مجلة الفنون المسرحية
 |
| الكاتب حسين السلمان |
الشخصيات :
- رجل 1
- أمرأة 1
- رجل 2
امرأة 2
- طفل 1
( ساحة دائرية وقريبا منها بعض البنايات والبيوت والمحلات
التي أنهكتها الحرب بقذائفها وحرائقها ...
هناك شجرة وحيدة باسقة تنتصب شامخة وسط هذا الخراب ....
المسرح شكل من أشكال الدمار الشامل..
قصف طائرات ومدافع و دخان اسود يغطي المسرح.. والناس
( نساء ورجال بأعمار مختلفة وأطفال ) هاربة لا تعرف الى أين تذهب
..تقطع المسرح ركضا إلى جهات مختلفة من دون هدف ما ...صراخ
وعويل .. )
رجل1 : عيناي تؤلماني ...أنا ...أنا لا أرى
امرأة 1: أنا أيضا لا أرى ..يبدو أني فقدت بصري
طفل1: أين أنت يا أمي ؟ ... أرجوك كلميني
رجل2 : أين أنت يا زوجتي؟
طفل 1: أبي أنا لا أرى ..
رجل2 : ولا أنا يا ولدي..
طفل 1: أين أمي يا أبي؟
(يخرج متعثرا بالأحجار ..)
رجل2 : ربما تحت الأنقاض..أو أنها عمياء تهيم في الخراب
امرأة1 : ارحمونا وكفى من هذا الخراب
رجل1 :هل أنت مبصرة !
امرأة1 : لا .. أنا عمياء كالخراب
(تخرج متعثرة بالأحجار..)
رجل 1: تكفي هذه الأصوات الرهيبة التي نسمعها لنعلم في أي خراب نحن
امرأة2 : هل أنت من حينا ؟
رجل 1 : ما معنى هذا !!
امرأة2 : معناه غزل أعمى (تضحك ساخرة ) أتعرف لماذا سألتك ؟
رجل 1: طبعا لا أعرف
امرأة 2 : لان صوتك يشبه صوت أخي
رجل1 : تبحثين عن أخيك أم زوجك ؟
امرأة2 : عن الكل ..عن سكان هذا الحي الجميل
رجل 1 : لم يعد للمدن وجود ، وها أنت تتحدث عن الأحياء أيها الغبية
امرأة 2 : (صارخة ) بل أنت الغبي لأنك لا تحترم الحي الذي تسكنه
رجل 1 : كل البشر والأحياء صارت أنقاضا .
رجل 2 : ما هذا الجدل البائس ؟ من لا يبصر هو شيخ الأغبياء ،وأنا أولهم
رجل1 : ربما نعم ..وربما لا ..
امرأة2 : يا ويلي ..ضاعت الحياة
( تتحرك امرأة 2 فتتعثر ..تسقط ، لكنها تواصل السير )
رجل2 : إلى أين أنت ذاهبة ؟
امرأة 2 : أنا هاربة ..هاربة ..ولست ذاهبة ..وأنت ألا تهرب ؟
( تخرج ومعها يخرج رجل 1 ...)
رجل2 : ما جدوى الهروب في حرب مستعرة ..أنا باق هنا أنتظر عائلتي ..
(يجلس على كومة من الأنقاض بعد خروج الجميع...)
رجل2 : لقد حل علينا الظلام من هذا المرض اللعين الذي يصيب أبصارنا ..ها هي الحياة تتوقف في كل مرافقها ..لا معامل ولا مصانع ولا مدارس ..سوى لافتات الموت تنتشر في
كل مكان .. ما من احد منا ، لا من قريب ولا من بعيد يفكر في التخلص من هذا الدمار..
وكقصص ألف ليلة وليلة ولدت في عصرنا هذا ألف موت وموت..
تزوج رجل من امرأة تتمتع بالجمال والشكل الرائع, وجاء وقت وانتشر فيه هذا المرض اللعين الذي يتسبب في ظهور الدمامل في البشرة , ويشوه المريض إلى حد كبير جدا وينتهي بفقدان البصر..
وأصيبت الزوجة الجميلة بأعراض من هذا المرض.
وفى ذلك الوقت كان زوجها خارج البيت لم يعلم بعد بما حدث لها .
وفى طريق العودة إلى البيت تعرض لحادث أدى إلى فقدان بصره وأصبح الزوج أعمى .
وبعد ذلك أكمل الزوجان حياتهما.
كانت الزوجة تتشوه أكثر فأكثر وكانت تفقد جمالها .
أما الزوج فكان أعمى لا يعلم بما يحدث لزوجته من تشوهات بسبب مرضها .
وأكمل الزوجان حياتهم بنفس درجة الحب والاحترام والتقدير كما كانت في أول زواجهما .
الرجل كان يحبها بجنون ويعاملها باحترام .. حتى جاء ذلك اليوم وتوفيت زوجته .
حزن الزوج حزناً شديداً لأنه فارق حبيبته .
وحينما دفنوها , وذهب الناس إلى منازلهم .
خرج من المكان ومشى لوحده .
فنادى عليه رجل .. إلى أين ذاهب ؟!!
فقال الزوج : إلى البيت .
فرد علية الرجل بحزن على حالته : وكيف ستذهب الى البيت وحدك وأنت فاقد البصر؟
فقال الزوج : لست أعمى ولكنى كنت أتظاهر بالعمى حتى لا اجرح مشاعر زوجتي.
هذا حقاً هو الوفاء ..ولكن هل هناك الآن من يمتلك هذا الفعل ؟؟..
وهناك قصة رهيبة ، كل من سمعها أصيب بمرض جديد..
القصة تبدأ من ساحة معركة ضارية ، خلفت ساحة من الجثث ..
وهنا تبدأ القصة الرهيبة ..
( يشتد القصف فينهض الرجل 2 ويهرب ..
تدخل امرأة 2 حذرة وهي تضع حاجزا معدنيا على وجهها و
تتطلع بالمكان بشكل دقيق..تضع حاجزا معدنيا على وجهها ... )
امرأة 2 :أنا اخفي وجهي لأحافظ على بصري ..الويل الويل ..لقد ماتت البلاد ..أنها بلا بصر
ولا بصيرة ...
(حينما تسمع أصوات قريبة تختفي خلف كتلة أحجار كبيرة..
تدخل مجموعة من الناس هاربة .. المرأة تراقبهم ..
حينما ترى طفلا تذهب مسرعة لمساعدته ..
.. ألا أنها حينما تجده فاقد البصر...تتركه يسير لوحده...)
امرأة 2 : : اذهب يا ولدي حالك مع حال العميان ..
( الطفل يواصل سيره ويخرج ...
امرأة2 تستطلع المكان.. فتجد ما يشبه الحفرة .تذهب
وترتب المكان....
( تدخل امرأة 1 لكنها حامل هذه المرة وهي تصرخ باكية ..)
( الممثل أو الممثلة في هذه المسرحية يؤدون عدة أدوار ...)
امرأة1 : هل من أحد هنا ..؟ أرجوكم المساعدة ..أنا متعبة جائعة
(امرأة 2 تضحك ساخرة من سؤال امرأة 1 ..)
امرأة 1 :أريد طعاما يا بشر ..أريده الآن قبل فوات الأوان ..أنا أحذركم من نهاية مدمرة
( امرأة 2 تنظر باهتمام بالغ للمرأة 1 ..تقترب منها بحذر .. )
امرأة2 : هل أنت عمياء؟
امرأة1 : هذا سؤال الأغبياء .ما عاد هنا أحد يبصر ..
امرأة 2 : حتى في طلب الحاجة نكون أعداء
امرأة1 : نعم ..العداوة من البداوة ..لا أريد ألا الغذاء .هل تفهمين ما أقول ؟
امرأة2: الآن كل الناس تطلب البصر والبصيرة
امرأة 1 : لقد فقدناها عزيزتي..الآن مطلبي الوحيد هو الغذاء حتى وان كان تحت
القصف الكثيف
امرأة 2 : اسمع الآن كلاما جميلا
امرأة 1 : لا ..بل هو كلام مضحك حقا ..أتعرفين ماذا يعني الطعام تحت القصف؟؟
في هذا الخراب وأنت تتحدثين عن الجمال !!؟..(تضحك) أنت
حقا مجنونة.
امرأة2 : الجنون الآن أهون يا صديقتي الجوع
امرأة 1 : صدقت ، لكنك تعشقين الجنون وأنا أتضور جوعا .. أي قلب قاس تحملين ..
امرأة 2 : أحقا أنت جائعة ؟؟
امرأة 1 : لا يا صديقتي ..أنا أريد أن أوزع الآن الطعام على الجياع المنتشرين أمامك..
أنظري ها هم يصرخون بلا بصر ...ما جدوى الصراخ بلا بصر ..ما
جدوى الطعام بلا بصر ..
امرأة2 : أذا لماذا تطلبين الطعام !!
امرأة1 : بودي قول كلمة ..
امرأة2 : قوليها ..كل شيء في الحرب مباح
امرأة 1 : أنت امرأة فاسدة تتلاعبين بالكلمات مثل الحرب تتلاعب بالأجساد..كيف تعرفين
الأشياء قبل قولها ؟.
امرأة 2 : موهبة ..
امرأة1 : نعم ..موهبة الجائع أذا شبع
امرأة2 : كلما نظرت في عينيك أتلو الشهادتين لأني اقترب كثيرا من لحظات احتضاري ..
الجوع تاج الفقراء..الجوع عنوان الفناء
امرأة 1 : هل أنت شاعرة ؟
امرأة2 : الشعر للمبصرين فقط
امرأة 1 : (تصرخ ) كفى ..هذا كذب ..قيل أعذب الشعر من العميان ..لكن العميان هنا نفاق
العميان هنا دمار.. العميان هنا فساد..أنا أريد الغذاء يا بنت الشعر ..أريد الغذاء هل
تفهمين قولي
امرأة 2 : نعم فهمت
امرأة 1 : أرغب بالفشار عليك.. لماذا تكذبين !!
امرأة1 : أنا لم اكذب
امرأة 2 : لا.. تكذبين وبإصرار متعمد
امرأة 2 : (صارخة ) قلت لك لم أكذب وكفى
امرأة1 : طيب هل تعرفين لماذا أطالب بالغذاء؟
امرأة 2 : لأنك جائعة
امرأة 1 : نعم ولكن ليس لجوعي أنا
امرأة 2 : وهل تأكلين لأجل الأخريين !! لم أسمع بمثل هذه التضحية
امرأة 1 : ألم أقل أنك غبية
امرأة2 : شكرا لك
امرأة 1 : هذا اقل ما يجب أن يقال ..أنا أريد أن أكل من أجل هذا
(تؤشر إلى بطنها ...)
امرأة 2 : وماذا يعني هذا ؟؟
امرأة1 : يعني نبع جديد قادم
( امرأة 2 تتفحص امرأة1 ..)
امرأة2 : حتما يأتي مثلك ..ويخرج هو الآخر أعمى ويساهم في الخراب
امرأة1 : الأهم أن أحافظ عليه لعله يخرج سليما .
امرأة2 : وهل هذا يعيد الأمل ؟؟
امرأة1 : الأمل ينمو مثل الأشجار..الآن هل تساعديني أم أواصل البحث في خراب آخر؟
( المرأة2 تقود المرأة 1 إلى المكان الذي تختفي فيه..
تقدم لها بعض الطعام ...)
امرأة 2 : خذي هذا طعام غني بالفيتامينات
امرأة1: (تتلمس الطعام فتبدو مندهشة ) هذا طعام طازج .. كيف حصلت عليه !!
امرأة2 : تتناولين الطعام أم أحتفظ به للشدائد ؟
امرأة 1 :هل أنت عمياء؟؟
امرأة 2 :كل البلاد عمياء
امرأة1 :لكن كيف حصلت على طعام طازج ونحن في هذا الوضع المذهل العصيب!!
امرأة2 :أنها مشيئة الله
امرأة1 : (في كل فجر
أصحو على دخان
ولهب
في كل ليل
يرصدني الظلام بسرير
من حطب
شرر هنا يقذفني بشرر
وما من احد
لا في السماء ولا في الأرض
يقول للحرب :
كوني بردا وسلاما(
امرأة2 :يا للهول ..هذا قول جميل
امرأة1:أرجوك ..ساعديني لحين ما أضع هذا و ستسمعين الكثير والكثير فنحن أمة تتكلم فقط .
امرأة2 :طيب .أنا من هذا الحي وأعرف عن ظهر قلب كل شوارعه وأزقته ..
امرأة1 : أنا محظوظة ..أرجوك لا تتركيني أذا حدث قصف جديد
امرأة2 :من أين أنت ؟
امرأة1 : سؤال غريب ..ألسنا في وطن واحد ؟
امرأة2 : نعم ولكن لكل واحد مدينته
امرأة1 : وكل المدن بنات الوطن
امرأة2 :اشك في ذلك
امرأة1:ولماذا هذا الشك ؟!!
امرأة2: لاشيء صديقتي ..دعينا في الأهم
امرأة1 : فقط أرجوك أن تجدي لي مكانا آمنا ...
( تأخذها الى خارج المسرح ...
رجل 1يضع يده على كتف رجل 2 ويدخلان المسرح وهما
يضعان نظرات سوداء على عيونهم..بين خطوة وأخرى يتعثران
بالأحجار .. المكان هنا يشبه المقبرة )
رجل 1 : كان إحساسا مرا للغاية، لم أكن أستطيع أن أمشى خطوة واحدة، كنت أضع يدي على
كتف أخي ، ومع الوقت تعودت على الوضع واستطعت التكيف مع الظروف القاسية
الجديدة..
إنْ يأخُذِ الله مـن عينيَّ نُورَهُـما...
ففِي لِسانِي وقلبي مِنْهُما نـورُ
قلبي ذَكيٌّ وعَقلي غَيْرُ ذي دَخَلٍ...
وفي فمي صارمٌ كالسَّيفِ مأثورُ *
رجل 2 : شبعنا من هذا ..أنا يا صديقي أريد أن أرى ..هل تفهم؟
رجل1 :وعيرني الأعداء والعيـب فيهـم فليس بعار أن يقال ضريـر
إذا أبصر المـرء المروءة والتقـى فإن عمى العينين ليس يضـير
رأيت العمى أجرًا وذخرًا وعصمة وإني إلى تلك الثلاث فقـير *
رجل2 : كفى يا بشار بن برد ..الآن لا يحكم السيف يا صديقي .. نحن العميان أحلامنا ليست
مثل البشر ..أحلامنا تختلف..أحلامنا بلا طعم ولا رائحة ..صورة مشوشة يعلوها
الضباب ...واعلم يا صديقي أنها في طريقها الى الزوال...
رجل 1 : أنا لا أعتقد أن الأعمى يحلم .واذا حلم فأنه يرى حلما اسود ..
اذا لا فرق يا صديقي بين دوي الرعد وقصف الطائرات
ما دامت الطائرات أقرب إلى الله
من أرضنا الجاثية على ركبها
في محراب البكاء
اقترب مني يا صديقي
لننزع نظارتينا السوداويين
لنقلب معا جفونا متورمة مقيتة الاحمرار
تخيط الحيرة الى توحش الرموش المنتصبة
و لنحبس أنفاسنا في رهبة
ليلتقط لنا البرق صورة خاطفة
مليئة بالفشل
كتذكار صاعق للطقس السيئ...)
(رجل2 يقف ..رجل 1 يواصل السير لكنه يقف حين
يشعر أن يد رجل2 قد رفعت عن كتفه )
رجل1 : ماذا حدث يا صديقي ؟؟؟
رجل 2 : حان دورك أيها الأعمى في قيادتي
خذني إلى مكان آمن
رجل1 :( يضحك ) دعني أولا أجدك
رجل2 : ها أنذا أمامك
رجل1 : من أي جهة ؟
ر جل2 : الجهة التي تأتي منهما الحرب
رجل1 : كل الجهات أتتنا منها الحرب
(يضحكان ..ويبدأ أحدهما يبحث عن الآخر..)
رجل2 : كيف أجدك وأنت أعمى
رجل1 : كيف أجدك وأنا أعمي
رجل2 : أذا وطبقا للعلم العميان لا يلتقيان ..
يضحكان ...ويلتقيان بعد مواقف مضحكة
وصراع مرير ...)
رجل 2 :وأخيرا التقى العميان ..الآن خذني إلى المكان الآمن
مكان لا يأتي الموت إليه ...هل هو بعيد عنا؟
رجل1 :لا ..ليس ببعيد جدا
سوى ببعد الرصاصة عن القناصة
باقترابها من جسد الضحية
ليس ببعيد سوى بسبابة تسبق العين المجردة
إنه هناك أسفل الشجرة المؤطرة للغياب
عند انتهاء الحرب وبداية العراء
رجل2 : فلنذهب إذن
تأدب ولا تسبق خطوات الأعمى
رجل1 : تقدم يا شيخ
سر إن استطعت في الهواء رويدا
(يسيران وهما يتعثران كثيرا بتلك الأحجار التي
تشبه القبور المنتشرة هناك..)
رجل2 :ما هذا المكان؟
رجل1 :المكان الذي لا يأتي الموت إليه
رجل2 : المقبرة
رجل1 : نعم – المقبرة
رجل2 : ولماذا المقبرة؟؟
رجل1 : وهذا ما يقودك اليه الأعمى
رجل2 :ولكنها مليئة بالموتى
رجل1 : لم يمت أحد هنا؟
رجل2 :(هل سمعت بموت حفار قبور؟
بموت عميان مثلي ينشدون القرآن في المقابر
مقتاتين على أقتيات الدودة على الجثث؟
ثم من قال إنهم موتى
الموتى هم من يوجدون خارج سورها
النفر يأتي إلى هنا لا ليموت
بل ليظل على قيد الحياة
إنه المكان الأخير المؤتمن
لا لإقامة طقوس عزاء
بل لقضاء فترة النقاهة بجوار منكر ونكير
متصفحا بكسل رفوف مكتبة القيامة الدسمة
في ضيافة موت يطمئن على سلامتك من قتل طائش
فيما تسر برؤية موتك معافى على قيد الحياة
في اللحظة التي تضيء يدك شمعة في الظلام
فقط لتستدل على اليد المضيئة
سيرافقك الموت إلى هناك ) *
رجل1 :أنت تنطق بالألغاز و الأحاجي
رجل2 : أيها الغبي
لا جديد للحياة تحت الشمس
لا جديد سوى لبقاء على قيد الحياة
إذا لم تعلم أين تذهب ،
فكل الطرق تفي بالغرض
لأنها تصبح واحدة.
(يتوقف رجل 1 وهو يستدير يمينا ويسارا...)
رجل1 : هل رأيت ما سمعت؟
بل هل سمعت ما رأيت؟
رجل2 :سمعت دوي رعد في السماء
شتيت برق أكاد أستشفه على جفوني
ربما طائرات تتخفف من حمولة ثقيلة
من البراميل المعبأة بقتل يزيد عن حاجة الضحية
( يسمع قصف شديد فيهربان كل واحد في اتجاه...
امرأة 2 تخرج من مخبئها وهو تتطلع الى السماء والى
ما يحيط بالمكان ..)
امرأة2 :(نعاتب من يا رب، الوقت ضيق
وهذي ضحايانا بحقلك تنبت
فهل كان هذا الموت وشما نقشته
أم الناس سهوا من يديك تشتتوا
وكيف صنعت الناس من أي طينة
وقلت لهم موتوا هناك أو اصمتوا
صمتنا ومتنا، ثم قلنا لعله
سيمسك أزميل الحياة فننحت
ولكننا متنا كثيرا، ملائك تنوح
وأخرى من صنيعك تشمت
فكيف أذا استولت على الروح دمعة
وغنت، وطفل في المواويل ميت
أذا كل شيء في مجازك تائه
وكل احتمالات الضياع ستثبت )
( أطلاق نار وصراخ قوي .. امرأة2 لا تحتمل الموقف
فتجري مسرعة الى مكانها ...
يدخل رجل 2 وهو يطلق النار في اتجاهات مختلفة ...)
رجل2 ) مرحى للحرب
مرحى لتكافؤ شبقي
ما لي لا أسمع الحمقى ولا المجانين
سبحانك أيتها الحرب ما أعلى شأنك
بإشعال حريق عفوي بعود قش
توصل الحمقى المتخبطين في شباكهم
إلى حل هذه المعجزة..)
أنا الآن سيد المكان
وصاحب هذا الزمان
وعلى الجميع الطاعة والغفران والتنفيذ
(يدخل بعض الرجال والنساء والأطفال صاغرين ، خاشعين ..)
رجل2 (هي الحرب إذن تأتي على المنطق و الحمق
هي الحرب تأتي على المطلق و المؤقت
هل بوسعنا التعرف إلى وجه مدينتنا من جديد )
أنا فقط من يفعل هذا ، بوجود هذا
اجلس على حافة الحرب
اعد أيامي الباقيات
حتى أحشو لها بندقيتي العمياء
وارمي بها كبد السماء
( رجل2يرفع للسلاح عاليا ويطلق الرصاص ..)
( الرجال والنساء والأطفال الذين يقفون خلف رجل2 وهم
يصفقون ويهتفون بكلمات لا تفهم ..
امرأة2 تخرج من مكانها خلسة وهي تضع نظارات سوداء
على عينيها ...)
امرأة2 :أجعل الكذبة كبيرة ، أجعلها عظيمة وفاخرة ، وكررها ، في نهاية المطاف سوف
يصدقونها . عليك أن تصادق الذئاب على أن يكون فأسك مستعداً. فالحرب هي
كفتح باب غرفه مظلمة لن تعرف أبدا ما الذي سيحصل عند فتح هذا الباب.
( تنطلق مسرعة نحو رجل2 ..)
امرأة2 : مرحى برجل العصر الجديد وقوة الزمن الحديد..هل تتقبل مني قولا جميلا؟
رجل2 : هل أنت من أنصاري ؟
امرأة2 : كيف أكون من أنصارك وأنا امرأة عمياء؟
رجل2 : القوة تجعلنا نبصر الأشياء
امرأة2 :(لنفسها) عنف الارهاب هو الآخر أعمى ، فالى أي طريق نحن ذاهبون ؟؟
رجل2 :تكلمي فأنا على عجلة من أمري ، فهناك الكثير حيث يجب بسط سيطرتي هناك
امرأة2 : أعرف أن العصر الجديد يتطلب منك القوة ..وها هي بين يديك
( رجل2 يطلق الرصاص في الهواء... )
امرأة2 : وصلت الرسالة يا جميل ..لكنك الآن بحاجة الى ما يدعم قواك ..
رجل2 : الى جميع الفصائل أوصيكم بتلك الوصايا والواجبات الشرعية والوطنية ..الآن أذهبوا
الى واجباتكم . وليكن كل منكم رقيب على الآخر ..أمسكوا كل الأشياء بقوة ولا
تمنحوا للآخر فرصة الاستقرار..أذهبوا يا أبناء الدين والعروبة..
(يخرج الرجال والنساء والأطفال وهم يهتفون بكلمات
لا تفهم ..)
امرأة2 تبتعد قليلا عن رجل 2 ..)
امرأة2 : هذا زمن مسموم ، زمن موبوء
ذات يوم أصبح مجنونة
في رأسي تدور الكثير
من الحروب الطاحنة
في رأسي تتراكم الجثث
وصراخ الجرحى
( شيء ما يخطر على بالها فتذهب مسرعة الى
رجل 2 الذي يحشو سلاحه بالرصاص...)
أما لهذا المحارب العتيد من استراحة يمتع جسده فيها ..؟
رجل2 : هل من أحد هنا ؟
امرأة2 : ومن أين لي أن أعرف ؟
رجل2 : يجب على أنصاري أن يبصروا حتى وأن كانوا عميان
امرأة2 : هل تريد أن تعرف أننا لوحدنا ؟
رجل2 : طبعا
امرأة2 : أرم رزمة نقود
رجل2 : أن كيدهن عظيم
امرأة2 : أن فكرهن عظيم
رجل2 : طيب ..
(يخرج رزمة نقود ورقية ويرميها بعيدا عنه ..امرأة 2
تتلقفها ونرمي حجرا صغيرا بدلا عنها ...
لحظات انتظار وترقب من الرجل ... امرأة2 تقترب
من رجل2 ...)
امرأ2 : أرأيت ..مكان نسبح فيه لوحدنا
رجل2 : أتعلمين أنني كنت عاشقا لخلوة لذيذة
امرأة2 : أذا خذني أيها الصديق
إلى نزهة في الحرب التي أثخنت مسامعي
خذني إلى نزهة حرب عكرت الشفوف البلوري
للمجرى الرائق في الحناجر وقنوات الدمع
رجل2 : سآخذك و تأخذني يا صديقتي
إلى غرف الصوت الموصدة على صممي
إلى أصداء تكيل الصاعقة في سلال الرعود
لتكتمل صورة البرق الخاطف المليئة بالرضوض
بينما نحبس أنفاسنا خائفين لأخذ تذكار صاعق
خذيني إلى آهة صغيرة تتنصت عليها سماعة الطبيب
أمام ذهول العيون
امرأة2 :هل الحرب ما ينفتح أمامي مديرا مقبض الباب
أم الحرب ما يتربص وراء الباب بمواء فاحش
ربما تتفوق هندسة الخراب كثيرا
على هندسة الأعمار
رجل2: (قبل مجيء رحى الحرب المدورة قرونها
لم يبق لي سوى أن أتسلى بلعبة العميان
أن أنزع نظارتي السوداء
أن أَقْلِبَ جفوناً متورمة مقيتة الاحمرار
تخيط حيرة الأخيلة إلى انتصاب الأهداب
متصفحاً بكسل مَغيباً يصب في قزحيتي)
امرأة2: سئمت من التفرج على شاشة خرساء مشدودة
إلى ارتخاء عضلات العيون
سئمت من تحرش الضحية بتردد قناصة مرتعش
سئمت من ذهول يصفف مناديله البيضاء على حبل الغسيل
سئمت من مقتلة ترقق الدم المجفف في طواحين غزل البنات
سئمت من ارتطام القيامة بزجاج نظارتي
رجل2 :هي الحرب إذن مجرد غزل فاحش
مجرد مزحة عائلية فجة
يريد بها الكبار إيقاع الصغار للذهاب مبكرا للنوم
متفرغين لامتهان شرعي معتاد
(يتحرك بأتجاهات مختلفة ..امرأة2 تنظر له
لفهم مل يقوم به..)
واحد .....اثنان..
سر إلى الأمام
(رجل2 يتحرك باتجاه غير اتجاه امرأة2 التي تتعمد
الوقوف أمامه ليصدم بها فتحتضنه...)
رجل2 :لأن لذيذ الحب لا يستعذب إلا في التعذيب
هكذا تتحول ثكناتنا العسكرية إلى مواخير
تسوق الحرائر سوقا غير مدفوعات الأجر
لتلبية احتياجات الجنود
لتلبية احتياجات نساء الجنود
امرأة2 : اذا هو الجمال الذي تتطلبه الحرب ..الى الرقص يا صديقي..
(يرقصان مع موسيقى القصف وأزيز الطائرات وأصوات
المدافع ....)
تدخل امرأة1 (الحامل) وهي تشعر بآلام المخاض...)
امرأة1 : (في كل مساء
عند الصخرة
اذبح حلما من أبنائي
وأدفن خلف التل
فكرة من بناتي
في كل واد ٍ
عند العشب
أضع السكين على قلبي
وحينما أهم بها عليه
لا احد يقول لي :
إنا فديناه بكبش هزيل
ولو ذبحته
وانتهى الأمر
فلا احد سيقول لي :
لقد صدقت الرؤيا (*رعد
(امرأة2 تلاحظ وجود امرأة 1 تعمل على سحب رجل2
والخروج معه الى خارج المسرح...)
امرأة1 : حين سرقوا اخضراري
صارت البساتين
مشاجب حروب
وها هي تنسكب الروح
كأحلام المطر
فأي حلم
يبعث فينا المطر
أي درب
يأخذنا الى المطر
تزدحم فيه الآهات
وفيه يزهر الأمل
هل يحلم المطر
حين تنقر قطراته
نوافذ الفقراء
وتفترش السطوح
فهل مزاريبه
تبعث أحلام الوطن
هل يحلم المطر
وسط الحزن
كما نحن البشر
(تدخل امرأة2 مسرعة نحو امرأة 1 )
امرأة2 : لماذ1 خرجت !! أنت مجنونة .
امرأة1 : حانت الساعة التي لا يمكنها أن تتوقف ..
كالحلم يسبح في روحي
كالمطر يتناغم مع أوجاعي
كالموسيقى
تزرع حديقة حبي
لتنمو باسقات النخيل
فالحلم أرض تحمينا
كما تحمي
جذور النباتات
لان ما ننتمي اليه
هو المطر
امرأة2 : لم يحن بعد ..أرجوك دعيني أكمل المشوار ، لم يبق ألا القليل
( يسمع أصوات قادمة من خارج المسرح ..امرأة 2
تساعد امرأة1 وتخرج بها الى خارج المسرح..
يدخل رجل1 ورجل 2 ....)
رجل1 : واحد .. اثنان
أنتبه لعبور القذائف
سر إلى الأمام
رجل2: أنا خائف جدا
أسمع فحيحا حادا يخترق الهواء
رجل1 : لا أرى شيئا؟
رجل 2 : التصق بالحائط
إنها قاب قوس من شعر رأسي
رجل 1 :إنني أتبول على ساقي
رجل2 : هون على مسمع ما شق استيعابه
ليس سوى موكب بهي لقذائف هاون
ممشطة الأرصفة و الشوارع
من البشر
رجل1 : من رفع حظر التجول ووقف إطلاق النار؟!!
رجل 2 : هدنة مبحوحة الصافره
اقترب من هنا
قذيفة تعانق جدع شجرة متغضن
يا لجمالها ملتصقة باللحاء
( يسمع أصوات أطلاق نار ..فيهربان .
الشجرة الباسقة تسقط ميتة....
تدخل امرأة1 وهي تجري مسرعة وتشعر بألم المخاض
ومن خلفها امرأة 2 صارخة...)
امرأة2 : أيتها الغبية ستدمرين كل شيء
امرأة1 : وهل بقى من شيء غير مدمر
امرأة2 : هل الحب هو الذي يقودنا جميعا
ما الذي يعطيه لنا
انه ليس نزهة سهلة في الحدائق
ولا حتى في الأماكن المغلقة
هو ليس عقاب ولا هو معركة
هو طريق لشراكة وحيدة ناجحة
طريق دائما يكون صحيحا
تعالي معي فأنا أخشى عليك من الموت
امرأة1 : لا..لا ..أريد أن أضعه هنا أمام الناس ..كل الناس
امرأة2 : أنت مجنونة
امرأة1 : أبدا ..أنا أعرف ما أريد ..أريد هذا العالم أن يعرف حقيقته
امرأة2 : لا حقائق هنا
امرأة1 : نحن نصنع الحقائق.. ونحن نصنع الأكاذيب
امرأة2 : صبرا جميلا
امرأة1 : بل تعسا حقيرا .. أتعس الأمور أن يقال لك أصبر وأنت في حدود الانفجار
امرأة2 : هذه حقيقة مرة
امرأة1 : الحقيقة ليست حنظلا ولا عسلا..أنا أعلم أن الحقيقة معركة ..نعم معركة قد تطول ..
امرأة2 : جميل ، بل رائع أن تكوني مختلفة لكن يجب أن تكوني مقبولة
(يسمع صوت سيارة منطلقة بسرعة يقودها رجل2
وهو يمسك بمكبر صوت وينادي ..)
رجل2 : أيها الأبطال ..يا أبناء هذا المكان أطلقوا النار ضدهم ..اقتلوهم فهم أعداء الله
والدين ..أيها الشجعان أنتم رمز للثأر والانتقام ولنتقدم الى الأمام وتدمير كل
ما يقع أمامنا ..لا رأفة ولا رحمة ..فلا بقاء لكم من دون القوة ومن دون
استعمال القسوة ..
(أثناء خطاب رجل2 تقوم امرأة2 بأخفاء امرأة1 ...)
امرأة2 تستقبل رجل2 بالزغاريد ...)
امرأة2 : أهلا بالقائد الأوحد ..أهلا بقاتل القاتلين ..
رجل2 : أبيدوهم ولا تتركوا لهم أثرا ..أن هذا هو الفتح المبين
امرأة2 : مهلا ..مهلا يا سيد الفتح المبين ويا سيد الدعوة والصراط المستقيم
رجل : معذرة..يبدو أنني أدور في ذات المكان
امرأة2 : الموت هو الذي يدور في المكان ..ترجل وابحث عن الهدوء ولو للحظة عابرة.
رجل2 : أخشى الأعداء
امرأة2 :ومن قال لك أن للأعداء نهاية؟
رجل2 : حتما ينهيهم هذا..
(يؤشر الى سلاحه وينزل من السيارة حيث تستقبله امرأة 2 ..)
امرأة2 : حدثني يا سيد الجنون ..
أن قمري يرقص
فوق أغصان اشتياقي وفرحي..
تداخلت أنفاسنا
فكان شهيقي سعادة
وزفيري هدوء
أيها الحب
هل صدقت جنوني
رجل2 : هذا يفتح شهيتي على مصراعيها ..
امرأة2 : أذا لتدعو الناس الى حفلة رقص شهية
رجل2 : اتركي الناس ..لنرقص الآن..
امرأة2 : لا يتوافق الرقص مع السلاح
رجل2 : رأيت المنتصرين يرقصون مع سلاحهم
امرأة2 : أخشى أن يحتك السلاح بالحب فيقتله
رجل2 : لكل منهما طقوسه ..ها.. أنت لماذا تنتظرين هنا ؟
امرأة2 : أعرف يقينا أنك تعود لي
رجل2 : أهذا حب أم عشق
امرأة2 : أيهما أقرب اليك ..خذه
رجل2 : أنا ...أنا الآن مرتبك ..أشعر بشيء ما يطاردني وأنا أريد قتله لكني لا أستطيع
امرأة2 : سأعزف لك هذه الأغنية
(رجل2 يبتعد عن امرأة2 ويمسك سلاحه بقوة ..)
رجل2 : لا ..لا وقت لهذا ..أنا تنتظرني مهمات كثيرة ، و هي مصيرية ..أنا يجب أن أكون
ولا يكون غيري .فكلما اتسعت رقعة وجودي كلما تأكدت حالة بقائي ..آه من هذه
الأشباح التي تزرع الآلام في جسدي والتي تؤرقني كثيرا .
امرأة2 : دائما يشكو الأنسان منذ بدأ يأكل اللحم
هو دوما يشكو من الآلام
أن الألم ليس من الم الجسد
بل هو نابع من الم الضمير
رجل2 : لا أحب التفكير بهذه الأمور التافه
امرأة2 : التفكير مبعث السعادة للانسان ..أما الفكر فهو ضرورة لوجوده ،
لان التفكير الفعلي هو الأداة الكبيرة في تحولات الانسان..
رجل2 : ماذا جرى !! كنت تتحدثين عما هو مثير للنفس ، فما بالك الآن بهذا
الهراء المقيت .. أنا ذاهب لأكمال مهماتي .
( تخرج امرأة1 من مكانها وهي تصرخ بقوة ..)
امرأة1 : من ضباب روحي ...أخرج
من دائرة موتي ...أخرج
من وجع خوفي
ودمار فكري
وأعلن تطوعي
لحرث حقول حريتي
امرأة2 : أيتها الغبية ماذا فعلت !!
رجل2 : ماذا أسمع ..!! يا للعار لم يزل في البلاد أحياء
امرأة1 : مسكينة أنا
متشردة في ضياع المدن ودمارها
أنثر ذاكرتي في طرقات حزينة
أنتظر حياة الأمطار في زمن الخوف
هكذا ركلتني الحياة
وهكذا جئت
ولم أزل في معطف وطني ممزق
ينام في فراغات الاحتجاجات
ويستيقظ على صراخ الخطابات
ليغفو تحت غبار القرارات
وشباك الوطن الممزقة
رجل2 : لتقتل هذه الفاجرة سليطة اللسان ولا تستحق العيش معنا
امرأة1 : ذواتهم ذئاب
تستصرخ الدماء
أن تستفيقا
ويحكم
أي وطن
هذا الذي
جعلتموه
محمولا على الأكتاف
امرأة2 : (الى امرأة1 ) كفى ..لقد دمرت ما كنت أخطط له ..
(تتحرك مسرعة الى رجل2 الذي يرتب سلاحه ..)
امرأة2 : أرجوك هي حامل وفي أي لحظة تلد
رجل2 : أذا توجب قتلها مرتين قبل أن تلد كافرا مثلها
امرأة1 : غاية وجود الانسان ليست فقط هي العبادة ، لأنه ما من ظلمة أشد وحشة من ظلمة
الديانة الزائفة..
امرأة2 :ويحك ماذا تفعلين .. ؟؟ بحق هذا الجنين اطلبي العفو وكوني من التابعين
امرأة1 : قبل أن يموت كتب لي زوجي هذي الكلمات
أكتب صديقي
لم يعد للوطن
غير حروفه
أتذكر يا صديقي
حروبنا التي انتهت
والتي تأتي دون علمنا؟
أنا لم أعد أتذكر
كم كنا نرفع رايات الانتصار
وكم أتذكر صراخ الأذاعات:
منتصرون ...منتصرون
ونحن نقبع بخوف تحت التراب
مع هذا العدد المخيف من القتلى
والبيوت الغارقة في الموت
والمدن المستباحة..
أنا لم أعد أتذكر يا صديقي
كم من الحروب خضت
وكم من الجروح لعقت
وكم من الموت عشت
أتذكر أنت ..؟
أنا أتذكر الفحم الذي اوقدناه
ونحن نقضم ذكريات الموت
كان جثث الجنود في حروبنا الأولى
ربما ما قبل الأخيرة
أتذكر كم ضحك علينا القادة الفحول
ونحن نطمر تحت تراب السواتر
وتسألت:
هل نحن أبناء وطن
أم وطن لأبناء..
يا صديقي
كل البهائم تعود لأوطانها
ألا أنا
أعود الى مقبرتي
رجل2 : هذا يكفى ..أنها لن تعد تستحق البقاء..
( رجل 2 يجهز سلاحه ويحاول أطلاق النار ألا
امرأة 2 تندفع نحوه مسرعة وتمنعه من ذلك ..)
امرأة2 :لا ..لا .هذه الفاجرة أنا من يمزقها تمزيقا ..لا تلوث نفسك بهذه الدنيئة ..
امرأة1 :سهل جدا أن تدرك أعماق الجمال الداخلي للانسان شرط أن تكون أنت جميل من
الداخل..
امراة2 : سحقا لك أيتها الرذيلة ..لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم
( امرأة 2 تأخذ السلاح من رجل 2 وتتجه
نحو امرأة 1 التي تسير نحو الشجرة المحترقة
وتجلس هناك وهي تشعر بالمخاض...)
رجل2 : مزقيها تمزيقا ولا تتركي لها ولا للجنين أثرا ..
امرأة2 : كما تشاء أيها القائد الأعمى
(امرأة2 تطلق نارا كثيفا في الهواء بعيدا عن امرأة1 ..
وتتجه نحو رجل 2 وتخرجه معه الى خارج المسرح ..)
( الديكور يتغير بما يشبه الحلم الغارق بالألوان
التي تسبح فيهما امرأة1 التي تقترب من وضع
وليدها الذي يأتي على شكل ولادة عسيرة ...)
امرأة1 : هذا العالم يحتاج الى معنى
ولهذا أبقى هنا منتظرة
ذلك الذي أحفظه
في ذاكرتي
أنه الغد
(تصرخ وهي تشعر بآلام قوية ....)
انتهت الحفلة
الراقصون انتهت حفلتهم
وعليهم مغادرة المكان
فلقد أغلقت أبوابهم الضيقة
وها هم يستبدلون براقصين جدد
ربما أكثر قوة في التلاعب والتزوير
فالهاربون القدامى شبعوا حد الخيانة
( صراخ أقوى من ألم أقوى ...)
في عقل كل إنسان جميل حديقة تنمو وتزهر
( صراخ أقوى ...مع بكاء طفل وليد ...)
حينما تصرخ الروح
أعلم
أنك بدأت
من جديد
هو ذا يلد..هو ذا يوقظ الصمت..
هو ذا من هذي الأرض ..
من هذا المكان
الذي يحتويه
كمواطن من صلبه...
(صراخ طفل وبكاء امرأة .......)
2/4/2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق