تصنيفات مسرحية

السبت، 3 يناير 2015

ما الدنيا إلّا مسرح كبير

مدونة مجلة الفنون المسرحية

هذه العبارة «الدنيا مسرح كبير، وأن كل الرجال والنساء ما هم إلا لاعبون على هذا المسرح»، هي إحدى مقولات الكاتب الكبير وليم شكسبير، التي نرددها مثل مقولة «أن نكون أو لا نكون...هذا هو السؤال أو المسألة»، وإذا قارنّا بين المسرح والدنيا، سنكتشف تماثلاً حد الدهشة.

ففي المسرح ستارة، تفتح بالبداية وتغلق في النهاية، وتلك حقيقة من حقائق الحياة، فلكل شيء بداية ونهاية، لتفتح من جديد على مسرحية جديدة، فهناك ولادة يليها موت وجيل ينفي الآخر، أما البشر في الحياة رجالاً ونساء، فهم لاعبون قد يكونون جيدين مهرة، أو يكونون فاشلين رديئين، أشبه بالوزراء والمسؤولين الذين يعبرون في حياتنا، بعضهم يبقى بالذاكرة، والبعض لا يترك تأثيراً، والبعض يكونون مكروهين من الناس.

وبالمسرح كذلك ديكور، مهمته أن يعطي المسرح الكلاسيكي شكلاً محاكياً للواقع، وقد يكون متقن الصنع قريباً من الواقع، وقد يكون رديئاً في رسمه وتصميمه وتنفيذه، ولا يناسب مضمون وتاريخ المسرحية، وفي الحياة هناك شكليات بعضها لا يعكس حقيقة البشر، مثلما هناك نفاق اجتماعي وديني، ومظاهر خادعة لا تعكس الجوهر والحقيقة.

وفي المسرح الكلاسيكي هناك ملقّن، وفي الحياة هناك من يلعب مثل هذا الدور، كما يوجد في المسرح بطل أو لاعب رئيسي، وهناك كمبارس ولاعبون ثانويون بل بعضهم هامشي، وهذا أيضاً ينطبق على الحياة.

وفي المسرح مشاهد مسرحية، وفي الحياة كذلك مشاهد في الواقع المتغير مع الزمن، مثل المشهد السياسي والاجتماعي، الذي لايبقى ثابتاً ولكنه في حركة جدلية، وهناك مساحيق وشعر مستعار، سواء على الرأس أو الذقن أوالشوارب، ويوجد مثلها في الحياة، كما يوجد قبعات مختلفة لنفس الممثل، وفي الحياة الأمر لا يختلف.

وفي المسرح كذلك دراما وكوميديا وتراجيديا وكوميديا سوداء، وهناك ضحك وبكاء وغضب وحزن وفرح، وهذا ينطبق على الحياة أيضاً، التي تحمل أفراحاً وأحزاناً وسخرية قدر، ونهايات سعيدة ونهايات مأساوية.

فهل كان شكسبير عبقرياً فذاً، أو فيلسوفاً عميقاً كي يكتشف ويصيغ مثل هذه العبارات؟ أم أن تراكم خبرات الحياة وتجاربها، تترك تأثيراً على ذهن ووعي الإنسان ورؤيته للحياة؟ أظن أنه لا يمكن الجزم، لكننا كبشر وفي كل سنة تمر وتمضي، نتذكر العام الماضي بإنجازاتنا وإخفاقاتنا، ونشعر أننا كبرنا ونكبر باتجاه النهاية المحتومة، وللعاقل أن يتعظ ويستفيد من أخطائه، ويتعلم من تجاربه التي مر بها، بإيجابياتها وسلبياتها.

وليد الرجيب
الراي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق