ماذا يحصل في العروض التي يقدمها بعض المنتجين في العيد؟ ربما السؤال يفتح الباب على مصراعيه للحديث عن المهازل التي تقدم على خشبة المسرح خلال فترة الأعياد والمناسبات الأخرى، حيث يتسابق المنتجون لتقديم أعمال، يقولون إنها مخصصة للطفل، والطفل منها براء.
عندما أسست السيدة عواطف البدر قبل أكثر من ثلاثين عاما مسرح الطفل، هل كانت تفكر بالحال التي سيؤول إليها هذا المسرح بعد تلك السنوات؟ أغلب الظن أنها لم تضع في حسبانها هذا التراجع المخيف والمستوى المتدني الهابط، الذي وصلت إليه حال ما يسمى بمسرح الطفل، وإلا فإنها بلا شك لم تكن لتقدم على هذه الخطوة.
طرح تربوي
العروض التي كانت تقدم في المرحلة الأولى من انطلاقة هذا المسرح، وتحديدا منذ أواخر سبعينات القرن المنصرم إلى منتصف ثمانياته، كانت تتسم بنوع من الطرح التربوي الموجه للطفل، حيث النصح والإرشاد والكلمة الطيبة والأغنية الاستعراضية المعبرة، لذا ما يزال الجميع يتذكر الأغاني التي قدمت في مسرحيات مثل «السندباد البحري، البساط السحري، سندريلا» وغيرها.
وقد ساهم في أعمال تلك المرحلة فنانون يحترمون الكلمة، ويقدرون الفن مثل عواطف البدر، منصور المنصور، عبدالرحمن العقل، كاظم الزامل، هدى حسين، زهرة الخرجي، عبدالعزيز الحداد، عبدالناصر الزاير، حسين المسلم وغيرهم.
حكايات التراث
كان اختيار الأعمال يتم من خلال التركيز على موضوعات قريبة من مدارك الطفل وفهمه، تتناسب مع المراحل العمرية المختلفة التي يمر بها الأطفال.
وقد ساهم مؤلفون بارزون في التأليف لهذا المسرح، مثل فارس يواكيم، خلف أحمد خلف، مهدي الصايغ، محفوظ عبدالرحمن، وسواهم من الأسماء التي تمتلك ناصية الطرح التربوي، ولديها الأمانة في التعاطي مع الكلمة.
وعلى الرغم من أن معظم الأعمال كانت تعتمد بالدرجة الأولى على قصص ألف ليلة وليلة وحكايات التراث العالمي، فإنها نجحت في جذب الأطفال إليها، وقدمت أفكارا تطرح قيما يحرص أولياء الأمور على تنميتها في نفوس أبنائهم، فأقبل عليها الأطفال والكبار.
إثراء
ما حدث في الفترة الأخيرة أن بعض المنتجين دخلوا الساحة من أجل الإثراء على حساب الطفل، فبدأوا اختيار موضوعات لا علاقة لها بالطفل من قريب أو بعيد، مستغلين فترة الأعياد التي يبحث فيها الشباب والأطفال عن الترفيه والتسلية البرئية، فتسابق هؤلاء المنتجون لتقديم أعمال لا علاقة لها لا بالمسرح ولا بالطفل، ولا تخضع للتربية بأي حال من الأحوال.
الشكاوى من سوء الأعمال وصل حدا كبيرا، والتذمر واضح على محيا من يخرج بعد مشاهدته لأعمال هابطة، لا هدف لها إلا سرقة عيادي الأطفال.
موضوعات تلك الاعمال، أو بعض تلك الأعمال لا علاقة لها بالمسرح، حيث اتجه المنتجون لتقديم حكايات غريبة ومشوهة مستمدة من التراث الهندي أو الأفريقي، لا قصة لها ولا حكاية ولا موضوع، والمؤسف أن بعض الفنانين الكبار شاركوا في تشويه الصورة الجميلة لمسرح الطفل.
المجلس يتفرج
المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وهو الجهة التي تمنح المنتجين الإجازة على النص لعرضه، لم يحرك ساكنا، ويقال ان هناك بعض الأعمال التي عرضت لم تمر على الرقابة، فمن يتحرك لإنقاذ أطفالنا من حملة التشويه. من المهم أن يتحرك المجلس الوطني للثقافة، لمنع هذا التشويه الذي يمارسه بعض المنتجين مستغلين أطفالنا بصورة بشعة، من المهم أن يكون لإدارة المسرح في المجلس الوطني تحديدا دور في منع هذا الانحراف الشديد في مسار مسرح الطفل.
على المجلس الوطني أن يقف وقفة جادة لمنع المهازل التي تقدم باسم الأطفال، ولنا في عروض عيد الفطر المبارك خير دليل على الصورة المشوهة التي تقدمها بعض الأعمال، مطلوب تحرك جدي قبل فوات الأوان لإعادة مسار مسرح الطفل ووقف المهازل التي ترتكب باسمه.
عبدالمحسن الشمري
القبس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق