المسرح. وتساهم هذه الأبحاث في تطوير المعرفة في مجال المسرح كما تعزز طرق التعليم الجامعي الجديدة.

  • الورش والدورات: تعتبر الورش والدورات المسرحية أحد الأنشطة المهمة في التعليم الجامعي، حيث يتاح للطلاب فرصة المشاركة في ورش عمل مع ممثلين ومخرجين وكتاب مسرحيين محترفين. يتعلم الطلاب خلال هذه الورش مهارات جديدة ويكتسبون خبرات عملية في مجال المسرح.

  • التجارب العملية: يعد التطبيق العملي جزءًا مهمًا من التعليم الجامعي في المسرح. يتمكن الطلاب من المشاركة في العروض المسرحية كممثلين، أو ككتاب مسرحيين، أو كمخرجين، أو كفناني تصميم، أو كفناني إضاءة وصوت، أو في أدوار أخرى متعلقة بالإنتاج المسرحي. تتيح هذه التجارب للطلاب تطبيق المفاهيم والمهارات التي اكتسبوها وتطوير قدراتهم الفنية والفكرية.

لقد استفادت العديد من الدول  مثل ابريطانيا وألمانيا وفرنسا من المسرح (المدرسي)، باعتباره "نشاطا يخدم خبرات الطفل ويثريها، فهناك من اعتبر المسرح من المقررات الدراسية، وليس نشاطا فقط، وخصص له الحصص المعروفة بحصص الدراما، ومنهم من استخدمه كوسيلة للتدريس، من خلال مسرحة المناهج وتدريسها بالمسرح".

ومن هنا نصل إلى أن العلاقة بين التعليم والمسرح هي علاقة الكل بالجزء، فالمسرح هو جزء من المنظومة التعليمية وطرف أساسي فيها، لأنه بمثابة وحدة من الوحدات المكملة لمنهاجها التعليمي ضمن ما سمي في الجامعة الجديدة اليوم بالمهارات الحياتية والذاتية، أو قد يكون وحدة من وحدات التخصص التي قد يختارها الطلبة في أحد المسالك التي توفرها الجامعة المغربية اليوم. فالمسرح "يسهم في حفز المتعلم ويثير اهتمامه للبحث والمعرفة ويقدم له خبرات حية من النشاط الذاتي".

وفيما يخص مجالات المسرح التعليمي فهي أولا؛ التربية المسرحية وهي نشاط موازي يرافق العملية التربوية، ويكمل المقرات الرسمية التي تعتمدها المؤسسات التعليمية وذلك لتقريب المسرح من المتعلمين وزرع روح المنافسة بينهم في سياق الأنشطة الثقافية والفنية التي تنظمها وزارة التربية الوطنية.

ومن مجالاته أيضا الدراما التعليمية "ولها وظائف علاجية خالصة تسعى إلى تحصيل المعرفة بأسلوب مشوق ومثير، وتتيح الفرصة للطلاب من أجل المشاركة بفعالية في المادة التعليمية المطروحة". وإلى جانب التربية المسرحية والدراما التعليمية، هناك أيضا مسرحة المناهج والمقصود بها "إعداد المواد الدراسية للمناهج دراميا وكتابة مسرحية تعتمد في مادتها على دروس منتقاة من المناهج الدراسية العلمية".

  1.  فوائد المسرح التعليمي داخل الجامعة وآثاره على المتعلم

للمسرح الجامعي عدة مزايا يستفيد منها المتعلمون، وقد سبق لنا ان تحدثنا عنها، وتستجيب هده المزايا إلى ما تنص عليه الرؤية الاستراتيجية الجديدة في منظومة التربية والتعليم من تنمية للكفايات الذاتية والمهارات الحياتية، فالمسرح يعتبر وسيلة فنية قوية للتعبير عن الأفكار والمشاعر والتواصل مع الجمهور. ويؤكد علماء النفس أنه "كلما استخدم أكثر من حاسة في استقبال المعلومات كان التعليم أسرع ونتائجه أجدى". لهذا يمكن استخدامه في التعليم لتشجيع الطلاب على التعبير عن أنفسهم بطرق مبدعة وإبراز مهارات التواصل الشفهي والجسدي. فكما يساهم المسرح في تنمية المهارات الشخصية للطلاب مثل الثقة بالنفس، والتعبير الجسدي، فهو يساعدهم أيضا في تنمية مهاراتهم الحياتية، مثل التعاون، والقدرة على التعاطف وفهم وجهات نظر الآخرين، وتقبل الاختلاف، "ويتعودون على مواجهة الجمهور دون خرق أو تهيب ويدربون على ضبط النفس وحسن التصرف وبذلك تتكامل شخصياتهم"

ويندرج ضمن المهارات الحياتية كل المهارات والقدرات التي تساعد الطلبة على التعامل بنجاح مع التحديات والمتطلبات اليومية في حياتهم الشخصية والمهنية، بحيث تعزز هذه المهارات القدرة على التفاعل مع الآخرين، وتنمي العلاقات الإيجابية، وتساعد على تحقيق النجاح في الدراسة والعمل والمجتمع. ومن بين المهارات الحياتية الأساسية التواصل؛ وهو القدرة على التعبير عن الأفكار والمشاعر بقوة وفعالية، والإنصات بشكل فعّال لفهم الآخر. والعمل الجماعي أي القدرة على التعاون والتفاعل مع فرق أو مجموعات، وتبادل الأفكار والمساهمة في تحقيق الأهداف المشتركة. إضافة إلى القيادة وهي القدرة على توجيه وتحفيز الآخرين، وتنظيم العمل واتخاذ القرارات الصائبة. ومنها كذلك تحليل وضعيات صعبة من خلال تحليل المواقف، وتطوير حلول إبداعية وفعالة للمشكلات في مواقف تواصلية مختلفة. إلى جانب التفكير النقدي؛ وهو القدرة على التحليل العميق والتقييم المنطقي للمعلومات والأفكار، وتطوير رؤى مستنيرة ومدروسة. وإدارة الوقت ويعني القدرة على التخطيط وتنظيم الوقت والموارد بشكل فعال لتحقيق الأهداف المحددة.

ومن المهارات الحياتية أيضا التحمل والمرونة؛ أي جعل الطلبة قادرين على التكيف مع التغيير والتحمل في وجه التحديات والظروف الصعبة. والإبداع والابتكار بشكل يجعلهم قادرين على التفكير بشكل إبداعي وابتكاري، وتطوير حلول جديدة وفريدة للمشاكل والتحديات. كما تركز المهارات الحياتية كذلك على التحكم العاطفي ونعني به إقدار الطلبة على إدارة وتنظيم عواطفهم الشخصية، والتحكم في ردود الفعل والتفاعل بشكل بناء وصحيح. وإقدار الطلبة على التعلم؛ أي استيعابهم للمعرفة الجديدة وتطوير المهارات من خلال التعلم المستمر والاستمرار في تحسين الذات وبناء تعلماته الأساسية. "إن المسرح المدرسي من العوامل التي تساعد على نضج التلميذ واكتمال شخصيته وتمرسه بفن الحياة في اتساق مع نفسه وانسجام مع المجتمع الذي يعيش فيه، والمسرح المدرسي يمد التلميذ بالمعلومات ويزوده بأنواع كثيرة من الخبرات والمهارات فيدربه على الأداء المعبر والنطق الواضح السليم ويعوده على الإلقاء الجيد وتنوع الصوت ورعاية ما يقتضيه المقام من ألوان السلوك".

يوفر المسرح بيئة تعلم تجريبية وعملية تمكن الطلاب من التعلم عبر التجربة والاستكشاف والمعرفة المكتسبة. ومن خلال هذه الطريقة يبقى ما تعلمه الطلبة من مكتسبات راسخا في الذاكرة على المدى الطويل لأن المتعلم اكتشفه بنفسه وبناه من خلال قدراته العقلية. كما يستفيد الطلبة من العديد من الأعمال الأدبية والتراثية والثقافية المختلفة. ويمكن استخدام المسرح في التعليم لاستكشاف التاريخ والثقافة وتعزيز الوعي الثقافي لدى الطلاب. 

 والمسرح بهده الوظيفة، التي يمكنه من خلالها تشجيع الطلاب على التفكير الابتكاري والمرونة العقلية والقدرة على التكيف مع الظروف المختلفة، يعد من "أكفأ الوسائل التعليمية في توضيح المعلومات للتلاميذ وتثبيتها في أذهانهم وتأثيرا في سلوكهم". وهنا يتعين على المعلمين تطوير استراتيجيات للتعامل مع التحديات المفاجئة والتغيرات السريعة في السياق المسرحي، وهذه القدرة قد تنتقل للطلاب في حياتهم العامة ومجالات أخرى من التعلم.

نستخلص من هده الدراسة أن تدريس المسرح له آثار إيجابية كبيرة في تطوير العملية التعليمية التعلمية، وهده الآثار تتداخل مع المزايا أو الفوائد السابقة. فإذا كانت المزايا هي مدخلات المسرح فإن الآثار هي مخرجاته، والفرق بينهما يتجلى في أن المزايا تلقن للطلبة وتمرر لهم عبر طرق مختلفة تحتكم إلى المسرح. أما الآثار فهي ما يظهر على سلوك الطلبة من مهارات وكفايات اكتسبوها عن طريق المسرح التعليمي. ومن أهم هذه الآثار التي يجب أن تترسخ في سلوك الطلبة؛ 

  • تعزيز التواصل الفعال والتعاون بين الطلاب، وتطوير مهارات العمل الجماعي، واحترام وجهات نظر الآخرين. 

  • تنمية المهارات الشخصية الذاتية المهمة وتطويرها، وتعزز الثقة بالنفس والتعبير الذاتي والتصميم والانضباط والإلقاء الصوتي والجسدي والتحليل النقدي.

  • تعزيز الإبداع والتفكير النقدي خلال تحليل السياق والحوار والموضوعات المختلفة التي تعالجها الأعمال المسرحية.

  • احترام الثقافات المختلفة وفهم التراث العالمي، حيث يتعرف الطلاب على قصص ومسرحيات تاريخية ومعاصرة من مختلف الثقافات، وهذا يساعدهم على التواصل بشكل أفضل مع الناس من خلفيات ثقافية متنوعة.

  • تعزيز المرونة والقدرة على التكيف: يواجه الطلاب تحديات فنية وعاطفية أثناء الأداء المسرحي، وهذا يعزز مرونتهم وقدرتهم على التعامل مع التغييرات والتحديات في حياتهم اليومية.

  1. مقترحات لتدريس وحدة المسرح في الجامعة المغربية (التخطيط والاستراتيجيات)

  1. التخطيط لتدريس المسرح:

إن التخطيط لدروس المسرح وتدبيرها في الفصل الجامعي يتطلب العديد من العوامل المهمة التي يجب أخذها في الاعتبار. وسنعرض فيما يلي خطوات توجيهية للتخطيط لدروس المسرح في الفصل الجامعي:

  • تحديد الأهداف: حدد الأهداف التعليمية التي ترغب في تحقيقها في نهاية الفصل الجامعي. هل ترغب في تعليم مهارات الممثل أو تطوير مهارات الكتابة المسرحية أو إنتاج عرض مسرحي؟ احرص على تحديد أهداف واضحة وقابلة للقياس.

  • تطوير المنهج: قم بتطوير منهج لدروس المسرح يشمل المحتوى الأساسي والمهارات والمفاهيم التي ستقدمها. يمكنك تصميم الدروس لتشمل محاضرات نظرية وتمارين عملية وأنشطة جماعية لتطبيق المهارات المكتسبة.

  • اختيار المواضيع: حدد مجموعة متنوعة من المواضيع المسرحية التي ستركز عليها خلال الفصل الجامعي. يمكن أن تشمل هذه المواضيع الأعمال المسرحية الكلاسيكية أو المعاصرة أو التجارب المسرحية الجديدة.

  1. التنظيم الزمني: قم بتخصيص الوقت المناسب لكل درس في الفصل الجامعي. ضع خطة زمنية تحدد عدد الأسابيع أو الجلسات التي ستكرسها لكل موضوع ونشاط.

  • اختيار الموارد: حدد الموارد التعليمية المناسبة لدروس المسرح. يمكن أن تشمل هذه الموارد المسرحيات المكتوبة، والأفلام المسرحية، والمواد القرائية، والألعاب التعاونية، والوسائط المتعددة، والزيارات إلى المسارح المحلية.

  • تنظيم العروض المسرحية: قم بتخطيط عرض مسرحي للطلاب يتطلب التطبيق العملي للمهارات التي تم تعلمها خلال الفصل. يمكن أن يكون العرض مسرحية كاملة أو مشهد من مسرحية معروفة.

  • تقييم الأداء: حدد كيفية تقييم تقدم الطلاب وأدائهم في دروس المسرح. يمكن استخدام التقييمات التحريرية أو التقييمات الفنية أو التقييمات المنهجية لقياس التحصيل العلمي والمهارات.

  • التواصل مع الطلاب والتحفيز: قم بالتواصل المستمر مع الطلاب وتوفير التوجيه والتشجيع لهم. يمكن استخدام مراجعات الأداء الفردية والاجتماعات الجماعية لمتابعة تقدم الطلاب ومساعدتهم في تحقيق أهدافهم.

كما نقترح مجموعة من الاستراتيجيات التي يمكن لأستاذ المسرح الاستناد إليها خلال تدريسه للمسرح في السلك الجامعي. ويمكن أن يتبع تدريس المسرح في الجامعات المغربية استراتيجيات متنوعة تهدف إلى تعزيز المهارات الفنية والتحليلية لدى الطلاب وتنمية قدراتهم التعبيرية والتفكير النقدي. ومن هذه الاستراتيجيات:

  • دراسة النصوص المسرحية: يتضمن ذلك قراءة وتحليل النصوص المسرحية المختلفة من مختلف الفترات والأنماط المسرحية. يمكن للطلاب مناقشة المحتوى والشخصيات والهياكل الدرامية والرموز المستخدمة في النصوص.

  • التمثيل المسرحي: يشمل هذا النشاط التدريب العملي على التمثيل وتنمية مهارات الأداء الفني. يمكن للطلاب المشاركة في ممارسة التمثيل الجماعي والفردي وتطبيق مفاهيم التمثيل وتوجيهات المخرج في عروض مسرحية.

  • التدريب الحركي والصوتي: يتضمن هذا الجانب تمارين الحركة والإيقاع والصوت، حيث يتعلم الطلاب كيفية استخدام أجسادهم وأصواتهم للتعبير عن الشخصيات والمشاعر في العروض المسرحية.

  • الدراما التطبيقية: يشتمل هذا النوع من التدريس على استخدام التمارين والألعاب الدرامية للتعلم وتطوير مهارات الاتصال والتعاون والإبداع. يمكن للطلاب تجربة أدوار مختلفة وحل المشكلات المسرحية المتنوعة.

  • دراسة تاريخ المسرح: يعمل هذا الجانب على تعريف الطلاب بتطور المسرح عبر التاريخ وتحليل الأنماط المسرحية المختلفة وتأثيرها على المجتمع والثقافة.

  • العروض المسرحية والمشاريع الفنية: يعتبر تنظيم العروض المسرحية والمشاريع الفنية فرصة هامة لتطبيق المهارات المكتسبة والتعبير الفني الفردي والجماعي. يمكن للطلاب تجربة إخراج العروض وتصميم المجموعات والأزياء والديكورات والإضاءة.

  • المشاركة النشطة: يجب تشجيع الطلاب على المشاركة النشطة في عمليات التعلم والتمثيل. يمكن تحقيق ذلك من خلال الاستفادة من تمارين المسرح والألعاب التمثيلية التي تشجع التواصل والتعاون بين الطلاب.

  • العروض العملية: ينبغي أن يشتمل التدريس على فرص للطلاب للمشاركة في العروض العملية والأداء المسرحي. يمكن تنظيم عروض لمشاريع مستقلة أو أعمال مسرحية خلال الفصول الدراسية.

  • التوجيه الفردي: ينبغي توفير فرص للتوجيه الفردي للطلاب من خلال ملاحظة وتقييم أدائهم وتقديم الملاحظات والتوجيه لتطوير مهاراتهم التمثيلية.

  • دراسة النظريات المسرحية: يجب أن يتضمن التدريس تعلم النظريات المسرحية والمفاهيم الأساسية للمسرح. يمكن استكشاف المفاهيم مثل المسرحية الكلاسيكية والمعاصرة والتجريبية والمفهوم الجسدي في المسرح.

  • العمل الجماعي: يمكن تنظيم مشاريع تعاونية تشمل الطلاب في تنفيذ أعمال مسرحية كبيرة. يعزز العمل الجماعي التعاون والاتصال بين الطلاب ويساهم في تطوير مهارات الفريق والقيادة.

  • استخدام التكنولوجيا: يمكن استخدام التكنولوجيا في تدريس المسرح، مثل استخدام الفيديو والموسيقى والإضاءة والمؤثرات الخاصة لتعزيز العروض المسرحية وتحسين تجربة الطلاب.

  • زيارات المسارح وورش العمل: يمكن تنظيم زيارات للمسارح المحلية والمهنية وورش العمل المسرحية لتعزيز المعرفة العملية وتوسيع آفاق الطلاب في المجال المسرحي.

إن الاستراتيجيات السابقة تهدف بدون شك إلى توفير بيئة تعليمية شاملة وتفاعلية لطلاب المسرح وغيرهم، وتطبيقها كفيل بتعزيز قدرات الطلاب الفنية والإبداعية والتواصلية. ولكن لا يمكن تنفيذ هذه الاستراتيجيات إلا بناءً على البرنامج الدراسي واحتياجات الطلاب ومستوياتهم المعرفية والفنية حتى يمكننا ضمان تجربة تعليمية فعالة ومثمرة. كما يجب على مدرس المسرح أن يكون موهوبا في فن التعبير عن ذاته حتى يكون قادرا على تلقين مهارة فن التعبير لطلبته، "فإذا كان المعلم موهوبا في فن التعبير عن ذاته فهو نصف عظيم لأنه حقق نصف مهمته التربوية في بناء الذات والتعبير عنها، وإذا كان موهوبا في فن الإثارة الذي يجعل المتعلم قادرا على التعبير عن ذاته فهو عظيم لأنه حقق نصف المهمة التربوية الآخر، ويجعل الشخص الآخر (التلميذ) يمارس مقدرته في التعبير عن ذاته".

على مدرس المسرح أن يكون على دراية بتلقي المسرح وأصوله إضافة إلى خبرته البيداغوجية والتربوية، فله دوره مزدوج بين التعليم والتدريب بأسلوب فني ينقل المتعلمين من استظهار الدروس وحفظها إلى المساهمة في بنائها وتقبلها نقدا وتفاعلا وحوارا.

  1. استخدام التقنيات الحديثة في تدريس المسرح

إدا نظرنا إلى الدول المتقدمة اليوم نجد أن التربية الحديثة تتجه تدريجيا لتكون تربية حياتية، "فالتعليم عن طريق النشاط والتعلم بالعمل، والتعليم بالخبرة، والتعليم بالحياة والتعلم الذاتي، والتعليم المستمر ما هو إلا اتجاه واضح نحو التربية الحياتية الحديثة التي تكسر الحواجز بين المدرسة والمجتمع والحياة وجميعها تتمثل في النشاط المسرحي."

ولذلك وجب علينا نحن التربويون أن نعيد النظر في مناهجنا والطريقة التي نقدم بها المادة المعرفية، وكيفية إعداد المعلم لمهن التربية والتعليم حتى نستطيع إعداد جيل حرباوي قادر على التكيف مع ظروف الحياة المتغيرة، و"المسرح المدرسي هو وسيلة حديثة للتدريس، وسيلة تنمي التفكير العلمي، وهو ما أثبتته الدراسات التربوية الحديثة".

 وحتى تكون المادة الممسرحة قادرة على تحقيق دورها، ولتعزيز تجربة التعلم والأداء المسرحي في تدريس المسرح، لابد من توظيف التقنيات الحديثة عبر مجموعة متنوعة من الأدوات والموارد التكنولوجية. وفيما يلي بعض الطرق التي يمكن لأستاذ المسرح استخدامها في تدريس المسرح باستخدام التقنيات الحديثة:

  • الفيديو والتصوير: يمكن استخدام تسجيلات الفيديو والتصوير لتوثيق أداء الممثلين والمشاهد المسرحية. يمكن استخدامها في التحليل والتقييم، وكذلك في إعطاء التعليمات وتقديم التغذية الراجعة للممثلين.

  • الإضاءة والصوت: يمكن استخدام التقنيات الحديثة لتطوير مهارات تصميم الإضاءة والصوت في المسرح. يمكن استخدام برامج النمذجة ثلاثية الأبعاد والبرامج المتخصصة لمحاكاة التصميمات واختبارها قبل تطبيقها على المسرح الحقيقي.

  • الرسوم المتحركة والرسوم المتحركة الثنائية الأبعاد: يمكن استخدام الرسوم المتحركة لتوضيح الأفكار المسرحية المعقدة وتطوير المشاهد المعقدة. ويمكن استخدام برامج الرسوم المتحركة الشهيرة لإنشاء تأثيرات بصرية وحركة مذهلة.

  • الواقع الافتراضي والواقع المعزز: يمكن استخدام تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز لتعزيز تفاعل الطلاب مع المادة المسرحية. يمكن استخدامها في إنشاء مشاهد مسرحية افتراضية أو تحويل المواقع الفعلية إلى مشاهد مختلفة.

  • المسرح الرقمي: يتيح المسرح الرقمي استخدام التقنيات الحديثة لتحويل الأداء المسرحي والتفاعل بين الفرقة المسرحية والجمهور. يمكن استخدام العروض المسرحية المباشرة عبر الإنترنت أو الاستفادة من الأدوات التفاعلية مثل الاستطلاعات والدردشات المباشرة لتعزيز تجربة المشاهدين.

ويمكن أن يعتمد مدرس المسرح على أكثر من تقنية حديثة واحدة شريطة أن تراعي هده التقنية أهداف التعليم وموارد المدرسة أو المؤسسة التعليمية وكذا احتياجات الطلبة.

  1. التعلم القائم على المشروعات:

تحول دور المعلم من مجرد ملقن للمادة المعرفية إلى مرشد وموجه للمتعلم، "ولقد كانت هده النظرة الحديثة للتربية من أهم العوامل التي مكنت الدراما من القيام بدورها في العملية التربوية والتعليمية."

إن التعلم القائم على المشروعات هو نهج تعليمي مستحدث (المشروع المؤطر الدي جاء مع نظام الباشلار)، ويركز على تعلم الطلاب من خلال الانخراط الفعّال في مشاريع عملية. ويمكن استخدام التعلم القائم على المشروعات في تدريس المسرح لتعزيز فهم الطلاب ومهاراتهم في الفنون المسرحية. وهناك عدة طرق يمكن اعتمادها في تدريس المسرح باستخدام التعلم القائم على المشروعات:

  • مشروع إنتاج مسرحي: يمكن لأستاذ المسرح تقسيم الطلاب إلى فرق صغيرة وتكليف كل فريق بإنتاج مشروع مسرحي. ويمكن للطلاب اختيار العرض المسرحي الذي يرغبون في تنفيذه والعمل على كتابة النص وتوزيع الأدوار وتصميم المسرح وتجهيز الديكور والملابس وإخراج العرض المسرحي. من خلال هذا المشروع، سيتعلم الطلاب العديد من الجوانب المتعلقة بالمسرح مثل التعاون، والتنظيم، والإبداع، والتواصل.

  • مشروع كتابة سيناريو: يمكن تحدي الطلاب لكتابة سيناريو لعرض مسرحي. وتقديم دروس عن قواعد كتابة السيناريو وعناصره المختلفة مثل الشخصيات والمؤامرة والمشاهد والتوتر والنهاية. بعد ذلك، يمكن للطلاب العمل بشكل فردي أو في مجموعات صغيرة على كتابة سيناريو مسرحي. يمكن أن يشمل المشروع أيضًا تمثيل المشاهد المختلفة وإجراء تحسينات ومراجعات. هذا المشروع سيساعد الطلاب على تنمية مهاراتهم في الكتابة الإبداعية وتحليل الشخصيات وبناء القصة.

  • مشروع استكشاف مسرحي: يمكنك تحدي الطلاب لاستكشاف تاريخ المسرح والأعمال المسرحية المشهورة والحركات المسرحية المهمة. يمكنهم إجراء بحوث عن الفنانين المسرحيين وتحليل أعمالهم والتعرف على أساليب العرض المسرحي المختلفة. يمكن للطلاب أيضًا تقديم عروض تقديمية أو مشاركة النتائج في معرض مسرحي. ستساعد هذه النشاطات الطلاب على توسيع معرفتهم بمجال المسرح وتعزيز قدرتهم على التحليل والبحث.

 تتيح هذه الأنشطة التعلم النشط والتفاعلي في مجال المسرح، وتساعد الطلاب على تطوير العديد من المهارات، كما تسمح لهم بتجربة العمل الفعلي في مجال المسرح وبناء ثقتهم في أداء أدوار مختلفة سواء كان ذلك في الكتابة أو التمثيل أو الإخراج.

  • تقويم أداء الطلاب: يعتمد تقويم الطلاب في تدريس المسرح على عدة عناصر مختلفة لقياس تقدمهم وتقييم أدائهم. هنا هي بعض العناصر التي يمكن أن تشملها تقويم الطلاب في تدريس المسرح:

  • مشاركة الفصل: يمكن تقييم طلابك بناءً على مدى مشاركتهم في الفصل ومشاركتهم في المناقشات والأنشطة. يمكن أن يشمل ذلك التحضير المسبق للدروس والمشاركة النشطة في التمارين والأدوار المسرحية.

  • أداء المشاهد والأدوار: يمكن تقييم طلابك بناءً على أدائهم في المشاهد المسرحية والأدوار التي يلعبونها. يمكن أن تشمل المعايير المقيّمة التقنية المسرحية (مثل الملابس والترتيبات المسرحية) والتعبير الجسدي والصوتي والمشاعر التي يعبرون عنها.

  • مشروعات وأعمال فردية: يمكن أن يطلب من الطلاب إنجاز مشروعات فردية أو العمل على مسرحيات قصيرة أو مقتطفات من النصوص المسرحية. يمكن تقييم الطلاب بناءً على الابتكار والإبداع والمهارات التقنية التي يظهرونها في هذه الأعمال.

  • تعاون فريق العمل: يمكن تقييم قدرة الطلاب على العمل ضمن فريق والتعاون مع زملائهم في المشاريع المسرحية. يمكن أن تشمل معايير التقييم القدرة على الاستماع والتعاون وتقديم الملاحظات البناءة وحل المشكلات مع زملائهم.

  • تقييم ذاتي وتحسين الأداء: يمكن تشجيع الطلاب على تقييم أدائهم الخاص وتحليل نقاط القوة ونقاط التحسين في أدائهم المسرحي. يمكن أن تتضمن هذه العملية الاستفادة من ملاحظات المدرس وتعديل الأداء والعمل على تحسين المهارات الضعيفة.

ولأن الدراما بكل هذه الأهمية، فنحن نرى أنه من الضروري  جدا أن نضعها ضمن قائمة المناهج التعليمية بصورة أوضح تناسب ظروف ومتطلبات عصرنا الحالي، وأن نوفر لها المدرسين المدربين على المسرح والمتخصصين فيه، وأن نخصص لها الوقت الكافي ونهيئ لها مسارح خاصة في كل مؤسسة تعليمية، باختصار «يجب أن ننظر إليها بنفس القيمة الجمالية والفنية والأدبية التي تتمتع بها النشاطات الفنية والرياضية، لأنها تمثل أهم هذه الفنون في ثقافتنا الحالية". نود أن نقول أنه حان الوقت أن يأخذ المسرح (التعليمي) مكانه التربوي بين المناهج الدراسية لأن مستجدات التربية والتعليم تفرض عليه ذلك، ولا ينبغي أن ينحصر دوره في مجرد نشاط مسرحي في نهاية السنة الدراسية.


  • مصادر ومراجع البحث:


  •  ماري إلياس وحنان قصاب، المعجم المسرحي، مفاهيم ومصطلحات المسرح وفنون العرض، مكتبة لبنان ناشرون، لبنان، الطبعة الأولى، 1998.

  • حسن علي هارف، المسرح التعليمي، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، الطبعة الأولى، 2008.

  • سالم أكويندي، ديداكتيك المسرح المدرسي، من البيداغوجيا إلى الديداكتيك، دار الثقافة، 2001.

  • هشام زين الدنيا، التربية المسرحية، الدراما وسيلة لبناء الإنسان، دار الفارابي، الطبعة الأولى، 2008.

  • بو حجر أحلام، دورية "فضاءات المسرح"، تعليمية المسرح المدرسي، كتبة الرشاد للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، العدد 9، 2017.

  • مصطفى قسيم هيلات، الدراما والمسرح في التعليم: بين النظرية والتطبيق، الطبعة 1، 2008.

  • المسرح المدرسي ودوره التربوي، حسين عبد المنعم حمد، الطبعة الأولى، العلم والإيمان للنشر والتوزيع، 2008.

  • مادي لحسن: (المسرح كتقنية بيداغوجية داخل المدرسة)، مجلة التربية والتعليم، العدد 16/1989.

  • عبد العليم إبراهيم، الموجه الفني لمدرسي اللغة العربية، الطبعة الثانية، دار المعارف، القاهرة، 1962.

  • كمال الدين حسين، المسرح التعليمي المصطلح والتطبيق، الدار اللبنانية المصرية، الطبعة الأولى، 2005.

  • إشراف خالد المير وإدريس القاسمي، سلسلة التكوين التربوي، الطفل بين الأسرة والمدرسة، الطفل والفضاء المسرحي، العدد 8، دار الاعتصام، الدار البيضاء، 1998.

  • أسعد علي، كتاب المعلمين، دار الرائد العربي، بيروت، 1980.

  • علي شلتوت، موضوعات جديدة في ميدان التربية من مدارس الحضانة إلى الجامعة، دار اعلم، الكويت، 1980.

  • رزق حسن عبد النبي، الطرق الكشفية والدرامية في تدريس العلوم للمرحلة الابتدائية، رسالة دكتوراه، جامعة أسيوط كلية التربية، 1985.

  • محمد الشتيوي، ملحوظات حول المسرح التربوي، عالم الفكر، العدد الرابع، الكويت، يناير- مارس، 1988.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق