تصنيفات مسرحية

السبت، 10 يونيو 2017

غنام يواصل تغريبته حاملاً حقيبة «سأموت في المنفى»

مجلة الفنون المسرحية

غنام يواصل تغريبته حاملاً حقيبة «سأموت في المنفى»

عمان - الرأي

بمشاركة صوت الفنان كمال خليل وعوده وألحانه، قدم الفنان المسرحي غنام غنام في مقر رابطة أهالي كفر عانا، المونودراما المسرحية «سأموت في المنفى» من تأليفه وإخراجه وتمثيله.

العرض تجلى كشريط ذاكرة شخصية وجمعية في آن، تقاطعت خلال سرد غنام له أدائياً وحكواتياً ونبضاً وتحليلاً، مجموعة من الدلالات والمحطات ومراحل من تاريخ التغريبة الفلسطينية ونضالات أبنائها وأبناء امتدادها العربيّ القوميّ الإنسانيّ.

شريط مخاتل غير ملتزم بتسلسل تاريخي، ولا شروط حسية، ولا قواعد أكاديمية؛ توقف أحياناً عند محطات تعود لوالده أو والدته أو أحد أقاربه، لم يعشها هو شخصياً، وزار في أحيان أخرى قرى في البال والوجدان، وأخرى تمثل وجعاً أكثر مما تغوص في المعاينة الفردية والتفاعل المادي الملموس.

بلا مفردات مسرحية من إضاءة أو ديكور أو مختلف معطيات السينوغرافيا، وخارج أي إطار أو علبة، وبموسيقى حيّة نابضة لرفيق درب وحب وحرب ومعاناة وهجرات ونضال، خلق غنام مدير التأليف والنشر في الهيئة العربية للمسرح بالشارقة، فرجته، جاعلاً منها (أي تلك الفرجة الحكواتية بامتياز)، لحظة ممكنة لتفاعل مجسّات التلقي، إذ منذ لحظة البدء قال للمحيطين به من ناس وأهالي ونواب وشرائح مختلفة غلب عليها الطابع الأسريّ الرمضانيّ الحميم، أنتم معي هنا في هذه اللعبة المستفزة لبعض مفاصل الذاكرة، وبعض أحداث جسام، وبعض سلوى وآه ودمعة وبسمة وضيق وفرج وصعود وهبوط وقراءة ومفارقة ووتر وأغنية وناي.

لا الولجة ولا كفر عانا بلدته الأم، ولا أريحا مسقط رأسه، ولا جرش أحد مطارح نشأته، ولا عمّان ساحة تحققه ونضاله ويساريته، ولا الشارقة ولا عواصم أخرى وبلاد ومطارات، غابت عن بال الراوي المؤدي المحلل المندهش الناظر في كنه الأشياء والناس والأماكن.

الحقيبة كانت بطلاً، شاهد القبر كان بطلاً، شقيقه فهمي والده صابر والدته، أبطال وهامشيون وقواعد اشتباك محكوم بالأمل واليقين والبحث عن ملاذ آمن.

فوانيس وحكايات عتيقة وإحساس فريد بالمأساة/ الملهاة، صور ومشاهد حزينة، جسّدها غنام بإحساس متناغم مع الحركات واللغة والأداء الفطري، فصول من دفتر الذكريات، تناوب تقليب صفحاتها بين العفوية والقصدية المدروسة، تسلسلٌ في السرد والحوار، تناوبٌ بين العامية والفصيحة في توليفة مؤثرة ومنسجمة مع البنية الكلية للعرض. مشاهد اختلط فيها الرمز بالواقع بالمتخيل بالمشتهى بالمعاش بالصادم المستلهم سطور الفجيعة وعناوينها، كمشهد مقبرة سحاب وقد انتشرت فوقها شواهد القبور، حيث كل شاهد يشير إلى قرية أو بلدة فلسطينية، للدلالة على الشتات والموت بعيداً عن حضن الوطن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق