مجلة الفنون المسرحية
هل يشكل المسرح ضرورة في حياتنا دائما؟ سؤال اجيب عليه كثيرا عبر الطروحات الفكرية التنظيرية والعملية وعبر حقب تاريخية متعددة، لدرجة ان بعض من هذه المجتمعات المتقدمة حضاريا وثقافيا تجاوزت التوقف عند السؤال وتركته بحثا عن اسئلة جديدة، لان الاجابة عليه الان تعود بهذا المجتمع الى الوراء كثيرا فيرى مثلا : مدير مسرح مدينة بوخوم الالماني ( فرانك باتريك شتكل ) : « ان مجتمعا يجب علينا ان نوضح له مرة بعد اخرى وبدون جدوى، حاجته الى المسرح هو مجتمع ما عاد بحاجة الى المسرح، وان ارغام الفنانين على تقديم تفسير لماذا وكيف يعتبرون فنهم مهما، لهو امر يبدو غير لائق، فمثل هذا السلوك يؤدي في حالتنا تلك حتما الى النظرية .. القائلة : من لا يرتاد المسرح دائما ليس انسانا بمعنى الكلمة . ان كل محاولة للدفاع عن المسرح في تلك الظروف يتهددها خطر التدني تصير لغوا لا طائل منه . «
ونسال مرة اخرى : لماذا تعمد – مثلا - جامعة جنوب الوادي في مدينة ( قنا ) المصرية على اقامة الملتقى الفني والابداعي للجامعات العربية والدولية سنويا ؟ .. ولماذا تصر كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية في جامعة سيدي محمد بن عبد الله في مدينة ( فاس ) المغربية سنويا على اقامة ( مهرجان فاس للمسرح الجامعي ) ؟؟ ...وهناك امثلة كثيرة اخرى .
فهل اننا في العراق الآن تجاوزنا الخوض في اجابة سؤالنا (لماذا نحتاج الى المسرح في حياتنا)؟
الاجابة، وعلى مسؤوليتي، أؤكد اننا للاسف لا نزال نبحث ونثقف اعلاميا عن اهمية المسرح وحاجتنا اليه حضاريا وثقافيا، بالرغم من اننا اصلا اصحاب حضارة وثقافة عريقة، ولان المسرح بوصفه فنا حضاريا وثقافيا وانسانيا يهتم بالانسان ومعاناته وطرح همومه اليومية ومحاولة البحث عن البدائل الاسلم له، والبحث – مسرحيا – عن الحقائق المغيبة والمسكوت عنها التي من شأنها رفع قيمة وانسانية المجتمع برمته .. ولان المسرح ذلك الخطاب الفني الجمالي والفكري الباحث عن العدالة الحقة لنا جميعا ويحمل رسالته المقدسة عبر الاف السنين مؤرخا لتاريخ ومعاناة الانسانية.
هذا عن المسرح عموما .. فكيف والحديث الان عن ( المسرح الجامعي ) ؟ بوصفه مصطلحا - غير جديد على ثقافتنا العراقية – يجمع المفاهيم المسرحية بجانب اسم الجامعة، والمسرح الجامعي له دلالته ومعانيه المعروفة للجامعيين خاصة وللناس عامة لما تتتميز به الجامعة من مكانة اجتماعية وثقافية، لتشكل لنا تلك المعاني والدلالات السامية والجليلة والساعية نحو بناء انسان جديد متحضر ومثقف يحمل الوعي الحضاري. من هنا تنبع أهميته في تفعيل وتنشيط ما ينبغي فعله وتنشيطه وسط ذلك الحرم المقدس، ليكون ( المقدس داخل المقدس : المسرح داخل الجامعة ) خطابا ثقافيا معرفيا ترفيهيا وتربويا واخلاقيا في ان واحد .
لقد شهد وسطنا الجامعي العراقي مؤخرا - لا عروضا جامعية فقط - بل مهرجانات مسرحية عراقية – على قلتها - تحت اسم ( مهرجان المسرح الجامعي ) ضمن النشاطات اللاصفية لجميع الكليات بمختلف تخصصاتها العلمية والانسانية بضمنها كليات ومعاهد الفنون الجميلة العراقية كون هذه الاخيرة تعمل وفق تخصصها، وبالتالي هي ستتلاقح مع المواهب الفنية المتوافرة حتما في الكليات الاخرى. والامر يعود بالتالي على الجمهور الجامعي من اساتذة وطلبة وموظفين ومنتسبين جامعيين اخرين من شانهم التفاعل والافادة من ما يقدم من موضوعات اجتماعية او سياسية او دينية تزخر بها النصوص المسرحية الاجنبية والعربية والعراقية .
ان تغييب او تجاهل ( المسرح الجامعي ) يعد تغييبا وتجاهلا لثقافة المكون الجامعي برمته، او عدم الطموح بالنهوض بهذه الثقافة وبهذا الوعي المتوافر حاليا بدرجات متفاوتة بين شخص واخر وبين اختصاص واخر .. فللمسرح الجامعي اهداف مستقبلية تتقارب كثيرا مع اهداف المسرح عموما . والمسألة برأينا ليست معقدة كثيرا، اذا ما تم التخطيط لها، وبشكل سنوي واعتماد الخبرات المسرحية الكفوءة وتوفير المستلزمات المسرحية لتفعيل هذا المرفق الحيوي للجميع وعيا وثقافة وحضارة من شأنها النهوض لا بالحرم الجامعي وحده وانما بالمستوى الثقافي والحضاري للبلد باجمعه . و لانحلم أو نطالب الآن بمهرجان مسرحي جامعي عربي او عالمي، بل نجد ضرورة لاقامة ( مهرجان مسرحي للجامعات العراقية ) .. ولنبدأ من الآن .
-------------------------------
المصدر : جريدة الصباح
-------------------------------
المصدر : جريدة الصباح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق