مجلة الفنون المسرحية
مسرحية «سويني تود».. لغة إخراجية واعية
مسرحية «سويني تود».. لغة إخراجية واعية
ما الذي يجعل من إنسان بسيط سفاحاً يتلذذ برؤية الدماء ولا ينظر إلى توسلات ضحاياه وبعضهم ابرياء؟ يجيب هذا السؤال وبالتفاصيل العرض الموسيقي «سويني تود» الناطق بالإنكليزية الذي قدمه فريق من الممثلين بالتعاون مع One World Actors Centre على مسرح ديسكفري قبل أيام بمشاركة عدد من الممثلين الهواة من جنسيات مختلفة بقيادة المخرجة أليسون شان برايس والمخرج الفني حمد الجناعي، ويشكل خطوة مهمة للفنان حمد الجناعي ممثلاً ومنتجاً، حكاية المسرحية قدمها النجم الأميركي جوني ديب قبل اعوام عدة في فيلم أميركي، ومن هنا يبدو أن فريق المسرحية كان أمام مغامرة نجح فيها إلى حد بعيد، لا سيما ان العرض المسرحي وازن إلى حد كبير بين رغبات الجماهير والرؤية الفنية للمخرجة، التي استفادت من تجاربها السابقة على أكثر من صعيد.
ربما لا يهم كثيرا الخوض في تفاصيل الاحداث بقدر التركيز على اللوحات الجمالية التي جذبت الجمهور من الوهلة الاولى للعرض الذي قاربت مدته الثلاث ساعات، وهي مغامرة اخرى للمخرجة ولفريق العمل.
◗ تشكيلات جمالية
اللغة الإخراجية لأليسون كانت متطورة إلى حد بعيد خاصة في التشكيلات الجمالية التي لعبت على أكثر من مستوى، فالكورال في أعلى أقصى اليمين كان معادلاً مهما لشخصية لوفيت الفتاة التي تمتلك دكاناً وتتعاطف مع «سويني تود»، حيث اضفى حضورها الطاغي عامل جذب للجمهور، وكسر في بعض الاوقات حالة الجمود في المشهد المسرحي، لكن إطالة المشهد الأخير في الفصل الاول كان بحاجة إلى اختصار.
استغلال المخرجة لمنتصف الخشبة وللعمق في أكثر من مشهد خاصة مع دخول وخروج «لوسي»، وايضا مع حوارات «سويني تود»، ومشاهد التحدي في الحلاقة، ومشاهد أخرى يدل على وعي المخرجة وإدراكها لعملها، ومن الأمور التي تدل على ذكاء المخرجة استخدامها الجزء العلوي في منتصف الخشية للعديد من المشاهد أبرزها عملية القتل التي ينفذها «سويني تود».
ولعل استخدام أكثر من مستوى في العرض، وتوزيع المشاهد واللوحات الموسيقية على اكثر من صعيد، جعلنا امام متعة بصرية شدت الجمهور إليها، إلى جانب استخدام موسيقى حية وكورال متناغم في أدائه.
.. ومشهد آخر
◗ لغة بصرية
اللغة البصرية تفوقت في العرض المسرحي كثيرا، ولعل الديكور المبهر والموحي الذي صممته الفنانة ديانا صفير كان احد اهم ملامح الجمال في العرض، ولا نبالغ إن قلنا إنه كان النقطة الاكثر جمالاً في العرض، وجاء متناغماً مع الموسيقى الحية بقيادة المايسترو ريتشارد بوشمان والتلوين في بقع الإضاءة خلال العرض المسرحيـة وساعد كثيرا في حركة الممثلين، وفي الانسيابية وسهولة الحركة، ولعل اختيار اللون جاء ذكياً جدا ليعبر عن الحالة النفسية لشخصيات العمل.
◗ أداء الممثلين
ربما يغيب عن الكثيرين أن الأعمال المسرحية الموسيقية لا تحتاج ممثلين بقدر حاجتها إلى عناصر تعتمد على الغناء بالدرجة الأولى، لكن العرض كسر تلك الصورة، واعتمد بشكل أساسي على أداء الممثلين، ومن بين شخصيات العرض يمكن لنا التوقف امام ثلاثة ممثلين كانوا من وجهة نظرنا المتواضعة أنهم الأكثر تميزاً.
لاشك أن الممثل حمد الجناعي في دور «سويني تود» بذل جهداً واضحاً في تقمص الشخصية وانتقالها من حالة إلى حالة، وجاء أداؤه متزناً واثقا بقدراته لذا نجح في الأداء بشكل سلس بعيداً عن التشنج او المبالغة.
أما الفنانة ديانا صفير فلم يمنعها ظهورها القصير في الفصل الاول من الأداء المتميز لشخصية لوسي، وظهرت في حالة تقمص شديدة للدور المركب الذي لعبته، واعية جدا لما يتطلبه الدور من أداء يتطلب الغوص في شخصية «الشحاذة»، بذلت جهداً كبيراً في اقناع الجمهور في كل مرة تظهر فيها على الخشبة، وعلى رغم أن الشخصية التي تقدمها مرهقة وتحتاج الكثير من العمل فإن ديانا كانت في الموعد لتقول أنا هنا.
أما شخصية لوفيت (بلقيس دوفال) فقد اضفت عليها الممثلة روح الفكاهة ونجحت في المشاهد التي تظهر فيها من نيل اعجاب الجمهور لها.
-----------------------------------------------------------------
المصدر : عبدالمحسن الشمري - القبس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق