مجلة الفنون المسرحية
هوامش
• الحرية المطلقة ، شرط الابداع ، حوار أجراه : صالح حسن فارس ، مع المخرج اسماعيل خليل .
1* أدونيس ، كلام البدايات ، دار الآداب ، بيروت 1989 ، ط1 ، ص190.
2* د.لويس عوض ، أزمة المسرح المصري..ومثلث النص ، الممثل ، والنقد . جريدة الجمهورية ، الخميس26/4/1984 ، ص7 .
هو اسماعيل خليل أمين ، مسرحي من العراق ، تنقل بين سوريا ، وبيروت ، واليمن ، وبلغاريا ، والمانيا التي استقر بها وطنا بديلا وملاذا للحياة وللعلاج . انتهى المطاف به بعد حملة الهجرة الاولى للخلاص من الوطن الذي لا يوفر السلام . يقول اسماعيل : هناك لملمت افكاري وقمت بالتعاون مع لطيف الحبيب باصدار كتاب يحمل عنوان ( المسرح المغيب ، شاهد على العصر ) . وفي العام 2001 عملت بمشاركة صالح كاظم وبكر رشيد على تأسيس اول مهرجان للمسرح العراقي في المنفى . ومن المانيا بالتحديد كانت الانطلاقة . وكنا نطمح ان نثبت لانفسنا ، بأننا فاعلون هنا في المنافي وبامكاننا ان نوصل صوتنا الى الوطن ونتواصل مع بغداد وفنانيها.
لكن التواصل مع بغداد وثقافة الداخل كان شبه مستحيل ان لم أقل معدوما ، رغم ذلك كان يحدوني امل في نقل تجربة الحداثة من المسرح العراقي لمنفاي ، عزاء او بديلا عن لوعة الفراق . وفعلا نقلت ما استطعت حمله من تجربة الى اليمن الجنوبي املا في تواصل التجربة التي بدأناها في بغداد . وانطلاقا من ان اسس الحضارة واحدة ، وقاسمها المشترك هو الانسان ، والوعي الانساني . ومن تجربة اليمن التي اصابت النجاح ، ما دعا الحكومة اليمنية ارسالي الى بلغاريا في دورة تدريبية عام 1987 كي أتخصص فيها بالاخراج وباشراف البروفيسور البلغاري ساشو اوستيانوف في معهد الدولة العالي للمسرح VTIS ، قدمت خلالها مسرحية ( عرس الدم ) للشاعر الاسباني : لوركا ، اطروحة لتخرجي وحصولي على الدبلوم العالي في الاخراج . عدت بعدها الى اليمن . ومنها وفي العام 1996غادرت الى المانيا وبالتحديد الى مدينة برلين . التي اخترتها بعد ان ضاق بي الحال في الوطن - العراق ، وكبر في داخلي الاعتقاد من ان في تغيير المكان والابتعاد أمل في حياة اكثر انفتاحا ، تسمح لطموحاتي ان تجد طريقها الى النور . يقول : الصدفة وحدها قادتني الى اليمن التي انشأت فيا مسرحا اطلق اليمنيون عليه مسرحا حديثا . شكلت في عدن ( فرقة مسرح أكتوبر ) اخرجت لها العديد من المسرحيات بدءا من مسرحية ( الملك هو الملك ) للكاتب سعد الله ونوس ، التي اعتبرها المعنيون انطلاقة جديدة للمسرح اليمني الجنوبي من حيث الحركة ، التشكيل الحركي ( الميزانسين ) ، الاضاءة ، اللون ، والتمثيل الذي قال عنه أحد النقاد : ( نحن نعرف هؤلاء الممثلين من قبل ، لكنا الان نعرفهم بشكل آخر مغاير وجديد ) . ورغم انها كانت تجربة مهمة ولكنها كانت صعبة – حسب اسماعيل – لكنها وضعت اللبنة الصحيحة الاولى في طريق المسرح اليمني . تبعتها تجارب اخرى لا تقل بذات الاهمية ، فكانت المسرحيات التي قدمها حسب تسلسلها ( الملك هو الملك ) للكاتب : سعد الله ونوس ، ( عبيدو ، والصراط ) للكاتب : توفيق اخلاصي ، ( الشهداء السبعة ) وهي حكاية يمنية كتبها العراقي هادي الخزاعي ، ( حصار بيروت ) للكاتب : شاكر لعيبي ، ( العودة المفاجئة ) للكاتب : مارتن أسلن ، ترجمة : سعدي يوسف . مسرحية ، ( الفيل يا ملك الزمان ) للكاتب : سعد الله ونوس . شاركت في مهرجان أيام قرطاج المسرحية 1991 . مسرحية ( ابو حيان التوحيدي ) للكاتب : قاسم محمد .
خاض اسماعيل خليل نوعين من الصراع ، صراع مع السلطة التي كبلته ، والثاني مع الذات التي منعته من الانزلاق في الانتماء الضيق في الحياة او في السياسة . هو الذي يدعو الى الحرية المطلقة للفنان باعتباره اساس الحضارة وقاسمها المشترك ، كما تؤكد ذلك جميع الآثار واللقى والايقونات . ولأن الوعي يحتاج الى الحركة بديلا موضوعيا عن اللغة غير ذات الأهمية في الكثير من الاحيان ، وعليه فـ ( الحركة ) كفيلة بايصال المعنى غير المسبوق ، متعدد الآفاق البكر ، بسلاسة ويسر . ان الحركة ذات الفكر التنويري والحرية بلا قيود ، ذات المهمة العسيرة هي الوحيدة القادرة على بقاء المسرح بعيدا عن الولاءات . وما الخراب الذي اصاب المسرح الا بسبب النظرات الضيقة التي تحاول ان تفرض رؤيتها واجندتها على كل شيء . واذا ما حسم الصراع باتجاه الحرية فمن المؤكد اننا سنشهد نهضة للمسرح لا مثيل لها . ولأن مهمة النهوض بالمسرح مهمة عسيرة لابد لها من فكر علماني – تنويري . في عقدي نهاية الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي – حسب اسماعيل خليل – الذي يقول : خضنا تجربة الوفاء التام للابداع ، ورفضنا الوصايات ، الضيقة منها والواسعة ، فلم نكن وقتها ننصاع كليا لتلك الوصايات ، ولقد وضعنا هامشا واسعا للحرية في سلوكنا ، وسياسة العقوق لاولياء الامر والاوصياء التي سلكناها ، جعلتنا نحقق الكثير ونقف بجدارة مع من سبقونا وقوف الأنداد ، مع عدم رضانا عن هذا النوع من السلوك وعلمنا بعدم رضاهم – أيضا - واعتبارنا عاقين .
في العام 1948 ، ولد اسماعيل خليل في محلة البتاوين ، خلف مسرح بغداد وسينمات شارع السعدون حيث تسكن جدته لأمه . معمدا بخليط عرقي غير طائفي من سكان بغداد ، مسسلمين ومسيحين وايزيديين ويهود وصابئة ضيعت ملامح انتماءاته العرقية وسلحته بخصال من اخلاقها المعمدة بحب العراق ، انه خليط من طيب سكانها . هو القائل عندما صار مهما : "حين أقدم على تأسيس عمل مسرحي اخراجيا لايفارقني اقراني من المسرحيين أخشى مراقبتهم التي تحيطني بالمعرقبة وتخشى علي من الزلل ، انهم يحتلون تفكيري ويشعروني بالرهبة ، يراقبوني وانا أعمل ، لكنني ازداد اطمئنانا باحاطتهم لي فأعرف بانني أسير على طريق سليم ، اتعمد استشارتهم ولو كذبا أحيانا من أجل سلامة خطواتي ، حتى اذا تعديت اليوم الاول من العرض ووقفت على ارائهم تنفست الصعداء " . أكد ذلك لي حين هاتفته ليل 17-18/آب/2015 ومن غير سؤاله مؤكدا ذات الرأي الذي كنا نسير عليه جميعنا نحن تيار ( المجددين ) من جيل الشباب في السبعينات الثائرين على كل عناصر المسرح حينها ، على التأليف والاخراج والتمثيل بفعل تأثيرات الأدب الحديث والرؤية البعيدة عن المعالجات التقليدية في العمل على النص – حسب اسماعيل خليل – ومنطلقات جيلنا .
صلاح القصب ، عوني كرومي ، فاضل خليل ، جواد الأسدي ، فاضل سوداني ، علي ماجد ، عبد المطلب السنيد ، هادي الخزاعي ، عقيل مهدي ، عزيز خيون ، حسن عبد ، محمد زهير حسام ، كاظم الخالدي ، وآخرون جميعهم يشكلون المبدعين ممن جايلوا اسماعيل خليل ، وشكلوا جميعا ظاهرة الجيل ، أو الرعيل الثالث من المسرحيين في العراق . ونادرة صباحات بغداد التي نصحو بها بعيدين عن بعضنا . وغالبا ما تجمعنا وجبات طعام مشتركة زهيدة الاجر ، او وجبة غداء تجمعنا في بيت جدته لأمه التي رعته وصيرته فيما بعد مبدعا تباهت بحضوره الفاعل في الساحة المسرحية مثلما تباهينا به نحن جيله . هو اول المخرجين من جيلنا اعتمدته الفرقة القومية للتمثيل مخرجا رسميا بعد اعداده بجدارة في فرقته الأم ( فرقة المسرح الفني الحديث ) ومروره ضيفا او عاملا في بقية الفرق المسرحية العاملة الأخرى ( فرقة المسرح الشعبي ، فرقة المسرح الحر ، فرقة مسرح اليوم ، فرقة اتحاد الفنانين ، فرقة 14 تموز و24 فرقة مسرحية اهلية ذات التمويل الذاتي تتنافس فيما بينها على صدارة المشهد المسرحي ) . جيل المسرحيين من الرعيل الثالث كان يقطع يوميا مئات الكيلومترات متنقلا بين شارع الرشيد وشارع السعدون والوزيرية عبر باب المعظم والباب الشرقي لبغداد ، حيث بيوتات أهل نرتادهم باستمرار بحثا عن مأوى ننام فيه او نقود تؤمن لنا قوت يومنا . آوتنا فنادق بغداد زهيدة الثمن اغلبها يقع في شارع الرشيد حملت اسماء توحي باجورها الرخيصة ( فندق الايمان بالله ) و( فندق وردة الصباح ) و( فندق ليالي دمشق ) ( فندق مؤيد ) وفنادق اخرى اقل اهمية آوتنا مع حقائب كتبنا التي تضم احيانا قميص نوم او بدونه ، فمنا من كان ينام بخلع البنطلون والقميص لينام بالملابس الداخلية ، او ينام بالبنطلون والقميص عندما لا تتوفر الملابس الداخلية . ننام حتى أذان الظهر لننطلق الى مطاعم الـ (الفوكه) حيث الرز والمرق وكميات هائلة من الخبز (الصمون)** كيف لا وهي الوجبة الاهم التي نقتات بها حتى الساعة الثالثة ليلا عندما ننهي يومنا من المقاهي بعد نقاش ومشاهدة فلم في احدى سينمات بغداد ( سميراميس ، غرناطة ، الخيام ، النصر ، بابل ، وسواها ) أو احتساء كأس او اكثر من العرق او البيرة في بارات ( كاردينيا ، أو بلودان او فوانيس ، البارات زهيدة الدفع والثمن ) لنذهب بعدها والصبح اوشك على الاشراق حيث عربة ابو شامي للمقليات ( العروك والبطاطا والباذنجان والبيض المخلوط بالعروك المفتت ( المخلمة ) تحت نصب الحرية وتحت عنق الحصان الجانب الاعظم من نصب الحرية حيث ينتظرنا العشاء الكبير في العديد من السندويتشات ( اللفات بالعراقي ) . نأكل ونأكل بلا حساب فبالامكان عند ابو شامي ان نسجل ما نأكل على الحساب الذي بقي الكثير منه دينا في رقابنا سددناه بعد التخرج ومن اجور من اشتغل من بعضنا.
الكيلومترات التي قطعناها وقطعتنا مشيا كانت تنتهي بنا عند ( مسرح بغداد ) او ( مسرح اليوم ) او ( مسرح الـ 60 كرسي ) ، وفرق مسرحية اخرى بلا صالات عرض كانت هي الاخرى مقراتها في شارع السعدون او محلة البتاوين او في منطقة الصالحية او مدخل شارع النهر . كنا نذهب اليها – الفرق المسرحية - اما للتمرين او للعروض المسائية ، وأسعدنا من كان يحظى باسبوع مجاني كالذي حصل معنا في ( النخلة والجيران ) ومع ( فرقة 14 تموز ) في عرضهم لمسرحية ( الدبخانة ) . كانت تلك مكرمة تمنحها لنا الدولة على خشبة مسرح الدولة ( مقر المسرح القومي ) في كرادة مريم – المنطقة الخضراء فيما بعد – حاليا لا يقطنها الا المسؤولون .
وبالتالي فالهموم اعلاه ، ورحلة الأميال سيرا على الاقدام ، مصحوبة بالجوع المزمن او التخمة بالوجبات الخالية من الفيتامينات بها او بسببها شل العديد من مبدعينا ممن لا تعتني بهم الدولة ولا الايام ، دفع الكثيرون منهم ثمنها بأمراض مزمنة أو ما يقابلها من الهموم . هي التي اقعدت اسماعيل خليل ، الذي اصبح يشكو من امراض عملاقة ، اقعدته ، وابعدته عن الابداع ، بعيدا عن الوطن الذي لا يعتني بمبدعيه ، لكن المنفى احتضنه مواطنا من الدرجة الاولى وعالجه بارقى المستشفيات وما زال في العلاج باهتمام من كبار مسؤولي المنافي من امثال الكبيرة ( ميركل ) رئيسة وزراء المانيا ، التي فرغت بيتها لاستقبال من وصل من اللاجئين .
اسماعيل خليل الذي عمّده الكبار ، ابراهيم جلال ، ويوسف العاني ، جعفر السعدي ، جعفر علي ، قاسم محمد ، سامي عبد الحميد ، اسعد عبد الرزاق ، بدري حسون فريد ، ابراهيم الخطيب ، بهنام ميخائيل ، وسواهم . وبعد ان انجز ادواره في مسرحيات : النخلة والجيران ، تموز يقرع الناقوس ، في انتظار كودو ، عطيل ، ماكبث ، وسواها على مسارح بغداد . كل هذا الجهد خلق منه مخرجا من جيل الصبية – نحن – كما يحلو للكبار تسميتنا وقتها . اذن هو واحد من اؤلئك الصبية الفرحين بالتسمية ممن طمّنوا الكبار بولادة جيل حمل رسالة السعي المرهق من التصورات الخاضعة لقوانين التطور الاجتماعي والانساني في الحياة والمسرح . اطلقنا عليه العديد من الصفات ، الحكيم ، الهادئ ، النبيل ، الطيب ، الذي نادرا ما يخرج من رزانته . رجل بهذه الصفات هل يصلح لأداء شخصية ( ياجو الشرير ) البعيد عن كل صفات اسماعيل في مسرحية ( عطيل ) التي اخرجتها أنا – فاضل خليل – باشراف متميز من - ابراهيم جلال -واخترت لها ( اسماعيل خليل – ياجو ) بصفاته المغايرة عدا الصفات الخارجية من وجهة النظر المتفق عليها عالميا في ضآلة الجسم ، وفي لحظات الصمت قبل الكلام ، وبالصوت الحكيم المتأني . نعم جازما كنت ومقتنعا ان يكون ( اسماعيل - ياجو )، فـ "سحنته التي تدل على عمق نظرته ووعيه وهمه المسرحي" الذي يرتقي به الى مصاف أهم النجوم الكبار في العراق والعالم . والطيبة كيف ستتفق مع شرور ياجو ؟! حملت اسئلتي ومخاوفي وتوجهت بها الى ( البروفيسور ابراهيم جلال ) المشرف على مشروع تخرجي ( مسرحية عطيل كما اراه ) ، فاتفق معي على اختيار ( عبدالجبار كاظم ) لاداء شخصية ( عطيل ) ، مع شعوري في أننا سنختلف على اختيار ( اسماعيل خليل ) لاداء شخصية ( ياجو ). لكن موافقة ابراهيم جلال سبقتني على صواب الاختيار ، قائلا : اذا اردت ان تسند دور الشرير الى ممثل مشاكس سيقدم الشر ناقصا . وستكون فرصة امام اسماعيل لأن يلعب الشر الذي لم يعرفه في الحياة على خشبة المسرح . وهكذا لعب ( اسماعيل - ياجو ) على المسرح بنجاح كبير .
وفي الوقت الذي كان فيه التجديد في المسرح لا يعدو اكثر من تغيرات طفيفة على النص او في الديكور وسواها كان يعالجها بحلول تقليدية ، و يبحث لها عن اشكال أكثر غرائبية ، مثيرة للجدل كما في اخراجه لمسرحية ( ماكبث ) عندما رسم خارطة العالم على بالونة تمثل الكرة الارضية يضعها بين يدي ماكبث يرمي بها حيث يشاء . و(ماكبث) كانت اطروحة تخرج اسماعيل للحصول على شهادة البكالوريوس ، طامحا في عمله عليها ان تكون غير ما اعتاد عليه الاخراج ، يأمل ان تكون خارج المألوف ، بدأ من اختصارها نصا في جعله – النص 7 صفحات - ورؤية لاتماثل بقية الشكسبيريات في المعمار المدهش واللغة القريبة من الكلام في الانجيل والكتب المنزلة وسوى ذلك من الخروقات التقليدية التي لا تجانب طاعة الوالدين في المسرح العراقي . هذه التصورات دفعت باللجنة الى منع عرضها ، الامر الذي يجعل اسماعيل الى ترك الدراسة . لم يرض ذلك اساتذته ( جعفر علي ، جعفر السعدي ) اللذين انبريا لاقناع ابراهيم جلال – استاذه المشرف - ان يوافق على عرض ( ماكبث ) من اجل مستقبله في الحصول على شهادة التخرج ، فوافق ابراهيم وتشكلت لجنة الاختبار من كبار الاساتذة الذين منحوه درجة الامتياز في الاخراج المسرحي . ولا يفوتنا ان نذكر بأن الصحف ايضا تناولت هذا الحدث بما يستحق من الاهمية . من هنا تولد عنده موقف رافض للنقد الذي يكتبه نقاد غير متخصصون ، جاءوا اليه من اختصاصات ادبية مغايرة . وهو ما جعل نقودهم مصابة بالضعف المعرفي والفكري ، اجهضت كتاباتهم العديد من التجارب الناجحة في المسرح . لا تعدو كتاباتهم غير انطباعات تناولت النص فقط ، وهو الجانب السهل من المعادلة والقريب من اختصاصاتهم . فلم يتطرقوا الى التجسيد وما يتبعه من اساسيات تشكل التكامل الفني في العرض المسرحي . وان مهمة الناقد كما حددها برتولد بريخت بامكانها استدراج الجمهور إلى المسرح ، والناقد هو من يدفعنا إلى التنازل عن قناعاتنا وفقا لآرائه . وهذا النوع من النقاد غير متوفر – حسب اسماعيل - وهو الذي اثار اشكالية ان " النقد كالفكر ، أو هو فكر لا يتغذى ولا ينمو إلا بالتساؤل المستمر"(1) . وبعد ان تدنى مستوى المسرح في الآونة الاخيرة صار الناقد الذي يشكو من العروض التي تستحق الكتابة وها هو الكاتب المصري لويس عوض يقول : " ماذا أنقد ؟ للأسف أن ما يعرض حاليا لا علاقة له بفن المسرح ، لا من قريب ولا من بعيد"(2) . فالرأي النقدي اذن لا يولد من لا شيء بل هو ينمو وينتعش في ظل المعرفة والعروض الكبيرة .
• انه هو اسماعيل خليل أمين ، عراقي اينما حل – حسب شعوره – تنقَّل بين سوريا وبيروت وبلغاريا واليمن والمانيا التي استقر بها ملاذا للحياة وللعلاج ، وسواها من المنافي الهامشية ، ضمن حملة الهجرة الاولى للخلاص من الوطن الذي لا يوفر الحياة والسلام لابنائه . ولد في بغداد 1948. انطلق صغيرا من برنامج (جنة الاطفال) للمربي الكبير (عمو زكي) . 1967 انتمى الى (فرقة الصداقة) التابعة للمركز الثقافي السوفياتي فمثل لها واخرج العديد من المسرحيات . 1968 التحق باكاديمية الفنون الجميلة لدراسة المسرح . 1969 تم اختياره ممثلا في مسرحية ( النخلة والجيران ) وما تبعها من المسرحيات لفرقة المسرح الفني الحديث منها على سبيل المثال لا الحصر ( تموز يقرع الناقوس ) تأليف عادل كاظم واخراج سامي عبد الحميد .
• الحرية المطلقة ، شرط الابداع ، حوار أجراه : صالح حسن فارس ، مع المخرج اسماعيل خليل .
1* أدونيس ، كلام البدايات ، دار الآداب ، بيروت 1989 ، ط1 ، ص190.
2* د.لويس عوض ، أزمة المسرح المصري..ومثلث النص ، الممثل ، والنقد . جريدة الجمهورية ، الخميس26/4/1984 ، ص7 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق