تصنيفات مسرحية

الخميس، 19 مايو 2016

«الكواليس».. عوائق المسرح المستقل

مجلة الفنون المسرحية

أكثر ما اتسمت به مسرحية «الكواليس» تضفيرُ أشكالٍ فنيةٍ عدّة أغنَت العرض وأعطته أبعاداً أخرى إنسانيةً وجمالية، (الفيديو، الغناء، التمثيل) عناصر فنيّة نسَجَت بإتقان فرجةً مسرحية قدمتها فرقة «سبيل» 13-16 مايو في المسرح الفلكي وسط البلد، تأليف وإخراج داليا بسيوني. «الكواليس» يزيح الستار عن الخبيء في عالم التمثيل، وما يعانيه صنّاعُه من تحديات، وكأنها كواليس الحياة التي قد تحبس أيّاً منا بين فكّيها لتختبرَ سعيه ومكابدتَه للوصول إلى المُبتغَى.
فكرةُ العرض مستوحاةٌ من المسرحية الأميركية «Stage Door» والتي تحكي محاولاتِ فناناتٍ الفوزَ بأدوارٍ تمثيلية في نيويورك أوائل القرن العشرين، العرض المصري ينطلق من هنا ويحكي من خلال فرجة داخلَ فرجة قصة «فريدة» الممثلة التي تحضّر لأول عمل إخراجي لها وما يعترضها من عقبات تُعتبر جزءاً من رحلة أغلب الفنانين المستقلين، تعاون المؤسسات الحكومية.. تأثير الظروف السياسية. ويقف العمل على إشكالية علاقة الممثل مع المحيط سواء كان الوسط الفني أو المجتمعي، حيث العلاقات الفنية المتأرجحة بين الصدق والمنفعة، فضلاً عن حالة الرفض التي قد يعيشها الممثل ـ الممثلات تحديداً- في ظل الأفكار المجتمعية التي تضعهن تحت مقصلة الإدانة الدائمة.

أجادت داليا بسيوني مؤلفة العمل ومخرجته في تشكيل رؤية مسرحية أنيقة بالمواءمة بين عناصر العرض وأداء الممثلين الذين أشعلوا الخشبة بمهارتهم. إلا أن بسيوني التي أثقلت نفسها بالتمثيل الذي لم يكن على مستوى الإخراج، تؤكد للسفير أن تجسيد دور «إيمان» فُرض عليها لأنها لم تجد ممثلة تمكنت من استيعاب المفاهيم التي يقدمها العرض لتؤدي الشخصية كما يجب، أدت بسيوني شخصية «إيمان» الكاتبة التي تتمسك بنصها وترفض تعديله، خاصة أنها بَنَته بتؤدة، واضعةً فيه أحداثاً ومفاهيم ترفض حذفها من قبل المخرجة فريدة.
كواليس الحياة
«أردتُ من خلال العرض كشف كواليس الحياة لا المسرح فقط، فالعقبات قد تعترض أيّاً منا وفي أي مجال، ومحاولات التغلب عليها هي أيضاً بهدف الوصول لما نصبو إليه» تقول داليا بسيوني مضيفة أن المسرح المستقل يعيش الكثير من التحديات خاصة في ظل المتغيرات الحالية التي تؤثر عليها بشكل مباشرة وهذا ما حدث فعلاً مع فرقة سبيل مؤخراً، وكأن الفرقة تحكي قصتها في محاولة العيش والإبقاء على جماليات الحياة برغم صعوبة الظروف وهذا شعور هرقلي كما تصفه بسيوني.
أداءٌ شبابي يفيض بالنضج والحيوية قدمه (نادين الشيتي، نانسي عليم الدين، مدرونا سليم، حسن عبدالله،أحمد الشربيني) مجسدين شخوصاً لأناس من الوسط الفني، كلٌّ منهم يحمل فكراً ونمطاً في العمل، مستوياتٌ متنوعة من الأداء ساهمت في تكثيف الصورة المسرحية والتبشير بجيل مسرحي متوهج ومختلف.
رؤية بصرية
أما سينوغرافية المصمم سعد سمير فقد أغنت العرض بتشكيلات ضوئية وجمالية تكاملت بحرفية مع باقي العناصر (الفيديو، الموسيقى، الملابس) «الديكور والإضاءة عناصر مساعدة في عرض الحكاية بشكل أكثر فهماً واستيعاباً، كما أنها تضيف للحكاية مستويات أخرى للطرح فيعملان على نقل الزمان والمكان والتعبير عن دراما العرض»، وهذا ما برع فيه بإضاءته التي تعطف الشخوصَ والمتلقي بين مشهد وآخر، قابضاً على الزمان بتقنياته التي أجاد توظيفها لترفع العرض إلى مستوى عال من التميّز، خاصة أنه اعتمد لغة بصرية بعيدة عن النمطية «كان هدفنا في العرض تقديم رؤية بصرية بعيدة عن التقليدية وتحقيق بُعد آخر للحكاية، وهذا ما تم بعد نقاشات مع المخرجة وفريق العمل الفني». كما كانت الملابس التي صممتها نرمين سعيد والفيديو ـ أخرجه أحمد السيد وصمم تقنيات عرضه ميدو صادق، دفةً أخرى أعطت العرض زخماً فنياً.
فرقة «سبيل» أسستها داليا بسيوني عام 1997 وتسعى منذ ذلك الوقت للعمل ضمن فضاءات مسرحية بعيدة عن النمطية، مركزة على إيجاد صيغ جديدة تحكي المرأة من خلال المسرح والفيديو. «سحر البرلس» كانت آخر عروض الفرقة منذ أربع سنوات، عُرضت في القاهرة ومحافظات مصرية أخرى، وتحكي الصراع بين الجديد والأفكار الموروثة، ربطاً بالمرأة وعلاقتها بالطقوس والتقاليد، «سحر البرلس» تخللت عرض «الكواليس» عبر الفيديو والملابس، ما أثرى العرض وأعطاه مستويات فنية وجمالية أخرى.

----------------------------------
المصدر :وئام يوسف - السفير 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق