مجلة الفنون المسرحية
المسرح بوصفه وسيلةً لتأمل حيوات الناس
عادل العامل - المدى
يمكن للمسرح أن يكوّن مفاهيم متماسكة وحقيقية للناس. فهو يستطيع أن يستخدم جمهوره فكرياً وعاطفياً، أن يجعله حساساً إزاء القضايا، والفِكَر، والحالات البشرية المصورة، ويُحدث صلةً شخصيةً مع الأحداث والشخصيات التي على خشبة المسرح. وقد يمضي المسرح المستند على الجماعة خطوةً أبعد؛ فحين تكون المسرحية ذات علاقة على نحو مباشر بحيوات أفراد الجمهور وانشغالاتهم، تبدأ هناك عمليةٌ يمكنها أن تؤدي إلى فهمٍ وتغييرٍ أعمق، حيث يتعرف أفراد الجمهور على الشخصيات ومعضلاتها ويتماهون مع الأشخاص الموصوفين. ولأنهم يستطيعون أن يتفرجوا أكثر مما يعيشوا التجربة، فإنهم يجسدون المشكلات أيضاً، وبعملهم هذا يبدأون بأن يكونوا قادرين على التفكير نقدياً بشأن الحلول الممكنة أو الأفعال البديلة وبذلك يمتلكون القدرة على التغيير.
وأنا هنا أتفحص الحاجة إلى التغيير الاجتماعي إضافةً إلى تأثير المسرح على المجتمع. وسوف أستكشف استخدامات المسرح كوسيلة للتغيير، إلى جنب التركيز على مسرح أوغستو بول إذ أن طرقه قد استُخدمت كأداة للتغيير. وهو القائل، " إن المسرح شكل من أشكال المعرفة؛ وينبغي ويمكن أن يكون أيضاً وسيلة لتحويل المجتمع. وبإمكان المسرح أن يساعدنا على بناء مستقبلنا، وليس انتظاره فقط."
أحد أكثر التعريفات إيجازاً للتغيير الاجتماعي أنه " التعديل المهم للتركيبة الاجتماعية والنماذج الثقافية عبر الزمن." وهذه التركيبة الاجتماعية مكونة من "شبكة متواصلة من العلاقات الاجتماعية." وقد صار فيها التفاعل بين الناس أو الجماعات حافلاً بالتكرار. ويمكن للتغيرات الناتجة أن تؤثر في كل شيء، من السكان إلى الاقتصاد، حيث أن التصنيع والمعايير والقيَم الثقافية المتحولة عوامل قوية أيضاً للتغيير الاجتماعي. وبكلمات أخرى فإن التغيير الاجتماعي هو تحوّل في الثقافة والبنية الاجتماعية على مر الزمن.
وهناك أسباب متنوعة للتغيير الاجتماعي. أحدها الثقافة التي هي نظام يفقد ويكتسب عناصر على نحوٍ ثابتٍ. كما أن القيَم، والمعتقدات، والإيديولوجيات قد شكّلت بالتأكيد اتجاهات التغيير الاجتماعي في العالم الحديث، مثل القومية، والرأسمالية، وغيرهما.
ويمكن للتغيير أن يقع من خلال تأثير عوامل بيئية كالمجاعة.
وتقوم التحولات العالمية في النفع الاقتصادي أو السياسي، كالعولمة، التي هي أحد العوامل الأساسية في مجتمعنا الحديث بالتأثير في الاقتصاد العالمي، والبنى السياسية، والثقافة، إلخ. كما يمكن أن يحصل التغيير من حركة اجتماعية ينظم فيها الناس معاً لسبب أو دافع مشترك.
وتُعد وسائل الإعلام الجماهيرية عاملاً حيوياً في تسريع التغيير الاجتماعي. فهي تسمح بالانتشار السريع للأفكار، جاعلةً هذا يتجلى بوضوح في مختلف نواحي البيت الخاصة والاسترخائية، حيث يكون الجمهور في أكثر حالاته تقبلاً لما يصل إليه.
وهكذا فإن التغيير الاجتماعي يحدث لعدة أسباب تعني أن هناك على الدوام مطلباً للتغيير، سواء كان ذلك عن طريق أفراد أو من خلال قوى أكبر تؤدي بالجماعة البشرية في بعض الأحوال إلى تغيير شامل. ويعتبر المسرح وسيلةً لتأمل حيوات الناس وإعادة خلق ذلك ببصيرة أعمق، ويمكن أن يكون أداةً لفهم مشكلات المجتمع الحقيقية والمساهمة في إيجاد حلٍّ لها في إطار محاولته من أجل التغيير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق