تصنيفات مسرحية

الجمعة، 2 يناير 2015

للمرة الأولى الحكومة تقدم دعما ماليا: مبدعو المسرح السوداني ينثرون الملح على الجراح

مدونة مجلة الفنون المسرحية



 الحوار الإيجابي كان عنوان النقاش الذي دار بين مبدعي المسرح في السودان والمسؤولين الحكوميين عن إدارة النشاط الثقافي. وللمرة الأولى ـ منذ وقت طويل-تعلن الحكومة عن دعم واضح ومحدد بلغ 500 ألف جنيه في شكل «محفظة للأعمال المسرحية». 
الندوة التي أقيمت ضمن مهرجان ولاية الخرطوم للثقافة والسياحة، تميزت بالجرأة والوضوح، الناقد السر السيد تطرق إلى تداخل الاختصاصات بين أجهزة الدولة المختلفة، المتمثلة في وزارتي الثقافة والمالية إلى جانب الأجهزة الأمنية، وضرب أمثلة بالعروض المسرحية التي وافقت وزارة الثقافة على تمويلها وتمت إعاقتها من وزارة المالية أو جهاز الأمن!
وأعاب على الدولة تركيزها على العروض المسرحية المتجسدة في المواسم والمهرجانات المسرحية فقط، من دون الالتفات إلى النشر المسرحي أو البحث العلمي المسرحي أو التدريب على الفنون المسرحية، وعزا هذا الأمر إلى غياب التخطيط والسياسات المسرحية التي تنظر إلى الفنون كاحتياج تنموي وفكري وعرفاني وحضاري وسياحي واقتصادي. وأشار إلى أن أغلب الدعم يتم بناء على تحقيق الاحتفاليات ذات العائد السياسي، وسلّط الضوء على قانون النظام العام الذي يساوي بين الفن المسرحي والحفلات الغنائية، وخلص إلى أن الدولة في حاجة ماسة إلى إعادة التفكير في نظرتها للمسرح.
وقال سعد يوسف في حديثه عن (إنتاج وتسويق الأعمال المسرحية في السودان)، إنّ مشكلة الانتاج المسرحي تتمثل في التسويق، الذي اعتبره معضلة أساسية. وأضاف «الحل يكمن في التركيز على المواسم المسرحية»، وقدّم سرداً لمواسم مسرحية ناجحة كان عمادها المسرح الأهلي منذ ثلاثينات القرن الماضي.
وتطرق الأكاديمي والمخرج صلاح الدين الفاضل إلى غياب الاهتمام بهذا الفن وقال، إن الحركة المسرحية في السودان تحتاج إلى (وجيع) يهتم بها ويتفاعل مع قضاياها وانتقد وجود المسرحيين بدون وظائف واضحة، وطالب بهيكلتهم وظيفيا حتى يتمكنوا من أداء دورهم مع إقرار السياسات المتوائمة مع دورالمسرحيين وتمتعهم بالمهنية التي تؤهلهم للقيام بهذا الدور .
وقال عبد الحفيظ على الله الاستاذ بكلية الدراما، إن العلاقة بين المنظمات والجمعيات الطوعية والفن المسرحي تشترط الوعي بأبعاد تأثير الاستفادة المتبادلة، باعتبار أن لكل فئة أجندتها وغاياتها. 
وأوضح الأنور محمد صالح العديد من الصعوبات التي واجهت الموسم المسرحي الأول لولاية الخرطوم وفي مقدمتها غياب النص الجماهيري، لكنه عاد بالقول بأن لجنة الموسم المسرحي وفقت كثيرا في تنفيذ العديد من العروض المسرحية، كما أنها أسهمت في خلق علاقة بين وزارة الثقافة والمسرحيين إلى جانب أنها أعادت الاعتبار للمسرح كوعاء ثقافي وتوعوي. تجاوب مسؤولي الحكومة تمثل في إعلان عبد الرحمن الخضر والي ولاية الخرطوم عن دعم حكومته للمسرح من خلال محفظة للأعمال المسرحية قوامها 500 ألف جنيه سوداني، وأكد بأن الدولة مستعدة لعمل محفظة لتمويل الإبداع لضمان استمرار العروض المسرحية بعد إعفائها من الضرائب.
وأضاف الخضر أن مهمة الدولة الراشدة هي النظر إلى قضية الثقافة بعين الفحص والرضا والمسؤولية والقبول، مشيراً إلى أن الدولة لديها مسؤولية لبناء المجتمع وينبغي أن تقوم بها، واعترف بأن الدعم الذي تقدمه الدولة قليل جداً، مؤكداً إدراكهم أن حركة التوجيه التقليدية في المجتمع غير كافية.
وأشار الوالي إلى ضرورة الاتفاق على قدر من الحريات، كما طالب بضرورة أن يكون المسرحيون متفقين حول قضاياهم وعدّد خطط الولاية في تشييد مسرح في كل محلية.
وطالب وزير الثقافة والاعلام بولاية الخرطوم محمد يوسف الدقير، بشراكة حقيقية مع المسرحيين وأكد ضرورة وجود عمل مسرحي متواصل ومستمر، وقال إن هناك مخططا هيكليا أجيز من قبل الدولة يتيح تشييد مسرح بكل محلية.
الندوة حظيت بمشاركة نجوم المسرح والدراما وعلى رأسهم فائزة عمسيب، علي مهدي، زينب بليل، محمدعبد الرحيم قرني، اليسع حسن أحمد، مصطفى أحمد الخليفة وغيرهم من مبدعي هذا الفن، وتركزت معظم الآراء على ضرورة أن تفي الدولة بوعودها التي تكرّرت كثيراً بدون أن تتنزّل إلى أرض الواقع.
ويتجاوز تاريخ المسرح في السودان «مئة عام» منذ أن ابتدرته الجاليات الأجنبية في الخرطوم وصولاً إلى الرائد بابكر بدري في مدينة رفاعة بوسط السودان عام 1903 وعروض نادي الخريجين في عشرينيات القرن الماضي ومسرحيات خالد أبو الروس والعبادي وسيد عبد العزيز في الثلاثينيات، ومن بعدهم مسرح الفاضل سعيد وحقبة الفكي عبدالرحمن التي شهدت انتظاماً مميزاً للمواسم المسرحية.

صلاح الدين مصطفى
القدس العربي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق