تصنيفات مسرحية

الثلاثاء، 20 فبراير 2018

رائحة حرب .. صورة الحاضر و استباق توقع المستقبل

مجلة الفنون المسرحية

رائحة حرب .. صورة الحاضر و استباق توقع المستقبل
ظفار احمد المفرجي
تأليف : مثال غازي ( العراق ) – يوسف البحري ( تونس ) عن رواية ( التبس الأمر على اللقلق ) للروائي الفلسطيني اكرم مسلم 


اخراج : عماد محمد
دراماتورج : يوسف البحري
تمثيل : عزيز خيون
د . عواطق نعيم
يحيى ابراهيم
سينوغرافيا : سهيل نجم
عرضت المسرحية في بغداد على خشبة المسرح الوطني يوم السبت 29 / نيسان / 2017 .
كما عرضت في تونس على خشبة المسرح البلدي يوم السبت المصادف 13 / 1 / 2018 الثامنة مساءأ ضمن فعاليات مهرجان المسرح العربي العاشر .
مـدخـل
رائحة حرب هو عرض استباقي يتنبأ بحدوث حرب و العنوان يشبه قولنا في الحياة اليومية ( رائحة مطر ) او ( رائحة تراب ) انذارا بحدوث عاصفة ترابية او ان السماء ستمطر و هنا نقول ( رائحة حرب ) للدلالة على ان الحرب متوقع قدومها .
و يبدو واضحا منذ بداية العرض انه اختار ثلاث خطوط رئيسية ليضعها في التسلسل الزمني له تلك هي : –
1- النص : الذي يحتوي على قصة لها بعد مفهومي ، لكنها قصة متكاملة لها احداث و شخصيات واقعية لها تاريخ
2- التمثيل : بوصفه المادة الأساس في هذا العرض
3- المنظر : كخلفية ، بالأضافة الى الشاشات العاكسة ( الأفلام و الوثائق )
و الأخراج تداخل مع كل ما ذكر اعلاه و قام بتركيبه .

النـص – للمؤلف العراقي مثال غازي و التونسي يوسف البحري
لم تتضح اليات التأليف على النص ما بين مؤلفين يعيش كل منهما في بلد ، الكاتب ( د . مثال غازي ) ( 1) من العراق و الكاتب ( يوسف البحري ) ( 2) من تونس ، و ما زاد الأمر التباسا ان الثاني بالأضافة الى كونه مؤلفا فأنه دراماتورج العرض ، خصوصا ان التأليف رافق التمرين على العرض ، ما يجعل وظيفة الدراماتورج قد رافقت هذا الفعل ايضا ، و بالتالي كيف يمكن الفصل ما بين وظيفة التأليف و الدراماتورج اقصد مع هذا البعد ، مع وضوح الرؤية في ما يخص كونه مؤلفا فقط . الا انني سأشير الى النص بأسمه كنص ملتزما بفولدر العرض كونه وثيقة تعريف به ، و لن اتدخل في اليات تأليفه كونها فعل ماضي تم قبل وجود النص . و يتميز الكاتب ( مثال غازي ) نظرا لأطلاعي على تجربته بالتنوع ما بين مسرحيات تعتمد على الجملة الشعرية و بين مسرحيات ذات قصة مفهومية تعتمد حدثا مطور ، لكنه بالمجمل لم يكتب مسرحيات ذات اطار تجميعي مفهومي مكون من عدة قصص صغيرة ، و يعد مثال غازي واحد من اهم كتاب المسرح في العراق اليوم ، هو الحاصل على دكتوراه في المسرح ، له عدة جوائز اهمها ( الشارقة 2004 ، و محمود تيمور ( الوصافة ) 2001و افضل مؤلف مهرجان المنتدى 1996 و جائزة الأبداع وزارة الثقافة العراقية 2010 و اخرى .
و النص يتحدث عن حدث في منزل ضابط عراقي طاعن في السن ، افلح في البقاء حيا طيلة الحروب المستمرة منذ اربعين عاما تقريبا و قد شارك فيها كلها دون تمييز ، و لم يذكر النص في اي جانب قاتل ، لأن كثير ممن قاتلوا على جبهات متقابلة بوصفهم اعداء في الماضي ، يعملون معا و على جبهة واحدة اليوم و هذا التباس عقائدي لم يتورط النص في مناقشته مثلا ، بل قدم الشخصية على انها شخصية سلبية تحرض على استمرار القتال و الحرب بوصفه حلا سحريا لكل المشاكل و بسبب اراءه هذه لم يبق من اولاده الكثيرين في المنزل الا صورهم ، ( حوار الجدة : تناسلت هذه الصور ، صور الأموات على الحائط ) ، اي كثرت بسبب من فقدهم جميعا بسبب دفعهم للمشاركة في الحرب ، اذن الصور بالأضافة اليه و زوجته الجده و حفيدا لهم لم يعطياه اسما بقي على قيد الحياة صدفة ( و هي رؤية صادمة غير طبيعية للفكرة ) لا يمكن ان تصدق لكنها ممكنة الحدوث ،و هؤلاء هم كل سكان البيت . و ينبغي ملاحظة ان الفرق ( واهي ، صغير ، خط ) ما بين اللا معقول او فوق الواقع ، و ما بين الحدوث في الواقع بطريقة صعبة الحدوث او شبه المستحيلة لكن يعقل حدوثها مثل عدم اعطاء اسم للحفيد ، و لكن ما لا يعقل هو ربط بقاءه على قيد الحياة بعدم حصوله على اسم ، ( و ما يرتبط بفلسفة العجائز ) .
و تذهب شخصيات النص الى اختزال المواضيع اليومية المتداولة و تحويلها الى مواضيع شمولية بأطار يومي مستخدما اللغة العربية الفصحى في التخاطب ، مع ادخال كلمات شعبية عراقية كثيرة على النص الفصيح ، ادخلت لأيصال المعنى و لم تستخدم للكسر و الدهشة لأن هناك كلمات محلية متداولة لا تفهم الا في اطارها مثل ( غرندايزر) (3 ) على لسان الممثلة ( د . عواطف نعيم ) ( 4 ) و ( خرده ، تسرحهم بالكنافذ ) على لسان الممثل ( عزيز خيون ) ( 5). و ( كل هالطول و سابق ) لـ ( يحيى ابراهيم ) (6 ) .. الخ من كلمات و جمل شعبية اخرى في النص .
و هذه الشخصيات تنبع من تأسيس بيئة و مجتمع صغير مشابه للواقع القائم عبر تقسيم سكان البيت ال ثلاث شخصيات ( نماذج ) هي : –
1- الجد : – ( الضابط ) و هو يمثل الأفكار التي يدينها العرض ، و خطابه متطرف رجعي عصبي نفعي . لا يؤمن الا بنفسه و مصالحه ، و غاياته التي تبرر وسائله .
2- الجدة : – زوجته التي تختلف معه تمثل الحياة الفطرية و فلسفة العجائز و الأمهات البسيطات المتمسكة بالحياة .
3- الحفيد : – حفيدهما الباقي و هو بلا هوية و لا فلسفة و لا اسم و لا ذاكرة ، هو المستقبل المجهول
و شخصية الجد وصولية نفعية شمولية تعتاش على دماء الأخرين و هي رمز لفئة من الناس لا عقيدة لها في الحقيقة لكنها تتجدد بأن تقبض روحا و تلبس رداءا جديدا كل فترة ما يعادل موتها و موت مرحلة من حياتها ، مستغلا ظروف الفترة ، و هؤلاء على استعداد لفعل اي شيء من اجل اهدافهم ( الكذب ، القتل ، الخيانة .. الخ ) و لقد احرق الجد على هذا ، الماضي في الحروب ، و افرغ الحاضر من معناه و قدم الخواء بديلا له ، لأن مسببات الحياة و عناصر الحياة ( الأنسان ) اختفوا في الحروب و هكذا تحول الحاضر الى ذكريات حزينة ، و لم يبق امامنا سوى المستقبل الذي يجب ان نغيره بالأنفتاح على العالم و هنا يبرز الصراع ما بين من يدافع عن الماضي ( السلف ) بكل اشكاله ( السياسي ، الديني .. ) و كل هذه القيم بوصفها ( ارث ) و هم بهذا في حضيرة واحدة و بين دعاة الأنفتاح على الحياة و تغيير العقائد البالية املا بمستقبل مختلف ، و الا فأن الحفيد = المستقبل لن يكون له وجود على هذه الأرض ، و سيتحول الى لقلق ، و اللقلق طائر ترى اعشاشه بشكل واضح فوق مأذن الجوامع و قباب الكنائس العالية و ابراج الكهرباء ، و دائما ما يستبشر به الناس لأنه دليل حيوي على مناخ معتدل و توفر الغذاء ، لكن اهم ما يميزه هو هجرته الدائمة الى حيث المناخ المعتدل ( و التحول الى لقلق هي فكرة رمزية غير معقولة ايضا ) ، و هذه هي حصيلة الحرب . ثم يقدم نص العرض رؤيته التي تتأسس على ان معطيات العولمة تدمر اليوم ما بقى بوصفها سلاح في الحرب التي تلاحقنا عبر شاشات الميديا . ان هناك حرب قادمة = رائحة حرب اذا لم نعالج هذه الأفكار ( الأرث البالي ) فأن من سيتبقى من الناس سيتحولون ان عاجلا او اجلا ( و خصوصا الشباب ) جميعا الى لقالق . ( 7)
ان اهم ما يدعو اليه النص هو الفكرة التي تلي التنبؤ بحدوث الحرب ، فمجيء حرب كبيرة بعد انهاك الحروب الماضية يعني ان الحرب التالية ستقضي على من تبقى ممن بقوا على قيد الحياة صدفة ، و هنا نقف لبرهة لنتأمل نتائج هذه الواقعة ان وقعت ( الحرب ) و هي احتمالات ايضا و هي : –
1- هروب المقاتل و خسارة الأرض بوصفها الحاضر و الماضي و المستقبل
2- خوض الحرب و خسارتها و الموت و هلاك الحرث و النسل تماما
3- الأستسلام و الرضى بما يجود به المنتصر ( العدو = الخضوع )
4- الأنتصار و الوقوع من جديد بفكرة التحدي و خوض الحرب و افكار السلف
او تفاديها بالأنفتاح على افكار جديدة تماما و على الحياة ، و تدمير اسبابها و تغيير ثقافة التحدي الذكورية التي هي في كثير من مفاصلها غباء ( و لا يمكن القول ان كل اشكال التحدي غباء ، فأثبات القوة بالثبات يعني ضمان توقف الأعتداء و العدو في نقطة تقابلك ، و هي النقطة التي تسبق عدم خوض المعركة ، كونها ضامن لعدم اعتداء طرف على الأخر ، و تلك هي ما ندعوها بـ ( القدرات الدفاعية ) التي تختلف عن القدرات الهجومية بوصفها وسائل تفضح غايات مقتنيها ، و هنا تماما بين القوة الهادئة المدركة لحقيقة الموقف و المؤمنة بالدفاع و عدم الهجوم و بين الأنفتاح على الأخر يقع افضل موقع للبقاء قويا محصنا ، و ضامنا للبقاء بسلام ) دون حرب و لكن هناك اطراف ذكية يمكن وصفها بالعدو الصديق اذكى من افكار السلف الغبية ( مثل حلفاؤنا في العالم الغربي ) ، ابتكر هذا بدوره سلاحا خارقا ، و ذاك هو وسائل الأعلام الذكية ( الميديا ) = العولمة التي تخترق دفاعاتنا لتقدم تحشيد و استفزاز ذهني مبتكر يجعل الأخر خاويا متعبا مؤمنا بخسارة الحرب متى حدثت ليعيد البعض قسرا الى افكار السلف و لأعادة التفكير بالأنفتاح العقلي كونه خطأ ستراتيجي بينما يتمتع هو بكل هذه المزايا ( الأنفتاح ، و الهدوء ) ليظهر النموذج العصبي و المستفز و العشوائي بمظهر الأرهابي ، و النص لا يذكر هذه التفاصيل كما وردت على لسان الشخصيات و لكن العرض قدم نماذجا من وسائل الميديا المنعكسة كنماذج على السجن ( الأنغلاق ) و الأخبار و صور المعارك بوصفها ادوات تحفيز و شحن عصبي او اعلامي ( بروبكندا )

الشخصيات و الممثلين

و الممثلين الثلاث هم من نوع الممثلين الباحثين الذين يفكرون قبل التمثيل و اثناء التمثيل ، و اقصد انهم عكس نوع اخر من الممثلين المرتجلين ، و هؤلاء اذكياء لدرجة انك لن تشعر انهم يرتجلون بسبب من لماحيتهم و قدرتهم على خزن الحركات في الذاكرة ، و لكن سيفوتهم ما لم تخزنه الذاكرة ، بينما الممثل الباحث متجدد ، محب للتعلم و الأستزادة ، و ملء ذاكرته التي يفرغها بعد كل تجربة .

عزيز خيون
يؤدي شخصية الجد ، و المخرج و الممثل ( عزيز خيون ) واحدا من رواد المسرح العراقي اليوم ، و هو من القلائل المستمرين منهم و بتميز ، لم يهبط الى قرب حد القبول يوما ، فكان طيلة سيرته اعلى من هذا المستوى ، ( و هذا ما خزنته في ذاكرتي عنه ) و بأعتقادي ان هذا التميز قائم على طريقته المتفردة في التعامل مع شخصياته ، و هذه الطريقة تعتمد على انشاء سيرة و خط زمن للشخصية و السيرة هي البناء الحركي ( الكاركتر ) و شكل و دوافع الشخصية و مميزاتها ، و اقصد بخط الزمن هو توزيع الجهد و الحيل على العرض بحسب زمن ظهور الشخصية ، و لهذا فهو دائما مميز على المسرح . الا ان اهم ما يميزه هو اهتمامه بالأضافات الصغيرة على الشخصية عادة و هو ما اسماه برشت الجست و يعني اللمسة التي تزيد المصداقية و تميز الشخصية عن مثيلاتها مثل : –
1- الأضافات على النظام الحركي للشخصية ( حركة كبير السن ) و شعره الطويل الغير مصفف
2- السعال عند الفجر
3- النوم اثناء الجلوس او السكون
4- لدى عزيز خيون القدرة على شد عضلاته و البقاء جالسا كتمثال ، و هو تكوين جمالي يؤدي الى شكل مميز ، لا يستطيع اي ممثل اداءه الا بالتمرين . و حالات اخرى .
و قد سبق للممثل ( عزيز خيون ) و الممثل ( يحيى ابراهيم ) ان التقوا مع المخرج ( عماد محمد ) ( 8) في عرض مسرحي واحد هو ( عربانة ) ، واعتقد انهما كل على انفراد يمتلكان القدرة على محاكاة قدرات الممثل الشريك .
ان نموذج الجد في حقيقته شخصية بسيطة تؤمن بالفوز فقط ، و لا تستسيغ الخسارة ابدا ، و هذا نابع من الأنانية البحتة و حب الذات ، فالأيمان بالفوز حول حياته اليومية نفسها الى معارك ، و يمكن اكتشاف نماذج له في الحياة اليومية بسهوله فنحن نجده ، يسبق الأخرين الى الأكل ، الى الحمام ، الى افضل فراش ، الى سباق الأخرين في الشارع ( سباق السيارات وسط الزحام ) ، الى اكثر قدر ممكن من الأشياء .. الخ ، و هذا الأنسان يستخدم السرعة و السرقة ان استطاع و الحيطة و الحذر و اي وسيلة ممكنة لتحقيق الفوز ، و منهم من يحلم بالقوة و سطوة الدولة ، و متى ما سيطر فيها صار ذلك سببا لأخضاع الأخرين لا خدمتهم . فيطالبهم بما يشتهي استنادا الى قوته ، حصته في المشاريع و سرقة المال العام ، و تصفية حساباته الشخصية بأسم الدولة . و اي وسيلة ممكنه تجعله فائزا .. و اخيرا يقاتل ، المهم الفوز .
و النموذج الجد هنا ايضا يناقش و يجادل و متى حاصره النقاش و شعر بأنه خاسر في المحادثة لجأ الى السب و الشتم كوسيلة للتخلص و لأثبات وجهة نظره مثل ( حيزبون ، خردة .. الخ ) كوسائل ليفوز بها ، و هو يستخدم وسائل اخرى متوفرة دائما لتحقيق غاياته قبل المعركة التي قد تؤدي الى الموت ، و كلها بالنسبة له وسائل معركة مثل: –
1- المقدس : كأستخدامه الأسلام وسيلة لتحقيق غاياته ، و هو في هذا عكس المؤمن الذي يتخذ من الأسلام غاية حياته فأنه يوجه علاقته بالله الى الناحية التي تخدم مصالحه و الدليل انه يدخل في الصلاة ثم يقطعها عدة مرات و كأنها واجب انساني ، بينما هي واجب الهي ، و انقطاع عن اليومي و توجه الى الخالق المطلق . بل يستخدم القرأن نفسه و اركان الأسلام كأدلة و حجج و رقى و قناعات و ما يحلو له ، حسب معناها و موقعها من الحديث و حسب حاجته اليها في حياته و قد استخدم الأيات القرأنية و الأشكال الدينية الاتية : –
أ‌- يا حي يا قيوم
ب‌- خطوات الصلاة ( استقيموا يرحمكم الله
ت‌- ما انزلنا عليك القرأن لتشقى
ث‌- و جعلنا من بين ايديهم سدا و من خلفهم سدا
ج‌- اعدوا لهم ما استطعتم من قوة
ح‌- اذا جاء نصر الله و الفتح
خ‌- قل يا ايها الكافرون
د‌- يا ايها الذين امنو
ذ‌- جنات تجري من تحتها الأنهار
2- الغير معقول : موافقته على عدم حصول الحفيد على اسم مثلا ليبقى على قيد الحياة ، و هي و ان كانت وسيلة محافظة على حياة الحفيد عند الجدة ، فهي وسيلة للفوز بالحفيد لدى الجد
3- الأجرامي : مثل قتله لأقاربه و استخدامه دمه في تبريد بندقيته .
4- الرخيص : مثل تعليماته لحفيده بوصفها اشياء يؤمن بها و هي كالأتي : –
1- ان لا تمتلك في الشأن العام
2- ان يكون لك ذكاء لغوي بهلوانيات ( تسرحهم بالكنافذ )
3- ان تتمتع بقدرة استثنائية على بناء تحالفات للضرر بالأخرين
4- ان تبيع قوت الأخرين
5- ان تعرف كيف تغازل السلطة و المعارضة لتحسين فرصك
6- ان تشم بسرعة رائحة انتهاء المعركة و في اللحظة الأخيرة تندفع لجمع الغنائم و تصبح شاتما كل من تركوا القتال
7- تجنب المشي في المقدمة و حينما تخذلك اصبعك بالضغط على الزناد استخدم قدميك في الهرب ( افلت ) و لكي تضمن حياتك حينما تحاصر البس تحت ملابسك شيئا من البياض ، قدم حياتك على موتك
و كل الوسائل ، اي انه يحاول الفوز بقدرته ، فأن لم يستطع ينتقد الأخر و يسيء اليه و يشيع ضده ما يضربه ، فأن لم يستطع يحاول ضربة و غدره ، فأن لم يستطع يقاتله و يواجهه اخيرا . و هذا النموذج ان وصل الى سدة الحكم فأنه سيقود شعبه حتما الى الحرب . و بهذا فهو برغماتي لا صاحب مبدأ يؤمن بعقيدة و مبدأه هو العب بما تغلب به حتى لو كانت الوسيلة وسخة . و طبعا لا اخلاق في هذه الطريقة .
و علاقة الجد مع الموت غريبة فقد ارغم عائلته على مجاورة المقبرة و السكن قربها ، و لا علاقة عمل و لا مصلحة معروفة لهم في مجاورة المقبرة ، و هنا نجد ان الجدة تهزأ بمجاورتهم للمقبرة ما يعني انه قرار لا حيلة لها فيه ، و بهذا يكون الجد هو من ابقى العائلة قرب جيرانها من الأموات ، لأن الحفيد مغلوب على امره في قرارات تخص العائلة ، فهل دفن الجد في المقبرة ضحاياه ؟ ام بقايا عائلته ؟ . و هو بهذا يتناقض مع خوفه من الموت بسبب خوفه من التراب ، و ذلك لأنه يعي انه سيدفن اخيرا في التراب . رغم انه لا يعلن ذلك علنا الا انه يخاف ارواح قتلاه التي تطارده و ترعبه و تقلق منامه ، و هو عمليا يعيش رعبا مستمرا نابع من عدم ثقته بكل من حوله لأنه خان ثقتهم في يوم ما و ثقة كثير ممن عرفهم ان لم يكن كلهم . بمعنى انه يخاف ان يرد احدهم صدفة ما فعله بالأخرين .
حتى انه في كل مرة يقرأ الفاتحة على روح احدهم او لسبب اخر و قد زادت في العرض عدد مرات قراءة الفاتحة الى عشرة ، فأنه يعلن ميتة تلو الأخرى و قد تكون ارواحه او عدد المرات التي مات فيها ، و كأنه يجلس في مجلس عزاء . و السؤال هو بعد حياته الصاخبة ايكون قد مات فعلا ؟ و السبب هو انقطاع اسبابه الشخصية على التواصل مع الحياة ، انه يتواصل مع الموت و بفخر .. و فاقد الحياة ميت . و الدليل سؤال الجد لحفيده ( هل انا حي ؟ فيرد الحفيد لا يا جدي انت ميت منذ زمن بعيد )
و يستخدم الجد كل وسائل الأقناع الممكنة ، تلك التي يفهمها العامة ، ليضعها في مسار يومه ، اذ يهمه الفكرة التي يكونها الأخرون عنه ، مثل استخدام بعض التصرفات الهستيرية كأنه هائم في عالم الدين ، و الدروشة ، و كثير منها يعطي انطباعا بأنه شخصية ذات عقيدة .. لكنه في الحقيقة عكس ذلك يبحث عن الفوز فقط .. و بأي وسيلة .

عواطف نعيم
يتضح اسلوب اداء الممثلة ( د .عواطف نعيم ) كونه اداء تقديمي و لكنه اداء مطور بسبب قدرتها على التحليل و تفسير الحالة المفردة داخل الشخصية كونها باحثة ومؤلفة و مخرجة ، و هي تحاول عدم ترك شيء للصدفة ، و تؤسس للحالات معاني و تضعها في مسار معناها الصحيح ، و لذا فأنها دائما ما تتقرب من الأداء النفسي و لا تدخل فيه و تبقى منبسطة حاضرة تشعرك عند التلقي بأنها تشرح لك شيئا ، و الحصيلة من تمثيلها دائما مميزة . بسبب وضوح مخارج الحروف ، و قدرتها المميزة كبصمة على التلوين ، ما يجعل من التلقي معها تلقي خاص و مميز .
و تمثل شخصية الجدة السلف الأخر التي تحول الحياة الى ملحمة عبر استخدام الحياة نفسها ثم تنتقي منها اساطيرها ، و احداث حياتها تفسر حدوثها على اساس خبرتها الملحمية هذه النابعة من تاريخ هذه الخبرة الأنسانية ، و عادة هي تفسيرات ما ورائية تضرب عميقا في الماضي لتقدم حلولا جاهزة منه ، و بهذا هي غير مقنعة لحفيدها ايضا ، رغم انه يتعاطف معها ، و رغم ذلك فأن خبرتها هذه تدفعها لحب الحياة انطلاقا من كم الأنبعاثات ( الولادات ) و ( الوفيات ) التي رأتها و هي خسارات و هكذا يبدو سؤالها منطقيا ( بالموت ندافع عن الأمة و ماذا عن الحياة ) و من هذا هي الأم التي تخاف على اولادها، لكنها فقدتهم للأسف ( و حفيدها اخرهم ) لذا هي تريد استبدال حياتها بمماتهم املا بأن يعودوا و لن يحدث ذلك .
و الجدة هي رفيقة درب الجد ، و هي من عايشته في صولاته و جولاته ، و تلقت كل الفواجع التي جلبتها لهم الحروب ، كان لها اولاد كثيرون فقدتهم جميعا في الحروب التي ساهمت ثقافة الجد في فقدانهم فيها ، و قد اوهمهم بمجد زائف لم يحصلوا عليه ، ما جعلها تفقد الأيمان بزوجها و افكاره ، الأمر الذي ادى الى خلاف جوهري بينهما فيما يتعلق بالحفيد .
و يتضح تأثير فلسفة العجائز او تفكير الأم العاطفي عندما تقرر ان لا يحصل المولود على اسم ( الحفيد ) لأنها تخاف الأرواح الشريرة ان تأخذه الى عالم الموت ( اننا فضلنا بقاءك بلا اسم كي تعيش ) و عادة ما يسمون المولود بأسم مكروه كي تتركه الأرواح الشريرة كما يعتقدون ، و هو اعتقاد ضارب في القدم يصل ربما الى تقاليد وثنية .
و تراها انطلاقا من هذا التفسير تحس بشيء غريب ، و تشم رائحة لم تعرف ماهيتها ؟ و هو انذار بخطر ، لأن المجهول دائما غير مفهوم ، و كل مجهول مستفز يشعرنا بالتوتر بسبب من عدم قدرتنا على معرفته او توقع حدوثه ما ينتهي دائما الى انقطاع بالعلاقة معه قبل لقاءه .. ثم تفسر سبب عدم معرفتها هذه الرائحة انطلاقا من احساسها الدفين بالأشياء و قدرتها الفائقة على التوقع و التبصر بأنها و ان لم تعرف هذه الرائحة ، و ان لم تجد في جعبتها شيء يفسر هذه الحالة رغم خبرتها الطويلة بالحروب بسبب سلبها اولادها تباعا ، فأن هذا القادم اقذر من الماضي لذا فهي تطلب من حفيدها فتح النوافذ … و فتح النوافذ هذا نابع من حاجتها الى الحرية و تغيير المزاج العكر الذي لا يساعد على التفكير ، و هي اشارة ايضا الى ضرورة تغيير المزاج العام و طريقة التفكير المغلقة بأخرى اكثر هدوءا و اكثر استرخاءا قائمة على التأمل و الهدوء ، نظرا لقدرة هذه الطريقة على تحسين حالة التفكير و حل الأمور بطريقة افضل ، اما الجد الذي يمتلك بدوره خبرة طويلة في اشعال فتيل الأزمات يدرك خطورة هذه الطريقة على مصالحه فيحاول عرقلة عملية فتح الشبابيك بأن يحافظ على غلقها لأنه غير قادر على مواصلة دفع الأخرين الى الخطأ في ظل الأنفتاح ، و ابقاء المزاج العكر و الهواء الفاسد داخل البيت ( الرمز = الوطن )
كما و تدفع الجدة حفيدها ليفكر في الحياة و يختار طريقه فيها ، و هي تقدم له سلسلة من الأدلة التي تثبت وجود خلل فيما يقدمه له من نصائح ، و الأدلة هي احداث من تاريخ العائلة ، من ذاكرتهم التي تتشارك و ذاكرة الحفيد القصيرة ، عن عمه الذي احبه في السجن العسكري ( بسبب هروبه من الخدمة العسكرية لأنه يكره الحرب ) و الى صور اعمامه و اقاربه التي تناسلت على الحائط و هم جميعا اموات بسبب ايمانهم ( بالحرب كوسيلة للحياة ) و النتيجة انهم ماتوا ، و هنا تقف ندا للجد الذي يحاول تربية هذا الحفيد بنفس الطريقة ، لتدفع حفيدها نحو الأتجاه الأخر ليدافع عن نفسه بالحياة لا بالحرب .
يحيى ابراهيم
يعد يحيى ابراهيم واحدا من جيل الشباب الذين ظهروا بحدود الأعوام ( 1998 – 2000 ) و هذا يعني انه تدرج سلم العمل الفني ، و لم يتميز صدفة او بسرعة ، قدم اعمالا متميزة متوالية ، و يتميز الممثل ( يحيى ابراهيم ) بعمله خط زمن للشخصية ( كنت قد اشرت الى هذه الفكرة اعلاه ) فتراه يوزع جهده و افكاره على المسرح طيلة زمن الشخصية في التلقي . كما انه يتمتع بقدر من اللياقة البدنية تفوق اقرانه و زملائه ، و اللياقة البدنية هي امر يفتقده اكثر ممثلي الفرقة الوطنية اليوم بسبب من كبر العمر الوظيفي من جهة ، و عدم وجود تمارين منهجية لهذا الغرض ، لذا فأن العروض التي تحتاج الى جهد بدني تضطر الى اللجوء الى شباب من طلاب المعاهد الفنية او كلية الفنون .
و من الملاحظ ان الممثل ( يحيى ابراهيم ) كان قد تعاون مع المخرج ( عماد محمد ) في ثلاث عروض حتى الأن ( رائحة حرب و من قبل عربانة ، و تحت الصفر )
و الشخصية هي الحفيد = المستقبل الذي بحاجة الى الأرشاد ممن سبقوه من الثقاة في هذه الحياة ( اهله ، محبوه ) ، فتراه يقلد الجد في البداية و يحاول السير على خطاه ، الذي يحاول دفعه الى الحياة بوصفها غابة و العيش داخلها لذا يحتاج الى خبرة المعارك و من الوسائل الحرب و افتراس الأخرين ، و تلك هي وسائل العقل ، بينما تدعوه الجدة الى الأيمان بالحدس و الحس و الأيمان بالحياة و الأستماع الى صوتها و رغم انه يميل فعلا ناحية جدته مع مرور الوقت ، الا ان تأثير الجد يسبب له الكثير من الألتباس ما يجعله حائرا في اختيار طريقه بسبب من قلة خبرته و عدم نضوجه ، و النضوج يحتاج الى تجارب في الحياة ، و تجارب الحياة تحتاج الى بيئة من الأستقرار لتداول الحياة ، و هذه البيئة مفقودة فهو مسجون عمليا في المنزل حتى النوافذ ممنوع فتحها ، لذا يقرر اولا ان يبحث عن بيئة مناسبة للعيش . و هنا يؤكد تلبسه لباس اللقلق و توحده مع هذا الطائر حواره ( اقف على ساق واحدة ، مثلما يقف اللقلق ) و اللقلق طائر مهاجر ( كما ذكرت ، يتميز بطول ساقيه و كبر اجنحته ) ، ثم يسئل اي الطريقين اصلح للوجود .
السينوغرافيا – السينوغراف ( سهيل نجم ) (9 )
اتخذ شكل المنظر الساكن في العمق شكل الخلفية و منح التكامل مع فكرة المنزل الغير فقير بسبب نسق الخطوط الهندسي المتجه و المستطيلات المكتملة الذي اضفى شعورا بالتحديد ما يوحي بوجود حدود بداية و نهاية و هو امر يحدد التفكير فلا يتشعب ما سمح بالتركيز على الأحداث المتحركة على الخشبة و قد استخدم المخرج هذا المنظر عدة مرات ووظفه لكن لم تصل الى درجة تثوير الشكل مثل : –
1- تحريك كواليس عدة مرات عملت عند السكون دور المكمل على اثاث المنزل ( برفانات )
2- عكس المخرج عدة من الصور و الأفلام المنعكسة على اماكن مخصصة في المنظر عملت عمل التلفزيون في المنزل + افلام كرافيك متحركة مجردة تداخلت مع المنظر مثل المسبحة المتحركة و دخول الشخصية في الأخبار و مسير الجد على السجادة الحمراء .. الخ
3- ساهم المنظر عبر عدة وسائل محمولة بأسلاك عبر هيرسات تنزل من فضاء المسرح مثل غرفة النوم و زاوية النظر المختلفة و مسبحة رجل الدين التي يتعامل معها الممثل ( عزيز خيون )
4- اجهزة اضاءة زرقاء و الوان اخرى سلويد اكملت جمالية المنظر و لم تستخدم للأضاءة فقط

المخرج – عماد محمد
يتميز المخرج ( عماد محمد ) عن غيره من المخرجين كونه يركب اعماله من مزيج تجميعي من داخل النص و خارجه ثم يوظفه حسب الحاجة الى ذلك على خط الزمن في عملية تركيبية شاملة ، كما يقوم ايضا بتركيب التكوين على المساحة املا بالحصول على بيئة غير مألوفة تخلق جو لعبة مسرحية ، و ما دام يشتغل على التركيب بلا قوانين بهذه الطريقة فهو يمتلك نصا خاصا به غير نص المؤلف يقوم بالأشتغال عليه قبل و اثناء البروفات و يمكن الأنتباه الى ان رائحة حرب تختلف عن اعمال المخرج (عماد محمد ) الأخيرة ( عربانة ، الصدر الأول ، مظفر النواب ) لأنه يقدم في هذا العرض بيئة لمنظر مكاني ( بناء كامل ) ثابت يختلف عن اللامكان او الأماكن المتعددة في الفراغ في عروضه السابقة ، و اعتماده على مفهوم مجرد سابقا لتقديمه في اطار ملحمي وثائقي ، الا ان التحول لديه ابتدأ في مسرحية عربانة لأنها تقدم قصة عن جانب مفهومي في حياة الأنسان و هو ذات الحال في رائحة حرب ، ما يجعله تطورا في معالجته المفهوم بين انساني مجرد ( بلا قصة ، احداث فقط ) في السابق و مسند بقصة انسانية اخيرا . الا انه يبقي على الوثائق المعكوسة على السايكلوراما و التي تعد سمة ملازمة له في السنوات الأخيرة .
لذا فأن رائحة حرب بوصفها تطور في التحول في المنظر لدى المخرج ( عماد محمد ) الذي ابتدأ في عربانة على شكل النص ، اكدت تحول المفردات الأخراجية لديه ايضا من اعتماده على ( مداخل متعددة للمفهوم + قصص متعددة داخل العرض تؤدي الى المفهوم ) او ( مسرحية وثائقية ) تسندها دائما الوثائق المنعكسة في كل اعماله المتأخرة الى ( قصة عن جانب مفهومي انساني واحدة + مداخل متعددة للمفهوم تسند القصة ) مع اسناد وثائقي منعكس ، و هي طريقة تسند الأختزال في العرض الذي يؤدي الى تلقي افضل يقلل التشتت .
و لا جدال ان عملية لصق الأفلام و النماذج المصورة بالعرض المسرحي يؤدي الى عرض تجميعي ( كولاج ) و ” الكولاج هو لصق مادة حقيقية مألوفة في وسط مغاير مألوف لينتج تكوين فني جمالي غير مألوف يشكل صدمة عند التلقي .” ( 10 )
و قد تركز الأخراج على : –
1- عزل حالات ادائية بين ممثلين او ثلاثة و اعادة تركيبها و هي لحظات تأزم مصطنعة بين الممثلين تخلق حدثا غير معتاد يمتد لدقيقة او اكثر او اقل ادت وظيفة في الزمن و صفها بأي اسبقية على خط الزمن يعني حصول المتلقي على تنوع في التلقي و هذه الاحداث من التأزم لا تؤدي وظيفة او توصل معنى بالضرورة ، فغاية التنوع و التغيير الدائم كافية لأنها بالمجمل تحقق المتعة في التلقي و من هذه الأحداث : –
أ‌- من كثرة تكرار هذه الفكرة ( سرد الذكريات العراقية و سرد الوقائع ) اختارت رائحة حرب المغايرة عن طريق السخرية من الذكريات التي لم يعد يجدي تكرارها ، حتى صارت الألام تضحكنا .. فالممثل ( عزيز خيون ) يعزف عل الطار و الممثل ( يحيى ابراهيم ) يرقص و يسرد هذه العناوين ( تحرير الكويت ، احتلال الكويت ، خيمة صفوان ، الحصار ، الجوع ، شاركنا الحواوين ، صعد السوك ، نزل السوك ، ام المعارك ، الطائفية ، القاعدة ، المظاهرات ، باسم الدين باكونه الحرامية ) .. الخ و تتهكم الممثلة ( د . عواطف نعيم ) ( رشو مي شو مي ) كما فعلنا بعد نهاية كل حرب .. و كان هذا مشهدا ادائيا مؤثرا . و حتى في هذا المشهد يطبل الجد للأحداث الدموية بينما يموت نموذج شاب .
ب‌- كما هي العادة دائما يظل مسببو الحروب في امان بينما يخوضها الأحرار ( المصدقون ) ، يبقى الجد في اكثر الأماكن امانا في قعر الملجأ بينما يتوسط الأحرار الموقف وسط الملجأ ما بين القائد و الضحية ، و اخيرا يضحي بحياتهم البسطاء و الضعفاء و قليلو الخبرة و جلهم من الشباب خارج الملجأ في منطقة الحرام ، و كل هذا يحدث في مشهد ( كما يحدث في الواقع تماما ) لملجأ في الجبهة حوله جنود محاصرين و العدو يحصد بالجنود بينما الجد هو القائد اسفل الملجأ في امان و في الخارج يقف الشاب ( الحفيد ) ينقل لهم احداث المعركة وسط رفاقه الشبان الذين يموتون تباعا و الحفيد ينقل الواقع في الخارج و يحصي الموتى من ( 1 الى الف الفان .. الخ ) و هذا هو حال كل الحروب التي عرفناها و عشناها ( يبقى مسبب الحرب هناك في الخلف بأمان ) و في المقدمة على الجبهة يموت الشباب من الأحفاد .. و الجد يرفع صوته في المعركة لا بد من الخسائر ..
ت‌- تمرين شهيق و زفير للأسترخاء بين الجد و حفيده يتحول بفعل التكرار الى لعبة بنسق صوتي و حركي
ث‌- مقطع حركي يحيى في الوسط يرتكز عليه التكوين و يتحمل ثقل الحركة الأكبر ، و هم يتدافعون ( يتعاركون ) ، فكان جزءا على خط الزمن اجتزء من الحركة على نحو جمالي .
ج‌- في البداية مدخل موسيقي مقتضب لموسيقى مألوفة قوية و صوت طلقة يبدأ العرض . و الطلقة صنعت لتقتل و تستخدم في الحرب = لا سلام و ان لم تكن حربا .. و هي تعبر عن مانعيشه في العراق منذ سنين طويلة ما بين حرب و لا سلام . و ها قد انتهت حربا لتوها . و عادت حالة اللا سلام ، تكوينات اخبارية تنعكس على شاشات ثلاثة و الممثلين يجلسون كمن يتابع الأخبار في المنزل ، الأخبار و القنوات التلفزيونية ووسائل الميديا ، السلاح الأهم في تأجيج سوء الفهم .
2- استخدم المخرج الصور و الأفلام الأتية : –
أ‌- في النهاية نسمع موسيقى ملحمية و فيلما لطيور لقالق تطير لتهاجر و ذلك لتأكيد الفكرة التي يصرح بها العرض ان الأحفاد ( الشباب ) يهاجرون لأنهم لم يعودوا يطيقون ثقافة الموت او مواجهته .
ب‌- استخدم العرض اشكالا منعكسة معالجة بالكرافيك لتحويلها الى رموز مثل ( شاهول مسبحة او مبخرة ) و هي رمز الدين و تطور و تجريد لأستخدام الأشكال المنعكسة بدلا من فيلم كثير التفاصيل او صورة ساكنة للدلالة على المفهوم بدل شرحه .
ت‌- انعكاس مع الممثل ( عزيز خيون ) و هو يمشي على سجادة حمراء منعكسة ثم يمسك بمسبحة ضخمة رمز للدين و هو شكل جديد بلباس الدين لأمراء الحرب .
ث‌- التلفزيون ينقل احداث القتال و يحيى وسط الأنعكاس بينما يجلس الممثل ( عزيز خيون ) و الممثلة ( د . عواطف نعيم ) امام الشاشة تحت المظلات بأمان يتفرجون على القتال ( الشباب يموتون في المعركة ) و الأجداد سبب المعركة بأمان .
ج‌- انعكاس النجوم و الليل و تحويل زاوية النظر الى مسقط رأسي يقابل المتلقي فبدا و كأننا ننظر الى الممثلين من السماء ( بأن وقف الممثلين و اتموا الأيهام بفراش وسائد و اغطية تهبط من الهيرسات ) و كانت صورة تشكيلية جميلة لا تحتوي على منظور لأن النجوم خلف ظهور النيام و السماء امامهم و لكن زاوية النظر في المسرح فرضت التكوين بهذه الصورة و قد اكتمل الأيهام في هذا المشهد اللامألوف
ح‌- انعكاس لصورة ساكنة لسجن و هو الحال عكس الانفتاح على الأخرين و فتح النوافذ ( سجن التخلف و التمسك بالعادات البالية و الكذب و الحيلة و المصلحة .. الخ ) و اهمها استغلال الحق ( الدين ) للوصول الى الباطل بأشكاله
3- استخدم المخرج في الموسيقى اغاني و تلاوة للقرأن الكريم و تستخدم الأغاني و الأيات القرأنية بوصفها ملصقات ( كولاج ) ايضا ، لأنها تامة المعنى و من سياق اخر ، و تستخدم لأضافة معنى لا تكفي وسائل الحوار المعتادة لأيصاله و قد استخدم الأغنية الريفية الجنوبية هنا كبصمة للدلالة على منطقة جغرافية مكان الحدوث ( الجنوب العراقي ) للأشارة الى ( شهداء الحشد و سبايكر الذين استشهدوا في جريمة طائفية و في القتال مع داعش ) و سورة يوسف للأشارة الى مجلس عزاء .
و بهذا يكون العرض قدم التمثيل و الصور المنعكسة ( الساكنة و المتحركة ) و المنظر الساكن الا من كالوسين متحركين و مسبحة ضخمة و اثاث النوم ، و قد انتج مسارات متجهة و ايقاع متجه و لم ينتج خطوط متقاطعة تذكر الا في دورات من الأحداث الصغيرة تتصاعد تارة ثم تعود الى ايقاعها المستقر ، و صعود للأيقاع بفعل مسار من التكرار في حوار ( رائحة الحرب ) و مسار الصور المنعكسة ( السجادة الحمراء و السجن و اخبار ) ، و هذا الأسلوب ولد انفصال احيانا ما بين المسارات ، و تلاحم متى ما تأجج التمثيل او انعكست صورة .

المؤشرات
1- الممثل الباحث متجدد ، محب للتعلم و الأستزادة ، و ملء ذاكرته التي يفرغها بعد كل تجربة .
2- ان عزيز خيون يتميز بالأضافات الصغيرة على الشخصية عادة و هو ما اسماه برشت الجست و يعني اللمسة التي تزيد المصداقية و تميز الشخصية
3- يتميز الممثلان ( عزيز خيون ) و ( يحيى ابراهيم ) كل على انفراد بقدرتهما على محاكاة قدرات الممثل الشريك .
4- ان الممثلة ( د .عواطف نعيم ) تؤدي اداءا تقديمي مطور بسبب قدرتها على التحليل . كما تتضح لديها مخارج الحروف ، ما يجعل اداءها الصوتي مميز كبصمة .
5- اللياقة البدنية هي امر يفتقده اكثر ممثلي الفرقة الوطنية اليوم بسبب من كبر العمر الوظيفي من جهة ، و عدم وجود تمارين منهجية لهذا الغرض .
6- يتميز المخرج ( عماد محمد ) بكونه يركب اعماله من مزيج تجميعي من داخل النص و خارجه ثم يوظفه حسب الحاجة على خط الزمن في عملية تركيبية شاملة
7- تعد الوثائق المعكوسة على السايكلوراما سمة ملازمة للمخرج عماد محمد .
8- ان عملية لصق الأفلام و النماذج المصورة بالعرض المسرحي يؤدي الى عرض تجميعي ( كولاج ) و ” الكولاج هو لصق مادة حقيقية مألوفة في وسط مغاير مألوف لينتج تكوين فني جمالي غير مألوف يشكل صدمة عند التلقي .”
9- تعد الأغاني و الأيات القرأنية ، ملصقات ( كولاج ) ايضا ، لأنها تامة المعنى و من سياق اخر ، و تستخدم لأضافة معنى لا تكفي وسائل الحوار المعتادة لأيصاله

1 – مثال غازي : – كاتب مسرحي عراقي ، ولد في بغداد 1967 ، له العديد من المؤلفات المنشورة ، دكتوراة فلسفة في المسرح ، شغل منصب مدير منتدى المسرح ، مدير الفرقة الوطنية . في دائرة السينما و المسرح .
2 – يوسف البحري : – قاص و سيناريست و كاتب مسرحي تونسي ، ولد في صفاقس ، له المسرحيات ( حقائب ، زنقة النساء ، الفخ ، رائحة حرب ) و صدر له رواية ( كيف كيف ) و قصص قصيرة بعنوان ( قصص تكتب مرتين )
3 – غرندايزر : شخصية كارتونية بطولية تأثرت بها الأجيال التي تمتعت بطفولتها و مراهقتها في ثمانينيات القرن الماضي .
4 – . عواطف نعيم ، مخرجة و مؤلفة و ممثلة عراقية ، دكتوراة مسرح ، من مؤلفاتها المسرحيات كنز من الملح ، لو ، بيت الأحزان ، مطر يمة ، و اخرى ، كما اخرجت العديد من المسرحيات منها بيت الأحزان، يا طيور ، و اخرى ، شغلت منصب معاون مدير دائرة السينما و المسرح .
5- عزيز خيون : مخرج و ممثل مسرحي عراقي ، مثل للمسرح و التلفزيون و السينما ، اخرج المسرحيات ، الف رحلة و رحلة ، مرحبا ايتها الطأنينة ، لو ، مطر يمة ، تقاسيم على نغم النوى ، و اخرى
6 – يحيى ابراهيم : ممثل مسرحي عراقي ، له العديد من الجوائز في التمثيل محليا و عربيا ، ماجستير مسرح
7- لقلق : ( ينظر شبكة الأنترنت العالمية ، ويكيبيديا )
8 – عماد محمد : مخرج مسرحي عراقي ، مثل العراق في كثير من المهرجانات العربية ، اخرج العديد من المسرحيات منها ( تحت الصفر ، عربانة ، مظفر النواي ، و اخرى
9- سهيل نجم : سينوغراف مسرحي عراقي ، صمم العديد من الأعمال المسرحية ، شغل مناصب مدير التقنيات و مدير الأنتاج في دائرة السينما و المسرح ، عدة مرات متفرقة .
10 – ظفار احمد المفرجي : الكولاج في المسرح ، كتاب غير مطبوع ، عن رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس كلية الفنون جامعة بغداد ، 2015 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق