تصنيفات مسرحية

الجمعة، 7 مارس 2014

مسرحية "الطائفة 19" للأخوين فريد وماهر صبّاغ: خوفاً من الأسوأ

مجلة فنون المسرح

قدّم الأخوان فريد وماهر صبّاغ مسرحيتين غنائيتين "شي غيفارا" و "من أيام صلاح الدين". اليوم لا نعرف إن كانت "الطائفة 19" يمكن وصفها بالمسرحية أو بالمشروع أو بالقضية... ربّما هي الثلاثة معاً.
لم يعد الأخوان صبّاغ يريدان التحدّث عن أيام غابرة مع إسقاطات على واقعنا، فقررا التحدّث بشكلٍ مباشر عن أيامنا هذه، و"بالعربي المشبرح"! عادةً تتطوّر الصراعات لتصل إلى الحرب في أسوأ الأحوال، ثم تبدأ المشكلة بالإنحسار وتختفي. هكذا يحصل في بلدان العالم. في لبنان الأمر مختلف، فمشكلة الطائفية وصلت إلى الحرب، ثمّ إلى حربٍ أخرى، ثمّ حرب جديدة، ثمّ حرب أكبر... "تخيّلنا إلى أين يمكن أن نصل بعد عشرين سنة، فخفنا ممّا تخيّلناه، فقررنا أن نفكّر بطريقةٍ نتفادى من خلالها الوصول إلى مرحلةٍ أكثر سوءاً بعد".
عندها ولدت فكرة "الطائفة 19" التي تتحدّث عن 18 سجيناً تختارهم الدولة من أجل القيام بتجربةٍ معيّنة بغية تحسين السجون، لكنّها تواجه مشكلةً كبيرة بعدما تكتشف أنّهم ينتمون إلى 18 طائفة مختلفة.
في المسرحية نكتشف أنّ القانون اللبناني يمنع المواطن من شطب طائفته من السجلات الرسمية. يمكن شطبها من بعض الأوراق الشخصية، لكن ليس من سجلات الدولة، وإلا يُحرم المواطن حقوقه المدنية، تماماً كما يُحرَم المجرم! الدولة تسمح لك بأن تغيّر طائفتك. الدولة تسمح لك بأن تبتكر طائفةً، إذا تأمّن لها عدد كاف من المنتسبين ونالت الترخيص. الطائفة يمكن أن تكون أخلاقية، لا دينية. من هنا، ولدت فكرة "الطائفة 19" التي لا علاقة لها بالدين، بل تؤمن بالعيش المشترك وترفض منطق التمييز الطائفي السائد، ويمكن أن ينتمي إليها أشخاص من جميع الطوائف الأخرى! بين شرح أفكار المسرحية وشرح منطق "الطائفة 19" يتابع الأخوان صبّاغ: "هذه الطائفة لا تسعى إلى أن تضاف إلى قائمة الطوائف، فحين ينضم إليها كلّ اللبنانيين، وبالتالي حين يؤمن الجميع بالعيش المشترك ويتحرّرون من الالتباس الحاصل بين الإيمان والتعصّب، عندها تُحلّ الطائفة 19 مباشرةً".
يلفتنا خلال حديثنا مع الأخوين صبّاغ أنّهما محيطان بموضوع الطائفة 19 من كل جوانبها، القانونية والأخلاقية وحتّى الدينية. "نحن لا ندعو أحداً إلى ترك إيمانه، فنحن مؤمنان ملتزمان، وقد نجحنا في توحيد عيد الفصح في منطقة ضهور الشوير. نحن نطرح خياراً جديداً وندعو اللبنانيين إلى أن يكون إيمانهم خاصّاً بهم، وأن يبقى بينهم وبين ربّهم، بعيداً عن الحياة السياسية والاجتماعية". ويرى الأخَوان أنّنا نرمي دائماً أسباب مشكلاتنا على الخارج، لكنّ الداخل هو الأساس، فحين يكون الداخل محصّناً لن يؤثّر فيه الخارج. "الجهة الأقرب إلى الطائفة 19 هو الجيش اللبناني، ففي الجيش يترك المرء إيمانه وطائفته ودينه في قلبه، وينظر مع زملائه إلى العلم اللبناني، ويكون انتماء الجميع: الوطن".
أسماء لامعة لممثلين يشاركون في هذه المسرحية ــ المشروع، نذكر منهم يوسف الخال في دور نقيب مغوار، "وسوف يفاجئ الجمهور بدورٍ غنائي". كارين رميا صاحبة الخامة الصوتية المميّزة، نبيل أبو مراد، خالد السيّد، نزيه يوسف، أسعد حدّاد، عبدو شاهين، جيسي عبدو... الفكرة اللافتة أنّ الأخوين صبّاغ أرادا أن يكون كلّ ممثل "ممثلاً لطائفته الحقيقية" واشترطا أن يكون، في الواقع، مقتنعاً بالطائفة 19، كي يقولا للجمهور: هذه المسرحية تمثّل الجميع وتنقل الواقع.
"الدليل" تحدّث إلى الأخوين صبّاغ بعد ساعات طويلة من التركيز في الستوديو لتسجيل الأغاني والموسيقى، فكان السؤال: في عملكما السابق اشترطتما أن يكون العزف والغناء حيّاً، فماذا تغيّر اليوم؟ يشرحان أنّ الأمر نجح سابقاً لأنّ العمل تم تقديمه في إطار مهرجانات بعلبك لأربعة عروض فقط، أمّا في "الطائفة 19" فلم يستطيعا الاتفاق مع أي أوركسترا، لا من لبنان ولا من الخارج، تستطيع الالتزام معهما طوال فترة العروض. ويشدّدان على أنّ التسجيل في الستوديو لم يكن بواسطة آلات كهربائية بل تمّت الاستعانة بفريق كبير من الموسيقيين كي يعزفوا بشكلٍ حيّ.

يوليوس هاشم 
النهار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق