مجلة الفنون المسرحية
المسرحي الفلسطيني غنّام غنّام :أيّــام قرطــاج المسرحيــة عتبــة مقدّســة
الشروق - حاوره: وسام المختار
اعتبر المسرحي الفلسطيني غنام غنام أن الصراع في فلسطين هو صراع وجود، فإما فلسطين وإما فلسطين من النهر إلى البحر على حد قوله، متسائلا: «ماذا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها؟»
تزامن حضور المسرحي الفلسطيني والمسؤول عن الإعلام بالهيئة العربية للمسرح، غنام غنام، في تونس لحضور فعاليات الدورة 20 لأيام قرطاج المسرحية كمكرم في هذا المهرجان، مع عديد التطورات التي شهدتها الأحداث في الساحة الفلسطينية. ومنها موقف أستراليا التي اشترطت تسوية سلمية مع فلسطين لنقل سفارتها إلى القدس.
فكانت هذه الأحداث منطلق حوارنا مع السيد غنام غنام، الذي بمجرد سرد آخر التطورات والأحداث والسؤال عنها، قاطعنا قائلا:
- السياسيون والسياسة، أسوأ شرائح البشر، لأنهم يخضعون كل شيء للمساومة وفن التنازلات، فماذا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها؟ فلينقل كل الإمبرياليين سفاراتهم إلى الاحتلال الذي يدعمونه.ومن ناحيتي، صراعنا في فلسطين، هو صراع وجود: إما فلسطين أو فلسطين، من النهر إلى البحر. ولذا فهذا كله حلقة من حلقات الصراع الموجود وعلينا الانتباه جيدا إلى عدم الانجرار إلى المعارك الثانوية ونسيان المعارك الأساسية. فالانشغال بأن تنقل أي دولة سفارتها إلى القدس هو انشغال مبني على الاعتراف بشرعية الاحتلال، لذلك هذه المعارك الثانوية تمرر دون أن ندري الاعتراف بالكيان الصهيوني المغتصب. وفي نفس الوقت يجب أن ندرك أن الصراع على أرض الواقع في فلسطين، هو صراع الثانية بالثانية والنفس بالنفس، والحجر بالحجر، والشارع بالشارع، واللقمة باللقمة...
وهذا ينسحب على جميع الفلسطينيين ومنهم عرب 48؟
هو أمر يشترك فيه كل الفلسطينيين سواء كانوا في منطقة سيطرة الاحتلال (عرب 48) أو في مناطق السلطة. فحتى هذه مؤسسة على الاعتراف وهي ثانوية بالنسبة الى الأساس الذي هو صراع الوجود. فمن يعلّم ابنه اسم فلسطين وخارطتها يناضل. ومن يزرع زيتونة يناضل. ومن يغني أغنية شعبية بينه وبين نفسه يناضل... وفلسطين كما قال درويش، «كانت تسمى فلسطين وصارت تسمى فلسطين، أم البدايات وأم النهايات»... عندما أطلق بلفور وعده المشؤوم باسم جورج الخامس ملك بريطانيا، قال فيه، إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف والاعتبار لإقامة مقام قومي لليهود على أرض فلسطين، لم يجد لها اسما آخر كان اسمها فلسطين على نص الوعد، وبالتالي «السياسيون أولاد كلب».
بحكم خبرتك في التنظيم من خلال تجربة مهرجان المسرح العربي، كيف رأيتم التنظيم بالدورة 20 لأيام قرطاج المسرحية؟
أولا، النجاح له ملامح وضوابط. وأهمها في مهرجان قرطاج، هو استمرار تنظيم أيام قرطاج المسرحية، وذلك لأن كل قوى الشد العكسي سياسيا واقتصاديا، تحاول أن تلعب دورا ضد الثقافة والتنوير. وثانيا إصرار أيام قرطاج السينمائية على أن تلعب دورها الوطني والإقليمي والدولي. وهذه أيضا رسائل مهمة جدا لدرء محاولات تلوين ملامحنا بالبشاعة وتلويث نفوسنا بالكراهية. فالمهرجان منصة للجمال والمثاقفة، وصحيح أن في هذه الدورة وفي دورات سابقة راعى كل الجوانب السياسية اللازمة. لكن أعتقد أن ذلك يحمل على رأيين.
كيف ذلك؟
الرأي الأول أن ذلك استحقاق والرأي الثاني أنه يجب العمل على تجاوز ذلك في الدورات القادمة. وفي الدورة العشرين لقيدوم المهرجانات المسرحية في الوطن العربي، أراد المهرجان أن يقدم بانوراما للأثر الذي تركته أيام قرطاج المسرحية على مدى 35 سنة وذلك من خلال التتويجات والتكريمات. وأعتقد أنه قد كان مهما أن ينتبه، ربما، الى إعادة إنتاج عيون المسرح التونسي، أي المسرحيات التي أثّرت في المشهد المسرحي التونسي. وقد شاهدت مثل هذا في المسرح التجريبي في مصر، حين تمت إعادة إنتاج ثلاث مسرحيات. وشهدت إقبالا غير عادي.. تخيلوا مثلا لو يقع إعادة إنتاج «غسالة النوادر» و»العوادة» وغيرها من المسرحيات التونسية التي ترسخت في الذاكرة...
تكريمك في هذه الدورة، قلت إنه أكثر ما تطمح إليه؟
كمسرحي، مهرجان أيام قرطاج المسرحية، كان واحدا من العتبات المقدسة بالنسبة لي، وكان ما يشعه قرطاج يؤثر في حياتي كمسرحي عربي طموح. وأتابعه منذ سنوات بشغف شديد وحرص كبير. وتكريمي في هذا المهرجان، درة تاج التكريمات، لأن له طعما آخر. ومن محاسن حظي أن يقع تكريمي في الدورة 20 وإلى جانب المتوجين العرب. وهذا يضاعف اعتزازي. فمن بين المكرمين، رفاق رحلة طويلة في المسرح بدأنا معا مثل خالد الطريفي وحكيم حرب وعبد الله راشد وعرين العمري وأحمد أبو سلعون، بالإضافة إلى أن قرطاج بكل أريحية قد تواصل معي حين أراد أن يكرم فلسطين.
يعني أنك لعبت دور الوسيط في تكريم فلسطين؟
أجل وهذا اعتزاز بأن أكون شريكا في صياغة هذا الحدث، وتواجد فلسطين في الافتتاح والتكريم وانتباه قرطاج للشبان. وسوف يؤكد تلك العلاقة التاريخية السياسية والثقافية، فما يدركه المسرحي أكبر مما يدركه السياسي. واختم بما قال درويش، الذي لم يترك لنا ما نقول: «كيف نشفى من حب تونس؟».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق