مجلة الفنون المسرحية
الكانب عدي المختار |
بفصل ومشهد واحد
شخوص المسرحية :
- شاب1
- شاب2
- شاب3
- شاب4
- صديق1
- صديق2
- مجاميع
الاستهلال :
المسرح مساحة كبيرة من القماش المتدلية والمكسوة يمينا وشمال اي تغطي المسرح طولا وعرضا وهي تموج ومسلط عليها اضواء تعبر عن سخونة الحوارات التي تنطلق من تحت القماش بتأوهات واهات وصرخات الامهات المفجوعات التي تصاحبها موسيقى خاصة تتناسب مع الحوارات وثمة مجاميع تجوب المسرح وتخلق جو من الضبابية والرعب طيلة العمل المسرحي.
شاب1 : كانت تداعب أسماعي بهذه الكلمات ... دللول ..دللول ..شفت الهوى حرك الباب لبالي دشت أحباب ثاري الهوى والباب جذاب .. (يكلم نفسه ) هي حب كنت أتحسسه لكن لم أره... أخر مرة ضمتني لصدرها ... أحرقت بدموعها وجنتي..لم اعرف سببا لحزنها ذاك ..ألا بعدما شعرت بأني لا استطيع أن أتحسس الضوء.
شاب2: حينما ودعتني صباح ذلك اليوم..رمت على اثر خطاي قطرات الماء ..كانت تستنجد بهذه القطرات وتدعوها لحراستي ... ولطالما كانت تتأمل بي ..وارى حبها وهيامها من خلال نظراتها في اثري .
شاب3 : الطريق من من باب الانتماء الى حفرة الغياب كان محفوفاً بالدعوات والتعاويذ التي كانت تضج في راسي كلما تذكرت ابتسامتهما عند الباب.
شاب4 : حينما اغمضت عيني ذلك اليوم عرفت ان الظلمة هي أفضل الحلول للابتعاد عن رؤية مظالم هذا العالم .. وهجرة الكلام يعني الخلاص من معاصي اللسان ..واشد مايحزنني ان الرسالة التي كتبتها لامي ربما لن تصلها الا بعد زمن او لن ..تصلها ... كتبت لها ( أمي الغالية ...أتحسس وجودك في كل مكان ..قد يطول الفراق لكن حتما سأعود .. انا بأمس الحاجة لدعواتك ... امي قبلي لي حبيبتي وطمئنيها بأني عائدا لا محالة ؟) (يبكي ومع نفسه ) ولربما لم اعد ...
شاب1: عند ذلك المترع بالجريان .. يسمع عن قرب النوائح ...... فلا تهمه ....الصوائح...او حرارة الفقد .
شاب2: حرارة الفقد .....تعيد عجز بيت القصيد ....(مثل أم ولد غركان وبره الشرايع )....وبلا مبالاة.......يقابلهم بصدر القصيد .......جسدا بلا حلم...أو أحلام إلا من شاهدة قبر....و......(إن وعد الله حق )
شاب 3: وعد ! سارق ..مارق ..لا يعرف الوجد ...او قسوة الغياب....مبكرا
او دمع الليالي....خلسة وحق قبل الاوان (سيف ) بالأمس كان ...أحلامه بداية المشوار .. غده غبش فجره صبح جديد لا يعرف للموت معنى او تلمس الحياة ابتسامة لم تتحول لضحكات ...يوم لم يزل بلا أمس ..
شاب4 : دموع الوداع .. ودعوه....فودعهم بالابتسامة .زوايا الذكريات..بيت يئن ....لم يغادر أمكنته ....أو تتلاشى صداه ...أزقة الشوارع ......لا زالت تحفظ صباه ..ولعه ...صيحاته ....ضحكاته ..وحتى صمته ....................باق في محاجر الدموع .
صوت من العمق : آه .........منك يا دجلة .....كم من جواهري أغريت !!!!!!!! ......وعن بعد حياك ....وأنت ...تنام وتصحو ....كأي سارق...في وضح النهار....ولهيب الزمن...فالموت لا ياخذ غمد الجبناء... بل تعود على خطف ألف (سيف ) ...... يخطفهم بماء بارد ....... بارد ......... بارد .......... بارد....... كقلوب المتفرجين على جرف الماء !. ...اظلام المسرح .
اظلام ....
شاشة كبيرة وسط الظلام فيها عد عكسي لعام 1980
اللوحة الاولى :
المسرح مظلم , دخول صديق1 وصديق 2وهم يحملون مشاعل ويبحثون في ثنايا المسرح ويتحدثون .
صديق2: (بعصبية) ...الموت.....الموت ...كفى حديثا عن الموت .... عش بالنور ...قاتل من اجل مساقط الضوء...استشهد من اجل فجر الحقيقة ومن ثم فليحل هذا الذي ذكرته .
صديق1: (باستغراب) تقصد الموت ؟
صديق2: (بعصبية) نعم ....نعم هو لا تعش في فضاءات الأنانية المفرطة .
صديق1: (باستغراب ) الموت أنانية مفرطة ؟
صديق2: (بحزم وصوت عال ) نعم ....تمني الموت أنانية مفرطة ...كيف تسلم أمرك للموت والراحة الأبدية وخلفك جموع من المنكوبين والمكفنين وهم أحياء ...كيف تهرب للموت وثمة غيرك يمد النهار وضوحا ,ويسرق الليل جملا لمن يعلنون الثأر....
صديق1: (يضحك كأنه طير مذبوح) ما الذي في هذه الدنيا أنبل منه ....فهو لا يمزح أبدا ...لا يوهم الآخرين ..بغير الحقيقة ...الحقيقة لا غير.
صديق2: (يحاول السيطرة على حزن صديقه) الدنيا أجمل ..الحياة التي نحياها انبل من التفكير أو الشعور به ..لأنه النهايات المحتومة ,,وان حلت النهايات ولم نكمل الطريق للضفة الأخرى ..حينها نكون كأي نطفة ولدت وعاشت وماتت بالعدم.
صديق1: ( يضحك بسخرية مؤلمة) الدنيا ؟...........الحياة؟............ وهل ثمة شعور أخر غير العتمة ....عتمة التفكير والتدبير والفعل والقول ....
صديق2: لا اشعر بالعتمة إطلاقا ..إلا في عيون الآخرين ...لأني مذ تداركت فحولتي هجرت العجز نحو عزيمة الضوء.
صديق1:ذلك لأنك لا ترى الحقيقة الكاملة .
صديق2: (يضحك) ..كيف ؟.... لا أرى الحقيقة....!!!
صديق1: ( يضحك بسخرية) أي حقيقة ؟............ما يقال ؟........أم المسكوت عنه ؟.........أم المباح بأمر أل............
صديق2 : ( يهرول نحوه محاولا قطع كلامه كي لا يكمل ويضع يده على فمه وهو خائفا مرتبكا وبابتسامة عريضة للجمهور) اها ........................هو ...يمزح ...لم يقصد أن يسيء لأحد (يضحك) ...( لصديق1) هل تريد أن لا يبقى هذا الرأس على هذا الجسد ؟..............
صديق1: أليست الحقيقة؟..........التي تبحث عنها وتدعيها .........
صديق2: شجاعة الحقيقة أن لا تبوح بها كاملة ...لأنك لست أشجع من الباطل الذي لا يجهر بالحق أبدا إلا بعدما يزهق .........(صمت) هل تسعى إلى أن تزهق روحك قبل أن تكمل الطريق نحو ضفة الضوء؟... (يشير إلى أعلى الجمهور) .
صديق1: ( اصوات ) ستبدأ غارة العدو مرة اخرى مثل النعام تماما فلنغطي رؤوسنا في المواضع ..اظلام
اظلام ....
شاشة كبيرة وسط الظلام فيها عد عكسي لعام 2014
اللوحة الثانية:
قطع القماش تموج كانها الماء حتى تبدأ تلفظ اجساد الممثلين من تحتها وهم مبللون وكانهم عائدون من الماء فيتناثرون متعبين على ثنايا المسرح وهم يلهثون وملابسهم عليها بقايا دم ورؤوسهم عليها اطلاقات نار , مجموعة الشباب تحاول استكشاف نفسها باستغراب وهم من ثم يتبادلون الصياح الهستيري
الشباب: ( بتأوهات) رأسي يؤلمني ... رأسي يؤلمني... رأسي يؤلمني ... رأسي يؤلمني...( يصرخون ببعض ) اششششش ...اششششش.. اشششش.. ( صمت يحاولون فيها الانكماش والالتحام مع بعض بحركات حذره )
شاب 1: انهم هنا ..
شاب2: انهم هنا ...
شاب3: لا .. انهم قد رحلوا
شاب4: ايه .. رحلوا ..رحلوا .
شاب 1: لا بل هم هنا
(صمت)
شاب2: ( يتلمس الدماء التي في الارض) لازالت حرارة الدم تنبض بالفجيعة
( صمت ومن ثم هستيريا تنتابهم )
الشباب : انهم هنا ...انهم هنا ... انهم هنا ...انهم هنا ... انهم هنا ...انهم هنا ... ( يصرخون ببعض ) اششششش ...اششششش.. اشششش.. ( صمت يحاولون فيها الانكماش والالتحام مع بعض بحركات حذره )
شاب 3: ( يقترب من الاول وهو يشير الى اطلاقة راسه ) انك ميت ؟
شاب 4: ( يقترب من الثاني وهو يشير الى اطلاقة راسه ) انك ميت ؟
شاب 1: ( يقترب من االثالث وهو يشير الى اطلاقة راسه ) انك ميت ؟
شاب 2: ( يقترب من الرابع وهو يشير الى اطلاقة راسه ) انك ميت ؟
( صمت ومن ثم هستيريا تنتابهم يتبادلون فيها توجيه الكلام للاخر )
الشباب : انت ميت ؟... انك ميت ؟... انت ميت ؟... انك ميت ؟...... انت ميت ؟... انك ميت ؟... ( يصرخون ببعض ) اششششش ...اششششش.. اشششش.. ( صمت يحاولون فيها الانكماش والالتحام مع بعض بحركات حذره ومن ثم يتوزعون على جوانب المسرح بحركات تشبه المصابين بالهوس وهم يتحدثون مع انفسهم )
شاب1: قالت لي ولم اسمع كلامها , يابني الحروب لا تعيد الابناء بل تذهب بهم بعيدا عن قلوب امهاتهم ..( يبكي )
شاب2: ضحك كثيرا حينما قلت له يابتاه لك ولد يخاف منه الموت (يضحك بحزن) ولم افهم معنى تلك الضحكة فلربما ..فلربما قال في سره ان الموت اكبر من ان يخاف ..( يبكي )
شاب 3: ( بضحكة حزينة يحاول منها ان يغير حالته النفسية ) قلت لها ان لم اعد هل ستتزوجين بغيري ههههههه صرخت بوجهي وبت ولم استطع ان اهدء من روعها الا بعدما احتضنتها وقلت لها ساعود لا تخافي ...(يبكي)
شاب 4: تركتها وهي غير رضية عني قالت لي لماذا الد خمسة ابناء اعطي اربعة منهم للموت بالمجان والخامس يريد ان يلتحق بهم ايضا لماذا ؟؟ هههههه فضحكت وقلت لها لا تخافي السيؤون لا يموتون ( الاغم مايموت ) .. لا يموتون ..لا يموتون .. ( يبكي) .
( اصوات قادمون من بعيد صمت ومن ثم هستيريا تنتابهم )
الشباب : انهم هنا ...انهم هنا ... انهم هنا ...انهم هنا ... انهم هنا ...انهم هنا ... ( يصرخون ببعض ) اششششش ...اششششش.. اشششش.. ( صمت يحاولون فيها الانكماش والالتحام مع بعض بحركات حذره) – اظلام .
اظلام ....
شاشة كبيرة وسط الظلام فيها عد عكسي متوقف بلا ارقام
اللوحة الثالثة :
يضاء منتصف ظهر الجمهور أي ينتقل العرض في هذا المشهد إلى وسط الجمهور ويفاجئ الجمهور ببقعتي ضوء الأولى حمراء والأخرى بيضاء على يمين ويسار وسط مقاعد الجمهور بالخلف حيث يظهر الشاب تعلوه بقعة بيضاء يبحث عن صديقة الذي بعدما يناديه أكثر من مرة يسلط علية الضوء ببقعة حمراء ويظهر جالسا على كرسي وسط الجمهور .
صديق1: (وهو عند باب دخول الجمهور وبصوت عال يستفز سكون الجمهور) احمد ...احمد ...يا صديقي المثابر هلا أعلنت عن مكانك وسط هذا الظلام ...احمد ...احمد ...أين أنت ؟ فظلام المتفرجين حالك ..ومسرح العرائس دم ....أين أنت؟ يا صديقي ....أين؟....ذهبت يا خلي ورفيق همي (يبحث بين الجمهور أكثر وبصوت عال جدا )..أين أنت؟... في أي المتاهات والمجهول تقبع ....(بلهاث وأنفاس متصاعدة وحزن عميق ).. لا تطيل الغياب ....(صمت ) ....(يستدرك وبصوت عال جدا).... لا تطل الغياب يا انكيدو فانا لست كلكامش لا احتمل الفراق..(يبحث)...أين أنت؟ أيها الحالم بعشبة الخلود في زمن العتمة والعدم ....أين أنت؟ ...أين أنت؟ (يصرخ ) أين أنت؟ ..(يبكي).
صوت صديق2: ( قبل أن يظهر للعيان أو تسلط عليه البقعة الحمراء وهو يغني )..الشام...والفاتحون الجدد ....ذهب الزمان وضاع حتى الوطن .....(ينادي على الصديق1) تعال ....أنا هنا..تعال ...
صديق1: : (بفرح ) أين أنت ؟...أين؟ ....لا أرى غير الظلام ....الظلام فحسب .
صوت صديق2:( يضحك بصوت عال ) ذلك لأنك أعمى بصيرة أيها الصديق الفضولي ..تعال ...تعال .
صديق1: ( وهو يبحث بسرعة ) أين أنت؟ ... أني لا أراك .
صوت صديق2: كلانا لا يرى الآخر... لا بل نحن من لا نريد أن نرى بعضنا البعض ...لان كلانا يعتقد انه الأفضل...وكلانا لا نرى غير أنفسنا .
صديق1 : (بضجر) كفى تفلسفا ...أين أنت ؟ .
صوت صديق2 : أنا هنا ...تعال (فتضاء بقعة حمراء عليه) ااخذ مكاني من الفرجة.
صديق1 : (يسخر منه ضاحكا) لا...لا ..انك تمزح (يضحك ) أي فرجة وأنت منذ أن صلبتك أمك في هذه الحياة وأنت تحمل عين الدنيا بقعة دم .
صدي2ق: (يفزع وهو يحاول البحث عن الدم بملابسه ومكان جلوسه ) دم ؟....دم؟؟؟أين هو ؟؟....أين الدم ؟......أين؟
صديق1: (بضحكة ساخرة باردة يشير أليه ) لونه يستفز السكون .....أنت تحمل ضوء الدم (للجمهور) ...أقدارنا صليب ...وأيامنا موت بطيء.
صديق2: (يتوصل بحركاته انه كان يقصد بقعة الضوء فيحاول أن يتشاجر مع الضوء ويلوح بيديه بالرفض ) كفى ...كفى ...أيها الاجتياح الأحمر....كفى فنحن لسنا بيادق شطرنج ..كفى (يصرخ وهو يلوح بيديه ) كفى ...ترسمون لنا الأقدار ..أريد أن أعيش قدري بنفسي.....(يهرول نحو الشاب) أبعده ...أبعده عني..الست أنت صديقي ..أبعده عني .. ( يصعدون المسرح سوية )
صديق1 : ابيض ..احمر ..كلها بدايات (بسخرية ) لنهايات مجهولة أيها المغفل.
صديق2 : (يستدرك نفسه فيتزن) ها ....نهايات مجهولة ....كم اكرهها ...كلمة مطلقة تستبيح شغف الآتي .
صديق1: البدايات حروب وأضغاث أحلام ..... النهايات سراب لا أفق لها..وجميعنا سائرون في التيه ونحو التيه ...نولول بالريح ويعرينا الفجر وتسرقنا المساءات (يخرج سيكاره ويشعله ويدسها في فمه بارتباك ).
صديق2 : (يضع يديه على أذنيه محاولا عدم سماع الكلام ) كفى ....كفى ..ألا تشبعون ...ألا تملون .... ألا يصيبكم الطرش ..كفى سيمفونيات جنائزية ..(يستدرك) لم أعهدك بهذا التشاؤم ؟..من قبل (يهرول نحو الشاب يتصارعان لان صديق2 يحاول اخذ سيكاره صديق1 من فمه ويسحقها بقدميه بعصبية ) ...هل تريد أن تنتحر ؟....
صديق1: (بحزن وصوت خافت ) أريد أن أموت .........او قدر لي هكذا
صديق2 : لا احد يموت قبل الأوان ..........لا احد يقدر للاخر الموت .
صديق1: لا ..لا ..هنا في هذه البقعة المباركة بالموت فان أردت أن تموت فأختر نوع وشكل ميتتك ...اختر أن تكون ميتتك ميتة شجاعة مثلاً فتموت بتسميات عدة يصنفها الاخرون بمايشاؤون وبالنهاية انت ميت بكامل قيافتك.
صديق2 : المجانية بالموت تلد الف قاتل وضحية واحدة
صديق1 : (بحزن وبصوت عال ) وانا أريد أن أموت .....(يحاول الهروب فيمسكه صديق2 ) أريد أن أموت .............. فالموت حياة إن كانت الحياة تعيشها بمزاج الآخرين ...
اظلام ....
شاشة كبيرة وسط الظلام فيها عد عكسي لعام 2014
اللوحة الربعة:
في الظلام اصوات الشبان
الشباب : مامن احد هنا ... ما من احد هنا ... مامن احد هنا ... ما من احد هنا ...
( اضاءة المسرح وهم يتوزعون في المسرح )
شاب1 : لماذا حصل كل هذا ؟
شاب 2: هو القدر ياصديقي
شاب 3: واي قدر هذا الذي ساقنا الى قيامة الذبح
شاب 4: ماحصل حصل فلا فائدة من السؤال
شاب 1: مر شهر على غيابنا ..هل علموا بما جرى
شاب 2: لا اعرف كل مايهمني كيف تلقت امي الخبر
شاب 4: لحظات رهيبة ..توقف فيها الزمن وكشر النهار عن نصف انيابه وفتك بنا بوعود كاذبة بالخلاص
شاب 1: كنت ارقب بقلب يخنقه النبض كيف تساقط اصدقائي امامي صرع الرصاص الموشوم بالضحكات الغادرة
شاب 2: لايام تقاسمنا الفرح والحزن والذكريات والدمع والغدر والموت ايضا
شاب 3: مجموعة سوداء احاطت باحلامنا الوردية واهدت لكل حلم رصاصة بالراس
شاب 4: حينا صوب فوهة مسدسة الى راسي لم يكن همي ان اعيش بل كان همي ان استمع ..
الشباب : تستمع ؟
شاب 4: نعم استمع لمن سيصوب مسدسة علة رؤوسنا هل منا ام لا ؟
الشباب : ومالفرق فالقاتل واحد
شاب 4: ان تموت على يد الغرباء فهو شرف الموت بكرامة , اما ان تموت على يد ...... فهو الموت بنكبة ..كيف يقتلك من تتشارك معه بكل شيء ؟
شاب 1: انا سألني انت من اين ؟ وقبل ان اجيب سدد فوهة مسدسة على راسي قبل حتى ان اجيب!!
شاب 4: لربما يعرف لكن لا يريد ان يحرج نفسه امام الاخرين ويسمع منك الاجابة
شاب 2: اا قلت له اقتلني واترك احمد فاحمد لا معين لامه غيره وهي كفيفة الا انه رفض وامعن في تعذيب احمد قبل موته
شاب 4: ذلك لانه يتلذذ تعذيب نفسه قبل تعذيب الاخرين
الجميع : تعذيب نفسه ؟!!
شاب 4: نعم فالقاتل كلما يقدم على جريمة يقتل نفسه الف مرة وينتشي ظنا منه انه ينتشي فرحا بل هو ينتشي عذابا ويزداد كراهية وحقدا
شاب3: اما قصتي مع تلك اللحظات فقد كانت مختلفة فالرصاصة اخطأت طريقها لراسي مرتين وكل مرة اقول له لم امت .
الجميع : تقول له ام تمت ؟!!
شاب3: نعم ..كنت اقل له صوب مسدسك باحترافية اريد ان اموت بارادتي ..انا اريد اختار موتي .
الجميع : تختار موتك ؟!!
شاب 3: ماكان هناك متسع للخوف .بل كان هناك متسع للموت
شاب2:وكان يجب ان نختار كيف واين ان نموت
شاب 1: كان لابد ان يكون الموت حلا لكشف عوراتهم
شاب 4: الموت بكامل قيافتك البطولية افضل الحلول ان كان الموت المجاني اول الحلول واوسطها واخرها .
( تموج قطعة القماش وكانها تستدعيهم للعودة الى الماء مجددا مع اصوات مشهد القتل فكل واحد منهم يمثل لحظة تصويب الرصاص الى راسه ويسقط في الماء )
اظلام
اظلام ....
شاشة كبيرة وسط الظلام انتهاء العد العكسي لعام 2014
اللوحة الخامسة :
بقعة ضوء على صديق 1 وهو يقف وبيده مسدس وسط تموج قطعة القماش وينظر لصورة بيده , ومن ثم دخول صديق2 وهو يبحث ومن ثم يقف على حافة القماش ( اي النهر) .
صديق1: وهل وثمة ذاكرة للنهر ؟
صديق2: ( يستغرب وجوده ) من انت ؟
صديق1: لو كنا نعرف من نحن لما ادمنا الغياب
صديق2: الغياب عنوان عريض للحقيقة المرة
صديق1: الحقيقة ؟
صديق2: وهل ثمة حقيقة في هذا الكون ههههههههههه
صديق1: ( بانكسار) هذه هي واحدة من الحقائق ( يشير للنهر) النهر
صديق2: واي حقيقة في نهر ادمن على صرخات الراحلين ودموع المشيعين ؟
صديق1: للنهر ذاكرة لا تنسى
صديق2: ذاكرة ؟
صديق 1: ( ينشد بحزن وهو يجوب المسرح ) يا دجلة الخير يا..عفوا ..يا سارق الرياحين سكونه ليل ...صمته سبات...غضبه مجهول..وأحلام العابرون ولع ....وبراءة ...بلمح الفرح .............خنقتهم برودة الماء( يبكي)
صديق2: ( باستحياء) هل اتت تبحث عنهم ؟
صديق1: وهل ثمة شيء ستدل به عليهم ؟
صديق2: حينما كنا نغياب في دروب المعارك كنا نترك في الاثر بقايا منا
صديق1: مواضعنا او ثقوب رؤوس النعام التي نغرز بها رؤسنا ونحن نكشف مؤخرة الوطن للعدو كانت هي جل ذاكرتنا وذكرياتنا ان غبنا ..
صديق2: هههههههههههه ذكريات الحروب شيء يشبه الموت تماماً
صديق 1: هههههههه لا هي قاب قوسين او ادنى من الموت
صديق 2: هههههههههههه اتذكر ان رصاصة عن طريق الخطأ استقرت في راسي الكبير هذا هههههههههه فقلت لصديق لي كان يقاسمني الموضع انجو بنفسك هههههههههههه فهرب هههههههههههههههه
صديق 1: ههههههههههههه لاتكذب لم يهرب فقد عاد ........( صمت واستغراب)
صديق 1: انت ؟
صديق 2: انت ؟
صديق 1: اعد القة ثانية ؟
صديق2: كيف عرفت انه لم يهرب ؟
( صمت واستغراب ويتبالان الاسئلة بشكل هستيري )
صديق 1: انت ؟ نعم انت ..انت هو
صديق 2: انت ؟ نعم انت..انت هو
الاثنين : ( بصوت عال ) ومالذي تفعله هنا ؟
( صمت واستغراب)
صديق2: اتيت بحثا عن ولدي
صديق1: ولدك ؟
صديق2: ابنائنا الذين خطفهم النهر بسطوة قاتل مأجور
صديق1: ( يتلعثم وهو يخرج من جبه الصورة ) هل هذه الصورة لولدك ؟
صديق2: 0 يلتقطها منه ويقبلها ) نعم ..نعم ..هو ...اه ..اه محمد ولدي الذي اهداني اياه ربي بعد صبر دام لخمسة عشر عاما بلا اطفال ..اه ..محمد اين انت يابني الان ؟, ( يكلم صديق1وصديق 1 يبكي ) هل رايته ؟ هل تكلمت معه ؟ هل لازال على قيد الحياة ؟ ارجوك اجب ؟
صديق1: كم من سنة مرت ونحن في موضوع واحد في الحرب ؟
صديق2: ثمان سنين
صديق1: هل سأل احدنا الاخر وقتها مادينك او مذهبك او عرقك او لون بشرتك او كيف تصلي او بمن تؤمن ؟
صديق2: لا ابداً...لكن ماعلاقة هذه السؤال بولدي
صديق1: هذا هو السؤال الذين تجاهلنا لسنين طوال ولم نعرف له اي سبيل كان سبباً في ان يكون الرصاصة التي استقرت في راس ولدك ( يبكي) .
صديق2: ( يبكي ) لكن لماذا ؟
صديق1: حينما يريدون للموت ان يسود فلا حاجة للاسئلة كيف ولماذا بل المجانية في الموت بسبب او بدون سبب هي الطريق المؤدي الى تصفية الدم .
صديق2: وهل من مزيد ؟
صديق1: النسيان وحده من يفضي الى النهاية
صديق2: للنهر ذاكرة لا تنسى ياصديقي , يشق الصدر منفى المنتهى...يأكل ذراعيه ...نهما بالاجتياح ...أكثر.. أكثر...أكثر..الله اكبر ...تداعبه ندى الصبية .. تلهو بصمته ...يودعنه سريانه العمر ....فيبادلهم بالابتلاع ...يسرقهم بماء بارد ولا يرف له ...........مد وجزر
صديق1 : ذاكرة الشعوب أقوى من أي ذاكرة وتاريخ .
صديق2: ( بصوت عال) التاريخ .............التاريخ يكتبه المنتصرون ولا مكان فيه لبطولات زائفة او حقيقية إلا بأمر صاحب الأمر المجاب.
صديق1 : ضمير الأمة وذاكرة الشعوب .....تاريخ غير قابل للشطب والتبييض .
صديق2 : (يضحك بسخرية) يكتبه الحاكم الذي يريد ان يجمل كل ما يحيط بكرسيه وزمانه حتى لو كان على رقاب الفانين في الدنيا أحياء ....والضمير والذاكرة رهن إشارة عطايا الحاكم .........فكم هم من حملوا على الأكتاف صباحا ...ومزقتهم نصال الأحذية لذات الأكتاف مساءا ....شعوب وأمة بذاكرة مثقوبة ....مسرح لكل ريح.....
صديق1: (يشر لنفسه) أنا .......(يشير له ) وأنت ........(يشير للجمهور) وانتم ...(يتنقل بين مدرجات الجمهور) أنا إن لم ادر ظهري للحقيقة ...وأنت (يشير للشاب) إن لم تقف مع الباطل .....وانتم (يشير للجمهور) إن لم تهتفوا بحياة جلاد جديد من صنع يديكم وتكسروا المقصلة فان الحقيقة ستتحول مد بلا جزر .
صديق2 :(يصرخ به مقاطعا) لا...........لا ادعوكم لحرق أنفسكم كما فعل فاتح الشرق الأوسط الجديد ....ولا لتعطيل الحياة في ميادين تحمل أسماء كبيرة بلا معان أكيدة ..بل لا اطلب منكم سوى الجهر بفعل بعضنا البعض دون وصايا وأياد خفية تحركنا كعرائس المسرح القديم ...ليكون الربيع المنشود صناعة وطنية .
صديق1 : الجهر بماذا ؟...........يجهرون ليقتلون ..........
صديق2 : الجهر بالحقيقة ...حقيقة الرفض ...رفض النفاق ....نفاق المزايدات ...مزايدات الجرح ....جروح البازارات المعلنة ,,,,علنية القضية ....قضية الرفض والانصياع ..رفض الاقتياد كالخراف ... مسيرون لا مخيرون بالرفض والقبول .
صديق1 : على أعتاب الرفض أسيق الأحرار قبل أن يهمسوا حتى بالحقيقة (يصرخ) الرفض ..........انتحار...........هذا انتحار...................
صديق2: الانتحار أن ترضخ لسلطة الصمت فتنحر الحقيقة على أعتاب الجيل الآتي ...الجيل الذي لم يسلمه الماضون السابقون سوى بطولات وهمية وشعارات ....شعارات من فراغ و وهم كبير اسمه المؤامرة الكبرى .
صديق1: هذا الجيل اكتشف إن الأمس مهزوم وان العم أول الشامتين والمولين أدبارهم ...........اها ........أي خديعة هذه ؟..........
صديق2: لذلك غادر محيطه وفضاءاته وهرب بما تبقى من الأفق والطموحات نحو الاغتراب ..........خديعة أخرى هي ...............
صديق1: نعم ..............اغترب الجيل فغربت شمس الحقيقة ................
صديق2: أرادوها لهم غروبا , خوفا من أي صحوة تحاسبهم عما جنته عقولهم و يداهم من كفر ...............أرادوها خديعة فخدعوا أنفسهم دون أن يشعرون
صديق1: أباحوا كل شيء ...التاريخ ....الغد ..........فما من شيء يزهو به الجيل أو يتفاخر ؟..........حروب ...........دماء....سبي تنكيل .... خطايا الماضين هوية شعوب لم تهدأ بعد او تستريح استراحة محارب .
صديق2: أضاعوا كل شيء بسبق إصرار وتعمد آت لا يعرف إلا الخراب
صديق1: (يقترب منه) والقرار ؟..............مالقرار ؟........(مجموعة ملثمين يظهرون على شكل دائري بين الجمهور يحيطون بالصديق)...مالقرار ؟
صديق2: ( يقترب من النهر يملء قربة بالماء من النهر ويلتقط الرسائل المنتشرة هنا وهناك ) بغداد جرح لم يزل... (بإصرار وعصبيه)...ونحن سيف لا نشل (بصوت عال)...نذود على الحانيات ....ونرفع غد الهامات...(بتفاخر)..فمرحا للموت...ويا محلى ....(الملثمون يضيقون عليه الخناق فيختنق وهو يرتجز مع إطلاق الرصاص تطفأ أنوار المسرح بشكل تام).
(يضاء المسرح على مشهد الاستهلال مساحة كبيرة من القماش المتدلية والمكسوة يمينا وشمال اي تغطي المسرح طولا وعرضا وهي تموج ومسلط عليها اضواء مختلفة مع موسيقى هارموني وبتأوهات واهات وصرخات الامهات المفجوعات وثمة مجاميع تجوب المسرح وتخلق جو من الضبابية والرعب ومن ثم تمطر سماء الخشبة قصاصات ورقية ملونة بشكل كثيف فتخفت الاصوات تدريجيا لتتحول الى انين ينتهي رويدا رويدا )
ستار
* كاتب ومخرج مسرحي عراقي
ستار
* كاتب ومخرج مسرحي عراقي
ملاحظة :
لا يجوز إخراج هذا النص او الاقتباس منه او توليفه او اعداده من قبل أي مخرج دون موافقة المؤلف
للتواصل مع المؤلف عدي المختار ( كاتب ومخرج مسرحي عراقي )
Almokhtar_80@yahoo.com
موبايل : 009647721110056
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق