مجلة الفنون المسرحية
توبيخ الرؤيا التي تعكس المسخ الانساني الأخير
د.جبار صبري
\الحلقة الاولى
على خشبة المسرح الوطني، فرقة المستحيل بقيادة أنس عبد الصمد، مؤلفا ومخرجا، وبإنتاج مسؤول وواع من وزارة الثقافة – دائرة السينما والمسرح / الفرقة الوطنية للتمثيل قدمت العرض المسرحي المعنون: توبيخ، بتاريخ 1/8/2019.
ابتداء أنظر معي العلامات الآتية التي اعتمدها العرض كمنظومة بصرية عملت على تأثيث الفضاء المسرحي لحظة فتح الستارة:
- في أفق المسرح وعبر الداتا شو هناك منظر ثابت يتألف من: طاولة مكتب رسمي وساعة متوقفة على الثامنة إلا بضع دقائق.
- كراس متقابلة قدام طاولة المكتب.
- جهاز استنساخ.
- مايك.
- برّاد ماء.
- ملفات.
- رؤوس من الجبس مرمية بين مقدمتي المسرح.
- - مسؤول يحمل ملفا بزي رسمي.
- امرأة منقبة.
الآن وقبل تحصيل دلالات العرض عبر تتبع أحداثه وتحولاته لنسجل الاشارات العاجلة في القراءة والتي يراد منها ايضاح لعبة التوبيخ:
- مكتب المسؤول خارج عن الحياة الواقعية بوجود افتراضي. وهذا يشير الى أن لعبة تحريك الواقع المعيش تأتي لا من الواقع ذاته بل من خارج ذلك الواقع وبصفة رسمية.
- ان توقف الساعة الى حد الثامنة الا بضع دقائق يشير الى بدء ما سيحدث قريبا من جهة، وأن ما يجري على مستوى الافتراض: أدوات تحريك الواقع المتخارجة عنه والتي لها إرادة وقوة تحريك الواقع وكذلك الواقع المعيش الآن. كل ذلك يدور تحت وطأة أميال تجتر نفسها وهي ساكنة الى درجة أن الواقع وإن تغاير بالمأساة والفعل الموجع إلا أنه حقيقة يدور ويجتر نفسه بذات الصيغة والنمطية باستمرار وعبر كل زمن او مرحلة من جهة ثانية.
- للكراسي سلطتان: سلطة من يقع عليه اجترار تلك اللعبة الماسخة في حيوات صاخبة بما يزعجها من قلق وموت وصخب على رؤوس الكثير من مادتها البشرية وعبر نوبات من السلوكيات المكررة والمشؤومة بوابل من الألم والنفور والازعاج وسلطة قرار تلعب على تحريك ذلك الواقع بما يضفي أن السلطة العليا المتخارجة عن ذلك الواقع هي سلطة عنف سواء كانت معنوية او كانت مادية. مباشرة وغير مباشرة، وتعمل جاهدة على ضرب الواقع بتحريك آدميته بمزيد من الحيونة المقصودة التي تسلب الانسان والوجود كل هدوء او سلام او حب او انسانية..
- جهاز الاستنساخ ابتداء يستنطق كل ما يجري على أنه يجري باستنساخ نفسه سواء كان سلطة او حدث او شخصيات او حيوات..
- كذلك المايك يؤكد في ذلك التأثيث أن الصوت هو اجترار صوت مخنوق بالاستنساخ لذلك لا جدوى من صداه الذي يهز مسامع جميع ما يكون على خشبة المسرح او جميع من يتلقى او يشاهد او يعيش بالتناظر تلك المهزلة التي أسمها الحيوات المستنسخة.
- لا جدوى من الماء وبراده إذ أن الذي توقف عن الحياة لا يحتاج الى ما يديم تلك الحياة وأن مسارات الاستنساخ الساكنة كالساعة الثابتة لا تحتاج الى ذلك الماء بوصف أن ما يحدث هو موت ما يحدث وليس حياة ما يحدث. وهذه اشارة تدلنا كمشاهدين على الجو العام الذي سيقود العرض المسرحي لاحقا.
- ها نحن مجرد ملفات في واقع يمسخ به الانسان ولا يتبقى منه الا ملفه الذي هو ورقة تداول لتلك السلطة المتعالية وبالتالي لا يمكن أن يجد الانسان نفسه خارج ذلك الملف الذي قدرته السلطة في أن يكون حشرة ممسوخة تؤدي دور العنف والرذيلة والفاحشة في اسوأ صورها الوحشية وبجرائم باهتة الضمير والاحساس.
- كل ما يكون من تفكير في تلك اللحظة إنما يكون على شكل أصنام جامدة لرؤوس ابتلاها اجترار وسكون ما هي عليه في هذا الواقع الذي يتناضح كل اشارة او حدث على صورة نوبات من تكلس العقل وجموده بل جريمته في أنه تصنّم الى درجة الغباء او الجريمة او الحيونة المقيتة.
- حتى ذلك الذي بيده القرار هو آثات معطلة الوجود والحياة والاحساس، وهو نموذج يدور في فلك تلك الحياة التي تتحرك بخيوط واهمة من السلطة العليا التي تعمل على تقدير الاستنساخ من تقدير استمرار اللعبة.
- اذا كان ما يحدث الآن بواقع الخشبة المسرحية من علامات يحدث بالتناظر الآن على أن المرأة بزيها الرديكالي يشير الى أن ما يقع هو تكرار ما يقع من زمن انغلاق الحياة وزمن انكماشها الحاد بعزل او موت المرأة وقبرها ابتداء بملابسها ومن ثم اختزالها بوجود حيواني مبتذل تستعر منه الحياة والرجولة كل وقت او حدث.
هذا التأثيث له ميزة متداخلة من جهة واستفزازية من جهة ثانية مع عنوان العرض المسرحي: توبيخ. ويمكن هنا اثبات ذلك على نحو: ان كل ما يجري هو جلد للوجود والحياة والزمن والحدث والذات وبلغة تفيض بالتأنيب الدافق الى الحد الذي يتعالى فيه الجلد الى مسخ كل شيء واعظم تجليات ذلك المسخ المجتر هو ما يضرب به الانسان. بل يضرب به حتى العرض المسرحي.
الحلقة الثانية
فجأة يتوقف كل شيء. تصير الحركة ذاتها ولأنها مجترة ممسوخة، فاهية، مجرد سكون آخر يضاعف ذلك الوجود الأبله حدّ القرف. الصورة لم تعد تريد شيئا من الحركة. وبقي الزمن على حاله من غير أن يجرّ أمياله الى ضفة ثانية من هذا الخراب. وباتت اللقطة الفوتو - درامية على خشبة المسرح لقطة الفعل المشروخ بلعنة التكرار المفضوح: تكرار مصيرنا في سلوكنا المميت من شراهة وبلاهة الاجترار. وبتنا جميعا ننظر من ثقب الزمن على موتنا الآسن فنظن أننا نتحرك فيه الا أننا بالحقيقة نتعفن فيه، ويا له من قرف.
ذلك ما أفضى به التأثيث العام الذي اندلقت دلالاته على موائد شهيتنا لنبصر نحن الشهود الذين منحنا المخرج أنس عبد الصمد فرصة أن يتفرج علينا من خلال توبيخ: ذلك العرض المسرحي المسكون بأرواحنا ومصيرنا وعورتنا في هذا العالم. نعم منحناه الفرجة لنا وعلينا في آن واحد. إذ صرنا موضوعه الساكت فوق الخشبة لكنه المتحرك فينا غضبا واشمئزازا وكرها يكاد أن يتفجر على شكل قيح سائل من الأفكار المفرغ عنها كل معنى والتشوشات او التشوهات التي تصورنا في مرآتنا على أننا مرضى بداء الهذيان الصوري لذكرى حيواتنا الممسوخة الآن وقبل الآن وبعد الآن وعلى مائدة واحدة.
الصورة متوقفة كلها عندما يدخل الممثل/ أنس من جهة عرضية لا تحديد لها الا تحديدها القاطع لبناء الصورة المتماسك في سكونه وليمضي نحو المرأة وهو يقطع المسافة الفاصلة بين تلك الذات المجروحة بالألم الممض حد قصر الخطى الآتي من قصر المعنى او الروح او الشخصية او الدور او الحيوات او المجتمع على حد سواء. يقطع ذلك ليعيد ذات الخطأ المصيري ثانية وهو يتقدم نحو المرأة الوحيدة ولكنها المتكاثرة كل مسخ.
وإذ يلتقي بتلك المرأة: أية امرأة على قارعة طريق او صوت مبحوح او سؤال بالوجود ممتلئ بكل جراح هذا الوجود الممسوخ وعلى مقربة من حافة التناسل الأعمى او الدعوة الى ذلك الصراخ الداخلي بالتناسل او اعادة اجترار اللعبة.. ولما كانت المرأة منقبة الى الحد الذي تندلع منه رائحة الماضي وبدائية الخطى والمياه الآسنة من الواقع المظلم كما زيها المظلم حد اللعنة يتعاظم سؤال التكرار او سؤال اجترار الخطى ويشتد هذا التعاظم فيدرك الانسان هنا ان رأسه/ الصنم هي السبب الذي يُجرح به في هذا المصير، وبالوقت الذي يدرك ذلك تطنّ الرأس على ذباب لا تدري نفوسنا أهو يأتي من خارجها او يأتي من داخلها او أن الطنين فينا وعلينا وإلينا ومنا في آن واحد. آنذاك تلتهب الرغبة بالخروج منه. تلتهب بكسر تلك الرأس الصنم والتي تمثلها المخرج أنس بالاستعاضة الى تمثال جبسي أبيض. يزداد الكسر بمثل ما يزداد الطنين وتتلوى الروح مهزومة منه إليه وكأنها تريد الخلاص ولكنها لا تجد ذلك الخلاص الا في اجترار المعاناة من بوح ذلك الطنين: طنيننا كذباب أجوف على قارعة مصير أجوف في حيوات ملؤها المسخ والعنف.
ولا مفر من ذلك الرعب. إذن، تلوى أيها الانسان قدر ما شئت لكنك بالنهاية ستعود الى الخواء الماسخ من جديد. ارفض. قاوم, افعل ما تريد الا أن النتيجة الصارخة كلّ وقت او مصير أنك تنتهي مسخا في نفسك بمثل ما تنتهي مسخا في محيطك. إن القرف الخارجي الذي يملأ أسئلتك او وجودك هو نفسه القرف الداخلي ولا مفر منه ابدا.
ولشدة وقع ذلك الطنين الصارخ في محيط صامت كالموت يلوع الانسان/ كل ممثل او مشاهد في وقت المسرحية او وقت مراجعة المصير كتمثيل حي يحدث الآن في نفوسنا او على خشبة المسرح. أقول ولوقع ذلك الطنين في رؤوسنا او وجودنا نضطر أن نعيد ذات التجربة فنتناسل على أخطائنا بتكرار مصيرنا الأجوف على قارعة تناسل أجوف يلعب ذات اللعبة التي تضعنا كل حين بذات الجرح: جرح المسخ الذي ينقلب فيه الانسان الى مجرد حشرة وضيعة.
ولا يتبقى من هذا الانسان الا محاولته لإثبات وجوده لا عن نفسه كإنسان بل عن نفسه كحيوان ويستمر المسخ فينقلب الرفض والصراخ الى اتمام اللعبة من جديد بلغة التناسل وتكرار الخطيئة: خطيئتنا التي تمضي بنا كلما نادينا بالخلاص منها الى اعادة تجربتها واعادة الروح والمصير المتعفن الى درجة أن نكون ممسوخين كما لو أننا ذباب على مزبلة وجود لا بشر على حديقة جود نتكاثر ونتناسل ولا خلاص ابدا الا باجترار ذلك ابدا. ويستمر القرف.
هذا التناسل هو الآن هنا في هذا الواقع وهو أيضا هناك في ذلك الافتراض او الحلم وكأن ما يحدث إنما يحدث في لحظة وجود يتساوق فيها الحلم مع اليقظة والواقع مع الخيال والحقيقة مع الافتراض والحي المباشر مع الصورة الكذوبة الميتة في المرآة غير المباشرة وهكذا.. سنجلس ثانية وثالثة بين السلطة والطريق والاتجاه لا لشيء الا لتكرار ذلك الى ما لا نهاية.
الحلقة الثالثة
انتهى تكاثر الذباب على حين صدفة عابرة وما كان عليه الطنين او المسخ او التصغير لكل ما تكون عليه الحياة او الواقع المعيش في ظرفية ذلك الطنين او ذلك التكاثر انما كانت تختزله تلك الآنية التي يحملها الانسان/ أنس وهي ترميز يؤدي بنا الى: ان ما نملأ به أنفسنا او مصيرنا او حيواتنا في هذا العالم إنما نملأه على فرض الفراغ وتكرار ذلك الفراغ واننا كلما مضينا في هذا الواقع: واقع الفراغ انما نمضي بمسخنا الابدي.
عاد من بعد نكاح وخط حياة الى نقطة البدء ومن حيث بدأ صغيرا يحمل آنيته الفارغة، وبعد كل تلك المعاناة وبعد كل تلك الاصوات المختزلة في طنين الذباب او التكاثر المسخ على صورة ذباب، عاد الممثل/ الانسان/ المشاهد الى نقطة البدء. كأنما القول من ذلك أننا ندور في رحى ذلك المسخ وان صورتنا المتنوعة في هذا الوجود أصبحت مجرد صورة واحدة، باهتة ومنزوعة الملامح وقد امتلأت بها روح ذبابة في نفوسنا بل امتلأ بها جسد تلك الذبابة أيضا، وبات لا فرق بين انسان يمر في حياة او ذبابة تمر في حياة، وكلاهما الآن قد تماهيا جدا في الفكرة والأداء والمصير..
هنا اكتملت الدورة: دورة الخروج المشابهة الى حد ما دورة الدخول في حيواتنا ولم يتبق الا:
- انتظار مزمن على فراغ وجود أجوف يقف فيه الفاعل/ السلطة والمفعول به/ الانسان - المسخ على مسافة واحدة او مصير واحد داخل تلك اللعبة.
- تحكم سلطوي من ذلك المكتب الخارج/ الداخل في اللعبة: لعبة الانسان في مسخه.
- رسم الحد او أطار المصير الذي يوهمنا بالأبيض وكأنه خلاصنا بينما هو مصير مسخنا في طريق لا مفر منها الا العودة الى ما تفرضه على الانسان من حدود المسخ.
- ولما اكتمل الحد من ذلك الاطار/ السجن/ الفكرة النمطية المتشابهة/ الحدود المغلقة.. اكتمل دور وجودنا بأن أصبح أسيرها الذي أفرط بالخنوع اليها. أفرط الى تلك الدرجة التي حولته الى آلة طباعة يكرر نفسه وإن قطع أشواط حياته او حدوده كلها فهو بمقدار ما يتمثل تلك الحدود ومساراتها الثابتة بمقدار ما يرسخ لنفسه على نفسه بقاء مسخه في هذا العالم.
- ان البدء، أيما بدء، يتمثل الحدود. هو البدء الذي انفرض بقوة السلطة/ الكرسي الذي يعني هنا فيما يعنيه:
• السلطة
• الانتظار
• الحياة
• الشعب
• أداة الجريمة الاولى والاخيرة
• البيت
• الطريق
• مرض المسخ
وهو البدء الذي تدور فيه واليه ومنه حيوات ومصائر الوجود والبشرية.
- هي واحدة صورة الاستنساخ. واحدة في كل اشواطها. سواء كانت بفاعل السلطة او بمفعول المسخ. هي تاريخنا، صورتنا، أحداثنا، انماط تفكيرنا، وصولا الى ما نتبنى من قيم او رغبات..
- هنا كل الاوراق التي يؤرخ لها رمز السلطة الرسمي/ الممثل محمد عمر إنما يؤرخ لها بدواعي أنها كل ما يكون عليه واقعنا المعيش حد هذاء الاستنساخ والتكرار.
- ما يمر به الرجل تمر به المرأة: الصورة/ الآلة واحدة. الطريق التي تفضي بالوجود من حيث مرموزية الرجل – المرأة هي ذاتها الحياة - الاسرة – الزوجين ..
كل ذلك ولم يتوقف الطنين: صوتنا الداخلي بما نعانيه من آلام المسخ. لن يتوقف طالما أن حدودنا وصورتنا النمطية كانت كل أبنيتها: بيوتها وعماراتها ونفوسها وافكارها وطعامها وهوائها او شرابها.. كلها من حاضنة الاستنساخ: حاضنة المصير الذي نجتره بعربة الاستنساخ المقرفة مصيرا وتاريخا واحداثا..
ولنكن تلك الطابعة المقرفة.
الحلقة الرابعة
دائما يصنعنا الخطاب ذاته الذي نحن صنعناه: نعود اليه وكأنه نهاية طريقنا او خلاصنا او قدسنا الطهور الذي لا يقبل الشك او التغاير او الانقلاب, بل لا يقبل الا نفسه ان يكون أوحدا في تسيير عجلة فهم ومصير المجتمع والانسان والوجود برمته مرة واحدة ولا غير تلك المرة ابدا.
انظر: الممثل/ محمد عمر قدّام المايك وهو يعلن سلسلة من الاشارات يمكن اجمالها على نحو:
- ما فكر به الانسان كان سجنه الاول والاخير.
- الذي اخترناه دليلا لنا ومرشدا انقلب الى قفص يعذّب بنا كل وقت.
- الفهم والايديولوجيا وجهان لعملة واحدة.
- يقبر الانسان نفسه كلما تقبل ايديولوجيا ما، وهي من صنع يده.
- عقل الانسان قدمه في آن واحد حين تبلغ الايديولوجيا عنده سلطتها في التنفيذ.
- جميعنا أسارى ذات الخطاب الموجه لنا.
- ملفاتنا واحدة ومتشابهة الى درجة القرف المصيري.
- مهما خلعنا عنا ثياب التغيير في الاشكال فان ذلك لا ينفع طالما ان معطف الفكرة المؤدلجة واحدة.
- ما انقلاب المرأة من منقبة او موشحة بالأسود الى سافرة غانية بالأحمر الا محاولة فاشلة يمكن اعادة ترميمها بالزي او الاداء في ملف السلطة او الخطاب وعلى فرض القوة في الانقلاب الكذوب الذي يرتد عبر ذات الملف الى نقطة بدئه الاولى.
كذلك انظر التناظر بين فعل درامي يسار مقدمة المسرح ضحيته السلطة/ الممثل محمد المتساوق مع الايديولوجيا/ الخطاب/ السلطة/ الفكرة/ نهاية الفهم لوجود الانسان ومصيره/ تكرار القوة.. وفعل درامي وسط او يمين المسرح ضحيته الانسان/ الممثل/ الشاهد/ أنس عبد الصمد وهو يلوع من افراط الجلد والطنين والتقهقر بالخوف والعذاب والمسخ واصوات الذباب/ الدالة على نفايات المصير والحاضر الذي تشوبه كل نزاعات المسخ وتحولاته الحيوانية او عذاباته التي تغوص في جراح كرامة الانسان ووجوده المهدورين والمقهورين.
ومن هذا التناظر نتمايز:
- اكتمال دورة الفضيحة بين الانسان والسلطة والطريقة التي يتمثل من خلالها مصيره فيها.
- لا عبرة لما نشاهده الآن فإننا قد ارتضينا بأن تلك السلطة/ الخطاب نموذجنا الأوحد في إدارة حيواتنا وإن كانت حيوات يملؤها المسخ ويصخب بها طنين الذباب وتكاثره.
- كلما بقيت الفكرة/ السلطة ومذياعها لا في التعبير عنها من طرف السلطة/ الممثل محمد عمر بل مذياعها الانسان/ المجتمع من طرف الممثل/ أنس عبد الصمد في ذلك التعبير كلما بقيت دورة المسخ تشكل العدوى الاكبر زمنا واداء ووجودا ومصيرا لا من حيث مبنى وتتابع ذلك الوجود وحسب بل من حيث معنى ذلك والى الابد.
كذلك انظر التناظر الذي انتقل بخط متقاطع مع المشاهدين الذين امتلأوا بدلالات منها:
• عموم ما يجري على الجميع ولا خصوص فيه.
• المنظور الفني الافتراضي على الخشبة والذي يحدث الآن هو ذاته المنظور الحقيقي الذي حدث ويحدث في الجميع وكان وقعه عليهم كل وقت.
• تدفق ذات المسخ وإن كان ما يحدث هناك متقاطعا في الزوايا والنظر مع المشاهدين في بنية التداول وبشكل تجده مشاعرهم وتصوراتهم على نحو واحد بالرضا والمماثلة.
• ليس ثمة فرق بين المتخيل هناك والواقعي هنا او المتخيل فوق الخشبة او الحقيقي في الواقع المعيش.
• نداء الطنين فينا بمثل ما هو علينا والصراخ به لا يختلف عن التوجع منه. ولهذا لم يكن طنينا افتراضيا نشاهده على المسرح بافتراض وجود مسرحية تحدث الآن بل كان طنينا واقعيا نفزع منه كل لحظة لأنه اصبح جزء لا ينفصل عن ذاكرتنا وتاريخنا وافكارنا وسلوكنا اليومي او المعاشي او الوجودي وهكذا..
وهكذا لم يعد الأمر مناسبا لحجب ذواتنا عن التعري او حجب وجودنا عن الفضيحة بل لم يعد مهما أن تفضح المرآة التي نعيش فيها وتمنحنا صورنا ان تمتلئ بالمسخ الذي تفزع منه كل حيوات او مصائر ولينتهي بنا المطاف الى كسر كل مرآة او جدار او حجاب او .. ولنفتح كل الفضاءات التي تضمنا وجودا وحضورا ولكن بذلك الوجود والحضور الماسخ حصرا ولترفع الستار من جديد: ستار الافتراض المقابل لأجل أن نرى الحقيقة كلها هنا والآن.
ولما رفع الستار كله اندلقت الفضيحة كلها على نحو:
- الضحية تصرخ أمام المايك ولكن من غير صوت الا صوت الطنين.
- مهما كسرت فكرة الرأس المصنّم من خارج الانسان لا ينفع ذلك ويبقى المسخ والطنين يتكاثر بشراهة.
- المرأة ذبابة ممسوخة كالرجل ولا فرق بينهما والتقوقع في المسخ والتكاثر محاولة لانتشال الذات من المسخ ولكن بالمسخ.
- نحن مجرد ملفات ممسوخة على قارعة ايديولوجيا مقرفة.
الحلقة الخامسة
لا تبدو المعادلة تخص الفرد/ أنس او الفرد/ محمد/ او الفرد / امرأة1 او امرأة2 او.. بل هي عموم كل الافراد في السلسلة والنسق المجتمعي بل هي أعم من ذلك. هي تشمل كل مخلوقات هذا الكوكب الجريح بأفكارنا التي تحولت الى آلة صماء تعمل على مسخنا كل وقت وعلى كل قارعة حياة او وجود او مجتمع..
والمشكل الأخطر حين ننكشف أمام مصيرنا او حدثنا المباشر فيكون الأب إبنا والإبن أبا ويكون الحاضر هو ذاته الماضي، وان يكونا كلاهما المستقبل وعلى حد سواء. ولا يكون طفلنا الداخل على صهوة أب يعاني الا صورة مشروخة عن ذات تلك المرآة التي تدل على كل شيء وفي أي زمان ومكان ولكن بذات المصير: المسخ الابدي. او الأسرة المسخ.
انظر الآتي:
• أنس/ الضحية طنين المسخ يطارده.
• المسخ يطارد امتداد أنس عبر الطفل.
• الزوجة/ المرأة/ الحبيبة.. وصولا الى صوت النداء الانثوي كله في لحظة عارمة لكسر الفكرة/ الخطاب/ الصنم – تمثال الرأس الجبسي.
• الصخب والطنين هما الطريق والأداء.
لحظة ان يكون الانسان، كل انسان في هذا العالم محموما بالطنين، وهو صورة التعبير الحسي لما يعانيه كل انسان من مسخ هي ذاتها اللحظة التي تتوالد على كل انسان وفي كل انسان بل وفي كل وجود مرة واحدة. ان هاجس أفكارنا بقبولها على انها ايديولوجيا الخطاب الماسخ حد اللعنة لكل حيواتنا ينتشر، يتغلغل كالصراخ الثاقب في ليلة نفس ظلماء حد القهر والخوف والقرف.
هنا تدخل المجموعة وعلى نحو واحد فيصير ما عليه الفرد هو ذاته ما عليه المجتمع ولا فرق إذ أن عدوى المسخ عبر ما يحدث هي واحدة في كل النفوس بل هي متلبسة بكل مخلوق حي او غير حي وبكل شراهة.
يتناظر الطنين هنا بمثل ما يتناظر الطنين هناك وتندلق الصور فرادى بذات الممثل/ أنس هنا كما تندلق بذات الجماهير هناك. وتعم الفوضى: فوضى ان يتغلغل الشعور فينزل من ذلك العالم الافتراضي الماثل بين الـ هنا/ فردا والـ هناك مجموعة الى المشاهدين دفعة واحدة. آنذاك يصير بهم في الواقع بمثل ما يصير بهم بالافتراض في عالم الخشبة المسرحية.
كل ذلك يكون بتراتب. وهذا التراتب يفصح عن نفسه من حيث:
- المنظر السلطوي يتمثله الممثل/ محمد عمر في أعلى خطوات السلم الايديولوجي الذي يعبر عنه السلم الابيض الذي يعلو بالسلطة الى حد حاوية النفايات العليا.
- المنظر الافتراضي الواقع الآن على الخشبة وهو يفضح لنا الافراد في المجتمع والوجود والخطاب على نحو المسخ وعذاباته النتنة.
- المنظر الواقعي الآن وهو يهبط مليا في عيون ونفوس او صدور المشاهدين وهم يرون أنفسهم من خلال أفكارهم وأدلجتهم التي تمثلها العرض الافتراضي لتوكيد او اعادة توكيد ذلك المرض العام فيهم.
- الملف واحد في ادارة وجودنا الجريح بقرف ما نفكر او نحلم به وهو مجرد شبح ماسخ يطاردنا كل حياة. وهو ملف السلطة/ المسخ الذي لم تتركه يد السلطة – الايديولوجيا – يد الممثل المتقوقع بدور الايديولوجيا/ الخطاب.
- كل ذلك يكون الشاهد عليه من الأعلى: السلطة ومن الأدنى: الممثلين في واقعة ما يجري بعالم الافتراض ومن الأسفل الأسفل جدا: نحن المشاهدين بعالم الحقيقة الصادمة بالقرف المزمن.
الحلقة الثالثة
انتهى تكاثر الذباب على حين صدفة عابرة وما كان عليه الطنين او المسخ او التصغير لكل ما تكون عليه الحياة او الواقع المعيش في ظرفية ذلك الطنين او ذلك التكاثر انما كانت تختزله تلك الآنية التي يحملها الانسان/ أنس وهي ترميز يؤدي بنا الى: ان ما نملأ به أنفسنا او مصيرنا او حيواتنا في هذا العالم إنما نملأه على فرض الفراغ وتكرار ذلك الفراغ واننا كلما مضينا في هذا الواقع: واقع الفراغ انما نمضي بمسخنا الابدي.
عاد من بعد نكاح وخط حياة الى نقطة البدء ومن حيث بدأ صغيرا يحمل آنيته الفارغة، وبعد كل تلك المعاناة وبعد كل تلك الاصوات المختزلة في طنين الذباب او التكاثر المسخ على صورة ذباب، عاد الممثل/ الانسان/ المشاهد الى نقطة البدء. كأنما القول من ذلك أننا ندور في رحى ذلك المسخ وان صورتنا المتنوعة في هذا الوجود أصبحت مجرد صورة واحدة، باهتة ومنزوعة الملامح وقد امتلأت بها روح ذبابة في نفوسنا بل امتلأ بها جسد تلك الذبابة أيضا، وبات لا فرق بين انسان يمر في حياة او ذبابة تمر في حياة، وكلاهما الآن قد تماهيا جدا في الفكرة والأداء والمصير..
هنا اكتملت الدورة: دورة الخروج المشابهة الى حد ما دورة الدخول في حيواتنا ولم يتبق الا:
- انتظار مزمن على فراغ وجود أجوف يقف فيه الفاعل/ السلطة والمفعول به/ الانسان - المسخ على مسافة واحدة او مصير واحد داخل تلك اللعبة.
- تحكم سلطوي من ذلك المكتب الخارج/ الداخل في اللعبة: لعبة الانسان في مسخه.
- رسم الحد او أطار المصير الذي يوهمنا بالأبيض وكأنه خلاصنا بينما هو مصير مسخنا في طريق لا مفر منها الا العودة الى ما تفرضه على الانسان من حدود المسخ.
- ولما اكتمل الحد من ذلك الاطار/ السجن/ الفكرة النمطية المتشابهة/ الحدود المغلقة.. اكتمل دور وجودنا بأن أصبح أسيرها الذي أفرط بالخنوع اليها. أفرط الى تلك الدرجة التي حولته الى آلة طباعة يكرر نفسه وإن قطع أشواط حياته او حدوده كلها فهو بمقدار ما يتمثل تلك الحدود ومساراتها الثابتة بمقدار ما يرسخ لنفسه على نفسه بقاء مسخه في هذا العالم.
- ان البدء، أيما بدء، يتمثل الحدود. هو البدء الذي انفرض بقوة السلطة/ الكرسي الذي يعني هنا فيما يعنيه:
• السلطة
• الانتظار
• الحياة
• الشعب
• أداة الجريمة الاولى والاخيرة
• البيت
• الطريق
• مرض المسخ
وهو البدء الذي تدور فيه واليه ومنه حيوات ومصائر الوجود والبشرية.
- هي واحدة صورة الاستنساخ. واحدة في كل اشواطها. سواء كانت بفاعل السلطة او بمفعول المسخ. هي تاريخنا، صورتنا، أحداثنا، انماط تفكيرنا، وصولا الى ما نتبنى من قيم او رغبات..
- هنا كل الاوراق التي يؤرخ لها رمز السلطة الرسمي/ الممثل محمد عمر إنما يؤرخ لها بدواعي أنها كل ما يكون عليه واقعنا المعيش حد هذاء الاستنساخ والتكرار.
- ما يمر به الرجل تمر به المرأة: الصورة/ الآلة واحدة. الطريق التي تفضي بالوجود من حيث مرموزية الرجل – المرأة هي ذاتها الحياة - الاسرة – الزوجين ..
كل ذلك ولم يتوقف الطنين: صوتنا الداخلي بما نعانيه من آلام المسخ. لن يتوقف طالما أن حدودنا وصورتنا النمطية كانت كل أبنيتها: بيوتها وعماراتها ونفوسها وافكارها وطعامها وهوائها او شرابها.. كلها من حاضنة الاستنساخ: حاضنة المصير الذي نجتره بعربة الاستنساخ المقرفة مصيرا وتاريخا واحداثا..
ولنكن تلك الطابعة المقرفة.
الحلقة الرابعة
دائما يصنعنا الخطاب ذاته الذي نحن صنعناه: نعود اليه وكأنه نهاية طريقنا او خلاصنا او قدسنا الطهور الذي لا يقبل الشك او التغاير او الانقلاب, بل لا يقبل الا نفسه ان يكون أوحدا في تسيير عجلة فهم ومصير المجتمع والانسان والوجود برمته مرة واحدة ولا غير تلك المرة ابدا.
انظر: الممثل/ محمد عمر قدّام المايك وهو يعلن سلسلة من الاشارات يمكن اجمالها على نحو:
- ما فكر به الانسان كان سجنه الاول والاخير.
- الذي اخترناه دليلا لنا ومرشدا انقلب الى قفص يعذّب بنا كل وقت.
- الفهم والايديولوجيا وجهان لعملة واحدة.
- يقبر الانسان نفسه كلما تقبل ايديولوجيا ما، وهي من صنع يده.
- عقل الانسان قدمه في آن واحد حين تبلغ الايديولوجيا عنده سلطتها في التنفيذ.
- جميعنا أسارى ذات الخطاب الموجه لنا.
- ملفاتنا واحدة ومتشابهة الى درجة القرف المصيري.
- مهما خلعنا عنا ثياب التغيير في الاشكال فان ذلك لا ينفع طالما ان معطف الفكرة المؤدلجة واحدة.
- ما انقلاب المرأة من منقبة او موشحة بالأسود الى سافرة غانية بالأحمر الا محاولة فاشلة يمكن اعادة ترميمها بالزي او الاداء في ملف السلطة او الخطاب وعلى فرض القوة في الانقلاب الكذوب الذي يرتد عبر ذات الملف الى نقطة بدئه الاولى.
كذلك انظر التناظر بين فعل درامي يسار مقدمة المسرح ضحيته السلطة/ الممثل محمد المتساوق مع الايديولوجيا/ الخطاب/ السلطة/ الفكرة/ نهاية الفهم لوجود الانسان ومصيره/ تكرار القوة.. وفعل درامي وسط او يمين المسرح ضحيته الانسان/ الممثل/ الشاهد/ أنس عبد الصمد وهو يلوع من افراط الجلد والطنين والتقهقر بالخوف والعذاب والمسخ واصوات الذباب/ الدالة على نفايات المصير والحاضر الذي تشوبه كل نزاعات المسخ وتحولاته الحيوانية او عذاباته التي تغوص في جراح كرامة الانسان ووجوده المهدورين والمقهورين.
ومن هذا التناظر نتمايز:
- اكتمال دورة الفضيحة بين الانسان والسلطة والطريقة التي يتمثل من خلالها مصيره فيها.
- لا عبرة لما نشاهده الآن فإننا قد ارتضينا بأن تلك السلطة/ الخطاب نموذجنا الأوحد في إدارة حيواتنا وإن كانت حيوات يملؤها المسخ ويصخب بها طنين الذباب وتكاثره.
- كلما بقيت الفكرة/ السلطة ومذياعها لا في التعبير عنها من طرف السلطة/ الممثل محمد عمر بل مذياعها الانسان/ المجتمع من طرف الممثل/ أنس عبد الصمد في ذلك التعبير كلما بقيت دورة المسخ تشكل العدوى الاكبر زمنا واداء ووجودا ومصيرا لا من حيث مبنى وتتابع ذلك الوجود وحسب بل من حيث معنى ذلك والى الابد.
كذلك انظر التناظر الذي انتقل بخط متقاطع مع المشاهدين الذين امتلأوا بدلالات منها:
• عموم ما يجري على الجميع ولا خصوص فيه.
• المنظور الفني الافتراضي على الخشبة والذي يحدث الآن هو ذاته المنظور الحقيقي الذي حدث ويحدث في الجميع وكان وقعه عليهم كل وقت.
• تدفق ذات المسخ وإن كان ما يحدث هناك متقاطعا في الزوايا والنظر مع المشاهدين في بنية التداول وبشكل تجده مشاعرهم وتصوراتهم على نحو واحد بالرضا والمماثلة.
• ليس ثمة فرق بين المتخيل هناك والواقعي هنا او المتخيل فوق الخشبة او الحقيقي في الواقع المعيش.
• نداء الطنين فينا بمثل ما هو علينا والصراخ به لا يختلف عن التوجع منه. ولهذا لم يكن طنينا افتراضيا نشاهده على المسرح بافتراض وجود مسرحية تحدث الآن بل كان طنينا واقعيا نفزع منه كل لحظة لأنه اصبح جزء لا ينفصل عن ذاكرتنا وتاريخنا وافكارنا وسلوكنا اليومي او المعاشي او الوجودي وهكذا..
وهكذا لم يعد الأمر مناسبا لحجب ذواتنا عن التعري او حجب وجودنا عن الفضيحة بل لم يعد مهما أن تفضح المرآة التي نعيش فيها وتمنحنا صورنا ان تمتلئ بالمسخ الذي تفزع منه كل حيوات او مصائر ولينتهي بنا المطاف الى كسر كل مرآة او جدار او حجاب او .. ولنفتح كل الفضاءات التي تضمنا وجودا وحضورا ولكن بذلك الوجود والحضور الماسخ حصرا ولترفع الستار من جديد: ستار الافتراض المقابل لأجل أن نرى الحقيقة كلها هنا والآن.
ولما رفع الستار كله اندلقت الفضيحة كلها على نحو:
- الضحية تصرخ أمام المايك ولكن من غير صوت الا صوت الطنين.
- مهما كسرت فكرة الرأس المصنّم من خارج الانسان لا ينفع ذلك ويبقى المسخ والطنين يتكاثر بشراهة.
- المرأة ذبابة ممسوخة كالرجل ولا فرق بينهما والتقوقع في المسخ والتكاثر محاولة لانتشال الذات من المسخ ولكن بالمسخ.
- نحن مجرد ملفات ممسوخة على قارعة ايديولوجيا مقرفة.
- غايتنا ان نرتقي على ذلك السلم الكبير من أجل ان نصل حاوية نفاياتنا العظمى.
لا تبدو المعادلة تخص الفرد/ أنس او الفرد/ محمد/ او الفرد / امرأة1 او امرأة2 او.. بل هي عموم كل الافراد في السلسلة والنسق المجتمعي بل هي أعم من ذلك. هي تشمل كل مخلوقات هذا الكوكب الجريح بأفكارنا التي تحولت الى آلة صماء تعمل على مسخنا كل وقت وعلى كل قارعة حياة او وجود او مجتمع..
والمشكل الأخطر حين ننكشف أمام مصيرنا او حدثنا المباشر فيكون الأب إبنا والإبن أبا ويكون الحاضر هو ذاته الماضي، وان يكونا كلاهما المستقبل وعلى حد سواء. ولا يكون طفلنا الداخل على صهوة أب يعاني الا صورة مشروخة عن ذات تلك المرآة التي تدل على كل شيء وفي أي زمان ومكان ولكن بذات المصير: المسخ الابدي. او الأسرة المسخ.
انظر الآتي:
• أنس/ الضحية طنين المسخ يطارده.
• المسخ يطارد امتداد أنس عبر الطفل.
• الزوجة/ المرأة/ الحبيبة.. وصولا الى صوت النداء الانثوي كله في لحظة عارمة لكسر الفكرة/ الخطاب/ الصنم – تمثال الرأس الجبسي.
• الصخب والطنين هما الطريق والأداء.
لحظة ان يكون الانسان، كل انسان في هذا العالم محموما بالطنين، وهو صورة التعبير الحسي لما يعانيه كل انسان من مسخ هي ذاتها اللحظة التي تتوالد على كل انسان وفي كل انسان بل وفي كل وجود مرة واحدة. ان هاجس أفكارنا بقبولها على انها ايديولوجيا الخطاب الماسخ حد اللعنة لكل حيواتنا ينتشر، يتغلغل كالصراخ الثاقب في ليلة نفس ظلماء حد القهر والخوف والقرف.
هنا تدخل المجموعة وعلى نحو واحد فيصير ما عليه الفرد هو ذاته ما عليه المجتمع ولا فرق إذ أن عدوى المسخ عبر ما يحدث هي واحدة في كل النفوس بل هي متلبسة بكل مخلوق حي او غير حي وبكل شراهة.
يتناظر الطنين هنا بمثل ما يتناظر الطنين هناك وتندلق الصور فرادى بذات الممثل/ أنس هنا كما تندلق بذات الجماهير هناك. وتعم الفوضى: فوضى ان يتغلغل الشعور فينزل من ذلك العالم الافتراضي الماثل بين الـ هنا/ فردا والـ هناك مجموعة الى المشاهدين دفعة واحدة. آنذاك يصير بهم في الواقع بمثل ما يصير بهم بالافتراض في عالم الخشبة المسرحية.
كل ذلك يكون بتراتب. وهذا التراتب يفصح عن نفسه من حيث:
- المنظر السلطوي يتمثله الممثل/ محمد عمر في أعلى خطوات السلم الايديولوجي الذي يعبر عنه السلم الابيض الذي يعلو بالسلطة الى حد حاوية النفايات العليا.
- المنظر الافتراضي الواقع الآن على الخشبة وهو يفضح لنا الافراد في المجتمع والوجود والخطاب على نحو المسخ وعذاباته النتنة.
- المنظر الواقعي الآن وهو يهبط مليا في عيون ونفوس او صدور المشاهدين وهم يرون أنفسهم من خلال أفكارهم وأدلجتهم التي تمثلها العرض الافتراضي لتوكيد او اعادة توكيد ذلك المرض العام فيهم.
- الملف واحد في ادارة وجودنا الجريح بقرف ما نفكر او نحلم به وهو مجرد شبح ماسخ يطاردنا كل حياة. وهو ملف السلطة/ المسخ الذي لم تتركه يد السلطة – الايديولوجيا – يد الممثل المتقوقع بدور الايديولوجيا/ الخطاب.
- كل ذلك يكون الشاهد عليه من الأعلى: السلطة ومن الأدنى: الممثلين في واقعة ما يجري بعالم الافتراض ومن الأسفل الأسفل جدا: نحن المشاهدين بعالم الحقيقة الصادمة بالقرف المزمن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق