مجلة الفنون المسرحية
صوت المسرح
أمجد ياسين - الصباح
للحديث عن فسحة الحرية التي ينعم بها المسرح العراقي بعد العام 2003، فاننا نقف عند بعض النماذج وردود الافعال عليها. بدءا من مسرحية "الانسان رقم واحد" التي قدمتها فرقة مسرحية المانية اثارت حولها وحول بطلة العمل العديد من الاسئلة بصوت عال، والتي كانت احد الاسباب الرئيسة التي دعت الى تغيير مدير عام دائرة السينما والمسرح فيما بعد. مسرحية اخرى اثارت ردود افعال اقل حد حول احد المشاهد فيها ،هي مسرحية "ستربتيز" .
الانموذج الثالث كانت مسرحية "مانيكانات "للمخرج فاروق صبري، والتي دارت حولها ضجة كبيرة ، شملت نصها وبعض المشاهد فيها وفكرة العمل عموما.. المسرحيات الثلاث، وظفت الايروتيك في العمل كفكرة، ربما في مسرحية "مانيكانات" كان اكثر وضوحا وجرأة ولم يقتصر على مشهد واحد فقط، وهذا هو احد الاسباب التي جعلت سهام النقد تتجه نحوها بقسوة، حتى تحولت من المسرحية كعمل وعرض لتطول الجانب الشخصي للمخرج. ليس الغرض من هذه المشاهد في المسرح الجاد استقدام الجمهور مثلاً ، ولكن فكرة العمل استوجبت ذلك، وفق رؤية الاخراج بالتأكيد.
اقول، في المسرحيات الثلاث كان الايروتيك جزءا من الفكرة، سايرها طويلا في النموذج الثالث تحديدا.
ان المسرح صورة فنية عن الواقع، وواقعنا مليء بالظواهر الايجابية والسلبية، يمكن اعتباره نهر حياة ، فيه كل ما في الحياة العادية، ولكن يجب ان يقدم بطريقة فنية، بعيدة عن المباشرة المقيتة او السطحية او
المباشرة.
المسرح رؤية ثالثة، هو ليس الواقع بشكله الصارم والتقليدي، وهو ليس الخيال الجامح غير المنظم والمؤسس.. هو بين هذا وذاك، وهنا تأتي مرتبة الفن ولعبته الجميلة والصعبة، وهي كيف نحول ما نراه ونعيشه من واقع او خيال مفترض الى فن على خشبة المسرح، لنستخدم ما نشاء من تقنيات وحركات واساليب عرض او اخراج، او نحاكي اكثر من مدرسة في الرؤية الاخراجية، لنخلق لنا رؤية جديدة، كما طرح فاروق صبري( المونودراما التعاقبية) ولكن علينا في كل الاحوال ان نقدم فنا يرتقي بذائقة المتلقي. فن يوظف هذه الحرية لتعميق الفكرة وايصالها لمتلق يحتاج الى تثوير في المفاهيم، لان المسرح اداة بناء ، وهو هنا يدخل في مفهوم اعادة بناء بلد خرب ثقافيا ، بعد ان عسكر انسانه اكثر من خمسة عقود مضت. هل نعي لماذا الجمهور بعيد عن
المسرح؟
او لماذا ميزانية دائرة السينما والمسرح فقيرة حد الضحك بهذيان؟ اسئلة تدور في فلك لا ينتمي لمجرتنا، تبقي على رمق للمسرح ليس الا ، ليتحول الى مؤسسة مستهلكة عاطلة عن العمل . علينا ان نستغل فسحة الحرية هذه بعناية ، نحرص فيها على ضخ دماء جديدة على المسرح، واستقطاب الجمهور، ومواصلة العطاء باقل الامكانيات.. صوت المسرح يجب ان يكون عالياً وان قلت
اعماله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق