مجلة الفنون المسرحية
التنوع شعار مطبق في مهرجان التجريبي والمعاصر في القاهرة
أ ش أ
رواج وإقبال جماهيري لافتان ميزا فعاليات الدورة 24 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي، الذي يستمر حتى 29 سبتمبر الجاري، بمشاركة 27 عرضا من 14 دولة عربية وأجنبية.
شعار "التنوع" الذي رفعه المهرجان في دورته الحالية تحول واقعا عمليا، على صعيد العروض المسرحية والورش الفنية التدريبية، التي طالت عدة مجالات فنية.
وبحفاوة كبيرة استقبل الجمهور على خشبة مسرح الهناجر في دار الأوبرا المصرية، العرض المسرحي الأردني "ظلال أنثى" المأخوذ عن نص للكاتب هزاع البراري لفرقة المسرح الحر الأردنية، من إخراج إياد الشنطاوي، معالجة درامية للفنان علي عليان، إنتاج وزارة الثقافة الأردنية.
حضر العرض حشد غفير من الجمهور المصري وضيوف المهرجان، من بينهم الفنان حمزة العيلي والفنان محمود متولي، والمخرجان سعيد قابيل ومحمد الطايع ومن إدارة المهرجان المدير التنفيذي الفنانة منى سليمان وعدد كبير من المبدعين .
اقترب المخرج إياد شطناوي إلى منطقته المفضلة حيث عالم المرأة الشائك، ومحاولة فهم هواجسها وإحباطاتها والاتجاه نحو تغييبها وتعطيل طاقاتها من خلال نظرة ضيقة شرقية.
والعرض المسرحي "ظلال أنثى" دخل لمنطقة لا يتم الاقتراب منها كثيرا، جعلت الجمهور منتبها طوال مدة العرض، وبقيت هذه النظرة بعيدة عن العين نظرا لسطوة المثقف والسياسي، لذا كان العرض صادما للمتلقي، حيث كان مباشرا في عرضه لصورة الرجل المثقف الانتهازي والسياسي المدعي من خلال ثلاث شخصيات أنثوية ظهرت على المسرح.
وقال المخرج محمد علام إن العرض الأردني "ظلال أنثى" قام بتعرية النماذج المدعية والمنافقة والانتهازية التي تسعى جاهدة طوال الوقت للسيطرة على المرأة من خلال نظرة شرقية متسلطة، عبر قهر طموح وأحلام الثلاثة نماذج النسائية المثقفة أبطال العرض الدرامي.
أما المخرج المسرحي الشاب رامي محمد، قال إن العرض ناقش طموح وأحلام المرأة من خلال ثلاثة نماذج نسائية ورأينا عملا مسرحيا أردنيا يستحق المشاهدة والتركيز طوال مدة العرض التي حافظت على متابعته بكل دقة وتركيز.
السيدة الأولى في "ظلال أنثى"، هي مناضلة ثورية، تحمل هم العدالة الاجتماعية وأفكار مانديلا فوق كاهلها، فأرادت أن تغير التاريخ، لكن التاريخ أبى أن يتغير، حتى تغيرت حياتها هي رأسا على عقب، بفعل رجل وثقت به حيث ظنت أنه رفيق الدرب والقضية، فغدر بها وتركها يوم زفافهما.
والسيدة الثانية، هي فتاة تحلم بالشهرة والمسرح والفن، أحبت شخصا يحمل نفس طموحها لكنه عندما قرر الزواج منها، جفت منابع الحرية التي كان يؤمن بها، وتحول إلى آخر، أكثر تحجرا من الحجر، وأخيرا، امرأة أحبت رجلا حرمها من الأمومة وأرادها عشيقة وليست زوجة.
وفي الدقائق الأخيرة، لبدء افتتاح العرض الأردني شهدت ساحة مسرح الهناجر إقبالا جماهيريا أغلبه من الشباب، كما حظى العرض بحضور رسمي للسفير الأردني في القاهرة علي العابد واستقبله رئيس المهرجان الدكتور سامح مهران.
وشهد مسرح الطليعة زحاما شديدا من الجمهور حتى تخطي عدد الحضور مقاعد صالة عرض مسرحية "يوم أن قتلوا الغناء" تأليف محمود جمال وإخراج تامر كرم، واضطر أمن المسرح لمنع الجمهور خارج القاعة من الدخول بعد أن امتلأت المقاعد.
وشهد مسرح ميامي بوسط القاهرة تقديم العرض المسرحي "السفير" لفرقة صلاح حامد من نادي مسرح الفيوم، عن قصة البولندي سلافومير مروجيك، وإخراج أحمد السلاموني.
والعرض يعتبر تجربة فريدة على غرار مستوى تجارب نوادي المسرح، حيث يمتزج فيه الأداء المسرحي بالرقص الاستعراضي، بالأداء الحركي، إضافة الى ألعاب خيال الظل والمسرح الأسود.
والعرض فلسفي يناقش أزمة قديمة حول الخير والشر، تناولها واضعا معالجة جديدة لتلك الأزمة، من سينتصر "انيما" أم "انيموس"، ويحسب للمخرج وعيه في استعمال الرموز، حيث أخرج العرض للنور غير ملغز وفي نفس الوقت ليس سطحيا، فنجد "انيما" العنصر الأنثوي الخفي داخل الرجل، تطفو على السطح وتعبر الحواجز حتى تظهر لرجلها "انيموس" المحارب الذي لا يعرف التراجع، تحاول هدايته لفطرته المحبة للحياة، ولكن رغباته في الامتلاك والتحكم والقتل والتدمير تتغلب عليه.
على مستوى التنفيذ، فإن اللغة العربية الفصحى لم تشكل عائقا بقدر ما شكلته مخارج الألفاظ التي تاهت خصوصا في بداية العرض، وتعد من أروع ما في العرض مشاركات الأطفال أبطال مشهد الحرب، فقد سيطر على أدائهم التناغم الحركي، رغما عن أنه لم يظهر منهم في هذا المشهد سوى ظلالهم وستراتهم العاكسة للضوء، إلا أن خفة روحهم طغت على العرض.
وامتلأت قاعة مسرح القاهرة للعرائس عن آخرها في أول ليالي عرض "زمن العجائب" من إنتاج شركة معمل المسرح الحركي بروسيا.
ونجح فريق العمل في اختطاف أنظار الجمهور من أول مشاهد العرض وحتى آخر مشهد، حيث اعتمد العرض على التعبير الحركي المصحوب بالموسيقى وبعض الرقصات، وكانت آليات العرض تسير على شكل لوحات مسرحية متتابعة تعبر عن علاقة الإنسان بالوقت، هذه العلاقة التي دائما ما تتسم بالتناقض والألم والحزن والخوف والقلق للإنسان والأمل المنتظر للحصول على السلام أيضا.
وقال المخرج المسرحي محمد أسامة إن العرض فلسفي بامتياز ويجنح بالتحديد لمذهب العدمية، فجميع اللوحات تنتهي نهايات بائسة تبعد كل البعد عن فكرة الأمل وكأن الحياة ليس لها جدوى رغم وجود المشاهد التي تبعث على الفرح والنماء أحيانا.
وعرض "زمن التعجب" نتاج عمل الفترة الأولى لشركة معمل المسرح الحركي التي تم إنشاؤها في ديسمبر 2013 كمسرح مستقل وهذه الشركة فكرة وتنفيذ وإدارة المخرجة الروسية ليديا كوبينا.
حضر العرض عدد كبير من فناني المسرح المصري ونقاده من بينهم الفنان مجدي الحمزاوي والناقدة ياسمين فراج والمخرجة ياسمين إمام.
وعقدت بمسرح البالون ورشة تمثيل تحت عنوان "المشهد المسرحي"، ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي.
وأدار الورشة الممثل جيلز فورمان بحضور المتدربين ومترجمة الورشة الفنانة معتزة صلاح عبد الصبور، ويقوم جيلز بأخذ المشاركين معه في الورشة المكثفة في رحلة شاملة لتطوير الشخصية الدرامية والمشهد المسرحي.
وشملت الورشة تدريب الحركة والموسيقى، ويهدف جيلز في تلك الورشة إلى وضع أيدي المشاركين على مفاتيح وطرق تحليل الشخصية من خلال منهجية كريستوفر فيتس مؤسس مركز الدراما في لندن، والوقوف على طرق تحليل الشخصيات المتخيلة من خلال السياقات الضمنية غير المعلن عنها في النص، والوقوف على الحياة الداخلية والخارجية للشخصية المراد تجسيدها، بهدف تقديم أسرار كيفية اللعب بمهارة للممثل، للوصول إلى الصدق التمثيلي.
وقال فورمان "إن الإنسان أو الممثل عقلة الواعي يجعله يتحكم في جسده بشكل كبير ويظل في حالة من الضغط الذي يؤثر على شكله الخارجي، فالعقل الواعي يصدر تعليمات بالتحكم في جميع أجزاء الجسد، وما يحتاجه الممثل كي يكون صادقا هو أن يصل إلى عقله الباطن ويطلق لمشاعره العنان لتتدفق".
وأوضح أن الفرق بين ممثل وآخر هو أن هناك ممثلين قاموا بدراسة أنفسهم بشكل جيد، ولهذا نصدقهم وننفعل معهم ويمسون قلوبنا، ويعطونا إحساسا بأننا نعرفهم بشكل شخصي، فهولاء استطاعوا من خلال دراسة أنفسهم أن يكشفوا عن الروح الداخلية وأظهروا الحميمية فصدقهم الجمهور، ولهذا نجد ممثلين عظماء وممثلين عاديين، أي يقوموا بأداء الأدوار دون أن يتركوا أي أثر بداخل المشاهد.
وأكد المدرب جيلز فورمان أن التمثيل الصادق هو أن يتحرك الممثل وفق ما يشعر به بصدق، وأن يترك الغضب الخارجي من أي شخص، أيا كان، وأن يضع الممثل وجها لوجه في عملية إعادة خلق الشخصية اعتمادا على ذاكرته وانفعالاته الحية، كما تجعله يبحث عن سبب الفعل الدرامي للشخصية ثم عن ردود الأفعال الناتجة في وحده التواصل مع الأشخاص الأخرى في المشهد الدرامي والتي تمنح الممثل كامل الحرية في الحركة المستندة على الحقيقة.
وواصلت الدكتورة منى كنيعو على خشبة مسرح الطليعة، تقديم ورشة الإضاءة المسرحية، وقالت"يجب على مصمم الإضاءة أن يأخذ في اعتباره انعكاس الضوء لأنه لا يقل أهمية عن مصدر الضوء نفسه"، مشددة على أن تكون الاضاءة جزءا من النص نفسه ولا تعمل بشكل مضاد لباقي عناصر العمل، حتى تفيد العرض وتكون في خدمته،وانتقدت ما يحدث في المسرح العربي من إهمال لقيمة الإضاءة المسرحية.
وقالت "لا أحد يعرف ماذا يعني تصميم الإضاءة؟، بينما يمنح المخرج وقتا كبيرا لتركيب الديكور، وواجبنا أن نثقف المخرجين والعاملين في الوسط المسرحي لتعريفهم بأهمية الإضاءة لأن الديكورات باهظة التكاليف لن يكون لها قيمة كبيرة إذا لم يتم إضاءتها، ومن هنا يأتي دورنا للتشديد على هذه المهمة حتى يخرج العرض بأفضل شكل".
ومنى كنيعو أستاذ مساعد بقسم فنون التواصل في الجامعة اللبنانية الأمريكية في لبنان، حصلت على بكالوريوس الفنون الجميلة من جامعة بيروت وعلى درجتي الماجستير والدكتوراة في دراسات المسرح بجامعة ليدز في المملكة المتحدة.
وقالت منى كنيعو، خلال ورشة الإضاءة المسرحية، "مصمم الإضاءة ليس مهندس كهرباء، وإنما شخص يفهم ويدرس تأثير الضوء على الممثل وعلى المشهد لتقديم الرسالة التي يتطلبها النص، ومن المهم أن يكون هناك تناسق بين فريق العمل ومنهم مصمم الاضاءة، وإذا لم تكن بين فريق العمل كيمياء وتناسق فلابد من خلقها، خاصة أن الإضاءة جزء من النص وليست نصاً موازياً، ولا استعراض للمهارات، فكلما كان الضوء قليلا كان حضوره أقوى، وكلما زاد فإنه يمكن أن يطغى على النص الأصلي".
وتابعت كنيعو: "في حياتنا الطبيعية لابد أن نفكر في الضوء طوال الوقت، حتى نضع أنفسنا مكان الجمهور وتقلبات حالاته، مع الأخذ في الاعتبار حركة وحجم وألوان الإضاءة".
وحذرت الدكتورة منى كنيعو من الاستهانة بذكاء المشاهدين، وحساسيتهم وقراءتهم للإضاءة المسرحية، لأن الجمهور ليس كتلة واحدة ولكنه ثقافات مختلفة وأذواق متعددة، ومن حق كل شخص أن تكون له ذائقته الخاصة التي يجب أن ننميها ونحترمها، وألا ننزعج منها، ولا يعني أن تكون وجهة نظر البعض مختلفة أنها خاطئة.
وأضافت كنيعو أن الإضاءة المتحركة تخطف العين ويجب على مصمم الإضاءة أن يستخدمها في موقعها المناسب بشكل سلس وليس عنيفا، وهنا تأتي مهارة المصمم، إلا في المشاهد العنيفة أو مشاهد الرعب، فإنها تتطلب حدة مبررة، وعلى المصمم أن يمتلك أدواته بشكل كبير حتى يستطيع أن ينجح في توصيل رسالته، مشددة على دراسة النص المكتوب بعناية واستخراج أجواء المشاهد من النقاش مع المخرج وفريق العمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق