مجلة الفنون المسرحية
أشارت الدكتورة نورة هادي السعيد أستاذ الأدب الإنجليزي المساعد بجامعة الجوف أن أفعال اليهود المشينة دفعَ بالمجتمع الأوروبي في القرون الوسطى إلى نبذهم مما أدى إلى زيادة وتيرة أفعالهم السلبية وارتفاع منسوب أحقادهم، إلا أنها أكدت على ضرورة التعامل مع الإنسان بإنسانية في ظلِ عالمٍ منفتح، فهناك أكاديميون غربيون في العالم العربي لكنهم يهود، وهنا لا يمكن نبذهم بل الاستفادة من عقولهم و معارفهم في إطار العمل والأعراف الإنسانية. جاءَ ذلك رداً على مداخلة لإحدى المشاركات في لقاء القراءة الأسبوعي الذي نظمته نسائية أدبي الجوف مساء السبت 12|5|1432هـ خلال قراءة الدكتورة السعيد لكتاب: "اليهود و شكسبير" للدكتور رمسيس عوض أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة عين شمس المصرية، وكانت إحدى الحاضرات قد تساءلت : " هل الحقد اليهودي بسبب تعاليم دينهم أم أنها ردة فعل لأوضاعهم المزرية في القرون الوسطى؟ أليس من الضروري معاملة الإنسان كإنسان بغض النظر عن عرقيته أو دينه؟".
وأوضحت السعيد أن اليهود كانوا معروفين في إنجلترا والغرب عموماً في القرون الوسطى بالفساد والغدر والحقد لدرجة أن المسيحي لا يمكن أن يجعل مربية أبنائه يهودية حتى لو تنصّرت و هذا ما صوره شكسبير، لذا تكونت لديهم ردود فعل عنيفة و خفية إلى أن أصبحوا اليوم مؤثرين في النظام العالمي.
وقد تناولت القراءة التي قدمتها السعيد لكتاب : "شكسبير واليهود" عدداً من المحاور منها: اليهود في إنجلترا في القرون
الوسطى، و كيف دخلوا إلى إنجلترا وهم لا يتجاوزون الألف شخص إلى أن تغلغلوا داخل المجتمع البريطاني، وأصبحوا في العقود المتأخرة قوة لا يستهان بها، بعد أن كانوا مجموعات
منبوذة تخفي ديانتها لتمارس حياتها بشكل طبيعي، حيث أنهم عرفوا بـ القذارة" النفسية والأخلاقية والجسدية لذا نبذوا من المجتمعات المسيحية، إلا أنهم بعد ذلك استطاعوا وبقوة الدخول للحياة البريطانية عبر بوابة
الدراما والفن البريطاني والتأثير فيها دون أن يعلنوا ذلك، و قد ذكرت الدكتورة السعيد قصة طريفة ذكرها الدكتور رمسيس عوض (مؤلف الكتاب) للتأكيد على هذه الحقيقة: "حيث نقلت بعض وسائل الإعلام الغربية آنذاك أن فرقة مسرحية بريطانية كانت تستعد لتأدية العرض، فجاءت البطلة وهمست لمدير الفرقة بأنها لا تستطيع تأدية دورها لهذا اليوم، فسألها عن السبب فأجابته هامسة بأن اليوم هو عيد مقدس لدى طائفتها اليهودية فسمح لها فانصرفت، ثم أتى عضو آخر وثالث ورابع كلٌ منهم يعتذر عن تأدية الدور بسبب العيد، فصاح رئيس الفرقة: ألا يوجد مسيحي واحد في فرقتي؟! ". كما تعرضت الدكتورة السعيد لمسرحية: "تاجر البندقية" لشكسبير وكيف صوّر التاجر اليهودي "شايلوك" كرجل جشع و حاقد ومرابي وسوقي حتى في تعبيراته، حتى أن شكسبير كتب المسرحية بلغة شعرية قوية، إلا أنه جعل حديث "شايلوك" فقط بلهجة ركيكة وغير شعرية ومن ثم يصوّر شايلوك وقد بلغ من الحقد ذروته حين يطلب رطلاً من لحم الرجل المسيحي
"بسانيو" إن هو تأخر في سداد الدين!، إلا أن الدكتورة السعيد تلفت الانتباه إلى أن المسرحية مفتوحة الأهداف، فقد تكون عرضاً لحياة اليهود وبشاعتهم وقد تكون لمناقشة وضع اليهود الذي دفع بهم إلى الحقد على من حولهم، أو ربما كانت انتقاداً للحكومة والقضاء البريطاني آنذاك، الذي يميز بين اليهودي والمسيحي حيث يقضي القاضي في نهاية المسرحية بمصادرة أموال شايلوك وإرغامه على اعتناق المسيحية.
وانتقلت الدكتورة السعيد إلى مسرحية : "يهودي مالطا " لـ "كريستوفر مارلو"، الذي يؤكد النقّاد على أنه شكسبير الذي اختفى لسبب قانوني وأخرج مسرحيته "يهودي مالطا" باسم "كريستوفرمارلو"، حيث صوّر الثري اليهودي "برباز" بأنه حاقد وجشع يقوم بتسميم راهبات الدير ومن ضمنهن ابنته الوحيدة التي تنصّرت "جسيكا" انتقاماً من مصادرة حكومة مالطا لثروته نتيجة رفضه لدفع الضرائب، ومن ثم يهرب لينضم للأتراك المناوئين للإيطاليين ليثير الفتنة بين الطرفين إلا أنهم يضعوه في قدر يغلي ليموت شر ميتة وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة يصرخ : "اللعنة على الأتراك، اللعنة على الإيطاليين"!. وفي نهاية جلسة القراءة تسلمت
الدكتورة نورة هادي السعيد شهادة شكر وتقدير من النادي الأدبي بمنطقة الجوف ومجموعة من إصدارات النادي، وأعربت عن شكرها للنادي ممثلاً باللجنة النسائية لجهوده المتواصلة واستمرار برنامج القراءة ونجاحه.
هشام بن الشاوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق