مجلة الفنون المسرحية
الملك لير.. في إخراج مملوء بالمفاجآت
ترجمة: عادل العامل - المدى
نجد البعض من أكثر الإدراكات تبصّراً في ما يتعلق بـ "الملك لير" لشكسبير في رواية. وذلك ما تتضمنه رواية (دنبَر Dunbar) لإدوارد سانت أوبين، حيث "الأحمق" هنا كوميدي تلفزيوني وعجلة الثروة تصبح كازينو أسواق المال، وهي رواية تصور عالماً من "المرونة الوحشية"، حيث الملك لير هنا رئيس شركة إعلام عالمية. والمشاهد الهلوَسية الداخلية والخارجية تغذي بعضها بعضاً، كما تقول سوزانا كلاب Susannah Clapp في عرضها هذا للمسرحية، التي تُعرض الآن في مسرح منيرفا البريطاني حتى نهاية شهر تشرين الأول الحالي.
[ وتصور المسرحية الأصلية التي كتبها شكسبير الانحدار التدريجي نحو جنون الملك لير، بعد أن يتنازل عن الحكم، مع احتفاظه بلقب الملك، موزعاً ميراثه بين اثنتين من بناته الثلاث استناداً على تملقهما له بينما يحرم ابنته الصغرى التي لا تعرف الكذب، رغم تحذير أحد النبلاء له من قراره هذا، فيجلب بذلك عواقب مأساوية على الجميع. ]
إن هذه القابلية للنفاذ إلى حالة أخرى ــ الطريقة التي ينتقل بها لير من السيطرة على مخلوقات العالم إلى كونه مغزواً منها ــ أمر حاسم لكنه صعب على المسرح. وهي غير حاضرة تماماً في إنتاج جوناثان مَنبي الرائع هذا: فتصميم بول ويلز للمسرحية تسلسلي جداً بالأحرى في تأثيراته. لكن يمكن القول إن الكثير من الأمور الأخرى في المسرحية حاضر هنا.
هنا يتفتت لير، الذي يقوم بتمثيله إيان مكالين، تدريجياً، كما لو كان منحدر دوفر الصخري في حالة من التآكل. إنه فقدان للإيمان وكسب للإنسانية: خط واضح على نحوٍ جميل، لكنه ليس ثابتاً على الدوام. ففي البداية، يرفع الملك الحاكم وحاشيته أذرعهم عند أية حركة من الآلهة؛ وفي النهاية، رجل في انتقال ليس له مراقبون سماويون.
ويوقف مكالين تنوعه. فهو ليس بحاجة لأن يتدرج: يأتي مغطىً بعباءة السلطة، وهكذا يمكنه أن يمضي في تأمل كلامي من دون أن يبدو ذلك مجرد أمرٍ عرَضي. لكنه ينتزع الاندهاشات على نحوٍ رائع وكأنها أموراً بسيطة. فأنا لم يسبق لي أن سمعت السطر، الذي يقوله لير لكورديليا (ابنته الصغرى) بينما يؤخذان إلى السجن، يقال بمثل تلك الثقة الهادئة: " إننا سنغني لوحدنا، نحن الاثنين، مثل طائرين في القفص". وهو يُلقى لا كأملٍ كئيب بل كخطة ثابتة. كما تنطوي المسرحية على شجارات مقنعة على نحوٍ استثنائي (بإخراج كيت ووترز) ووفرة من التفصيلات المحلية.
عن: The guardian
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق