تصنيفات مسرحية

السبت، 23 سبتمبر 2017

مسرحية "المصيدة "تأليف : مهتدي مصطفى غالب

مجلة الفنون المسرحية



اللوحة الأولى

 الشخصيات : جو هانسون - رجل1 - رجل2

المكان: مكتب جو هانسون للقتل            

جو:(( يتقدم لمقدمة الخشبة ثم يبدأ بتقديم إعلان عن عمله)) لكي نريح الإنسان من عذاب ضميره، افتتحنا مكتبنا هذا ... من كان منكم بحاجة لرصاصة فليدفع مالاً ...ادفع مالا نملاْ لك الشوارع و الساحات جثثاً ..ادفع مالاً .. نصطاد لك الشمس ...ادفع مالاً .. نفعل ما تريد... بالمال نريح شفقتك من البكاء و عينيك من الدماء..ادفع مالاً تنال ما تشتهي و ننال ما نريد ((يعود إلى مكتب)) عمل .. عمل ..عمل مستمر و جهد دائم لا مكان و لا زمان لنا للراحة،، العالم يتسع و القتل يتسع معه .. تعبت .. و لكن علي أن أنفذ عملي بكلَِ دقة و إتقان ..و مع ذلك علي أن أخذ إجازة .. كي لا أضجر و لأكسر حاجز الملل .. علي أن أرتاح قليلاً
رجل1: (داخلاً) هل هذا
جو: أهلاً بك في مكتبنا هذا
رجل1: هل أنت السيد جو هانسون مدير مكتب الأمم المتحدة للقتل و الأعمال الخيرية ؟؟
جو: نعم .. ماذا تريد ؟؟
رجل1 : اسمي
جو :( مقاطعاً)لا تهمنا الأسماء بل الأعمال و الأفعال المطلوبة منا قل لي ماذا تريد منا ؟؟
رجل1 : كما ترغب .. و لكن لا أريد أن يعرف أحد ما أتيت من أجله ..
جو: لا عليك .. فرغم أن أعمالنا علنية .. فهي سرية جداً جداً .. قل ما تريد و نحن في خدمتك !!
رجل1 : خذ هذا الظرف .. فيه كل المعلومات التي قد تحتاجها
جو : عظيم .. شكراً لك لقد اختصرت عليَّ الوقت و الطريق
رجل1: كم تطلب ثمناً لهذه المهمة ؟؟
جو : إليك التعرفة (( يقوم بعرض التعرفة المعلقة خلف مكتبه و هو يشرحها كأستاذ أكاديمي))
رجل1 : هاك شيكاً بمائة ألف دولار
جو : حسنٌ .. في الساعة السابعة إلا ربع من يوم كذا تكون المهمة منفذة تماماً
رجل1: شكراً لك
جو : لا شكر على واجب مدفوع ثمنه .. مع السلامة (( يخرج رجل1 ..يجلس ليقرأ الأوراق))
رجل2: ( داخلاً) سيد جو هانسون
جو: أهلاً بك في مكتبنا سيدي
رجل2: هاك شيكاً بمائة ألف دولار
جو: حسن ماذا تريد ؟؟
رجل2: كل ما تريده في هذا المظروف العنوان و المكان و الاسم ... و ما عليك سوى تحديد الزمان
جو: ( بعد تقليبه للأوراق ) سينفذ الأمر في السابعة من مساء يوم كذا ..
رجل2: إلى اللقاء
جو: إلى اللقاء (( يخرج رجل2 – يخرج المسدس من مكتبه يعاينه ثم يحمل حقيبته و يخرج))

اللوحة الثانية

المكان: في مكان محبب على قلوب الأصدقاء  - (( صديقان هما رجل1 و رجل2 يجلسان معاً يتسامران و يتبادلان الأنخاب ))
رجل1: لتحيى الصداقة الدائمة و الإخوة الأبدية التي لا تكسرها لا المصاعب و لا الشهوات
رجل2:ليحيى الصدق و الوفاء و الأمانة التي تحمينا من الضياع
رجل1: لتحيى الثروة المشتركة التي جمعتنا كما جمعناها حتى صارت نحن و صرناها
رجل2: لتحيى السعادة المشتركة التي سقت دماءنا بأريجها كما سقيناها دمانا كي تتألق
رجل1: عيشنا جميل
رجل2: و تعاوننا جميل
رجل1: أنا أنت
رجل2: و أنا أنت
رجل1: ما أحلى لحظة لقاء الأصدقاء حين تكون القلوب نقية و شفافة كدمع العين
رجل2: ما أحلى هذه اللحظات العامرة بالمحبة و الصداقة و الإخوة
رجل1:لا أشعر بالسعادة و الأمان إلا و أنا معك يا صديقي .. فلنشرب نخب شراكتنا الأبدية
رجل2: نخب الشراكة الدائمة و الصداقة الأبدية (( يشربان الأنخاب..و بعد صمت يسبق عاصفة مكنوناتهما))
رجل1: أنا لا أحسُّ بالوقت و أنا معك هنا.. كم هي الساعة الآن؟؟
رجل2: ((ينظر لساعته)) تقارب السابعة إلا ربع
رجل1: يمر الوقت سريعاً حين يلتقي الأصدقاء
رجل2: (( و هو فرح )) فعلاً (( يدخل جوهانسون فيفرح رجل1 و يندهش رجل2 مستغرباً تبكير حضوره))
معاً: أهلاً و سهلاً ..(( تتساقط الأقنعة – ينظر كلٌّ منهما إلى الأخر))
جو: ((مشيراً للرجل2)) هي أنت اشرب كأسك الأخير بسرعة
رجل2: أتقصدني أنا ؟؟
جو: أجل أنت ،الساعة تقارب السابعة إلا ربع،إنها السبعة إلا ربع تماماً (( يُشهر مسدسه و يطلق عليه رصاصة))
رجل2: و لكنني أنا ..أخ لا ..لا .. ((يسقط قتيلاً))
رجل1 : (( فرحاً و مبتهجاً)) عظيم .. شكراً لك .. مواعيدك دقيقة جداً ... و عملك متقن تماماً ... عظيم أنت يا جو هانسون عظيم أنت .. لقد أزلت أكبر عقدة أمام سعادتي الدائمة  (يحاول تقبيل يديه شكراً له)
جو: (( و هو يسكب كأساً من الشراب)) طبعا فسمعة شركتنا غطت الآفاق .. على كلّ عوض الثرثرة التي ليس منها طائل تمتع بما تبقى لك في الحياة
رجل1 : لا تقلق على هذا الأمر فبعد تخلصي من هذا الشريك لا قلق و لا خوف .. لقد فتحت أمامي
أبواب الحياة المديدة و السعيدة
جو: سعيدة !! قد تكون سعيدة ..أما مديدة فلا أظن
رجل1 : ما الذي تعنيه بكلامك هذا ؟؟
جو: لا شيء إنما تمتع بحياتك السعيدة قبل أن تنتهي
رجل1 : تنتهي؟؟!! لا أمامي الكثير لأعيشه
جو : لا تفرح كثيراً
رجل1 : ما الذي تقصده بكلامك هذا ؟؟
جو : لقد دفع ثمنك قبل أن يموت ؟؟
رجل1 : ما ... ما...ذا ؟؟
جو : اجل
رجل1 : و لكنه مات .. مات
جو : طبعاً مات فانا من قتله
رجل1 : إذاً لا داعي لقتلي
جو : هذا رأيك أنت .. أما بالنسبة لي مات أم لم يمت فهذا أمر غير مهم لأنه دفع ثمناً لقتلك
رجل1 : أرجوك .. أرجوك ..لا تقتلني ..ارحمني ..أرجوك
جو: أرحمك بأن تستمتع بحياتك قبل أن أقتلك .. هذه هي الرحمة الوحيدة التي استطيع تقديمها لك
رجل1 : أرجوك
جو : لا استطيع إلا أن أقتلك .. هذا هو عملي و هذه هي مهمتي و مهنتي ..صدقني لا استطيع
رجل1 : أرجوك اسمعني رجاءً
جو : أنا لا اسمع إلا عملي و لا أحسّ إلا به
رجل1 : أدفع لك ستمائة ألف دولار و دعني حياً
جو : أنا أقبض كي آخذ الحياة و ليس لأبقيها .. أنا أخذ لأقتل فقط
رجل1 : لكنه مات .. مات ...ألا تفهم ؟؟!!
جو : لا تضيع الوقت .. و استغل ما تبقى لك من الحياة ..لا تهدرها ..فالموت قادم إليك على يدي
رجل1 : (( يحدث نفسه بيأس و ندم )) كنت أنا و شريكي سعيدين معاً ، و لكنني قررت التخلص منه كي أبقى وحيداً في شركتنا ، و لكنني الآن صرت اعرف أنني أوقعت نفسي في شرنقة الموت ، و أنا و شريكي وقعنا في مصيدة جشعنا ، لماذا ؟؟ لماذا ؟؟ فعلنا ما فعلنا ؟؟!! آه ، يا ويلنا على ما فعلناه بنا ( يبكي بقهر)
جو : لا تصرف حياتك بالبكاء و الندم ..تمتع بما تبقى لك منها .. و هي ليست إلا لحظات لن تتكرر
رجل1 : (( محدثاً نفسه)) عليَّ أن أفعل شيئاً .. سأقاومه .. هي أنت ؟؟!!
جو : ماذا تريد ؟؟
رجل1 : لنشرب معاً نخب حياتي
جو : ليس من عادتي أن اشرب نخب الحياة و لكن ليكن لك ذلك كرغبة أخيرة
(( يهجم رجل1 على جو محاولاً القضاء عليه لكنه يفشل لأن خبرة جو أكبر فيعود رجل1 لبكائه بينما جو يبتسم بثقة))
رجل1 : (( محدثاً نفسه )) ليس أمامي سوى الفرار .. سأهرب (( ل:جو)) أرجوك سامحني ..دعني أعيش لا تقتلني , أعطيك كل ما املكه
جو : لست بحاجة لأي شيء منك فكل ما تملكه املكه
رجل1 : أرجوك ( حين يشعر أنه قادراً على الفرار ..يركض ..بينما جو ينظر إلى ساعته  يطلق الرصاص بوقت واحد فيرديه قتيلاً)
جو :( يتقدم لمقدمة المسرح) الآن تحصل جمعيتنا الخيرية للقتل على ما تقاتلا من أجله (( يدير ظهره ليخرج لكنه يعود)
شرف المهنة ..أن تبني عرشك برماد الآخرين
شرف المهنة .. أن تصعد نحو القمة على الجثث و الضحايا
شرف المهنة ..إن تصارع الأشقاء..أن تعاضد أحدهم ضد الأخر
شرف المهنة ...أن تأكل الجبنة التي تتقاتل عليها الطيور
شرف المهنة ..أن تفرق بين البصلة و قشرتها
شرف المهنة ..أن تحرق الإخوة و الصداقة بنيران الجشع
شرف المهنة ..أن تغسل صدأ المحبة في قلبك برماد المحروقين
شرف المهنة .. كي تكون كما تشتهي عليك ألا تترك الآخرين يشتهون
شرف المهنة ... أن تقتل ..و تحرق ...و تدمر كي تسمو نحو السيطرة
(( يخرج مع الموسيقى و تُسمع أصوات الطلقات الكثيفة و يتلاشى الضوء ))

ستار 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق