مجلة الفنون المسرحية
الكاتبة أيمان الكبيسي |
عالية طالب
هذا هو المسرح، هكذا قلت لنفسي حين انتهيت من قراءة مسرحية "ايمان الكبيسي" الموسومة " وأد على الشريعة " ، كانت صوت كل النساء العربيات او نساء الانسانية في بلدان تفتقد المعنى الحقيقي للإنسانية ، صرخة حواء التي يكيل لها المجتمع كل التهم منذ الخليقة الى اليوم والى مستقبل لا نعرف مداه، متهمة لأنها امرأة ، وخانعة لهذه الصفة لكونها تعرف كينونتها التي نمت عبر نساء ولدن من ذات الرحم الذي ما رحب به الرجل حين اخرج انثى لا بد من تضييق الخناق عليها قبل ان تتسبب بعار يلحق بسمعته وعشيرته وقبيلته.
انثى " الدمية" هي المرأة التي تجيد مسخ نفسها لترضي رجلا يقف قاب قوسين او ادنى من روحها التي احبته يوما واكتشفت جلادا يعرف كيف يلوح بسوطه اينما تلفتت بعيدا عن صوته الذي يطالبها بالرضوخ دائما.
هذه المرأة هي صورة الواقع الممسرح الذي وقفت "ايمان" في منتصفه لتنزع عن النساء اكذوبة " الانثى" ولتجعل صدق المرأة موجودا في كل المسامات.. بذات المسامات التي نضحت قيحا على مر سنوات بدء الخليقة الى اليوم ، لنصغي جيدا الى صوت الكاتبة التي دربت نسائها جيدا واضاءت لهن دربا لا يعترف بخشبة مسرح تطوقه الجدران بل هو امتد ليشغل مكانا بلا اسيجة ولا سقف ولا اتجاهات مغلقة بافق تمتد اليه الابصار.
المسرح هو الثورة المجتمعية ضد كل اشكال الاستلاب ، وان صمت فأن الامر يعود لخلل جسيم في جسد الثقافة التي عليها دائما احداث التغيير في البرك الساكنة ، وها هي "ايمان" ترمي حجرها الخاص لتبعث في السكون دفق حياة تتجدد عبر صرخات اصوات لا تعرف الاختناق بقدر ما تفتح حنجرة الصمت لمزيد من اصوات العالم المتفرج على سكون الاشباح.
هذا المسرح الذي نحن بحاجة اليه الان ومجتمعنا يعاني من واد نساء لا حصر لهن وهو يرجمهن على يد من يرتكب كل الخطايا مستترة ومعلنة ، ليست المرأة لوحدها من تعاني اشكالية الوجود بل الرجل ياخذ حيزا مضافا لكنه يغلفه برجولة زائفة ليرضي غرورا اجوفا يقول له ان الذكورة تلتصق بشرف الانوثة فان خرجت من شرنقة الوئد فأن الثلمة ستصيبه بعارها اينما تقادمت عليه الازمان!!
هذا هو مجتمع مسرح ايمان وهو صورة عاكسة لمجتمع لا يحمل جنسية واحدة بل هو صالح لحمل كل جنسيات مدن المسافات القاحلة بانسانيتها الحقيقية.
نساء الكبيسي ينتظرن مسرحا بخشبة مفتوحة يجمعن حولها كل الاصوات لتهتف .. هذا هو المسرح الذي نريد.. بوركت ياايمان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق