تصنيفات مسرحية

السبت، 7 أكتوبر 2017

عناصر الشخصية المسرحية المؤثرة / محسن النصار

مجلة الفنون المسرحية


عناصر الشخصية المسرحية المؤثرة 

محسن النصار 


على الرغم من اجماع أغلب النقاد والكتاب على ان تأثير الشخيص المسرحي يتأتى دائما مما تفعله الشخصية نفسها في سياق الفعل والخطاب الدرامي ,فاننا لانستطيع ان نغفل اهمية العناصر او الوسائل الأخرى في تأثير الشخصية سواء كان تأثيرا فرديا او تأثيرا نمطيا لأننا نستطيع أن نرى من خلال المقومات والأبعاد المختلفة للشخصية المسرحية ونتحقق من أنسجامها , ودلالات الدوافع التي تحركها في ما يجري من أفعال وتصرفات ,وما ينتج عن ذلك من صراعات او خلافات بينها وبين الشخصيات الأخرى ,ويمكن تحديد عناصر ومقومات وتأثيرات الشخصية المسرحية بمراجعة النصوص المسرحية العالمية منها والعربية وأعتمادا على بعض المصادر التي درست الشخصية المسرحية وحددت ملامحها الأساسية كمقومات الشخصية وأبعادها وعناصرها وساتناول عناصر الشخصية ويمكن تحديدها بالعناصر الأساسية والعناصر الثانوية ..
فالعناصرالأساسية في عملية التشخيص هو ( التشخيص بالفعل ) وهو التشخيص الماثل بالفعل الذي تقو م به الشخصية من خلال تصرفاتها وسلوكها وحركتها ومواقفها في الأزمات وردود الأفعال ,وخارج الأزمات لأن جوهر الدراما هو تمثيل فعل ما ,فان هذا العنصر هو من أبرز عناصر التشخيص في في الخطاب المسرحي الدرامي , وعلية لابد من توافر صلة معقولة بين الشخصية والفعل , ولعل افضل وسيلة لمعالجة مشكلة العلاقة بينهما هي وسيلة الدوافع التي تحتم على الكاتب المسرحي الناجح والمبدع ,ان يأتي الفعل في ضوء وطبائع الشخصية ورغباتها ومشاعرها وغرائزها وقواها العقلية والتفكيرية ومن اشهر عناصر التشخيص بالفعل في المسرح العالمي , تشخيص الكاتب المسرحي العالمي وليم شكسبير لشخصية ياغو في مسرحية عطيل ,وماكبث ,والملك لير ,وكريولانس ,وهاملت .
وهنالك عنصر اساسي آخر في عملية التشخيص وهو ( التشخيص بالفكر ) .
وهو عنصر أساسي في الكشف عن الشخصية من خلال أفكارها وأطلاعنا على أدق اسرارها ومسالكها العقلية ,ورؤيتها للعالم من خلال مواجهتها لجميع المواقف والتحديات ولأزمات ودخولها في نقاشات مع الشخصيات الأخرى ويبرز هذا العنصر التشخيصي الفكري في المسرحيات الفلسفية والمسرحيات الكلاسيكية , ومسرحيات وليم شكسبير .
وأما العناصر الثانوية التي تساهم في عملية التشخيص هي ( التشخيص بالرأي , والتشخيص بالمظهر ,والتشخيص بالكلام ,والتشخيص بالمونولوج ).
فالتشخيص بالرأي هو عنصر ثانوي يحاول أماطة اللثام عن الشخصية من خلال ماتطرحه الشخصيات الأخرى عنها من آراء وأنطباعات وملاحظات ووصف لطبائعها وأبعادها النفسية والأجتماعية والطبيعية والفكرية 
وقد أكد الناقد مارتن أسلن ان ( هذا النوع من التشخيص المنقول لايجدي نفعا ,بل انه من اكثر الأخطاء تكرارا التي يقترفها كتاب المسرح الطموحون ,وغير المجربين ).(1)
وأما (التشخيص بالمظهر ) وهوالعنصر الثانوي الذي يعرفنا بمظهر الشخصية ,الشكل والبنية والقوام , ويوفر لنا معلومات كثيرة لفهمها وتحليل مزاجها وطبيعتها ومكانتها الأجتماعية .
واما عنصر (التشخيص بالكلام )وهو عنصر ثاني يساهم في بناء عملية التشخيص المسرحي من خلال الكشف عن بعض جوانب الشخصية من خلال الصوت (عمقه ,ومداه ,وحجمه ,واتساعه )الذي يميزها عن غيرها من الشخصيات ,فضلا عما يقوله هذا الصوت ( وترتبط هذه في التشخيص ارتباطا وثيقا بالوصف الجسماني ,فطبيعة الصوت ,ونوع الكلام الذي تنطق به الشخصية يوحيان لنا بالصفات التي تتحلى بها الشخصية من ذكاء او بلادة ,او رقة في الأحساس او تبلد فيه ,اوسعة في الخيال ,اوضيق فية )(2).
واما العنصر الثانوي ( التشخيص بالمونولوج ) هو العنصر الثانوي الذي يتيح للشخصية ان تفصح عن دخيلة نفسها لتكشف عن مشاعرها الباطنية , وافكارها وعواطفها ,وكانها تفكر بصوت مسموع , ويلجا أغلب الكتاب المسرحين الى هذا العنصر في التشخيص حينما تجد الشخصية نفسها تحت وطأة انفعال او ازمة عنيفة تسيطر على فكرها ووجدانها الى موقف حافل بالصراعات والأحداث والتي يجب ان يطلع عليها المتلقي ,ومن اشهر المونولوجات مونولوج هامات (أكون او لاأكون , ذلك هو السؤال )ومنولوج ( آه آه ليت هذا الجسد الصلد يذوب وينحل قطرات من ندى ) .
وقد أزداد شيوع هذا العنصر التشخيصي في المسرح مع ظهور مدرسة التحليل النفسي التي أمدت وزودت كتاب المسرح بمعلومات هائلة عن التركيب الشعوري والاشعوري للشخصية الأنسانية , والتداعي الحر للهواجس والأحاسيس والرغبات المكبوته , وكان المذهب التعبيري من أبرز الحركات ,الى جانب المذهب السوريالي .
ويقول اوسكار وايلد ( ان الشئ الوحيد الذي يعرفه الأنسان حق المعرفة عن الطبيعة البشرية هو انها تتحول وتتبدل والنظم التي تفشل هي تلك التي تعتمد على ثبات الطبيعة البشرية وليس على نموها وتطورها )(3)
.ومن هنا فأن عملية التشخيص المسرحي لها اهميتها الكبيرة والمؤثرة في الشخصية المسرحية وتفرض على الكاتب الامسرحي الألتزام بمقولة التغيير ونمو الكائن الأنساني ,فالشخصية لابد ان ينتابها تغير اساس في بنيتها وهي تدخل في سلسلة من المواقف والصراعات والأزمات .

المراجع
(1) كتاب تشريح الدراما - تأليف مارتن اسلن - ترجمة يوسف عبد المسيح ثروت . –اصدار العراق –بغداد 
(2) ميليت –وجيرالد ىيدس بنتلي – كتاب فن المسرحية – ترجمة صديقي حطاب – اصدار دار الثقافة –بيروت 
(3) لاجوس اجري – كتاب فن كتابة المسرحية – ترجمة دريني خشبة – القاهرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق