تصنيفات مسرحية

السبت، 7 أكتوبر 2017

سعد الله ونوس.. مسرح الأسئلة المصيرية الكبرى

مجلة الفنون المسرحية

سعد الله ونوس.. مسرح الأسئلة المصيرية الكبرى

القاهرة: الخليج

مثّلت تجربة الكاتب المسرحي «سعد الله ونوس» كتاباً حفل بتنوعات الرؤى التي تطورت بامتداد التجربة، رغم ما في نسيجها من خيوط ضامة، تتمثل في القضايا الكبرى التي آمن سعد الله ونوس بها كالحرية، وتصوراته لطبيعة الاستبداد وأشكاله، حيث مرت تجربة ونوس بثلاث مراحل مفصلية كبرى، هي البدايات التي اتسمت بكلاسيكية القالب، ثم المرحلة الوسطى بعد عودته من فرنسا واطلاعه على المسرح البريختي، وكانت المرحلة الثالثة والأخيرة، حيث مواجهة الموت ومعاودة البحث في الأسئلة الوجودية الكبرى. 
«مسرح سعد الله ونوس قراءة سيميولوجية» تحت هذا العنوان يكتب رضا عطية، مؤكداً أن مسرحيات ونوس الأولى كانت أكثر تجريداً وأقل واقعية، وأقرب لعوالم المثال من عالم الواقع، تحلق في سماء التفلسف أكثر من ارتباطها بأرض الدراما، فقد بدا في تلك الأعمال أن لدى ونوس اهتماماً بتوضيح الأفكار الفلسفية التي تحدرت إليه من قراءاته الوجودية بصورة أساسية، حول معنى الوجود الإنساني وطبيعة السلطة، فقد شكلت لعبة السلطة/ الشعب أو السلطة/ المثقف ركيزة أساسية لمقولات ونوس.
وتعتبر مسرحية «فصد الدم» أولى مسرحيات ونوس التي تتناول قضية الصراع العربي «الإسرائيلي»، والتي كتبها في نهاية عام 1963، وكما يقول ونوس: «في تلك الفترة كان ميلاد المقاومة حلماً، وأمنية شبه يائسة، وكنت أتصور أن ميلادها لن يتم إلا إذا بتر كل فلسطيني خاصة، وكل عربي عامة، نصفه المعطوب، نصفه المشلول بالأوهام والأكاذيب والخوف، باختصار كان على كل منا أن يفصد دمه كي تنطلق الشرارة وتولد المقاومة».
تقوم المسرحية على فكرة القرين الشبحي، فعلي الشاب الثوري يطارد أخاه عليوة الشاب المتخاذل فيرسم ونوس فكرته المجازية اعتماداً على التقارب اللفظي بين علي وعليوة، فكلاهما تجسيد للشخصية الجمعية التي ينشدها ونوس، الشخصية التي يسعى شطرها الثوري أن يعدم الجانب الانهزامي فيها.
يرى عطية أنه مع كثافة الإشارات المحلية لقضايا سياسية في مسرحيات ونوس الأولى التي كتبها قبل عام 1967 فإن تناوله لمسائل السياسة الشائكة في تلك المسرحيات كان من خلف ستائر الرمز مرتدياً أقنعة مؤسطرة أحياناً، غير أن البنية الهيكلية في أغلب مسرحياته الأولى كانت أقرب إلى حواريات الأفكار فلم تكن تعنى بإنضاج متنام للحدث المسرحي على نار التصعيد الدرامي بقدر عنايتها بتأجيج الجدل الفكري حول القضايا المثارة، حيث طغت الأفكار المجردة وتراجعت الأحداث الدرامية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق