تصنيفات مسرحية

الجمعة، 28 ديسمبر 2018

"الخروج من القاع " مسرحية من فصلين تأليف سعد عودة

مجلة الفنون المسرحية




(إنّ الأفراد المقموعين ( جنسيا) لا يمكنهم تطوير حياة ديمقراطية أو يمارسون نشاطاً ديمقراطياً)



المكان: في منتصف المسرح باب رئيسي يطل على الخارج وعلى جانبيهِ اربعة ابواب, بابان من كل جانب وهي ابواب غرف, كل باب يصدر حوارا من قبل رجل وامرأة يوحي لقصة معينة

الشخصيات 
محمود: شاب في منتصف العشرينات, اسمر, طويل, ذو هيئة جيدة رغم ملامح التعب الذي تبدو على محياه
جمانة: فتاة في منتصف العشرينات, جميلة وقوية الشخصية وجريئة بدرجة كبيرة
ام ابراهيم: امرأة في منتصف الخمسينات, رغم ارتدائها لعباءة سوداء ولكن شعرها المصبوغ باللون الاصفر يبدو واضحاً من خلف العباءة كما انها ترتدي ملابس شفافة تغطيها بعباءتها السوداء
الاصوات: من المهم ان تكون الاصوات الصادرة من الغرف الاربعة تعود لأشخاص مختلفين وليست هناك ضرورة للدلالة على اعمار او شخصيات هؤلاء الافراد...


صوت سعال قوي يأتي من وراء الباب 
صوت امرأة : تناول الدواء ارجوك...اتوسل اليك
صوت رجل: لا أريد...دعيني اموت فقط
صوت امرأة: تموت...ولكن كيف سنستمر بالحياة بعدك
صوت الرجل: افهمي ارجوك...موتي أكيد وهذا الدواء اللعين لن يفعل شيئاً...ولا اعرف ماذا ستفعلون بعدي ..(صوت سعال قوي) 
صوت امرأة : خذ الدواء ارجوك
صوت الرجل: اتركوني...دعوني اموت فقط...دعوني ارتاح...
ينتقل الضوء الى الباب الاخر, صوت تأوهات لرجل وامرأة يمارسون الجنس من وراء الباب, في البداية تأتي التأوهات هادئة لكنها ماتلبث ان تتعالى وتتصاعد حتى تهدأ تماما....
يتحول الضوء الى الباب على الجانب الايسر بالقرب من الباب الرئيسي
صوت رجل: سأقتلهُ...اذا اقترب منكِ مرة اخرى ..نعم...سأقتلهُ
صوت  امرأة :  تقتلهُ...تعرف انهُ يستطيع ان يدعسكَ بحذائهِ مثل الصرصر ...ولماذا تقتلهُ...هو عرض علينا الامر ونحن وافقنا
صوت الرجل: لكن ليس الى هذا الحد
صوت المرأة: الى أيِّ حد تعني
صوت الرجل: الى الحد الذي يغازلكِ فيه امامي....والكارثة انهُ لم يكتفِ بالمغازلة بل مد يدهُ نحوكِ ...
صوت المرأة : وماذا في ذلك...انت تعرف جيدا انني اتعرى امامهُ ويفعل بي مايشاء 
صوت الرجل: لكن ليس امامي
صوت المرأة : حسنا سأطلب منهُ الا يفعل شيئا امامك في المرة القادمة
صوت الرجل: نعم هذا افضل 
ينتقل الضوء الى الباب الاخير, صوت بكاء طفل يستمر قليلا ثم يهدأ 
صوت رجل: قلت لكِ الف مرة ان تعيدي الطفل لأم ابراهيم قبل العودة للبيت
صوت امرأة: ام ابراهيم لم تكن في البيت وانا تأخرتُ عليها كثيرا, انت  ستقلب الدنيا على رأسي  لو رجعت للبيت في وقت مبكر 
صوت الرجل: انا ورائي تل من المصاريف وما تأتين به لايكفي
صوت المرأة : اذكر الله ..يوميا اكثر من مئة الف لاتكفي
صوت الرجل: نعم...لاتكفي, هناك ايجار الطفل وهناك حصة الجماعة وما يتبقى لنا بالكاد يكفينا كي نأكل ونشرب 
صوت المرأة: نعم ...نأكل ونشرب...بتهكم
صوت الرجل : ماذا تعنين
صوت المرأة: لا اعني شيئا 
صوت الرجل: ايتها الملعونة, يضربها فيعلو صراخها قبل ان يهدأ ويظلم المسرح نهائيا ..... 

يسلط الضوء على الباب الرئيسي
تدخل جمانة قبل ان تلتفت وتنادي شخص ما من وراء الباب
جمانة: تفضل محمود...ادخل
محمود: لاداعي لذلك...سأذهب 
جمانة: ادخل ارجوك ...هناك ما يجب ان نتحدث بهِ
يدخل محمود...يلتفت يمينا ويسارا وكأنهُ يخاف  ان يراه احد
محمود: ولكن ...هذا لايجوز
جمانة: ماذا تعني
جمانة: اعني انهُ لايجوز ان نبقى لوحدنا هنا...انتِ ايضا تحتاجين الى الراحة...اعرف ان ما مررتِ به اليوم صعب حقا
جمانة: نعم ...صعب جدا ...ان ادفن امي واعود, ان اواري الانسان الوحيد الذي اثق بهِ التراب, صعب جدا ولهذا اطلب منك ان تبقى معي
محمود: ولكن ماذا سيقولون عنا
جمانة : ماذا يقولون مثلا ...يقولون ان الشيطان كان ثالثنا...طيب فليكن الشيطان ثالثنا ولكنه سيكون بلا فائدة ...نعم بلا فائدة بالنسبة لامرأة دفنت امها للتوّ...كيف سيتمكن من اغواءها
محمود: الناس تريد ان تتكلم فقط
جمانة : وانا لايهمني...ما يهمني  ان لا اكون وحدي الان...ان يكون قربي شخص يمكنني الوثوق بهِ حتى لو بشكل جزئي...افهمني...انا خائفة...خائفة
محمود: خائفة...المفروض ان تكوني حزينة فقط
جمانة: لا ...لستُ حزينة بل انا فرحة لأنها استطاعت ان تتخلص من هذا العالم, لكن العالم يبدو مرعبا بدونها 
محمود: هذا جيد حقا
جمانة : ماهو هذا الشيء الجيد
محمود: انكِ فسرتِ قضية موتها على هذا النحو
جمانة: هذا الواقع.....الموت يبقى اخف وطأة مما تلاقيه يوميا وهي تتسول في تقاطعات المدينة 
محمود: لا اعرف...ربما
جمانة : ماذا تعني
محمود: اعني انني لستُ متأكدا انه سيكون اكثر رحمة من هذا العالم
جمانة: لا اعتقد ان ثمة جوع هناك
محمود: ربما يكون ما هو العن من الجوع والحاجة
جمانة: مثل النار وعذاب القبر وهذه الترهات
محمود: انتِ اذا لاتؤمنين بالأخرة
جمانة: لا اعرف...لم أعد اؤمن بشيء ...بصورة ادق لم اعد متأكدة من وجود الاشياء...هل تعرف كنت اشعر ان الله قريب مني دائما حتى ذلك اليوم الذين قتلوا فيه أبي وهم يصرخون (الله اكبر)...كان الله قريب منهم جدا, كان يعتقدون انه يبتسم لهم وهم يطلقون رصاصاتهم تجاه رأسهِ
محمود: لايمكن ان يكون الرب قريبا منهم
جمانة: هو ايضا ابتعد عني وبلا سبب
محمود: ربما هناك سبب ما 
جمانة: لا اعرف...ولكن الامر لايمكن ان يكون على هذا النحو
محمود: ماذا تعنين
جمانة: اعني انه سيكون من غير اللائق ان يبتعد عني لأني فعلت شيئا لا اعرفهُ...المهم....هو لم يعد هنا الان
محمود: هو في كل مكان 
جمانة: إلا داخلي ...حتى انني لا اتذكرهُ الان
محمود: هذا جحود
جمانة: انا لا اقصد شيئا...اتكلم عن شعوري به...على كل حال الايمان لامرأة بمثل حالتي لم يعد مهما
محمود: الايمان مهم دائما ولجميع الناس
جمانة: المشكلة انني لم أعد اشعر بشيء 
محمود: الشعور ليس مهما ...التفكير المنطقي هو المهم
جمانة : انت واهم...حتى الفلاسفة كان يتأكدون فقط عندما يشعرون بالاطمئنان للطريقة التي يفكرون فيها
محمود: الاعتقاد بالشيء والايمان به يجب ان ينبع من العقل فقط
جمانة: وعندما يعجز العقل ...او فالنقل عندما يصبح غير متأكد من صواب طريقتهِ بالتفكير
محمود: حينها عليه ان يتوقف ويحاول بطريقة اخرى
جمانة: نعم عليه ان يتوقف فقط...خاصة عندما يقدم لك الواقع الدليل القاطع على عدم صواب كل طرق التفكير...الذين قتلوا ابي كانوا يعتقدون تماما انهم على حق...لقد وجدوا الطريقة الصحيحة في التفكير...الطريقة التي ستقودهم الى الجنة ....حتى اذا كانت خاطئة او متطرفة او عدوانية هذا لايعني ان التفكير بطريقة اخرى مضادة لما فكروا فيه ستكون صائبة ...هل تفهم ....
محمود (يبتسم): هذه مجرد سفسطة 
جمانة: ربما ...لأنني اشعر بفراغ حقيقي داخل رأسي...ربما امتلأت قليلا عندما فكرت ان امي سترتاح الان ...
محمود: كانت طريقة للهروب من الحزن
جمانة: الحزن والفرح والأمل...هذه الكلمات نسيتها تماما...وربما هي من نستني منذ زمن طويل ...الشيء الوحيد الذي لم استطع التخلص منه هو الخوف
محمود: الخوف من ماذا 
جمانة: من الاعتقاد....الانسان عندما يعتقد بشيء  يتحول الى وحش حقيقي ...والمعتقدات هنا في كل مكان, انظر ....هي في كل مكان من بيوت الله حتى المزابل....احتاج الكثير من الضحك لأفسر معتقدات هؤلاء (تشير على الابواب الاربعة) 
محمود: وانتِ...لماذا تختلفين عنهم
جمانة: ربما لأنني درست الفلسفة....لا اعرف حقا لماذا اخترت الفلسفة...لكنني درستها بجدية كبيرة 
محمود: الفلسفة تدعو الى التفكير وانتِ ترفضين ذلك
جمانة: انا ارفض الاعتقاد ...لكنني لا استطيع التخلص من التفكير وهذا يخيفني
محمود: لأول مرة اعرف ان التفكير ممكن ان يشكل عامل خوف لأنسان ما
جمانة: مثلا...اليوم دفنت امي...من المفروض ان يكون التفكير في هذا الامر محزن لكنني كلما اتذكر انها كانت ترفض ان تشتري لي حفاظات نسائية عندما تحل عليّ الدورة الشهرية أصاب بالجنون....
محمود (وهو يبتسم): وكيف كنتِ تتعاملين مع الامر
جمانة: استخدم ملابس قديمة استطيع الحصول عليها من المزابل 
محمود: المهم انها تفي بالغرض
جمانة : لا ...لم تكن تفي بالغرض لان الدم والسوائل كانت تتسرب منها الى فخذيّ لتولد شعور هائل بالنجاسة....الامر يشبه كثيرا السباحة بمياه المجاري الطافحة... لكن ليست هذه هي المشكلة
محمود: ما هي المشكلة اذا
جمانة: المشكلة انني احيانا افكر بالرب وانا في هذه الحالة
محمود: وماذا في ذلك
جمانة: هنا فقط تشعر بسذاجة الفلسفة والتفكير...ان تفكر بالكليات من الاعلى وانت تتلمس كل نجاسات العالم من الاسفل 
محمود: اذا تجاوزي هذا الزمن الى زمن اخر
جمانة: سيكون مخادعا....وهذه كانت اكبر مشاكل الفلاسفة...انها يفكرون وهم يتوسدون الريش الناعم او يتجولون في الحدائق الغناء ...ولهذا سيكون الوجود مرتبط بالتفكير كما يقول ديكارت....لكن الحقيقة شيء اخر
محمود: بصراحة انا لستُ ضليعا بالفلسفة....
جمانة: وماذا تدرس انت
محمود: الفيزياء...
جمانة: وتبيع الشاي في تقاطعات المدينة
محمود: هكذا فقط استطيع الاستمرار في الدراسة              
 جمانة: والى اين اوصلتكَ هذه الفيزياء
محمود: الى اننا يمكن ان نكون وهم فقط
جمانة: ماذا تعني
محمود: لا اعرف كيف اشرحهُ لكِ...لكن هناك مايدل على اننا مجرد اضطراب في الحركة...او مانسميه الموجات ...وهذا يعني اننا رغم وجودنا فأننا ايضا غير موجودين بالمعنى الفيزيائي للوجود
جمانة: وماذا يعني هذا 
محمود: لستُ متأكدا...لكنهُ يعني ايضا ان هناك الكثير من الحقائق التي لانعرفها في هذا الكون
جمانة: ولكن ما اهمية معرفتها لرجل يبيع الشاي في الشارع
محمود: لا أهمية لذلك سوى انها الطريق الوحيد الذي اعرفهُ للتخلص من هذا الشارع....لدي مشاريع كثيرة ...عليّ فقط ان اكمل دراستي
جمانة: مشاريع ...
محمود: نعم...سأحاول الحصول على تعيين واذا فشلت فيمكنني العمل في التدريس الخصوصي...اعتقد ان هذا سيسد حاجتي...المهم ان اتخلص من الشارع
جمانة: كم تبقى لك لتنهي دراستك
محمود: سنة وبضعة اشهر ...الان عليّ ان اذهب
جمانة : ولكن....
يتوجه محمود نحو الباب الرئيسي وفي هذا الاثناء يطرق الباب بشكل قوي 
جمانة: من 
صوت امرأة: اني ام ابراهيم....
يبقى محمود واقفا في مكانهِ بينما تذهب جمانة وتفتح الباب
تقتحم ام ابراهيم المكان وهي تصرح
أم ابراهيم: قلت الف مرة لهذه القحبة ان تعيد لي الطفل عند الساعة السابعة, لكن هل تعرفين (توجه الكلام لجمانة)...انا الغبية التي اصدقها في كل مرة, هي تعرف ان عليّ ان اعيد الاطفال لأهلهم في الساعة الثامنة ولن تجدني في البيت بعد الساعة السابعة...فعلت هذا معي اكثر من مرة وانا الغبية التي تصدق توسلاتها ...لكن...(تلتفت الى محمود)...من هذا
جمانة: محمود
ام ابراهيم: اها....(محمود...تتوجه نحو الباب الرابع لكنها ماتلبث ان تعود)...ومن يكون محمود
جمانة: هو يبيع الشاي في التقاطع المقابل للمنطقة
ام ابراهيم: اها ...يبيع الشاي..(تتوجه للباب الرابع لكنها ماتلبث ان تعود)...ولكن ماذا يفعل هنا
جمانة: لايفعل شيئا...
ام ابراهيم: لايفعل شيئا....وهل هناك رجل لايفعل شيئا
جمانة: هو ساعدني فقط في دفن امي هذا الصباح
ام ابراهيم: نعم ...سمعتُ ذلك...لقد سقطت بين السيارات وماتت
جمانة: نعم
ام ابراهيم: يجبر الله مصابكم ...بالرغم من انها ....
جمانة: من انها ماذا
ام ابراهيم: استطاعت ان تنجو اخيرا...رحمها الله
محمود: انتِ فعلا امرأة غريبة ...البنت دفنت امها قبل ساعات...
ام ابراهيم: اسمع...انا امرأة خبيرة بالفقر والتشرد والتسول وافضل شيء نستطيع الحصول عليه هو الموت
محمود: انا اعرف ايضا ...انكم لستم فقراء وما يدخل لكم يوميا من مال ليس بالشئ القليل
ام ابراهيم: صحيح...لكن المسألة لاتتعلق بالمال فقط...تتعلق بالطريقة الوحيدة التي نعرفها للاستمرار بالحياة....
جمانة: اسمع عندما يتم تحطيمك من الداخل لن تعود مثلما كنت ابدا...تستمر بالحياة ...ولكن لكي تستمر فقط...بعدها تعثر على طريقة للحصول على المال...لكن بعد ان تغادرك الحياة نهائيا
محمود: الحياة لاتغادر الا من يريد مغادرتها
جمانة: والذكريات
محمود: مجرد ذكريات ...لابد العثور على حياة اخرى
ام ابراهيم: هذا الولد يفتهم...انتظرني...سأخذ الطفل من هذه القحبة واعود اليك
محمود: انتظرني فقط...
(تذهب ام ابراهيم وتطرق الباب الرابع وتدخل بعدها يسمع صوتها وهي تكيل الشتائم لأصحاب الغرفة قبل ان تعود وفي يديها الطفل) 
ام ابراهيم: لا...لا...لن اتعامل مع هذه المومس مرة اخرى...وقوادها هذا انا اعرف كيف اربيه مرة اخرى....(تلتفت نحو محمود عندها تهدأ وتقلل من وتيرة صوتها)...اسمع ابني
محمود: لستُ ابنكِ...
ام ابراهيم: حسنا ...اسمعني جيدا ولا ترد علي الا بعد ان تفكر بالأمر...
محمود: ماذا تريدين
ام ابراهيم: اولا ...عدني بانك لاتستعجل بالرد على طلبي
محمود: حسنا أعدك بذلك 
ام ابراهيم: اريدك ان تتزوج جمانة
محمود: ماذا...
ام ابراهيم: انت وعدتني
محمود: اسمعيني...ما استطيع الحصول عليه من بيع الشاي بالكاد يجعلنا نستمر بالحياة انا وامي المريضة...حتى انني لا اتمكن من توفير العلاج لها على الدوام
ام ابراهيم: لا داعي لبيع الشاي بعد الان...جمانة ستتكفل بكل شيء 
محمود ينظر الى جمانة....
جمانة: نعم سأتكفل بكل شيء ...حتى بعلاج امك....
محمود: من اين...
جمانة: من التسول....مانحصل عليه يوميا من التسول اضعاف ماتحصل عليه انت في بيع الشاي....انت ستكمل دراستك ...وعندما تجد لك عملا بعد التخرج يمكنني حينها ان اكمل انا ايضا دراسة الفلسفة...وربما سأعثر على فرصة لعمل ما
ام ابراهيم: اعتقد هذا جيد لكما معا
محمود: الامر ليس بهذه السهولة.....ماذا لو انجبنا اطفالا خلال هذه الفترة
جمانة: لا طبعا....نحن سنتزوج على الورق فقط...
محمود: ماذا تعنين
جمانة: اعني انني لن اسمح لك بالاقتراب مني....
محمود: وما الداعي لهذا الزواج اذا
جمانة: المصلحة...انا احتاج الى رجل يدافع عني من مصائب الشارع بعد رحيل أمي...وانت تحتاج للمال لكي تنجح في دراستك...
محمود: وبعدها
جمانة: بعدها لكل حادث حديث....المهم ان نعثر لنا على حياة اخرى...حينها فقط نستطيع ان نقرر ماذا سنفعل 
ام ابراهيم: بصراحة.... هذا عرض مناسب للطرفين
محمود: ولكن...
ام ابراهيم: ولكن ماذا ....البنت ستتكفل بكل مصاريفك حتى تحصل على عمل مناسب...ماذا تريد اكثر من ذلك
محمود: الا تجدون الامر غريبا...امرأة تطلب الزواج بعد ساعات من دفن امها فقط
جمانة: هي تمكنت من النجاة...وانا ابحث عن طريقة ما لأنجو ...
محمود: حسنا...سنتزوج...وسنرى اين ينتهي بنا هذا الجنون....
ام ابراهيم: ستكون النهاية سعيدة بالتأكيد....غدا سنذهب الى المحكمة ونعقد القران
محمود: ولماذا المحكمة
ام ابراهيم: هكذا فقط تستطيع ان تدافع عنها....اذهب الان ...وموعدنا في صباح الغد


المسرح مظلم بالكامل
ضوء يسلط على الباب الاول, يأتي صوت ام ابراهيم من خلف الباب
صوت ام ابراهيم: قلت لكِ انني سأدفع لكِ للبنت ضعف ما أدفعهُ لأبنك...سأدفع لكِ عشرين الف دينار...
صوت المرأة: وانا قلت لكِ انني لن ارسل ابنتي الى الشارع...
صوت ام ابراهيم: ولكن العشرة الاف لاتكفي...
صوت المرأة: نعم ...لاتكفي...لكنني لن اغامر بحياة ابنتي...لن اغامر بشرفها...
ام ابراهيم: لابأس...ولكن تأكدي من شئ واحد...المرأة التي تعيش هنا...تبقى بلا شرف حتى اذا حافظت على هذا الذي بين فخذيها...تذكري ذلك دائما....لان الجميع يعتقدون ذلك....
ينتقل الضوء الى الباب الثاني
صوت شاب: هذه ستكون اخر مرة
صوت فتاة: ماذا تقول
صوت الشاب: سأسافر ...رتبت كل شيء وسأسافر الاسبوع القادم
صوت الفتاة: يعني ستتركني مثل الاخرين
صوت الشاب: لا ...لن اتركك...تعالي معي...اسمعيني...خذي مايقع تحت يدك من اموال وذهب العائلة وتعالي معي...سنذهب الى تركيا ومنها الى اوربا...هناك سنتزوج ونعيش
صوت الفتاة: ماذا تقول...واهلي
صوت الشاب: سنتصل بهم عندما نصل الى اوربا وسنعيد لهم ما أخذتيه منهم
صوت الفتاة: المسألة لاتتعلق بالمال...تتعلق بالسمعة والشرف
صوت الشاب: طيب...يمكنك الحصول على غشاء بكارة صيني المنشأ وتتزوجين...انا لا اجبرك على شيء
صوت الفتاة: نعم الشرف الصيني افضل كثيرا من الفضيحة العراقية
صوت الشاب: سأسافر بعد اسبوع...اذا غيرتِ رأيكِ اتصلي بي...
صوت الفتاة: لن اتصل 
ينزاح الضوء الى الباب الثالث, صوت رجل وامرأة يمارسون الجنس, التأوهات تأتي هادئة بالبداية لكنها تتصاعد شيئا فشيئا حتى تهدأ تماما..
ينزاح الضوء الى الباب الرابع
صوت الرجل: كان علينا ان نسرق الطفل منذ البداية بدل الاعتماد على هذه القوادة ام ابراهيم
صوت المرأة: لكن كيف سيكون حال امهِ الان
صوت الرجل: ايتها الغبية...في مثل هذه الجيفة يجب ان لا نفكر الا بحالنا نحن....
صوت المرأة: وما بهِ حالنا...انت فقط لو تكف اتلاف المال
صوت الرجل: ايتها الملعونة ...قلت لكِ الف مرة لاتعيد عليّ هذه (القوانة المشروخة)....يضربها
هنا ينفتح الباب الرئيسي ويدخل محمود.... يتوجه الى احدى زوايا المسرح ويبدأ بأنين حزين


(ﻋﻠﻰ ﮔﺒﺮﺝ ﺑﺠﻴﺖ ﺷﻜﺜﺮ ... ﻳﻤﺂﻩ
ﺁﻧﺘﺮﺱ ﺣﺴﺮﺁﺕ ﻛﻠﺒﻲ ﻭﺁﺁﻩ ... ﻳﻤ ﺂﻩ
ﻟﻮﻥ ﺑﻴﻪ ﺩﺭﻳﺘﻲ ﺁﺻﺂﺭ ... ﻳﻤﺂﻩ 
ﺣﺰﻥ ﻳﻌﻘﻮﺏ ﻋﻜﺒﺞ ﺻﺂﺭ ﺑﻴﻪ ؟؟) 

تدخل جمانة
جمانة: هذا يكفي
محمود: يسكت
تذهب جمانة اليهِ وترفعهُ من كتفهِ
جمانة: لا افهم لماذا انت حزين الى هذا الحد
محمود: انت غريبة بالفعل...دفنت امي قبل ساعة وتسأليني لماذا انت حزين
جمانة: كل الذي حصل انها تخلصت من عذابها...كنت تراها كل يوم تتعذب وانت لاتستطيع ان تفعل شيئا
محمود: المهم انني كنت اراها, المسها, اتحدث اليها, حتى اذا كانت طريحة الفراش...هل تعرفين لماذا قبلت بهذا الزواج الناقص...ها...من اجلها فقط....تحملت كل شيء من اجلها...
جمانة: تحملت...وماذا تحملت
محمود: هل تفهمين ما معنى ان ينام رجل قرب امرأة جميلة من دون ان يفعل شيئا
جمانة: جميلة...هل حقا تراني جميلة
محمود: نعم...كنتِ جميلة...اراقبكِ طوال الليل...اتأمل تفاصيل جسدكِ...احترق....انتِ لاتفهمين ذلك
جمانة: لا طبعا...افهم تماما
محمود: رغم ذلك لاتبالي
جمانة: ومن قال لك انني لم أكن ابالي
محمود: اذا لماذا...انتظرتكِ طويلا لكنكِ لم تتحركي
جمانة: لأنني لم استطع ذلك....انا اعرفك محمود....لم تكن لتسمح لزوجتك الضياع في الشارع طوال النهار...وانت تعرف ماذا يجري هناك....لو سمحت لك لأكلك الشك...عندها ستشتعل المشاكل
محمود: ولكنكِ زوجتي
جمانة: مع وقف التنفيذ...هذا الاحساس هو الذي جعلك لاتبالي...ما دمت استطيع توفير الدواء لأمك 
محمود: الان تغير كل شيء
جمانة: لم يتغير شيئا...عليك ان تكمل دراستك
محمود: لكن ليس بهذه الطريقة....سأخرج معكِ...انا ابيع الشاي وانتِ تتسولين
جمانة: لا طبعا....لن تتحمل ذلك....كما انني لستُ مستعدة للحمل وانجاب الاطفال ونحن في هذا الوضع..
محمود: لن ننجب اطفالا...هناك مئة طريقة لفعل ذلك
جمانة: وماذا اذا حدث خطأ ما
محمود: لن يحصل 
جمانة: لكنني لا استطيع المغامرة...انت قلت انني جميلة...هل تفهم ماذا تلاقي شابة جميلة يوميا في الشارع....هل تعي ذلك
محمود: انا اثق بكِ
جمانة: رغم ذلك...فانا اتعرض للكثير...وانت لن تتحمل ذلك...انا اعرف انك لست من هذا النوع....
محمود: وهل هناك من هو من هذا النوع
جمانة: طبعا ....جيراننا هذا....تشير الى الباب الثالث...
محمود: يا آلهي...كيف يمكن ذلك 
جمانة: عندما يكون الجوع هو البديل فقط يصبح كل شيء ممكن
محمود: لا أحد يموت من الجوع
جمانة: ربما لكن الكثيرين لايستطيعون الحصول على الشعور بالشبع دائما
محمود: لا اعرف ...اشعر انني متعب بطريقة غريبة...اشعر بحاجة هائلة للبكاء...
جمانة: اذا أبكِ
محمود: ربما ...ولكن ليس امام المرأة التي لم تمنحني نفسها ...لا...لن امنحك لحظة ضعفي
جمانة: البكاء لم يكن ضعفا في يوم ما
محمود: امامكِ...نعم...هو عجز كامل ...ربما تظنين للحظة انني ابكي لأنني لم استطع الحصول عليكِ
جمانة: وهل ستفعل من اجل ذلك
محمود: ربما...لهذا سأذهب....سأبكي ...على امي التي رحلت ...وربما على رجولتي الممنوعة من الفعل...سأبكي...ولكن ليس امامكِ...ليس امامك....(يخرج)
جمانة(تحدث نفسها): ما هذه الورطة...ماذا افعل مع هذا المسكين
...ماذا سيفعل لو يعرف الحقيقة...لا اعرف...لا اعرف
(تدخل ام ابراهيم...تركض نحوها جمانة....تعالي ارجوكِ...
ام ابراهيم: ماذا هناك
جمانة: ورطة....محمود يريدني
ام ابراهيم: وماذا في ذلك...يمكننا تدبر الامر
جمانة: كيف...
ام ابراهيم: غشاء بكارة صيني يحل كل القضية
جمانة: الامر لايتعلق بغشاء البكارة...لا أريد ان اخدعهُ
ام ابراهيم: وماذا كنت تفعلين طوال الوقت
جمانة: كنت اساعدهُ فقط....كان هذا هو الاتفاق
ام ابراهيم: اذا اتركيه يذهب...سأعثر لكِ على رجل اخر
جمانة: لا...لا أريد غيرهُ 
ام ابراهيم: لاتتصرفي كالأطفال...
جمانة: لا اعرف...ولكنني فعلا ارتاح كثيرا وهو قربي...اشعر بأمان حقيقي...الامان هو اكثر شيء نحتاجهُ هنا
ام ابراهيم: اذا يجب ان تخبريه بكل شيء
جمانة: ماذا تقولين
ام ابراهيم: على كل حال هو سيعرف عاجلا ام اجلا
جمانة: لا...لايمكنني تصور ذلك
ام ابراهيم: الان ستكونين انتِ همهُ الأوحد...كانت امهُ تشغل كل تفكيرهُ...الان انتِ فقط...وهذا سيجعلهُ يكتشف كل شيء
جمانة: اذا الأفضل ان اترك العمل
ام ابراهيم: لن تستطيعي ذلك....
جمانة: هذا أسهل من اخبارهِ بالأمر
ام ابراهيم: لا....لن تكوني شيئا اخرا...هذا هو طعم القاع ...انتِ تدركين الان ان السقوط هو الاصعب....الوصول الى القاع امر مريح جدا
جمانة: لكنني احبهُ...هل تفهمين ذلك...هو الرجل الوحيد الذي يمكنني الوثوق بهِ في هذه المدينة
ام ابراهيم: الجيب الفارغ يثلم اي رجولة...ستكتشفين ذلك لاحقا
جمانة: انا ادرك ذلك بالفعل...لكنني اريدهُ بقربي فقط   
ام ابراهيم: لا طريق ثالث امامكِ...اما ان تخبريه بنفسك او تتركيه يكتشف ذلك بنفسهِ
جمانة: وفي الحالتين سيتركني
ام ابراهيم: اعتقد ذلك....وهذا افضل...انتِ تحتاجين الى قواد...لا الى زوج
جمانة: انتِ تصعبين الامر عليّ
ام ابراهيم: كان عليكِ ان تفهمي اننا لانصلح للحب...افهمي ذلك...
جمانة: لا اعرف ان كنا نصلح لشيء ما....نعم...القاع مريح لكن هذا لايعني ان لاننظر للأعلى
ام ابراهيم: ستتعبين كثيرا
جمانة: ربما...لكنني بحاجة لأشعر بوجودي بهذه الحياة...



ضوء على جمانة وهي تجلس في احدى زوايا المسرح
جمانة: سأخبرهُ...سأقول له ان عشرات الاعضاء الذكرية ولجت داخلي ...حتى انني سأشرح له كيف يتم الامر
تتمدد على المسرح وتبدأ تتلوى قبل ان تزداد حركتها وهي تتأوه بوجع ( تبدو وكأن شخص ما يضربها بالسياط) ....
يزداد التأوه والتوجع حتى تطلق صرخة عالية
يكفي...هذا يكفي...ارجوك افهم انني استحق الحياة, استحق ان انام بأحضانك طوال العمر ...اذا كنت تريد ان اترك العمل ...سأتركهُ, لا لن اخدعك بغشاء بكارة صيني...انت عليك ان تتقبلني هكذا بلا بكارة...ولكن ماذا يعني ان تكون المرأة بلا بكارة...يعني الموت ...حتى اذا كان العالم كله يعتقد ذلك فانت تختلف...رائحتك تختلف...كلامك يختلف...نظرتك تختلف, فكيف تقبل امرأة بلا بكارة...ها...نعم تختلف...انا بلا بكارة ولكنك تختلف...تختلف...هذا العالم بلا بكارة ولكنك تختلف....الالهة بلا بكارة ولكنك تختلف....تختلف...نعم...تختلف....انت الوحيد الذي يختلف...
تضع رأسها بين يديها
يدخل محمود....ينظر اليها
محمود: مابكِ
جمانة( وهي تمسح دموعها): لا شيء
محمود: انت تبكين...ها...نعم تبكين
جمانة: هل يريحك هذا...نعم ابكي
محمود:  هل تعرفين ان بكاء المرأة اصعب ما يواجهُ الرجل
جمانة: لم اعد امرأة وانت ايضا لم تكن رجلا
محمود: ماذا تقولين 
جمانة: حسنا ...اريدك ان تعدني بشيء
محمود: اعدكِ...بماذا
جمانة: ان لاتتركني مهما حدث
محمود: ماذا يعني ذلك
جمانة: يعني...انني احبك...هل تفهم ذلك...احبك
محمود: تحبينني وترفضين الاقتراب مني...ما هذه اللعبة
جمانة: ربما سأخبرك في يوم ما...لكن ليس اليوم
محمود: اذا سأعدكِ في يوم ما...لكن ليس اليوم
جمانة: لكنني بحاجة اليك ...
محمود: الان بدأنا نتفاهم...انتِ لاتحبينني ولكنك بحاجة اليّ...هذا منطقي
جمانة: حسنا ...اريد ان اسألكِ شيئا
محمود: اسألي
جمانة: عندما يكون الانسان بلا خيارات في الحياة ماذا يفعل
محمود: يموت
جمانة: لكن الموت ليس خيارا...الله وحده هو من يقرر ذلك
محمود: اعتقد انه قرر عندما وضعهُ بلا خيارات...وهذا غير منطقي ايضا.. لأنني اعتقد انهُ دائما هناك ثمة خيارات
جمانة: لاتقل لي ان تحمل الجوع والتشرد مثلا يعد خيارا...مثلا ان تخسر المرأة شرفها...هل هذا خيار
محمود: عندما تخسر المرأة شرفها تموت ايضا
جمانة: لماذا...انا لا افهم ذلك ...
محمود: انا الان لا افهم ما يعني هذا الكلام
جمانة: يعني انني بلا بكارة...بلا شرف
محمود: ماذا تقولين...ومن فعل هذا بكِ
جمانة: الكثيرون...
محمود: تقصدين...انكِ لم تكن تعملين في التسول
جمانة: لا...فشلتُ في ذلك...حاولت ولكنني فشلت...لاتنسى انني بنت عائلة...لم اعمل في يوم ما.....
محمود: يا آلهي...يعني منعتيني من الاقتراب منكِ حتى لا أكشف امرك
جمانة: لا ..كنت احتاج الى رجل لا الى زبون
محمود: رجل...تقصدين قواد...لكن هذا مريح بشكل ما
جمانة: ماهو الشيء المريح
محمود: كنت افكر كثيرا كيف اسدد لك ما دفعتيه مقابل دواء امي 
ولم اكن اعرف انني كنت اعمل مقابل هذا الدواء...لكن لابأس... ..اعتقد انني دفعت كل ديوني بهذه الطريقة, لقد عملتُ قوادا من اجلكِ...كم انا فخور بذلك
جمانة: فخور...انت تمزح
محمود: لا...لا امزح...لم اكن سوى زوج القحبة....صاحب القرون الذهبية ...ايّ غباء هذا...أي جنون....ولكنكِ اشكرك...فلم تعترفي لي الا بعد موت امي...كان هذا عادلا
جمانة: نحن الذين نعيش في القاع تعرف ما هي اكبر مشاكلنا
محمود: لا اعرف
جمانة: الالقاب...التسميات...لأنه بالفعل لا احد هنا يرى أن الاخر مخطئ...جيراننا القواد هذا اكبر مشاكلهُ ان لايتغزلوا بزوجتهِ امامه مع انه يعرف جيدا ما يفعلون بها بعيدا عن انظارهِ...احيانا يدخلون عليها ثلاثة رجال دفعة واحدة ...مشكلتهُ الوحيدة هو التسمية...لا احد هنا يحتقرهُ لكنهُ ينزعج تماما من كلمة قواد...ربما يتشاجر من وراء ذلك ...انا اشعر بذلك ايضا...رغم انني لم اشعر ولو للحظة بالذنب...كان خياري الوحيد حينها 
محمود: هذا سقوط وليس خيارا
جمانة: نحن في القاع ولاشئ تحتنا لنسقط فيه
محمود: يعني أي شيء تريدهم ان يسموك....
جمانة: اي شيء اخر غير قحبة
محمود: وانتِ ماذا تسمين نفسك
جمانة: ها....
محمود: ماذا تسمين نفسك
تضع رأسها بين يديها وتقول بهدوء
جمانة: قحبة
محمود: حسنا فلنقل انني وافقت على لعب دور زوج القحبة من اجل امي...الان ماذا عليّ ان افعل
جمانة: لاتفعل شيئا
محمود: لا استطيع....بل لايمكنني تخيل ذلك
جمانة: ربما لأنني زوجتك الان...لكن لابأس...طلقني وابقَ بقربي فقط...
محمود: في اليوم الذي اكملنا فيه اجراءات الزواج كنت اتمنى ان امارس الجنس معكِ....لم افهم حينها ما الذي يمنعني من ذلك
جمانة: الان تستطيع
محمود: نعم ولكن ليس كزوج ....بل كزبون فقط...سننام سوية ولكن بعد ان نستكمل اجراءات الطلاق فقط
جمانة: وبعدها
محمود: دعيني اولا انام مع قحبتي الجميلة وبعد ذلك ليكن ما يكون

ضوء يسلط على سرير في منتصف المسرح, جمانة ومحمود يجلسون على حافتي السرير من الجانبين
جمانة: اذا لم تطلقني
محمود: لأنه ليس ثمة فرق كبير ان اعمل قوادا على زوجتي او على عشيقتي...لكن هذا لن يستمر طويلا
جمانة: ماذا تريد ان تفعل
محمود: نخرج من القاع فقط....
جمانة: وكيف
محمود: المال هو الذي اوصلنا للقاع وهو الذي سيخرجنا منهُ
جمانة: اذا علينا ان نعمل بشكل اكبر
محمود: حتى لو فعلنا ذلك...فلن نتمكن من الخروج...سندمن على هذا العمل فقط....المال قريب منا وكل ماعلينا ان نذهب ونأخذهُ
جمانة: اين...انا لا أراهُ
محمود: ام ابراهيم....هذه الشمطاء تمتلك الكثير منهُ...
جمانة: وماذا نفعل لها
محمود: منذ فترة طويلة وانا اراقبها...كل ما علينا ان نكون بقربها عندما تفتح الخزانة لتضع محصول اليوم....
جمانة: ماذا تقصد...
محمود: نعم....هذه الطريقة الوحيدة للخروج من هذا القاع


ينفتح الضوء على غرفة ام ابراهيم, ترفع سجادة معلقة على الحائط عندها تظهر الخزانة, تخرج مفتاح من جيبها وتفتح الخزانة في هذه اللحظة يدخل ظل محمود على المسرح وهو يحمل ساطورا كبيرا فيضربها على رأسها بينما يضع ظل جمانة المال الموجود في الخزانة في حقيبة كبيرة, ينزل ظل محمود على ام ابراهيم ويجهز عليها تماما قبل ان يبتعدا الظلان عن المسرح....

تجلس جمانة داخل غرفة في احدى القصور العامرة وهي ترتدي ثياب فاخرة وتضع بقربها شال مصنوع من الفرو الغالي, امامها تلقاز كبير الحجم, يظهر محمود من على شاشة التلفاز في احدى البرامج الحوارية السياسية
محمود: اولا شكرا لقناتكم على هذه الاستضافة, ثانيا الشيء الذي يجب ان يفهمه العراقيون بل والعالم ايضا ان الشعب العراقي شعب متدين مسلم وينص دستوره في الفقرة اولا على ان الاسلام هو دين الدولة الرسمي وعلى انه مصدر اساسي في التشريع, وفي الفقرة اولا (أ) ينص الدستور على انه لايجوز سن قوانين تتعارض مع ثوابت احكام الاسلام ولكن ما الذي يحدث, اطنان من البدع ومحاربة صريحة لله ولدينه نراها كل يوم, مرة عيد الحب ومرة اعياد رأس السنة ومرة حفلات موسيقية والاكثر ايلاما هو انتشار محلات المشروبات الكحولية في كل مكان وهي كلها تحدي واضح لرب العالمين ولدينهِ الكريم, يجب ان تتعامل الحكومة مع هذا الوضع واذا لم تستطع الحكومة ان تتعامل مع هذا الكفر الصريح فنحن نستطيع, لايمكننا السكوت امام انتهاك حرمة الله بالموسيقى والمشروبات الروحية, لايمكننا ان نسكت على ميوعة الشباب وتشبههم بالنساء, لايمكننا ان نسكت عن هذه التقليعات الغريبة في الملابس والتصرفات التي تعارض قوانين الله, اتمنى ان تتنبه الحكومة وتتصرف والا فنحنُ لها...
جمانة: يهدد ابن ال.....لا لا....هو زوج القحبة فقط (تغلق التلفاز)

يرن جرس الهاتف
جمانة: الو...نعم انا جمانة...نعم...كم رجل انتم....ثلاثة...اذا ورقتان ولمدة ساعتين فقط...هذا سعر نهائي....حسنا ارسل لي العنوان......نعم.....حسنا نصف ساعة واكون عندكم...

ترفع الشال وتضعه على كتفها قبل ان تبتسم وهي تلتفت الى الجمهور
(حسنا...دعوني الان اعود الى القاع)


         ستار


      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق